مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف الجزء ٣

مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف0%

مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 545

مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: زهير ابن المرحوم الحاج علي الحكيم
تصنيف: الصفحات: 545
المشاهدات: 42937
تحميل: 2614


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 545 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 42937 / تحميل: 2614
الحجم الحجم الحجم
مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف

مقتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام من موروث أهل الخلاف الجزء 3

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

بكاءُ السّماوات على الإمام الحُسين (عليه‌السلام )

بكاءُ السّماء والأرض على الإمام الحُسين (عليه‌السلام )

١ - روى الحافظ أبو نعيم الإصبهاني، والسيوطي، وابن الدمشقي، والقندوزي، ومحبّ الدين الطبري، وابن الصبّاغ، والبدخشي، والشبلنجي، والآمرتسري، والنقشبندي، والهندي، وباكثير الحضرمي، واللنكهوئي، ومحمّد رضا، واللفظ للأوّل قال :

قال : حدّثنا محمّد بن عمر بن سليم، ثنا عليّ بن العبّاس، ثنا جعفر بن محمّد بن حُسين، ثنا حُسين العربي، عن ابن سلام، عن سعد بن ظريف، عن أصبغ بن نباتة، [ قال : أتينا مع عليٍّ (عليه‌السلام ) كربلاء فمررنا بموضع قبر الحُسين (عليه‌السلام )، فقال عليٌّ (عليه‌السلام ) ](١) : (( ها هنا مناخُ ركابهم وموضعُ رحالهم، ها هنا مهراقُ دمائهم ؛ فتيةٌ من آل محمّدٍ (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يقتلون بهذه العرصة تبكي عليهم السّماء والأرض ))(٢) .

____________________

(١) أثبتنا ما بين المعقوفتين من بعض المصادر الاُخرى ؛ حيث إنّ الإرباك الموجود في عبارة الأصل قد أخلَّ بوحدة السياق (موقع معهد الإمامين الحسنَين)

(٢) دلائل النبوة - أبي نعيم ٣ / ٢١١، الخصائص الكبرى - السيوطي ٢ / ١٢٦، جواهر المطالب في مناقب الإمام عليّ (عليه‌السلام ) - ابن الدمشقي ١ / ٢٦٣، ينابيع المودّة لذوي القربى - القندوزي ٣ / ١٣، ذخائر العقبى / ٩٧.

هذا ما وقفت عليه، وقد ذكره جماعة من القوم، منهم الحافظ أبو نعيم الإصبهاني في (دلائل النّبوة / ٥٠٩، ط حيدر آباد الدكن) إحقاق الحقِّ - السيّد المرعشي ٨ / ١٤٤، ومنهم العلّامه محبّ الدين الطبري في (الرياض النضرة ٢ / ٢٢، ط محمّد أمين الخانجي بمصر) إحقاق الحقِّ - السيّد المرعشي ٨ / ١٤٤، ومنهم العلّامه المذكور في (ذخائر العقبى / ٩٧، ط مكتبة القدس بمصر) إحقاق الحقِّ - السيّد المرعشي ٨ / ١٤٤،

١٠١

٢ - ذكرها القندوزي قال : وعن كثير بن شهاب الحارثي قال : بينا نحن جلوس عند عليّ (عليه‌السلام ) في الرّحبة إذ طلع الحُسين (عليه‌السلام ) قال : (( إنّ الله ذكر قوماً بقوله : فما بكت عليهم السّماءُ والأرضُ والذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة، ليقتلنَّ هذا، ولتبكينَّ عليه السّماء والأرض))(١) .

____________________

ومنهم العلّامه القندوزي في (ينابيع المودّة / ٢١٦، ط اسلامبول) إحقاق الحقِّ السيّد المرعشي ٨ / ١٤٥، ومنهم العلّامه المشهور بابن الصبّاغ في (الفصول المهمّة / ١٥٤، ط الغري) قال : روى الحافظ عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي في كتابه (معالم العترة الطاهرة) إحقاق الحقِّ - السيّد المرعشي ٨ / ١٤٤، ومنهم العلّامه البدخشي في (مفتاح النجا / ١٣٥ مخطوط) إحقاق الحقِّ - السيّد المرعشي ٨ / ١٤٤، ومنهم العلّامه الشبلنجي في (نور الأبصار / ١١٧، ط العامرة بمصر) إحقاق الحقِّ - السيّد المرعشي ٨ / ١٤٥، ومنهم العلّامه الآمرتسري في (أرجح المطالب / ٦٨٣، ط لاهور) إحقاق الحقِّ - السيّد المرعشي ٨ / ١٤٥، منهم العلّامه النقشبندي في (مناقب العشرة / ٢٧، من نسخة مكتبة الظاهرية بدمشق) إحقاق الحقِّ - السيّد المرعشي ١٧ / ٥٤٥ .، ومنهم العلّامه المولوي محمّد مبين الهندي في (وسيلة النجاة / ١٧١، ط لكنهو) إحقاق الحقِّ - السيّد المرعشي ١٧ / ٥٤٦، ومنهم العلّامه باكثير الحضرمي في (وسيلة المآل / ١٢٦، نسخة مكتبة الظاهرية بدمشق) إحقاق الحقِّ - السيّد المرعشي ١٧ / ٥٤٦، ومنهم العلّامه المولوي ولي الله اللكنهوئي في (مرآة المؤمنين في مناقب أهل بيت سيّد المرسلين / ٧٧، ط الهند) إحقاق الحقِّ - السيّد المرعشي ١٧ / ٥٤٦، ومنهم الفاضل المعاصر محمّد رضا في (الإمام عليّ بن أبي طالب (كرم الله وجهه) رابع الخلفاء الراشدين / ١٨، ط دار الكتب العلمية - بيروت) إحقاق الحقِّ - السيّد المرعشي ٣١ / ٤١٤.

(١) ينابيع المودّة لذوي القربى - القندوزي ٣ / ١٠١.

أقول : وكثير بن شهاب من قَتَلة الحُسين (عليه‌السلام )، وثّقه كثير من علماء أهل الخلاف، مثل : العجلي، وابن حبّان، تقدّم الكلام عنه في الفصل المتعلّق بقَتَلة الحُسين (عليه‌السلام ) من هذا الكتاب.

١٠٢

ما جاء في معنى بكاء السّماء

القرطبي : عن قرة بن خالد قال : ما بكت السّماء على أحد إلّا على يحيى بن زكريا والحُسين بن عليّ (عليهما‌السلام )، وحمرتها بكاؤها(١) .

الزّرندي الحنفي : وقال السّدي (رحمه‌الله ) : لمـَّا قُتل الحُسين (عليه‌السلام ) بكت السّماء، وبكاؤها حمرتها(٢) .

جلال الدين السّيوطي : ابن جرير، وابن المنذر، عن عطاء (رضي‌الله‌عنه ) قال : بكاءُ السّماء حُمرة أطرافها(٣) .

جلال الدين السّيوطي : وأخرج ابن أبي الدنيا، عن الحسن (عليه‌السلام ) قال : (( بكاءُ السّماء حمرتُها ))(٤) .

وقال سبط ابن الجوزي، والزّرندي الحنفي، واللفظ للأوّل قال : قال جدّي أبو الفرج في كتاب (التبصرة) : لمـَّا كان الغضبان يحمرُّ وجهه عند الغضب، فيستدلّ بذلك على غضبه، وأنّه أمارة السّخط والحقُّ سُبحانه وتعالى ليس بجسم، فأظهر تأثير عظمته على مَن قتل الحُسين (عليه‌السلام ) بحُمرة الاُفق ؛ وذلك دليلٌ على عظيم الجناية.

وذكر جدّي أيضاً في هذا الكتاب : ولمـَّا اُسِرَ العبّاس يوم بدر سمع رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )

____________________

(١) تفسير القرطبي ١٠ / ٢٢٠.

(٢) نظم درر السمطين / ٢٢٢، تفسير القرطبي ١٦ / ١٤١، ذخائر العقبى / ١٤٥، عن ابن السّري، عن اُمّ سلمة (رضوان الله عليها).

(٣) تفسير الدر المنثور - السّيوطي ٦ / ٣١، و ٤ / ١٦٤، وفي ط ٥ / ٧٤٩.

(٤) تفسير الدر المنثور - السّيوطي ٦ / ٣١، وفي ط ٥ / ٧٤٩.

١٠٣

أنينه، فما نام تلك الليلة، فكيف لو سمع أنين الحُسين (عليه‌السلام ) ؟!

قال : ولمـَّا أسلم وحشي قاتل الحمزة (عليه‌السلام )، قال له رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : (( غيِّبْ وجهك عنِّي ؛ فإنّي لا اُحبُّ مَنْ قتل الأحبّة )).

قال : وهذا الإسلام يجبُّ ما قبله، فكيف يقدر الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أنْ يرى مَنْ ذبح الحُسين (عليه‌السلام ) وأمر بقتله، وحمل أهله على أقتاب الجمال(١) ؟!

وقال السيوطي : وأخرج ابن أبي حاتم، عن عُبيد المكتب، عن إبراهيم (رضي‌الله‌عنه ) قال : ما بكت السّماء منذ كانت الدنيا إلّا على اثنين قيل لعُبيد : أليس السّماء والأرض تبكي على المؤمن ؟ قال : ذاك مقامه، وحيث يصعد عمله قال : وتدري ما بكاء السّماء ؟ قال : لا قال : تحمرّ وتصير وردة كالدهان ؛ إنّ يحيى بن زكريا (عليه‌السلام ) لمـَّا قُتِلَ أحمرّت السّماء وقطرت دماً، وإنّ حُسين بن علي (عليه‌السلام ) يوم قُتِلَ أحمرّت السّماء(٢) .

وقال ابن كثير : وقال ابن أبي حاتم : حدّثنا علي بن الحُسين، حدّثنا عبد السّلام بن عاصم، حدّثنا إسحاق بن إسماعيل، حدّثنا المستورد ابن سابق، عن عُبيد المكتب، عن إبراهيم قال : ما بكت السّماء منذ كانت الدنيا إلّا على اثنين قلت لعُبيد : أليس السّماء والأرض تبكي على المؤمن ؟ قال : ذاك مقامه حيث يصعد عمله قال : وتدري ما بكاء السّماء ؟ قلتُ : لا.

____________________

(١) تذكر الخواصّ - سبط ابن الجوزي / ٢٤٦، ط منشورات دار الشريف الرضي، نظم درر السّمطين - الزّرندي الحنفي / ٢٢٢.

(٢) تفسير الدر المنثور ٦ / ٣١، وفي ط ٥ / ٧٤٨، تفسير ابن كثير ٤ / ١٥٤.

١٠٤

قال : تحمرّ وتصير وردة كالدهان، إنّ يحيى بن زكريا (عليه الصلاة والسّلام) لمـَّا قُتِلَ احمرَّت السّماء وقطرت دماً، وإنّ الحُسين بن علي (عليه‌السلام ) لمـَّا قُتِلَ احمرّت السّماء(١) .

وحدّثنا علي بن الحُسين، حدّثنا أبو غسان محمّد بن عمر وزنيج، حدّثنا جرير، عن يزيد بن أبي زياد قال : لمـَّا قُتل الحُسين بن علي (عليه‌السلام ) أحمرَّت آفاق السّماء أربعة أشهر قال يزيد : واحمرارها بكاؤها وهكذا قال السّدي في الكبير، وقال عطاء الخراساني : بكاؤها أنْ تحمرّ أطرافها(٢) .

روى الأسفراييني : وعن الأسعد بن قيس : لمـَّا قُتِلَ الحُسين (عليه‌السلام ) ارتفعت حُمرةٌ من المشرق وحُمرةٌ من المغرب فكانتا تلتفيان في كبد السّماء(٣) .

ما عُرفت حُمرةُ السّماء حتّى رمى الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) بدمه إليها

وفي مقتل الخوارزمي قال : ثم جعل يقاتل حتّى أصابته اثنان وسبعين جراحة، فوقف يستريح وقد ضعف عن القتال، فبينما هو واقف إذا أتاه حجرٌ فوقع على جبهته، فسالت الدّماء من جبهته، فأخذ الثوب ليمسحَ عن جبهته فأتاه سهمٌ محدّدٌ مسمومٌ له ثلاثُ شعبٍ فوقع في قلبه، فقال الحُسين (عليه‌السلام ) : (( بسم الله وبالله، وعلى ملّة رسول الله )).

____________________

(١) تفسير ابن كثير ٤ / ١٥٤.

(٢) المصدر نفسه، تفسير القرطبي ١٦ / ١٤١، تفسير الدرّ المنثور ٦ / ٣١، وفي ط ٥ / ٧٤٩ قال : أخرج ابن أبي حاتم (أي الرواية عن يزيد بن زياد).

(٣) نور العين في مشهد الحُسين (عليه‌السلام ) - أبو إسحاق الأسفراييني / ٧٦، وفي ط ص ٦٥.

١٠٥

ورفع رأسه إلى السّماء وقال : (( إلهي، إنّك تعلم- أنّهم يقتلون رجلاً ليس على وجه الأرض ابن نبيٍّ غيره )) ثمّ أخذ السّهم وأخرجه من وراء ظهره، فانبعث الدّم كالميزاب، فوضع يده على الجرح، فلمـَّا امتلأت دماً رمى بها إلى السّماء، فما رجع من ذلك قطرة، وما عُرِفَت الحُمرةُ في السّماء حتّى رمى الحُسين (عليه‌السلام ) بدمه إلى السّماء، ثمّ وضع يده على الجرح ثانياً، فلمـَّا امتلأت لطَّخ بها رأسه ولحيته، وقال : (( هكذا والله، أكون حتّى ألقى جدِّي محمّد (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وأنا مخضوبٌ بدمي وأقول : يا رسول الله، قتلني فلان وفلان ))(١) .

كلام عابر مع ابن كثير وأمثاله

ذكر ابن كثير بعد نقل روايات بكاء الجنِّ، وبكاء السّماء بالدّم، وأحمرارها، والخسوف، وغيره من التغيرات الكونية والأقوال، قال : وذكروا أيضاً في مقتل الحُسين (عليه‌السلام ) أنّه ما قُلِبَ حَجرٌ يومئذ إلّا وُجِدَ تحته دمٌ عبيطٌ، وأنّه كُسِفَت الشمسُ، وأحمرَّ الاُفق، وسقطت حجارةٌ، وفي كلِّ من ذلك نظر.

والظاهر أنّه من سخف الشيعة وكذبهم ليعظّموا الأمر، ولا شكَّ أنّه عظيم، ولكن لم يقع هذا الذي اختلقوه وكذبوه، وقد وقع ما هو أعظم من قتل الحُسين (عليه‌السلام ) ولم يقع شيء ممّا ذكروه ؛ فإنّه قد قُتِلَ أبوه علي بن أبي طالب (عليه‌السلام ) وهو أفضل منه بالإجماع، ولم يقع شيء من ذلك، وعثمان بن عفّان (رضي‌الله‌عنه ) قُتِلَ محصوراً مظلوماً، ولم يكن شيء من ذلك، وعمر بن الخطاب (رضي‌الله‌عنه )

____________________

(١) مقتل الحُسين (عليه‌السلام ) - الخوارزمي ٢ / ٣٩.

١٠٦

قُتِلَ في المحراب في صلاة الصّبح، وكأنّ المسلمين لم تطرقهم مصيبة قبل ذلك، ولم يكن شيء من ذلك، وهذا رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وهو سيّد البشر في الدنيا والآخرة يوم مات لم يكن شيء ممّا ذكروه، ويوم مات إبراهيم ابن النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) خُسفَتِ الشمسُ، فقال النّاس : خُسفَتْ لموتِ إبراهيمَ، فصلّى بهم رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) صلاة الكسوف، وخطبهم وبيَّن لهم أنّ الشمسَ والقمرَ لا ينخسفان لموت أحدٍ، ولا لحياته(١) .

أقول : وفيما ادّعاه ابن كثير عدّة ملاحظات :

الأولى : قوله : وفي كلّ ذلك نظر.

أقول : بل النظر في ما تنظر فيه إذ ادّعى من غير دليل، بل الدليل على خلافه، كما سيتبين ذلك، وإنّما هي دعوى من أخذ على نفسه نصرة أعداء آل محمّد (عليهم‌السلام ).

الثانية : قوله : وهذا من سخف الشيعة.

أقول : وهذه عادة مَن لا يحتمل أنْ يسمع فضيلة لأهل البيت (عليهم‌السلام ) إلّا ورمى قائلها بالتشيّع، وصدق القندوزي فيما نقله في ينابيعه قال : وفي جواهر العقدين للشريف السيّد نور الدين علي السّمهودي المصري، أعلم علماء مصر والحجاز، ومصنّف تاريخ المدينة المنوّرة (على صاحبها ألف ألف تحية وتصلية) : ( وقد ) نقل البيهقي عن الربيع بن سلمان - هو أحد أصحاب الشافعي - قال : قيل للإمام الشافعي (رحمه‌الله ) : إنّ ناساً لا يصبرون على سماع منقبة أو فضيلة لأهل البيت الطيّبين (عليهم‌السلام )، فإذا رأوا واحداً منَّا يذكرها

____________________

(١) تفسير ابن كثير ٤ / ١٥٤.

١٠٧

يقولون : هذا رافضي، ويأخذون في كلام آخر.

فأنشأ الشافعي (يقول) :

إذا في مَجْلِسٍ ذكروا عليّاً

وسبطيهِ وفاطمةَ الزكيَّه

فأجرى بعضُهم ذكرى سواه

فَأَيْقِنْ إنَّه لَسَلَقْلَقِيَّه(١)

إذا ذكروا عليًّا أو بنيهِ

تشاغل بالرواياتِ العليّه

وقال تجاوزوا يا قوم عَنْ ذا

فهذا من حديثِ الرافضيّه

بَرِئْتُ إلى المهيمنِ من اُناسٍ

يرون الرَّفَضَ حُبَّ الفاطميّه

على آلِ الرسولِ صلاةُ ربِّي

ولعنتُهُ لتلك الجاهليّه(٢)

وإلّا فقوله : من سخف الشيعة، كاشف عمَّا تحمله نفسه الخبيثة - والعياذ بالله - البعيدة عن الحقِّ، وإلّا هل كلُّ فضيلة لآل محمّد (عليهم‌السلام ) لا يتحمّلها تكون من سخف الشيعة ؟! وقد روى علماء أهل الخلاف هذه الروايات من طرق صحيحة في التغيّرات الكونية التي حصلت لمقتل الحُسين (عليه‌السلام )، ولك بعض ذلك :

ما رواه الهيثمي صاحب مجمع الزوائد : وعن أبي قبيل قال : لمـَّا قتل الحُسين بن علي (عليهما‌السلام ) انكسفت الشمسُ كسفةً حتّى بدت الكواكب نصف النهار، حتّى ظننا أنّها هي رواه الطبراني، وإسناده حسن(٣) .

وروى الهيثمي : وعن الزهري قال : ما رُفِعَ بالشام حجرٌ يوم قُتْل الحُسين بن علي (عليه‌السلام ) إلّا عن دمٍ رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح(٤) .

____________________

(١) السلقلقيّة : (هي المرأة التي تحيض من دبرها).

(٢) ينابع المودّة - القندوزي ٣ / ٩٧.

(٣) مجمع الزوائد - الهيثمي ٩ / ١٩٧.

(٤) مجمع الزوائد - الهيثمي ٩ / ١٩٦.

١٠٨

وروى الهيثمي أيضاً وغيره : وعن الزهري قال : قال لي عبد الملك : أيُّ واحدٍ أنت إنْ أعلمتني أيّ علامةٍ كانت يوم قُتل الحُسين (عليه‌السلام ) ؟ فقال : قلتُ : لمْ تُرفعُ حصاةٌ ببيت المقدس إلّا وجِدَ تحتها دمٌ عبيطٌ فقال لي عبد الملك : إنّي وإيّاك في هذا الحديث لقرينان رواه الطبراني، ورجاله ثقات(١) .

وروى أيضاً المزّي، وابن حجر، وابن عساكر، والقندوزي : وقال الحُسين بن إسماعيل المحاملي : حدّثنا الحسن بن شيب المؤدب، قال : حدّثنا خلف بن خليفة، عن أبيه، قال : لمـَّا قُتل الحُسين (عليه‌السلام ) اسودّت السّماء، وظهرت الكواكب نهاراً حتّى رأيت الجوزاء، ثمّ العصر، وسقط التراب الأحمر، وقال : ثمّ العصر(٢) .

الثالثة : إنّ ابن كثير خلط بين عُظْمِ المصيبةِ وبين الأفضليّة ؛ فإنّ ما جرى على الحُسين (عليه‌السلام ) من المصائب أعظم- ممّا جرى على غيره، لا أنّ الحُسين (عليه‌السلام ) أفضلُ من جدِّه وأبيه صلوات الله عليهما وآلهما،

____________________

(١) مجمع الزوائد ٩ / ١٩٦، المعجم الكبير - الطبراني ٣ / ١١٩، الطبقات الكبرى ١ / ١٦٣ باختلاف يسير، ومثله في سير أعلام النبلاء ٣ / ٣١٤، تهذيب التهذيب ٢ / ٣٠٥، تهذيب الكمال ٦ / ٤٣٤ مثله.

(٢) تهذيب الكمال ٦ / ٤٣٢، تهذيب التهذيب ٢ / ٣٠٥ مثله، ترجمة الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) / ٣٥٤ بزيادة وسقط التراب الأحمر، تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ١٤ / ٢٢٦ باختلاف يسير مع اختلاف بعض رجال السند، في ينابيع المودّة شبيهه ٣ / ١٥، وسنذكر ذلك مفصّلاً في بحث الآثار التكوينية لمقتل الحُسين (عليه‌السلام ).

١٠٩

فقوله : وقد وقع ما هو أعظم من قتلِ الحُسين (عليه‌السلام )، ولمْ يقع شيء ممّا ذكروه ؛ فإنّه قد قُتِلَ أبوه علي بن أبي طالب (عليه‌السلام )، وهو أفضلُ منه بالإجماع، ولم يقع شيء من ذلك مغالطة واضحة ؛ حيث يقول أوّلاً : وقد وقع ما هو أعظم من قتل الحُسين (عليه‌السلام ) . ثمّ يقول : وأبوه (عليه‌السلام ) أفضل منه.

أقول : الكلام في عُظْمِ المصيبة لا في مَنْ هو أفضل، فالمفروض إذا أراد قياساً صحيحاً أنْ يقول : ومصيبة قتل أبيه (عليه‌السلام ) أعظم من مصيبته (عليه‌السلام )، وهذا غير صحيح ؛ لأنّ ما جرى على الحُسين (عليه‌السلام ) من المصائب أعظم ممّا جرى على أمير المؤمنين (صلوات الله عليهم أجمعين).

هذا إذا لم نلحظ أنّ الأفضلية لها دخل في زيادة عظم المصيبة، وإنْ لحظنا أنّ الأفضلية تقتضي عُظم مصيبة الأفضل، فأيضاً لا يمنع ذلك من وقوعه لمقتل الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) دون مقتل أبيه أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) ؛ وذلك لأنّ هذه المصيبة التي جرت على الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) من مصائب أفضل خلق الله على الإطلاق، ألا وهو النّبي محمّد (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ووصيّه أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) ؛ وذلك لأنّ مقتل الحُسين (عليه‌السلام ) مصيبته (صلى‌الله‌عليه‌وآله )(١) ، بل هي أعظم مصائبه (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، فما حصل - على الأقل - في الكون من التغيّرات هو لأجل مصيبة أعظم خلق الله النّبي محمّد بن عبد الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ووصيّه أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) في ولدهما الإمام الحُسين (عليه‌السلام )، فلَماذا هذا الاستبعاد ؟!

وإليك تصريح بعض الأخبار بذلك، فقد روى الخوارزمي : . ثمّ قال كعب : لعلَّكم تهوّنون قتل الحُسين (عليه‌السلام ) أو لا تعلمون أنّه تفتح يوم قتله أبواب السّماوات كلُّها، ويؤذن للسّماء بالبكاء فتبكي دماً عبيطاً ! فإذا

____________________

(١) راجع الفصل الثاني في الأخبار عن مقتل الحُسين (عليه‌السلام )، وأيضاً فصل بكاء النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وانظر ما هو حال النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لكي يتّضح لك الحقّ، كما هو واضح إلّا عند مَنْ أعمى الله قلبه.

١١٠

رأيتم الحُمرة قد ارتفعت من جنباتها - شرقياً وغربياً - فاعلموا أنّها تبكي حُسيناً.

فقيل له : يا أبا إسحاق، كيف لم تفعل ذلك بالأنبياء وأولاد الأنبياء من قبل، وبمَنْ كان خيراً من الحُسين (عليه‌السلام ) ؟ فقال كعب : ويحكم ! إنّ قتل الحُسين (عليه‌السلام ) لأمر عظيم ؛ لأنّه ابن بنت خير الأنبياء، وأنّه يُقتلُ علانيةً مبارزةً ظلماً وعدواناً، ولا تحفظ فيه وصيّة رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وهو مزاج مائه، وبضعةٌ من لحمه، فيُذبحُ بعرصة كربلاء في كرب وبلاء.

والذي نفسُ كعبٍ بيده، لتبيكه زُمرةٌ من الملائكة في السّماوات لا يقطعون بكاءهم عليه آخر الدهر، وأنّ البقعة التي يُدفنُ فيها خيرُ البقاع بعد بيت مكة والمدينة وبيت المقدس، وما من نبيٍّ إلّا زاره وقد بكى عليه، ولها في كلِّ يوم زيارةٌ من الملائكة بالتسليم، فإذا كانت ليلةُ جمعة أو يوم- جمعة نزل إليها سبعون ألفاً يزورونه ويبكون عليه، ويذكرون فضله ومنزلته عندهم ؛ وأنّه ليسمّى في السّماوات : الحُسين المذبوح، وفي الأرض : أبا عبد الله المقتول، وفي البحار : الفرخ الأزهر المظلوم.

وأنّه يوم يُقتلُ تنكسفُ في النهار الشمسُ، وفي الليل القمرُ، وتدوم الظلمةُ على الناس ثلاثة أيام، وتُدكدك الجبال، وتُغطمط البحار(١) ، ولولا بقيّة من ذريّته وذريّة محمّد (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، ومحبّي محمّد، ومحبّي أبيه واُمِّه يطلبون بدمه ويأخذون بثأره لصبَّ الله عليهم من السّماء نيراناً.

ثم قال كعب : لعلَّكم تتعجبون ممّا اُحدّثكم من أمر الحُسين (عليه‌السلام )، أوَ لا تعلمون أنّ الله تبارك وتعالى لم يُنزل شيئاً كان أو يكون في آخر الدنيا وأوائلها إلّا وقد فسّره لموسى، وما من نسمة خُلقتْ ومضت من ذكر أو اُنثى إلّا وقد

____________________

(١) الغطمطة : هي اضطراب الأمواج لسان العرب ٦ / ٣٦٣ مادة غطمط.

١١١

رُفعَتْ إلى آدم وعُرضت عليه، ولقد عُرضَتْ على آدم هذه الاُمّة خاصة، فنظر إليها وإلى اختلافها، وتكالبها على هذه الدنيا، فقال : يا ربِّ، ما لهذه الاُمّة وتكالبها على الدنيا، وهم خير اُمّة وأفضلها ؟! فأوحى الله تعالى إليه : (( أنْ يا آدم، هذا أمري في خلقي، وقضائي في عبادي يا آدم، إنّهم اختلفوا فاختلفتْ قلوبُهم، وسيُظهرون في الأرض الفساد، كفساد قابيل حين قتل هابيل، وسيقتلون فرخ حبيبي محمّد (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) )).

ومثِّل لآدم (عليه‌السلام ) مقتل الحُسين (عليه‌السلام )، ووثوب اُمِّة جدِّه عليه، فنظر آدم إليهم مسودّة وجوههم، فقال : يا ربِّ، ابسط عليهم الانتقام، كما قتلوا فرخ هذا النّبي المكرم عليك(١) .

أقول : والشيء الآخر، فما هو المانع من أنْ يكون في الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) خصوصية تقتضي ذلك، وإنْ لم نعلم بها ؟!

وأيضاً ابن كثير قد أثبت نوح الجنّ على الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) قال : وقد روى حمّاد بن سلمة، عن عمّار بن أبي عمارة، عن اُمِّ سلمة أنّها سمعت الجنّ تنوح على الحُسين بن علي وهذا صحيح(٢) .

أقول : مع أنّ هذا لم يثبت لموت أبي بكر ولا عمر ولا عثمان، فبماذا يجيب ؟! أي الجواب الذي يجيب به هنا هو نفس الجواب على تغيّر الكون لمقتل الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) دون غيره . إلخ.

الرابعة : إنّه عندما استشهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه‌السلام ) حصل تغيّر في الكون،

____________________

(١) مقتل الحُسين (عليه‌السلام ) - الخوارزمي ٢ / ١٩٢ - ١٩٤، وتأتي هذه الرواية مفصلّة في آخر الفصل المتعلّق بزيارة الحُسين (عليه‌السلام ).

(٢) البداية والنهاية - ابن كثير ٦ / ٢٥٩.

١١٢

وهذا ما روي عن الزهري : أنّ أسماء الأنصارية قالت : ما رُفِعَ حجرٌ بإيليا - يعني حين قُتِلَ علي بن أبي طالب (عليه‌السلام ) - إلّا وُجِدَ تحته دمٌ عبيطٌ.

قال الحافظ أبو بكر بن الحُسين البيهقي (رحمه‌الله ) قلت : كذا روي في هاتين الروايتين، وقد روي بإسناد صحيح عن الزهري : أنّ ذلك كان حين قُتِلَ الحُسين بن علي (عليه‌السلام )، ولعلّه وُجِدَ عند قتلهما جميعاً، والله أعلم(١) .

ورواية الزهري عن أسماء أيضاً رواها الحاكم قال : أخبرني أحمد بن بالويه العقصي، ثنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا عبّاد بن يعقوب، ثنا نواح بن درّاج، عن محمّد بن إسحاق، عن الزهري : أنّ أسماء الأنصارية قالت : ثمّ ما رُفِعَ حجرٌ بإيليا ليلةَ قُتِلَ عليّ إلّا ووجِدَ تحته دمٌ عبيطٌ.

قال الحاكم : قد اختلفت الروايات في مبلغ سنّ أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) حين قُتِل(٢) .

وقال السّيوطي : وأخرج الحاكم، والبهيقي، وأبو نعيم، عن الزهري قال : لمـَّا كان صباح قتلِ علي بن أبي طالب (عليه‌السلام ) لمْ يُرفع حجرٌ في بيت المقدس إلّا وُجِدَ تحته دمٌ.

وقال أيضاً : وأخرج أبو نعيم من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيّب قال : صبيحة يوم قُتل علي بن أبي طالب لمْ تُرفعَ حصاةٌ من الأرض إلّا وتحته دمٌ عبيطٌ(٣) .

____________________

(١) نظم درر السمطين - الزّرندي الحنفي / ١٤٩.

(٢) المستدرك - الحاكم النيسابوري ٣ / ١٥٥.

(٣) الخصائص الكبرى - السيوطي ٢ / ١٢٤.

١١٣

الخامسة : ما ذكره من رواية موت إبراهيم ابن النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، فعلى فرض تسليمه، فالروايات المتقدّمة صرّحت بأنّ السّماء لم تبكِ على أحدٍ إلّا على النّبي يحيى والإمام الحُسين (عليهما‌السلام )، ولا مانع من تخصيص العام بمخصّص معتبر، والروايات الواردة في بكاء السّماء وحمرتها رواياتٌ صحيحة، زيادة على أنّ الرواية التي ذكرها ابن كثير في موت إبراهيم بن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أجنبية عن المقام ؛ ولأنّها واردة في الموت، وما نحن فيه - في قضية الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) - هو القتل، وهو خارج تخصّصاً عن الموت ؛ إذ القتل شيء والموت شيء آخر، وهذا واضح من تفريق الشّرع المقدّس بينهما ؛ إذ رتّب أحكاماً على القتل بما هو من ثبوت الديّة والقصاص وغيرهما، بخلاف الموت إذ لا يترتّب عليه شيء من ذلك، وأيضاً ما نحن فيه هو المصيبة، والمصيبة شيء والموت شيء آخر، ولا ملازمة بينهما.

والشيء الآخر إنّ هذه الرواية - على فرض تسليمها مع ما تقدّم - واردة في خصوص الكسوف والخسوف، والتغيّرات الكونية التي حصلت في مقتل الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) أكثر من ذلك، ونفي الأخص لا يقتضي ولا يدلّ على نفي الأعم، فلماذا صرّح ابن كثير بنفي الأعم مع وروده بروايات صحيحة لا معارض لها ؟!

١١٤

الفصل الثامن

في التغيّرات الكونيّة لمقتل الإمام الحُسين (عليه‌السلام )

١١٥

١١٦

في التغيّرات الكونيّة لمقتل الإمام الحُسين (عليه‌السلام )

السّماءُ مكثت أيّاماً مثل العلقة لمقتل الإمام الحُسين (عليه‌السلام )، بسند صحيح

روى الطبراني، والهيتمي، وابن أبي شيبة، والسيوطي، واللفظ للأوّل قال : حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي، ثنا منجاب بن الحارث، ثنا علي بن مسهر، حدّثتني جدِّتي اُم حكيم قالت : قُتلَ الحُسين بن علي (عليه‌السلام ) وأنا يومئذ جويرية، فمكثت السّماء أيّاماً مثل العلقة(١) .

وقال الهيثمي : رواه الطبراني، ورجاله إلى اُمِّ حكيم رجال الصحيح(٢) .

وروى محدّث الشام ابن عساكر : أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل، أنا أحمد بن الحُسين ح، وأخبرنا أبو محمّد السلمي، أنا أبو بكر الخطيب ح، وأخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنا محمّد بن هبة الله قالوا : أنا أبو الحُسين بن الفضل القطان، أنا عبد الله بن جعفر بن درستويه، أنا يعقوب بن سفيان، أنا إسماعيل بن الخليل، أنا علي بن مسهر، حدّثتني جدَّتي قالت : كنت أيّام الحُسين (عليه‌السلام ) جارية شابّة، فكانت السّماء أيّاماً علقة(٣) .

____________________

(١) المعجم الكبير - الطبراني ٣ / ١١٣، مجمع الزوائد ٩ / ١٩٧، المصنّف - ابن أبي شيبة ٨ / ٦٣٣، الخصائص الكبرى ٢ / ١٢٧ : أيّاماً عليلة، تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ١٤ / ٢٢٦ باختلاف يسير مع تغيّر بعض رجال السند.

(٢) مجمع الزوائد - الهيثمي ٩ / ١٩٧.

(٣) تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ١٤ / ٢٢٦، ترجمة الإمام الحُسين - ابن عساكر / ٣٥٥.

١١٧

وروى ابن عساكر، والمزّي، واللفظ للأوّل قال : أخبرنا أبو البركات عمر بن إبراهيم بن محمّد الزيدي، أنا أبو الفرج محمّد بن أحمد بن محمّد بن علّان بن الخازن، أنا القاضي أبو عبد الله محمّد بن عبد الله بن الحُسين الجعفي، أنا أبو الحسن علي بن محمّد بن هارون بن زياد الحميري، حدّثني أبي، أنا إسماعيل بن الخليل، عن علي بن مسهر، عن جدَّته قالت : لمـَّا قُتل الحُسين (عليه‌السلام ) كنت جارية شابة، فمكثت السّماء سبعة أيام بلياليها كأنّها علقة(١) .

احمرار آفاق السّماء ستّة أشهر لمقتل الإمام الحُسين (عليه‌السلام )، وفي رواية أربعة أشهر

روى ابن سعد، وابن عساكر، والمزّي، والذهبي، واللفظ للأوّل قال : أخبرنا علي بن محمّد(٢) ، عن علي بن مدرك، عن جدِّه الأسود بن قيس، قال : احمرّت آفاق السّماء بعد قتل الحُسين (عليه‌السلام ) ستّة أشهر، يُرى ذلك في آفاق السّماء كأنّها الدم، فحدّثتُ بذلك شريكاً، فقال لي : ما أنت من الأسود ؟ قلتُ : هو جدِّي أبو اُمِّي قال : أما والله، إنْ كان لصدوقَ الحديث، عظيمَ الأمانة، مكرماً للضيف(٣) .

____________________

(١) تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ١٤ / ٢٢٦، ترجمة الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) - ابن عساكر / ٣٥٥، تهذيب الكمال - المزّي ٦ / ٤٣٢.

(٢) المراد به علي بن محمّد المدائني، كما في تهذيب الكمال - المزّي ٦ / ٤٣٢.

(٣) ترجمة الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) من طبقات ابن سعد / ٩١، تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر ١٤ / ٢٢٧، قال : وأنا علي بن محمّد، عن علي بن مدرك، عن جدِّه الأسود بن قيس، قال : احمرّت آفاق السّماء بعد قتل الحُسين (عليه‌السلام ) ستّة أشهر، يُرى ذلك في آفاق السّماء كأنّها الدم قال فحدّثت بذلك شريكاً، فقال لي : سألتَ أمن الأسود؟ قلتُ : هو جدِّي أبو اُمِّي قال : أما والله، إنْ كان لصدوقَ الحديث، عظيم الأمانة، مكرماً للضيف . تهذيب الكمال - المزّي ٦ / ٤٣٢ : ما أنت والأسود ؟ وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء ٣ / ٣١٢، قال : المدائني : عن علي بن مدرك، عن جدِّه =

١١٨

و قال السيوطي في تفسيره : وأخرج ابن أبي حاتم، عن زيد بن زياد (رضي‌الله‌عنه ) قال : لمـَّا قُتل الحُسين (عليه‌السلام ) احمرّت آفاق السّماء أربعة أشهر(١) .

وروى ابن كثير، والقرطبي، واللفظ للأوّل قال : عن أبي حاتم، حدّثنا علي بن الحُسين، حدّثنا أبو غسان محمّد بن عمر وزنيج، حدّثنا جرير، عن يزيد بن أبي زياد، قال : لمـَّا قُتل الحُسين بن علي (عليه‌السلام ) احمرّت آفاق السّماء أربعة أشهر قال يزيد : واحمرارها كان بكاءها، وهكذا قال السدّي الكبير، وقال عطاء الخراساني : بكاؤها أنْ تحمرّ أطرافها(٢) .

لم تظهر حمرة السّماء إلّا بعد مقتل الإمام الحُسين (عليه‌السلام )، بأكثر من خبر

الأول : عن محمّد بن سيرين

١ - روى ابن سعد قال : حدّثنا عفّان بن مسلم، قال : حدّثنا حمّاد بن زيد، عن هشام بن حسان، عن محمّد بن سيرين، قال : لم تُرَ هذه الحُمرة في آفاق السّماء حتّى قُتِلَ الحُسين بن علي (رحمه‌الله )(٣) .

____________________

= الأسود بن قيس، قال : احمرّت آفاق السّماء بعد قتل الحُسين (عليه‌السلام ) ستّة أشهر تُرى كالدم هشام بن حسان، عن محمّد، قال : تعلم هذه الحمرة في الاُفق ممَّ ؟ هو من يوم قُتل الحُسين (عليه‌السلام ).

وذكر المعلّق أنّها رويَت في تاريخ الإسلام - الذهبي ٢ / ٣٤٨، الصواعق المحرقة / ١٩٢، مفتاح النجا للعلامة البدخشي، إسعاف الراغبين المطبوع في هامش نور الأبصار / ٢١٥، تاريخ الخلفاء للعلّامه السيوطي / ٨٠، ينابيع المودّة - القندوزي الحنفي ٣ / ٢٠.

(١) الدر المنثور - جلال الدين السيوطي ٦ / ٣١، وفي ط ٥ / ٧٤٩.

(٢) تفسير ابن كثير ٤ / ١٤٣، وفي ط ص١٤٥، تفسير القرطبي ١٦ / ١٤١.

(٣) ترجمة الإمام الحُسين (عليه‌السلام ) - من طبقات ابن سعد / ٩١.

١١٩

أقول : ورجاله ثقات(١) .

____________________

(١) الأوّل : محمّد بن سعد، قال فيه ابن حجر في لسان الميزان ٧ / ٣٥٩ : محمّد بن سعد بن منيع الهاشمي، مولاهم أبو عبد الله البصري، كاتب الواقدي، نزيل بغداد، وصاحب الطبقات، وأحد الحفّاظ الكبار الثقات المتبحرين عن الوليد بن مسلم، وهشيم، وعن بن عيسى، وابن علية، وعنه أبو داود، وابن أبي الدنيا، وأحمد بن يحيى البلاذري، وذكره أيضاً في تهذيب التهذيب ٩ / ١٦١.

والثاني : عفّان بن مسلم، قال فيه الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٠ / ٢٤٢ : عفّان بن مسلم بن عبد الله مولى عزرة بن ثابت الأنصاري، الإمام الحافظ، محدّث العراق، أبو عثمان البصري الصفّار، بقيّة الأعلام.

ولِدَ سنة أربع وثلاثين ومئة، تحديداً أو تقريباً، وسمع من شعبة، وهشام الدستوائي، وهمام، والحمّادين، وصخر بن جويرية، وديلم بن غزوان، ووهيب بن خالد، وسُليمان بن المغيرة، والأسود بن شيبان وطبقتهم من مشيخة بلده، واستوطن بغداد حدّث عنه البخاري، وحديثه في الكتب الستّة بواسطة . إلخ.

أقول : وقال الذهبي - سير أعلام النبلاء ١٠ / ٢٥٠ - : قلتُ : ما فوق عفّان أحد في الثقة وذكر الذهبي كثير من أقوال العلماء فيه في سير أعلام النبلاء ١٠ / ٢٤٣، قال : قال أبو حاتم : ثقة إمام وقال مرّة اُخرى : ثقة متقن متين وقال أحمد بن عبد الله العجلي : عفّان يُكنَّى أبا عثمان، ثقة ثبت.

الثالث : حمّاد بن زيد، وهو من رجال الصحيحين، قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ٧ / ٤٥٦ : حمّاد بن زيد بن درهم، العلّامه الحافظ الثبت، محدّث الوقت، أبو إسماعيل الأزدي، مولى آل جرير بن حازم البصري، الأزرق الضرير، أحد الأعلام، أصله من سجستان، سُبي جدّه درهم منها.

وقال الذهبي أيضاً في سير أعلام النبلاء ٧ / ٤٥٨ : قال عبد الرحمن بن مهدي : أئمّة الناس في زمانهم أربعة : سفيان الثوري بالكوفة، ومالك بالحجاز، والأوزاعي بالشام، وحمّاد بن زيد بالبصرة وقال يحيى بن معين : ليس أحد أثبت من حمّاد بن زيد وقال يحيى بن يحيى النيسابوري : ما رأيت شيخاً أحفظ من حمّاد بن زيد وقال أحمد بن حنبل : حمّاد بن زيد من أئمّة المسلمين، من أهل الدين، هو أحبُّ إليّ من حمّاد بن سلمة وقال عبد الرحمن بن مهدي : لم أرَ أحداً قط أعلم بالسنّة ولا بالحديث الذي يدخل في السنّة من حمّاد بن زيد.

وروي عن سفيان الثوري قال : رجل البصرة بعد شعبة ذاك الأزرق، يعني حمّاداً =

١٢٠