الـمُنتخب في جمع المراثي والخطب المشتهر بـ (الفخري)

الـمُنتخب في جمع المراثي والخطب المشتهر بـ (الفخري)12%

الـمُنتخب في جمع المراثي والخطب المشتهر بـ (الفخري) مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 493

الـمُنتخب في جمع المراثي والخطب المشتهر بـ (الفخري) الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 493 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 70420 / تحميل: 5608
الحجم الحجم الحجم
الـمُنتخب في جمع المراثي والخطب المشتهر بـ (الفخري)

الـمُنتخب في جمع المراثي والخطب المشتهر بـ (الفخري)

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

*(٣٧)*

رواية بشر بن الوليد الكندي

روى حديث الثقلين عن محمد بن طلحة بن مصرف اليامي الهمداني، ورواه عنه محمد بن الموصلي. أخرج حديثه الخطيب الخوارزمي(١) .

ورواه عنه الحافظ البغوي ورواه عن البغوي أبو طاهر المخلص الذهبي أخرجه الحموئي في فرائد السمطين باسناده عن أبي طاهر عن البغوي عنه بالاسناد واللفظ في الباب ٥٤ من السمط الثاني.

ترجم له:

١ - ابن سعد وقال: « روى عن أبى يوسف القاضي كتبه واملاءه، وروى عن شريك وحماد بن زيد ومالك بن أنس وصالح المري وغيرهم وروى عن محمد ابن طلحة وولى القضاء ببغداد في الجانبين جميعاً »(٢) .

٢ - الخطيب البغدادي ترجمة مطوّلة وأثنى عليه بقوله: « وكان جميل المذهب حسن الطريقة وكان بشر علماً من أعلام المسلمين وكان عالماً ديّناً خشناً في باب الحكم واسع الفقه وهو صاحب أبي يوسف ومن المقدمين عنده، وحمل الناس عنه من الفقه والمسائل ما لا يمكن جمعه

ثم حكى توثيقه عن أبي داود والدارقطني، وأرّخ وفاته سنة ٢٣٨(٣) .

*(٣٨)*

رواية جعفر بن حميد

روى حديث الثقلين عن عبد الله بن بكير الغنوي، ورواه عنه الحافظ

__________________

(١). مقتل الحسين ١ / ١٠٤.

(٢). طبقات ابن سعد ٧ / ٣٥٥.

(٣). تاريخ بغداد ٧ / ٨٠ - ٨٤.

١٤١

أبو جعفر محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي المعروف بمطين. أخرج حديثه الحافظ الطبراني في المعجم الكبير(١) عن مطين عنه، تقدم في حكيم بن جبير باسناده ومتنه.

ترجم له:

١ - ابن حجر ورمز له م أي هو من رجال مسلم وقال: « جعفر بن حميد القرشي وقيل العبسي أبو محمد الكوفي وعنه مسلم حديثاً واحداً في التوبة وبقي بن مخلد وأبو يعلى والحسن وأبو زرعة والصغاني والحضرمي [ مطين ] وموسى بن اسحاق وجماعة. ذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن منجويه مات بعد الثلاثين ومائتين وبلغ تسعين سنة وقال مطين: مات يوم الجمعة لاحدى عشرة بقيت من جمادى الاخرة سنة ٢٤٠ ثقة لا يخضب »(٢) .

٢ - الذهبي وقال: « وعنه وأبو يعلى والحسن بن سفيان، ثقة توفى سنة ٢٤٠ »(٣) .

٣ - الخزرجي وقال: « وثقه البستي [ ابن حبان ] قال مطين توفى سنة ٢٤٠ »(٤) .

*(٣٩)*

رواية ابن بنت السدى

رواه عن تليد بن سليمان المحاربي، وأخرجه عنه عبد الله بن أحمد بن حنبل في فضائل علي لابيه أحمد، وهو من زياداته، تقدم باسناده ومتنه في

__________________

(١). المعجم الكبير ج ٣ الرقم ٢٦٨١.

(٢). تهذيب التهذيب ٢ / ٨٧.

(٣). الكاشف ١ / ١٨٤.

(٤). الخلاصة ١ / ١٦٦.

١٤٢

أبي الجحاف.

ترجم له:

ابن حجر وقال: « اسماعيل بن موسى الفزاري أبو محمد ويقال أبو اسحاق الكوفي نسيب السدى روى عن مالك وعنه البخاري في خلق أفعال العباد وأبو داود والترمذي وابن ماجة وابن خزيمة والساجي وأبو يعلى

وقال ابن أبى حاتم: سألت أبي عنه فقال: صدوق، وقال مطين كان صدوقاً وقال النسائي ليس به بأس وقال ابن حبان في الثقات: يخطئ قال البخاري وغيره: مات ٢٤٥. قلت: لم أر في النسخة التي بخط الحافظ أبي علي البكري من ثقات ابن حبان قوله يخطئ. وقال الاجري عن أبي داود: صدوق في الحديث وكان يتشيّع، وجزم البخاري ومسلم في الكنى وابن سعد والنسائي وغيرهم بأنه ابن بنت السدى »(١) .

*(٤٠)*

رواية سفيان بن وكيع بن الجراح

رواه عن محمد بن فضيل، أخرج حديثه الحافظ أبو يعلى في مسنده(٢) قال: « حدثنا سفيان بن وكيع حدثنا محمد بن فضيل عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله

__________________

(١). تهذيب التهذيب ١ / ٣٣٥.

(٢). في الورقة ٦٨ / أ من نسخة قيمة مكتوبة على نسخة كانت في دار الحديث النورية بدمشق وكان عليها خطوط الحفاظ وأئمة الحديث كزاهر بن طاهر الشحامي وأبى سعد الجنزرودى وأبى العلاء الهمداني وأبى الفضل بن ناصر وغيرهم. وعلى هذه النسخة سماعات كثيرة تاريخ بعضها سنة ٦١١ وبعضها سنة ٧٧٣ وهذه النسخة رأيتها في المكتبة السليمانية باسلامبول مكتبة شهيد على پاشا رقم ٥٦٤. وهو في المطبوعة ٢ / ٣٧٦.

١٤٣

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول:

يا أيها الناس! انّي كنت قد تركت فيكم ما ان أخذتم به لم تضلوا بعدي: الثقلين، أحدهما أكبر من الاخر: كتاب الله، حبل ممدود من السماء الى الارض وعترتي أهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ».

ترجم له:

ابن حجر وعدد شيوخه ثم قال: « وعنه الترمذي وابن ماجة قال ابن حبان: كان شيخاً فاضلا صدوقاً الا انه ابتلى بوراقه فحكى فصته ثم قال: وكان ابن خزيمة يروي عنه وسمعته يقول: ثنا بعض من أمسكنا عن ذكره وما كان يحدث عنه الا بالحرف بعد الحرف. وهو من الضرب الذين لان يخروا من السماء أحب اليهم من أن يكذبوا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(١) .

*(٤١)*

رواية اخي كرخويه الواسطي

رواه عن يزيد بن هارون، و رواه عنه الحافظ أبو عبد الله الحسين بن اسماعيل المحاملي، فقد أخرج عنه حديث الثقلين في الجزء الثالث من اماليه الورقة ٣٨ ب. تقدم بإسناده ومتنه في يزيد بن هارون وزكريا بن أبي زائدة.

ترجم له:

الخطيب و أرّخ وفاته سنة ٢٤٦ فقال: « محمد بن يزيد أبو بكر الواسطي ويعرف بأخى كرخويه، نزل بغداد وحدث بها عن أبي خالد الأحمر ويحيى ابن سعيد القطان ويزيد بن هارون ووهب بن جرير وأبي عامر

__________________

(١). تهذيب التهذيب ٤ / ١٣٢.

١٤٤

العقدي، روى عنه محمد بن الليث الجوهري ويحيى بن محمد بن صاعد والقاضي المحاملي وغيرهم. وكان ثقة »(١) .

*(٤٢)*

رواية يوسف بن موسى القطان

روى حديث الثقلين عن جرير بن عبد الحميد ومحمد بن فضيل عن أبي حيان التيمي، و رواه عنه امام الائمة محمد بن إسحاق بن خزيمة(٢) المتوفى ٣١١ في صحيحه(٣) قال:

« حدثنا يوسف بن موسى نا جرير ومحمد بن فضيل عن أبي حيان التيمي - وهو يحيى بن سعيد التيمي تيم الرباب - عن يزيد بن حيان قال انطلقت انا وحصين بن سبرة وعمرو بن مسلم الى زيد بن أرقم فجلسنا اليه فقال له حصين: يا زيد رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصليت خلفه وسمعت حديثه وغزوت معه، لقد أصبت يا زيد خيراً كثيراً حدثنا يا زيد حديثاً سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما شهدت معه. قال: بلى ابن أخي لقد قدم عهدي وكبرت سني ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فما حدثتكم فاقبلوا وما لم احدثكموه فلا تكلفوني. قال: قام فينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوماً خطيباً بماء يدعى خم فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر، ثم قال:

أما بعد يا أيها الناس فانما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيبه واني تارك فيكم الثقلين أولاهما كتاب الله فيه الهدى والنور من استمسك به وأخذ به كان على الهدى، ومن تركه وأخطأه كان على الضلالة وأهل

__________________

(١). تاريخ بغداد ٣ / ٣٧٤.

(٢). المتقدم في ص ١٤١ ج ١.

(٣). رأيت قطعة قديمة منه من القرن السادس في مكتبة السلطان أحمد الثالث في طوب قبوسراى باسلامبول رقم ٣٤٨ وأورد هذا الحديث في الورقة ٢٤٠ في أبواب الصدقات.

١٤٥

بيتي، اذكركم الله في أهل بيتي - ثلاث مرات(١) ».

ترجم له:

١ - الخطيب وذكر روايته عن جرير بن عبد الحميد ومحمد بن فضيل في آخرين وقال: « روى عنه البخاري وابراهيم الحربي والنسائي والبغوي وجماعة، وقال: وقد وصف غير واحد من الأئمة يوسف بن موسى بالثقة واحتج به البخاري في صحيحه مات سنة ٢٥٣(٢) ».

٢ - الحافظ ابن حجر وجعل عليه رموز البخاري وأبي داود والترمذي وابن ماجة فهو من رجالهم وأورد كلام الخطيب قال: وذكره ابن حبان في الثقات ثم قال: قلت: وروى [ عنه ] أيضاً ابن خزيمة في صحيحه وقال مسلمة كان ثقة(٣) .

*(٤٣)*

رواية احمد بن منصور الرمادي

رواه عنه الحافظ أبوبكر البزار في مسنده(٤) قال:

« حدثنا أحمد بن منصور ثنا داود بن عمر ثنا صالح بن موسى بن عبد الله حدثنا عبد العزيز بن رفيع عن أبي صالح.

__________________

(١). قال الحافظ أبوحاتم ابن حبان البستي المتوفى سنة ٣٥٤ تلميذ الحافظ ابن خزيمة في كتاب المجروحين في المقدمات ١ / ٩٣ طبعة دار الوعى بحلب: وما رأيت على أديم الأرض من كان يحسن صناعة السنن ويحفظ الصحاح بألفاظها ويقوم بزيادة كل لفظة تزاد في الخبر ثقة ؛ حتى كأن السنن كلها نصب عينيه الا محمد بن إسحاق بن خزيمة رحمة الله عليه فقط .

(٢). تاريخ بغداد ١٤ / ٣٠٤.

(٣). تهذيب التهذيب ١١ / ٤٢٥.

(٤). نسخة من المجلد الاول رأيتها في مكتبة مراد ملا باسلامبول رقم ٥٧٨.

١٤٦

عن أبي هريرة قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي خلفت فيكم اثنتين لن تضلوا بعدهما ابداً: كتاب الله وعترتي، لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ».

أورده الحافظ ابن حجر العسقلاني في زوائد مسند البزار نسخة المكتبة الآصفية في حيدرآباد الهند رقم ٧٢٩٥، الورقة ٢٧٧ / أ.

ترجم له:

١ - ابن حجر وقال: « قال ابن ابي حاتم كتبت عنه مع أبي وكان أبي يوثقه وقال الدارقطني: ثقة وكان عباس الدوري يجلّه وقال ربما سمعت يحيى ابن معين يقول قال أبوبكر الرمادي، وقرنه ابراهيم الاصبهاني بأبي بكر بن أبي شيبة في الحفظ وقيل لابي داود لم لم تحدث عن الرمادي؟! قال: رأيته يصحب الواقفة(١) فلم أحدث عنه! »(٢) .

٢ - الخطيب وعدد شيوخه الى أن قال: « وغيرهم من أهل العراق والحجاز واليمن والشام ومصر، وكان قد رحل وأكثر السماع والكتابة وصنف المسند حدثني عبيد الله بن ابى الفتح عن أبي الحسن الدارقطني قال: احمد بن منصور الرمادي ثقة »(٣) .

*(٤٤)*

رواية احمد بن يونس الضبي

روى حديث الثقلين عن عمار بن نصر، و رواه عنه عبد الله بن جعفر شيخ الحافظ ابي نعيم، اخرج حديثه ابو نعيم(٤) كما مر باسناده ولفظه في عمار

__________________

(١). أى الذين وقفوا عن القول بأن القرآن مخلوق أو قديم!!.

(٢). تهذيب التهذيب ١ / ٨٣.

(٣). تاريخ بغداد ٥ / ١٥١.

(٤). حلية الاولياء ٩ / ٦٤.

١٤٧

بن نصر.

ترجم له:

١ - الحافظ ابو نعيم وساق نسبه وقال: « ضبى كوفى قدم اصبهان توفى سنة ثمان وستين ومائتين كتب اهل بغداد بعدالته وأمانته »(١) .

٢ - الخطيب فقال: « احمد بن يونس بن المسيب ابو العباس الضبي كوفي الأصل بغدادي المنشأ. نزل اصبهان وحدث بها

روى عنه ابو العباس محمد بن يعقوب الأصم النيسابوري ومحمد بن عبد الله الصفار وعبد الله بن جعفر بن احمد بن فارس الاصبهانيان وعبد الرحمن ابن أبي حاتم الرازي وقال ابن أبي حاتم: هو بغدادي نزل اصبهان وكان محله عندنا الصدق

اخبرنا عبد الكريم بن محمد بن احمد المحاملي أخبرنا على بن عمر الحافظ(٢) قال: احمد بن يونس بن المسيب الضبي ابو العباس. كوفي سكن أصبهان كثير الحديث. من الثقات »(٣) .

*(٤٥)*

رواية ابراهيم بن مرزوق

روى حديث الثقلين عن ابي عامر العقدي، ورواه عنه ابو بشر الدولابي في كتاب الذرية الطاهرة وابو جعفر الطحاوي ( في مشكل الآثار ٢ / ٣٠٧ )، تقدم بإسناده ولفظه في ترجمة كثير بن زيد المتوفي ١٥٨ فراجع.

__________________

(١). أخبار اصبهان ١ / ٨١.

(٢). هو الدارقطني.

(٣). تاريخ بغداد ٥ / ٢٢٣.

١٤٨

ترجم له:

١ - الحافظ ابن حجر قال: « ابراهيم بن مرزوق بن دينار الأموي ابو إسحاق البصري نزيل مصر، روى عن أبي عامر العقدي وأبي داود الطيالسي ووهب بن جرير وروح بن عبادة وغيرهم، وعنه النسائي قال الدارقطني: ثقة الا انه كان يخطئ فيقال له فلا يرجع. قال ابن يونس مات لأربع عشرة ليلة خلت من جمادي الآخرة سنة ٢٧٠ قلت: وقال ابن يونس في تاريخ الغرباء: توفي بمصر وكان ثقة ثبتا وكان قد عمى قبل موته. وقال ابن أبي حاتم كتبت عنه وهو ثقة صدوق. وذكره ابن حبان في الثقات وقال الصدفي قال لي سعيد ابن عثمان: ابراهيم بن مرزوق ثقة روى عنه ابن عبد للحكم وشهر اسمه »(١) .

*(٤٦)*

رواية الحسين بن على بن جعفر

روى حديث الثقلين عن علي بن ثابت ورواه عنه الحافظ ابو بكر البزار في مسنده(٢) قال:

« حدثنا الحسين بن علي بن جعفر ثنا على بن ثابت ثنا سفيان بن سليمان عن أبي إسحاق عن الحارث.

عن علي قال قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اني مقبوض وانّي قد تركت فيكم الثقلين: كتاب الله واهل بيتي، وانكم لن تضلوا بعدهما ».

__________________

(١). تهذيب التهذيب ١ / ١٦٣.

(٢). مسند البزار نسخة من المجلد الاول رأيتها وعلقت منها في مكتبة مراد ملا في اسلامبول رقم ٥٧٨ نسخة القرن السابع وهذا الحديث في الورقة ٧٥ ب منه واورده الحافظ ابن حجر في زوائد مسند البزار في الورقة ٢٧٧ / أ من نسخة المكتبة الاصفية بحيدرآباد رقم ٧٢٩٥.

١٤٩

ترجم له:

١ - الحافظ ابن حجروذكره فيمن روى عنه ابو داود والنسائي والبزار وقال قال النسائي: صالح (١) .

٢ - الذهبي :« وعنه احمد بن عمر والبزار وجماعة » (٢) .

*(٤٧)*

رواية ابى احمد الفراء

رواه عن جعفر بن عون المخزومي، ورواه عنه ابو الفضل الحسن بن يعقوب المعدل. تقدم لفظه في جعفر بن عون.

اخرجه البيهقي من طريق الحاكم النيسابوري عن الحسن بن يعقوب عنه(٣) .

ورواه عنه ايضاً ابو عبد الله محمد بن يعقوب بن يوسف بن الاخرم الشيباني. أخرجه الحافظ البيهقي باب آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . قال:

اخبرنا ابو زكريا يحيى بن ابراهيم بن محمد بن يحيى أنبا ابو عبد الله محمد بن يعقوب ثنا محمد بن عبد الوهاب انبا جعفر بن عون ثنا ابو حيان - وهو يحيى بن سعيد - عن يزيد بن حيان قال: سمعت زيد بن ارقم

اورده بلفظ مسلم ثم قال: اخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابي حيان(٤) .

واخرجه الحافظ ابن عساكر في معجم شيوخه الورقة ١١ عن احمد بن علي، ابن العراقي عن احمد بن علي أبي بكر ابن خلف الشيرازي عن الحاكم النيسابوري بالاسناد واللفظ.

__________________

(١). تهذيب التهذيب ٢ / ٣٤٤.

(٢). ميزان الاعتدال ١ / ٥٤٤.

(٣). سنن البيهقي ٢ / ١٤٨.

(٤). سنن البيهقي ٧ / ٣٠.

١٥٠

ترجم له:

ابن حجر فقال: « محمد بن عبد الوهاب بن حبيب بن مهران العبدي ابو احمد الفراء الحافظ النيسابوري روى عن ابيه وابن عمه.

روى عنه النسائي وابن خزيمة وابو عوانة ومحمد بن يعقوب بن الاخرم وغيرهم. اثنى عليه مسلم بن الحجاج وروى البخاري في صحيحه حديثاً عن ابى احمد عن ابي غسان فقيل هو هذا وقيل غيره، قال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الحاكم كان من اعقل مشايخنا روى عنه البخاري ومسلم وابراهيم بن أبي طالب وابن خزيمة فمن بعدهم من المشايخ. قرأت بخط ابى عمرو المستملي سمعت علي بن الحسن الدرابجردي يقول: ابو احمد عندي ثقة، مأمون، قال وسمعت الحسن بن يعقوب المعدل يقول مات سنة ٢٧٢ »(١) .

*(٤٨)*

رواية يعقوب بن سفيان الفسوي

روى حديث الثقلين بثمان طرق عن اربعة من الصحابة وهم: زيد ابن ارقم وابو سعيد الخدري وزيد بن ثابت وأبو ذر الغفاري.

اما حديث زيد بن ارقم فقد رواه عنه بأربعة اسانيد فقال:

١ - حدثنا ابوبكر ابن ابي شيبة وعلي بن المنذر قالا حدثنا ابن فضيل عن ابي حيان(٢) .

عن يزيد بن حيان قال: انطلقت انا وحصين بن عقبة الى زيد بن ارقم فقال زيد: قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فحمد الله واثنى عليه ووعظ، ثم قال: اما بعد يا ايها الناس! اني انتظر ان يأتينى رسول ربى فأجيب، وانّي

__________________

(١). تهذيب التهذيب ٩ / ٣١٩.

(٢). يحيى بن سعيد بن حيان التيمي.

١٥١

تارك فيكم الثقلين احدهما كتاب الله عز وجل فيه النور والهدى، فاستمسكوا بكتاب الله عز وجل، فحث عليه.

ثم قال: واهل بيتي، اذكركم الله عز وجل في اهل بيتي، ثلاث مرات.

٢ - حدثنا يحيى(١) قال حدثنا جرير عن الحسن بن عبيد الله عن ابى الضحى عن زيد بن أرقم قال قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله عز وجل وعترتي اهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.

٣ - حدثني احمد بن يحيى قال حدثنا عبد الرحمن بن شريك قال ثنا ابى عن الأعمش عن حبيب بن ثابت عن ابى الطفيل عن زيد بن أرقم عن نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: انّي تركت فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء الأرض، وعترتي اهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.

٤ - حدثنا عبيد الله بن موسى قال اخبرنا(٢) اسرائيل عن عثمان بن المغيرة عن علي بن ربيعة قال: لقيت زيد بن أرقم وهو يريد الدخول على المختار فقلت له بلغني عنك حديث. قال: ما هو؟ قلت: أسمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: انّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي؟ قال: نعم.

واما حديث ابى سعيد الخدري فرواه عنه بسندين قال:

٥ - حدثنا عبيد الله قال أنبأنا فضيل بن مرزوق عن عطية عن ابى سعيد الخدري قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم الثقلين أحدهما اكبر من الآخر كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء الى الأرض، طرف في يد الله عز وجل وطرف في أيديكم فاستمسكوا به، ألا

__________________

(١). يحيى بن يحيى بن بكير التميمي.

(٢). وأخرجه أحمد في فضائل على رقم ٩٠ وفي المسند ٤ / ٣٧١ عن اسود بن عامر عن إسرائيل بالاسناد واللفظ.

١٥٢

وعترتي.

قال فضيل: سألت عطية عن عترته؟ قال اهل بيته.

٦ - حدثنا عبيد الله قال حدثنا ابواسرائيل عن عطية عن ابى سعيد الخدري قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم الثقلين أحدهما اكبر من الآخر كتاب الله عز وجل حبل سبب موصول من السماء الى الأرض وعترتي اهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.

واما حديث زيد بن ثابت، قال:

حدثنا عبيد الله قال اخبرنا شريك عن الركين عن قاسم بن حسان عن زيد ابن ثابت قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم خليفتين: كتاب الله عز وجل وعترتي اهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.

واما حديث ابى ذر الغفاري، فقال:

حدثنا عبيد الله عن إسرائيل عن ابى إسحاق عن رجل حدثه عن حنش قال: رأيت اباذر آخذاً بحلقة باب الكعبة وهو يقول: يا ايها الناس! انا أبو ذر فمن عرفني الا وانا أبو ذر الغفاري لا أحدثكم الا ما سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول سمعته وهو يقول:

ايها الناس! انّي قد تركت فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي اهل بيتي، وأحدهما افضل من الآخر كتاب الله عز وجل، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، وان مثلهما كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق »(١) .

ترجم له:

١ - تلميذه ابن أبى حاتم فقال: « يعقوب بن سفيان بن جوان

__________________

(١). المعرفة والتاريخ ١ / ٥٣٦ - ٥٣٨.

١٥٣

الفارسي مات سنة ٢٧٧ ثم عدد شيوخه »(١) .

٢ - ابن حجر : « يعقوب بن سفيان بن جوان الفارسي أبو يوسف بن أبي معاوية الفسوي الحافظ روى عن وخلق كثير جداً. روى عنه الترمذي والنسائي وابن خزيمة وأبو عوانة الأسفرايني وابن أبي داود وذكره ابن حبان في الثقات وقال: كان ممن جمع وصنف مع الورع والنسك والصلابة في السنة، وقال النسائي لا بأس به وقال الحاكم: امام أهل الحديث بفارس وقال أبو زرعة الدمشقي: قدم علينا رجلان من نبلاء الناس أحدهما وأرحلهما يعقوب بن سفيان، يعجز أهل العراق أن يروا مثله رجلا، وكان يحيى [ بن معين ] في التاريخ ينتخب منه وكان نبيلا جليل القدر. وقال أبو الشيخ حكى عن أبي محمد بن أبي حاتم قال قال لي أبي ما فاتك من المشايخ فاجعل بينك وبينهم يعقوب بن سفيان فإنك لا تجد مثله، وقال أبو عبد الرحمن النهاوندي: سمعت يعقوب بن سفيان يقول: كتبت عن ألف شيخ وكسر كلهم ثقات »(٢) .

٣ - الذهبي في ( تذكرة الحفاظ ١ / ٥٨٢ ) و ( العبر ٢ / ٥٨ ) ووصفه: بالإمام يعقوب بن سفيان الفسوي الحافظ أحد أركان الحديث.

٤ - السمعاني في ( الانساب الورقة ٤٢٨ ب ).

٥ - ابن الاثير في ( اللباب ٢ / ٤٣٢ ).

٦ - ياقوت في ( معجم البلدان ٢ / ٨٩٢ ) طبعة لايبزيك.

٧ - ابن الاثير في ( الكامل ٧ / ٤٤٠ ).

٨ - ابن كثير في ( البداية والنهاية ١١ / ٦٠ ).

٩ - ابن العماد في ( الشذرات ٢ / ١٧١ ).

__________________

(١). الجرح والتعديل ٩ / ٢٠٨.

(٢). تهذيب التهذيب ١١ / ٣٨٥.

١٥٤

*(٤٩)*

رواية القاضي أبى اسحاق الزهري

روى حديث الثقلين عن جعفر بن عون ويعلى بن عبيد، ورواه عنه أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني الكوفي مسند الكوفة في زمانه.

أخرجه الحافظ البيهقي(١) وقد تقدم حرفياً في يعلي بن عبيد وجعفر بن عون.

ترجم له:

الخطيب: « ابراهيم بن اسحاق بن أبي العنبس أبو إسحاق الزهري القاضي الكوفي، سمع جعفر بن عون العمري وإسحاق بن منصور السلولي ويعلى بن عبيد الطنافسي وكان ثقة خيراً فاضلا ديناً صالحاً ومات ابراهيم ابن أبي العنبس قاضي الكوفة سنة سبع وسبعين يعني ومائتين »(٢) .

*(٥٠)*

رواية محمد بن الفضل السقطي

من شيوخ الحافظ الطبراني، روى عنه في الكبير(٣) حديث الثقلين وهو رواه عن سعيد بن سليمان عن زيد بن الحسن الانماطي، كما تقدم في زيد ابن الحسن بإسناده ومتنه.

ترجم له:

١ - الخطيب : « محمد بن الفضل بن جابر أبو جعفر السقطي، سمع

__________________

(١). سنن البيهقي ١٠ / ١١٣.

(٢). تاريخ بغداد ٦ / ٢٥.

(٣). المعجم الكبير ج ٣ رقم ٢٦٨٠.

١٥٥

سعيد ابن سليمان الواسطي وعبد الاعلى بن حماد النرسي وفضيل بن عبد الوهاب وابراهيم بن محمد بن عرعرة وحامد بن يحيى البلخي.

روى عنه ابنه اسحاق ومحمد بن مخلد وأبوسهل بن زياد القطان ومحمد ابن الحسن بن زياد النقاش وأحمد بن يوسف بن خلاد، كان ثقة. وذكره الدارقطني فقال: صدوق حدثنا محمد بن عبد الواحد حدثنا محمد ابن العباس قريء على ابن المنادي وأنا أسمع قال: وجاءنا الخبر بموت أبي جعفر محمد بن الفضل بن جابر السقطي في شهر رمضان سنة ٢٨٨ »(١) .

٢ - السمعاني في ( الانساب ٢٩٩ - السقطي ) وذكر بعض ما مر.

٣ - ابن ماكولا في ( الاكمال ٤ / ٤٩١ ).

*(٥١)*

رواية فهد بن سليمان

رواه عن أبي غسان مالك بن اسماعيل الهندي ورواه عنه الحافظ أبوجعفر الطحاوي المتوفى ٣٢١، أخرجه في كتابه(٢) يأتي سنداً ومتناً في الطحاوي.

ترجم له:

ابن أبى حاتم فقال: « فهد بن سليمان النحاس المصري روى عن موسى ابن داود ومحمد بن كثير المصيصي ويحيى بن صالح وأبوتوبة، كتبت فوائده ولم يقض لنا السماع منه »(٣) .

__________________

(١). تاريخ بغداد ٣ / ١٥٣.

(٢). مشكل الاثار ٤ / ٣٦٨.

(٣). الجرح والتعديل ٧ / ٨٩.

١٥٦

*(٥٢)*

رواية أحمد بن القاسم الجوهري

روى عنه الحافظ الطبراني حديث الثقلين بلفظ مبسوط تقدم في زيد ابن الحسن الانماطي.

ترجم له:

الخطيب فقال: « أحمد بن القاسم بن مساور أبو جعفر الجوهري، سمع عفان بن مسلم وعلي بن الجعد وأبا بلال الاشعري والهيثم بن خارجة ومحمد ابن يوسف الغضيضي. روى عنه القاضي المحاملي وأحمد بن كامل وعبد الباقي ابن قانع القاضيان وأحمد بن محمد بن الصباح الكبشي ومحمد بن علي بن حبيش الناقد. وكان ثقة

أخبرنا محمد بن عبد الواحد أخبرنا محمد بن العباس قال قريء على ابن المنادي وأنا أسمع قال: أبوجعفر أحمد بن القاسم بن مساور الجوهري أكثر عن علي بن الجعد، قال لي انه كتب عنه خمسة عشر ألف حديث ومات سنة ثلاث وتسعين يعني ومائتين »(١) .

*(٥٣)*

رواية الحافظ صالح جزرة

رواه عن خلف بن سالم المخرمي البغدادي عن يحيى بن حماد ورواه عنه أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه القباني البخاري، شيخ الحاكم النيسابوري أخرجه عنه الحاكم(٢) بإ سناد ومتن تقدم ص ١٦٦ ج ١.

__________________

(١). تاريخ بغداد ٤ / ٣٤٩.

(٢). المستدرك ٣ / ١٠٩.

١٥٧

ترجم له:

الخطيب البغدادي ترجمة موسعة وأثنى عليه ثناءاً بالغاً فقال: « صالح ابن محمد بن عمرو بن حبيب بن حسان بن المنذر بن عمار أبي الاشرس الاسدي - مولى أسد بن خزيمة - يكنى أبا علي ويلقب جزرة، وكان حافظاً عارفاً من أئمة الحديث وممن يرجع اليه في علم الآثار ومعرفة نقلة الاخبار رحل كثير ( كذا ) ولقى المشايخ بالشام ومصر وخراسان وانتقل عن بغداد الى بخارى فسكنها فحصل حديثه عند أهلها وحدث دهراً طويلا وكان صدوقاً ثبتا أميناً مات ببخارى سنة ٢٩٤ »(١) .

*(٥٤)*

رواية أحمد بن يحيى الحلواني

رواه عن عبد الله بن داهر ورواه عنه أبو جعفر العقيلي المتوفى ٣٢٢ في كتاب الضعفاء يأتي في العقيلي.

ترجم له:

الذهبي في المتوفين سنة ٢٩٦ وقال « وفيها أحمد بن يحيى الحلواني أبو جعفر، الرجل الصالح ببغداد، سمع أحمد بن يونس وسعدويه وكان من الثقات »(٢) .

*(٥٥)*

رواية أبى جعفر مطين

روى الحافظ الطبراني حديث الثقلين في المعجم الكبير بطرق عديدة

__________________

(١). تاريخ بغداد ٩ / ٣٢٢ - ٣٢٨.

(٢). العبر ٢ / ١٠٦.

١٥٨

فروى في ستة منها عن شيخه مطين هذا. منها: برقم ٢٦٨٠ و ٢٦٨٣ و ٣٠٥٢ تقدم بعضها في ترجمة زيد بن الحسن الانماطي.

وأخرج الخطيب البغدادي حديث الثقلين من طريق مطين. تقدم في الانماطي أيضاً.

ترجم له:

١ - الذهبي فقال: « الحافظ الكبير أبو جعفر محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي الكوفي رأى أبا نعيم وسمع أحمد بن يونس ويحيى الحماني ويحيى بن بشر الحريري وسعيد بن عمرو الاشعثي. وكان من أوعية العلم حدث عنه أبو بكر النجار وأبو القاسم الطبراني وأبو بكر الاسماعيلي وعلي بن حسان الدممي وعلي بن عبد الرحمن البكائي وعدة. وقد صنف المسند وغير ذلك وله تاريخ صغير.

قال أبوبكر بن أبي دارم الحافظ: كتبت عن مطين مائة ألف. وسئل عنه الدارقطني فقال ثقة جبل، قلت: ولد سنة ٢٠٢ ومات في شهر ربيع الآخر سنة ٢٩٧ »(١) .

٢ - الامير ابن ماكولا وقال: « وأما مطين بضم الميم وتشديد الياء وآخره نون فهو أبو جعفر محمد بن عبد الله بن سليمان الكوفي أحد الأئمة الحفاظ لقبه مطين سمعت الصوري يقول لقبه به أبو نعيم [ الفضل ] بن دكين »(٢) .

٣ - الصفدي وحكى عنه أنه قال: كنت صبياً ألعب مع الصبيان وكنت أطولهم فندخل الماء ونخوض فيطينون ظهري، فبصر بي يوماً أبونعيم فلما رآني قال: يا مطين لا تحضر مجلس العلم. فاشتهر بذلك(٣) .

__________________

(١). تذكرة الحفاظ ٦٦٢.

(٢). الاكمال ٧ / ٢٦١.

(٣). الوافي بالوفيات ٣ / ٣٤٥.

١٥٩

*(٥٦)*

رواية الحسن بن سفيان النسوى

روى حديث الثقلين عن أبي سليمان نصر بن عبد الرحمن الوشاء ورواه عنه أبو عمرو الحيري محمد بن أحمد بن حمدان النيسابوري.

أخرجه عنه الحافظ أبو نعيم(١) قدم باسناده ومتنه في ترجمة زيد بن الحسن الانماطي.

ترجم له:

١ - الذهبي في وفيات سنة ٣٠٣ فقال: « وفيها الحافظ الكبير أبوالعباس الحسن بن سفيان الشيباني النسوي صاحب المسند تفقه على أبي ثور وكان يفتي بمذهبه وسمع من أحمد بن حنبل ويحيى بن معين والكبار وكان ثقة حجة واسع الرحلة، قال الحاكم: كان محدث خراسان في عصره مقدماً في التثبت والكثرة والفهم والأدب والفقه »(٢) .

٢ - السمعاني قال: « هذه النسبة الى بالوز وهي قرية من قرى نسا على ثلاثة أو أربعة فراسخ منها خرجت إليها لزيارة قبر أبي العباس الحسن ابن سفيان ابن عامر بن عبد العزيز بن عطاء الشيباني البالوزي النسوي من قرية بالوز.

كان محدث خراسان في عصره وكان مقدماً في الفقه والعلم والأدب وله الرحلة الى العراق والشام ومصر والكثرة والجمع وصنف المسند الكبير والجامع والمعجم وهو الراوية بخراسان لمصنفات الأئمة وكتب الأمهات بالكوفة عن آخرها من أبي بكر بن [ أبي ] شيبة وكانت اليه الرحلة بخراسان من أقطار الارض ومات في سنة ٣٠٣ وقبره ببالوز يزار،

__________________

(١). حلية الاولياء ١ / ٣٥٥.

(٢). العبر ٢ / ١٢٤.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

فلما رأتهم في القيود غداً لهم

يقول بإلحاظ الشماتة ران

ويندب أشياخاً ببدر مغرداً

بترجيع ألحان ورشف دنان

ويقرع سنا فاضلا كان قبل ذا

يقبله من أحمد الشفتان

على ظالم الأطهار من آل أحمد

أشد نكال في غد ولعان

بني صفوة الجبار عيناي كلما

ذكرتم لهم بالدمع تبتدران

وإني من حزن على فوت نصركم

لأقرع سني حسرة ببناني

ولكنه إن أخر العصر عنكم

ففات سناني لا يفوت لساني

وأنتم موالي الذي اقتدى بهم

فلا فلان اقتدى وفلان

ولي موبقات من ذنوب أخافها

إذا ما إلهي للحساب دعاني

وما قيل يوم الحشر يؤتى بشافع

لناج ولكن الشفيع لجاني

على أنني راج سماحة منعم

لقصدكم قبل السؤال هداني

وما أنا من عفو الإله بقانط

ولكنه ذو رحمة وحنان

وكيف وقد ابدعت إذ قمت خاطباً

لكم في معاني حسنكم بمعاني

ولن يخش يوماً من عذاب مغامس

إذا كنتم مما أخاف أماني

عليكم سلام الله ما در شارق

وما قام داعي فرضه لأذان

الباب الثّاني

أيّها الإخوان والأصحاب , إذا عرفتم أنّ الحزن على هذا المصاب مما يزيد في الأجر والثّواب , فلِمَ لا تحزنون على ما حلّ بسادات النّاس من اللئام الكفرة الأرجاس ؟ أزالوهم عن مراتبهم التي رتّبهم الله فيها , وهذه القضية أصل كلّ بلية إن كنت تعيها, ثمّ لم يكفهم ذلك حتّى منعوهم من الأخماس التي عوّضهم الله تعالى بها عن أوساخ النّاس , فقالوا : هذه للمُسلمين كافّة.فحرّموها عليهم ومنعوها من الوصول إليهم ، ثمّ ارتقوا إلى أبلغ من ذلك , فقالوا لفاطمة (عليها‌السلام ) : فدك لنا لا لك.فانتزعوا منها بلغتها وبلغة بعلها وبنيها ، ثمّ ارتقوا على ذلك , فمنعوها إرثها من أبيها , فلمّا رأى أهل الشّقاق والنّفاق ما فعل بهم الصّدر الأوّل الذي على زعمهم عليه المعوّل , وكان في صدورهم الغل الكامن الدّفين ؛ من أجل بغضهم لأمير المؤمنين, لا جرم انتهزوا فيهم الفرص فجرّعوهم الغصص.

فواعجباً من

٣٢١

الأوائل والأواخر وظلمهم الزّائد وعقلهم القاصر ! فيا حرقي تزايدي على ما حلّ بساداتي ! ويا جفوني سحّي دموعاً على أصول ديني وأهل هداتي ! :

مضينا إلى الأرض التي تسكنونها

أقبل ترب الأرض في كلّ منزل

وحزناً على ما قد لقيتم من الظمأ

اغص بشرب الماء في كلّ منهل

فإنّا لله وإنّا إليه راجعون :( وَسَيَعْلَمُ الّذِينَ ظَلَمُوا أَيّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ) (١) .

حُكي : أنّه لمـّا قُتل الحُسين وأراد القوم وطأه بالخيل , قالت فضّة لزينب : يا سيدتي , إنّ سفينه صاحب رسول الله كان بمركب , فضربته الرّيح فتكسّر , فسبّح فقذفه البحر إلى جزيرة , وإذا هو بأسد , فدنا منه فخشي سفينه أن يأكله , فقال له : يا أبا حارث , أنا مولى لرسول الله .فهمهم بين يديه مشيراً له برأسه , ومشى قدّامه حتّى أوقفه على طريق فركبه ونجا سالماً , وأرى أسداً خلف مخيّمنا , فدعيني أذهب إليه وأخبره بما هُم صانعون غداً بسيّدي الحُسين .فقالت : شأنك .قالت فضة : فمضيت إليه حتّى قربت منه وقلت : يا أسد , أتدري ما يريدون صنعه غداة غد بنو اُميّة بأبي عبد الله ؟ يريدون يوطئون الخيل ظهره .قال : نعم .فقام الأسد ولم يزل يمشي وأنا خلفه حتّى وقف على جثّة الحُسين (عليه‌السلام ) , فوضع يديه عليه , وجعل يمرّغ وجهه بدم الحُسين ويبكي إلى الصّباح , فلمّا أصبح بنو اُميّة , أقبلت الخيل يقدمهم ابن الأخنس لعنه الله تعالى ، فلمّا نظروه , صاح بهم ابن سعد إنّها لفتنة لا تثيروها , فرجعوا عليهم لعائن الله تعالى ، وهو من بعض فضائلهم عليهم رحمة الله.

حُكي عن رجل أسدي , قال : كنت زارعاً على نهر العلقمي بعد ارتحال عسكر بني اُميّة , فرأيت عجائب لا أقدر أحكي إلّا بعضها ، منها : أنّه إذا هبّت الرّيح , تمرّ عليّ نفحات كنفحات المسك والعنبر ، وإذا سكنت , أرى ما تنزل من السّماء إلى الأرض ويرقى من الأرض إلى السّماء مثلها ، وأنا مفرد مع عيالي ولا أرى أحداً أسأله عن ذلك ، وعند غروب الشّمس , يقبل أسد من القبلة فأولّي عنه إلى منزلي ، فإذا أصبح الصّباح وطلعت الشّمس وذهبت من منزلي , أراه مستقبل القبلة ذاهباً ، فقلت في نفسي , إنّ هؤلاء خوارج قد خرجوا على عُبيد الله بن زياد فأمر بقتلهم ، وأرى منهم ما لم أره من سائر القتلى ، فوالله , هذه الليلة لأبدأ من المساهرة لأبصر هذا الأسد يأكل من هذه الجثث أم لا .فلمّا صار غروب

____________________

(١) سورة الشّعراء / ٢٢٧.

٣٢٢

الشّمس , وإذا به أقبل فحقّقته وإذا هو هائل المنظر , فارتعدت منه وخطر ببالي , إن كان مراده لحوم بني آدم , فهو يقصدني , وأنا أحاكي بهذا فمثلته , وهو يتخطّى القتلى حتّى وقف على جسد كأنّه الشّمس إذا طلعت , فبرك عليه ، فقلت : يأكل منه؟ وإذا به يمرّغ وجهه عليه وهو يهمهم ويدمدم ، فقلت : الله أكبر ما هذا إلّا أعجوبة .فجعلت أحرسه حتّى اعتكر الظّلام , وإذا بشموع مُعلّقة ملأت الأرض ، وإذا ببكاء ونحيب ولطم مفجع ، فقصدت تلك الأصوات , فإذا هي تحت الأرض ، ففهمت من ناع فيهم يقول : وا حسيناه ! وا إماماه ! فاقشعرّ جلدي , فقربت من الباكي وأقسمت عليه بالله وبرسوله : مَن تكون ؟ فقال : إنّا نساء من الجن .فقلت : وما شأنكن ؟ فقلنّ : في كلّ يوم وليلة هذا عزاؤنا على الحُسين الذّبيح العطشان .فقلت : هذا الحُسين الذي يجلس عنده الأسد ؟ قلنّ : نعم , أتعرف هذا الأسد ؟ قلت : لا .قلنّ : هذا أبوه عليّ بن أبي طالب.فرجعت ودموعي تجري على خدّي :

سلوا سيوف مُحمّد بمحمد

ففزوا بها هامات آل محمد

فكأن عترة أحمد اعداؤه

وكأنما الأعداء عترة أحمد

فاكثروا رحمكم الله الأحزان ، واظهروا شعائر الأشجان ، فإنّه رزء عظيم ومصاب جسيم ، تتزلزل منه الأطواد ، وتتفتت منه الأكباد.

حُكي : أنّه لمـّا فرغ عمر بن سعد من حرب الحُسين , واُدخلت الرؤوس والأسارى إلى عُبيد الله بن زياد لعنه الله تعالى , جاء عمر بن سعد لعنه الله ودخل على عُبيد الله بن زياد ؛ يريد منه أن يمكّنه من ملك الرّي ، فقال له ابن زياد : آتني بكتابي الذي كتبته لك في معنى قتل الحُسين وملك الرّي .فقال له عمر بن سعد : والله إنّه قد ضاع منّي ولا أعلم أين هو .فقال له ابن زياد : لا بدّ أن تجئني به في هذا اليوم , وإن لم تأتني به , فليس لك عندي جائزة أبداً ؛ لأنّي كنت أراك مستحياً معتذراً في أيّام الحرب من عجائز قُريش ، ألست أنت القائل :

فوالله ما أدري وإني لصادق

أفكر في أمري على خطرين

أأترك ملك الري والري منيتي

أم أرجع مأثوماً بقتل حسين

٣٢٣

؟ وهذا كلام معتذر مستح متردد في رأيه .فقال عمر بن سعد : والله يا أمير , لقد نصحتك في حرب الحُسين نصيحة صادقة , لو ندبني إليها أبي سعد , لما كنت أدّيت حقّه كما أدّيت حقّك في حرب الحُسين .فقال له عبيد الله بن زياد : كذبت يا لكع.فقال عثمان بن زياد - أخو عبيد الله بن زياد - : والله يا أخي , لقد صدق عمر بن سعد في مقالته , وإنّي لوددت أنّه ليس من بني زياد رجل إلّا وفي أنفه خزمة إلى يوم القيامة , وأنّ حُسيناً لم يُقتل أبداً.

فقال عمر بن سعد : فوالله يابن زياد , ما رجع أحد من قتلة الحُسين بشرّ ممّا رجعت به أنا .فقال له : وكيف ذلك ؟ فقال: لأنّي عصيت الله وأطعت عبيد الله , وخذلت الحُسين بن رسول الله ونصرت أعداء الله , وبعد ذلك , إنّي قطعت رحمي ووصلت خصمي وخالفت ربّي ، فيا عظم ذنبي ويا طول كربي في الدُنيا والآخرة .ثمّ نهض من مجلسه مغضباً مغموماً ، وهو يقول : و( ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) (١) .

قال أبو السّدي : والله إنّي لأعجب ممّن يسعى في قتل أئمته , وهو يعلم أنّهم منتقمون منه في آخرته ، فهذا عاقبة أمره في حكومة الرّي وقد خسرها.

وأمّا هو نفسه , فحكي عن الهيثم بن الأسود ، قال : كنت جالساً عند المختار بالكوفة , فابتدأ يقول لجلسائه : والله , لأقتلنّ رجلاً عريض القدمين غائر العينين مرفوع الحاجبين عدو الحسن والحُسين ، وقتله يرضى فيه ربّ العالمين ، ويرضي عليّاً أمير المؤمنين وفاطمة الزّهراء سيّدة نساء العالمين .قال الهيثم : فلمّا سمعت كلام المختار , علمت أنّه يريد بهذه الأوصاف قتل عمر بن سعد.

قال : فلمّا نهض الهيثم من مجلسه , مشى إلى عمر بن سعد وعرّفه بمقالة المختار ، قال : وكان عبد الله بن جعد أعزّ النّاس عند المختار ؛ لأنّه رئيس قومه ، فجاء إلى المختار وتشفّع في عمر بن سعد , وأخذ له كتاب أمان من المختار يقول فيه : أمّا بعد , إنّك يا عمر بن سعد , آمن بأمان الله ورسوله على نفسك وأهلك وولدك ومالك , ولا تؤاخذ بذنب كان منك قديماً ، فمن لقي عمر بن سعد من شرطة الأمير , فلا يعرض له إلى سبيل الخير .فلمّا وصل الكتاب إلى عمر بن سعد , طاب قلبه ، وظهر بعدما كان مختفياً ، وصار يحضر في مجلس المختار في كلّ أسبوع مرّة ، والمختار يكرمه ويدنيه ويجلسه معه على سريره ، كلّ هذا وعمر بن سعد يحسّ قلبه بالشّر , ويظنّ أنّ المختار يقتله لا محالة ، فعزم على الخروج ليلاً من الكوفة ,

____________________

(١) سورة الحج / ١١.

٣٢٤

فعلم المختار بخروجه من لكوفة ، فقال : الله أكبر وفيناه وغدر ، واعطيناه ومكر والله خير الماكرين ، ولكن والله في عنقه سلسلة, لو جهد عمر بن سعد أن يفلّها لما استطاع أبداً حتّى اقتله إن شاء الله تعالى عن قريب.

قال : فبينما عمر بن سعد سائر في الطّريق بالليل , فنام على ظهر النّاقة , فرجعت النّاقة به إلى الكوفة وقت الصّبح , فلم يشعر إلّا وهو على باب داره , فنوخ ناقته ودخل داره واستسلم للقتل , فلمّا أصبح عمر بن سعد , دعا بابنه حفص وقال له : امض إلى المختار وانظر هل علم بخروجي أم لا ، واكشف لي عن سريرته.

قال : فجاء حفص إلى المختار وسلّم عليه , وقال له : أيّها الأمير , أبي يقرؤك السّلام ويقول لك اتفي لنا بالأمان أم لا ؟ فقال له : وأين أبوك ؟ فقال : ها هو في داره .فقال له : أليس أبوك قد هرب البارحة وكان يريد الشّام ؟ فقال : معاذ الله , إنّ أبي في داره لم يتغيّب أبداً .فقال : كذبت وكذب أبوك , اجلس هُنا حتّى يأتي أبوك .ثمّ إنّ المختار استدعى رجلاً من جلاوزته، وقال له : انطلق إلى عمر بن سعد وآتني برأسه .فمضى مسرعاً , فما لبث هنيئة إذ جاء وبيده رأس عمر بن سعد , فألقاه في حجر ابنه ، إنّا لله وإنّا إليه راجعون .فقال له المختار : يا حفص , أتعرف صاحب هذا الرأس ؟ قال : نعم , هذا رأس أبي ولا خير الله في الحياة بعده .فقال المختار : وإنّي لا أبقيك بعده .ثمّ أمر بقتله في الحال لا رضي‌ الله ‌عنهما .ووضع الرّأسان بين يديه، فسرّ بهما سروراً عظيماً ، فقال بعض من حضر : أيّها الأمير رأس عمر بن سعد برأس الحُسين ، ورأس حفص برأس عليّ بن الحُسين .فقال له المختار : صه يا لكع الرّجال , يا ويلك ! أتقيس رأس عمر بن سعد برأس الحُسين , ورأس حفص برأس عليّ بن الحُسين ؟! فوالله , لو قتلت ثلاثة أرباع أهل الأرض , ما وفوا بأنملة من أنامل الحُسين.

قال : وكان مُحمّد بن الحنفيّة بمكّة يجلس مع أصحابه ويذمّ المختار ويعتب عليه ؛ لمجالسته مع عمر بن سعد على سريره وتأخيره قتله ، قال : فحمل الرأسان إليه إلى مكّة ، قال : فبينما مُحمّد بن الحنفيّة جالس , فنظر الرأسان بين يديه , فخرّ لله ساجداً شاكراً ، ثمّ رفع يديه يدعو للمختار بالخير , ويقول : اللّهمّ , لا تنس المختار من رحمتك .اللّهمّ , أجزه عنّا أهل بيت نبيّك خير الجزاء.

٣٢٥

وعن ابن مسعود , قال : بينما نحن جلوس عند رسول الله في مسجده , إذ دخل علينا فتية من قُريش ومعهم عمر بن سعد لعنه الله , فتغيّر لون رسول الله , فقلنا له : يا رسول الله , ما شأنك ؟ فقال : (( إنّا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدُنيا, وإنّي ذكرت ما يلقى أهل بيتي من اُمّتي من بعدي من ؛ قتل وضرب وشتم وسبّ وتطريد وتشريد , وإنّ أهل بيتي سيشرّدون ويطردون ويقتلون ، وإنّ أوّل رأس يُحمل على رمح في الإسلام رأس ولدي الحُسين , أخبرني بذلك أخي جبرائيل عن الرّبّ الجليل )) .وكان الحُسين حاضراً عند جدّه في ذلك الوقت ، فقال : (( يا جدّاه , فمَن يقتلني من اُمّتك ؟ )) .فقال : (( يقتلك شرار النّاس )) .وأشار النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) إلى عمر بن سعد لعنه الله , فصار أصحاب رسول الله إذا رأوا عمر بن سعد داخلاً من باب المسجد , يقولون : هذا قاتل الحُسين (عليه‌السلام ) .قال : وجعل عمر بن سعد كلّما لقي الحُسين يقول : يا أبا عبد الله , إنّ في قومنا اُناساً سفهاء يزعمون إنّي أقتلك .فيقول له الحُسين (عليه‌السلام ) : (( والله إنّهم ليسوا سفهاء , ولكنّهم اُناس حُلماء ، أما إنّه ستقرّ عيني حيث لا تأكل من برّ الرّي من بعد قتلي إلّا قليلاً ، ثمّ تُقتل من بعدي عاجلاً )).

وكان الباقر (عليه‌السلام ) يقول : (( إنّ قاتل يحيى بن زكريا ولد زنا ، وقاتل الحُسين ولد زنا , ولم تمطر السّماء دماً إلّا يوم قتلهما , ولم يحمر الاُفق إلّا في قتلهما ، وإنّ هذه الحمرة التي تظهر في السّماء لم تر قبل قتل الحُسين ولا رؤيت بعد قتله )).

قال الرّاوي : فلمّا نزل الحُسين يوم الطّف في أرض كربلاء , أوّل من حال بينه وبين ماء الفُرات عمر بن سعد لعنه الله تعالى, فاشتدّ العطش بالحُسين وأطفاله وأهل بيته (عليهم‌السلام ) ، فقام رجل من أصحاب الحُسين قال : يابن رسول الله , أتأذن لي أن أمضي إلى ابن سعد فاكلمه في أمر الماء , وأعرّفه بعطش الحرم والأطفال ؛ فعساه يرتدع عن القتال ؟ فقال (عليه‌السلام ) : (( ذلك إليك , افعل ما شئت )).

قال : فجاء الهمداني ووبّخه بكلام - قد مرّ ذكره سابقاً - , فكان من عذره أن قال : يا أخا همدان , والله إنّي أعرف النّاس بحقّ الحُسين وحرمته عند رسول الله , ولكنّي حائر في أمري ما أدري كيف أصنع , وفي هذا الوقت كنت اتفكّر في أمري بين ترك ملك الرّي وقتل الحُسين .ثمّ قال : نفسي لأمّارة بالسّوء ما تحسن لي ترك مُلك الرّي ، وإنّي إذا قتلت حُسيناً أكون أميراً على سبعين ألف فارس.

قال : فنهض

٣٢٦

من عنده مكسور القلب ورجع إلى الحُسين (عليه‌السلام ) , وقال : يا مولاي , إنّ القوم استحوذ عليهم الشّيطان , وإنّ عمر بن سعد قد عزم على قتلك وقتل أصحابك وأهل بيتك , ورضي بدخول النّار بولاية الرّي :( ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) (١) .

فيا إخواني , كيف لا يبكيهم مَن يزعم أنّ له بهم الاتصال حتّى تنقطع منه عليهم الأوصال ؟ وكيف لا يتحمّل الحزن عليهم في هذا الحال وفي كلّ حال حتّى المآل ؟ فعلى الأطائب من أهل بيت الرّسول فليبك الباكون ، وإيّاهم فليندب النّادبون , ولمثلهم تذرف الدّموع من العيون ، أو لا تكونون كبعض مادحيهم حيث عرته الأحزان وتتابعت عليه الأشجان , فنظم وقال فيهم :

القصيدة للشيخ نعمان (رحمه ‌الله تعالى )

جزع بكى وأخو الصبابة يجزع

وجرت بوادر دمعه تندفع

صب إذا هل المحرم هاجه

وجد تفيض العين منه وتدمع

وجوى لمـّا نال الحُسين وآله

نيرانه بين الأضالع تسفع

في كربلاء في كربها وبلائها

لـمّا استجابوا حوله وتجمعوا

واتوه بالبيض الصوارم والقنا

والخيل مسرجة تعد وتمنع

بغياً وعدواً لم يخافوا حاكماً

عدلاً يرى ما يفعلون ويسمع

من بعدما كتبوا إليه خديعة

منهم وهم من كل قوم أجدع

حتى إذا ما جاءهم متحملاً

خدعوا به وكأنهم لم يسمعوا

بالأمس ما قال النّبي مُحمّد

فيه وما أوصاهم بل ضيعوا

وحموه عن ماء الفرات وقد شكا

ظمأ ولم يخشوا ولما يفزعوا

ويل لهم باعوا الهداية بالعمى

وترددوا في غيهم وتسلعوا

والله ما عاد بأعظم حرمة

منهم ولا فعلت ثمود وتبع

قوم كفعلهم الشنيع وما أتوا

بل فعلهم من كل فعل أشنع

ناداهم لمـّا به حفوا معاً

زمراً ولم يك من لقاهم يجزع

يا شر خلق الله ما من مسلم

منكم له دين يكف ويردع

حرم النّبي تموت من حر الظمأ

والوحش في ماء الشريعة يترع

____________________

(١) سورة الحج / ١١.

٣٢٧

ألكم طلائب عندنا تبغونها

اُمّ ما عرفتم ويلكم ما تصنعوا

انفذتم كتباً إلي فجئتكم

فالآن إذ خنتم دعوني ارجع

قالوا له هيهات بل لاميرنا

تعطى القياد وتستكين وتخضع

أو بالسيوف المرهفات وبالقنا

نوليكم طعناً وضرباً يفظع

فهناك جرد سيفه لقتالهم

وهو الشجاع اللوذعي السلفع

في فتية بذلوا نفوسهم معاً

من دون مهجته إلى أن صرعوا

من حوله فوق التراب كأنهم

أقمار أدحية ضياها يلمع

وبقي حبيب مُحمّد بين العدا

فردا يذب عن الحريم ويمنع

كالليث منصلتاً إلى أن غاله

سهم المنون فخر وهو الموجع

عن سرجه يرنو إلى فسطاطه

والعين منه تستهل وتدمع

أسفي على النسوان في ذل السبا

إذ لم يعد أحد هنالك يسمع

ومضى الجواد إلى الخيام محمحماً

ينعي الحُسين ودمعه يتدفع

فسمعن رنته النساء فقلن قد

وقع الذي كنا له نتوقع

فخرجن من فسطاطهن صوارخا

جزعاً صراخاً للصخور يصدع

وأتينه والشمر جاث فوقه

بحسامه للرأس منه يقطع

فرقى الحُسين وقلن ويلك يا عدو

الله ماذا بالمطهر تصنع

هذا جزاء مُحمّد في آله

منكم لفعلك يا أمية اشنع

فاحتز رأس السبط يا لك لوعة

لم يبق للإسلام شمل يجمع

فاهتز عرش الله جل وسبحت

أملاكه وبكوا أسى وتفجعوا

وهوت نجوم عند ذاك من السما

وبكت دما بعض لبعض تتبع

والأرض مادت والجبال تزعزعت

والجو مسود هنالك اسفع

والطير في جو السّماء بكت له

أسفاً وا عرضت الوحوش الرتع

عن وعيها جزعاً عليه ولم يزل

للجن نوح في الأماكن يسمع

وعلى سنان الرمح شالوا رأسه

كالبدر يزهو نوره ويشعشع

وجرت خيولهم على جثمانه

حتّى تحطم صدره والأضلع

وتناهبوا رحل الحُسين وسلبوا

نسوانه باخبث ما قد صنعوا

٣٢٨

يا عين أبكي للحسين وأهله

بدم إذا ما قل منك المدمع

ابكي غريب مُحمّد وجيبه

فمصابه مما سواه أفظع

ابكي عليه مفرداً بين العدا

والبيض فيه والأسنة تشرع

ابكي عليه ورأسه في ذابل

والجسم منه بالسيوف مبضع

ابكي له ملقى بلا غسل ولا

كفن ولا نعش هناك يشيع

ابكي لنسوان الحُسين حواسراً

في البيد ما فيهن من يتقنع

ابكي لهن يسقن بعد صيانة

قسراً وهن إذاً عطاشى جوع

ابكي على السجاد وهو مقيد

بالقيد مكتوف اليدين مكنع

ابكي لزينب إذ تقول لاختها

لـمّا تنادوا للرحيل وازمعوا

يا أخت قد عزوا عليّ ترحالهم

قومي إلى جسد الحُسين نودع

قومي إليه فما لنا من نظرة

منه سوى هذي العشية نطمع

يا أخت هذا اليوم آخر عهدنا

لا يوم فيه بعده نتجمع

هذا بآل مُحمّد فعل العدى

أفبعده لهم نحب ونتبع

بل منهم نبرأ ونلعنهم معاً

لعناً يدوم مجدداً لا يقطع

فالأولان هما لهذا أسساً

والآخرون بنوا عليه ورفعوا

والله لو لا نكث عهد الـمُصطفى

يوم الغدير وظلم حيدر فاسمعوا

ما استنهضت آل النّبي أمية

كلا ولا لخلافة يوم دعوا

لا زال لعن الله يغشاهم ومن

يرضى بفعلهم الشنيع ويقنع

وعلى بني الزّهراء صلّى ربهم

ما دام صبح خلف ليل يصدع

يا آل بيت مُحمّد إنّي لكم

يوم القيامة في السلام أطمع

أنا عبدكم نعمان حبكم معاً

ذخري إذا ظم الأنام المضجع

واليتكم لأكون تحت ولائكم

وغدا إذا فرغ الورى لا أفزع

وإذا منعتم حين يشتد الظمأ

أعداءكم من حوضكم لا امنع

مني السلام عليكم ما غردت

ورقاء نهتف في الغصون وتسجع

الباب الثّالث

أيّها المؤمنون النّاصحون والاخلاء الصّالحون ، عجّوا بالبكاء والعويل ،

٣٢٩

واندبوا أهل الإيمان والتّنزيل ، ويا أهل الأمانة والطّاعة , ساعدوا أهل الكرامة والشّفاعة ، أو لم تسمعوا يا ذوي العقول بمصيبة آل الرّسول ؟! فواعجباه من هذه المصائب التي تسكب العبرات ! ويا تعجباه ممّن لا يساوي مواليه في النّكبات ! فكيف يدّعي المحبّة مَن لا ينوح على أولاد الرّسول وثمرة فؤاد البتول ؟ فهل تحسن المراثي والنّدب إلّا على المقتولين من غير سبب ؟!

فيا وقعة ما أمرّها ! ويا قتلة ما أحرّها ! منعوهم من الماء المباح وسقوهم السّيوف والرّماح ، فليت شعري ما كان السّبب لذلك حتّى أوردوهم تلك المهالك , مشرّدين عن البلاد مفجوعين في الأهل والأولاد ؟ فمنهنّ من تخمش وجهها بيديها ، ومنهنّ من ينزع قرطيها من أذنيها.

فيا لها من مصيبة في الأنام تضعضعت لها سائر بلاد الإسلام ! فنحتسب أجرها عند الله ، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم.

نُقل عن اُمّ سلمة , قالت : كان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ذات يوم معي , فبينما هو راقد على الفراش ، جاعل رجله اليمنى على اليسرى وهو على قفاه , وإذا بالحُسين (عليه‌السلام ) - وهو ابن ثلاث سنين وأشهر - أتى إليه , فلمّا رآه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) , قال : (( مرحباً بقرّة عيني مرحباً بثمرة فؤادي )) .ولم يزل يمشي حتّى ركب على صدر جدّه فأبطأ ، فخشيت أنّ النّبي تعب فأحببت أنحيه عنه ، فقال : (( دعيه يا اُمّ سلمة , متى أراد الانحدار ينحدر ، واعلمي مَن آذى منه شعرة فقد آذاني )) .قالت : فتركته ومضيت فما رجعت إلّا ورسول الله يبكي , فعجبت من بعد الضّحك والفرح ، فقربت منه وقلت : يا سيّدي , ما يبكيك لا أبكى الله عينك ؟ وهو ينظر لشيء بيده ويبكي ، قال : (( ما تنظرين ؟ )) .فنظرت وإذا بيده تربة , فقلت : ما هي ؟ قال : (( أتاني بها جبرائيل هذه السّاعة ، وقال لي : يا رسول الله , هذه طينة من أرض كربلاء , وهي طينة ولدك الحُسين وتربته التي يُدفن فيها، فصيّريها عندك في قاروره , فإذا رأيتها قد صارت دماً عبيطاً ، فاعلمي أنّ ولدي الحُسين قد قُتل , وسيصير ذلك من بعدي وبعد أبيه واُمّه وجدّته وأخيه )).

قالت : فبكيت وأخذتها من يده وائتمرت بما أمرني , وإذا لها رائحة كأنّها المسك الأذفر ، فما مضت الأيّام والسّنون إلّا وقد سافر الحُسين إلى أرض كربلاء ، فحسّ قلبي بالشّر وصرت كلّ يوم اتجسس القارورة , فبينما أنا كذلك وإذا بالقارورة انقلبت دماً عبيطاً , فعلمت أنّ الحُسين قد

٣٣٠

قُتل ، فجعلت أنوح وأبكي يومي كلّه إلى الليل , ولم اتهنّ بطعام ولا منام إلى طائفة من الليل ، فأخذني النّعاس , وإذا أنا بالطّيف برسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) مُقبل وعلى رأسه ولحيته دم كثير , فجعلت انفضه بكمّي وأقول : نفسي لنفسك الفداء ! متى أهملت نفسك هكذا يا رسول الله ؟! من أين لك هذا التّراب ؟ قال : (( هذه السّاعة فرغت من دفن ولدي الحُسين )).

قالت اُمّ سلمة : فانتبهت مرعوبة لم أملك على نفسي , فصحت : وا حسيناه ! وا ولداه ! وا مهجة قلباه ! حتّى علا نحيبي, فأقبلت إليّ نساء الهاشميات وغيرهن , وقلنّ : ما الخبر يا اُمّ المؤمنين ؟! فحكيت لهنّ بالقصة فعلا الصّراخ وقام النّياح ، وصار كأنّه حين ممات رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، وسعين إلى قبره مشقوقة الجيب ومكشوفة الرّأس , فصحن : يا رسول الله قُتل الحُسين ! .فو الله الذي لا إله إلّا هو ، فقد حسسنا كأنّ القبر يموج بصاحبه حتّى تحرّكت الأرض من تحتنا , فخشينا أنّها تسيخ بنا , فانحرفنا بين مشقوقة الجيب ومنشورة الشّعر وباكية العين.

فيا إخواني , مصابهم هو الذي أحرمنا الهجوع وأسكب من أعيننا سحائب الدّموع , وقلّل صبرنا وأذهل فكرنا , وهدّ منّا الأركان وأسلمنا الذّل والهوان , فالحكم لله ولا حول ولا قوة إلّا بالله :

غريبون عن أوطانهم وديارهم

تنوح عليهم في البراري وحوشها

وكيف ولا تبكي العيون لمعشر

سيوف الأعادي في العلاء تنوشها

بدور تواري نورها فتغيرت

محاسنها ترب الفلا نعوشها

وروي : أنّ المتوكل من خلفاء بني العبّاس ، كان كثير العداوة شديد البغض لأهل بيت الرّسول ، وهو الذي أمر الحارثين بحرث قبر الحُسين (عليه‌السلام ) , وأن يجروا عليه الماء من نهر العلقمي ، بحيث لا يبقى له أثر ولا أحد يقف له على خبر ، وتوعّد النّاس بالقتل لِمَن زار قبره , وجعل رصداً من أجناده وأوصاهم : كلّ مَن وجدتموه يريد زيارة الحُسين فاقتلوه ؛ يريد بذلك إطفاء نور الله وإخفاء آثار ذرّيّة رسول الله , فبلغ الخبر إلى رجل من أهل الخير يُقال له زيد المجنون , ولكنّه ذو عقل شديد ورأي رشيد، وإنّما لُقّب بالمجنون ؛ لأنّه أفحم كلّ لبيب ، وقطع حجّة كلّ أديب ، وكان لا يعبأ من الجواب ولا يملّ من الخطاب ، فسمع بخراب قبر الحُسين وحرث مكانه , فعظم ذلك عليه واشتدّ حزنه وتجدد مصابه

٣٣١

بسيده الحُسين (عليه‌السلام ) , وكان يومئذ بمصر , فلمّا غلب عليه الوجد والغرام لحرث قبر الإمام (عليه‌السلام ) , خرج من مصر ماشياً هائماً على وجهه شاكياً وجده إلى ربّه ، وبقي حزيناً كئيباً حتّى بلغ الكوفة وكان البهلول يومئذ بالكوفة , فلقيه زيد المجنون وسلّم عليه فردّعليه‌السلام , فقال له البهلول : من أين لك معرفتي ولم ترني قط ؟ فقال زيد : يا هذا , اعلم أنّ قلوب المؤمنين جنود مجنّدة , ما تعارف منها إئتلف وما تناكر منها اختلف.

فقال له البهلول : يا زيد , ما الذي أخرجك من بلادك بغير دابّة ولا مركب ؟ فقال : والله , ما خرجت إلّا من شدّة وجدي وحزني , وقد بلغني أنّ هذا اللعين أمر بحرث قبر الحُسين (عليه‌السلام ) وخراب بنيانه وقتل زوّاره ، فهذا الذي أخرجني من موطني ونغّص عيشي , وأجرى دموعي وأقلّ هجوعي .فقال البهلول : وأنا والله كذلك .فقال له : قم بنا نمضي إلى كربلاء لنشاهد قبور أولاد عليّ الـمُرتضى.

قال : فأخذ كلّ بيد صاحبه حتّى وصلا إلى قبر الحُسين , وإذا هو على حاله لم يتغير وقد هدموا بنيانه ، وكلمّا أجروا عليه الماء , غار وحار واستدار بقدرة العزيز الجبّار ، ولم يصل قطرة واحدة إلى قبر الحُسين (عليه‌السلام ) , وكان القبر الشّريف إذا جاءه الماء , ترتفع أرضه بإذن الله تعالى ، فتعجّب زيد المجنون مما شاهده , وقال : انظر يا بهلول( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) (١) .قال : ولم يزل المتوكل يأمر بحرث قبر الحُسين مدّة عشرين سنة ، والقبر على حاله لم يتغير ولا تعلوه قطرة من الماء ، فلمّا نظر الحارث إلى ذلك ، قال : آمنت بالله وبمُحمّد رسول الله ، والله , لاهربنّ على وجهي وأهيم في البراري ولا أحرث قبر الحُسين ابن بنت رسول الله ، وإنّ لي مدّة عشرين سنة أنظر آيات الله وأشاهد براهين آل بيت رسول الله ، ولا اتعظ ولا اعتبر .ثمّ أنّه حلّ الثّيران وطرح الفدان وأقبل يمشي نحو زيد المجنون وقال له : من أين اقبلت يا شيخ ؟ قال : من مصر .فقال له : ولأيّ شيء جئت إلى هُنا ؟ وإنّي أخشى عليك من القتل .فبكى زيد وقال: والله قد بلغني حرث قبر الحُسين (عليه‌السلام ) , فأحزنني ذلك وهيّج حزني ووجدي .فانكب الحارث على أقدام زيد يقبّلهما , وهو يقول : فداك أبي واُمّي ! فو الله يا شيخ , من حين ما أقبلت إليّ , أقبلت إليّ الرّحمة واستنار قلبي بنور

____________________

(١) سورة التّوبة / ٣٢.

٣٣٢

الله , وإنّي آمنت بالله ورسوله , وإنّ لي مدّة عشرين سنة وأنا أحرث هذه الأرض ، وكلّما أجريت الماء إلى قبر الحُسين , غار وحار واستدار ولم تصل إلى قبر الحُسين منه قطرة ، وكأنّي كنت في سكر وأفقت الآن ببركة قدومك إليّ .فبكى زيد وتمثّل بهذه الأبيات :

تالله إن كانت أمية قد أتت

قتل ابن بنت نبيها مظلوما

فلقد أتاه بنو أبيه بمثله

هذا لعمرك قبره مهدوما

اسفوا على أن لا يكونوا شاركوا

في قتله فتتبعوه رميما

فبكي الحارث وقال : يا زيد , قد أيقظتني من رقدتي وأرشدتني من غفلتي , وها أنا الآن ماض إلى المتوكل بسر من رأى أعرّفه بصورة الحال , إن شاء أن يقتلني وإن شاء يتركني .فقال له زيد : وأنا أيضاً أسير معك إليه وأساعدك على ذلك .قال : فلمّا دخل الحارث إلى المتوكل وأخبره بما شاهد من برهان قبر الحُسين (عليه‌السلام ) , استشاط غيظاً وازداد بغضاً لأهل بيت رسول الله , وأمر بقتل الحارث , وأمر أن يشد حبل في رجليه ويسحب على وجهه في الأسواق ، ثمّ يُصلب في مجتمع النّاس ؛ ليكون عبرة لِمَن اعتبر ، ولا يبقى أحد يذكر أهل البيت بخير أبداً.

أمّا زيد المجنون فإنّه ازداد حزنه واشتدّ عزاؤه وطال بكاؤه ، وصبر حتّى انزلوه من الصّلب وألقوه على مزبلة هُناك ، فجاء إليه زيد فاحتمله إلى دجلة وغسّله وكفّنه وصلّى عليه ودفنه ، وبقي ثلاثة أيّام لا يفارق قبره وهو يتلو كتاب الله عنده ، فبينما هو ذات يوم جالس , إذ سمع صراخاً عالياً ونوحاً شجياً وبكاء عظيماً , ونساء بكثرة منشرات الشّعور مشققات الجيوب مسودّات الوجوه ، ورجالاً بكثرة يندبون بالويل والثّبور , والنّاس كافّة في اضطراب شديد , وإذا بجنازة محمولة على أعناق الرّجال وقد نشرت لها الأعلام والرّايات , والنّاس من حولها أفواجاً قد انسدّت الطّرق من الرّجال والنّساء ، قال زيد : فظننت أنّ المتوكل قد مات .فتقدمت إلى رجل منهم وقلت له : مَن يكون هذا الميت ؟ فقال : هذه جنازة جارية المتوكل , وهي جارية سوداء حبشية وكان اسمها ريحانة ، وكان يحبّها حبّاً شديداً .ثمّ إنّهم عملوا لها شأناً عظيماً , ودفنوها في قبر جديد وفرشوا فيه الورد والرّياحين والمسك والعنبر , وبنوا عليها قبّة عالية ، فلمّا نظر زيد إلى ذلك , إزدادت

٣٣٣

أشجانه وتصاعدت نيرانه , وجعل يلطم وجهه ويمزّق أطماره , وحثى التّراب على رأسه وهو يقول : وا ويلاه ! وا أسفاه عليك يا حُسين ! أتقتل بالطّفّ غريباً وحيداً ظمآناً شهيداً ، وتُسبى نساؤك وبناتك وعيالك وتُذبح أطفالك , ولم يبك عليك أحد من النّاس , وتُدفن بغير غسل ولا كفن , ويُحرث بعد ذلك قبرك ؛ ليطفئوا نورك وأنت ابن عليّ الـمُرتضى وابن فاطمة الزّهراء , ويكون هذا الشّأن العظيم لموت جارية سوداء , ولم يكن الحزن والبكا لابن مُحمّد الـمُصطفى.

قال : ولم يزل يبكي وينوح حتّى غشي عليه والنّاس كافّة ينظرون إليه ، فمنهم من رقّ له ومنهم من جثى عليه , فلمّا أفاق من غشوته ، أنشأ يقول :

أيحرث بالطف قبر الحُسين

ويعمر قبر بني الزانية

لعل الزمان بهم قد يعود

ويأتي بدولتهم ثانية

ألا لعن الله أهل الفساد

ومن يأمن الدنية الفانية

قال : ثمّ إنّ زيداً كتب هذه الأبيات في ورقة وسلّمها لبعض حجّاب المتوكل , قال : فلمّا قرأها , اشتدّ غيظه وأمر باحضاره فاحضر , وجرى بينهما من الوعظ والتّوبيخ ما أغاظه حتّى أمر بقتله ، فلمّا مثل بين يديه , سأله عن أبي تراب : مَن هو ؟ استحقاراً له ، فقال : والله , إنّك عارف به وبفضله وشرفه وحسبه ونسبه ، فوالله , ما يجحد فضله إلا كلّ كافر مرتاب ولا يبغضه إلا كلّ منافق كذّاب .وشرع يعدد فضله ومناقبه , حتّى ذكر منها ما أغاظ المتوكل , فأمر بحبسه فحبس , فلمّا أسدل الظّلام وهجع ، جاء إلى المتوكل هاتف ورفسه برجله ، وقال له : قُم وأخرج زيداً وإلّا أهلكك الله عاجلاً .فقام هو بنفسه وأخرج زيداً من حبسه وخلع عليه خلعة سنية , وقال له : اطلب ما تريد .قال : أريد عمارة قبر الحُسين وأن لا يتعرض أحد بزوّاره .فأمر له بذلك ، فخرج من عنده فرحاً مسروراً , وجعل يدور في البلدان وهو يقول : مَن أراد زيارة قبر الحُسين , فله الأمان طول الأزمان.

وعلى الأطائب من أهل بيت الرّسول فليبك الباكون , وإيّاهم فليندب النّادبون ، ولمثلهم تذرف الدّموع من العيون ، أو لا تكونون كبعض مادحيهم حيث عرته الأحزان والأشجان , فنظم وقال فيهم :

٣٣٤

القصيدة للشيخ مُحمّد بن السّمين (رحمه‌الله )

أيعذب من ورد الجفاء ورود

أيزهر من ورد الوفاء ورود

وينبع من غرس الوداد ثمارها

ويورق من غصن المودة عود

فيا من بدا ذا الود بالصد والجفا

أيحمل من بعد الوصال صدود

فإن تبخلوا بالوصل إنّي مواصل

وبالنفس إن ضن الجواد أجود

وإن عدتم يوماً بما قد بدأتم

من الغدر إنّي بالوفاء أعود

وحبل ذمامي لا تحل عقوده

إذا حل من حبل الذمام عقود

وإن نقضوا عهد الوداد فإنني

مراع لأسباب الوداد ودود

وما حال حال العهد عما عهدتم

وإن رث عقد العهد فهو جديد

وما كادني أمر يكيد احتماله

ولكما نقض العهود يكيد

ولا بدع إن أبدعتم نقض عهدكم

فقد نقضت لابن النّبي عهود

فكم تنقض الأرجاس عهداً وعقده

وثيق على كل العباد وكيد

وقد جاءه تترى صحائف جمة

كأوجههم عند التوجه سود

يقولون إن الضد باد وفي غد

له في لظى بعد الدخول خلود

ونحن بلا وال وأنت ولينا

وأولى بنا منا ونحن عبيد

فسر قصدنا قصداً فلا زلت مقصداً

فقصدك في كل الأمور حميد

فإن لم تسر فارسل من الآل سيداً

فأنت لسادات الأنام عميد

فأرسل سهماً من كنانة آل

مصيباً لدفع النائبات عتيد

فبايعه منهم ألوف تألفت

عليه ولا يحصى لهن عديد

فلم يأتي إلّا الليل حتّى تخاذلوا

وبان لهم بعد الوفاء صدود

وألقوه مذ ألقوه قد جاء رائداً

لمرعى يولي في الصدور بزود

عتواً من القصر المشيد مبوءاً

له قصر در في الجنان مشيد

ففرق جند الحق من بعد قتله

وجمع من جند الضلال جنود

لها ابن زياد مرسل ومجهز

وأما ابن سعد للجنود يقود

إلى حرب مولانا الحُسين وآله

تسارع منهم قائد ومقود

طبولهم في الخافقين خوافق

وتخفق رايات لهم وبنود

٣٣٥

يذاد عن الماء المباح وقد غدا

لجل عباد الله منه ورود

ويمنعه من ورده ووروده

كفور لآلاء الإله كنود

ولست بناس قوله حال ما بدا

يخاطبهم بالطف ثمّ يعيد

يقول وقد أبدأ مقالة معذر

ويعلم أن القول ليس يفيد

إلى سبل فيها الهداية فاعدلوا

وعن طريق فيها الضلالة حيدوا

ولا تكحلوا الأبصار بالبغي أعيناً

مراضاً بأميال العتو ثمود

وكونوا أناساً أصلحوا ذات بينهم

وآرائهم في ابن النّبي سديد

ألم تعلموا إنّي الإمام عليكم

وإني لله الشهيد شهيد

وإن لنا حكم المعاد وامره

يؤول إلينا والحساب يعود

وإن أبي يسقي على الحوض معشراً

ويطرد عنه معشراً ويذود

ولولاه لم يخضر للدين عوده

ولا قام للإسلام قط عميد

وقد قلت هذا القول والله عالم

وقاض به والعالمون شهود

فقالوا علمنا ما تقول فلا تزد

فقولك هذا ما عليه مزيد

ولكنما انفاذ أمر أميرنا

يزيد له دون الأنام نريد

نريد بأن تأتي يزيد مبائعاً

فرشدك أن تأتي يزيد نريد

فقال وللعين المبرح في الحشا

كلام وفي القلب الكليم وقود

سلام على الإسلام بعد رعاته

إذا كان راعي المسلمين يزيد

وكيف وأبناء الكرام بذلة

تسام وأبناء اللئام تسود

وآب إلى أنصاره يطلب الرجا

ويوعد إذ حقت لديه وعود

يقول ابشروا فالقول من بعد هذه

مهد وعيش في الجنان رغيد

وحور حسان ما لهن مناظر

يضاهي وفي دار الخلود خلود

وباتوا ومنهم ذاكر ومسبح

وراع ومنهم ركع وسجود

فمذ بزغت شمس الهياج مضيئة

بأفق سماء البغي وهو مديد

به النقع غيم والبروق بوارق

به الويل نبل والصراخ وعود

دعاهم فثابوا للثواب تسابقاً

إلى الموت إذ فيه الحياة تعود

حفو حفيفاً مقدمين كأنهم

ليوث الشرى عند اللقاء أسود

٣٣٦

فأورد كل نفسه مورداً له

صدور ومن بعد الصدور ورود

إلى أن تفانوا واحد بعد واحد

لديهم فمنهم قائم وحصيد

وظل بأرض الطف فرداً وحوله

لآل زياد عدة وعديد

وتنظره شزراً من السمر والقنا

نواظر إلّا أنهن حديد

ينادي أما من مسلم ذي حمية

يحامي وعن آل الرسول يذود

أما من شهاب ثاقب يحرق العدا

بنار فشيطان الطغاة عنيد

أما من نصير ينصر الفرد نصرة

لينصر يوم الجمع وهو فريد

أما واحد يأتي الوحيد موصلاً

ليوصل يوم الفصل وهو وحيد

أما جابر يأتي مجيراً ويجيره

إذا حق في يوم الوعيد وعيد

أما من شقي والنفوس تخوفه

توافيه إن وافى لدي سعود

أما أكمه في ليل غي فإن وفي

أرى الفخر فخر الرشيد وهو رشيد

أما فاسد رأياً إذا آب ناصراً

يبلج وجه الرأي وهو سديد

فلما رمى عن قوس حقد بأسهم

حداد وكل للجلاد مريد

ثنى صده قصد الخيام مودعاً

لهم موصياً بالثبر وهو حميد

يقول اصبروا فالله جلّ جلاله

يوف لأجر الصابرين مزيد

وصبراً جميلاً آل بيت مُحمّد

فمجدكم والفضل ليس يبيد

إذا مات منا سيّد قام سيّد

رقيب على كل الأنام شهيد

وبعد فزين العابدين خليفتي

على من له في ذا الوجود وجود

واستودع الرحمن ولدي وعترتي

ومن جاء منهم والد ووليد

وألوى على جيش العداة بعزمه

تكاد لها شم الجبال تميد

ففر العدى من بأسه خيفة الردى

كما فر من بأس الأسود صيود

فغادرهم صرعى لديه ومنهم

جريح تولى هارباً وطريد

فمذ حان حين أرسل القوم اسهما

أصيب بها نحر له ووريد

هوى ثاوياً فوق الثرى ومحله

له فوق آفاق السّماء صعود

وظل صريعاً بالطفوف ونفسه

بها من سياق الموت وهو يجود

إلى أن قصى نحباً وعهداً وموعداً

به جاء من سر النّبي وعود

٣٣٧

تقي نقي طاهر ، طاهر الوفا

وفي مجيد في الفعال حميد

ولما غدا الحر الجواد وسرجه

خلى وللحر الجواد فقيد

برزن نساء الهاشميات حسراً

عليهن من نسج الثكول برود

توادين يخدشن الوجوه تفجعاً

وتلطم بالأيدي لهن خدود

وفاطمة الصغرى تعانق اختها

سكينة خوف السبي وهو مكيد

وزينب ما بين النساء وقلبها

قريح وبالأحزان فهو كميد

تقول وللأحزان في القلب مبدع

ومبد لأسرار الهموم معيد

أخي يابن أمي يا شقيقي وسيدي

ومن لي من دون الأنام عميد

عليك جفوني الذاريات ذوارف

وأما دموعي المرسلات تجود

أخي مهجة الإسلام مقضي كآبة

ومتن الهدى قد قدّ وهو عميد

أخي ثل عرش الدين وانهد ركنه

وعطل منه إذا أصبت حدود

أخي من يلئم الشمل بعد شتاته

ومن لبناء المكرمات يشيد

أخي من ترى للجود والندى

إذا سار وفد أو أقام وفود

فأنت لمن يبغي الوفادة والجدي

بأنفس ما يسخو المفيد تفيد

وإن أجدبت أرض فأنت ربيعها

وإن ضن صوب المزن أنت مجيد

وكل مصاب جاء بعدك هين

وما هان في هذا المصاب شديد

فيا شيعة المختار نوحوا لمصرع

الشهيد وبالدمع الغزير فجودوا

تطأه خيول المجريات تجبراً

ويسفي عليه بعد ذاك صعيد

وآل رسول الله يشهرن في الملأ

وآل ابن هند في الخدور رقود

يسار بآل الـمُصطفى فوق ضمر

وترفعهم بيد وتخفض بيد

ورأس إمام السبط في رأس ذابل

طويل على رأس السنان يميد

وينكثه بالخيزران شماتة

به وسروراً كافر وعنيد

ويؤتى بزين العابدين مصفداً

وفي قدميه للحديد حدود

فقوموا بأعباء العزاء فإنه

جليل وأما غيره فزهيد

لأي مصاب يذرف الشأن ماءه

وتقضى نفوس أو تفت كبود

لأعظم من هذا المصاب وخطبه

عظيم على أهل السّماء شديد

٣٣٨

مصاب له في كل قلب مصيبة

سهام لحبات القلوب تبيد

وللهم هم والرزايا رزية

وللحزن حزن زائد ويزيد

إليكم يا بني الزّهراء يا من سمت بهم

إلى المجد آباء لهم وجدود

أوجه وجه المدح منّي لأنه

قلائد في جيد العلى وعقود

لأني لكم عبد محب وحبه

قديم فمنه طارف وتليد

وما قدر مدح قاله في علاكم

ومدحكم في المحكمات عتيد

ولكن يسر الأولياء استماعه

ويكبت أعداء لكم وحسود

فيا من هم فلك النجاة ومن هم

هداة وغوث في الأنام وجود

فمذ كان بدء الفضل منكم تفضلوا

وجودوا على نجل السمين وعودوا

فأنتم له ذخر إذا جاء في غد

ومع كل نفس سائق وشهيد

عليكم سلام الله حيث ثناؤكم

حكى نشره ند يضوع وعود

وحيث بكم هبت نسيم ونسمت

هبوب وللعيدان رنح عود

وأزهر من زهر البروج زواهر

وورد من زهر المروج ورود

٣٣٩

المجلس السّادس

من الجزء الثّاني في اليوم الثّامن من عشر الـمُحرّم

وفيه أبواب ثلاثة

الباب الأوّل

أيّها المؤمنون , جودوا بماء العيون المخزون ، وأيّها السّامعون جدّدوا ثياب الأشجان والحزون ، وتساعدوا على النّياحة والعويل ، واسكبوا العبرات على الغريب القتيل , واندبوا لِمَن اهتزّ لفقده عرش الجليل , ونوحوا أيّها المحبّون لآل الرّسول وابكوا على مصاب أبناء البتول ، وسحوا عليهم بالدّموع فإنّهم أعلام الأنام وأئمة أهل الإسلام ؛ فلعلّكم تواسونهم في المصاب بإظهار الجزع والإكتئاب , والاعلام بالحنين والانتحاب ، فيا خيبة من جهل فضلهم وانكر قدرهم , ولكنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصّدور :

وقفت على الدار التي كنتم بها

فمغناكم من بعد معناكم قفر

وقد درست منها الرسوم وطالما

بها درس العلم الإلهي والذكر

فراق فراق الروح بعد بعدكم

ودار برسم الدار في خاطري الفكر

روي عن زين العابدين عليّ بن الحُسين (عليه‌السلام ) , قال : (( لمـّا أتوا برأس أبي إلى يزيد , فكان يتخذه بمجالس الشّراب ويأتي برأس أبي ويضعه بين يديه ويشرب عليه , فحضر في مجلسه ذات يوم رسول ملك الرّوم وكان من أشرافهم وعظمائهم ، فقال : يا ملك العرب , هذا رأس مَن ؟ قال يزيد لعنه الله : مالك بذلك حاجة ، قال : إنّى إذا رجعت إلى ملكنا يسألني عن كلّ شيء رأيته ,

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493