سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام الجزء ٤

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام8%

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 460

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 118384 / تحميل: 7361
الحجم الحجم الحجم
سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

معهم غلام سندي فذهب إلى السلطة وأخبرهم بالخبر فاستخرجوه وحزوا رأسه وسيروه إلى دمشق فنصب في أحد شوارعها.

قال بعضهم: فنظرت إليه حين أقبلوا به على جمل قد شد بالحبال وعليه قميص أصفر فألقى من البعير على باب القصر فخر كأنه جبل فامر به فصلب بالكناسة عاريا ومكث مصلوبا أربع سنين حتى أن الفاختة عششت في جوفه.

فلما ظهر يحيى ابن زيد كتب الوليد إلى يوسف بن عمرو أما بعد فإذا أتاك كتابي هذا فانظر عجل أهل العراق فأحرقه وأنسفه في اليم نسفا فأمر يوسف عند ذلك أحد أصحابه فأنزله من جذعه فأحرقه بالنار ثم جعله في قواصر(١) ثم حمله في سفينة ثم ذرّاه في الفرات.

وشوهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الرؤيا متساندا إلى جذع زيد بن علي وهو مصلوب وهو يقول للناس: أهكذا تفعلون بولدي؟

نعم: إن مصيبة زيد أحرقت قلوب أهل البيتعليهم‌السلام لاسيما سيدنا وإمامنا أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام الذي كان يبكي عمه بحرقة. يقول الأمين في كتابه: (زيد الشهيد) عن حمزة بن حمران قال: دخلت على الصادق جعفر بن محمدعليه‌السلام فقال لي: يا حمزة من أين أقبلت؟ قلت من الكوفة فبكى حتى بُلَّت لحيته فقلت له: يا ابن رسول الله ما لك أكثرت البكاء؟ قال: ذكرت عمي زيدا وما صُنع في فبكيت فقلت له: وما الذي ذكرت منه؟ فقال: ذكرت مقتله وقد أصاب جبينه السهم فجاء ابنه يحيى فانكب عليه وقال: أبشر يا أبتاه فإنك ترد

____________________

(١) - جمع قوصرة، وعاء معروف يصنع من سعف النخيل يستخدم لكبس التمور الجافة.

٣٦١

على رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين (صلوات الله عليهم) قال: أجل يا بني ثم عاد بطبيب فنزع السهم من جبينه فكانت نفسه معه(١) .

أقول: رحم الله الشيخ يعقوب النجفي إذ يقول:

يبكي الإمام لزيد حين يذكره

وإن زيدا بسهم واحد ضُربا

فكيف حال علي بن الحسين وقد

رأى أباه لنبل القوم قد نصبا

ويقول المؤلف:

(بحر طويل) (٢)

الصادق من ذكرعمه حن اوسچب دمع العين

الله ايساعدالسجاد من عاين لبوه احسين

شافه للنبل مرمي او ماله من اخوته امعين

ظل الحالته يبكي او ينوح ابليله وانهاره

اشلون اهجمع وبطل النوح وانته اموسد الغبره

اشلون التذابشرف الماي بويه اومااجر حسره

وانته امن العطش ياحيف كبدك بيه ألف جمره

شيطفيه جمر كبدي او كبدك ما طفت ناره

____________________

(١) - مقتل الطالبيين لأبي الفرج الأَصفهاني. أبو الحسين زيد الشهيد للسيد محسن الأمين. شجرة طوبى للشيخ محمد مهدي الحائري.

(٢) - للمؤلف.

٣٦٢

لحرم او سادتي للنوم يلمتوسد التربان

وخلي ادموعي تجري ادموم لجلك يالرحت عطشان

حگي لو گضه صبري اوبگيت ابلوعة الأحزان

ماني الفاگد احبابي ابوي احسين وانصاره

(أبوذية)

جرى دمعي على الوجنه وشاله

الگلب يجري ولاتم بيه وشاله

على المحَّد دنه النعشه وشاله

گبل ما ترض صدره اخيول اميه

(تخميس)

أفاطم إن الوحيَ قد قام معوِلا

لرزءٍ به أبكى السماءَ وزلزلا

اتدرين ماذا قد دهاكِ بكربلا

أفاطمُ لو خلتِ الحسينَ مجدلا

وقد مات عطشانا بشط فرات

(تخميس)

ومن جسمه الأعداءُ تسلب بردَه

وفيها جنت لم ترع في السبط جدَّه

فو الله لو شاهدتِ في التربِ خدَّه

إذاً للطمت الخدَ فاطمُ عندَه

وأجريت دمع العين في الوجنات

٣٦٣

٣٦٤

الشهيد

يحيى بن زيد

(رض)

٣٦٥

٣٦٦

الشهيد يحيى بن زيد

(رضوان الله عليه)

القصيدة: لشاعر أهل البيت دعبل بن علي الخزاعي

أفاطمُ قومي يا ابنةَ الخيرِ واندبي

نجومَ سماواتٍ بأرضِ فلاة

قبور بكوفانٍ وأخرى بطَيبةٍ

وأخرى بفخٍّ نالها صلواتي

وأخرى بأرض الجوزجانِ(١) محلُّها

وقبرٌ بباخمرا لدى الغربات

وقبر ببغدادٍ لنفسٍ زكيةٍ

تضمنّها الرحمنُ بالغرفات

وقبر بطوسٍ يالها من مصيبةٍ

ألحَّتْ على الأحشاء بالزفرات

إلى الحشر حتى يبعثَ اللهُ قائما

يُفرِّج عنا الَهمَّ والكربات

قبور بجنب النهر من أرض كربلا

معرَّسُهم فيها بشطِّ فرات

توفوا عطاشا بالعراء فليتني

توفيتُ فيهم قبل حين وفاتي

رزايا أرتنا خُضرةَ الأفقِ حمرةً

وردَّت أُجاجا طعمَ كلِّ فرات

____________________

(١) - جُوزجان: كورة واسعة من كور بلخ بخراسان وبها قتل يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام وفتح الجوزجان عنوة في سنة ٣٣ه. معجم البلدان ج٣، ص١٨٢ الياقوت الحموي.

٣٦٧

بنفسيَ أنتمْ من كهول وفتية

لفكِّ عُناةٍ أو لحملِ دِيات

إلى الله أشكو لوعةً عند ذكرِهم

سقتني بكأسِ الثُكل والفَضُعات

سأبكيهمُ ما حجَّ لله راكبٌ

وما ناح قُمريٌّ على الشجرات(١)

(مجردات)

خلصوا چتل منهم او منهم

بالسم گضوا ويلي عليهم

واهل المطامع شتّتهم

بالغرب عن اديار اهلهم

واهل الخيانه من حسدهم

بالطف سعوا ويلي ابچتلهم

والنار شبوها ابخيمهم

او بالخيل رضوا كل جثثهم

او حتى الطفل مرمي ابسهمهم

او للشام مشوهن حرمهم

واشعطل ابن الحسن عنهم

ما ينهض او يطلب ابدمهم

الشهيد يحيى بن زيد بن الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام

لقد نقل المؤرخون: أن زيداً وهو كرب الموت قال: ادعوا لي ابني يحيى فلما دعي له ودخل جمع يحيى قميصه في كمه وجعل بمسح ذلك الكرب عن وجهه وقال: أبشر يا ابن رسول الله فإنك تقدم على رسول الله وعلي والحسن والحسين وخديجة وفاطمة (عليهم‌السلام ) وهم عنك راضون قال: صدقت يا بني فما في نفسك؟ قال: أن أجاهد القوم والله إلا أن لا أجد أحدا يعينني قال: نعم يا بني جاهدهم فوالله إنك على الحق وإنهم لعلى الباطل وأن

____________________

(١) - الدر النضيد في مراثي السبط الشهيد لمحسن الأمين.

٣٦٨

قتلاك في الجنة وقتلاهم في النار.

فانطلق يحيى فأعلنها حربا على أعداء الله ولامه عشرة من أصحاب أبيه وراح أعداؤه يبحثون عنه في الكوفة والمدائن فلم يجدوا له أثرا لأنه ترك العراق وتوجه إلى بلاد إيران مع جماعة من أصحابه حتى حصلت بينه وبين نصر بن سيار معركة في الجوزجان بقي الفريقان يتقاتلان ثلاثة أيام بلياليها أشد القتل حتى قتل أصحاب يحيى جميعهم وأتت إليه نشابة في جبهته فخر إلى الأرض صريعا فجاؤوا إليه واحتزوا راسه وسلبوه ملابسه - كجده الحسينعليه‌السلام - وصلب يحيى (رض) على باب مدينة الجوزجان وبعث برأسه إلى الوليد (في الشام) ثم بعث الوليد برأسه إلى المدينة فجعل في حجر أمه (ريطة) بنت أبي هاشم بن محمد بن الحنفية فنظرت إليه وهو ابن العشرين عاما، ووجهه كفلقة قمر وقالت: شردتموه عني طويلا وأهديتموه إليّ قتيلا(١) .

____________________

(١) - مقاتل الطالبين للأصفهاني. شجرة طوبى للحائري. أقول: وكان مصرعه سنة ١٢٥ ه، قال في مقاتل الطالبيين: قال جعفر الأحمر: رأيت أحمر يحيي بن زيد مصلوبا على باب الجوزجان... فلم يزل مصلوبا حتى إذا جاءت المسودة - العباسيون- فأنزلوه وغسلوه وكفنوه وحنطوه ثم دفنوه وأراد أبو مسلم أن يتبع قتله يحيي بن زيد فقيل له: عليك بالديوان - السجل الذي دونت فيه أسماء الذين شاركوا في القتال ضد يحيي- فوضعه بين يديه وكان إذا مرّ به رجل ممن أعان على يحيى قتله حتى لم يدع أحدا قدر عليه ممن شهد قتله.(ص١٠٨)

ومن شدة حب أصحاب تلك الديار لعترة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما ذكره في المقاتل أيضا قال: لما أطلق يحيى - و كان اعتقل في بادئ أمره عند نصر بن سيار - وفك حديده وصار جماعة من مياسير الشيعة إلى الحداد الذي فك قيده من رجله فسألوه أن يبيعهم إياه وتنافسوا فيه وتزايدوا=

٣٦٩

ساعد الله قلبها ولا أعلم مصاباً أعظم من هذا المصاب إلا ما جرى لأم علي الأكبر التي نظرت إلى جثته مقطعا إربا أربا ونظرت إلى رأسه محمولا على السنان.

قيل أن ليلى جلست يوم الحادي عشر من المحرم عند جسد ولدها علي الأكبر لتودعه فبينما هي جالسة تبكي عند جسده وإذا بمنقذ العبدي يضربها بالسياط حتى غشي عليها من كثرة الضرب وكأني بها تخاطب ولدها.

(مجردات)

جيت ارد اودعك وامشي يبني

واسياط عدوانك ولتني

كل هاي يبني اولا تهمني

لاچن الهد حيلي او كتلني

امصابك او طبراتك هذنِّي

لا تغض يبني الشوف عني

يا ما ضحك سنك ابسني

او بديار غربه لا تذبني

ثم أخذوها قسرا وأبعدوها عن جسده وأركبوها على الناقة ولسان حالها

____________________

حتى بلغ عشرين ألف درهم فخاف - الحداد - ان يشيع خبره فيؤخذ منه المال فقال لهم: اجمعوا ثمنه بينكم فرضوا بذلك وأعطوه المال فقطعه قطعة قطعة وقسمه بينهم فاتخذوا منه فصوصا للخواتيم يتركبون بها.(ص١٠٥)

وفي أمه ريطة بنت أبي هاشم بن عبد الله بن محمد ابن حنفية يقول أبو ثميلة:

فلعل راحم أم موسى والذي

نجّاه من لججٍ خِضَمٍّ مُزبِدِ

سيسر ريطة بعد حزن فؤادها

يحيى ويحيى في الكتائب يرتدي

(المقاتل ص ١٠٣)

٣٧٠

يقول:

(مجردات)

من عله الناگه ابني ارد اودعه

يالحادي لا تمشي ابسرعه

بلكن عَلِيْ يحچي واسمعه

ويگوم وينشف الدمعه

(أبوذية)

امصابك ما جره مثله ولا ادها

او ردتك بالحرب تمشي ولا ادها

يبني الوالده تنخى ولدها

الحمل لو طاح منها اعله الوطيه

أما ليلى أم علي الأكبر بعد رجوعها إلى المدينة، فهي كما ذكرت بعض المصادر عن رجل يقول: كنت أتمشى في أزقة المدينة بعد واقعة الطف وإذا بي أسمع حنينا وأنينا لامرأة ينبعث من احدى الدور، فسألت: من تكون هذه المرأة؟ فقيل لي: إنها أم علي الأكبر بن الحسين بن علي (عليهم‌السلام )، هذا دأبها منذ قتل ولدها، تبكي عليه ليلا ونهارا، ولسان حالها:

(مجردات)

فگد الولد شتت احوالي

او من يومه سهرانه الليالي

ما حسبت بالبين تالي

أبگه وحيده ابغير والي

***

لهفي على ذاك المحيا معفرا

ولهفي على تلك الخدود النواعم

٣٧١

٣٧٢

عيسى

بن زيد الشهيد

(رض)

٣٧٣

٣٧٤

عيسى بن زيد الشهيد

(رضوان الله عليه)

القصيدة: للسيد مهدي الأعرجي

أَربُعٌ قضيت فيها زمانا

بين شمسِ الطُلا وبدرِ التمامِ

حيث كانت فيها الليالي أيا

ما فعادت ليالياً أيامي

فكأنَّ الزمانَ يطلُب ثأرا

بيَ إذ لم يكن يُراعي ذمامي

خانني وهو لا يزال خئونا

مثلَ ما خال آلَ خيرِ الأنام

فقضوا بين من تعمَّم بالسيـ

ـف بمحرابه بشهرِ الصيام

وقتيلٍ سقته جعدةُ سما

فأذاقته فيه كأسَ الحِمام

وصريعٍ قد صار للبيض نَهبا

وسهاما لِواردات السهام

وشريدٍ يطوي الفيافي غريبا

مختفٍ في الكهوفِ والآجام

يَتحرَّى الأحياءَ كيما يواري

شخصَه عن بني الخَنا واللئام

(فائزي)

منهم ابسامرا او منهم في خراسان

او منهم برض طيبه او منهم برض كوفان

٣٧٥

واعظم مصيبه امصيبة المذبوح عطشان

يحسين وين اللي يواسيني على احسين

لا تحسبوني للرضا في طوس ما جيت

ولا إلى بغداد مارحت او تعنيت

كلهم عليهم نوَّحت والدمعي هليت

واعظم مصاب امصاب محزوز الوريدين

(مجردات) (١)

من فاطم العبره جريه

واتصيح دهري اشعمل بيه

واشّفت من الغاضريه

اوليدي ترضّه الأعوجيه

والراس للطاغي هديه

او زينب يمشّوها سبيه

عيسى بن زيد ابن الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام

لقد توارى هذا العبد الصالح في الأحياء مخفيا نفسه عن عيون السلطة العباسية، لذلك لاشتراكه في بعض الثورات الحسنية التي قامت آنذاك وأجهضت. وكان عيسى (رض) كما يقول الأصفهاني في المقاتل أفضل من بقي من أهله دينا وعلماوورعا وزهدا وتقشفا وأشدهم بصيرة في أمره ومذهبه مع علم كثير ورواية للحديث. لقد هرب عيسى من المهدي العابسي واختبأ في الكوفة في دار أحد الشيعة وهو علي بن صالح ثم رأى أن يتخذ

____________________

(١) - للمؤلف.

٣٧٦

عملا يعتاش منه ولا يكون كلَّا على أحد وكان أهل الكوفة ينقلون الماء من الفرات إلى بيوتهم على الجمال وسائر الحيوانات فاتفق عيسى مع صاحب جمل على أن يسقي الماء على الجمل ويدفع له كل يوم أجرا معينا ويتقوت هو بما يبقى وهكذا بقي أمدا طويلا وهو متنكر وتزوج امرأة من فقراء الكوفة ولا تعرف عن زوجها شيئا، من هو؟ ولا تعرف من هم أهله.

وكان لعيسى أخ اسمه الحسين - ذو الدمعة - وله ولد يدعى يحيى فقال يحيى يوما لأبيه: إني أشتهي أن أرى عمي عيسى فإنه يقبح بمثلي أن لا يرى مثله من أشياخه فقال له: إن هذا الأمر يثقل عليه وأخشى أن ينتقل من منزله كراهية للقائك فتزعجه فمازال يحيى يلح على أبيه حتى طابت نفسه وقال له: اذهب إلى الكوفة فإذا بلغتها فسل عن دور بني حي وهناك سكة تسمى باسمهم وسترى دارا لها باب صفته كذا وكذا فاجلس بعيدا منها فإنه سيقبل عند المغرب كهل طويل مسنون الوجه قد أثر السجود في جبهته عليه جبة صوف يسقي الماء على جمل لا يضع قدما ولا يرفعها إلا ذكر الله ودموعه تنحدر فقم وسلم عليه وعانقه فإنه سيذعر منك كما يذعر الوحش فعرفه نفسك وانتسب له فإنه يسكن إليك ويحدثك طويلا ويسألك عنّا جميعا ويخبرك بشأنه ولا يضجر بجلوسك معه ولا تظل عليه وودعه فإنه سوف يستعفيك من العودة إليه فافعل ما يأمرك به من ذلك فإنك إن عدت إليه تواري عنك واستوحش منك وانتقل من موضعه وعليه في ذلك مشقة.

قال يحيى: أفعل كما أمرتني ثم جهزني إلى الكوفة وودعته وخرجت فلما وردت الكوفة قصدت سكة بني حي بعد العصر فجلست خارجها بعد أن

٣٧٧

تعرفت الباب الذي نعته لي فلما غربت الشمس إذا أنا به قد أقبل يسوق الجمل وهو كما وصف لي أبي لا يرفع قدما ولا يضعها إلا حرَّك شفتيه بذكر الله ودموعه تترقرق من عينيه وتذرف أحيانا فقمت وعانقته فذعر مني كما يذعر الوحش من الإنس فقلت: يا عم أنا يحيى بن الحسين بن زيد ابن أخيك فضمني إليه وبكى حتى قلت قد جادت نفسه ثم أناخ جمله وجلس معي فجعل يسألني عن أهله رجلا رجلا وامرأة امرأة وصبيا صبيا وأنا أشرح له أخبارهم وهو يبكي ثم قال: يا بني أنا أستقي على هذا الجمل الماء فاصرف ما اكتسب إلى صاحبه وأتقوت باقيهِ وربما عاقني عائق عن استقاء الماء فأخرج اليى البرية (يعني بظهر الكوفة) فألتقط ما يرمي الناس من البقول فأتقوته.

وقد تزوجتُ ابنة رجل وهو لا يعلم من أنا إلى وقتي هذا فولدت مني بنتا فنشأت وبلغت وهي أيضا لا تعرفني ولا تدري من أنا فقالت لي أمها: زوِّج ابنتك بابن فلان السقاء فإنه أيسر منا وقد خطبها وألحت عليّ فلم أقدر على إخبارها بأن ذلك غير جائز(٢) ولا هو بكفء لها فيشيع خبري فجعلت تلح عليّ فلم أزل استكفي الله أمرها حتى ماتت بعد أيام فما أجدني آسى على شيء من الدنيا أساي علىّ أنها ماتت ولم تعلم بموضعها من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قال: ثم أقسم عليّ أن أنصرف ولا أعود إليه وودعني فلما كان بعد ذلك صرت إلى الموضع الذي انتظرته فيه لأراه فلم أره وكان آخر عهدي به.

____________________

(١) - يبدو من خلال هذه الرواية أن رأي عيسى الفقهي هو عدم جواز تزويج العلوية من غير العلوي إذا لم يكن يعلم بنسبها وهذا رأي لم يقل به أحد من الفقهاء حسب علمنا.

٣٧٨

وبقي عيسى (رض) متواريا حتى وافته المنية أيام المهدي العباسي في الكوفة تاركا وراءه طفلين هما أحمد وزيد حملهما إلى المهدي رجل من أصحاب أبيهما يقال له: ابن علاق الصيرفي ليأخذ لهما الأمان من السلطان فدخل على المهدي وقال: عظم الله أجرك يا أمير المؤمنين في ابن عمك عيسى فقال له: ويحك ما تقول؟ قال: الحق والله أقول فقال ومتى مات؟ فعرَّفه فقال له: لئن كنت صادقا لأحسنن صلتك ولأوطئن الرجال عقبك قال: ليس هذا قصدت قال فسلني حاجتك قال: ولده تحفظهم فوالله مالهم من قليل ولا كثير فأتاه أحمد وزيد إبنا عيسى فنظر إليهما وأجرى لها أرزاقا ومضيا بإذنه إلى المدينة(١) .

أقول: كيف حال العلويات لما عاد إليهن ولدا عيسى، أحمد وزيد يتيمين، يا ساعد الله تلك العلويات لما سمعن بوفاة عيسى بن زيد بعد تلك الغيبة الطويلة وبطبيعة الحال ارتفع الصراخ والبكاء من دور الهاشميين ولكن الخطب يهون إذا علمنا أن الشيعة في الكوفة قاموا إلى عيسى فغسلوه وكفنوه وصلوا عليه ثم واروه الثرى:

لم يبقَ ثاوٍ بالعراء كجدِّه

دامٍ تغسله دماءُ وريد

ويقول آخر:

ثاوٍ قطيعَ محياً عاريا نُسجت

أكفانُه من ثرى أيدي الأعاصيرِ

قد غسَّلته الضُبا من دمّ منحرِه

وقلَّبت جسمَه أيدي المحاضير

____________________

(١) - المقاتل لأبي الفرج الاصفهاني. الشيعة والحاكمون للشيخ محمد جواد مغنيه.

٣٧٩

صلت عليه رماحُ القومِ ساجدةً

وفي هَويّ المواضي صوتُ تكبير

ورأسُه فوق رأسِ الرمحِ مرتفعٌ

بنوره قد جلا غَسقَ الدياجير

وكأني بزينبعليها‌السلام :

(مجردات)

نايم اخوي اشلون نومه

او حر الشمس غيّر ارسومه

او عگب الذبح سلبوا اهدومه

والغسل صارت له ادمومه

(أبوذية)

لون بيدي اطر گبرك وسكنه

واضمد جرحك اليسعر وسكنه

يبو السجاد آنه اختك وسكنه

عليك ادموعنه انصبها سويه

(أبوذية)

يعمه افراگ ابوي احسين چاوين

يا سكنه لون بيه روح چاوين

يعمه جدّموا هلنوگ چاوين

او يساره نطب ديوان اميه

(تخميس)

كم دافعتْه وضربُ السوطِ لوّعها

وللرحيل منادي القومِ أفزعَها

فمن بعيدٍ بلحظِ الطَرفِ ودعها

ففارقته ولكن رأس معها

وغاب عنها ولكن قلبُها معهُ

٣٨٠

الحسين

بن علي صاحب فخ

(رض)

٣٨١

٣٨٢

الحسين بن علي صاحب فخ (رضوان الله عليه)

القصيدة: لشاعر أهل البيت الأمير أبي الفراس الحمداني

٣٨٣

٣٨٤

الحسين بن علي صاحب فخ

(رضوان الله عليه)

القصيدة: لشاعر أهل البيت الأمير أبي الفراس الحمداني

يا للرجالِ أما للهِ منتصرٌ

من الطغاة أما لله منتقمُ

بنو علي رَعايا في ديارهمُ

والأمرُ تملكه النسوانُ والخدم

قام النبيُّ بها يومَ الغديرِ لهم

واللهُ يشهد والأملاكُ والأمم

ثم ادعاها بنو العباسِ ملكَهمُ

وما لهم قَدمٌ فيها ولا قِدم

لا بيعةٌ ردعتكم عن دمائِهمُ

ولا يمينٌ ولا قربى ولا ذِمَم

هلا صفحتم عن الأسرى بلا سببٍ

للصافحين ببدرٍ عن أسيرِكُمُ

هلا كففتم عن الديباجِ سوطَكمُ

وعن بناتِ رسولِ اللهِ شتمكمُ

ما نال منهم بنو حرب وإن عظُمتْ

تلك الجرائمُ إلا دونَ نيلِكمُ

أأنتمُ آلُه فيما ترون وفي

أظفاركم من بنيه الطاهرين دم(١)

ويقول آخر في رثاء الشهداء من آل الحسن بن علي بن أبي طالب وعلى راسهم صاحب فخ (عليه الرضوان).

يا عينُ إبكي بدمعٍ منكِ منهتنِ

فقد رأيتِ الذي لاقى بنو حسنِ

____________________

(١) - أعيان الشيعة ج١٨، ص٥٧.

٣٨٥

صرعى بفخٍّ تُجرُّ الريحُ فوقَهمُ

أذيالَها وغوادي الدُلّمِ المـُزُن

ماذا يقولون إن قال النبي لهم

ماذا صنعتم بنا في سالف الزمن

(هجري)

يا بني العباس شلكم دين عالهادي او طلب

كل فردمنكم على اهله جذبصمصام الغضب

انسيتوا فعل الهادي جدهم ويلي ابغزوة بدر

يوم اجه العباس جدكم جايبينه اويه الكفر

ما هجع ذيك المسيه حته فكَّه من اليسر

اوآمن منالخوف گلبه اوسكن روعه من الرهب

هي من عدكم جزايه اخلاف عينه ابعترته

ما تركتم شمل الهم إلا شركم شتته

والذي تولوه منهم گطع السم چبدته

او منهم الينچتل صاير والذي منهم هرب

نعم لقد تبجح خصوم آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأفعالهم الشنيعة ضد العترة الطاهرة ورحم الله ذلك الشاعر الذي يصور هذا المعنى:

(تخميس)

كم بيوم الطفوف قلباً أرعنا

ولحقدٍ كم مبسم قد قرعنا

لا عماداً تؤمليه تركنا

لك بيت عالي البناء هدمنا

وحزنا خفافه والثقالا

٣٨٦

مصرع الحسين بن علي صاحب فخ (رض)

هو الحسين بن علي بن الحسن المثلث بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام وأمه زينب بنت عبد الله بن الحسن. كان الحسين رجلا جليلا عظيما عالما فاضلا كريما سخيا جم الفضائل عظيم المناقب.

والحسين ممن بكاه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل شهادته فقد ذكر الإمام الباقرعليه‌السلام أن النبي مرَّ بفخ فنزل وصلى ركعة فلما صلى الثانية بكى وهو في الصلاة فلما رأى الناس النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يبكي بكوا، فلما انصرف قال: ما يبكيكم؟ قالوا: لما رأيناك تبكي بكينا يا رسول الله قال: نزل علي جبرئيل لما صليت الركعة الأولى فقال: يا محمد إن رجلا من ولدك يقتل في هذا المكان وأجر الشهيد معه أجر شهيدين.

وهكذا الإمام الصادقعليه‌السلام لما مر بهذه الأرض صلى وهو في طريقه إلى مكة، فسئل: أهذه الصلاة من مناسك الحج؟ قال: لا ولكن يقتل هاهنا رجل من أهل بيتي في عصابة تسبق أرواحهم أجسادهم إلى الجنة.

لقد تعرض الحسين وسائر أولاد فاطمةعليها‌السلام لاسيما أبناء الحسنعليه‌السلام إلى ضغط شديد من قبل سلطة بني العباس الجائرة التي أدخلتهم السجون الرهيبة ووضعتهم في الاسطوانات وهم أحياء واستهانت ونكلت بهم ما دعى أبناء فاطمةعليها‌السلام لإعلان الثورة متى تهيأت ظروفها لهم، معبرين بذلك عن إبائهم للضيم وسخطهم على السلطة الظالمة وما بطل فخ إلا واحد من ثوار هذه الأسرة النبيلة فقد انتفض على حكم موسى الهادي.

٣٨٧

وجاء هذا المجاهد الكبير يستشير الإمام موسى بن جعفر في إعلان الثورة فحثه الإمام على الاستماتة عندما قال له: إنك مقتول فأحدِّ الضراب فإن القوم فساق يظهرون إيمانا ويضمرون نفاقا وكفرا فإنا لله وإنا إليه راجعون وعند الله احتسبكم من عصبة.

ولما بايعه الناس خرج قاصدا مكة وقد احتف به أهل بيته وأصحابه وعددهم زهاء ثلاثمائة رجل حتى وصل إلى فخ فعسكر فيه ولحقته الجيوش العباسية بقيادة العباس بن محمد وموسى بن عيسى فحملت جيوش البغي والضلال على تلك القلة المؤمنة وبعد صراع رهيب قتل الحسين (رض) بسهم غادر رماه به حماد التركي واستشهد أكثر أصحاب الحسين وقطعوا رؤوسهم وحملوها مع الأسرى إلى الخليفة العباسي في بغداد وتركوا جسد الحسين وأجساد أصحابه مجزَّرة كالأضاحي بلا غسل ولا كفن كما ترك ابن سعد جسد الحسينعليه‌السلام وأجساد أصحابه في كربلاء.

ولما وصل خبر الفاجعة إلى الإمام الكاظم قالعليه‌السلام كلمتين الأولى: لم يكن لنا بعد الطف مصرع أعظم من فخ.

والثانية، قالعليه‌السلام ناعيا الحسين: إنا لله وإنا إليه راجعون مضى والله مسلما صالحاً قواماً صواماً آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ما كان في أهل بيته مثله.

وبعد هذه الفاجعة أوعزت السلطة إلى واليها على المدينة أن يضيق على العلويين وأن ينكل بهم ويجتهد في إيذائهم.

٣٨٨

فعمد الوالي إلى دار الحسين ودور أهله فأحرقها ونهب أموالهم اقتداءاً بمن حاولوا أحراق دار علي وفاطمة وبمن أحرق خيام الحسينعليه‌السلام في يوم عاشوراء(١) .

نعم هذه المآسي هي من وجوه الشبه بين فخ وكربلاء وهناك شبه آخر بين زينب أم الحسين شهيد فخ زينب أخت الحسينعليه‌السلام شهيد كربلاء، فزينب أم الحسين قتل أبناؤها وزينب أخت الحسين قتل لها ولد أو أكثر مع الحسين وزينب أم الحسين فقدت أخوتها وزينب الكبرىعليه‌السلام فقدت أخوتها أيضا يوم عاشوراء وكذلك بقيت زينب أم الحسين تبكي على ولدها وأخوتها حتى كان يغشى عليها وكذلك كانت سيدتنا زينب بنت أمير المؤمنين.

شأنُها النوحُ ليس تهدأ آنا

عن بكاً في العشيِّ والإِبكارِ

حتى قيل: إن سبب وفاتها أنها ذكرت مصائب الحسين فأصيبت بعلة وماتت منها ولسان حالها:

(بحر طويل)

طحت يحسين بالحومه اوخيمتنه عمدها طاح

اوعگبك ما نشف دمعي ولا گلبي رضه يرتاح

ما يرضه الگلب يهدأ ولا ترضه العيون اتنام

او طيفك ما يفارگني ولا تنسيني الأيام

وحشه تاكل ابروحي اودمع ما ينگطع سجّام

ونين اهلك يذوبني اويهدني امن الايتام اصياح

____________________

(١) - المقاتل للأصفهاني. حياة الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام للقرشي. شجرة طوبى للحائري.

٣٨٩

عمر ما فارگيتك بيه واذكر يوم واحنه ازغار

من حضن أمي الزهره الجوانح حيدر الكرار

عيني اتبحَّر ابوجهك اوگلبي اوياك ليل انهار

بسماتك ابعيني نوراوصوتك بالسمع صداح

انكان اتريدني انسه وبطل النوح وونيني

اخذ ذكراك من گلبي وخذ صورتك من عيني

ايام الكنت وياك اناغيك او تناغيني

اشبيدي عايشه وياي من ذيك الأيام اشباح

يا ثغر الرضعت اوياه الخوه من ثدايه امي

اويا وجه العله ملگاه يزول او ينجلي همي

اويا جسم الذي برداه ريحة والدي او عمي

اويا عشرة عمر راحت بعدها الفرح كله راح

(تخميس)

أأخيَّ يا روحَ النبيِّ المصطفى

بركانُ حزِنك في فؤادي ما انطفى

يا من عظمتَ بكل حالاتِ الوفى

أأخيَّ ما عودتني منك الجفا

فعلام تجفوني وتجفو من معي

٣٩٠

القاسم

ابن الإمام موسى الكاظم

عليه‌السلام

٣٩١

٣٩٢

القاسم ابن الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام

القصيدة: للشيخ قاسم محيي الدين النجفي ت: ١٣٧٦ه

٣٩٣

٣٩٤

القاسم ابن الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام

القصيدة: للشيخ قاسم محيي الدين النجفي

ت: ١٣٧٦ه

وانصاع من خوف العدى متخفيا

ومن الرزايا كاد أن لا ينهضا

إذ لم يجد لهفي له من خائف

إلا عدوَّا طالبا او مبغضا

حتى أتى حيا بباخمرا فلم

يبرح به مستخدَما حتى قضى

لم يعرفوه من سلالة أحمدٍ

والطهرِ فاطمَ والوصيِّ المرتضى

لكنما أوصى وأعلن أنه

فرعُ النبيِّ محمدٍ لمـّا قضى

فغدَوا له ما بين باكٍ حسرةً

ومكابدٍ لنواه وجدا مُبهِضا

فيحقُّ أن تُجري الدموعُ دما لمن

في فقده قلبُ البتولةِ اُمرضا

خطب بكاه المصطفى ووصيُّه

وأساء فادحُ رزئِه صَرفُ القضا

لم أنس طفلتَه وقد ناحت له

حرَّ الفؤادِ من الشجا لن تَغمضا

تدعوه من ليتيمةٍ غادرتَها

تطوي الضلوعَ بمثل صاليةِ الغضا

وأتوا بها تنحو مدينةَ جدِّها

حتى أتت دارا سَناها قد أضا

وببابها وقفت ونادت حسرةً

يا جدُّ قد ضاقت بنا سعة الفضا

فخرجن رباتُ الحجالِ بأدمُعٍ

منهلّةٍ تحكي الحيا إنْ أومضا

٣٩٥

فتوسمت فيها شمائلَ قاسمٍ

واستشعرت منها المصابَ الممرضا

حتى إذا بلغ النعيُّ لأمِّه

وقعت ومن أسر الردى لن تنهضا(١)

(مجردات)

من جابها جدها الْمعنها

ما تدري غير النوح فنها

من سمعن اهل البيت منها

نوح او بچه طلعن خذنها

وگفن يمها ايناشدنها

والعين تجري الزغر سنها

صاحت او ناحت واعرفنها

ابنية القاسم ما انكرنها

او حين الاجن لمهه لگنها

متوجله يمها او گفنها

او من شافت ارسوم الابنها

واليتم لايح بيها چنها

أيّست منه او خاب ظنها

وگعت او ماتت من حزنها

القاسم ابن الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام

القاسم فرع زاك من فروع الإمامة ونفحة قدسية من نفحات النبوة وحيد عصره في تقواه وصلاحه هكذا وصفه البعض لذلك كان الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام يكنَّ في نفسه أعظم الحب والود لولده القاسم وقد قال فيه: لو كان الأمر لي لجلعته في القاسم ابني لحبي ورأفتي عليه ولكن ذلك إلى الله تعالى.

لقد تعرض هذا العبد الصالح إلى أشد أنواع المحنة والأذى من قبل الطاغية

____________________

(١) - شعراء الغري ترجمة الشاعر.

٣٩٦

هارون العباسي الذي جعل يقطع الأيدي من أولاد فاطمة ويسمل في الأعين ويبني منهم في الاسطوانات حتى شردهم في البلدان ومن بينهم القاسم ابن الإمام باب الحوائجعليه‌السلام الذي خرج متواريا عن الأنظار يسير على شاطئ الفرات حتى وصل إلى (سورى) وكان متعبا فجلس ليستريح واذا هو ببنتين تلعبان في التراب إحداهما تقول للأخرى: لا وحق الأمر صاحب بيعة الغدير ما كان الأمر كذا وكذا وتعتذر من الأخرى فلما رأى عذوبة منطقها قال لها: من تعنين بهذا الكلام: قالت: أعني الضارب بالسيفين والطاعن بالرمحين أبا الحسن والحسين علي بن أبي طالبعليه‌السلام . قال لها: يا بنية هل لك أن تدليني إلى رئيس هذا الحي؟ قالت: نعم إن أبي هو كبيرهم فمشت ومشى القاسم خلفها حتى أتت إلى بيتهم فاستقبلوه بالحفاوة والتكريم فبقي القاسم ثلاثة أيام في بيتهم فلما كان اليوم الرابع دنى القاسم من الشيخ وقال له: يا شيخ إني سمعت ممن سمع من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن الضيف ثلاثة أيام وما زاد على ذلك فإنه يأكل صدقة وإني أكره أن آكل الصدقة. وأريد أن تختار لي عملا، فقال الشيخ: بني إن أعمالنا شاقة فلعلك لا تقوى عليها، فقال له القاسم: اجعلني أسقي الماء في مجلسك، فأذن له الشيخ بسقي الماء، فبقي القاسم على هذه الحال يأتي إلى الفرات فيملأ وعاءه ويعود به إلى كيزان مجلس الشيخ وكان كل مرة يقف على الفرات يقلب الماء بأنامله فيتذكر ما جرى لأجداده من العطش وهم إلى جنب الفرات، وكأني به يخاطب ماء الفرات فيقول: يا ماء أنت الذي قتل عنك جدي الحسين ظمآنا.

أيُقتل ظمآنا حسينُ بكربلا

وفي كل عضو من أنامله بحرُ

٣٩٧

ووالدهُ الساقي على الحوض في غدٍ

وفاطمةُ ماءُ الفراتِ لها مهرُ

(مجردات)

يماي الفرات اشكان عذرك

يموت السبط ظامي ابكترك

لو تستحي ما فاض نهرك

بعد ذلك يعود بالماء. بقي على هذه الحالة فأحبه الناس حبا شديدا وكانوا يسمونه العبد الصالح وفي ذات ليلة خرج الشيخ في نصف الليل فرأى القاسم صافا قدميه يركع ويسجد فعظم في نفسه وقذف الله حب القاسم في قلب الشيخ فلما أصبح الصباح قال لعشيرته: أريد أن أزوج ابنتي من هذا العبد الصالح فما تقولون؟ قالوا: نعم ما رأيت فزوجه من ابنته ولم يعرف حسبه ونسبه فلما دخل على زوجته قالت له: يا ابن العم إن النساء يعيرنني ويقلن لي لقد تزوجتي رجلا لا تعرفين حسبه ولا نسبه فهلا أخبرتني من أنت ومن أبوك ومن أي بلد وعشيرة أنت؟ فدمعت عينا القاسم وقال: لا والله لا أخبرك بشيء من ذلك دعوني رجلا غريبا بين أظهركم. فبقي عندهم مدة من الزمن حتى رزقه الله بنتا وصار لها من العمر ثلاث سنين ومرض القاسم مرضا شديدا حتى دنى أجله وتصرمت أيامه جلس الشيخ عند رأسه يسأله عن نسبه فقال: يا عم لا تعجل لقد آن الأوان لأخبرك بحسبي ونسبي فأنا القاسم بن موسى بن جعفر.

(أبوذية)

على افراش المنيه من تدارك

ضوه حينه يعمي منته دارك

اشلون الدهر فرَّگ منته دارك

ابوك الكاظم او تخفي عليه

٣٩٨

(أبوذية)

على القاسم اهلال الحزن هل وين

وخلي اعليه طول الدهر هلوين

انشدك يا غريب الدار هلوين

يعمي ليش تخفي اسمك عليه

فجعل الشيخ يبكي ويلطم على رأسه وهو يقول وا حيائي من أبيك موسى بن جعفرعليه‌السلام سيدي عشت بيننا ذليلا وأنت أعز الناس فقال له: لا بأس عليك يا عم إنك أكرمتني وإنك معنا في الجنة ياعم فإذا أنا مت فغسلني وحنطني وكفني وادفني وإذا صار موسم الحج أنت ستحج وابنتك - زوجتي - وابنتي هذه فإذا فرغت من مناسك الحج اجعل طريقك على المدينة فإذا أتيت باب المدينة أسأل عن محلة بني هاشم وأنزل ابنتي على باب دار عالية فتلك الدار دارنا فتدخل البنت وليس فيها إلا نساء وكلهن أرامل.

(مجردات)

يبني يگله وين اهلها

يگله اتعرف سيد رسلها

انه ضنوة الزهره او نجلها

القاسم وبن موسى نسلها

بچه او ناح وابلوم او رجلها

جره السوم واجدادك شگلها

يگلها ابعجل بنتي تصلها

او حين التصل طيبه او نزلها

اطلگها وهي ادلِّيك خلها

توجفها علعالي محلها

نسوان تلگه امن اراملها

واطفال تلگه ايتام كلها

تلگه كبيرة سن ابظلها

اهي الوالده بالله تصلها

تره ابنچ ابغربه مات گلها

٣٩٩

وبينما عمه عنده ووجوه العشيرة واذا بالقاسم قضى نحبه، فارتفعت الصيحة لفقده وقام عمه بتغسيله وتكفينه وتجهيزه ودفن حيث قبره الآن، يؤمه الزائرون من كل مكان.

قضى غريباً في ديار غربة

وأحرَّ قلبي للغريب مذ قضى

فلما صار وقت الحج حج هو وابنته وابنة القاسم فلما قضوا مناسكهم جعلوا طريقهم على المدينة فلما وصلوا إلى المدينة أنزلوا البنت عند تلك الدار العالية فدخلت وبقي هو وابنته واقفين خلف الباب وخرجت النساء إليها واجتمعن حولها وقلن لها من تكونين فلم تجب إلا بالبكاء والنحيب.

(أبوذية)

على القاسم ابليل الحزن بتنه

حرم واطفال حاوي اليوم بتنه

اظن هلواگفه اعله الباب بتنه

وابوها گضه ابدبره اجنبيه

فعند ذلك خرجت أم القاسم فلما نظرت إلى شمائلها جعلت تبكي وتنادي: وا ولداه، وا قاسماه، والله هذه يتيمة ولدي القاسم.

(أبوذية)

يطفله عوديتي امنين عوداچ

وشوفن ذابل من اليتم عوداچ

يبعد ارويحتي چاوين عوداچ

اتگلها جيب وحدي ابهلثنيه

فقالت النساء لأم القاسم: من أين عرفتِ أنها ابنة القاسم؟ قالت: نظرت إلى شمائلها فعرفتها لأنها تشبه شمائل ولدي القاسم ثم أدخل جدها وأمها إلى الدار وعلا الصراخ والبكاء فما بقيت أم القاسم إلا ثلاثة أيام ثم مالت لما

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460