سلسلة زاد المبلغ زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

سلسلة زاد المبلغ زاد المبلغ الى بيت الله الحرام0%

سلسلة زاد المبلغ زاد المبلغ الى بيت الله الحرام مؤلف:
تصنيف: مكتبة الفقه وأصوله
الصفحات: 135

سلسلة زاد المبلغ زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف:
تصنيف: الصفحات: 135
المشاهدات: 14903
تحميل: 2296

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 135 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 14903 / تحميل: 2296
الحجم الحجم الحجم
سلسلة زاد المبلغ زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

سلسلة زاد المبلغ زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

بِالخَيْرِ وَالإحْسانِ، وَعارَضْتُهُ بِالاِسأةِ وَالعِصْيانِ، يا مَنْ هَدانِي لِلاِيمانِ مِنْ قَبْلِ أَنْ أَعْرِفَ شُكْرَ الاِمْتِنانِ، يا مَنْ دَعَوْتُهُ مَرِيضاً فَشَفانِي، وَعُرْياناً فَكَسانِي، وَجائِعاً فَأَشْبَعَنِي، وَعَطْشاناً فَأَرْوانِي، وَذَلِيلاً فَأَعَزَّنِي، وَجأهلاً فَعَرَّفَنِي، وَوَحِيداً فَكَثَّرَنِي، وَغايِباً فَرَدَّنِي، وَمُقِلاًّ(١) فَأَغْنانِي، وَمُنْتَصِراً فَنَصَرَنِي، وَغَنِيّاً فَلَمْ يَسْلُبْنِي، وَأَمْسَكْتُ عَنْ جَمِيعِ ذلِكَ فَابْتَدَأَنِي، فَلَكَ الحَمْدُ وَالشُّكْرُ يا مَنْ أَقالَ عَثْرَتِي، وَنَفَّسَ كُرْبَتِي، وَأَجابَ دَعْوَتِي، وَسَتَرَ عَوْرَتِي، وَغَفَرَ ذُنُوبِي، وَبَلَّغَنِي طَلَبِي وَنَصَرَنِي عَلى عَدُوِّي، وَإِنْ أَعُدَّ نِعَمَكَ وَمِنَنَكَ وَكَرائِمِ مِنَحِكَ لا أُحْصِيها.

يا مَوْلايَ أَنْتَ الَّذِي مَنَنْتَ، أَنْتَ الّذِي أَنْعَمْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَحْسَنْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَجْمَلْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَفْضَلْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَكْمَلْتَ، أَنْتَ الَّذِي رَزَقْتَ، أَنْتَ الَّذِي وَفَّقْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَعْطَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَغْنَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَقْنَيْتَ(٢) ، أَنْتَ الَّذِي آوَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي كَفَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي هَدَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي عَصَمْتَ، أَنْتَ الَّذِي سَتَرْتَ، أَنْتَ الَّذِي غَفَرْتَ أَنْتَ الَّذِي أَقَلْتَ، أَنْتَ الَّذِي مَكَّنْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَعْزَزْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَعَنْتَ، أَنْتَ الَّذِي عَضَدْتَ(٣) ، أَنْتَ الَّذِي أَيَّدْتَ، أَنْتَ الَّذِي نَصَرْتَ، أَنْتَ الَّذِي شَفَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي عافَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَكْرَمْتَ. تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ، فَلَكَ

____________________

١- مقلاً: فقيراً.

٢- أقنيت: أعطيت الرزق.

٣- عضدت: ساعدت.

١٢١

الحَمْدُ دائِماً وَلَكَ الشُّكْرُ وَاصِباً(١) أَبَداً. ثُمَّ أَنا يا إِلهِي الـمُعْتَرِفُ بِذُنُوبِي فَاغْفِرْها لِي، أَنا الَّذِي أَسَأْتُ، أَنا الَّذِي أَخْطَأْتُ، أَنا الَّذِي هَمَمْتُ، أَنا الَّذِي جَهِلْتُ، أَنا الَّذِي غَفَلْتُ، أَنا الَّذِي سَهَوْتُ، أَنا الَّذِي اعْتَمَدْتُ أَنا الَّذِي تَعَمَّدْتُ، أَنا الَّذِي وَعَدْتُ، أَنا الَّذِي أَخْلَفْتُ، أَنا الَّذِي نَكَثْتُ، أَنا الَّذِي أَقْرَرْتُ، أَنا الِّذِي اعْتَرَفْتُ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَعِنْدِي، وَأَبُوُء(٢) بِذُنُوبِي فَاغْفِرْها لِي، يا مَنْ لا تَضُرُّهُ ذُنُوبُ عِبادِهِ وَهُوَ الغَنِيُّ عَنْ طاعَتِهِمْ، وَالـمُوَفِّقُ مَنْ عَمِلَ صالِحا مِنْهُمْ بِمَعُونَتِهِ وَرَحْمَتِهِ.

فَلَكَ الحَمْدُ إِلهِي وَسَيِّدِي أَمَرْتَنِي فَعَصَيْتُكَ، وَنَهَيْتَنِي فَارْتَكَبْتُ نَهْيَكَ، فَأَصْبَحْتُ لا ذا بَراءَةٍ(٣) لِي فَأَعْتَذِرُ وَلا ذا قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرُ فَبِأَيِّ شَيٍ أَنْتَصِرُ فَبِأَيِّ شَيٍ أَسْتَقْبِلُكَ يا مَوْلايَ أَبِسَمْعِي أَمْ بِبَصَرِي أَمْ بِلِسانِي أَمْ بِيَدِي أَمْ بِرِجْلِي؟ أَلَيْسَ كُلُّها نِعَمَكَ عِنْدِي وَبِكُلِّها عَصَيْتُكَ يا مَوْلايَ؟ فَلَكَ الحُجَّةُ وَالسَّبِيلُ عَلَيَّ، يا مَنْ سَتَرَنِي مِنَ الآباءِ وَالاُمَّهاتِ أَنْ يَزْجُرُونِي، وَمِنَ العَشائِرِ وَالإِخْوانِ أَنْ يُعَيِّرُونِي، وَمِنَ السَّلاطِينِ أَنْ يُعاقِبُونِي، وَلَوْ اطَّلَعُوا يا مَوْلايَ عَلى ما اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنِّي إِذاً ما أَنْظَرُونِي وَلَرَفَضُونِي وَقَطَعُونِي، فَها أَنا ذا يا إِلهِي بَيْنَ يَدَيْكَ يا سَيِّدِي، خاضِعٌ ذَلِيلٌ، حَصِيرٌ(٤)

____________________

١- واصباً: أبداً دائماً.

٢- أبوء: أقرُّ وأعترف.

٣- لا ذا براءةٍ: أي لم يعد لي عذر.

٤- حصير: تعب.

١٢٢

فَقِيرٌ، لا ذو بَراءةٍ فَأَعْتَذِرُ، وَلا ذو قُوَّةٍ، فَأَنْتَصِرُ وَلا حُجَّةٍ فَاحْتَجُّ بِها، وَلا قائِلٌ لَمْ اجْتَرِحْ(١) وَلَمْ أَعْمَلْ سُوءاً، وَما عَسى الجُحُودُ وَلَوْ جَحَدْتُ يا مَوْلايَ يَنْفَعُنِي، كَيْفَ وَأَنَّى ذلِكَ وَجَوارِحِي كُلُّها شاهِدَةٌ عَلَيَّ بِما قَدْ عَمِلْتُ؟ وَعَلِمْتُ يَقِيناً غَيْرَ ذِي شَكٍّ أَنَّكَ سائِلِي مِنْ عَظائِمِ الاُمُورِ، وَأَنَّكَ الحَكَمُ العَدْلُ الَّذِي لا تَجُورُ وَعَدْلُكَ مُهْلِكِي وَمِنْ كُلِّ عَدْلِكَ مَهْرَبِي. فَإِنْ تُعَذِّبْنِي يا إِلهِي، فَبِذُنُوبِي بَعْدَ حُجَّتِكَ عَلَيَّ، وَإِنْ تَعْفُ عَنِّي فَبِحِلْمِكَ وَجُودِكَ وَكَرَمِكَ، لا إِلهَ إلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، لا إِلهَ إلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنْ الـمُسْتَغْفِرِينَ، لا إِلهَ إلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ، إِنِّي كُنْتُ مِنَ الـمُوَحِّدِينَ لا إِلهَ إلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الخائِفِينَ، لا إِلهَ إلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الوَجِلِينَ(٢) ، لا إِلهَ إلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الرَّاجِينَ، لا إِلهَ إلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الرَّاغِبِينَ، لا إِلهَ إلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الـمُهَلِّلِينَ(٣) ، لا إِلهَ إلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ السَّائِلِينَ، لا إِلهَ إلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الـمُسَبِّحِينَ لا إِلهَ إلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الـمُكَبِّرِينَ، لا إِلهَ إلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ رَبِّي وَرَبُّ آبائِيَ الأوّلِينَ.

اللّهُمَّ هذا ثَنائِي عَلَيْكَ مُمَجِّداً، وَإِخْلاصِي لِذِكْرِكَ مُوَحِّداً،

____________________

١- أجترح: أقترف وأرتكب.

٢- الوجلين: الخائفين.

٣- المهللين: التهليل قولك “لا إله إلّا الله”.

١٢٣

وَإِقْرارِي بآلائِكَ مُعَدِّداً، وَإِنْ كُنْتُ مُقِرّاً إِنِّي لَمْ أُحْصِها لِكَثْرَتِها وَسُبُوغِها(١) وَتَظاهُرِها وَتَقادُمِها إِلى حادِثٍ ما لَمْ تَزَلْ تَتَعَهَّدُنِي بِهِ مَعَها مُنْذُ خَلَقْتَنِي، وَبَرَأْتَنِي مِنْ أَوَّلِ العُمرِ مِنَ الاِغْناءِ مِنَ الفَقْرِ، وَكَشْفِ الضُّرِّ، وَتَسْبِيبِ اليُسْرِ، وَدَفْعِ العُسْرِ، وَتَفْرِيجِ الكَرْبِ وَالعافِيَةِ فِي البَدَنِ، وَالسَّلامَةِ فِي الدِّينِ، وَلَوْ رَفَدَنِي عَلى قَدْرِ نِعْمَتِكَ جَمِيعُ العالَمِينَ مِنَ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ ما قَدَرْتُ وَلا هُمْ عَلى ذلِكَ، تَقَدَّسْتَ وَتَعالَيْتَ مِنْ رَبٍّ عَظِيمٍ رَحِيمٍ لا تُحْصى آلاؤُكَ، وَلا يُبْلَغُ ثَناؤُكَ، وَلا تُكافئ نَعْماؤكَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَتْمِمْ عَلْينا نِعَمَكَ وَأَسْعِدْنا بِطاعَتِكَ. سُبْحانَكَ لا إِلهَ إلّا أَنْتَ، اللّهُمَّ إِنَّكَ تُجِيبُ الـمُضْطَرَّ وَتَكْشِفُ السُّوءَ، وَتُغِيثُ الـمَكْرُوبَ، وَتُشْفِي السَّقِيمَ، وَتُغْنِي الفَقِيرَ، وَتَجْبُرُ الكَسِيرَ، وَتَرْحَمُ الصَّغِيرَ، وَتُعِينُ الكَبِيرَ، وَلَيْسَ دُونَكَ ظَهِيرٌ(٢) وَلا فَوْقَكَ قَدِيرٌ، وَأَنْتَ العَلِيُّ الكَبِيرُ. يا مُطْلِقَ الـمُكَبَّلِ الأسِيرِ، يا رازِقَ الطِّفْلِ الصَّغِيرِ، يا عِصْمَةَ الخائِفِ الـمُسْتَجِيرِ، يا مَنْ لا شَرِيكَ لَهُ وَلا وَزِيرَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَعْطِنِي فِي هذِهِ العَشِيَّةِ أَفْضَلَ ما أَعْطَيْتَ وَأَنَلْت(٣) أَحَداً مِنَ العالَمِينَ مِنْ عِبادِكَ مِنْ نِعْمَةٍ تُولِيها وَآلاءٍ تُجَدِّدُها، وَبَلِيَّةٍ تَصْرِفُها، وَكُرْبَةٍ تَكْشِفُها، وَدَعْوَةٍ

____________________

١- سبوغها: تماميتها.

٢- ظهير: معين.

٣- أنلت: أهديت وأعطيت.

١٢٤

تَسْمَعُها، وَحَسَنَةٍ تَتَقَبَّلُها. وَسَيِّئَةٍ تَتَغَمَّدُها(١) ، إِنَّكَ لَطِيفٌ بِما تَشاءُ خَبِيرٌ وَعَلى كُلِّ شَيٍ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ إِنَّكَ أَقْرَبُ مَنْ دُعِيَ، وَأَسْرَعُ مَنْ أَجابَ، وَأَكْرَمُ مَنْ عَفى، وَأَوْسَعُ مَنْ أَعْطى، وَأَسْمَعُ مَنْ سُئِلْ، يا رَحْمنَ الدُّنْيا وَالآخرةِ وَرَحِيمَهُما، لَيْسَ كَمِثْلِكَ مَسْؤولٌ وَلا سِواكَ مَأْمُولٌ. دَعَوْتُكَ فَأَجَبْتَنِي، وَسَأَلْتُكَ فَأَعْطَيْتَنِي، وَرَغِبْتُ إِلَيْكَ فَرَحِمْتَنِي، وَوَثِقْت بِكَ فَنَجَّيْتَنِي، وَفَزِعْتُ إِلَيْكَ فَكَفَيْتَنِي. اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَنَبِيِّكَ وَعَلى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ أَجْمَعِينَ، وَتَمِّمْ لَنا نَعْماءَكَ وَهَنِّئْنا عَطاءَكَ وَاكْتُبْنا لَكَ شاكِرِينَ وَلآلائِكَ ذاكِرِينَ آمِينَ آمِينَ رَبَّ العالَمِينَ.

اللّهُمَّ يا مَنْ مَلَكَ فَقَدَرَ، وَقَدَرَ فَقَهَرَ، وَعُصِيَ فَسَتَرْ، وَاسْتُغْفَرَ فَغَفَرَ، يا غايَةَ الطَّالِبِينَ، وَمُنْتَهى أَمَلِ الرَّاجِينَ، يا مَنْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيٍ عِلْماً، وَوَسِعَ الـمُسْتَقِيلينَ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَحِلْماً. اللّهُمَّ إِنَّا نَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ فِي هذِهِ العَشِيَّةِ الَّتِي شَرَّفْتَها وَعَظَّمْتَها بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَرَسُولِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ وَأَمِينِكَ، عَلى وَحْيِكَ البَشِيرِ النَّذِيرِ السِّراجِ الـمُنِيرِ، الَّذِي أَنْعَمْتَ بِهِ عَلى الـمُسْلِمِينَ، وَجَعَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ.

اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَما مُحَمَّدٌ أَهْلٌ لِذلِكَ مِنْكَ، يا عَظِيمُ، فَصَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ الـمُنْتَجَبِينَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ

____________________

١- تتغمَّدها: تسترها.

١٢٥

أَجْمَعِينَ، وَتَغَمَّدْنا بِعَفْوِكَ عَنّا، فَإِلَيْكَ عَجَّتِ(١) الأصْواتُ بِصُنُوفِ اللُّغاتِ، فَاجْعَلْ لَنا اللّهُمَّ فِي هذِهِ العَشِيَّةِ نَصيباً مِنْ كُلِّ خَيْرٍ تَقْسِمُهُ بَيْنَ عِبادِكَ، وَنُوراً تَهْدِي بِهِ، وَرَحْمَةً تَنْشُرُها، وَبَرَكَةً تُنْزِلُها، وَعافِيَةً تُجَلِّلُها، وَرِزْقاً تَبْسُطُهُ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. اللّهُمَّ أَقْلِبْنا فِي هذا الوَقْتِ مُنْجِحِينَ مُفْلِحِينَ مَبْرُورِينَ غانِمِينَ، وَلا تَجْعَلْنا مِنَ القانِطِينَ، وَلا تُخْلِنا مِنْ رَحْمَتِكَ، وَلا تَحْرِمْنا ما نُؤَمِّلُهُ مِنْ فَضْلِكَ، وَلا تَجْعَلْنا مِنْ رَحْمَتِكَ مَحْرُومِينَ، وَلا لِفَضْلِ ما نُؤَمِّلُهُ مِنْ عَطائِكَ قانِطِينَ، وَلا تَرُدَّنا خائِبِينَ، وَلا مِنْ بابِكَ مَطْرُودِينَ.

يا أَجْوَدَ الأجْوَدِينَ، وَيا أَكْرَمَ الأكْرَمِينَ، إِلَيْكَ أَقْبَلْنا مُوقِنِينَ، وَلِبَيْتِكَ الحَرامِ آمِّينَ قاصِدِينَ، فَأَعِنّا عَلى مَناسِكِنا، وَكَمِّلْ لَنا حَجَّنا، وَاعْفُ عَنّا وَعافِنا فَقَدْ مَدَدْنا إِلَيْكَ أَيْدِينا، فَهِيَ بِذِلَّةِ الاِعْتِرافِ مَوْسُومَةٌ. اللّهُمَّ فَأَعْطِنا فِي هذِهِ العَشِيَّةِ ما سَأَلْناكَ، وَاكْفِنا ما اسْتَكْفَيْناكَ، فَلا كافِيَ لِنا سِواكَ، وَلا رَبَّ لَنا، نافِذٌ فِينا حُكْمُكَ مُحِيطٌ بِنا عِلْمُكَ، عَدْلٌ فِينا قَضاؤُكَ، اقْضِ لَنا الخَيْرَ وَاجْعَلْنا مِنْ أَهْلِ الخَيْرِ. اللّهُمَّ أَوْجِبْ لَنا بِجُودِكَ عَظِيمَ الأجْرِ وَكَرِيمَ الذُّخْرِ، وَدَوامَ اليُسْرِ، وَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا أَجْمَعِينَ، وَلا تُهْلِكْنا مَعَ الهالِكِينَ، وَلا تَصْرِفْ عَنّا رَأْفَتَكَ وَرَحْمَتَكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

____________________

١- عجَّت: ارتفعت.

١٢٦

اللّهُمَّ اجْعَلْنا فِي هذا الوَقْتِ مِمَّنْ سَأَلَكَ فَأَعْطَيْتَهُ، وَشَكَرَكَ فَزِدْتَهُ، وَثابَ إِلَيْكَ فَقَبِلْتَهُ، وَتَنَصَّلَ(١) إِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِهُ كُلِّها فَغَفَرْتَها لَهُ، يا ذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ، اللّهُمَّ وَنَقِّنا وَسَدِّدْنا وَاقْبَلْ تَضَرُّعَنا يا خَيْرَ مَنْ سُئِلْ، وَيا أَرْحَمَ مَنْ اسْتُرْحِمَ، يا مَنْ لا يَخفى عَلَيْهِ إِغْماضُ الجُفُونِ، وَلا لَحْظُ العُيُونِ(٢) وَلا ما اسْتَقَرَّ فِي الـمَكْنُونِ، وَلا ما انْطَوَتْ عَلَيْهِ مُضْمَراتُ القُلُوبِ، أَلا كُلُّ ذلِكَ قَدْ أَحْصاهُ عِلْمُكَ وَوَسِعَهُ حِلْمُكَ؟

سُبْحانَكَ وَتَعالَيْتَ عَمّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُواً كَبِيراً، تُسَبِّحُ لَكَ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالأَرْضونَ، وَمَنْ فِيهِنَّ، وَإِنْ مِنْ شَيٍ إلّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ. فَلَكَ الحَمْدُ وَالـمَجْدُ وَعُلُوُّ الجَدِّ، يا ذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ، وَالفَضْلِ وَالإنْعامِ، وَالأيْادِي الجِسامِ، وَأَنْتَ الجَوادُ الكَرِيمُ الرَّؤُوفُ الرَّحِيمُ. اللّهُمَّ أَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الحَلالِ، وَعافِنِي فِي بَدَنِي وَدِينِي، وَآمِنْ خَوْفِي، وَاعْتِقْ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، اللّهُمَّ لا تمْكُرْ بِي وَلا تَسْتَدْرِجْنِي(٣) ، وَلا تَخْدَعْنِي(٤) ، وَادْرَأْ(٥) عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الجِنِّ وَالإنْسِ.

ثم رفع رأسه وبصره إلى السماء وعيناه ماطرتان كأنّهما مزادتان، وقال بصوتٍ عالٍ:

____________________

١- تنصَّل: تبرَّأز

٢- لحظ العيون: النظر الثاقب والدقيق للعيون.

٣- ولا تستدرجني: أي لا تأخذني بذنوبي بالتدريج.

٤- ولا تخدعني: أي لا تدعني أتوهم رضاك وأنت ساخط عليَّ.

٥- ادرأ: ادفع.

١٢٧

يا أَسْمَع السَّامِعِينَ، يا أَبْصَر النَّاظِرِينَ، وَيا أَسْرَعَ الحاسِبِينَ، وَيا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ السَّادَةِ الـمَيامِينَ، وَأَسأَلُكَ اللّهُمَّ حاجَتِي الَّتِي إِنْ أَعْطَيْتَنِيها لَمْ يَضُرَّنِي ما مَنَعْتَنِي، وَإِنْ مَنَعْتَنِيها لَمْ يَنْفَعْنِي ما أَعْطَيْتَنِي، أَسأَلُكَ فَكاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، لا إِلهَ إلّا أَنْتَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ، لَكَ الـمُلْكُ وَلَكَ الحَمْدُ، وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيٍ قَدِيرٌ يا رَبِّ يا رَبِّ.

وكان يكرر قوله: يا رَبِّ، وشغل من حضر ممن كان حوله عن الدعاء لأنفسهم وأقبلوا على الاستماع له والتأمين على دعائه ثم علت أصواتهم بالبكاء معه وغربت الشمس وأفاض النّاس معه.

أقول: إلى هنا تم دعاء الإمام الحسينعليه‌السلام في يوم عرفة على ما أورده الكفعمي في كتاب (البلد الأمين) وقد تبعه المجلسي في كتاب (زاد المعاد) ولكن زاد السيّد ابن طاووسرضي‌الله‌عنه في (الاقبال) بعد: يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ هذه الزيادة: إِلهِي أَنا الفَقِيرُ فِي غِنايَ فَكَيْفَ لا أَكُونُ فَقِيراً فِي فَقْرِي إِلهِي أَنا الجأهل فِي عِلْمِي فَكَيْفَ لا أَكُونُ جَهُولاً فِي جَهْلِي؟ إِلهِي إِنَّ اخْتِلافَ تَدْبِيرِكَ وَسُرْعَةَ طَواءِ مَقادِيرِكَ(١) مَنَعاً عِبادَكَ العارِفِينَ بِكَ عَنِ السُّكُونِ إِلى عَطاءٍ وَاليَّأْسِ مِنْكَ فِي بَلاءٍ، إِلهِي مِنِّي ما يَلِيقُ بِلُؤْمِي وَمِنْكَ ما يَلِيقُ بِكَرَمِكَ، إِلهِي وَصَفْتَ نَفْسَكَ

____________________

١- طواء مقاديرك: تبديل قضائك.

١٢٨

بِاللُّطْفِ وَالرَّأْفَةِ لِي قَبْلَ وُجُودِ ضَعْفِي أَفَتَمْنَعُنِي مِنْهُما بَعْدَ وَجُودِ ضَعْفِي؟ إِلهِي إِنْ ظَهَرَتِ الـمَحاسِنُ مِنِّي فَبِفَضْلِكَ وَلَكَ الـمِنَّةُ عَلَيَّ وَإِنْ ظَهَرَتِ الـمَساوِيُ مِنِّي فَبِعَدْلِكَ وَلَكَ الحُجَّةُ عَلَيَّ، إِلهِي كَيْفَ تَكِلُنِي(١) وَقَدْ تَكَفَّلْتَ لِي وَكَيْفَ أُضامُ(٢) وَأَنْتَ النَّاصِرُ لِي، أَمْ كَيْفَ أَخِيبُ وَأَنْتَ الحَفِيُّ(٣) بِي؟ ها أَنا أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِفَقْرِي إِلَيْكَ وَكَيْفَ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِما هُوَ مَحالٌ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ، أَمْ كَيْفَ أَشْكُو إِلَيْكَ حالِي وَهُوَ لا يَخْفى عَلَيْكَ، أَمْ كَيْفَ أُتَرْجِمُ بِمَقالِي وَهُوَ مِنْكَ بَرَزٌ إِلَيْكَ(٤) ، أَمْ كَيْفَ تُخَيِّبْ آمالِي وَهِي قَدْ وَفَدَتْ إِلَيْكَ، أَمْ كَيْفَ لا تُحْسِنُ أَحْوالِي وَبِكَ قامَتْ؟ إِلهِي ما أَلْطَفَكَ بِي مَعَ عَظِيمِ جَهْلِي وَما أَرْحَمَكَ بِي مَعَ قَبِيحِ فِعْلِي! إِلهِي ما أَقْرَبَكَ مِنِّي وَأَبْعَدَنِي عَنْكَ وَما أَرْأَفَكَ بِي! فَما الَّذِي يَحْجُبُنِي عَنْكَ؟ إِلهِي عَلِمْتُ بِاخْتِلافِ الآثارِ وَتَنَقُّلاتِ الأطْوارِ أَنَّ مُرادَكَ مِنِّي أَنْ تَتَعَرَّفَ إِلَيَّ فِي كُلِّ شَيٍ حَتَّى لا أَجْهَلَكَ فِي شَيٍ، إِلهِي كُلَّما أَخْرَسَنِي لُؤْمِي أَنْطَقَنِي كَرَمُكَ وَكُلَّما آيَسَتْنِي أَوْصافِي أَطْمَعَتْني مِنَنُكَ، إِلهِي مَنْ كانَتْ مَحاسِنُهُ مَسَاوِيَ فَكَيْفَ لا تَكُونُ مَساوِؤُهُ مَساوِيَ، وَمَنْ كانَتْ حَقائِقُهُ دَعاوي فَكَيْفَ لا تَكُونُ دَعاواهُ دَعاوي، إِلهِي حُكْمُكَ النَّافِذُ وَمَشِيئَتُكَ القاهِرَةِ لَمْ

____________________

١- تكلُني: تفوض أمري إلى غيرك.

٢- أُضام: أُظلم.

٣- الحفي: المبالغة في الإكرام.

٤- برز إليك: ظاهر لديك.

١٢٩

يَتْرُكا لِذِي مَقالٍ مَقالاً وَلا لِذِي حالٍ حالاً، إِلهِي كَمْ مِنْ طاعَةٍ بنَيْتُها وَحالَةٍ شَيَّدْتُها هَدَمَ اعْتِمادِي عَلَيْها عَدْلُكَ بَلْ أَقالَنِي مِنْها فَضْلُكَ، إِلهِي إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي وَإِنْ لَمْ تَدُمِ الطَّاعَةُ مِنِّي فِعْلاً جَزْماً فَقَدْ دامَتْ مَحَبَّةً وَعَزْماً، إِلهِي كَيْفَ أَعْزِمُ وَأَنْتَ القاهِرُ وَكَيْفَ لا أَعْزِمُ وَأَنْتَ الأمِرُ؟ إِلهِي تَرَدُّدي فِي الآثارِ يُوجِبُ بُعْدَ الـمَزارِ فاجْمَعْنِي عَلَيْكَ بِخِدْمَةٍ تُوصِلُنِي إِلَيْكَ، كَيْفَ يُسْتَدَلُّ عَلَيْكَ بِما هُوَ فِي وُجُودِهِ مُفْتَقِرٌ إِلَيْكَ أَيَكُونُ لِمِنَ الظُّهُورِ ما لَيْسَ لَكَ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الـمُظْهِرَ لَكَ؟ مَتى غبْتَ حَتَّى تَحْتاجَ إِلى دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَيْكَ وَمَتى بَعُدْتَ حَتَّى تَكُونَ الآثارُ هِيَ الَّتِي تُوصِلُ إِلَيْكَ؟ عَمِيَتْ عَيْنٌ لا تَراكَ عَلَيْها رَقِيباً وَخَسِرَتْ صَفْقَةُ عَبْدٍ لَمْ تَجْعَلَ لَهُ مِنْ حُبِّكَ نَصِيباً، إِلهِي أَمَرْتَ بِالرُّجُوعِ إِلى الآثارِ فَارْجِعْنِي إِلَيْكَ بِكِسْوَةِ الأنْوارِ(١) وَهِدايَةِ الاِسْتِبْصارِ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ مِنْها كَما دَخَلْتُ إِلَيْكَ مِنْها مَصُونَ السِّرِّ عَنْ النَّظَرِ إِلَيْها وَمَرْفُوعَ الهِمَّةِ عَنِ الاِعْتِمادِ عَلَيْها إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيٍ قَدِيرٌ. إِلهِي هذا ذُلِّي ظاهِرٌ بَيْنَ يَدَيْكَ وَهذا حالِي لا يَخْفى عَلَيْكَ مِنْكَ أَطْلُبُ الوُصُولَ إِلَيْكَ وَبِكَ أَسْتَدِلُّ عَلَيْكَ فَاهْدِنِي بِنُورِكَ إِلَيْكَ وَأَقِمْنِي بِصِدْقِ العُبُودِيَّةِ بَيْنَ يَدَيْكَ، إِلهِي عَلِّمْنِي مِنْ عِلْمِكَ الـمَخْزُونِ وَصُنِّي بِسِتْرِكَ الـمَصُونِ إِلهِي حَقِّقْنِي بِحَقائِقِ أَهْلِ القُرْبِ وَاسْلُكَ بِي مَسْلَكَ أَهْلِ الجَذْبِ، إِلهِي أَغْنِنِي بِتَدْبِيرِكَ لِي عَنْ تَدْبِيرِي وَبِاخْتِيارِكَ

____________________

١- كسوة الأنوار: ثوب الهداية.

١٣٠

عَنْ اخْتِيارِي وَأوْقِفْنِي عَلى مَراكِزِ اضْطِرارِي، إِلهِي أَخْرِجْنِي مِنْ ذُلِّ نَفْسِي وَطَهِّرْنِي مِنْ شَكِّي وَشِرْكِي قَبْلَ حُلُولِ رَمْسِي(١) ، بِكَ أَنْتَصِرُ فَانْصُرْنِي وَعَلَيْكَ أَتَوَكَّلُ فَلا تَكِلْنِي وَإِيَّاكَ أَسْأَلُ فَلا تُخَيِّبْنِي وَفِي فَضْلِكَ أَرْغَبُ فَلا تَحْرِمْنِي وَبِجَنابِكَ أَنْتَسِبُ فَلا تُبْعِدْنِي وَبِبابِكَ أَقِفُ فَلا تَطْرُدْنِي، إِلهِي تَقَدَّسَ رِضاكَ أَنْ يَكُونَ لَهُ عِلَّةٌ مِنْكَ فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ عِلَّةٌ مِنِّي؟ إِلهِي أَنْتَ الغَنِيُّ بِذاتِكَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ النَّفْعُ مِنْكَ فَكَيْفَ لا تَكُونُ غَنِيّاً عَنِّي؟ إِلهِي إِنَّ القَضاء وَالقَدَرَ يُمَنِّيِني وَإِنَّ الهَوى بِوَثائِقِ الشَّهْوَةِ أَسَرَنِي فَكُنْ أَنْتَ النَّصِيرَ لِي حَتَّى تَنْصُرَنِي وَتُبَصِّرَنِي وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ حَتَّى اسْتَغْنِي بِكَ عَنْ طَلَبِي، أَنْتَ الَّذِي أَشْرَقْتَ الأنْوارَ فِي قُلُوبِ أَوْلِيائِكَ حَتَّى عَرَفُوكَ وَوَحَّدُوكَ وَأَنْتَ الَّذِي أَزَلْتَ الأغْيارَ عَنْ قُلُوبِ أَحِبَّائِكَ حَتَّى لَمْ يُحِبُّوا سِواكَ وَلَمْ يَلْجَأَوا إِلى غَيْرِكَ أَنْتَ الـمُوْنِسُ لَهُمْ حَيْثُ أَوْحَشَتْهُمُ العَوالِمُ وَأَنْتَ الَّذِي هَدَيْتَهُمْ حَيْثُ اسْتَبانَتْ لَهُمْ الـمَعالِمُ، ماذا وَجَدَ مَنْ فَقَدَكَ وَما الَّذِي فَقَدَ مَنْ وَجَدَكَ؟!

لَقَدْ خابَ مَنْ رَضِيَ دُونَكَ بَدَلاً وَلَقَدْ خَسِرَ مَنْ بَغى عَنْكَ مُتَحَوَّلاً، كَيْفَ يُرْجى سِواكَ وَأَنْتَ ما قَطَعْتَ الإحْسانَ وَكَيْفَ يُطْلَبُ مِنْ غَيْرِكَ وَأَنْتَ ما بَدَّلْتَ عادَةَ الاِمْتِنانِ؟ يا مَنْ أَذاقَ

____________________

١- حلول رمسي: حلول أجلي.

١٣١

أَحِبَّأَهُ حَلاوَةَ الـمُؤانَسَةِ فَقامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُتَمَلِّقِينَ(١) وَيا مَنْ أَلْبَسَ أَوْلِيائهُ مَلابِسَ هَيْبَتِهِ فَقامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُسْتَغْفِرِينَ، أَنْتَ الذَّاكِرُ قَبْلَ الذَّاكِرِينَ وَأَنْتَ البادِيُ بِالإحْسانِ قَبْلَ تَوَجُّهِ العابِدِينَ وَأَنْتَ الجَوادُ بِالعَطاءِ قَبْلَ طَلَبِ الطَّالِبِينَ وَأَنْتَ الوَهَّابُ ثُمَّ لِما وَهَبْتَ لَنا مِنَ الـمُسْتَقْرِضِينَ، إِلهِي اطْلُبْنِي بِرَحْمَتِكَ حَتَّى أَصِلَ إِلَيْكَ وَاجْذُبْنِي بِمَنِّكَ حَتَّى أُقْبِلَ عَلَيْكَ، إِلهِي إِنَّ رَجائِي لا يَنْقَطِعُ عَنْكَ وَإِنْ عَصَيْتُكَ كَما أَنَّ خَوْفِي لا يُزايِلُنِي(٢) وَإِنْ أَطَعْتُكَ فَقَدْ دَفَعَتْنِي العَوالِمُ إِلَيْكَ وَقَدْ أَوْقَعَنِي عِلْمِي بِكَرَمِكَ عَلَيْكَ، إِلهِي كَيْفَ أَخِيبُ وَأَنْتَ أَمَلِي أَمْ كَيْفَ اُهانُ وَعَلَيْكَ مُتَّكَلِي، إِلهِي كَيْفَ أسْتَعِزُّ وَفِي الذِّلَّةِ أَرْكَزْتَنِي(٣) أَمْ كَيْفَ لا أَسْتَعِزُّ وَإِلَيْكَ نَسَبْتَنِي؟ إِلهِي كَيْفَ لا أَفْتَقِرُ وَأَنْتَ الَّذِي فِي الفُقَراءِ أَقَمْتَنِي أَمْ كَيفَ أَفْتَقِرُ وَأَنْتَ الَّذِي بِجُودِكَ أَغْنَيْتَنِي وَأَنْتَ الَّذِي لا إِلهَ تَعَرَّفْتَ لِكُلِّ شَيٍ فَما جَهِلَكَ شَيٌ وَأَنْتَ الَّذِي تَعَرَّفْتَ إِلَيَّ فِي كُلِّ شَيٍ فَرَأَيْتُكَ ظاهِراً فِي كُلِّ شَيٍ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ لِكُلِّ شَيٍ.

يا مَنْ اسْتَوى بِرَحْمانِيَّتِه فَصارَ العَرْشُ غَيْباً فِي ذاتِهِ مَحَقْتَ الآثارَ بِالآثارِ وَمَحَوْتَ الأغْيارَ بِمُحِيطاتِ أَفْلاكِ الأنْوارِ، يا مَنْ احْتَجَبَ فِي سُرادِقاتِ عَرْشِهِ عَنْ أَنْ تُدْرِكَهُ الأبْصارُ يا مَنْ تَجَلّى بِكَمالِ بَهائِهِ فَتَحَقَّقَتْ عَظَمَتُهُ الاِسْتِواءِ، كَيْفَ تَخْفى وَأَنْتَ

____________________

١- متملِّقين: متودِّدين.

٢- لا يزايلني: لا يفارقني.

٣- أركزتني: ثبَّتني.

١٣٢

الظَّاهِرُ أَمْ كَيْفَ تَغِيبُ وَأَنْتَ الرَّقِيبُ الحاضِرُ؟ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيٍ قَدِيرٌ وَالحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ.

وعلى أيّ حال فقد وردت أدعية وأعمال كثيرة في هذا اليوم لمن وفّق فيه لحضور عرفات، وأفضل أعمال هذا اليوم الشريف الدعاء وهو يوم قد امتاز بالدعاء امتيازاً وينبغي الإكثار فيه من الدعاء للإخوان المؤمنين أحياءً وأمواتاً، والرواية الواردة في شأن عبد الله بن جندب في الموقف بعرفات ودعائه لإخوانه المؤمنين مشهورة، ورواية زيد النرسيّ في شأن الثقة الجليل معاوية بن وهب في الموقف ودعائه في حقّ إخوانه في الآفاق واحداً واحداً، وروايته عن الصادقعليه‌السلام في فضل هذا العمل ممّا ينبغي الاطلاع عليه والتدبّر فيه.

والرجاء الواثق من إخواني المؤمنين أن يجعلوا هؤلاء العظماء قدوة يقتدون بهم فيؤثرون على أنفسهم إخوانهم المؤمنين بالدعاء ويعدّونني في زمرتهم وأنا العاصي الذي سوّدت وجهي الذنوب فلا ينسونني من الدعاء حيّاً وميتاً. وقل في آخر نهار عرفة:

يا رَبِّ إِنَّ ذُنُوبِي لا تَضُرُّكَ وَإِنَّ مَغْفِرَتَكَ لِي لا تَنْقُصُكَ فَأَعْطِنِي ما لا يَنْقُصُكَ وَاغْفِرْ لِي ما لا يَضُرُّكَ.

وَقل أيضاً: اللّهُمَّ لا تَحْرِمْنِي خَيْرَ ما عِنْدَكَ لِشَرِّ ما عِنْدِي فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَرْحَمْنِي بِتَعَبِي وَنَصَبِي فَلا تَحْرِمْنِي أَجْرَ الـمُصابِ عَلى مُصِيبَتِهِ.

١٣٣

أقول: قال السيّد ابن طاووس في خلال أدعية يوم عرفة: إذا دنا غروب الشمس فقل: بِسْمِ الله وَبِالله وَسُبْحانَ الله وَالحَمْدُ للهِ... الدعاء وهذا هو دعاء العشرات السالف. فجدير أن لا يترك في آخر نهار عرفة قراءة دعاء العشرات المسنون في كلّ صباح ومساء، وهذه الأذكار التي أوردها الكفعميّ هي الأذكار الواردة في آخر دعاء العشرات كما أورده السيّد

وآخر دعوانا ان الحمد لله ربّ العالمين

١٣٤

الفهرس

المقدمة ٣

المحاضرة الأولى: فضل فريضة الحجّ وثوابها ١٤

المحاضرة الثانية: آداب وأعمال المسجد الحرام ١٨

المحاضرة الثالثة: التوحيد خلاصة الحجّ الإبراهيميّ ٢٤

المحاضرة الرابعة: آداب السفر الى الحجّ ٢٨

المحاضرة الخامسة: الآداب العامة للحجّ ٣٢

المحاضرة السادسة: الإحرام والتلبية ٣٦

المحاضرة السابعة: بركات البيت العتيق ٤٠

المحاضرة الثامنة: الطواف في الحجّ ٤٥

المحاضرة التاسعة: الصفا والمروة ٥٠

المحاضرة العاشرة: الوقوف بعرفة ٥٤

المحاضرة الحادية عشرة: ذكر الله ٥٨

المحاضرة الثانية عشرة: آداب ومستحبّات عيد الأضحى ٦٢

المحاضرة الثالثة عشرة: الإستقامة بعد أداء فريضة الحجّ ٦٦

المحاضرة الرابعة عشرة: زيارة الرسول في المدينة ٧٠

فضل مكة ٧٤

فضل المدينة ٩٦

دعاء عرفة ١١١

الفهرس ١٣٥

١٣٥