سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام الجزء ٣

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام0%

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 340

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمَّد الهنداوي
تصنيف: الصفحات: 340
المشاهدات: 89698
تحميل: 3428


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 340 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 89698 / تحميل: 3428
الحجم الحجم الحجم
سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام الجزء 3

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مرقد العقيلة زينب الكبرىعليها‌السلام

ذكر المؤرخون إن زينب الكبرى بنت أمير المؤمنينعليه‌السلام توفيت في اليوم الخامس عشر من شهر رجب سنة ٦٢ ه إلا أن الاختلاف شديد حول تعيين مرقدها الشريف فبين من يقول أنها ماتت ودفنت في المدينة في البقيع وهذا القول ليس صحيحاً لضعف الدليل التاريخي وكذلك لعدم ظهور قبرها كبقية القبور الموجودة في البقيع وبين من يقول إن السيدة زينبعليها‌السلام بعد حكم الأمويين عليها بالخروج من المدينة اختارت مصر وبعد فترة ماتت ودفنت هناك ولها مرقد معروف لدى المصريين يقصده الناس للدعاء والصلاة فيه وبين من يقول انها توفيت في الشام ومرقدها معروف يؤمه مئات الآلاف من الزوار في كل عام.

أما القول - في مصر - فان التحقيق يؤكد عدم صحة هذا المرقد ونسبته للسيدة زينب الكبرى بنت أمير المؤمنينعليه‌السلام وقد استدل الشيخ محمد حسنين السابقي - في كتابه(١) مرقد العقيلة زينبعليها‌السلام - بعدة أدلة:

منها: أن التاريخ يؤكد عدم دخول أحد من أولاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام في تلك الفترة. قال المقريزي وابن دقماق: ان أول علوي قدم

____________________

(١) - الكتاب المذكور فريد في بابه من حيث الدقة والتحقيق. ويقول عنه السيد جواد شبر في تقريضه له لقد جاء كتاب الشيخ جامعا مانعا وافيا بالغرض.

٣٢١

مصر محمد بن علي بن محمد بن عبد الله بن حسن بن الحسين بن علي دخلها في إمارة يزيد بن حاتم المهلبي بمصر سنة ١٤٥ه وأكد ذلك مؤرخون كبار أمثال السخاوي والأنصاري.

ومنها: ان السائحين المشهورين لم يذكروا وجود قبر ليزنب بنت علي بن أبي طالبعليه‌السلام أمثال أبي الحسن الهروي ت: ٦١١ علما أنه ذكر مشهد السيدة نفيسة وبقية المشاهد ولم يذكر مشهدا للسيدة زينبعليها‌السلام .

وكذلك ابن بطوطة وابن جبير الأندلسي وياقوت الحمودي البغدادي وابن شاهين الزاهري.

ومنها: ان المؤرخين المحققين الذين عنوا بمثل هذه الأمور دفعوا احتمال وجود السيدة زينب الكبرىعليها‌السلام في مصر أمثال المقريزي صاحب الخطط ونص عبارته: بخارج باب النصر في أوائل المقابر زينب بنت أحمد بن جعفر بن محمد بن الحنفية يزار وتسميه العامة مشهد السيدة زينب.

وكذلك فإن المؤرخين الآخرين يصرون على عدم وجود قبر لزينب بنت أمير المؤمنين في مصر ففي كتاب ابن الزيات الأنصاري. الكواكب السيارة في ترتيب الزيارة: ذكر المقابر المصرية ووضع قائمة للزينبيات وهي احدى عشر ولم يذكر اسم زينب بنت علي بن أبي طالب وكذلك بالنسة لابن الناسخ المؤرخ والسيوطي وابن ظهيرة المصري وابن دقماق وابن ميسر المصري وغيرهم هذا بالإضافة إلى تصريح الشيخ محمد بخيت المطيعي شيخ الأزهر في زمانه وجماعة من الباحثين المصريين قالوا بعدم وجود قبر في مصر للسيدة زينب الكبرى بنت أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٣٢٢

ومنها: ان الخلفاء الفاطميين كانوا يخرجون إلى مرقد السيدة نفيسة والسيدة كلثم فلو كان للسيدة زينب قبر هناك لكان الاجتماع فيه أولى وأخيرا فإن عمدة الاستدلال على وجودها في مصر أمران : ١) الشهرة لدى العوام. ٢) رواية العبيدلي في كتابه أخبار الزينبيات.

أما الأول فلا قيمة له بعد ثبوت الدليل على عدم وجود قبر للسيدة زينبعليها‌السلام في مصر والصحيح أن هذا القبر هو قبر السيدة زينب بنت أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد بن الحنفية بن الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام وينص المقريزي على ذلك بقوله: وقبرها خارج باب النصر المعروف عند العامة قبر السيدة زينبعليها‌السلام .

ثم إن الناس ينسبون العلويين إلى رسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة بحذف الواسطة فهم يقولون عن العلوي: ابن رسول الله وابن فاطمة وابن علي بحذف الوسائط يقول الفرزدق في الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام .

هذا ابنُ خيرِ عبادِ اللهِ كلِّهِمُ

هذا التقيُّ النقيُّ الطاهرُ العلمُ

هذا الذي أحمدُ المختارُ والدُه

صلى عليه الإلهُ ما جرى القلم

هذا ابنُ سيدةِ النسوانِ فاطمةٍ

وابنِ الوصيِّ الذي في سيفه نقم

هذا عليٌ رسولُ اللهِ والدُه

أمست بنور هداهُ تَهدي الأمم

هذا ابنُ فاطمةٍ إن كنتَ جاهلَه

العربُ تعرف من أنكرتَ والعجم

والكل يعرف أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليا ليسا والديه بلا واسطة ولا فاطمة الزهراء اُمَّا بلا واسطة بل هو يتصل بهم بواسطة الحسينعليه‌السلام .

٣٢٣

وأما الثاني - رواية العبيدلي - فإن السابقي: ذكر في كتابه عدة أمور تتعلق بـ:

١) الشخصية المؤلف. ب) الكتاب.

أما المؤلف: فهو يحيى بن الحسن العقيقي بن جعفر الحجة بن عبيد الله الأعرج بن الحسين الأصغر بن الإمام السجادعليه‌السلام الشهير بالعبيدلي المولود سنة ٢١٤ه وتوفي سنة ٢٧٧ه وهو أول من صنف في نسب الطالبيين وهذا الرجل لا ريب في وثاقته في كتب الرجال فقد وصفه النجاشي بالعالم الفاضل الصدوق وقال روى عن الرضا وصنف كتابا في نسب آل أبي طالب وكتاب المسجد وقال المجلسي: ممدوح وقال المامقاني حسن كالصحيح والإشكال واضح في قول النجاشي بأنه روى عن الرضاعليه‌السلام في حين انه ولد بعد وفاته بأكثر من عشر سنين أما السابقي فله رأي آخر فهو يقول: إننا درسنا ترجمة الرجل دراسة مشتوعبة فظهر لنا بيّناً أنه ليس بصاحب حديث ولا سير فلم يأخذ عنه شيئاً كبار أعلامنا فلا تجد له حديثا واحدا في كتاب الكافي ومن لا يحضره الفقيه والتذهيب والاستبصار كما كشفه لنا آية الله الإمام السيد أبو القاسم الخوئي وانما نقلوا عنه في باب الفضائل والأنساب.

وأما الكتاب - أخبار الزينبيات - فقد طعن فيه الشيخ السابقي لأن مؤلفه ضم إليه الكثير من روايات الكذّاب والوضّاع المنحرف عن أهل البيتعليهم‌السلام الزبير بن بكار ت: ٢٥٦ه وعمه مصعب بن عبد الله المطعون فيه المعروف بسوء عقيدته لذا فإنه - أي السابقي - يقول فلا مجال للاعتماد عليه. بل إنه يشكك في نسبة كتاب الزينبيات للعبيدلي حيث يقول: على أن القدامى من

٣٢٤

أصحاب الفهارس والرجال كالنجاشي وابن شهر آشوف وصاحب كشف الظنون وغيرهم ذكروا في ترجمة يحيى بن الحسن العبيدلي تصنيفاته ولم يذكر أحد منهم (أخبار الزينبيات) ويضيف: حتى لو ثبتت نسبة الكتاب له فلا يجدي ذلك أيضا في مقام الاستدلال لأن مجرد هذا الكتاب الوحيد الذي كثير من رواته من الجاهيل لا يكفي في إثبات مهمة تاريخه يحتاج ثبوتها إلى مصارد متوفرة وشهرة واسعة....

كما أن المؤلف السابقي ناقش روايات كتاب الزينبيات وهي ست روايات فتبين أن أكثر رواة العبيدلي مجهولون لم نجد تراجمهم مع التتبع الحثيث في كتب الرجال والتراجم والأنساب. وأما المتن فلا يخلو من مناقشات.

ولم يبق أمامنا إلا القول بخروجها إلى الشام ووفاتها ومدفنها هناك وذلك لعدة أمور:

١) أجمع المؤرخون على أن المدفونة في قرية راوية هي أم كلثوم من أهل البيتعليهم‌السلام .

٢) ان الكثير من المؤرخين صرحوا بأنها بنت أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٣) ان الكثير من المؤرخين يصرحون أنها السيدة زينب الصغرى بنت علي المكناة بأم كلثوم.

٤) وهناك عدد من المؤرخين صرح بأنها زينب الوسطى.

٥) وهناك عدد من المؤرخين سنةً وشيعةً صرحوا بأن المدفونة في رواية هي زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين التي أمها فاطمة الزهراءعليها‌السلام وشقيقة السبطينعليه‌السلام وزوجة عبد الله بن جعفر الطيار ومن أولئك المؤرخين:

٣٢٥

١) الحافظ المؤرخ عز الدين محمد بن علي بن إبراهيم بن شداد الحبلي ت: ٧٤٨ ه.

٢) المؤرخ أبو البقاء عبد الله بن محمد البدري المصري المولود بمصر ٨٤٧ ه.

٣) الحافظ شمس الدين محمد بن طولون الدمشقي المتوفي ٩٥٣ه بدمشق.

٤) الحافظ برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الدمشقي ت: ٩٠٠ه.

٥) وقد عدّ السابقي من المؤرخين المصرحين بوجود قبر السيدة زينب في رواية الشام أربعة عشر مؤرخا من السنة فقط.

أما علماء الشيعة فقد صرح بذلك ثلاثة عشر منهم:

١) السيد المجدد محمد حسن الشيرازي ت: ١٣١٢ه.

٢) المحدث النوري صاحب مستدرك الوسائل ت: ١٣٢٠ه.

٣) الفقيه المحقق السيد حسن الصدر الكاظمي ت: ١٣٥٤ه.

٤) الفقيه الشيخ محمد حرز الدين النجفي ت: ١٣٦٥ه.

٥) المصلح الكبير آية الله الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء ت: ١٣٧٣ه.

٦) العلامة الكبير آية الله السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي ت: ١٣٧٧ه.

٧) الفقيه الكبير آية الله العظمى السيد محسن الطباطبائي الحكيم ت:

٣٢٦

١٣٩٠ه.

وغير هؤلاء كثيرون.

ثم ناقش السابقي في القول بأن المدفونة أم كلثوم زينب ولكنها ليست الكبرى فإن التاريخ الصحيح يقول إن أم كلثوم ماتت في أيام معاوية ودفنت في المدينة.

وكذلك فإن الروايات السنية والشيعية تصرح بأن أم كلثوم هي أكبر بنات الزهراء وقد عد السابقي أكثر من ثلاثة عشر مؤرخا ممن قالوا بذلك. وعليه فإن أم كلثوم هي زينب الكبرى العقيلة. يقول النقدي: ان أم كلثوم هي العقيلة زينب إذا أطلقت في لسان المحدثين وان أريد غيرها قيدوا الاسم بالوسطى أو الصغرى.

وقال أكثر من مؤرخ وعالم إن الخطب المروية عن أم كلثوم هي لزينب العقيلة.

كما أن في أخبار الطف التصريح بزينب وأخرى بأم كلثوم في مورد واحد ولكن مع تعدد النقل فمثلا ان راويا يقول رأيت زينب بنت علي تفعل كذا ويقول آخر رأيت أم كلثوم بنت علي تفعل كذا والمقصود منه زينب واحدة بدليل وحدة الفعل من حيث الزمان والمكان والمضمون.

ومن الشواهد على كون المدفونه براوية هي زينب الكبرى الحجر الذي كان موجوداً داخل قبرها وقلع عام ١٣٠٢ه وكان مكتوبا عليه بخط كوفي، (هذا قبر السيدة زينب بنت علي بن أبي طلاب بنت فاطمة توفيت في هذا المكان).

٣٢٧

وهناك شواهد أخرى مثل وجود قبر السيدة فضة خادمة السيدة الزهراءعليها‌السلام في الشام في مقبرة باب الصغير والتي لازمت السيدة زينب الكبرى بعد وفاتها فلا يستبعد أنها جاءت معها وبقيت بعد وفاتها في الشام حتى توفيت.

وكذلك الاهتمام الكبير من قبل الشيعة علمائهم وعوامهم بمرقد السيدة زينب في الشام حيث يزوره مئات الآلاف من مختلف الشيعة في أنحاء العالم ولم يلحظ هذا الاهتمام من قبل الشيعة بالمرقد المنسوب للسيدة زينب في مصر.

وأخيرا يقول الهنداوي: لئن كان مهما أن تعرف أين قبر العقيلة زينب الكبرى فإن الأهم أن نتعرف على أخلاقها ومواقفها العظيمة لنتأسى بها وأنا إنما أقدمت على متابعة هذا الموضوع - مستقيا ذلك من عدة كتب أهمها كتاب الشيخ السابقي - نزولا عند رغبة بعض المؤمنين ممن سألنا عن تعيين مرقد العقيلة زينبعليها‌السلام .

ويبقى سؤالان:

أولهما: ما الذي جاء بزينبعليها‌السلام إلى الشام؟ وثانيهما: كيف ماتتعليه‌السلام ؟

والجواب عنهما في غاية الغموض لعدم وجود روايات تاريخية تبين كيفية خروجها من المدينة والأسباب الكامنة وراء ذلك وكيفية دخولها إلى الشام وماذا كانت تعمل في تلك الفترة وما هو نشاطها، فهل لجأت إلى العبادة فقط؟ أم أنها كانت تواصل عملية التغيير الاجتماعي والسياسي؟ ومن ثم كيفية موتها فهل ماتت حتف أنفها؟ أم قتلت على يد السلطة الأموية؟

٣٢٨

كل هذا الغموض لعدم اهتمام المؤرخين بحياة السيدة زينب والأغرب من كل ذلك هو عدم ورود شيء من الأئمة من أهل البيتعليهم‌السلام في وفاة العقيلة ولم نسمع أن أحدا من أصحابهم سألهم عن ذلك.

ولعل هذا الغموض ناشئ من عدم وجود وثائق تنطرق إلى أسباب إخراجها من المدينة إلى الشام أو خروجها من تلقاء نفسها هو الذي جعل بعض الباحثين يذهبون إلى أن مدفنها في مصر مع العلم أن رواية العبيدلي تؤكد إخراجها من المدينة وذهابها إلى مصر أي أنها تجيب بوضوح على السؤالين المتقدمين، وإليك الرواية ومناقشتها:

قال العبيدلي في أخبار الزينبيات(١) ص٢١: أن زينب الكبرى بعد رجوعها من أسر بني أمية إلى المدينة أخذت تؤلب الناس على يزيد بن معاوية فخاف عمرو بن سعيد الأشدق انتقاض الأمر فكتب إلى يزيد بالحال فأتاه كتاب يزيد يأمره، بأن يفرق بينها وبين الناس فأمر الوالي بإخراجها من المدينة جيث شاءت - وبعد رفضها الخروج استجابت لبعض الأصوات التي حذرتها من بطش الأمويين - فاختارت مصر وخرج معها من نساء بني هاشم فاطمة

____________________

(١) - الكتاب طبع أول مرة في مصر طبعة الأست اذ حسن قاسم المصري وهو من المتحمسين للقول بوجود قبر السيدة زينب العقيلة في مصر وله كتاب حول شخصيتها ولكنه يعترف في نفس الوقت في كتابه أنه لا يوجد نص ثابت على وجودها في مصر قول في كتابه السيدة زينب: لم أقصد بوضعي هذه الرسالة التي تضمنت كثيرا من أخبار هذه البضغة النبوية اقامة للحجة على من يستبعد وجود جثمانها الشريف في مصر، ثم خاصة في هذا الموضوع الذي يزار الآن إذ التواريخ لم ترو ذلك و لم ترد فيها تفاصيل ثابتة تؤيد هذا القول.

٣٢٩

بنت الحسين وسكينة فدخلت مصر لأيام بقين من ذي الحجة فاستقبلها الوالي مسلمة بن مخلد الأنصاري في جماعة معه فأنزلها داره بالحمراء فأقامت به أحد عشر شهرا وخمسة عشر يوما وتوفيت عشية يوم الأحد لخمسة عشر يوما مضت من رجب سنة اثنتين وستين هجرية ودفنت بمخدعها في دار مسلمة.

إلا أن هذه الرواية تواجه مجموعة اشكالات:

١) سندها: في غاية الضعف بل لا يمكن قبولها وفقا لقواعد الحديث لدى السنة والشيعة.

٢) متنها: قال العبيدلي أخرجت من المدينة لخوف الأمويين من انتقاض أمرهم بسبب حركة السيدة زينبعليها‌السلام لتوعية الأمة وتحذيرها من آل أبي سفيان الفسقة القتلة وعلى هذا فكيف يخيرونها بالذهاب إلى أي بلد شاءت وعندما اختارت مصر وافقوا لها على الفور وهنا تثار الأسئلة كثيرة:

ألف ) هل ان المدينة لدى الأمويين هي أهم من مصر وعليه فهم يبعدونها من المدينة إليها؟

باء ) هل ان المدينة كانت شيعية لكي تتأثر بتوجيه زينب العقيلةعليه‌السلام وإن مصر كانت بعكس ذلك؟

جيم ) أم ان الأمويين علموا أنهم لو أبعدوها عن المدينة سوف تنصرف إلى العبادة ولا تخوض في حديث السياسة ولا تهيج الرأي العام ضد الأمويين؟

أما الأول: فنقول: ان المدينة لا تشكل إلا بلدة صغيرة من شبه الجزيرة نعم هي بلد هجرة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعاصمة دولته المباركة وفيها بقية الصحابة فهي إذن بلدة ذات بُعدٍ معنوي عظيم أما مصر فهي البلد الطويل العريض ذو

٣٣٠

المواقع الاستراتيجي وبلد الخيرات لذا فإن أهميته من هذه الجهات أهم بكثير من المدينة المنورة ولا يمكن أن يسمح الأمويين بوجود السيدة زينب لاحتمالهم انما تثير الاضطرابات فيها ضدهم.

وأما الثاني فنقول: لم تكن المدينة شيعية لا كلها ولا أكثرها انها على هوى الخلفاء أي أن أهلها ميالون إلى أبي بكر وعمر بينما مصر كانت شيعية موالية للأئمة من أهل البيتعليهم‌السلام وما زالت محبة أشد الحب لهم حتى اليوم وهذا الحب هو من آثار الولاء السابق لعلي وآل عليعليه‌السلام (١) وان كانت فقها وأصولا على غير مذهبهم لذا فإن الأمويين خرجوا من محذور خطر ووقعوا في محذور أخطر وهو خلاف الهدف المطلوب.

وأما الثالث: فنقول: من أين علم الأمويين أن زينباًعليه‌السلام ستصرف النظر عن الثورة لو أخرجوها من المدينة ومعنى ذلك انها تكافؤهم على ظلمهم لها لذا فإن المتوقع منها ان تقوم بدور أكبر لتحريك الناس.

وخلاصة القول: ان الاحتمالات المطروحة في الأسئلة الثلاثة المتقدمة تؤكد ان العكس أقرب إلى الإثبات.

وعليه فإننا إذا ما أردنا أن نكون أقرب إلى الحقيقة ينبغي أن نقول: بأن الأمويين أخرجوها من المدينة وسيروها قسرا إلى الشام لعدة أسباب:

____________________

(١) - يؤكد هذا القول الكاتب المصري صالح الورداني في كتابه التشيع في مصر من عهد الإمام علي إلى عهد الإمام الخميني.

٣٣١

ألف) لأن الشام لم يكن فيها شيعة لأهل البيت بل كانت أموية في الأعم الأغلب كما هو معلوم فلا يتكرر المحذور فيها لو أخرجوها إلى الشام لان أهلها سوف لا يتأثرون بخطبها وتوجيهاتها.

باء) ان العادة جرت لدى الحكومات أن تبعد السياسين من مناطقهم إلى عاصمة الحكم او تنفيهم إلى مناطق نائية لعزلهم عن اتباعهم كما فعل الأمويون من قبل مع أبي ذر الغفاري (رض) فقد نفوه إلى الربذة وهي صحراء قاحلة غير مسكونة. كما أن العواصم دائما تكون خاضعة بشكل مطلق لسلطة الحكم لوجود القائد الأعلى للدولة والوزراء والجيش ورجال الأمن والسجون الرهيبة فتكون السيطرة كاملة على المبعدين إليها من السياسيين و الثوريين. والشواهد كثيرة ففي حياة الإئمةعليهم‌السلام أبعد موسي الكاظمعليه‌السلام إلى بغداد عاصمة الحكم و سجن هناك و كذلك الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام أخذ قسرا من المدينة إلي خراسان و كانت عاصمة المأمون آنذاك واستطاع أن يفرض على الإمام الرضاعليه‌السلام القبول بولاية العهد و الإمام الجوادعليه‌السلام أخذه المعتصم من المدينة جبرا إلى بغداد و نفس الشيء بالنسبة للإمام علي الهاديعليه‌السلام حيث أخذه المتوكل من المدينة إلى سامراء عاصمته وقد فرضت السلطات على الأئمة المذكورين تعليمات أمنية مشددة مثل التوقيع في دوائر الأمن في يومي الاثنين و الخميس من كل أسبوع ومنعوا عليهم الاتصال بالناس وإذا أرادوا أن يخرجوا خارج العاصمة فلابد من إخبار السلطة.

ولأجل هذا فإننا نقول إن إخراجها من المدينة إذا تم من قبل الأمويين للخوف على سلطانهم فالمرجح إبعادها إلى الشام لما ذكرناه.

٣٣٢

جيم) الأخبار وكتب التاريخ التي تؤكد أن زينب الكبرى دفنت في راوية الشام، كل ذلك يشكل معارضة قوية للأخذ برواية العبيدلي.

وعليه فالقول بوجود قبر العقيلة زينب الكبرىعليها‌السلام في الشام أقوى بل أصح.

أما موتهاعليه‌السلام فإنه كما يبدو انه كان موتا طبيعيا وهناك بعض الخطباء من يذكر أنها كانت في تلك الفترة تقضي أوقاتها بين العبادة والبكاء على مصائب أخيها الحسينعليه‌السلام والشهداء من أهل بيته ولا أعرف مصدرا لذلك ولعله مستوحى من واقع الحال لهذه السيدة التي تغربت عن وطنها بعد الحنة العظيمة فلم يكن أمامها إلا عبادتها وذكر فجائع ذويها(١) .

____________________

(١) - أقول:لقد التفيت من مرة في بيروت و دمشق بالدكتور المحقق السيد جودت القزويني و تداولنا حديث الزينبيات فأفادنى دام فضلة بما يلي:

إن لأمير المؤمنين على بن أبي طالبعليه‌السلام ثلاث بنات يسمين بزينب أو ما بصطلح عليهن الزينبيات الثلاث وهن:

١. زينب الكبرى: وتكنى بأم كلثوم وأمها فاطمة الزهراءعليها‌السلام ولدت في السنة الخامسة للهجرة وتوفيت في حدود سنة أربعين هجرية ودفنت في البقيع وزوجها عبد الله بن جعفر الطيار و هي التي يشاع أن عمر بن خطاب تزوجها و هي شائعة لا أصل لها.

٢. زينب الوسطى التي تكنى بأم كلثوم و تلقب بالعقيلة، تزوجت ابن عمها عون بن جعفر طيار الذي استشهد سنة ١٧ ه معركة تستر ثم تزوجها أخوه محمد الذي قتل في حرب صفين في سنة ٣٨ ه مع عمه أمير المؤمنينعليه‌السلام .=

٣٣٣

وما أصاب أمَّها من البلا

فهو تراثُها بطف كربلا

لكنها عظيمةٌ بلواها

من الخطوب شاهدت أدهاها

وما رأت بالطف من أهوالِها

جلَّ عن الوصف بيانُ حالِها

ومَن يُطيقُ وصفَ سوءِ حالِها

مذ رأتِ السبطَ على رمالها

معفرَ الخدِّ مضرَّجا بدمْ

لهفي على جمالِ سلطانِ القِدَم

____________________

=ثم تزوجها أخوه عبد الله بن جعفر الطيار بعد وفات أختها زينب الكبرى فولدت له عونا و محمدا الذين قتلا في واقعة الطف مع الإمام أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام

و كانت هذه السيدة هي القائد لمسيرة الثورة بعد أخيها الحسين. و أخرجت من المدينة بعد عودتها إليها من السبي بثلاثة شهور هي وأختها زينب الصغرى حيث سيرت زينب العقيلة إلى الشام و سيرت زينب الصغرى إلى مصر لأن يزيد قال لعامله عمرو بن سعيد الأشدق: فرّق بينهما.

٣. زينب الصغرى وتكنى بأم كلثوم أيضا وأمها تدعى أم حبيبة وهي التي تنسب إليها كل الخطب وبقية المشاركات التي نقرأها في كتب المقاتل عن كربلاء وما بعدها أما دور العقيلة فهو ينحصر في القيادة و الإشراف و الحفاظ على العائلة و حركة الثورة.

أما الوسطى (العقيلة) فقد اغتيلت في اليوم العاشر من محرم سنة ٦٤ ه في بلاد الشام بعد ثلاثة شهور من إخماد ثورة المدينة ووقعة الحرة. حلما أن الوسطى بعد وفاة الكبرى سميت بالكبرى تمييزا لها عن الصغرى.

هذا البحث سيصدر ضمن مقدمة بعنوان تهشيم التاريخ لكتاب المؤسسة الدينية الشيعية دراسة في التطور السياسي و العلمي لصديقنا الفاضل الدكتور جودت القزويني (دام علاه).

٣٣٤

وحوله فتيانُه على الثرى

كالشُهُبِ الزُهرِ تَحُفُّ القمرا

***

٣٣٥

٣٣٦

الفهرس

...الإهداء ٦

مقدمتان ٧

تطوئة ٩

الإمام الحسين عليه‌السلام شخصيته، ثورته، مأساته ١٢

مسير أهل البيت عليهم‌السلام (السبايا) إلى الكوفة ١٧

القصيدة: للشيخ عبد الحسين ابن الشيخ أحمد شكر العراقي ١٩

القصيدة: للشيخ محمد بن شريف بن فلاح الكاظمي ت: ١٢٢٠ه ٢٤

القصيدة: للشيخ هاشم الكعبي ٢٨

القصيدة: للسيد رضا بن السيد هاشم الموسوي الهندي ٣٢

القصيدة: للسيد محسن الأمين ٣٦

القصيدة: للشيخ عباس الأعسم النجفي ت: ١٣١٣ه ٤١

القصيدة: للشيخ محمد بن الشيخ حمزة الملا الحلي ٤٤

ت: ١٣٢٢ه ٤٤

القصيدة: للحاج مهدي الفلوجي الحلي ٤٨

القصيدة: للسيد مهدي الأعرجي ٥١

دخول أهل البيت عليه‌السلام (السبايا) إلى الكوفة ٥٥

القصيدة: للسيد صالح السيد مهدي بحر العلوم المولود ١٣٢٨ه والمتوفى في العقد الأخير من القرن العشرين ٥٩

القصيدة: للشيخ ناجي خميس الحلي ت: ١٣٤٩ه ٦٣

القصيدة: للشيخ علاء الدين الشفهيني الحلي ٦٧

٣٣٧

القصيده:للشيخ عبى الحسين شكر ٧١

القصيدة: للسيد حيدر الحلي ٧٦

القصيدة: للسيد حيدر الحلي ٨٠

القصيدة: للشيخ عبد الحسين شكر ( رحمه‌الله ) ٨٤

القصيدة: للسيد محمد حسين القزويني الشهير بالكيشوان ت: ١٣٥٦ه ٩٠

القصيدة: للسيد رضا الهندي ٩٨

القصيدة: للشيخ عبد الحسين شكر ١٠٣

أهل البيت عليهم‌السلام (السبايا) في طريقهم إلى الشام ١٠٧

القصيدة: للسيد جواد القزويني الهنداوي ١١١

القصيدة: للشيخ هاشم الكعبي ١١٤

القصيدة: للعلامة عز الدين ابن أبي الحديد المعتزلي المدائني البغدادي ت: ٦٥٦ه ١١٨

القصيدة: للسيد صالح القزويني ١٢٢

القصيدة: للشيخ محمد حسين كاشف الغطاء ١٢٦

القصيدة: للشيخ الحافظ البرسي ١٣١

القصيدة: للشيخ علي بن حماد البصري توفي في حدود سنة ٤٠٠ ه ١٣٦

الشام ووصول أهل البيت عليهم‌السلام (السبايا) إليها ١٤١

القصيدة: للسيد حيدر الحلي ١٤٣

القصيدة: للسيد جعفر الحلي ١٤٧

القصيدة: للشيخ أحمد الحلي الشهير بالنحوي ت: ١١٨٣ه ١٥١

الإمام زين العابدين عليه‌السلام يطلب ثوبا من سهل بن سعد الساعدي ١٥٢

القصيدة: للسيد صالح الحسيني الحلي ١٥٤

القصيدة: للملا علي الخيري الحلي ت: ١٣٤٠ه ١٥٩

أهل البيت عليهم‌السلام (السبايا) في مجلس يزيد ١٦٥

القصيدة: للسيد مهدي الأعرجي ١٦٧

٣٣٨

القصيدة: للسيد صالح الحلي ١٧١

القصيدة: للشيخ عبد الحسين الأعسم النجفي ١٧٥

القصيدة: للسيد مرزه آل السيد سلمان الحلي ت: ١٣٣٩ه ١٧٩

القصيدة: للشاعر سيف بن عمير(١) ١٨٣

أهل البيت عليهم‌السلام (السبايا) في خربة الشام ١٨٩

القصيدة: للشيخ محمد رضا آل صادق النجفي ١٩١

القصيدة: للسيد صالح الحلي ١٩٦

القصيدة: للسيد حسين السيد محمد تقي بحر العلوم ت: ١٤٢٢ه ٢٠٢

القصيدة: للسيد عبد الوهاب الوهاب الكربلائي ت: ١٣٢٢ه ٢١٠

القصيدة: للسيد محمد حسين القزويني الشهير بالكيشوان ٢١٦

القصيدة: للسيد نعمان الأعرجي الحلي من شعراء القرن الخامس ٢٢٠

عودة أهل البيت عليهم‌السلام (السبايا) إلى كربلاء ٢٢٥

القصيدة: للشيخ باقر الخفاجي الطهمازي الحلي ت: ١٣٨١ه ٢٢٧

القصيدة: للشيخ عبد المنعم الفرطوسي النجفي ت: ١٤٠٤ه ٢٣١

القصيدة: للشيخ حسن بن عبد الله الجامع الخطي ٢٣٦

ت: ١٣٢٦ه ٢٣٦

القصيدة: للسيد هاشم الستري البحراني من شعراء القرن الثالث عشر الهجري ٢٣٩

عودة أهل البيت عليهم‌السلام (السبايا) إلى المدينة ٢٤٥

القصيدة: للسيد حيدر الحلي ٢٤٧

القصيدة: للشيخ عبد المنعم الفرطوسي ٢٥١

القصيدة: للسيد حيدر الحلي ٢٥٦

القصيدة: للسيد الشريف الرضي ٢٦٠

القصيدة: للشيخ عبد الله بن داود الدرمكي توفي حدود سنة ٩٠٠ ه ٢٦٥

٣٣٩

القصيدة: للسيد حيدر الحلي ٢٦٩

حالة أهل البيت عليهم‌السلام بعد رجوعهم إلى المدينة ٢٧٣

القصيدة: للشيخ مفلح بن الصيمري ٢٧٧

القصيدة: للشيخ الحافظ البرسي الحلي ٢٨١

القصيدة: للشيخ علي بن حماد البصري من شعراء القرن التاسع الهجري ٢٨٥

القصيدة: للسيد عبد المطلب الحلي ت: ١٣٣٥ه ٢٩٠

القصيدة: للشيخ محمد علي اليعقوبي ت: ١٣٨٧ه ٢٩٤

القصيدة: للشيخ حسن الدمستاني البحراني القطيفي ت: ١١٨١ه ٢٩٨

القصيدة: للشيخ صالح بن العرندس الحلي ت: ٨٤٠ ه ٣٠٥

القصيدة: للسيد صالح القزويني النجفي ت: ١٣٠٦ه ٣٠٩

القصيدة: الأبيات الأربعة الأولى لبعضهم والبقية للخطيب الشيخ محمد سعيد المنصوري ٣١٤

القصيدة: للشيخ محمد سعيد المنصوري ٣١٨

الفهرس ٣٣٧

ملاحظة:

نلفت انتباه القارئ الكريم ألى أن مصادر كتاب مجمع مصائب أهل البيت بأجزائه الأربعة موجودة في آخر الجزء الرابع.

٣٤٠