مقتل الحسين وأنصاره

مقتل الحسين وأنصاره0%

مقتل الحسين وأنصاره مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 402

مقتل الحسين وأنصاره

مؤلف: العلامة المحقق الدكتور نجاح الطائي
تصنيف:

الصفحات: 402
المشاهدات: 32824
تحميل: 2278

توضيحات:

مقتل الحسين وأنصاره
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 402 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 32824 / تحميل: 2278
الحجم الحجم الحجم
مقتل الحسين وأنصاره

مقتل الحسين وأنصاره

مؤلف:
العربية

أقول :ممكن حدث تصحيف فى عدد هؤلاء الملتحقين بعسكر الامام الحسين فهما إثنان.

عدد الرؤوس يبين عدد الاصحاب

لقد عرف المؤرخون عدد الاصحاب من عدد المقتولين فى كربلاء :

تُجمع الرُّوايات على عدد شُبه ثابت للرُّؤوس الّتي قُطعت بعد نهاية المعركة، وأُرسلت إلى الكوفة ثُمَّ أُرسلت إلى الشَّام، فهذا العدد يتراوح بين سبعين رأساً وخمسة وسبعين رأس اً (١٠).

رواية أبو مخنف :قال أبو مخنف في روايته عمّا حدث بعد قطع رأس الامام الحسين (عليه‌السلام )، عن قُرَّة ابن قيس الّتميمي، وهو شاهد عيان من الجيش الأُموي : «... وقُطف رؤوس الباقين، فسرّح باثنين وسبعين رأساً» (١١).

رواية الشيخ المفيدوقال الشيخ المفيد: «... وسرَّح عمر بن سعيد من يومه ذلك،

١٠١

و هو يوم عاشوراء،. برأس الامام الحسين (عليه‌السلام ) مع خولّى بن يزيد الأصبحي و حميد بن مسلم إلى عبيدالله بن زياد، و أمر برؤوس الباقين من أصحابه و أهل بيته فقُطعت، و كانوا اثنين وسبعين رأساً» (١٢).

رواية المجلسي وروى المجلسي في البحار عن محمّد بن أبي طالب الموسوي : «.. إنّ رؤوس أصحاب الامام الحسين وأهل بيته كانت ثمانية وسبعين رأساً» (١٣).

هذا فيما يتعلق بقطع الرُّؤوس. وأمّا فيما يتصل بتوزيع الرؤوس على القبائل :

قال أبو مخنف :«.. فجاءت كندة بثلاثة عشر رأساً وصاحبهم قيس بن الأشعث (١٤)، وجاءت هوازن بعشرين رأساً وصاحبهم شمر بن ذي الجوشن (١٥)، وجاءت تميم بسبعة عشر رأساً، وجاءت بنو أسد بستة أرؤس، وجاءت مذحج بسبعة أرؤس، وجاء سائر الجيش بسبعة أرؤس، فذلك سبعون رأساً» (١٦).

ونُلاحظ على أبي مخنف أنّه قال في روايته الآنفة : «فسرّح باثنين وسبعين رأ ساً» (١٧)

١٠٢

رواية الدّينوري: «وحُملت الرُّؤوس على أطراف الرِّماح وكانت اثنين وسبعين رأساً» (١٨).«... وحُملت الرُّؤوس على أطراف الرِّماح، وكانت اثنين وسبعين رأساً، جاءت هوازن منها باثنين وعشرين، وجاءت تميم بسبعة عشر رأساً مع الحُصين بن نُمير، وجاءت كندة بثلاثة عشر رأساً مع قيس بن الأشعث، وجاءت بُنو أسد بستة رؤوس مع هلال بن الأعور، وجاءت الأزد بخمسة رؤوس مع عيهمة بن زُهير، وجاءت ثقيف باثني عشر رأساً مع الوليد بن عم رو» (١٩).

ونلاحظ على الدِّينوري أنّه قال عن مجموع الرُّؤوس أنّه أثنان وسبعون مع أنّ مجموع حصصّ القبائل كما ذكرها يبلُغ خمسة وسبعين.

رواية محمد بن ابى طالب

وروى محمّد بن أبي طالب الموسوي:

«... فجاءت كندة بثلاثة عشر رأساً وصاحبهم قيس بن الأشعث، وجاءت هوازن باثني عشر رأساً وصاحبهم شمر، وجاءت بنُو أسد بستة عشر رأساً وجاء مذحج بسبعة رؤوس، وجاءت سائر النّاس بثلاثة عشر رأساً» (٢٠).

ونلاحظ أنّ هذه الرّواية تشتمل على أقل الأعداد في هذه المسألة فمجموع عدد الرؤوس فيها يبلغ واحداً وستين رأساً.

قال شمس الدين :قد يُقال بوجود دلالتين لعدد الرُّؤوس : إحداهما دلالته على

١٠٣

عدد أصحاب الامام الحسين ، وثانيتهما دلالته على عدد القتلى.

وإذا صحّ هذا فإنّه ينقض نظريتنا في عدد أصحاب الامام الحسين ، بل إنّه ينقض كلّ الرَّوايات الواردة في هذا الشأن، فمن المعلوم أنّ الرُّؤوس كانت للهاشميين وغيرهم، وعلى هذا ينبغي أن يكون عدد أصحاب الامام الحسين من غير الهاشميّين أقل من خمسين رجلاً.لقد أراد الامويون الانتقام من آل البيت بصورة جاهلية مزرية فكان هذا المسير الطويل من كربلاء الى الشام.

واختلف الرُّواة في توزيع الرُّؤوس على القبائل.

إنَّ هذه الاُختلافات تعود لامور عديدية.

وهناك من يفترض بقاء بعض اصحاب الامام الحسين بلا قتل لكن لا توجد أدلة على ذلك اذ أن الجميع شاركوا فى القتال وقتلوا :

ذكر أبو مخنف عن محمّد بن مسلم (وهو شاهد عيان من الجيش الأُموي).

«.. فقُتل من أصحاب الامام الحسين (عليه‌السلام ) اثنان وسبعون رجلاً... وقُتل من أصحاب عُمر بن سعد ثمانية وثمانون رجلاً سوى الجرحى» (٢١).

وهذه الرّواية تبين عدد الشُّهداء من غير الهاشميّين.

وعن قتلى الاعداء :الرواية مزيفة فيما يتصل بعدد قتلى الامويين ، اذ ذكروا أعداداً تفوق هذا العدد.وقال المسعودي:«وكان جميع من قُتل مع الامام الحسين في يوم عاشوراء بكربلاء سبعة وثمانين منهم ابنه عليّ بن الامام الحسين ال أكبر» (٢٢).

١٠٤

وظاهر هذه الرّواية أنّ هذا العدد يشمل الهاشميّين وغيرهم بقرينة ذكر علي ابن الامام الحسين.هذه الرُّوايات تبين أنّ أصحاب الامام الحسين لم يقتلوا جميعاً، وأنّ بقية منهم سلمت من القتل.

أقول :فى هذه المعركة اختلف الرواة فى تحديد العدد بشكل قليل بينما اختلفوا فى باقي المعارك الاسلامية بشكل كبير ،وهذا يعود فى نظرنا الى الزوايا المختلفة التى ينظر منها الرواة الى ساحة المعركة.

ففى معركة الجمل كان الاختلاف بين عشرين ألفاً وثلاثين ألف قتيل (٢٣).

الذين سلموا من القتل من الهاشميّين:

١ - الإمام عليّ بن الامام الحسين بن أبي طالب، زين العا بدين (٢٤).

٢ - الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب (٢٥).

٣ - عُمَر بن الحسن بن عليّ بن أبي طا لب (٢٦).

١٠٥

لم يسَّم الامام علي بن أبي طالب (عليه‌السلام ) أولاده باسم مغتصبي خلافته في السقيفة وكذلك الحسن والحسين.قال المفيد :أحد أسماء أولاد الحسن عمرو /الانتصار ،العاملى ٨/٣١٨،فصحف الى عمر.

الذين سلموا من القتل من غير الهاشميّين:

١ - الـمُرقع بن ثُمامة الأسدي:

كان قد نثر نبله، وجثا على رُكبتيه، فقاتل، فجاءه نفر من قومه فقالوا له : أنت آمن، أخرج إلينا فخرج إلي هم (٢٧).

٢ - عُقبة بن سمعان ٢٢٠ مولى الرّباب زوّجه الإمام الحسين (عليه‌السلام ).

قال لعُمر بن سعد حين أراد قتله : أنا عبدٌ مملوك، فخلى سبيله (٢٨).

٣ - الضّحاك بن عبدالله الـمُشرقي:

كان قد أعطى الامام الحسين (عليه‌السلام ) عهداً أن يقاتل معه ما كان قتاله معه نافعاً، فإذا لم يجد مُقاتلاً معه كان في حل من الإنصرا ف (٢٩).

هؤلاء الافراد هم الذين نجوا من القتل فى كربلاء وكانوا مع الامام الحسين.

إنّ رواية عمّار الدّهني صادقة من هذه الجهة إلى حدّ بعيد.

«فقُتل أصحاب الامام الحسين كُلّهم، وفيهم بضعة عشر شاباً من أهل بيته» (٣٠).

وهناك سؤال يفرض نفسه عن موقع الهاشميّين من جيش الإمام الحسين في صبيحة اليوم العاشر من الُمحرّم.

١٠٦

هل كان الهاشميّون صبيحة اليوم العاشر من المحرّم، عند نشوب القتال، جزءاً من القوة المحاربة الّتي عبّأها الامام الحسين (عليه‌السلام ) فجعل زُهير بن القين في الميمنة، وحبيب بن مُظاهر في الميسرة، وأعطى الرّاية أخاه العبّاس، أو أنّهم كانوا خارج هذه القوّة؟ هناك نص نقله الخوارزمي جاء فيه:

«... ولـمّا أصبح الامام الحسين (عليه‌السلام )... عبّأ أصحابه... فجعل على ميمنته زُهير بن القين، وعلى ميسرته حبيب بن مُظاهر، ودفع اللُّواء إلى أخيه العبّاس بن عليّ وثبت(عليه‌السلام )مع أهل بيته في القلب » (٣١).

هذا النص يبين أن الإمام الحسين عبأ الهاشميين وغيرهم فى الحرب يوم العاشر من محرم ولم يؤخر الهاشميين ويقدم الانصار.

فالجميع اشتركوا فى الحرب لكن الانصار كانوا فى القلب فقتلوا قبل الهاشميين ،وكان ذلك بطلبهم الشخصي من الإمام الحسين ،والمتمثل بمقتلهم قبل الامام الحسين واهله.

وفعلا كان هذا الامر المتمثل بشهادة الانصار قبل الهاشميين.وقد جاء طلب الانصار المذكور نابعاً من معرفتهم بنهج النبي الاكرم فى تقديمه أهله وارحامه الى الحرب قبل غيرهم.

ومن تلك المصاديق تقديمه حمزة لقيادة أول سرية اسلامية ضدَّ كفار قريش

قال الواقدي: إنّ رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) عقد في هذه السنة في شهر رمضان على رأس سبعة أشهر من مهاجره لحمزة بن عبدالمطلّب لواءاً أبيضا في ثلاثين رجلا من

١٠٧

المهاجرين ليعترض لعيرات قريش، وأنّ حمزة لقى أبا جهل في ثلاثمائة رجل فحجز بينهم مجدي بن عمرو الجهني، فافترقوا ولم يكن بينهم قتال (٣٢).

وثاني راية عقدها رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) كانت لعبيدة بن الحارث بن المطلّب بن عبد مناف، لواء أبيضا وأمره بالمسير إلى بطن رابغ، وأنّ لواءه كان مع مسطح بن أثاثة، فبلغ ثنية المرة وهي بناحية الجحفة في ستّين من المهاجرين ليس فيهم أنصاري.

وإنّهم التقوا هم والمشركون على ماء يقال له أحياء، فكان بينهم الرمي دون المسايفة، وكان أبو سفيان بن حرب أمير الكفّار في مائتين من المش ركين (٣٣).

فنزلت آية «.... أم نجعل المتقين كالفجار»

في علي (عليه‌السلام ) وحمزة وعبيدة بن الحارث الذين قدمهم النبي لمحاربة طغاة قريش المتمثلين فى :عتبة وشيبة والولي د (٣٤).

ومن خلال عمل رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) في الحروب المتمثلة فى دفع عمّه حمزة وابن عمه علي ،وابن عمّه عبيدة إلى ساحات القتال بيّن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) أنّ القائد يجب أن يكون أوّل مضحّ في سبيل الله، لا آخر مضحّ في سبيل الإسلام ،وبيّن مطلباً آخر وهو دفعه المهاجرين للحرب قبل الأنصار ليكونوا قدوة لهم تحتذي بهم رجال المدينة.

وفعلا نجح مشروع رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) في هذا المجال نجاحاً باهراً تمثّل في اندفاع الأنصار والمهاجرين للتضحية في سبيل الإسلام.

وكان النبي يضحي بنفسه في سبيل الله كما كان في غزوة الأبواء لاعتراض عير

١٠٨

قريش فلم يلقكيداً (٣٥).

وكان موقع الرَّاية في نظام التّعبئة في القلب، وكل من قال انّ الرّاية كانت في يد العبّاس بن عليّ عنى أنّ بني هاشم كانوا في القلب مع الامام الحسين (٣٦).

أما الصبيان الصّغار الّذين لم يكونوا في سنّ مناسبة للقتال، وهم بضعة أفراد استشهدوا حين لم يبق مع الامام الحسين أحد من الـمُقاتلين الهاشميّين فاندفع هؤلاء الشُّبّان إلى القتال، وقُتلّوا.

من فشل بالالتحاق بالحسين (عليه‌السلام )

لقد استأذن حبيب بن مُظاهر الأسدي الإمام الحسين قبل المعركة بأيّام في أن يأتي قومه من بني أسد الّذين كانوا قريبين من موقع المعركة فيدعوهم إلى نُصرة الامام الحسين ، فأذن له.

وقد استجاب لدعوة حبيب بن مظاهر من هذا الحيّ من بني أسد تسعون مُقاتلاً جاءوا معه يريدون معسكر الامام الحسين ، ولكن عمر بن سعد علم بذلك فوجه إليهم قوّة من أربعمئة فارس، «فبينّما أُولئك القوم من بني أسد قد أقبلوا في جوف اللّيل مع حبيب يريدون عسكر الامام الحسين ، إذا استقبلتهم خيل ابن سعد على شاطىء الفُرات، وكان بينهم وبين معسكر الامام الحسين اليسير، فتناوش الفريقان واقتتلوا، فصاح حبيب بالأزرق بن الحرث : مالك ولنا، انصرف عنّا، يا ويلك دعنا واشق بغيرنا، فأبى الأزرق، وعلمت بنُو أسد ألّا طاقة لهم بخيل ابن سعد، فانهزموا

١٠٩

راجعين إلى حيّهم،ثمّ تحملُوا في جوف اللّيل خوفاً من ابن سعد أن يكبسهم، ورجع حبيب إلى الامام الحسين فأخبره »(٣٧).

فرار بعض الامويين من الحرب حالة مسروق بن وائل الحضرمي كانت مدهشة فقد كان يطمح إلى أن يُصيب رأس الامام الحسين قائلا :

«فأُصيب به منزلة عند عُبيدالله بن زياد».

ولكنّه تخلى عن القتال وترك الجيش عندما رأى ما حلَّ بابن حوزة حينما دعا عليه الامام الحسين (عليه‌السلام )، وقال لُمحدثه:

«لقد رأيتُ من أهل هذا البيت أمراً لا أُقاتلهُم أبدّا ً»(٣٨).

الفصل الثاني أسماء الانصار

أسماء الانصار

وعن أسماء الانصار نحن نعرف ان أسماء البعض غير دقيقة لعدم وصول بعض الاسماء بسبب اهمال الرواة والمؤرخين أو تقصيرهم فى هذا المجال.

١١٠

ومن هذه الالتباسات المحدودة ذكر بعض الانصار مرتين مرة بالاسم ومرة بالكنية أو اللقب.

ومن المشاكل تصحيف الاسماء والالقاب للانصار مع عدم وجود النقاط فى ذلك الوقت.

ومن المشاكل التقية الكبيرة في ذكر أسماء الانصار ومحاولة البعض التشبث بكل الوسائل لتغيير أسماء بعض الهاشميين الشهداء الى أبى بكر وعمر.

وهذا التزييف يخلط أسماء الانصار وينشر ضبابية في هذا الموضوع ،الهدف منه اثبات وجود أبناء للامام علي والحسن باسماء رجال السقيفة.

والهدف المبطن انكار حق الامام علي في الخلافة ،وابطال الدعاوى المطروحة فى هذا المضمار.والشيعة لم تسمَّ أبنائها بأسماء رجال السقيفة للنهي الوارد عن الائمة مما يثبت ما قلناه / وسائل الشيعة ج ٢١ / ص ٣٩٨/ ،ح ٢٧٣٩٨ ،ح٢٧٣٩٩ ،ح٢٧٤٠٠.

١ - أسلم التركي، مولى الحسين(عليه‌السلام ):

اسمه ونسبه :أسلم التُّركي، مولى الامام الحسين

وجاء عنه «... ثم خرج غلام تُركي كان للحسين ...»(٣٩) دون ذكر اسمه.

قال شمس الدين :نُرجّح أنّ الّذي قُتل في كربلاء اسمه أسلم وليس سليمان أو سُليماً.

وأمّا سُليمان فقد كان مولى للحسين أيضاً(٤٠)، وكان رسوله إلى أهل البصرة

١١١

وسلّمه أحد من أُرسل إليهم من زعماء البصرة، وهو المنذر بن الجارود العبدي، إلى عبيدالله بن زياد، عامل يزيد بن معاوية على البصرة حينذاك، فقتله، وسليمان هذا يُكنى أبارزين(٤١).

قالوا سليمان بن رزين ،ورد ذكره عند الطّبري باسم « سُليمان»(٤٢).

كان سليمان هذا من موالي الامام الحسين (عليه‌السلام ) أرسله بكتب إلى رؤساء الأخماس بالبصرة حين كان بمكّة.

قال الطبري: كتب الامام الحسين (عليه‌السلام ) إلى رؤساء الأخماس بالبصرة وإلى الأشراف كمالك بن مسمع البكري والأحنف بن قيس التميمي والمنذر بن الجارود العبدي ومسعود بن عمرو الأزدي وقيس بن الهيثم وعمرو بن عبيدالله بن معمر،. فجاء الكتاب بنسخة واحدة.

أمّا بعد; فإنّ الله اصطفى محمداً(صلى‌الله‌عليه‌وآله ) على خلقه وأكرمه بنبوّته واختاره لرسالته ثمّ قضه الله إليه وقد نصح لعباده وبلّغ ما أُرسل فيه، وكنّا أهله وأولياؤه وأوصياؤه وورثته وأحقّ الناس بمقامه في الناس فاستأثر علينا قومنا بذلك فرضينا خوكرهنا الفرقة وأحببنا لكم العافية ونحن نعلم أنّا أحقّ بذلك الحقّ المستحقّ علينا ممّن تولاّه، وقد بعثت إليكم رسولي بهذا الكتاب وأنا أدعوكم إلى كتاب الله خوسنّة نبّيه فإنّ السنّة قد أُميتت وإنّ البدعة قد أُحييت; فإن تسمعوا قولي وتطيعوا أمري أهديكم سبيل الرشاد.

فكتم بعض الخبر وأجاب بالاعتذار أو بالطاعة والوعد، وظنّ المنذر بن الجارود أنّه دسيس من عبيدالله وكان صهره فإنّ بحرية بنت الجارود تحت عبيدالله، فأخذ

١١٢

الكتاب والرسول فقدّمهما إلى عبيدالله بن زياد في العشيّة التي عزم على السفر إلى الكوفة صبيحتها. فلمّا قرأ الكتاب قدّم الرسول سليمان وضرب عنقه وصعد المنبر صباحاً وتوعّد الناس وتهدّدهم ثمّ خرج إلى الكوفة ليسبق الامام الحسين (عليه‌السلام ).

النصوص التاريخية :ذكره الشّيخ في الرّجال، ولم ينصّ على مقتله. وذكره السيّد الأمين في أعيان الشّيعة في جدوله، وفي المقتل قال : «.. وخرج غُلام تُركي كان للحسين(عليه‌السلام ) اسمه أسلم »(٤٣).

وذكر فى الزّيا رة(٤٤)، وذكره الشّيخ في الرّجال، فقال : «سُليم، مولى الامام الحسين (عليه‌السلام )، قُتل معه »(٤٥)،وذكر عند السّيّد الأمين.

وذكره الخوئي في معجم رجال الحديث(٤٦).

وصف أسلم هذا في المصادر بأنّه (قارىء للقرآن، عارف بالعربية) ووصف بأنّه كان كاتباً(٤٧).

٢ - الصحابي: أنس بن الحارث الكاهلي:

اسمه ونسبه :وهو أنس بن الحرث بن نبيه بن كاهل بن عمرو بن صعب بن أسد بن خزيمة الأسدي الكاهلي.

وهو من أهالي الكوفة، قال ابن سعد :أنّ منازل بني كاهل كانت في ال كوفة(٤٨).

١١٣

ذكر فى الزّيارة الرّجبيّة

ذكره الشّيخ في الرّجال في عداد صحابة رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ونصّ على أنّه قُتل مع الامام الحسين.

قال الجزري: وعداده في الكوفيين، و جاء إلى الامام الحسين (عليه‌السلام ) عند نزوله كربلاء والتقى معه ليلا فيمن أدركته السعادة.

جهاده ومقتله :روى أهل السير أنّه لـمّا جائت نوبته استأذن الامام الحسين (عليه‌السلام )في القتال فأذن له وكان شيخاً كبيراً فبرز وهو يقول:

قد علمت كاهلها(٤٩) ودودان(٥٠)

والخندفيّون وقيس عيلان

بأنّ قومي آفة للأقران

ثمّ قاتل حتى قتل(رضي‌الله‌عنه )، وفي حبيب وفيه يقول الكميت بن زيد الأسدي:

سوى عصبة فيهم حبيب معفّر

قضى نحبه والكاهليّ مرمّل

النصوص التاريخية: جاء ذكره في عداد أصحاب الامام الحسين دون أن ينصّ على مق تله(٥١).

و جاء ذكره عند الخوئى (٥٢)

و ذكره ابن شهر آشوب، والخوارزمي مصحفاً ب- (مالك بن أنس الكاهلي) (٥٣)

وجاء ذكره في البحار مُصحفاً بـ (مالك بن أنس المالكي) وصححه بعد ذلك عن

١١٤

ابن نما الحلّي(٥٤)

وبنو كاهل من بني أسد بن خُزيمة، من عدنان.

وكان كبيراً فى السّن ومن الصحابة المخلصي ن (٥٥)

فهو ممّن رأى النبي(صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وسمع حديثه، وكان فيما سمع منه وحدّث به ما رواه جمّ غفير من العامّة والخاصّة عنه إنّه قال: سمعت رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يقول - والامام الحسين بن علي في حجره - : إنّ ابني هذا يقتل بأرض من أرض العراق ألا فمن شهده فلينصره; ذكر ذلك الجزري في أسد الغابة، وابن حجر في الإصابة وغيرهما. ولـمّا رآه في العراق وشهده نصره وقتل معه.

٣ - أُمّ وهب بنت عبد:

اسمها ونسبها :أُمّ وهب بنت عبد.

وهي زوجه عبدالله بن عُمير الكلبي، سيّدة من الّنمر بن قاسط ،من بني عُليم،فقد أخبر عبدالله بن عُمير زوجته أمّ وهب بعزمه على المسير إلى الامام الحسين ، فقالت له : «أصبت أصاب الله بك أرشد أمورك، إفعل وأخرجني معك» فخرج بها ليلاً حتّى أتى حسيناً، فأقام معه.

جهادها وشهادتها :ولـمّا شارك زوجها في القتال، وقتل رجُلين من جُند عُمر بن سعد (أخذت أمّ وهب عموداً، ثمّ أقبلت نحو زوجها تقول له : (فداك أبي وأمّي،

١١٥

قاتل دون الطّيبين ذرّية محمّد). فأقبل إليها يردها نحو النّساء، فأخذت تُجاذب ثوبه، ثمّ قال: (إنّي لن أدعك دون أن أمُوت معك).

فناداها الحسين قائلا :

(جُزيتم من أهل بيت خيراً، إرجعي رحمك الله إلى النّساء فأجلسي معهنّ، فإنّه ليس على النساء قتال، فانصرفت إليهنّ).

وخرجت إلى زوجها بعد أن استشهد حتّى جلست عند رأسه تمسح عنه التُّراب وتقول: هنيئاً لك الجنّة.

فقال شمر بن ذي الجوشن لغُلام يُسمّى رُستم: (أضرب رأسها بالعمود)، فضرب رأسها فشدخه، فماتت مكانها »(٥٦).

٤ - برير بن خضير الهمداني

اسمه ونسبه : برير (٥٧) بن خضير الهمداني المشرقي:

وكان من خيرة التابعين المتقين.وهو همداني : من شُهب كهلان اليمن موطنه الكوفة.

النصوص التاريخية: ورد ذكره في الزيارة الرّجبيّة.

١١٦

ذكره الطّبري(٥٨) و ابن شهر آشو ب(٥٩)، وابن طاو س(٦٠)، والمجلسي في بحار الأنوار مُصحفاً بـ (بُدير بن حُفير )(٦١).

وقد ذكره الخوئي باسم : «بُرير بن الحُصين» وأسنده إلى الرّجبيّة، لكن نسخة السيّد مصحفة : خُضير - حُصين.

وهو من شيوخ القُرّاء في جامع الكوفة، وله في الهمدانين شرف وقدر.

يبدو أنّه كان وجيهاً ومشهوراً ومحترماً في الكو فة (٦٢).

جهاده ومقتله :كان برير شيخاً تابعيّاً ناسكاً، قارئاً للقرآن من شيوخ القرآن ومن أصحاب أمير المؤمنين(عليه‌السلام ) وكان من أشراف أهل الكوفة من الهمدانيين وهو خال أبي إسحاق الهمداني السبعي.

قال أهل السير: إنّه لـمّا بلغه خبر الامام الحسين (عليه‌السلام ) سار من الكوفة إلى مكّة ليجتمع بالامام الحسين (عليه‌السلام ) فجاء معه حتى استشهد.

وقال السروي: لـمّا ضيّق الحرّ على الامام الحسين (عليه‌السلام ) جمع أصحابه فخطبهم بخطبته التي يقول فيها: أمّا بعد; فإنّ الدينا قد تنكّرت وتغيّرت إلخ، فقام إليه مسلم ونافع فقالا ما قالا في ترجمتيهما، ثمّ قام برير فقال: والله يا بن رسول الله لقد منّ الله بك علينا أن نقاتل بين يديك، تقطّع فيك أعضاؤنا حتى يكون جدّك يوم القيامة بين أيدينا شفيعاً لنا فلا أفلح قوم ضيّعوا ابن بنت نبيّهم وويل لهم ماذا يلقون به الله، وأفٍّ لهم يوم ينادون بالويل والثبور في نار جهنّم.

١١٧

وقال أبو مخنف: أمر الامام الحسين (عليه‌السلام ) في اليوم التاسع من المحرّم بفسطاط فضرب، ثمّ أمر بمسك (٦٣) فيمث(٦٤) في جفنة عظيمة فأطلى بالنورة، وعبدالرحمن بن عبد ربّ وبرير على باب الفسطاط تختلف مناكبهما فازدحهما إليهما يطلي على أثر الامام الحسين (عليه‌السلام ) فجعل برير يهازل عبدالرحمن ويضاحكه، فقال عبدالرحمن: دعنا فوالله ما هذه بساعة باطل.

فقال برير: والله لقد علم قومي إنّي ما أحببت شابّاً ولا كهلا ولكنّي والله لمستبشر بما نحن لاقون، والله ما بيننا وبين الحور العين إلاّ أن نحمل على هؤلاء فيميلون علينا بأسيافهم، ولوددت أن مالوا بها الساعة.

وقال: أيضاً روى الضحّاك بن قيس المشرقي - وكان بايع الامام الحسين (عليه‌السلام )على أن يحامي عنه ما ظنّ أنّ المحاماة تدفع عن الامام الحسين (عليه‌السلام ) فإن لم يجد بدّاً فهو في حلّ - قال: بتنا ليلة العاشر فقام الامام الحسين (عليه‌السلام ) وأصحابه الليل كلّه يصلّون ويستغفرون ويدعون ويتضرّعون، فمرّت بنا خيل تحرسنا وإنّ الامام الحسين (عليه‌السلام )ليقرأ:

(ولا يحسبنّ الذين كفروا أنَّما نُملي لهم خيرٌ لأنفسهم إنّما نُملي لهمم ليزدادوا إثماً ولهم عذابٌ مهين * ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب)(٦٥)

فسمعها رجل من تلك الخيل فقال: نحن وربّ الكعبة الطيّبون ميّزنا منكم.

١١٨

قال: فعرفته، فقلت لبرير: أتعرف من هذا؟

قال: لا.

قلت: أبو حريث عبدالله بن شهر السبيعي، وكان مضحاكاً بطّالا، وكان ربّما حبسه سعيد بن قيس الهمداني(٦٦) في جناية، فعرفه برير، فقال له: أمّا أنت فلن يجعلك الله في الطيّبين.

فقال له: من أنت؟

قال: برير.

فقال: هلكت والله، هلكت والله يا برير.

فقال له برير: هل لك أن تتوب إلى الله من ذنوبك العظام، فوالله إنّا لنحن الطيّبون وأنتم الخبيثون.

قال: وأنا والله على ذلك من الشاهدين.

فقال: ويحك أفلا تنفعك معرفتك؟

قال: جعلت فداك فمن ينادم يزيد بن عذرة العنزي، ها هو ذا معي.

قال: قبّح الله رأيك أنت سفيه على كلّ حال.

قال: ثمّ انصرف عنّا.

وروى بعض المؤرّخين إنّه لمّا بلغ من الامام الحسين (عليه‌السلام ) العطش ما شاء الله أن يبلغ، استأذن برير الامام الحسين (عليه‌السلام ) في أن يكلّم القوم فأذن له، فوقف قريباً منهم ونادى: يا معشر الناس إنّ الله بعث بالحقّ محمداً بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، وهذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد وكلابها وقد حيل بينه

١١٩

وبين ابن رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله )، أفجزاء محمد هذا؟

فقالوا: يا برير قد أكثرت الكلام فاكفف، فوالله ليعطشنّ الامام الحسين كما عطش من كان قبله.

فقال الامام الحسين (عليه‌السلام ): اكفف يا برير، ثمّ وثب متوكّئاً على سيفه فخطبهم هو(عليه‌السلام )بخطبته التي يقول فيها: أنشدكم الله هل تعرفوني الخ.

وروى أبو مخنف عن عفيف بن زهير بن أبي الأخنس قال: خرج يزيد بن معقل من بني عميرة بن ربيعة فقال: يا برير بن خضير كيف ترى صنع الله بك؟

قال: صنع الله بي والله خيراً، وصنع بك شرّاً.

فقال: كذبت، وقبل اليوم ما كنت كذّاباً، أتذكر وأنا أُماشيك في سكّة بني دودان(٦٧) وأنت تقول إنّ عثمان كان كذا وإنّ معاوية ضالّ مضلّ، وإنّ عليّ بن أبي طالب إمام الحقّ والهدى؟

قال برير: أشهد أنّ هذا رأيي وقولي.

فقال يزيد: فإنّي أشهد أنّك من الضالّين.

قال برير: فهل لك أن أباهلك ولندع الله أن يلعن الكاذب وأن يقتل المحقُ المبطلَ اخرج لأبارزك.

قال: فخرجا فرفعا أيديهما بالمباهلة إلى الله يدعوانه أن يلعن الكاذب وأن يقتل المحقُ المبطلَ، ثمّ برز كلّ واحد منهما لصاحبه فاختلفا ضربتين فضرب يزيد بريراً ضربة خفيفة لم تضرّه شيئاً، وضرب برير يزيد ضربة قدّت المغفر وبلغت الدماغ فخرّ كأنّما هوى من حالق، وإنّ سيف برير لثابت في رأسه، فكأنّي أنظر إليه

١٢٠