الـمُنتخب في جمع المراثي والخطب المشتهر بـ (الفخري)

الـمُنتخب في جمع المراثي والخطب المشتهر بـ (الفخري)16%

الـمُنتخب في جمع المراثي والخطب المشتهر بـ (الفخري) مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 493

الـمُنتخب في جمع المراثي والخطب المشتهر بـ (الفخري) الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 493 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 70392 / تحميل: 5604
الحجم الحجم الحجم
الـمُنتخب في جمع المراثي والخطب المشتهر بـ (الفخري)

الـمُنتخب في جمع المراثي والخطب المشتهر بـ (الفخري)

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

النقي »(١) .

٢ - الحسيني في ( ذيل تذكرة الحافظ / ١٢٥ ) وأرخ وفاته سنة ٧٤٩ وسمى كتابه هذا بالدر النقي.

*(١٠٢)*

رواية شمس الدين الواسطي

رواه في مجمع الأحباب(٢) قال: « وفي حديث صحيح مسلم أيضاً عن زيد ابن أرقم في جملة حديث طويل قال: فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بماء يدعى خماً بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر، ثم قال بعد: ألا أيها الناس! فإنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول الله فأجيب وانّي تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به. فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي ».

ترجم له:

١ - ابن حجر في وفيات سنة ٧٧٦ فقال: « محمد بن الحسن بن عبد الله الحسيني الواسطي نزيل القاهرة ولد سنة ٧١٧ واشتغل ببلاده ثم قدم الشام وتميز وأفاد ودرس وكان بارعاً في الفقه والأصول وجمع شيئاً في الرد

__________________

(١). الدرر الكامنة ٣ / ١٥٦.

(٢). ذكره في كشف الظنون ٢ / ١٥٩٦ باسم مجمع الاخبار في مناقب الأخيار وقال: المشهور انه يقال له مجمع الأحباب وتذكرة اولى الألباب، وقال: واقتفى في ترتيبه أثر الحلية انتهى.

والظاهر انه لخص الحلية حلية الاولياء لابي نعيم فحذف أشياء وأضاف أشياء كما ذكر ابن حجر: واختصر الحلية. ورأيت منه نسخاً في مكتبات تركيا منها نسخة من القرن العاشر في مكتبة لاله لي رقم ٢٠٩٦ بالمكتبة السليمانية باسلامبول ذكر حديث الثقلين فيه في ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام في الورقة ٧٨ ب.

٢٠١

على التناقض للاسنوي واختصر الحلية، وكان منجمعاً عن الناس، وله تفسير كبير، وخطه مليح من ستين سنة الى الآن »(١) .

٢ - ( الدرر الكامنة ٤ / ٤١٠ ) رقم ٣٦٤٠.

٣ - ابن العماد في ( شذرات الذهب ٦ / ٢٠٥ ).

*(١٠٣)*

رواية تقى الدين المقريزى

أخرج حديث الثقلين في كتابه: معرفة ما يجب لال البيت النبوي(٢) من الحق على من عداهم ص ٣٨ عن سنن الترمذي.

والمقريزي هو أبو العباس أحمد بن علي بن عبد القادر المصري الحسيني العبيدي.

ترجم له:

١ - ابن تغرى بردي ووصفه بالشيخ الامام العالم البارع عمدة المؤرخين وعين المحدثين تقي الدين المقريزي البعلبكي الأصل المصري المولد والدار والوفاة وتفقه وبرع وصنف التصانيف المفيدة النافعة الجامعة لكل علم، وكان ضابطاً مؤرخاً مفنناً محدثاً معظماً في الدول وكان اماماً مفنناً كتب الكثير بخطه وانتقى أشياء وحصل الفوائد واشتهر ذكره في حياته وبعد موته في التاريخ وغيره حتى صار به يضرب المثل، وكان له محاسن شتى ومحاضرة جيدة الى الغاية ولا سيما في ذكر السلف من العلماء والملوك وغير ذلك. وكان منقطعاً في داره ملازماً للعبادة والخلوة قل ان يتردد الى أحد الا

__________________

(١). أنباء الغمر ١ / ١٢٨.

(٢). طبعة مصر مطبوعات دار الاعتصام بالقاهرة بتحقيق محمد أحمد عاشور سنة ١٣٩٢.

٢٠٢

لضرورة الا انه كان كثير التعصب على السادة الحنيفة وغيرهم لميله الى مذهب الظاهر.

وقرأت عليه كثيراً من مصنفاته الى ان عدد تصانيفه وذكر منها التنازع والتخاصم وكتاب في معرفة ما يجب لال البيت النبوي من الحق على من عداهم ولم يزل ضابطا حافظا للوقائع والتاريخ مع حسن الخلق وكرم العهد وكثرة التواضع وعلو الهمة لمن يقصد والعبادة والتقوى، الى ان توفى يوم الخميس سادس عشر شهر رمضان سنة ٨٤٥ ودفن من الغد في مقبرة الصوفية خارج باب النصر من القاهرة رحمه الله تعالى(١) .

٢ - معاصرهالحافظ ابن حجر وقال: « وكان اماماً بارعاً مفنناً متقناً ضابطاً ديناً خيراً ...»(٢) .

٣ - السخاوي ترجمة مطولة(٣) .

٤ - ابن المعاد في ( شذرات الذهب ٧ / ٢٥٤ ).

٥ - السيوطي في ( حسن المحاضرة ١ / ٥٥٧ ).

*(١٠٤)*

رواية عثمان بن حاجي بن محمد الهروي

روى حديث الثقلين في شرحه على مصابيح السنة في الورقة ١٧٨ / أ من نسخة من القرن العاشر في المكتبة السليمانية رقم ٢٨٨(٤) .

__________________

(١). المنهل الصافي ١ / ٣٩٤ - ٣٩٩.

(٢). أنباء الغمر ٩ / ١٧٠.

(٣). الضوء اللامع ٢ / ٢١ - ٢٥.

(٤). منه نسخة في الخزانة التيمورية رقم ٢٥٤ حديث كما في فهرسها ج ١ ص ٢١٧ ولم يورخ وفاته.

٢٠٣

*(١٠٥)*

رواية الحافظ ابن حجر العسقلاني

أخرجه في كتاب ( المطالب العالية(١) بزوائد المسانيد الثمانية(٢) ٤ / ٦٥ ) في باب فضائل علي برقم ٣٩٧٢ عن عليعليه‌السلام :

« ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حضر الشجرة بخم ثم خرج آخذاً بيد علي فقال: ألستم تشهدون ان الله بكم؟ قالوا: بلى. قال: ألستم تشهدون ان الله ورسوله مولاكم؟ فقالوا: بلى. قال: فمن كان الله ورسوله مولاه فان هذا مولاه، وقد تركت فيكم ما ان أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله سببه بيده وسببه بأيديكم، وأهل بيتي.

هذا اسناد صحيح ».

ثم أورد بعده حديث الغدير ثم قال: هما لاسحاق.

ورواه الحافظ ابن حجر في زوائد مسند البزار في الورقة ٢٧٧ / أ:

« حدثنا أحمد بن منصور ثنا داود بن عمرو ثنا صالح بن موسى بن عبد الله حدثني عبد العزيز بن رفيع عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي قد خلفت فيكم اثنين لن تضلوا بعدهما أبداً: كتاب الله وعترتي، لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.

حدثنا الحسين بن علي بن جعفر ثنا علي بن ثابت ثنا سفيان بن سليمان عن أبي اسحاق عن علي قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي مقبوض وانّي قد تركت فيكم الثقلين: كتاب الله وأهل بيتي وانكم لن تضلوا بعدهما ».

__________________

(١). طبعة المطبعة العصرية بالكويت نشر التراث الاسلامي ادارة الشئون الاسلامية بوزارة الاوقاف الكويتية بتحقيق الاستاذ المحقق حبيب الرحمن الاعظمى سنة ١٣٩٣.

(٢). وهي مسانيد أبى داود الطيالسي والحميدي وابن أبى عمر ومسدد وابن منيع البغوي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد الكشي والحارث بن أبى أسامة وأضاف إليها من مسندي أبى يعلى وابن راهويه.

٢٠٤

ترجم له:

١ - السخاوي ترجمة مطولة فقال: « أحمد بن علي بن محمد بن محمد ابن علي بن أحمد، شيخي الاستاذ امام الائمة الشهاب أبو الفضل الكناني العسقلاني المصري ثم القاهري الشافعي ويعرف بابن حجر وهو لقب لبعض آبائه وأملى ما ينيف على ألف مجلس من حفظه واشتهر ذكره وبعد صيته وارتحل الائمة اليه، وتبجح الاعيان بالوفود عليه، وكثرت طلبته حتى كان رؤوس العلماء من كل مذهب من تلامذته، وأخذ الناس عنه طبقة بعد اخرى والحق الابناء بالاباء والاحفاد بل وأبناءهم بالاجداد، ولم يجتمع عند أحد مجموعهم وقهرهم بذكائه وتفوق تصوره وسرعة ادراكه واتساع نظره ووفور آدابه، وامتدحه الكبار وتبجح فحول الشعراء بمطارحته وطارت فتواه التي لا يمكن دخولها تحت الحصر في الافاق وحدث بأكثر مروياته خصوصاً المطولات منها، كل ذلك مع شدة تواضعه وحلمه وبهائه وتحريه في مأكله ومشربه وملبسه وصيامه وقيامه وبذله وحسن عشرته ومزيد مداراته ولذيذ محاضراته ورضي أخلاقه وميله لاهل الفضائل، وانصافه في البحث ورجوعه الى الحق وخصاله التي لم تجتمع لاحد من أهل عصره وقد شهد له القدماء بالحفظ والثقة والامانة والمعرفة التامة والذهن الوقاد، والذكاء المفرط وسعة العلم في فنون شتى، وشهد له شيخه العراقي بأنه اعلم أصحابه بالحديث وقال كل من التقي الفاسي والبرهان الحلبي: ما رأينا مثله وأفردت له ترجمة حافلة لا تفي ببعض أحواله في مجلد ضخم أو مجلدين كتبها الائمة عنى وانتشرت نسخها وحدث بها الاكابر غير مرة بكل من مكة والقاهرة وأرجو كما شهد غير واحد ان تكون غاية في بابها سميتها الجواهر والدرر.

وقد قرأت عليه الكثير جداً من تصانيفه ومروياته ولم يزل على جلالته وعظمته في النفوس ومداومته على أنواع الخيرات الى ان توفى في أواخر ذي الحجة سنة اثنتين وخمسين [ وثمانمائة]...»(١) .

__________________

(١). الضوء اللامع ٢ / ٣٦ - ٤٠.

٢٠٥

٢ - وفي ( ذيل رفع الاصر ٨٩ - ٧٥ ) وسماه هناك: أحمد بن عبد الله.

٣ - تقى الدين الفاسى في ( ذيل تذكرة الحفاظ / ٣٨٠ ).

٤ - السيوطي في ( حسن المحاضرة ١ / ٣٦٣ ).

٥ - ابن العماد في ( شذرات الذهب ٧ / ٢٧٠ ).

*(١٠٦)*

رواية ابن الديبع الشيباني

رواه حيث قال: « وعن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألا وأني تارك فيكم ثقلين أحدهما كتاب الله تعالى وهو حبل الله الذي من اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على الضلالة وعترتي أهل بيتي.

فقلنا: من أهل بيته نساؤه؟ قال ايم الله ان المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر فيطلقها فترجع الى أبيها وقومها، أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده. أخرجه مسلم. سمى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم القرآن العزيز وأهل بيته ثقلين لان الاخذ بهما والعمل بما يجب لهما ثقيل. وقيل: العرب تقول لكل نفيس خطير: ثقل فجعلهما ثقلين اعظاماً لقدرهما وتفخيماً لشأنهما »(١) .

ترجم له:

١ - الغزي فقال: « عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن يوسف الشيخ الامام العلامة الاوحد المحقق الفهامة، محدث اليمن ومؤرخها ومحيي علوم الاثر بها، وحيد الدين أبو الفرج الشيباني الزبيدي الشافعي المعروف

__________________

(١). تيسير الوصول الى جامع الاصول ٣ / ٢٩٧.

٢٠٦

بابن الديبع بكسر الدال المهملة »(١) .

٢ - ابن العيدروس ترجمة ترجمة مطولة وبالغ في الثناء عليه ووصفه بالامام الحافظ الحجة المتقن شيخ الاسلام علامة الانام الجهبذ الامام مسند الدنيا، أمير المؤمنين في حديث سيد المرسلين، خاتمة المحققين شيخ مشايخنا المبرزين.(٢)

٣ - الشوكانى في ( البدر الطالع ١ / ٣٣٥ ).

٤ - ابن العماد في ( شذرات الذهب ٨ / ٢٥٥ ) في المتوفين سنة ٩٤٣.

*(١٠٧)*

رواية شمس الدين ابن طولون

قال في ( الشذرات الذهبية ٦٦ )(٣) : « وفي صحيح مسلم عن زيد بن أرقم قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وتارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به - فحث على كتاب الله ورغب فيه - ثم قال: وأهل بيتي، اذكركم الله في أهل بيتي ».

ترجم له:

١ - الغزي فقال: « محمد بن علي بن طولون. محمد بن علي بن محمد الشيخ الامام العلامة المسند المفنن الفهامة شمس الدين أبو عبد الله ابن الشيخ علاء الدين ابن الخواجة شمس الدين الشهير بابن طولون الدمشقي الصالحي الحنفي المحدث النحوي

وكان ماهراً في النحو علّامة في الفقه مشهوراً بالحديث وولي تدريس

__________________

(١). الكواكب السائرة ٢ / ١٥٨.

(٢). النور المسافر ٢١٢ - ٢٢١.

(٣). طبعة بيروت باسم الائمة الاثنا عشر حققه ونشره الدكتور صلاح الدين المنجد سنة ١٣٧٧.

٢٠٧

الحنفية بمدرسة شيخ الاسلام أبى عمر وامامة السليمية بالصالحية، وقصده الطلبة في النحو ورغب الناس في السماع منه وكانت أوقاته معمورة بالتدريس والافادة والتأليف، كتب بخطه كثيراً من الكتب وعلق ستين جزء وسماها بالتعليقات كل جزء منها مشتمل على مؤلفات كثيرة أكثرها من جمعه وبعضها لغيره، منها كثير من تأليفات شيخه السيوطي. وكانت أوقاته معمورة كلها بالعلم والعبادة وله مشاركة في سائر العلوم حتى في التعبير والطب.

توفى رحمه الله تعالى يوم الاحد حادي عشر أو ثاني عشر جمادى الاولى سنة ٩٥٣ »(١) .

٢ - ( شذرات الذهب ٨ / ٢٩٨ ).

*(١٠٨)*

رواية السوسي المغربي

أورد حديث الثقلين في كتابه ( جمع الفوائد من جامع الاصول ومجمع الزوائد(٢) ١ / ١٦ ).

« عن زيد بن أرقم قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الاخر وهو كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما. للترمذي ».

وفي ج ٢ ص ٢٣٦ باب مناقب أهل البيتعليهم‌السلام أيضاً عن زيد بن أرقم بلفظ مسلم. ثم قال: لمسلم.

__________________

(١). الكواكب السائرة ٢ / ٥٢.

(٢). طبعة الهند عام ١٣٤٦ في المطبعة الخيرية ببلدة ميرته.

٢٠٨

ترجم له:

المحبى فقال: « محمد بن محمد بن سليمان بن الفاسي - وهو اسم لا نسبة الى فاس - ابن طاهر السوسي الروداني المغربي المالكي نزيل الحرمين: الامام الجليل المحدث المفنن فرد الدنيا في العلوم كلها الجامع بين منطوقها ومفهومها والمالك لمجهولها ومعلومها ولد سنة ١٠٣٧. والظاهر من شأنه كما نقلت عن شيخنا المرحوم عبد القادر بن عبد الهادي وهو ممن أخذ عنه وسافر الى الروم في صحبته وانتفع به وكان يصفه بأوصاف بالغة حد الغلو فانه كان يقول انه يعرف الحديث والاصول معرفة ما رأينا من يعرفها ممن أدركناه، وأما علوم الادب فاليه النهاية وكان في الحكمة والمنطق والطبيعي والالهي الاستاذ الذي لا تنال مرتبته وقد أخذ عنه بمكة والمدينة والروم خلق ومدحه جماعة وأثنوا عليه، وكانت وفاته بدمشق يوم الاحد عاشر ذي القعدة سنة ١٠٩٤ »(١) .

*(١٠٩)*

رواية العصامي المكي

قال في الحديث السادس والثلاثون ومائة: « أخرج ابن أبي شيبة أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال في مرض موته: أيها الناس يوشك ان اقبض قبضاً سريعاً فينطلق بي وقد قدمت اليكم القول معذرة اليكم.

ألا اني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي.

ثم أخذ بيد علي فرفعها فقال: هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض فأسألهما ما خلفت فيهما؟ »(٢) .

__________________

(١). خلاصة الاثر ٤ / ٢٠٤.

(٢). سمط النجوم العوالي ٢ / ٥٠٢.

٢٠٩

ترجم له:

١ - الشوكانى : « عبد الملك بن حسين بن عبد الملك العصامي المكي المتوفى سنة ١١١١»(١) .

٢ - المرادي في ( سلك الدرر ٣ / ١٣٩ ).

*(١١٠)*

رواية محمد بن امين المحبى

أورده في كتابه ( جنى الجنتين في تمييز نوعي المثنيين / ٣١ ).

ترجم له:

١ - تلميذه السؤالاتى في ( ذيل نفحة الريحانة ٦ / ٤٠٠ - ٤٤٤ ).

٢ - المرادي في ( سلك الدرر ٤ / ٨٦ ).

٣ - عبد الفتاح الحلو في مقدمة ( نفحة الريحانة ١ / ٤ - ٣٤ ).

*(١١١)*

رواية كمال الدين ابن حمزة الحسيني

أورده في كتاب ( البيان والتعريف ) وفي حرف الالف:

« أما بعد ألا أيها الناس! انما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وانّي تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور من استمسك به وأخذ به كان على الهدى ومن أخطأه ضل. فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به وأهل بيتي، اذكركم الله في أهل بيتي، اذكركم الله في أهل بيتي.

أخرجه الامام أحمد ومسلم وعبد بن حميد عن زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه

__________________

(١). البدر الطالع ١ / ٤٠٢.

٢١٠

ثم أورده ص ١٦٥ عن صحيح مسلم »(١) .

وأورده في حرف الكاف:

« كأني قد دعيت فأجبت، انّي تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الاخر كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.

ان الله مولاي وأنا مولى كل مؤمن، من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

أخرجه الطبراني في الكبير والحاكم عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم »(٢) .

ترجم له:

١ -المرادي وقال: « العالم الامام المشهور، المحدث النحوي العلامة، كان وافر الحرمة مشهوراً بالفضل الوافر، أحد الاعلام المحدثين والعلماء الجهابذة فذكر تآليفه وأرّخ وفاته بسنة ١١٢٠»(٣) .

٢ -المحبى في ( نفحة الريحانة ٢ / ٨٦ ) رقم ٦٦.

*(١١٢)*

رواية عبد الغنى النابلسى

رواه في كتابه ( ذخائر المواريث ١ / ٢١٥ ) برقم ١٩٣: « انطلقت أنا وحصين ابن سبرة وعمر بن مسلم الى زيد بن أرقم انّي تارك فيكم ثقلين ( م ) في الفضائل عن زهير بن حرب وشجاع بن مخلد، ( ت ) في المناقب عن علي بن المنذر وعطية ( ه‍ ) في السنة عن أبي بكر بن أبي شيبة ».

__________________

(١). البيان والتعريف ١ / ١٦٤.

(٢). البيان والتعريف ٢ / ١٣٦.

(٣). سلك الدرر ١ / ٢٢.

٢١١

ترجم له:

وهو عبد الغني بن اسماعيل النابلسي الدمشقي الحنفي النقشبندي القادري المتوفى سنة ١١٤٣.

١ - المحبى فقال: « بحر علم لا يدرك غوره وفلك فضل على قطب الرحى دوره ولديه من المعلومات ما يشق على القلم حشره ويتعسر على الكلم نشره وتآليفه تكاثر السحب المواطر »(١) .

٢ - المرادي وعدد تآليفه الكثيرة(٢) .

*(١١٣)*

رواية الشبراوي شيخ الازهر

أورد في كتابه حديث الثقلين عن زيد بن أرقم نقلا عن مسلم في صحيحه والترمذي في سننه(٣) .

ترجم له:

المرادي في ( سلك الدرر ٣ / ١٠٧ ).

*(١١٤)*

رواية مير غنى الحسيني

رواه في كتابه ( الدرة اليتيمة في بعض فضائل السيدة العظيمة ) فاطمة الزهراء سيدة النساء سلام الله عليها قال في الورقة(٤) ٨ ب:

__________________

(١). نفحة الريحانة ٢ / ١٣٧.

(٢). سلك الدرر ٣ / ٣٠.

(٣). الاتحاف بحب الاشراف: ٦.

(٤). نسخة المكتبة الظاهرية ضمن مجموعة رقم ٣٦٧١ من الورقة ٧١ - الى الورقة ٧٧ كتب سنة ١٢١٤ فهرس التاريخ للريان ص ٦٠٥.

٢١٢

« وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم ما ان أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما ».

ترجم له:

وهو عفيف الدين أبو السيادة عبد الله بن ابراهيم بن حسن مير غني الحسيني المتقي المكي الطائفي الحنفي الملقب بالمحبوب المتوفى ١٢٠٧(١) .

البيطار وساق نسبه الى الامام الجوادعليه‌السلام ، وحكى ترجمته عن الجبرتي الى أن قال: « ومآثره شهيرة ومفاخره كثيرة، وكراماته كالشمس في كبد السماء وكالبدر في غيهب الظلماء، وأحواله في احتجابه عن الناس مشهورة وأخباره في زهده عن الدنيا على ألسنة الناس مذكورة ».

ثم عدد تآليفه ومنها السهم الداحض في نحر الروافض!! ومنها الفروع الجوهرية في الائمة الاثني عشرية. ومنها الدرة اليتيمة في فضائل السيدة العظيمة ألفها سنة ١١٦٤(٢) .

*(١١٥)*

رواية أحمد زيني دحلان

روى حديث الثقلين حيث قال: « ومن علامات محبتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم محبة أصحابه وأهل بيته وذريته وقرابته وروى مسلم عن زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه قال: قام فينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطيباً فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد أيها الناس

والثقلان تثنية ثقل بالتحريك كما في القاموس وهو كل شيء نفيس مصون.

__________________

(١). وأرخ وفاته في فهرس الخزانة التيمورية ١ / ٢٣٩ سنة ١١٩٣ أو ٩٤.

(٢). حلية البشر ٢ / ١٠١١.

٢١٣

و روى الامام أحمد أيضاً عن أبي سعيد الخدريرضي‌الله‌عنه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اني أوشك أن أدعى فأجيب وانّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض، وعترتي أهل بيتي، وان اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا بما تخلفوني فيهما.

وعترة الرجل أهله ورهطه، أي أقاربه »(١) .

*(١١٦)*

رواية الكمشخانوى

رواه في كتاب ( راموز الاحاديث ) وهذا لفظه: « انّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل من اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على الضلالة. ش حم حب عن زيد بن أرقم.

اني اوشك أن أدعى فأجيب وانّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض وعترتي أهل بيتي، وان اللطيف الخبير خبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما. ش وابن سعد حم ع عن أبي سعيد »(٢) .

*(١١٧)*

رواية بهجت افندى

رواه في ( تاريخ آل محمد ٤٥ ) حيث قال: « حديث الثقلين رواه جميع المحدثين وخصوصاً البخاري ومسلم وأحمد بن حنبل ومالك بن أنس، وقد حكموا بصحته »

__________________

(١). السيرة النبوية ٢ / ٣٠٠.

(٢). راموز الاحاديث ١٤٤.

٢١٤

ثم ذكر متن الحديث بأحد ألفاظه وأوضح مداليله ومعانيه

*(١١٨)*

رواية منصور على ناصف

رواه « عن يزيد بن حيانرضي‌الله‌عنه قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم الى زيد بن أرقم. رواه مسلم في فضائل علي، والترمذي ولفظه:

انّي تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الاخر كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما »(١) .

*(١١٩)*

رواية النبهاني

رواه في ( الفتح الكبير ١ / ٤٥١ ) حيث قال:

« انّي تارك فيكم خليفتين كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والارض وعترتي أهل بيتي وانهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض. حم طب عن زيد ابن ثابت.

ز - انّي تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الاخر كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. ت عن زيد ابن أرقم ».

ورواه في كتاب ( الشرف المؤبد ١٨، ٢٤ ) أيضاً.

__________________

(١). التاج الجامع للاصول ٣ / ٣٠٨ - ٣٠٩.

٢١٥

*(١٢٠)*

رواية العباس اليمنى

ورواه العباس بن أحمد اليميني في كتابه ( الروض النضير ٥ / ٣٤٣، ٤٦٦ ) فليراجع.

*(١٢١)*

رواية المباركفورى

ورواه الامام الحافظ أبو العلى محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري في ( تحفة الاحوذي بشرح جامع الترمذي ١٠ / ٢٨٧ - ٢٩١ ) وقد شرح الحديث وأوضح معانيه بما لا مزيد عليه.

*(١٢٢)*

رواية أحمد البنا

قال في ( الفتح الرباني بترتيب مسند أحمد بن حنبل الشيباني ١ / ١٨٦ ): « كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب في الاعتصام بكتاب الله عز وجل »:

١ - عن يزيد بن حيان التيمي قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر ابن مسلم الى زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه ، فلما جلسنا اليه قال له حصين

٢ - عن أبي سعيد الخدريرضي‌الله‌عنه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « انّي تارك فيكم الثقلين ...».

وقد ذكر شرح كل ذلك وتخريجه في ( بلوغ الاماني من أسرار الفتح الرباني ) المطبوع معه.

وقال في ( بلوغ الاماني المطبوع في ذيل الفتح الرباني ٤ / ٢٦ ) بعد

٢١٦

كلام له: « ولكن هاهنا مانع من حمل الال على جميع الامة، وهو حديث: انّي تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي. الحديث وهو في صحيح مسلم وغيره ».

*(١٢٣)*

رواية عبد الله الشافعي

رواه في ( ارجح المطالب ٣٣٥ - ٣٤١ ) عن كبار الائمة الحفاظ من حديث زيد بن ثابت، زيد بن ارقم، وأبي سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله، وزيد بن أسلم، وعليعليه‌السلام ، وابى ذر، وأبي رافع، وأبى هريرة، وأمهاني ، وأم سلمة.

ومن حديث عامر بن أبى ليلى وحذيفة بن اسيد وزيد بن ارقم جميعاً عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ومن حديث ابى الطفيل حديث مناشدة عليعليه‌السلام ، قال:فقام سبعة عشر رجل

قال: وعن محمد بن عبد الرحمن بن خلاد - وكان من رهط جابر بن عبد الله - حيث اخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي والفضل بن عباس في مرض وفاته قال: فخرج يعتمد عليهما حتى جلس على المنبر وعليه عصابة فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: اما بعد أيها الناس فماذا تستنكرون من موت نبيكم ألم ينع اليكم نفسه وتنع اليه أنفسكم؟ ام هل خلد احد ممن بعث قبلي فابعثوا اليه فأخذ بكم، فانى لا حق بربي وقد تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله بين ايديكم تقرءونه صباحاً ومساءاً، فيه ما تلقون، واهل بيتي.

اخرج السيد ابو الحسن يحيى بن الحسن في كتابه اخبار المدينة.

٢١٧

*(١٢٤)*

رواية أبى رية

رواه في كتابه ( أضواء على السنة المحمدية ٤٠٤ ) حيث قال:

« وفي رواية: انّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي.

وقد جاء هذا الحديث بروايات مختلفة - والمعنى واحد - في كثير من كتب السنة، واذا أردت الوقوف على هذه الروايات فارجع الى كتاب ( المراجعات ) التي جرت بين العلامة شرف الدين الموسويرحمه‌الله وبين الاستاذ الكبير الشيخ سليم البشري شيخ الازهر سابقاً في الصفحات من ٢٠ ما بعدها من الطبعة الرابعة ».

*(١٢٥)*

رواية توفيق ابى علم

رواه في كتاب ( اهل البيت ٧٧ - ٨٠ ) ثم علق عليه وبحث حوله بكلام طويل ننقله هنا لفوائده الجمة قال:

« حديث الثقلين(١) : وعن زيد بن أرقم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انا تارك فيكم الثقلين

__________________

(١). في الهامش: أحاديث الثقلين من الاحاديث التي رواها أجلاء علماء أهل السنة وأكابر محدثيهم في صحاحهم بأسانيدهم المتعددة واتفق على روايتها الفريقان، فرواها مسلم والترمذي في صحيحهما والامام أحمد بن حنبل في مسنده والثعلبي في تفسيره وابن المغازلي الشافعي في المناقب وصاحب الجمع بين الصحاح الستة والحميدي في افراد مسلم والسمعاني في فضائل الصحابة وموفق بن أحمد والطبرانيّ وابن حجر في صواعقه وغيرهم - ورويت من طريق أهل البيت باثنين وثمانين طريقاً - والعقد الفريد لابن عبد ربه القرطبي وذخائر العقبى لاحمد بن عبد الله الطبري وتفسير الخازن في تفسير آية الاعتصام وتفسير ابن كثير في آية المودة وفي تفسير آية التطهير وشرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد وفي الحلية لابي نعيم الاصبهانى وأسد الغابة لابن الاثير والدر النثير للسيوطي ولسان العرب لجمال الدين الافريقي.

٢١٨

و عن ابي سعيد الخدري عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم الثقلين وفي رواية خليفتين و في رواية اخرى: انّي قد تركت فيكم ما ان أخذتم به لن تضلوا وفي رواية اخرى: انّي تارك فيكم امر بن لن تضلواان اتبعتموهما وهما: كتاب الله وعترتي اهل بيتي فلا تتقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ولا تعلموهم فانهم أعلى منكم.

وقد يكون هذا صريحاً في خروج النساء من اهل البيت واختصاصهم بعشيرته وعصبته، وهو رأينا الذي انتهينا اليه في ختام هذا البحث والله اعلم.

وحديث الثقلين من اوثق الاحاديث النبوية واكثرها ذيوعاً، وقد اهتم العلماء به اهتماماً بالغاً لانه يحمل جانباً مهماً من جوانب العقيدة الاسلامية، كما انه من اظهر الادلة التي تستند اليها الشيعة في حصر الامامة في اهل البيت وفي عصمتهم من الاخطاء والاهواء، لان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرنهم بكتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فلا يفترق احدهما عن الاخر، ومن الطبيعي أن صدور اية مخالفة لاحكام الدين تعتبر افتراقاً عن الكتاب العزيز، وقد صرح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعدم افتراقهما حتى يردا على الحوض، فدلالته على العصمة ظاهرة جلية.

وقد كرر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذا الحديث في مواقف كثيرة، لانه يهدف الى صيانة الامة والمحافظة على استقامتها وعدم انحرافها في المجالات العقائدية وغيرهما، ان تمسكت بأهل البيت ولم تتقدم عليهم ولم تتأخر عنهم.

ولو كان الخطأ يقع منهم لما صح الامر بالتمسك بهم، الذي هو عبارة عن جعل أقوالهم وأفعالهم حجة، وفي ان المتمسك بهم لا يضل كما لا يضل، المتمسك بالقرآن، ولو وقع منهم الذنب أو الخطأ لكان المتمسك بهم يضل، وان في اتباعهم الهدى والنور كما في القرآن، ولو لم يكونوا معصومين لكان في اتباعهم الضلال، وفي انهم حبل ممدود من السماء الى الارض كالقرآن، وهو كناية عن أنهم واسطة بين الله تعالى وبين خلقه وان اقوالهم عن الله تعالى،

٢١٩

ولو لم يكونوا معصومين لم يكونوا كذلك، وفي انهم لن يفارقوا القرآن ولن يفارقهم مدة عمر الدنيا، ولو اخطأوا أو أذنبوا لفارقوا القرآن وفارقهم، وفي عدم جواز مفارقتهم بتقدم عليهم بجعل نفسه اماماً لهم أو تقصير عنهم وائتمام بغيرهم، كما لا يجوز التقدم على القرآن بالافتاء بغير ما فيه او التقصير عنه باتباع اقوال مخالفيه، وفي عدم جواز تعليمهم ورد اقوالهم، ولو كانوا يجهلون شيئاً لوجب تعليمهم ولم ينه عن رد قولهم.

وقد دلت هذه الاحاديث ايضاً على ان منهم من هذه صفته في كل عصر وزمان بدليل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض وان اللطيف الخبير أخبره بذلك، وورود الحوض كناية عن انقضاء عمر الدنيا فلو خلا زمان من أحدهما لم يصدق انهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض.

ويتخذ أنصار أن اهل البيت هم الائمة الاثنا عشر وأمهم الزهراء هذا الحديث ليرجحوا رأيهم قائلين انه لا يمكن ان يراد بأهل البيت جميع بنى هاشم، بل هو عن العام المخصوص بمن ثبت اختصاصهم بالفضل والعلم والزهد والعفة والنزاهة من ائمة أهل البيت الطاهرين وهم الائمة الاثنا عشر وأمهم الزهراء البتول.

يدللون على ذلك بالاجماع على عدم عصمة من عداهم، والوجدان ايضاً على خلاف ذلك، لان من عداهم من بنى هاشم تصدر منهم الذنوب ويجهلون كثيراً من الاحكام ولا يمتازون عن غيرهم من الخلق، فلا يمكن ان يكونوا هم المجعولين شركاء كالقرآن في الامور المذكورة، بل يتعين ان يكونوا بعضهم لا كلهم وليس الا من ذكرنا.

*(١٢٦)*

رواية الاعظمى

وأثبته الشيخ المحدث حبيب الرحمن الاعظمى في حواشيه وتعاليقه

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

فلما رأتهم في القيود غداً لهم

يقول بإلحاظ الشماتة ران

ويندب أشياخاً ببدر مغرداً

بترجيع ألحان ورشف دنان

ويقرع سنا فاضلا كان قبل ذا

يقبله من أحمد الشفتان

على ظالم الأطهار من آل أحمد

أشد نكال في غد ولعان

بني صفوة الجبار عيناي كلما

ذكرتم لهم بالدمع تبتدران

وإني من حزن على فوت نصركم

لأقرع سني حسرة ببناني

ولكنه إن أخر العصر عنكم

ففات سناني لا يفوت لساني

وأنتم موالي الذي اقتدى بهم

فلا فلان اقتدى وفلان

ولي موبقات من ذنوب أخافها

إذا ما إلهي للحساب دعاني

وما قيل يوم الحشر يؤتى بشافع

لناج ولكن الشفيع لجاني

على أنني راج سماحة منعم

لقصدكم قبل السؤال هداني

وما أنا من عفو الإله بقانط

ولكنه ذو رحمة وحنان

وكيف وقد ابدعت إذ قمت خاطباً

لكم في معاني حسنكم بمعاني

ولن يخش يوماً من عذاب مغامس

إذا كنتم مما أخاف أماني

عليكم سلام الله ما در شارق

وما قام داعي فرضه لأذان

الباب الثّاني

أيّها الإخوان والأصحاب , إذا عرفتم أنّ الحزن على هذا المصاب مما يزيد في الأجر والثّواب , فلِمَ لا تحزنون على ما حلّ بسادات النّاس من اللئام الكفرة الأرجاس ؟ أزالوهم عن مراتبهم التي رتّبهم الله فيها , وهذه القضية أصل كلّ بلية إن كنت تعيها, ثمّ لم يكفهم ذلك حتّى منعوهم من الأخماس التي عوّضهم الله تعالى بها عن أوساخ النّاس , فقالوا : هذه للمُسلمين كافّة.فحرّموها عليهم ومنعوها من الوصول إليهم ، ثمّ ارتقوا إلى أبلغ من ذلك , فقالوا لفاطمة (عليها‌السلام ) : فدك لنا لا لك.فانتزعوا منها بلغتها وبلغة بعلها وبنيها ، ثمّ ارتقوا على ذلك , فمنعوها إرثها من أبيها , فلمّا رأى أهل الشّقاق والنّفاق ما فعل بهم الصّدر الأوّل الذي على زعمهم عليه المعوّل , وكان في صدورهم الغل الكامن الدّفين ؛ من أجل بغضهم لأمير المؤمنين, لا جرم انتهزوا فيهم الفرص فجرّعوهم الغصص.

فواعجباً من

٣٢١

الأوائل والأواخر وظلمهم الزّائد وعقلهم القاصر ! فيا حرقي تزايدي على ما حلّ بساداتي ! ويا جفوني سحّي دموعاً على أصول ديني وأهل هداتي ! :

مضينا إلى الأرض التي تسكنونها

أقبل ترب الأرض في كلّ منزل

وحزناً على ما قد لقيتم من الظمأ

اغص بشرب الماء في كلّ منهل

فإنّا لله وإنّا إليه راجعون :( وَسَيَعْلَمُ الّذِينَ ظَلَمُوا أَيّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ) (١) .

حُكي : أنّه لمـّا قُتل الحُسين وأراد القوم وطأه بالخيل , قالت فضّة لزينب : يا سيدتي , إنّ سفينه صاحب رسول الله كان بمركب , فضربته الرّيح فتكسّر , فسبّح فقذفه البحر إلى جزيرة , وإذا هو بأسد , فدنا منه فخشي سفينه أن يأكله , فقال له : يا أبا حارث , أنا مولى لرسول الله .فهمهم بين يديه مشيراً له برأسه , ومشى قدّامه حتّى أوقفه على طريق فركبه ونجا سالماً , وأرى أسداً خلف مخيّمنا , فدعيني أذهب إليه وأخبره بما هُم صانعون غداً بسيّدي الحُسين .فقالت : شأنك .قالت فضة : فمضيت إليه حتّى قربت منه وقلت : يا أسد , أتدري ما يريدون صنعه غداة غد بنو اُميّة بأبي عبد الله ؟ يريدون يوطئون الخيل ظهره .قال : نعم .فقام الأسد ولم يزل يمشي وأنا خلفه حتّى وقف على جثّة الحُسين (عليه‌السلام ) , فوضع يديه عليه , وجعل يمرّغ وجهه بدم الحُسين ويبكي إلى الصّباح , فلمّا أصبح بنو اُميّة , أقبلت الخيل يقدمهم ابن الأخنس لعنه الله تعالى ، فلمّا نظروه , صاح بهم ابن سعد إنّها لفتنة لا تثيروها , فرجعوا عليهم لعائن الله تعالى ، وهو من بعض فضائلهم عليهم رحمة الله.

حُكي عن رجل أسدي , قال : كنت زارعاً على نهر العلقمي بعد ارتحال عسكر بني اُميّة , فرأيت عجائب لا أقدر أحكي إلّا بعضها ، منها : أنّه إذا هبّت الرّيح , تمرّ عليّ نفحات كنفحات المسك والعنبر ، وإذا سكنت , أرى ما تنزل من السّماء إلى الأرض ويرقى من الأرض إلى السّماء مثلها ، وأنا مفرد مع عيالي ولا أرى أحداً أسأله عن ذلك ، وعند غروب الشّمس , يقبل أسد من القبلة فأولّي عنه إلى منزلي ، فإذا أصبح الصّباح وطلعت الشّمس وذهبت من منزلي , أراه مستقبل القبلة ذاهباً ، فقلت في نفسي , إنّ هؤلاء خوارج قد خرجوا على عُبيد الله بن زياد فأمر بقتلهم ، وأرى منهم ما لم أره من سائر القتلى ، فوالله , هذه الليلة لأبدأ من المساهرة لأبصر هذا الأسد يأكل من هذه الجثث أم لا .فلمّا صار غروب

____________________

(١) سورة الشّعراء / ٢٢٧.

٣٢٢

الشّمس , وإذا به أقبل فحقّقته وإذا هو هائل المنظر , فارتعدت منه وخطر ببالي , إن كان مراده لحوم بني آدم , فهو يقصدني , وأنا أحاكي بهذا فمثلته , وهو يتخطّى القتلى حتّى وقف على جسد كأنّه الشّمس إذا طلعت , فبرك عليه ، فقلت : يأكل منه؟ وإذا به يمرّغ وجهه عليه وهو يهمهم ويدمدم ، فقلت : الله أكبر ما هذا إلّا أعجوبة .فجعلت أحرسه حتّى اعتكر الظّلام , وإذا بشموع مُعلّقة ملأت الأرض ، وإذا ببكاء ونحيب ولطم مفجع ، فقصدت تلك الأصوات , فإذا هي تحت الأرض ، ففهمت من ناع فيهم يقول : وا حسيناه ! وا إماماه ! فاقشعرّ جلدي , فقربت من الباكي وأقسمت عليه بالله وبرسوله : مَن تكون ؟ فقال : إنّا نساء من الجن .فقلت : وما شأنكن ؟ فقلنّ : في كلّ يوم وليلة هذا عزاؤنا على الحُسين الذّبيح العطشان .فقلت : هذا الحُسين الذي يجلس عنده الأسد ؟ قلنّ : نعم , أتعرف هذا الأسد ؟ قلت : لا .قلنّ : هذا أبوه عليّ بن أبي طالب.فرجعت ودموعي تجري على خدّي :

سلوا سيوف مُحمّد بمحمد

ففزوا بها هامات آل محمد

فكأن عترة أحمد اعداؤه

وكأنما الأعداء عترة أحمد

فاكثروا رحمكم الله الأحزان ، واظهروا شعائر الأشجان ، فإنّه رزء عظيم ومصاب جسيم ، تتزلزل منه الأطواد ، وتتفتت منه الأكباد.

حُكي : أنّه لمـّا فرغ عمر بن سعد من حرب الحُسين , واُدخلت الرؤوس والأسارى إلى عُبيد الله بن زياد لعنه الله تعالى , جاء عمر بن سعد لعنه الله ودخل على عُبيد الله بن زياد ؛ يريد منه أن يمكّنه من ملك الرّي ، فقال له ابن زياد : آتني بكتابي الذي كتبته لك في معنى قتل الحُسين وملك الرّي .فقال له عمر بن سعد : والله إنّه قد ضاع منّي ولا أعلم أين هو .فقال له ابن زياد : لا بدّ أن تجئني به في هذا اليوم , وإن لم تأتني به , فليس لك عندي جائزة أبداً ؛ لأنّي كنت أراك مستحياً معتذراً في أيّام الحرب من عجائز قُريش ، ألست أنت القائل :

فوالله ما أدري وإني لصادق

أفكر في أمري على خطرين

أأترك ملك الري والري منيتي

أم أرجع مأثوماً بقتل حسين

٣٢٣

؟ وهذا كلام معتذر مستح متردد في رأيه .فقال عمر بن سعد : والله يا أمير , لقد نصحتك في حرب الحُسين نصيحة صادقة , لو ندبني إليها أبي سعد , لما كنت أدّيت حقّه كما أدّيت حقّك في حرب الحُسين .فقال له عبيد الله بن زياد : كذبت يا لكع.فقال عثمان بن زياد - أخو عبيد الله بن زياد - : والله يا أخي , لقد صدق عمر بن سعد في مقالته , وإنّي لوددت أنّه ليس من بني زياد رجل إلّا وفي أنفه خزمة إلى يوم القيامة , وأنّ حُسيناً لم يُقتل أبداً.

فقال عمر بن سعد : فوالله يابن زياد , ما رجع أحد من قتلة الحُسين بشرّ ممّا رجعت به أنا .فقال له : وكيف ذلك ؟ فقال: لأنّي عصيت الله وأطعت عبيد الله , وخذلت الحُسين بن رسول الله ونصرت أعداء الله , وبعد ذلك , إنّي قطعت رحمي ووصلت خصمي وخالفت ربّي ، فيا عظم ذنبي ويا طول كربي في الدُنيا والآخرة .ثمّ نهض من مجلسه مغضباً مغموماً ، وهو يقول : و( ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) (١) .

قال أبو السّدي : والله إنّي لأعجب ممّن يسعى في قتل أئمته , وهو يعلم أنّهم منتقمون منه في آخرته ، فهذا عاقبة أمره في حكومة الرّي وقد خسرها.

وأمّا هو نفسه , فحكي عن الهيثم بن الأسود ، قال : كنت جالساً عند المختار بالكوفة , فابتدأ يقول لجلسائه : والله , لأقتلنّ رجلاً عريض القدمين غائر العينين مرفوع الحاجبين عدو الحسن والحُسين ، وقتله يرضى فيه ربّ العالمين ، ويرضي عليّاً أمير المؤمنين وفاطمة الزّهراء سيّدة نساء العالمين .قال الهيثم : فلمّا سمعت كلام المختار , علمت أنّه يريد بهذه الأوصاف قتل عمر بن سعد.

قال : فلمّا نهض الهيثم من مجلسه , مشى إلى عمر بن سعد وعرّفه بمقالة المختار ، قال : وكان عبد الله بن جعد أعزّ النّاس عند المختار ؛ لأنّه رئيس قومه ، فجاء إلى المختار وتشفّع في عمر بن سعد , وأخذ له كتاب أمان من المختار يقول فيه : أمّا بعد , إنّك يا عمر بن سعد , آمن بأمان الله ورسوله على نفسك وأهلك وولدك ومالك , ولا تؤاخذ بذنب كان منك قديماً ، فمن لقي عمر بن سعد من شرطة الأمير , فلا يعرض له إلى سبيل الخير .فلمّا وصل الكتاب إلى عمر بن سعد , طاب قلبه ، وظهر بعدما كان مختفياً ، وصار يحضر في مجلس المختار في كلّ أسبوع مرّة ، والمختار يكرمه ويدنيه ويجلسه معه على سريره ، كلّ هذا وعمر بن سعد يحسّ قلبه بالشّر , ويظنّ أنّ المختار يقتله لا محالة ، فعزم على الخروج ليلاً من الكوفة ,

____________________

(١) سورة الحج / ١١.

٣٢٤

فعلم المختار بخروجه من لكوفة ، فقال : الله أكبر وفيناه وغدر ، واعطيناه ومكر والله خير الماكرين ، ولكن والله في عنقه سلسلة, لو جهد عمر بن سعد أن يفلّها لما استطاع أبداً حتّى اقتله إن شاء الله تعالى عن قريب.

قال : فبينما عمر بن سعد سائر في الطّريق بالليل , فنام على ظهر النّاقة , فرجعت النّاقة به إلى الكوفة وقت الصّبح , فلم يشعر إلّا وهو على باب داره , فنوخ ناقته ودخل داره واستسلم للقتل , فلمّا أصبح عمر بن سعد , دعا بابنه حفص وقال له : امض إلى المختار وانظر هل علم بخروجي أم لا ، واكشف لي عن سريرته.

قال : فجاء حفص إلى المختار وسلّم عليه , وقال له : أيّها الأمير , أبي يقرؤك السّلام ويقول لك اتفي لنا بالأمان أم لا ؟ فقال له : وأين أبوك ؟ فقال : ها هو في داره .فقال له : أليس أبوك قد هرب البارحة وكان يريد الشّام ؟ فقال : معاذ الله , إنّ أبي في داره لم يتغيّب أبداً .فقال : كذبت وكذب أبوك , اجلس هُنا حتّى يأتي أبوك .ثمّ إنّ المختار استدعى رجلاً من جلاوزته، وقال له : انطلق إلى عمر بن سعد وآتني برأسه .فمضى مسرعاً , فما لبث هنيئة إذ جاء وبيده رأس عمر بن سعد , فألقاه في حجر ابنه ، إنّا لله وإنّا إليه راجعون .فقال له المختار : يا حفص , أتعرف صاحب هذا الرأس ؟ قال : نعم , هذا رأس أبي ولا خير الله في الحياة بعده .فقال المختار : وإنّي لا أبقيك بعده .ثمّ أمر بقتله في الحال لا رضي‌ الله ‌عنهما .ووضع الرّأسان بين يديه، فسرّ بهما سروراً عظيماً ، فقال بعض من حضر : أيّها الأمير رأس عمر بن سعد برأس الحُسين ، ورأس حفص برأس عليّ بن الحُسين .فقال له المختار : صه يا لكع الرّجال , يا ويلك ! أتقيس رأس عمر بن سعد برأس الحُسين , ورأس حفص برأس عليّ بن الحُسين ؟! فوالله , لو قتلت ثلاثة أرباع أهل الأرض , ما وفوا بأنملة من أنامل الحُسين.

قال : وكان مُحمّد بن الحنفيّة بمكّة يجلس مع أصحابه ويذمّ المختار ويعتب عليه ؛ لمجالسته مع عمر بن سعد على سريره وتأخيره قتله ، قال : فحمل الرأسان إليه إلى مكّة ، قال : فبينما مُحمّد بن الحنفيّة جالس , فنظر الرأسان بين يديه , فخرّ لله ساجداً شاكراً ، ثمّ رفع يديه يدعو للمختار بالخير , ويقول : اللّهمّ , لا تنس المختار من رحمتك .اللّهمّ , أجزه عنّا أهل بيت نبيّك خير الجزاء.

٣٢٥

وعن ابن مسعود , قال : بينما نحن جلوس عند رسول الله في مسجده , إذ دخل علينا فتية من قُريش ومعهم عمر بن سعد لعنه الله , فتغيّر لون رسول الله , فقلنا له : يا رسول الله , ما شأنك ؟ فقال : (( إنّا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدُنيا, وإنّي ذكرت ما يلقى أهل بيتي من اُمّتي من بعدي من ؛ قتل وضرب وشتم وسبّ وتطريد وتشريد , وإنّ أهل بيتي سيشرّدون ويطردون ويقتلون ، وإنّ أوّل رأس يُحمل على رمح في الإسلام رأس ولدي الحُسين , أخبرني بذلك أخي جبرائيل عن الرّبّ الجليل )) .وكان الحُسين حاضراً عند جدّه في ذلك الوقت ، فقال : (( يا جدّاه , فمَن يقتلني من اُمّتك ؟ )) .فقال : (( يقتلك شرار النّاس )) .وأشار النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) إلى عمر بن سعد لعنه الله , فصار أصحاب رسول الله إذا رأوا عمر بن سعد داخلاً من باب المسجد , يقولون : هذا قاتل الحُسين (عليه‌السلام ) .قال : وجعل عمر بن سعد كلّما لقي الحُسين يقول : يا أبا عبد الله , إنّ في قومنا اُناساً سفهاء يزعمون إنّي أقتلك .فيقول له الحُسين (عليه‌السلام ) : (( والله إنّهم ليسوا سفهاء , ولكنّهم اُناس حُلماء ، أما إنّه ستقرّ عيني حيث لا تأكل من برّ الرّي من بعد قتلي إلّا قليلاً ، ثمّ تُقتل من بعدي عاجلاً )).

وكان الباقر (عليه‌السلام ) يقول : (( إنّ قاتل يحيى بن زكريا ولد زنا ، وقاتل الحُسين ولد زنا , ولم تمطر السّماء دماً إلّا يوم قتلهما , ولم يحمر الاُفق إلّا في قتلهما ، وإنّ هذه الحمرة التي تظهر في السّماء لم تر قبل قتل الحُسين ولا رؤيت بعد قتله )).

قال الرّاوي : فلمّا نزل الحُسين يوم الطّف في أرض كربلاء , أوّل من حال بينه وبين ماء الفُرات عمر بن سعد لعنه الله تعالى, فاشتدّ العطش بالحُسين وأطفاله وأهل بيته (عليهم‌السلام ) ، فقام رجل من أصحاب الحُسين قال : يابن رسول الله , أتأذن لي أن أمضي إلى ابن سعد فاكلمه في أمر الماء , وأعرّفه بعطش الحرم والأطفال ؛ فعساه يرتدع عن القتال ؟ فقال (عليه‌السلام ) : (( ذلك إليك , افعل ما شئت )).

قال : فجاء الهمداني ووبّخه بكلام - قد مرّ ذكره سابقاً - , فكان من عذره أن قال : يا أخا همدان , والله إنّي أعرف النّاس بحقّ الحُسين وحرمته عند رسول الله , ولكنّي حائر في أمري ما أدري كيف أصنع , وفي هذا الوقت كنت اتفكّر في أمري بين ترك ملك الرّي وقتل الحُسين .ثمّ قال : نفسي لأمّارة بالسّوء ما تحسن لي ترك مُلك الرّي ، وإنّي إذا قتلت حُسيناً أكون أميراً على سبعين ألف فارس.

قال : فنهض

٣٢٦

من عنده مكسور القلب ورجع إلى الحُسين (عليه‌السلام ) , وقال : يا مولاي , إنّ القوم استحوذ عليهم الشّيطان , وإنّ عمر بن سعد قد عزم على قتلك وقتل أصحابك وأهل بيتك , ورضي بدخول النّار بولاية الرّي :( ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) (١) .

فيا إخواني , كيف لا يبكيهم مَن يزعم أنّ له بهم الاتصال حتّى تنقطع منه عليهم الأوصال ؟ وكيف لا يتحمّل الحزن عليهم في هذا الحال وفي كلّ حال حتّى المآل ؟ فعلى الأطائب من أهل بيت الرّسول فليبك الباكون ، وإيّاهم فليندب النّادبون , ولمثلهم تذرف الدّموع من العيون ، أو لا تكونون كبعض مادحيهم حيث عرته الأحزان وتتابعت عليه الأشجان , فنظم وقال فيهم :

القصيدة للشيخ نعمان (رحمه ‌الله تعالى )

جزع بكى وأخو الصبابة يجزع

وجرت بوادر دمعه تندفع

صب إذا هل المحرم هاجه

وجد تفيض العين منه وتدمع

وجوى لمـّا نال الحُسين وآله

نيرانه بين الأضالع تسفع

في كربلاء في كربها وبلائها

لـمّا استجابوا حوله وتجمعوا

واتوه بالبيض الصوارم والقنا

والخيل مسرجة تعد وتمنع

بغياً وعدواً لم يخافوا حاكماً

عدلاً يرى ما يفعلون ويسمع

من بعدما كتبوا إليه خديعة

منهم وهم من كل قوم أجدع

حتى إذا ما جاءهم متحملاً

خدعوا به وكأنهم لم يسمعوا

بالأمس ما قال النّبي مُحمّد

فيه وما أوصاهم بل ضيعوا

وحموه عن ماء الفرات وقد شكا

ظمأ ولم يخشوا ولما يفزعوا

ويل لهم باعوا الهداية بالعمى

وترددوا في غيهم وتسلعوا

والله ما عاد بأعظم حرمة

منهم ولا فعلت ثمود وتبع

قوم كفعلهم الشنيع وما أتوا

بل فعلهم من كل فعل أشنع

ناداهم لمـّا به حفوا معاً

زمراً ولم يك من لقاهم يجزع

يا شر خلق الله ما من مسلم

منكم له دين يكف ويردع

حرم النّبي تموت من حر الظمأ

والوحش في ماء الشريعة يترع

____________________

(١) سورة الحج / ١١.

٣٢٧

ألكم طلائب عندنا تبغونها

اُمّ ما عرفتم ويلكم ما تصنعوا

انفذتم كتباً إلي فجئتكم

فالآن إذ خنتم دعوني ارجع

قالوا له هيهات بل لاميرنا

تعطى القياد وتستكين وتخضع

أو بالسيوف المرهفات وبالقنا

نوليكم طعناً وضرباً يفظع

فهناك جرد سيفه لقتالهم

وهو الشجاع اللوذعي السلفع

في فتية بذلوا نفوسهم معاً

من دون مهجته إلى أن صرعوا

من حوله فوق التراب كأنهم

أقمار أدحية ضياها يلمع

وبقي حبيب مُحمّد بين العدا

فردا يذب عن الحريم ويمنع

كالليث منصلتاً إلى أن غاله

سهم المنون فخر وهو الموجع

عن سرجه يرنو إلى فسطاطه

والعين منه تستهل وتدمع

أسفي على النسوان في ذل السبا

إذ لم يعد أحد هنالك يسمع

ومضى الجواد إلى الخيام محمحماً

ينعي الحُسين ودمعه يتدفع

فسمعن رنته النساء فقلن قد

وقع الذي كنا له نتوقع

فخرجن من فسطاطهن صوارخا

جزعاً صراخاً للصخور يصدع

وأتينه والشمر جاث فوقه

بحسامه للرأس منه يقطع

فرقى الحُسين وقلن ويلك يا عدو

الله ماذا بالمطهر تصنع

هذا جزاء مُحمّد في آله

منكم لفعلك يا أمية اشنع

فاحتز رأس السبط يا لك لوعة

لم يبق للإسلام شمل يجمع

فاهتز عرش الله جل وسبحت

أملاكه وبكوا أسى وتفجعوا

وهوت نجوم عند ذاك من السما

وبكت دما بعض لبعض تتبع

والأرض مادت والجبال تزعزعت

والجو مسود هنالك اسفع

والطير في جو السّماء بكت له

أسفاً وا عرضت الوحوش الرتع

عن وعيها جزعاً عليه ولم يزل

للجن نوح في الأماكن يسمع

وعلى سنان الرمح شالوا رأسه

كالبدر يزهو نوره ويشعشع

وجرت خيولهم على جثمانه

حتّى تحطم صدره والأضلع

وتناهبوا رحل الحُسين وسلبوا

نسوانه باخبث ما قد صنعوا

٣٢٨

يا عين أبكي للحسين وأهله

بدم إذا ما قل منك المدمع

ابكي غريب مُحمّد وجيبه

فمصابه مما سواه أفظع

ابكي عليه مفرداً بين العدا

والبيض فيه والأسنة تشرع

ابكي عليه ورأسه في ذابل

والجسم منه بالسيوف مبضع

ابكي له ملقى بلا غسل ولا

كفن ولا نعش هناك يشيع

ابكي لنسوان الحُسين حواسراً

في البيد ما فيهن من يتقنع

ابكي لهن يسقن بعد صيانة

قسراً وهن إذاً عطاشى جوع

ابكي على السجاد وهو مقيد

بالقيد مكتوف اليدين مكنع

ابكي لزينب إذ تقول لاختها

لـمّا تنادوا للرحيل وازمعوا

يا أخت قد عزوا عليّ ترحالهم

قومي إلى جسد الحُسين نودع

قومي إليه فما لنا من نظرة

منه سوى هذي العشية نطمع

يا أخت هذا اليوم آخر عهدنا

لا يوم فيه بعده نتجمع

هذا بآل مُحمّد فعل العدى

أفبعده لهم نحب ونتبع

بل منهم نبرأ ونلعنهم معاً

لعناً يدوم مجدداً لا يقطع

فالأولان هما لهذا أسساً

والآخرون بنوا عليه ورفعوا

والله لو لا نكث عهد الـمُصطفى

يوم الغدير وظلم حيدر فاسمعوا

ما استنهضت آل النّبي أمية

كلا ولا لخلافة يوم دعوا

لا زال لعن الله يغشاهم ومن

يرضى بفعلهم الشنيع ويقنع

وعلى بني الزّهراء صلّى ربهم

ما دام صبح خلف ليل يصدع

يا آل بيت مُحمّد إنّي لكم

يوم القيامة في السلام أطمع

أنا عبدكم نعمان حبكم معاً

ذخري إذا ظم الأنام المضجع

واليتكم لأكون تحت ولائكم

وغدا إذا فرغ الورى لا أفزع

وإذا منعتم حين يشتد الظمأ

أعداءكم من حوضكم لا امنع

مني السلام عليكم ما غردت

ورقاء نهتف في الغصون وتسجع

الباب الثّالث

أيّها المؤمنون النّاصحون والاخلاء الصّالحون ، عجّوا بالبكاء والعويل ،

٣٢٩

واندبوا أهل الإيمان والتّنزيل ، ويا أهل الأمانة والطّاعة , ساعدوا أهل الكرامة والشّفاعة ، أو لم تسمعوا يا ذوي العقول بمصيبة آل الرّسول ؟! فواعجباه من هذه المصائب التي تسكب العبرات ! ويا تعجباه ممّن لا يساوي مواليه في النّكبات ! فكيف يدّعي المحبّة مَن لا ينوح على أولاد الرّسول وثمرة فؤاد البتول ؟ فهل تحسن المراثي والنّدب إلّا على المقتولين من غير سبب ؟!

فيا وقعة ما أمرّها ! ويا قتلة ما أحرّها ! منعوهم من الماء المباح وسقوهم السّيوف والرّماح ، فليت شعري ما كان السّبب لذلك حتّى أوردوهم تلك المهالك , مشرّدين عن البلاد مفجوعين في الأهل والأولاد ؟ فمنهنّ من تخمش وجهها بيديها ، ومنهنّ من ينزع قرطيها من أذنيها.

فيا لها من مصيبة في الأنام تضعضعت لها سائر بلاد الإسلام ! فنحتسب أجرها عند الله ، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم.

نُقل عن اُمّ سلمة , قالت : كان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ذات يوم معي , فبينما هو راقد على الفراش ، جاعل رجله اليمنى على اليسرى وهو على قفاه , وإذا بالحُسين (عليه‌السلام ) - وهو ابن ثلاث سنين وأشهر - أتى إليه , فلمّا رآه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) , قال : (( مرحباً بقرّة عيني مرحباً بثمرة فؤادي )) .ولم يزل يمشي حتّى ركب على صدر جدّه فأبطأ ، فخشيت أنّ النّبي تعب فأحببت أنحيه عنه ، فقال : (( دعيه يا اُمّ سلمة , متى أراد الانحدار ينحدر ، واعلمي مَن آذى منه شعرة فقد آذاني )) .قالت : فتركته ومضيت فما رجعت إلّا ورسول الله يبكي , فعجبت من بعد الضّحك والفرح ، فقربت منه وقلت : يا سيّدي , ما يبكيك لا أبكى الله عينك ؟ وهو ينظر لشيء بيده ويبكي ، قال : (( ما تنظرين ؟ )) .فنظرت وإذا بيده تربة , فقلت : ما هي ؟ قال : (( أتاني بها جبرائيل هذه السّاعة ، وقال لي : يا رسول الله , هذه طينة من أرض كربلاء , وهي طينة ولدك الحُسين وتربته التي يُدفن فيها، فصيّريها عندك في قاروره , فإذا رأيتها قد صارت دماً عبيطاً ، فاعلمي أنّ ولدي الحُسين قد قُتل , وسيصير ذلك من بعدي وبعد أبيه واُمّه وجدّته وأخيه )).

قالت : فبكيت وأخذتها من يده وائتمرت بما أمرني , وإذا لها رائحة كأنّها المسك الأذفر ، فما مضت الأيّام والسّنون إلّا وقد سافر الحُسين إلى أرض كربلاء ، فحسّ قلبي بالشّر وصرت كلّ يوم اتجسس القارورة , فبينما أنا كذلك وإذا بالقارورة انقلبت دماً عبيطاً , فعلمت أنّ الحُسين قد

٣٣٠

قُتل ، فجعلت أنوح وأبكي يومي كلّه إلى الليل , ولم اتهنّ بطعام ولا منام إلى طائفة من الليل ، فأخذني النّعاس , وإذا أنا بالطّيف برسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) مُقبل وعلى رأسه ولحيته دم كثير , فجعلت انفضه بكمّي وأقول : نفسي لنفسك الفداء ! متى أهملت نفسك هكذا يا رسول الله ؟! من أين لك هذا التّراب ؟ قال : (( هذه السّاعة فرغت من دفن ولدي الحُسين )).

قالت اُمّ سلمة : فانتبهت مرعوبة لم أملك على نفسي , فصحت : وا حسيناه ! وا ولداه ! وا مهجة قلباه ! حتّى علا نحيبي, فأقبلت إليّ نساء الهاشميات وغيرهن , وقلنّ : ما الخبر يا اُمّ المؤمنين ؟! فحكيت لهنّ بالقصة فعلا الصّراخ وقام النّياح ، وصار كأنّه حين ممات رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، وسعين إلى قبره مشقوقة الجيب ومكشوفة الرّأس , فصحن : يا رسول الله قُتل الحُسين ! .فو الله الذي لا إله إلّا هو ، فقد حسسنا كأنّ القبر يموج بصاحبه حتّى تحرّكت الأرض من تحتنا , فخشينا أنّها تسيخ بنا , فانحرفنا بين مشقوقة الجيب ومنشورة الشّعر وباكية العين.

فيا إخواني , مصابهم هو الذي أحرمنا الهجوع وأسكب من أعيننا سحائب الدّموع , وقلّل صبرنا وأذهل فكرنا , وهدّ منّا الأركان وأسلمنا الذّل والهوان , فالحكم لله ولا حول ولا قوة إلّا بالله :

غريبون عن أوطانهم وديارهم

تنوح عليهم في البراري وحوشها

وكيف ولا تبكي العيون لمعشر

سيوف الأعادي في العلاء تنوشها

بدور تواري نورها فتغيرت

محاسنها ترب الفلا نعوشها

وروي : أنّ المتوكل من خلفاء بني العبّاس ، كان كثير العداوة شديد البغض لأهل بيت الرّسول ، وهو الذي أمر الحارثين بحرث قبر الحُسين (عليه‌السلام ) , وأن يجروا عليه الماء من نهر العلقمي ، بحيث لا يبقى له أثر ولا أحد يقف له على خبر ، وتوعّد النّاس بالقتل لِمَن زار قبره , وجعل رصداً من أجناده وأوصاهم : كلّ مَن وجدتموه يريد زيارة الحُسين فاقتلوه ؛ يريد بذلك إطفاء نور الله وإخفاء آثار ذرّيّة رسول الله , فبلغ الخبر إلى رجل من أهل الخير يُقال له زيد المجنون , ولكنّه ذو عقل شديد ورأي رشيد، وإنّما لُقّب بالمجنون ؛ لأنّه أفحم كلّ لبيب ، وقطع حجّة كلّ أديب ، وكان لا يعبأ من الجواب ولا يملّ من الخطاب ، فسمع بخراب قبر الحُسين وحرث مكانه , فعظم ذلك عليه واشتدّ حزنه وتجدد مصابه

٣٣١

بسيده الحُسين (عليه‌السلام ) , وكان يومئذ بمصر , فلمّا غلب عليه الوجد والغرام لحرث قبر الإمام (عليه‌السلام ) , خرج من مصر ماشياً هائماً على وجهه شاكياً وجده إلى ربّه ، وبقي حزيناً كئيباً حتّى بلغ الكوفة وكان البهلول يومئذ بالكوفة , فلقيه زيد المجنون وسلّم عليه فردّعليه‌السلام , فقال له البهلول : من أين لك معرفتي ولم ترني قط ؟ فقال زيد : يا هذا , اعلم أنّ قلوب المؤمنين جنود مجنّدة , ما تعارف منها إئتلف وما تناكر منها اختلف.

فقال له البهلول : يا زيد , ما الذي أخرجك من بلادك بغير دابّة ولا مركب ؟ فقال : والله , ما خرجت إلّا من شدّة وجدي وحزني , وقد بلغني أنّ هذا اللعين أمر بحرث قبر الحُسين (عليه‌السلام ) وخراب بنيانه وقتل زوّاره ، فهذا الذي أخرجني من موطني ونغّص عيشي , وأجرى دموعي وأقلّ هجوعي .فقال البهلول : وأنا والله كذلك .فقال له : قم بنا نمضي إلى كربلاء لنشاهد قبور أولاد عليّ الـمُرتضى.

قال : فأخذ كلّ بيد صاحبه حتّى وصلا إلى قبر الحُسين , وإذا هو على حاله لم يتغير وقد هدموا بنيانه ، وكلمّا أجروا عليه الماء , غار وحار واستدار بقدرة العزيز الجبّار ، ولم يصل قطرة واحدة إلى قبر الحُسين (عليه‌السلام ) , وكان القبر الشّريف إذا جاءه الماء , ترتفع أرضه بإذن الله تعالى ، فتعجّب زيد المجنون مما شاهده , وقال : انظر يا بهلول( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) (١) .قال : ولم يزل المتوكل يأمر بحرث قبر الحُسين مدّة عشرين سنة ، والقبر على حاله لم يتغير ولا تعلوه قطرة من الماء ، فلمّا نظر الحارث إلى ذلك ، قال : آمنت بالله وبمُحمّد رسول الله ، والله , لاهربنّ على وجهي وأهيم في البراري ولا أحرث قبر الحُسين ابن بنت رسول الله ، وإنّ لي مدّة عشرين سنة أنظر آيات الله وأشاهد براهين آل بيت رسول الله ، ولا اتعظ ولا اعتبر .ثمّ أنّه حلّ الثّيران وطرح الفدان وأقبل يمشي نحو زيد المجنون وقال له : من أين اقبلت يا شيخ ؟ قال : من مصر .فقال له : ولأيّ شيء جئت إلى هُنا ؟ وإنّي أخشى عليك من القتل .فبكى زيد وقال: والله قد بلغني حرث قبر الحُسين (عليه‌السلام ) , فأحزنني ذلك وهيّج حزني ووجدي .فانكب الحارث على أقدام زيد يقبّلهما , وهو يقول : فداك أبي واُمّي ! فو الله يا شيخ , من حين ما أقبلت إليّ , أقبلت إليّ الرّحمة واستنار قلبي بنور

____________________

(١) سورة التّوبة / ٣٢.

٣٣٢

الله , وإنّي آمنت بالله ورسوله , وإنّ لي مدّة عشرين سنة وأنا أحرث هذه الأرض ، وكلّما أجريت الماء إلى قبر الحُسين , غار وحار واستدار ولم تصل إلى قبر الحُسين منه قطرة ، وكأنّي كنت في سكر وأفقت الآن ببركة قدومك إليّ .فبكى زيد وتمثّل بهذه الأبيات :

تالله إن كانت أمية قد أتت

قتل ابن بنت نبيها مظلوما

فلقد أتاه بنو أبيه بمثله

هذا لعمرك قبره مهدوما

اسفوا على أن لا يكونوا شاركوا

في قتله فتتبعوه رميما

فبكي الحارث وقال : يا زيد , قد أيقظتني من رقدتي وأرشدتني من غفلتي , وها أنا الآن ماض إلى المتوكل بسر من رأى أعرّفه بصورة الحال , إن شاء أن يقتلني وإن شاء يتركني .فقال له زيد : وأنا أيضاً أسير معك إليه وأساعدك على ذلك .قال : فلمّا دخل الحارث إلى المتوكل وأخبره بما شاهد من برهان قبر الحُسين (عليه‌السلام ) , استشاط غيظاً وازداد بغضاً لأهل بيت رسول الله , وأمر بقتل الحارث , وأمر أن يشد حبل في رجليه ويسحب على وجهه في الأسواق ، ثمّ يُصلب في مجتمع النّاس ؛ ليكون عبرة لِمَن اعتبر ، ولا يبقى أحد يذكر أهل البيت بخير أبداً.

أمّا زيد المجنون فإنّه ازداد حزنه واشتدّ عزاؤه وطال بكاؤه ، وصبر حتّى انزلوه من الصّلب وألقوه على مزبلة هُناك ، فجاء إليه زيد فاحتمله إلى دجلة وغسّله وكفّنه وصلّى عليه ودفنه ، وبقي ثلاثة أيّام لا يفارق قبره وهو يتلو كتاب الله عنده ، فبينما هو ذات يوم جالس , إذ سمع صراخاً عالياً ونوحاً شجياً وبكاء عظيماً , ونساء بكثرة منشرات الشّعور مشققات الجيوب مسودّات الوجوه ، ورجالاً بكثرة يندبون بالويل والثّبور , والنّاس كافّة في اضطراب شديد , وإذا بجنازة محمولة على أعناق الرّجال وقد نشرت لها الأعلام والرّايات , والنّاس من حولها أفواجاً قد انسدّت الطّرق من الرّجال والنّساء ، قال زيد : فظننت أنّ المتوكل قد مات .فتقدمت إلى رجل منهم وقلت له : مَن يكون هذا الميت ؟ فقال : هذه جنازة جارية المتوكل , وهي جارية سوداء حبشية وكان اسمها ريحانة ، وكان يحبّها حبّاً شديداً .ثمّ إنّهم عملوا لها شأناً عظيماً , ودفنوها في قبر جديد وفرشوا فيه الورد والرّياحين والمسك والعنبر , وبنوا عليها قبّة عالية ، فلمّا نظر زيد إلى ذلك , إزدادت

٣٣٣

أشجانه وتصاعدت نيرانه , وجعل يلطم وجهه ويمزّق أطماره , وحثى التّراب على رأسه وهو يقول : وا ويلاه ! وا أسفاه عليك يا حُسين ! أتقتل بالطّفّ غريباً وحيداً ظمآناً شهيداً ، وتُسبى نساؤك وبناتك وعيالك وتُذبح أطفالك , ولم يبك عليك أحد من النّاس , وتُدفن بغير غسل ولا كفن , ويُحرث بعد ذلك قبرك ؛ ليطفئوا نورك وأنت ابن عليّ الـمُرتضى وابن فاطمة الزّهراء , ويكون هذا الشّأن العظيم لموت جارية سوداء , ولم يكن الحزن والبكا لابن مُحمّد الـمُصطفى.

قال : ولم يزل يبكي وينوح حتّى غشي عليه والنّاس كافّة ينظرون إليه ، فمنهم من رقّ له ومنهم من جثى عليه , فلمّا أفاق من غشوته ، أنشأ يقول :

أيحرث بالطف قبر الحُسين

ويعمر قبر بني الزانية

لعل الزمان بهم قد يعود

ويأتي بدولتهم ثانية

ألا لعن الله أهل الفساد

ومن يأمن الدنية الفانية

قال : ثمّ إنّ زيداً كتب هذه الأبيات في ورقة وسلّمها لبعض حجّاب المتوكل , قال : فلمّا قرأها , اشتدّ غيظه وأمر باحضاره فاحضر , وجرى بينهما من الوعظ والتّوبيخ ما أغاظه حتّى أمر بقتله ، فلمّا مثل بين يديه , سأله عن أبي تراب : مَن هو ؟ استحقاراً له ، فقال : والله , إنّك عارف به وبفضله وشرفه وحسبه ونسبه ، فوالله , ما يجحد فضله إلا كلّ كافر مرتاب ولا يبغضه إلا كلّ منافق كذّاب .وشرع يعدد فضله ومناقبه , حتّى ذكر منها ما أغاظ المتوكل , فأمر بحبسه فحبس , فلمّا أسدل الظّلام وهجع ، جاء إلى المتوكل هاتف ورفسه برجله ، وقال له : قُم وأخرج زيداً وإلّا أهلكك الله عاجلاً .فقام هو بنفسه وأخرج زيداً من حبسه وخلع عليه خلعة سنية , وقال له : اطلب ما تريد .قال : أريد عمارة قبر الحُسين وأن لا يتعرض أحد بزوّاره .فأمر له بذلك ، فخرج من عنده فرحاً مسروراً , وجعل يدور في البلدان وهو يقول : مَن أراد زيارة قبر الحُسين , فله الأمان طول الأزمان.

وعلى الأطائب من أهل بيت الرّسول فليبك الباكون , وإيّاهم فليندب النّادبون ، ولمثلهم تذرف الدّموع من العيون ، أو لا تكونون كبعض مادحيهم حيث عرته الأحزان والأشجان , فنظم وقال فيهم :

٣٣٤

القصيدة للشيخ مُحمّد بن السّمين (رحمه‌الله )

أيعذب من ورد الجفاء ورود

أيزهر من ورد الوفاء ورود

وينبع من غرس الوداد ثمارها

ويورق من غصن المودة عود

فيا من بدا ذا الود بالصد والجفا

أيحمل من بعد الوصال صدود

فإن تبخلوا بالوصل إنّي مواصل

وبالنفس إن ضن الجواد أجود

وإن عدتم يوماً بما قد بدأتم

من الغدر إنّي بالوفاء أعود

وحبل ذمامي لا تحل عقوده

إذا حل من حبل الذمام عقود

وإن نقضوا عهد الوداد فإنني

مراع لأسباب الوداد ودود

وما حال حال العهد عما عهدتم

وإن رث عقد العهد فهو جديد

وما كادني أمر يكيد احتماله

ولكما نقض العهود يكيد

ولا بدع إن أبدعتم نقض عهدكم

فقد نقضت لابن النّبي عهود

فكم تنقض الأرجاس عهداً وعقده

وثيق على كل العباد وكيد

وقد جاءه تترى صحائف جمة

كأوجههم عند التوجه سود

يقولون إن الضد باد وفي غد

له في لظى بعد الدخول خلود

ونحن بلا وال وأنت ولينا

وأولى بنا منا ونحن عبيد

فسر قصدنا قصداً فلا زلت مقصداً

فقصدك في كل الأمور حميد

فإن لم تسر فارسل من الآل سيداً

فأنت لسادات الأنام عميد

فأرسل سهماً من كنانة آل

مصيباً لدفع النائبات عتيد

فبايعه منهم ألوف تألفت

عليه ولا يحصى لهن عديد

فلم يأتي إلّا الليل حتّى تخاذلوا

وبان لهم بعد الوفاء صدود

وألقوه مذ ألقوه قد جاء رائداً

لمرعى يولي في الصدور بزود

عتواً من القصر المشيد مبوءاً

له قصر در في الجنان مشيد

ففرق جند الحق من بعد قتله

وجمع من جند الضلال جنود

لها ابن زياد مرسل ومجهز

وأما ابن سعد للجنود يقود

إلى حرب مولانا الحُسين وآله

تسارع منهم قائد ومقود

طبولهم في الخافقين خوافق

وتخفق رايات لهم وبنود

٣٣٥

يذاد عن الماء المباح وقد غدا

لجل عباد الله منه ورود

ويمنعه من ورده ووروده

كفور لآلاء الإله كنود

ولست بناس قوله حال ما بدا

يخاطبهم بالطف ثمّ يعيد

يقول وقد أبدأ مقالة معذر

ويعلم أن القول ليس يفيد

إلى سبل فيها الهداية فاعدلوا

وعن طريق فيها الضلالة حيدوا

ولا تكحلوا الأبصار بالبغي أعيناً

مراضاً بأميال العتو ثمود

وكونوا أناساً أصلحوا ذات بينهم

وآرائهم في ابن النّبي سديد

ألم تعلموا إنّي الإمام عليكم

وإني لله الشهيد شهيد

وإن لنا حكم المعاد وامره

يؤول إلينا والحساب يعود

وإن أبي يسقي على الحوض معشراً

ويطرد عنه معشراً ويذود

ولولاه لم يخضر للدين عوده

ولا قام للإسلام قط عميد

وقد قلت هذا القول والله عالم

وقاض به والعالمون شهود

فقالوا علمنا ما تقول فلا تزد

فقولك هذا ما عليه مزيد

ولكنما انفاذ أمر أميرنا

يزيد له دون الأنام نريد

نريد بأن تأتي يزيد مبائعاً

فرشدك أن تأتي يزيد نريد

فقال وللعين المبرح في الحشا

كلام وفي القلب الكليم وقود

سلام على الإسلام بعد رعاته

إذا كان راعي المسلمين يزيد

وكيف وأبناء الكرام بذلة

تسام وأبناء اللئام تسود

وآب إلى أنصاره يطلب الرجا

ويوعد إذ حقت لديه وعود

يقول ابشروا فالقول من بعد هذه

مهد وعيش في الجنان رغيد

وحور حسان ما لهن مناظر

يضاهي وفي دار الخلود خلود

وباتوا ومنهم ذاكر ومسبح

وراع ومنهم ركع وسجود

فمذ بزغت شمس الهياج مضيئة

بأفق سماء البغي وهو مديد

به النقع غيم والبروق بوارق

به الويل نبل والصراخ وعود

دعاهم فثابوا للثواب تسابقاً

إلى الموت إذ فيه الحياة تعود

حفو حفيفاً مقدمين كأنهم

ليوث الشرى عند اللقاء أسود

٣٣٦

فأورد كل نفسه مورداً له

صدور ومن بعد الصدور ورود

إلى أن تفانوا واحد بعد واحد

لديهم فمنهم قائم وحصيد

وظل بأرض الطف فرداً وحوله

لآل زياد عدة وعديد

وتنظره شزراً من السمر والقنا

نواظر إلّا أنهن حديد

ينادي أما من مسلم ذي حمية

يحامي وعن آل الرسول يذود

أما من شهاب ثاقب يحرق العدا

بنار فشيطان الطغاة عنيد

أما من نصير ينصر الفرد نصرة

لينصر يوم الجمع وهو فريد

أما واحد يأتي الوحيد موصلاً

ليوصل يوم الفصل وهو وحيد

أما جابر يأتي مجيراً ويجيره

إذا حق في يوم الوعيد وعيد

أما من شقي والنفوس تخوفه

توافيه إن وافى لدي سعود

أما أكمه في ليل غي فإن وفي

أرى الفخر فخر الرشيد وهو رشيد

أما فاسد رأياً إذا آب ناصراً

يبلج وجه الرأي وهو سديد

فلما رمى عن قوس حقد بأسهم

حداد وكل للجلاد مريد

ثنى صده قصد الخيام مودعاً

لهم موصياً بالثبر وهو حميد

يقول اصبروا فالله جلّ جلاله

يوف لأجر الصابرين مزيد

وصبراً جميلاً آل بيت مُحمّد

فمجدكم والفضل ليس يبيد

إذا مات منا سيّد قام سيّد

رقيب على كل الأنام شهيد

وبعد فزين العابدين خليفتي

على من له في ذا الوجود وجود

واستودع الرحمن ولدي وعترتي

ومن جاء منهم والد ووليد

وألوى على جيش العداة بعزمه

تكاد لها شم الجبال تميد

ففر العدى من بأسه خيفة الردى

كما فر من بأس الأسود صيود

فغادرهم صرعى لديه ومنهم

جريح تولى هارباً وطريد

فمذ حان حين أرسل القوم اسهما

أصيب بها نحر له ووريد

هوى ثاوياً فوق الثرى ومحله

له فوق آفاق السّماء صعود

وظل صريعاً بالطفوف ونفسه

بها من سياق الموت وهو يجود

إلى أن قصى نحباً وعهداً وموعداً

به جاء من سر النّبي وعود

٣٣٧

تقي نقي طاهر ، طاهر الوفا

وفي مجيد في الفعال حميد

ولما غدا الحر الجواد وسرجه

خلى وللحر الجواد فقيد

برزن نساء الهاشميات حسراً

عليهن من نسج الثكول برود

توادين يخدشن الوجوه تفجعاً

وتلطم بالأيدي لهن خدود

وفاطمة الصغرى تعانق اختها

سكينة خوف السبي وهو مكيد

وزينب ما بين النساء وقلبها

قريح وبالأحزان فهو كميد

تقول وللأحزان في القلب مبدع

ومبد لأسرار الهموم معيد

أخي يابن أمي يا شقيقي وسيدي

ومن لي من دون الأنام عميد

عليك جفوني الذاريات ذوارف

وأما دموعي المرسلات تجود

أخي مهجة الإسلام مقضي كآبة

ومتن الهدى قد قدّ وهو عميد

أخي ثل عرش الدين وانهد ركنه

وعطل منه إذا أصبت حدود

أخي من يلئم الشمل بعد شتاته

ومن لبناء المكرمات يشيد

أخي من ترى للجود والندى

إذا سار وفد أو أقام وفود

فأنت لمن يبغي الوفادة والجدي

بأنفس ما يسخو المفيد تفيد

وإن أجدبت أرض فأنت ربيعها

وإن ضن صوب المزن أنت مجيد

وكل مصاب جاء بعدك هين

وما هان في هذا المصاب شديد

فيا شيعة المختار نوحوا لمصرع

الشهيد وبالدمع الغزير فجودوا

تطأه خيول المجريات تجبراً

ويسفي عليه بعد ذاك صعيد

وآل رسول الله يشهرن في الملأ

وآل ابن هند في الخدور رقود

يسار بآل الـمُصطفى فوق ضمر

وترفعهم بيد وتخفض بيد

ورأس إمام السبط في رأس ذابل

طويل على رأس السنان يميد

وينكثه بالخيزران شماتة

به وسروراً كافر وعنيد

ويؤتى بزين العابدين مصفداً

وفي قدميه للحديد حدود

فقوموا بأعباء العزاء فإنه

جليل وأما غيره فزهيد

لأي مصاب يذرف الشأن ماءه

وتقضى نفوس أو تفت كبود

لأعظم من هذا المصاب وخطبه

عظيم على أهل السّماء شديد

٣٣٨

مصاب له في كل قلب مصيبة

سهام لحبات القلوب تبيد

وللهم هم والرزايا رزية

وللحزن حزن زائد ويزيد

إليكم يا بني الزّهراء يا من سمت بهم

إلى المجد آباء لهم وجدود

أوجه وجه المدح منّي لأنه

قلائد في جيد العلى وعقود

لأني لكم عبد محب وحبه

قديم فمنه طارف وتليد

وما قدر مدح قاله في علاكم

ومدحكم في المحكمات عتيد

ولكن يسر الأولياء استماعه

ويكبت أعداء لكم وحسود

فيا من هم فلك النجاة ومن هم

هداة وغوث في الأنام وجود

فمذ كان بدء الفضل منكم تفضلوا

وجودوا على نجل السمين وعودوا

فأنتم له ذخر إذا جاء في غد

ومع كل نفس سائق وشهيد

عليكم سلام الله حيث ثناؤكم

حكى نشره ند يضوع وعود

وحيث بكم هبت نسيم ونسمت

هبوب وللعيدان رنح عود

وأزهر من زهر البروج زواهر

وورد من زهر المروج ورود

٣٣٩

المجلس السّادس

من الجزء الثّاني في اليوم الثّامن من عشر الـمُحرّم

وفيه أبواب ثلاثة

الباب الأوّل

أيّها المؤمنون , جودوا بماء العيون المخزون ، وأيّها السّامعون جدّدوا ثياب الأشجان والحزون ، وتساعدوا على النّياحة والعويل ، واسكبوا العبرات على الغريب القتيل , واندبوا لِمَن اهتزّ لفقده عرش الجليل , ونوحوا أيّها المحبّون لآل الرّسول وابكوا على مصاب أبناء البتول ، وسحوا عليهم بالدّموع فإنّهم أعلام الأنام وأئمة أهل الإسلام ؛ فلعلّكم تواسونهم في المصاب بإظهار الجزع والإكتئاب , والاعلام بالحنين والانتحاب ، فيا خيبة من جهل فضلهم وانكر قدرهم , ولكنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصّدور :

وقفت على الدار التي كنتم بها

فمغناكم من بعد معناكم قفر

وقد درست منها الرسوم وطالما

بها درس العلم الإلهي والذكر

فراق فراق الروح بعد بعدكم

ودار برسم الدار في خاطري الفكر

روي عن زين العابدين عليّ بن الحُسين (عليه‌السلام ) , قال : (( لمـّا أتوا برأس أبي إلى يزيد , فكان يتخذه بمجالس الشّراب ويأتي برأس أبي ويضعه بين يديه ويشرب عليه , فحضر في مجلسه ذات يوم رسول ملك الرّوم وكان من أشرافهم وعظمائهم ، فقال : يا ملك العرب , هذا رأس مَن ؟ قال يزيد لعنه الله : مالك بذلك حاجة ، قال : إنّى إذا رجعت إلى ملكنا يسألني عن كلّ شيء رأيته ,

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493