سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام الجزء ٤

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام0%

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 460

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمَّد الهنداوي
تصنيف: الصفحات: 460
المشاهدات: 97927
تحميل: 3982


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 97927 / تحميل: 3982
الحجم الحجم الحجم
سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام الجزء 4

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

يا من ببيتِكُم الأسرارُ مودعةٌ

غابت ثمانيةٌ منكم وأربعةٌ

تُرجى منافعُها ما حنَّتِ العيسُ

(مجردات)

اليوم الرضا المأمون سمه

چبده تمرد ذاب جسمه

امن السم مضلّت بيه همّه

غريب او بعيده اولاد عمّه

(أبوذية)

الرضا مات ابغرب مسموم وحده

ولا واحد نعاه ابحزن وحده

ما سمعت امن النسوان وحده

او عليه تنصب عزه لابن الزچيه

دعبل بن علي الخزاعي في مجلس الإمام الرضاعليه‌السلام

قال في البحار: دخل دعبل بن علي الخزاعي على علي بن موسى الرضاعليه‌السلام بمرو فقال: يا ابن رسول الله إني قد قلت فيكم قصيدة وأليت على نفسي أن لا أنشدها أحدا قبلك فقال: هاتها يا دعبل فأنشده:

مدارس آيات خلت من تلاوة

ومنزل وحي مقفر العرصات

أفاطم لو خلت الحسين مجدلا

وقد مات عطشاناً بشط فرات

إذن للطمت الخد فاطم عنده

وأجريت دمع العين في الوجنات

أفاطم قومي يا ابنة الخير واندبي

نجوم سماوات بأرض فلات...

قبور بكوفان وأخرى بطيبة

وأخرى بفخ نالها صلواتي

قال في كتاب وفاة الرضاعليه‌السلام : قال دعبل: فعلت زفرات الرضاعليه‌السلام وتأججت حسراته وتحدرت دموعه وقال: وا قتيلاه، وا غيريباه، وا حسيناه، وا

٢٨١

عظم مصيبتاه، ليت الموت أعدمني الحياة، بنفسي أفدي جدي أسير الكربات وساكب العبرات وقتيل الطغاة يا لها من مصيبة ما أعظمها من رزية ما أكبرها يا دعبل هيجت عليّ أحزانا ساكنة وقد كانت في فؤادي كامنة لقد حل بهم الرزء العظيم والخطب الجسيم والمصيبة العظمى التي تزلزلت لها الجبال الرواسي وبكت لها السماء دما. فلما بلغ دعبل إلى قوله هذا:

أرى فيأَهم في غيرهم متقسما

وأيديهمُ من فيئِهم صَفِراتِ

بكى أبو الحسن الرضاعليه‌السلام وقال: صدقت يا خزاعي فلما بلغ إلى قوله:

إذا وُتروا مدُّوا إلى واتريهمُ

أكفاً عن الأوتار منقبضات

جعل أبو الحسن الرضاعليه‌السلام يقلب كفه ويقول: أجل والله منقبضات فلما بلغ إلى قوله:

لقد خفتُ في الدنيا وأيامِ سعيها

وإني لأرجو الأمنَ بعد وفاتي

قال الرضاعليه‌السلام آمنك الله يوم الفزع الأكبر. ثم قال دعبل:

وقبرٌ ببغدادٍ لنفسٍ زكيةٍ

تضمَّنها الرحمنُ في الغرفات

قال له الرضاعليه‌السلام : أفلا اُلحق لك هذا الموضع بيتين بهما تمام قصيدتك؟ فقال: بلى يا ابن رسول الله، فقالعليه‌السلام :

وقبرٌ بطوسٍ يالها من مصيبةٍ

أَلحَّت على الأحشاء بالزفرات

إلى الحشر يبعثَ اللهُ قائما

يُفرِّج عنا الهمَّ والكربات

فقال دعبل: يا ابن رسول الله هذا القبر بطوس قبر من هو؟ فقال له: ذلك قبري ولا تمضي الأيام والليالي حتى يصير مختلف شيعتي وزواري ألا فمن

٢٨٢

زارني في غربتي بطوس كان معي في درجتي يوم القيامة(١) .

ما شجاني ذكرايَ رسماً دريسا

أقفر البيتُ ربعَه المأنوسا

لا ولام تَجرِ أدمعي لضعونٍ

سار فيها الحادي يسوق العيسا

بل بكائي وحسرتي لغريبٍ

شردوه فحلَّ بالرغم (طوسا)

أقول: فما مضت الأيام والليالي إلا والإمام يسقى السم ويقضي نحبه ويحمل نعشه إلى قبره والناس ينادون: وا إماماه، وا سيداه.

(هجري)

مدرياشگال ابوالهادي من ودعه اومد رجلِيهْ

غريب الوطن عوده مات كلالأسف والله اعليِهْ

ظل البلد بالوادم يموج امن اوله التالِيهْ

او نجم المصطفى صارت برج الغيبته اخريسان

(أبوذية)

ابوجهي هالدهر ما يوم بسم

من هظمه غديت انلظم بالسم

مثل الرضا الضامن مات بالسم

غريب الدار ما عنده تچيه

أقول ان مصيبة الإمام الرضاعليه‌السلام مصيبة عظيمة ولكنها لم تكن بأعظم من مصيبة أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام لأن الإمام الرضاعليه‌السلام لما مات مسموما قام إليه الناس ومن بينهم قاتله المأمون فواروه الثرى وخرجوا جميعا يبكون عليه ولله در القاتل:

____________________

(١) - البحار ج٤٩ للمجلسي. نور الأبصار للحائري. سيرة الأئمة الاثني عشر للحسني. وفاة الإمام الرضاعليه‌السلام للخطي.

٢٨٣

(موشح)

اسأل امن الناس من شالوا النعش

للگبر ما شين كل خده خمش

بالدمع گبره ابدال الماي رش

اورش ضريح احسين سجاد ابدموع

اسأل اعله احسين منهو الغسله

من حفر گبره او ياهو النزله

لو بگه مطروح عاري ابكربله

والعوادي هشمت منه الضلوع

(تخميس)

وآليت أن تعطي المذلة عن يدٍ

صَغَراً لهم يا سبط أشرف سيدٍ

لكنَّ من قتلوك دون ترددٍ

جاؤوا برأسك يا ابن بنت محمدٍ

مترملا بدمائه ترميلا

٢٨٤

المجلس الخامس

القصيدة: للشيخ علي منصور المرهون

المولود ١٣٣٤ه

لله خطبٌ على الإسلام قد وقعا

فأحزن المصطفى مَن للهدى شَرَعا

وأصبحت فاطمُ الزهراءُ ثاكلةً

عبرى تَحنُّ ومنها الدمعُ قد هَمعا

والمرتضى وبنوه في شجىً وأسىً

يبكون حيث الرضا للسم قد جَرعا

وا فجعةَ الدينِ من بعد ابنِ فاطمةٍ

لا زال يبكي عليه مذ قضى جزعا

رزء به عرصاتُ العلمِ نادبةٌ

لله من حادث للدين قد صَدعا

دسَّوا له السمَّ في الرمان في العنب الـ

ـمسمومِ حتى غدت أحشاؤُه قطعا

لهفي على ابن رسول اللهِ مضطَهدا

بين اللئام وعن حقِّ له مُنعا

قضى غريبا فياللهِ من خطر

على الهدى حلَّ والعليا اكتست هَلعا

والكائناتُ غدت تنعى وندبتُها

يا عُروةً فُصمت للدين فانصدعا

هدَّت مصيبتُه الأكوانُ قاطبةً

وعُطِّل الشرعُ والإيمانُ قد فُجعا

فضجَّ من في السما والأرضِ يومَ قضى

مقطَّعَ القلبِ مِن سُمٍّ له نَقَعا(١)

____________________

(١) - شعراء القطيب ج٢، ص٧٧.

٢٨٥

(نصاري) (١)

مات اليوم ابو محمد او مهظوم

فوگ الهظم ويلي ايموت مسموم

عجيبه إشهلمصيبه الله اكبر

غربه او هظم شاف او بعد اكثر

من سمَّه الچبد منه توذر

او على افراش المنيه ايموت مهموم

ابذاك الحال آمر سدوا الباب

او گعد ينحب او دمع العين سچاب

يبچي الغربته او لفراگ الاحباب

او لن ابنه دخل وادموعه ادموم

شبگ فوگه الجواد او جذب ونه

او صارت للأبو والابن حنه

يبويه فدوه الك كلنه عسنه

وابوه يبچي عليه ابدمع مسجوم

او لمـّن دنت من عنده المنيه

عگب ما ودع او وصّه الوصيه

جذب حسره او ون ونه خفيه

أثاري مات اويلي او چبده مثلوم

بعض المنامات في فضل القبر المقدس

للإمام الرضاعليه‌السلام في خراسان

نقل الشيخ محمد السماوي في ظرافة الأحلام عن الشيخ محمد بن نصّار (صاحب ديوان النصاريات) قال: زرت الرضاعليه‌السلام سنة ١٢٨٥ه فامتدحته بقصيدة وأنا في الطريق على عادة الشعراء في قصدهم الملوك وأكملت القصيدة قبل دخولي المشهد بيوم فكان مطلعها:

يا خليليَّ هجْرا لا تُريحا

اوشكت قُبةُ الرضا أن تلوحا

واستمدا من ذلك الفيضِ حتى

تأتيا ذلك الجَنابَ الفسيحا

____________________

(١) - للمؤلف.

٢٨٦

إن تنائيتُ يا ابنَ موسى فإنّا

قد شققنا لك القلوبَ ضريحا

إن قبرا لاطفتُ فيه ثراهُ

منع المسكَ طيبُه أن يفوحا

قال فلما دخلت المشهد وزرتهعليه‌السلام ونمت تلك الليلة رأيت في منامي الرضاعليه‌السلام جالسا على كرسي في روضته الشريفة فسلمت عليه وقبلت يديه فرحب بي وأدناني وأعطاني صرة وقال افتحها ففيها مسك أذفر ففتحتها فوجدت فيها فتاتا لا رائحة له فقلت: لا رائحة له فتبسمعليه‌السلام وقال: ألست القائل:

إن قبرا لاطفات فيه ثراه

منع المسك طيبه أن يفوحا

فهذا مسك أذفر منع طيبُ ثرى قبري رائحَته فانتبهت وأنا في فرح بما شاهدت وترح على ما فارقت(١) .

وفي نفس الكتاب عن أبي الحسن محمد بن القاسم الفارسي قال: كنت أنكر على من يقصد المشهد بطوس للزيارة وأصر على الإنكار فاتفق أني رأيت ليلة فيما يرى النائم كأني كنت بطوس في المشهد فرأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قائما وراء صندوق القبر يصلي وسمعت هاتفا من فوق ينشد هذين البيتين:

مَن سرَّه أن يرى قبرا برؤيته

يُفرِّج اللهُ عمن زاره كُرَبَه

فليأتِ ذا القبرَ إن الله أسكنه

سُلالةً من رسول اللهِ منتجبه

وكان يشير في الخطاب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاستيقظت من نومي وأنا غريق في العرق فناديت غلامي ليسرج دابتي في الحال فركبتها وقصدت الزيارة

____________________

(١) - ظرافة الأحلام ص٧٩/٨٠ محمد السماوي.

٢٨٧

وتعودت أن أزوره كل سنة مرتين(١) .

أقول: إن زيارة قبور الأئمةعليهم‌السلام من أهل البيت ومنها قبر الإمام الرضاعليه‌السلام تأتي استجابة لوصايا الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ستدفن بضعة مني بأرض خراسان ما زارها مكروب إلا نفَّس الله كربته ولا مذنب إلا غفر الله له ذنبه(٢) .

وفي حديث آخر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ستدفن بضعة مني بأرض خراسان لا يزورها مؤمن إلا أوجب الله عز وجل له الجنة وحرَّم جسده على النار(٣) .

وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال: سيقتل رجل من ولدي بأرض خراسان بالسم ظلما اسمه اسمي واسم أبيه اسم ابن عمران موسىعليه‌السلام فمن زاره في غربته غفر الله تعالى ذنوبه ما تقدم وما تأخر ولو كانت مثل عدد النجوم وقطر الأمطار وورق الأشجار(٤) .

أقول لم يمنح هذا المقام العظيم من الشفاعة لهذا الإمامعليه‌السلام إلا بما تحمله من أجل دين الله سبحانه فبعد تلك المحن العظيمة التي عاناها من سجن والده في سجون الطاغية هارون العباسي وقتله بالسم وهجوم العباسيين على بيته وتوالت المحن محنة بعد محنة ولم تنقض محنه إلا بقتله مسموما غريبا في خراسان بعيدا عن أهله وولده:

____________________

(١) - ظرفة الأحلام ص٨٠/٨١ محمد السماوي.

(٢) - الدمعة الساكبة ج٧، ص٣٨٤/٣٨٥.

(٣) - الدمعة الساكبة ج٧، ص٣٨٤/٣٨٥.

(٤) - الدمعة الساكبة ج٧، ص٣٨٤/٣٨٥.

٢٨٨

لم أنس مذ غاله المأمون حث غدا

يبدي له غير ما في القلب يخفيهِ

ودس بالعنب السمَّ النقيعَ له

فبات مضطهدا مما يعانيهِ

(مجردات) (١)

ويلي الرضا مات ابخراسان

او گلب الجواد التهب نيران

او من عينه فاض الدمع غدران

اينادي تعالوا يال عدنان

غسلوا او شيعوا عالي الشان

لا يضل مثل المات عطشان

واعله الثره مذبوح عريان

وابنه علي السجاد وجعان

او گلبه التهب من نار الأحزان

او زينب تصيح ابصوت وليان

يهلي تره بينه الدهر خان

(تخميس)

قد كابدَ الهمَّ من أبناءِ جِلدته

حتى قضى نائيا في دار غربِته

طوبى لقبرٍ مسجَّى وسطَ حفرته

فخرا فذلك مغبوط بجثِته

وبالملائكة الأبرارِ محروسُ

____________________

(١) - للمؤلف.

٢٨٩

٢٩٠

الإمام

محمد الجواد

عليه‌السلام

٢٩١

٢٩٢

المجلس الأول

القصيدة: للسيد محمد جمال الهاشمي

يا تاسعَ الأمناءِ الغرِّ قد وفدت

إليكَ شيعةُ أهلِ البيتِ تبتدرُ

فأنت مَفزَعُها دنياً وآخرةً

وفيك يُكشَفُ عنها الضرُّ والضرر

ألست أنت الذي بانت معاجزُه

كالشمس آمن فيها البدوُ والحضر

أمسى ابنُ أكثمَ مذهولا بما سمعت

اُذناهُ منك وأعيى نطقَه الحَصَر

لقد علمتمْ علومَ الأنبياءِ وما

تَضُمُّ في سرها الآياتُ والسور

من أين يُدركَ من كانت معارفُه

محدودةً عالَما بالغيب يستتر

قد رام إطفاءَ نورِ اللهِ (معتصِمٌ)

بمنهجٍ شقَّه آباؤُه الغُدُر

فدس سمَّ الردى في كفّ غاويةٍ

إليك كي تحتفي آياتُك الغرر

لا عافتِ النارُ أمَّ الفضلِ حيث بما

قامت به يلتظي في روحنا شرر

سمت إمامَ الهدى فالأرضُ راجفةٌ

منه ووجهُ السما من ذاك مُعتكِر

يبقى ثلاثا بلا غُسلٍ ولا كفنٍ

كجدِّه فهو فوق السطحِ منعفر(١)

(نصاري)

يعيني اعلى الجواد ابچي ابدمع دم

يگلبي اعله ابو الهادي تلچّم

____________________

(١) - ديوان مع النبي وآله ص٢٩١.

٢٩٣

شباب او صايم او يفطر على السم

وحيد ابدار غربه مثل الحسين

يصيح الماي والسم مرد كبده

طلعت من وكت ما بگت عنده

ظل نايم ابسطح الدار وحده

على افراش المرض يصفج الكفين

ثلث تيام ظل ميت ابداره

على افراشه بگه ليله او نهاره

مثل احسين ظل وسط المعاره

على الرمضه او محد ينشد امنين

ولسان حال الحوراء زينبعليها‌السلام :

(أبوذية)

اشچم اصواب انه ابگلبي ولمچان

انه ابكل دار الي ماتم ولمچان

اريد انعه اعله ابو اليمه ولمچان

او ننوح اعليه كل احنه سويه

الإمام محمد الجوادعليه‌السلام يموت مسموماً

بعد موت المأمون بويع المعتصم بالخلافة فلما جلس على سرير الملك أخذ يتحين الفرصة لقتل الإمام محمد الجوادعليه‌السلام الذي ظهرت فضائله ومناقبه للناس فراحوا يؤمنون به ويعتقدون بإمامته وهذا أمر يخيف السلاطين لذلك دعا المعتصم الإمام الجواد من المدينة المنورة إلى بغداد فلما عزم الإمامعليه‌السلام ترك المدينة والتوجه إلى بغداد خلف ابنه أبا الحسن الهاديعليه‌السلام عليها وهو صغير السن وسلم إليه المواريث والسلاح ونص على إمامته بمشهد من ثقاته وأصحابه ثم ودعه وودع قبر جده رسول الله وقبور آبائه (عليهم‌السلام ) وكأنه يعلم سوف لا يعود إليها وانصرف إلى بغداد فلما وردهاعليه‌السلام جعل المعتصم يعمل الحيلة في قتله وأشار على ابنة المأمون أم الفضل أن تسقيه السم

٢٩٤

وكانت منحرفة عن الإمام شديدة العداوة له لحب الإمامعليه‌السلام لوالدة الإمام الهادي السيدة سمانة المغربية التي كانت عارفة بحق الإمام الجوادعليه‌السلام فأجابته إلى ذلك فأرسل المعتصم إليها سماً قاتلاً فأخذت السم وجعلته في عنب رازقي وقيل في شراب الاترنج وكان الإمامعليه‌السلام صائما وعند الإفطار(١) وضعته بين يديه فلما تناول منه شيئا تغير حاله وأحس بذلك فقالعليه‌السلام : ويلك قتلتيني قاتلك الله.

ثم أخذ إمامنا يتقلب على الأرض يمينا وشمالا من شدة الوجع ويجود بنفسه ويطلب جرعة من الماء ويقول بصوت ضعيف: ويلك إذا قتلتيني فاسقيني شربة من الماء فما سقت الإمامعليه‌السلام الماء بل أغلقت الباب وخرجت من الدار فبقي الإمام يوما وليلة يعالج سكرات الموت حتى قضى نحبه ولقي ربه، رحم الله من نادى: وا سيداه، وا إماماه، وا مسموماه.

(نصاري)

ظل نايم طريح اشلون محتار

طول الليل وحده ايون على الدار

بس صلى الفجر واتگبل او دار

راسه وحَّده او مدد الرجلين

ضعفت مهجته ابونه شديده

حين الوى لعد الموت جيده

عدل رجله يويلي او مدد إيده

تشاهد شهگ مات او فرّگ البين

اويلي سمته او طلعت من الدار

او ظل وحده يعالج ليل وانهار

عگب موته اليهل ادموعنه اعبار

ثلث تيام جسمه إبلا دفن تم

____________________

(١) - المطالب المهمة ص٢٧٤ علي الهاشمي.

٢٩٥

قال في نور الأبصار: فلما قضى نحبه أمر المعتصم بأن يرموا جسده الشريف من أعلى السطح إلى الأرض ومنع الناس أن يحملوه ويشيعوه ويدفنوه ويدنوا منه وبقي جسده على الأرض أياما بلا غسل ولا كفن ولا دفن فاجتمعت الشيعة وحلفوا على أن يقتلوا دونه أو يدفنوه فقال المعتصم: دعوهم وما يريدون فعملوا له شأنا عظيما حتى دفنوه.

(نصاري)

اجوا يمه ابحنين او لطم عالراس

طلعوا بالجواد او فزعت الناس

لمـّن غسّلوا صاحب النومان

حفّوا بالگبر كلهم محزنين

أقل لم يبق كجده أبي عبد الله الحسين بعد موته ما حز رأسه ما رضت لخيل صدره.

وكأني بأخته الحوراء زينبعليها‌السلام :

(نصاري)

يا ناس ضيعت البصيره

او مثل حيرتي ما جرت حيره

ابن والدي ماله عشيره

يغسلونه او يچفنونه او يدفنون

***

قد قطعت أوصاله يا للهدى

بشبا الأعادي أيما تبديد

٢٩٦

المجلس الثاني

القصيدة: للسيد صالح القزويني

ونصَّ الرضا أنَّ الجوادَ خليفتي

عليكم بأمرِ اللهِ يقضي ويَحكمُ

هو ابنُ ثلاثٍ كلَّم الناسَ هاديا

كما كان في المهد المسيحُ يكلِّم

سلوه يُجبْكم وانظروا ختمَ كتفِه

ففي كتفه ختمُ الإمامةِ يُختَم

وكم لك يا ابنَ المصطفى بان معجزٌ

به حيث كلٌ من أعاديك مرغَم

أقمتَ وقوَّمتَ الهدى بعد سادةٍ

أقاموا الهدى من بعد زيغٍ وقوَّموا

فطوسٌ لكم والكرخُ شجوا وكربلا

وكوفانُ تبكي والبقيعُ وزمزم

وكم أبرموا أمرا وكادوا فكدتَهم

بنقضك ما كادوك فيه وأبرموا

فما منكمُ قد حرَّم اللهُ حلَّلوا

وما لكمُ قد حلَّل اللهُ حرَّموا

فصمتمْ من الدين الحنيفيِّ حبلَه

وعروتَه الوثقى التي ليس تُفصم

وسمته أمُّ الفضلِ عن أمر عمِّها

فويلٌ لها من جدِّه يومَ تقدم

على قلّة الأيامِ والمكث لم يزل

بكمّ كل يومٍ يُستضام ويُهظم

فيا لقصيرِ العمر طال لموتِه

على الدين والدنيا البكا والتألُّم

بفقدك قد أثكلتَ شِرعةَ أحمدٍ

فشِرعتُه الغراءُ بعدك أَيِّمُ

٢٩٧

عفا بعدك الإسلامُ حزنا وأُطفأت

مصابيحُ دينِ اللهِ فالكون مظلم

فيا لك مفقودا ذوت بهجةُ الهدى

له وهوت من هالة المجد أنجم(١)

(موشح)

بالعنب سم الجواد المعتصم

والمجد شال او نشف بحر العلم

نشف بحر الجود من مات الجواد

بأرض بغداد او عليه سبع الشداد

ناحت او لبست الإسلام السواد

والسمه اظلم او كشف ضي النجم

اظلمت ونور البدر لأجله انخسف

يوم گوَّض والشمس ضيها انكسف

والإنس والجن غدت تصفج وسف

عگب أبو الهادي دمعهم منسجم

رواية ثانية لقتل الإمام الجوادعليه‌السلام بالسم

روى المؤرخون: أنه وقعت حادثة سرقة في زمن المعتصم واختلف العلماء في مكان القطع فقال أحدهم تقطع اليد من المرفق وقال آخر تقطع من الزند فالتفت المعتصم إلى الإمام الجواد وسأله عن الحكم فقال له الإمامعليه‌السلام : لقد سمعت جوابهم، قال: أريد جوابك أنت قالعليه‌السلام : السنة أن تقطع اليد من أوصال الأصابع، فقال له المعتصم: ما الدليل؟ قال الإمام: لقوله تعالى:( وَ أَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً ) واليد من مساجد الله فلا تقطع فأمر المعتصم بقطع يد السارق من الموضع الذي عينه الإمام وشكره على موقفه، فاستشاط قاضي القضاة ابن أبي دؤاد غضبا وأخذ يحرض المتعصم على قتل الإمام الجواد فأتى المعتصم ذات يوم فقال له: إنك أذعنت لحكمه وبذلك

____________________

(١) - المجالس السنية.

٢٩٨

جعلته أحق منك بالخلافة ولو علم بذلك وزراؤك وجيشك فإنهم سيطيعونه فرد عليه المعتصم بقوله جزاك الله عن نصيحتك هذه خيرا وأمر على الإمام الجواد أن يؤتى به فرفضعليه‌السلام قائلا: إنكم تعلمون أني لا أحضر مجالسكم، فقال: إنما أدعوك إلى الطعام فقد أحب فلان وفلان لقاءك - وهم من وزراء المعتصم - فلما أصر المعتصم على الإمام الجوادعليه‌السلام إلى بيت من بيوت الدولة وهناك كانت الخطة مدبرة لقتله بالسم وقدم الطعام فلما أكل الإمام من طعام المعتصم أحس بالسم يسري في جسمه فدعا بدابته وخرج مسرعا فلم يزل يومه ذلك وليلته يعاني آلام السم حتى قبضعليه‌السلام مسموما غريبا. وا إماماه، وا جواداه(١) .

أتقتَل يا ابنَ الشفيعِ المطاعِ

ويا ابنَ المصابيحِ وابنَ الغررْ

ويا ابنَ الشريعةِ وابنَ الكتاب

ويا ابنَ الروايةِ وابنَ الأثرْ

قال في نور الأبصار: كان مولانا أبو الحسن الهاديعليه‌السلام جالسا بالمدينة مع صاحب له يقال له أبا زكريا إذ بكى بكاء شديدا فسأله الرجل ما بكاؤك؟ فلم يجبه فتركه ودخل البيت باكيا وهو يقول: إن أبي توفي الساعة فارتفعت الأصواب بالبكاء والنياح ثم خرج أبو الحسن ودموعه تجري على خديه وهو يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، فسُئل عن ذلك فقال: إن أبي توفي الساعة في بغداد قفلنا: بما علمت؟ قال: دخلني من إجلال الله تعالى ما لم أكن أعرفه قبل ذلك فعلمت أنه قد مضى.

____________________

(١) - المجالس السنية ج٢ للسيد محسن الأمين العاملي.

٢٩٩

وفي جلاء العيون: أن علي الهاديعليه‌السلام أقبل بطيّ الأرض إلى بغداد وغسَّل أباه وحنطه وكفنه في مقابر قريش في ظهر جده موسى بن جعفر (عليهما‌السلام ) ولسان حاله: وا أبتاه، وأعظم مصيبتاه والناس معه يصرخون، وا إماماه، وا سيداه.

لهفي لمسموم قضى بعد ما

قاسى عظيم الجور والاضطهادْ

ملقىً ثلاثا ليس يدري به

هل هو ميت أم عليل يعادْ

لله خطب من شجا وقعه

قد مارت الغبراء والعرش مادْ

ثُلَّت عروش الدين فيه ولا

بدع فقد قوّض منا العماد

(موشح)

منسجم وينوح لمصابه العرش

والملايك تحن واينوح الوحش

آه يوم الحفَّت ابذاك النعش

او ضجت اتصيح النسه او تبچي الزلم

بچت كلها او حنَّت اطيور الفله

او علي الهادي اتعنه ليه او غسّله

بس أبو السجاد ظل ابكربله

او بالشمس مطروح من عنده الجسم

أقول: وبعد عودة مولانا الإمام الهادي إلى المدينة ارتفعت الأصوات من كل ناحية وا إماماه وا سيداه.

كما ارتفعت الأصوات من الهاشميات يوم رجع زين العابدين مع عماته إلى المدينة ووقف ناعي الحسين ينادي:

يا أهل يثرب لا مقام لكم بها

قتل الحسين فأدمعي مدرار

الجسم منه بكربلاء مضرج

والرأس منه على القناة يدار

٣٠٠