مقتل الحسين وأنصاره

مقتل الحسين وأنصاره0%

مقتل الحسين وأنصاره مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 402

مقتل الحسين وأنصاره

مؤلف: العلامة المحقق الدكتور نجاح الطائي
تصنيف:

الصفحات: 402
المشاهدات: 32852
تحميل: 2284

توضيحات:

مقتل الحسين وأنصاره
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 402 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 32852 / تحميل: 2284
الحجم الحجم الحجم
مقتل الحسين وأنصاره

مقتل الحسين وأنصاره

مؤلف:
العربية

الباب الثالث :من قُتل في الكوفة

من أصحاب الحسين

الفصل الاول: الاسماء

١ - قيس بن مسهر الصّيداوي:

هو قيس بن مسهر بن خالد بن جندب بن منقذ بن عمرو بن قعين بن الحرث بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدي الصيداوي. وصيدا بطن من أسد. كان قيس رجلا شريفاً في بني الصيدا، شجاعاً مخلصاً في محبّة أهل البيت.

وهو شاب كوفي أسدي،من أشراف بني أسد(٥٤٨) .

أحد حملة الرّسائل من قبل الكوفيّين إلى الامام الحسين بعد إعلان الامام الحسين رفضه بيعة يزيد، وخروجه إلى مكة(٥٤٩) . صحب مُسلم بن عقيل حين قدم من مكّة مبعوثاً من قبل الامام الحسين إلى الكوفة. حمل رسالة من مُسلم إلى الامام الحسين يُخبره فيها بيعة من بايع، ويدعوه إلى القدوم. صحب الامام الحسين حين خرج من مكّة مُتوجهاً إلى العراق، حتّى إذا انتهى الامام الحسين إلى الحاجر من

٢٤١

بطن الرّمة حمل رسالة من الامام الحسين إلى الكوفيّين يُخبرهم فيها بقدومه عليهم.

قبض عليه الحُصين بن نُمير، فأتلف قيس الرّسالة، وجاء به الحُصين إلى عبيدالله بن زياد الّذي حاول أن يعرف منه أسماء الرّجال الّذين أرسل إليهم كتاب الامام الحسين ففشل، فأمر عُبيدالله به فرُمي من أعلى القصر فتقطع فمات(٥٥٠) .

قال أبو مخنف: اجتمعت الشيعة بعد موت معاوية في منزل سليمان بن صرد الخزاعي فكتبوا للحسين بن علي(عليه‌السلام ) كتباً يدعونه فيها للبيعة وسرّحوها إليه مع عبدالله بن سبع وعبدالله بن وال، ثمّ لبثوا يومين فكتبوا إليه مع قيس بن مسهّر الصيداوي وعبدالرحمن بن عبدالله الأرحبي، ثمّ لبثوا يومين فكتبوا إليه مع سعيد بن عبدالله وهاني بن هاني، وصورة الكتب للحسين بن علي(عليه‌السلام ) من شيعة المؤمنين:

أمّا بعد; فحيهلا فإنّ الناس ينتظرونك لا رأي لهم في غيرك، فالعجل العجل، والسلام.

فدعا الامام الحسين (عليه‌السلام ) مسلم بن عقيل وأرسله إلى الكوفة، وأرسل معه قيس بن مسهّر وعبدالرحمن الأرحبي، فلمّا وصلوا إلى المضيق من بطن خبت - كما قدّمنا - جار دليلاهم فضلّوا وعطشوا ثمّ سقطوا على الطريق، فبعث مسلم قيساً بكتاب إلى الامام الحسين (عليه‌السلام ) يخبره بما كان، فلمّا وصل إلى الامام الحسين (عليه‌السلام )بالكتاب أعاد الجواب لمسلم مع قيس وسار معه إلى الكوفة.

قال: ولمـّا رأى مسلم اجتماع الناس على البيعة في الكوفة للحسين(عليه‌السلام )، كتب إلى الامام الحسين (عليه‌السلام ) بذلك وسرّح الكتاب مع قيس وأصحابه عابساً الشاكري

٢٤٢

وشوذباً مولاهم، فأتوه إلى مكّة ولازموه ثمّ جاؤوا معه.

قال أبو مخنف: ثمّ إنّ الامام الحسين لمـّا وصل إلى الحاجر من بطن الرمّة كتب كتاباً إلى مسلم وإلى الشيعة بالكوفة وبعثه مع قيس، فقبض عليه الحصين بن تميم وكان ذلك بعد قتل مسلم، وكان عبيدالله نظم الخيل ما بين خفان(٥٥١) إلى القادسية وإلى القطقطانة(٥٥٢) وإلى لعلع(٥٥٣) وجعل عليها الحصين، وكانت صورة الكتاب من الامام الحسين بن علي إلى اخوانه من المؤمنين والمسلمين:

سلام عليكم; فإنّي أحمد إليكم الله الذي لا إله إلّا هو.

أمّا بعد; فإنّ كتاب مسلم جائني يخبرني فيه بحسن رأيكم واجتماع ملئكم على نصرنا والطلب بحقّنا فسألت الله أن يحسن لنا الصنع وأن يثيبكم على ذلك أحسن الأجر، وقد شخصت إليكم من مكّة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجّة يوم التروية، فإذا قدمم رسولي عليكم فانكمشوا في أمركم وجدّوا فإنّي قادم عليكم في أيّامي هذه إن شاء الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قال: فلمّا قبض الحصين على قيس، بعث به إلى عبيدالله، فسأله عبيدالله عن الكتاب، فاقل: خرقته.

قال: ولم؟

قال: لئلّا تعلم ما فيه.

قال: إلى من؟

قال: إلى قوم لا أعرف أسمائهم.

قال: إن لم تخبرني فاصعد المنبر وسبّ الكذّاب بن الكذّاب، يعني به الامام

٢٤٣

الحسين (عليه‌السلام ).

فصعد المنبر فقال: أيّها الناس إنّ الامام الحسين بن علي(عليهما‌السلام ) خير خلق الله وابن فاطمة بنت رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أنا رسوله إليكم وقد فارقته بالحاجر فأجيبوه، ثمّ لعن عبيدالله بن زياد وأباه، وصلى على علي أمير المؤمنين(عليه‌السلام )، فأمر به ابن زياد فأُصعد القصر ورمي به من أعلاه، فتقطّع ومات.

وقال الطبري: لمّا بلغ الامام الحسين (عليه‌السلام ) إلى عذيب الهجانات في ممانعة الحرّ، جائه أربعة نفر ومعهم دليلهم الطرمّاح بن عدي الطائي وهم يجنبون فرس نافع المرادي، فسألهم الامام الحسين (عليه‌السلام ) عن الناس وعن رسوله، فأجابوه عن الناس وقالوا له: رسولك من هو؟

قال: قيس.

فقال مجمع العائذي: أخذه الحصين فبعث به إلى ابن زياد فأمره أن يلعنك وأباك، فصلّى عليك وعلى أبيك، ولعن ابن زياد وأباه، ودعانا إلى نصرتك وأخبرنا بقدومك، فأمر به ابن زياد فأُلقي من طمار القصر فمات رضي الله عليه.

فترقرت عينا الامام الحسين (عليه‌السلام ) وقال:

(فَمِنْهُم مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَّن يَنْتَظِرُ)(٥٥٤) .

اللهمّ اجعل لنا ولهم الجنّة منزلا، واجمع بيننا وبينهم في مستقرّ رحمتك ورغائب مذخور ثوابك.

٢ - الصحابي: هاني بن عُروة المـُرادي:

هو هاني بن عروة بن نمران بن عمرو بن قعاس بن عبد يغوث بن مخدش بن

٢٤٤

حصر بن غنم بن مالك بن عوف بن منبه بن غطيف (٥٥٥) بن مراد بن مذحج (٥٥٦) أبو يحيى المذحجي المرادي الغطيفي. كان هاني صحابيّاً كأبيه عروة وكان معمراً، وكان هو وأبوه من وجوه الشيعة وحضرا مع أمير المؤمنين(عليه‌السلام ) حروبه الثلاث،وهو من مذحج، وأحد زُعماء اليمن الكبار في الكوفة.

ومن أصحاب أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب شارك في حروب الجمل، وصفّين ، والنّهروان(٥٥٧) ،من أركان حركة حجر بن عديّ الكندي ضدّ زياد بن أبيه. اتّخذ مُسلم بن عقيل منزله مقراً له، بعد قُدوم عُبيد الله بن زياد إلى الكوفة والياً عليها.

انكشف أمر اشتراكه في الإعداد للثّورة مع مسلم بن عقيل، فقبض عليه ابن زياد، وسجنه. ثمّ قتله، وبعث برأسه مع رأس مسلم بن عقيل إلى يزيد بن معاوية. قُتل في اليوم الثامن من ذي الحجّة سنة (٦٠ ه-) هو اليوم الّذي خرج فيه الامام الحسين من مكّة مُتوجهاً إلى العراق ،وكان عمره يوم قُتل تسعين سنة(٥٥٨) .

وهو القائل يوم الجمل:

يا لك حرباً حثّها جمالها

يقودها لنقصها ضلالها

(هذا عليٌّ حوله أقيالها)

٢٤٥

قال ابن سعد في الطبقات: إنّ عمره كان يوم قتل بضعاً(٥٥٩) وتسعين.

وذكر بعضهم إنّ عمره كان ثلاثاً وثمانين. وكان يتوكّأ على عصا بها زج، وهي التي ضربه بها ابن زياد.

وروى المسعودي في مروج الذهب: إنّه كان شيخ مراد وزعيمها، يركب في أربعة آلاف دارع، وثمانية آلاف راجل، فإذا تلاها أحلافها من كندة ركب في ثلاثين ألف دارع.

وذكر المبرّد في الكامل وغيره أنّ عروة خرج مع حجر بن عدي وأراد قتله معاوية فشفع فيه زياد بن أبيه، وإنّ هانياً أجار كثير بن شهاب المذحجي حين اختان مال خراسان وهرب منها وطلبه معاوية فاستتر عند هاني فنذر معاوية دم هاني، فحضر مجلس معاوية وهو لا يعرفه، فلمّا نهض الناس ثبت مكانه، فسأله معاوية عن أمره، فقال: أنا هاني بن عروة صرت في جوارك.

فقال له معاوية: إنّ هذا اليوم ليس بيوم يقول فيه أبوك:

أرجل(٥٦٠) جمّتي(٥٦١) وأجرّ ذيلي

وتحمي شكّتي(٥٦٢) أُفق كميت

وأمشي في سراة بني غطيف

إذا ما سامني ضيم أبيت

فقال له هاني: أنا اليوم أعزّ منّي ذلك اليوم.

فقال: بم ذاك.

قال: بالإسلام.

٢٤٦

فقال: أين كثير؟

قال: عندي في عسكرك.

فقال: أنظر إلى ما اختانه فخذ منه بعضاً وسوّغه بعضاً.

وقال الطبري: لمـّا أخبر معقل عين ابن زياد بخبر شريك ومسلم وأنّه عند هاني، طلب ابن زياد هانياً فأُتي به وما يظنّه أنّه يقتله، فدخل عليه، فقال له:

*أتتك بحائن رجلاه تسعى(٥٦٣) *

فقال: وما ذاك أيّها الأمير؟

فجعل يسأله عن الأحداث التي وقعت في داره وهو ينكرها، فأخرج إليه معقلا، فلمّا رآه عرف أنّه عين، فاعترف بها وقال لابن زياد: إنّ مسلماً نزل عليّ وأنا أُخرجه من داري.

فقال ابن زياد: ألم تكن عندك لي يد في فعل أبي زياد بأبيك وحفظه من معاوية؟

فقال له: ولتكن لك عندي يد أخرى بأن تحفظ من نزل بي وأنا زعيم لك أن أخرجه من المصر.

فضربه ابن زياد بسوطه حتى هشّم أنفه وأمر به إلى السجن.

وروى أبو مخنف أ نّ ابن زياد لمـّا أبلغه معقل بخبر هاني أرسل إليه محمد بن الأشعث وأسماء بنت خارجة وقال لهما: إتياني بهاني آمناً.

فقالا: وهل أحدث حدثاً؟

قال: لا.

فأتياه به، وقد رجّل غديرتيه يوم الجمعة، فدخل عليه، فقال ابن زياد له: أما تعلم أنّ أبي قتل هذه الشيعة غير أبيك، وأحسن صحبتك، وكتب إلى أمير الكوفة يوصيه بك؟ أفكان جزائي أن خبّأت في بيتك رجلا ليقتلني، وذكر له ما أراده شريك

٢٤٧

من مسلم، وما امتنع لأجله مسلم.

فقال هاني: ما فعلت.

فأخرج ابن زياد عينه، فلمّا رآه هاني علم أن وضع له الخبر، فقال: أيّها الأمير قد كان الذي بلغك ولن أُضيع يدك عندي، أنت آمن وأهلك فسرّ حيث شئت.

فكبا عبيدالله ومهران قائم على رأسه وبيد هاني معكزة بها زجّ يتوكّأ عليها، فقال مهران: واذلّاه أهذا يؤمنك وأهلك؟

فقال عبيدالله: خذه، فأخذ بضفيرتي هاني وقنّع وجهه، فأخذ ابن زياد المعكزة فضرب بها وجه هاني وندر الزجّ فارتزّ بالجدار ثمّ ضرب وجهه حتى هشّم أنفه وجبينه، وسمع الناس الهيعة، فأطافت مذحج بالدار، فخرج إليهم شريح القاضي فقال: ما به بأس، وإنّما حبسه أميره وهو حيّ صحيح.

فقالوا: لا بأس بحبس الأمير.وجائت أرباع مسلم بن عقيل فأطافوا بالقصر، فخذّلهم الناس كما تقدّم، وبقي هاني عنده إلى أن قبض على مسلم فقتلهما وجرّهما بالأسواق. وفي ذلك يقول عبدالله(٥٦٤) بن الزبير الأسدي:

إذا كنت لا تدرين ماالموت فانظري

إلى هاني بالسوق وابن عقيل

إلى بطل قد هشّم السيف وجهه

وآخر يهوي من طمار قتيل

ترى جسداً قد غيّر الموت لونه

ونضح دم قد سال كلّ مسيل

أيركب أسماء الهماليج(٥٦٥) آمناً

وقد طلبته مذحج بذحول

تطيف حواليه مراد وكلّهم

على رقبة من سائل ومسول

وكان قتل هاني يوم التروية سنة ستّين مع مسلم بن عقيل، ولكن مسلماً قتله بكير بن حمران - كما مرّ - ورماه من القصر، وهاني أُخرج إلى السوق التي يباع بها الغنم مكتوفاً، فجعل يقول: وامذحجاه ولا مذحج لي اليوم، وامذحجاه وأين منّي

٢٤٨

مذحج؟ فلمّا رأى أحداً لا ينصره جذب يده فنزعها من الكتاب ثمّ قال: أما من عصا أو سكّين أو حجر يجاحش(٥٦٦) به رجل عن نفسه، فتواثبوا عليه وشدّوه وثاقاً، ثمّ قيل له: مدّ عنقك.

فقال: ما أنا بها جدّ سخي، وما أنا معينكم على نفسي.

فضربه رشيد التركي مولى عبيدالله فلم يصنع به شيئاً.

فقال هاني: إلى الله المعاد، اللهمّ إلى رحمتك ورضوانك.

ثمّ ضربه أخرى فقتله، ثمّ أمر ابن زياد برأسيهما فسيّرهما إلى يزيد مع هاني الوادعي والزبير التميمي - كما تقدّم في ترجمة مسلم -.

قال أهل السير:

ولمـّا ورد نعيه ونعي مسلم إلى الامام الحسين (عليه‌السلام ) جعل يقول: رحمة الله عليهما، يكرّر ذلك، ثمّ دمعت عينه.

وقال الطبري: لمـّا كان يوم خازر(٥٦٧) ، نظر عبدالرحمن بن حصين المرادي لرشيد فقال: قتلني الله إن لم أصله فأقتله أو أُقتل دونه، فحمل عليه بالرمح فطعنه وقتله ورجع إلى موقعه

٢٤٩

٣ - عبدالأعلى بن يزيد الكلّبي العليمي:

وهو شاب من أهل الكوفة ممّن بايعوا مسلم بن عقيل(٥٦٨) . لبس سلاحه حين أعلن مُسلم تحركه بعد القبض على هاني بن عُروة وخرج من منزله ليلحق بمُسلم في محلة فُتيان، فقبض عليه (كثير بن شهاب بن الحُصين الحارثي من مذحج) - وكان قد استجاب لعُبيد الله بن زياد حين أمره أن يخرج فيمن أطاعه من مذحج فيُخذّل النّاس عن مُسلم ابن عقيل. فأخذ كُثير بن شهاب عبدالأعلى بن يزيد الكلّبي فأدخله على عُبيد الله بن زياد.

فقال عبدالأعلى لابن زياد : إنّما أردتك، فلم يُصدقّه، وأمر به فحُبس(٥٦٩) ، ثمّ إنّ عُبيد الله بن زياد لمـّا قَتل مُسلم بن عقيل، وهاني بن عُروة دعا بعبد الأعلى الكلّبي فأُتي به، فقال له : أخبرني بأمرك.

فقال : أصلحك الله، خرجتُ لأنظر ما يصنع النّاس، فأخذني كُثير ابن شهاب فقال له : فعليك وعليك، من الإيمان المُغلظة، إن كان أخرجك إلاّ ما زعمت ! فأبى أن يحلف.

فقال عبيد الله : انطلقوا بهذا إلى جبّانة السّبيع فاضربوا عنقه بها، فانطلقوا به فضُربت عنقه(٥٧٠) .

جاء فى ابصار العين :كان عبد الأعلى فارساً شجاعاً من الشيعة كوفياً، خرج مع مسلم بن عقيل(رضي‌الله‌عنه )فيمن خرج، فلمّا تخاذل الناس عن مسلم قبض عليه كثير بن شهاب فسلّمه إلى عبيدالله ابن زياد فحبسه.

٢٥٠

قال أبو مخنف: ولمـّا قتل مسلم أحضره عبيدالله بن زياد فسأله عن حاله، فقال: إنّما خرجت أنظر، فطلب منه اليمين فلم يحلف، فأخرجه إلى جبانة السبيع فقتله

هناك.

٤ - عبدالله بن يقطر الحميري «رضيع الحسين (عليه‌السلام )

عبدالله بن يقطر(٥٧١) حميري من اليمن.

كانت أمّه حاضنة للحسين، كأمّ قيس بن ذريح للحسن، ولم يكن رضع عندها ولكنّه يسمّى رضيعاً له الحضانة أمّه له. وأمّ الفضل بن العباس لبابة كانت مربّية للحسين(عليه‌السلام ) ولم ترضعه أيضاً كما صحّ في الأخبار إنّه لم يرضع من غير ثدي أمّه فاطمة صلوات الله عليها وإبهام رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله ) تارة وريقه تارة أخرى.

قال ابن حجر في الإصابة: إنّه كان صحابياً لأنّه لدّة(٥٧٢) الامام الحسين (عليه‌السلام ).

وقال أهل السير: إنّه سرّحه الامام الحسين (عليه‌السلام ) إلى مسلم بن عقيل بعد خروجه من مكّة في جواب كتاب مسلم إلى الامام الحسين (عليه‌السلام ) يسأله القدوم ويخبره باجتماع الناس، فقبض عليه الحصين بن تميم بالقادسية وأرسله إلى عبيدالله بن زياد، فسأله عن حاله فلم يخبره، فقال له: إصعد القصر والعن الكذّاب بن الكذّاب ثمّ انزل حتى أرى فيك رأيي(٥٧٣) .

فصعد القصر، فلمّا أشرف على الناس قال: أيّها الناس أنا رسول الامام الحسين بن فاطمة بنت رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله ) إليكم لتنصروه وتوازروه على ابن مرجانة وابن سميّة الدعيّ ابن الدعيّ.

٢٥١

فأمر به عبيدالله فألقي من فوق القصر إلى الأرض فتكسّرت عظامه وبقي به رمق فأتاه عبدالملك بن عمير اللخمي قاضي الكوفة وفقيهها فذبحه بمدية(٥٧٤) ، فلمّا عيب عليه قال: إنّي أردت أن أريحه.

قالوا: ولمـّا ورد خبره وخبر مسلم وهاني إلى الامام الحسين (عليه‌السلام ) بزبالة نعاه إلى أصحابه وقال:

وأما بعد; فقد أتانا خبر فظيع قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة وعبدالله بن يقطر وقد خذلنا شيعتنا، إلى آخر ما ذكرناه آنفاً.

وقال ابن قتيبة وابن مسكويه: إنّ الذي أرسله الامام الحسين قيس بن مسهّر - كما يأتي - وإنّ عبدالله بن يقطر بعثه الامام الحسين (عليه‌السلام ) مع مسلم فلمّا رأى مسلم الخذلان قبل أن يتمّ عليه ما تمّ بعث عبدالله إلى الامام الحسين يخبره بالأمر الذي انتهى فقبض عليه الحصين وصار ما صار عليه من الأمر الذى ذكرناه.

٥ - عمارة بن صلخب الأزدي:

وهو شاب كوفي(٥٧٥) ،ذكره الطبري(٥٧٦) .

كان قد خرج لنُصرة مُسلم بن عقيل حين بدأ تحركه، فقُبض عليه وحبس، ثمّ دعا به عبيدالله بن زياد - بعد قتل مُسلم بن عقيل، وهاني بن عُروة - فقال له : ممّن أنت؟

قال : من الأزد.

قال : انطلقُوا به إلى قومه، فضربت عنقه فيهم(٥٧٧) .

٢٥٢

الباب الرابع :شهداء كربلاء من الهاشميين

الفصل الاول :شهداء بني هاشم

الشهداء

اختلفت الرُّواية في عدّة من استُشهد في كربلاء - غير الامام الحسين (عليه‌السلام ) - من أهل البيت(عليهم‌السلام ):

المسعودي:فهم عند المسعودي ثلاثة عشر رجلاً(٥٧٨) . وهو فيما اطّلعنا عليه من الرّوايات أقل عدد رُوي أنّه قتل مع الامام الحسين في كربلاء.

الخوارزمي :وقال الخوارزمي عن اللّيث بن سعد على أسماء أربعة عشر رجلاً منهم(٥٧٩) .

الخوارزمي أيضاً :وذكر الخوارزمي في رواية أُخرى نسبها إلى الامام الحسين البصري، قال فيها : (قُتل مع الامام الحسين بن عليّ(عليه‌السلام ) ستة عشر من أهل بيته، ما كان لهم على وجه الأرض شبيه(٥٨٠) .

زيارة الناحية المقدسة :وتشتمل الزّيارة المنسوبة إلى النّاحية على أسماء سبعة عشر رجلاً منهم (غير الامام الحسين بن عليّ) وهي، من حيث العدد، موافقة

٢٥٣

لرواية الشّيخ المفيد(٥٨١) ،

المفيد والطبري : حيث قال : «إنَّ عدّة من قُتل مع الامام الحسين (عليه‌السلام ) من أهل بيته بطّف كربلاء هم سبعة عشر نفساً، الامام الحسين بن علي(عليه‌السلام ) ثامن عشر»(٥٨٢) . وهاتان الرّوايتان موافقتان، من حيث العدد، لرواية الطّبري(٥٨٣) ، فقد عدّ الشُّهداء تسعة عشر رجلاً منهم «مُسلم بن عقيل»، ومنهم : أبو بكر بن عليّ بن أبي طالب. وقال عنه : «شك في قتله» فيكون الباقي عند الطّبري، وهم من ثبت عنده استشهادهم في كربلاء، سبعة عشر رجلاً، ويكون بذلك مُتفقاً مع الزّيارة، والشّيخ المفيد، وهذه الروايات (الزّيارة، والمفيد، والطّبري) موافقة لرواية أُخرى أوردها الخوارزمي عن الحسن البصري، وفيها : «قُتل مع الامام الحسين (عليه‌السلام ) سبعة عشر رجلاً من أهل بيته»(٥٨٤) .

الاصفهاني :وقال أبو الفرج الإصفهاني(٥٨٥) بعد أن عرض أسماء شُهداء بني هاشم : (فجميع من قُتل يوم الطّفّ من ولد أبي طالب - سوى من يختلف في أمره - اثنان وعشرون رجلاً)(٥٨٦) .

وقد عدّ في الشُّهداء الإمام الحسين ، ومسلم بن عقيل، وقد وهم فيه كما هو معلوم حيثّ أنّ مسلماً ليس ممّن قُتل يوم الطّف، بل استشهد قبل ذلك في الكوفة فتكون عدّة الشُّهداء، عند أبي الفرج الإصفهاني عشرون رجلاً.

الخوارزمي أيضاً :

وأكبر عدد روي أنّه استُشهد من أهل البيت في كربلاء فيما اطلّعنا عليه من

٢٥٤

الرُّوايات هو خمسة وعشرون رجلاً، وهذا هو ما رواه الخوارزمي حيث قال : «اختلف أهل النّقل في عدد المقتول يومئذ ما تقدم من قتل مسلم بن العترة الطّاهرة، والأكثرون على أنّهم كانوا سبعة وعشرين...»(٥٨٧) .

وذكر اسماءهم بعد هذا، وفيهم اسما : «الامام الحسين بن عليّ بن أبي طالب، ومسلم بن عقيل بن أبي طالب».

مُحسن الأمين : وذكر السيّد مُحسن الأمين جدولاً بعنوان (أسماء من اتّصلت بنا أسماؤهم من أنصار الامام الحسين الّذين قُتلوا معه من بني هاشم)(٥٨٨) . وذكر في الجدول ثلاثين اسماً. ولا نعرف مُستند السيّدرحمه‌الله في ذلك.

أسماء الشُهداء من بني هاشم

١ - عليّ بن الحسين الأكبر:

يُكنى أبا الحسن، ويلقب بالاكبر ، كان له من العمر سبع وعشرون سنة ،ووردت رواية أنّه كان متزوّجاً من أمّ ولد(٥٨٩) .

٢٥٥

أمّه : ليلى بنت أبي مرّة بن عروة بن مسعود الثّقفي(٥٩٠) .

قال الاصفهانى فى مقاتل الطالبيين :وهو أوّل من قُتل من بني هاشم.

قتله مُرّة بن مُنقذ بن النُّعمان العبدي(٥٩١) .

قال حميد بن مسلم: سماع أذنى يومئذ الامام الحسين وهو يقول :

قتل الله قوماً قتلوك يا بني ما أجرأهم على الله وعلى انتهاك حرمة الرسول ثم قال: على الدنيا بعدك العفاء(٥٩٢) .

وقال أبو الفرج الاصفهاني الاموي: لما برز علي بن الحسين اليهم أرخى الامام الحسين عينيه فبكى ،ثم قال: اللهم كن أنت الشهيد عليهم :لقد برز اليهم غلام أشبه الخلق برسول الله(٥٩٣) .

وقد قتل على عطشه مائتي رجلا وأثخنته الجراحات ثم طعنه مرة بن منقذ العبدي غدراً.

٢٥٦

٢ - علي الاصغر

اختلفوا في المقتول فى كربلاء هل هو علي الاكبر أو علي الاصغر ؟:

قال ابن شهر آشوب(٥٩٤) : ذكر صاحب كتاب البدع وصاحب كتاب شرح الاخبار :ان المقتول هو الاصغر وان علي بن الامام الحسين زين العابدين (عليه‌السلام )كان يوم كربلاء من أبناء ثلاثين سنة وان محمداً الباقر ابنه كان يومئذ من ابناء خمس عشرة سنة وكان لعلي الاصغر المقتول نحو اثنتي عشرة سنة.

وقال المامقاني :علي بن الامام الحسين الاصغر عدَّه الشيخ فى رجاله من أصحاب الامام الحسين قُتل معه وأمه ليلى بنت أبى قرة.وقال محسن الامين :كان عمره تسع عشرة سنة /لواعج الاحزان ١٥٠.وقال الطريحى فى منتخبه ص٤٤٣ سبع عشرة سنة.أقول :إن سنَّه لم يزد على العشرين سنة.

وجاء فى كتاب الارشاد للمفيد :للحسين ستة أولاد علي بن الامام الحسين ،كنيته أبو محمد ،وأمه شاه زنان بنت كسرى يزدجرد.وعلي بن الامام الحسين الاصغر قُتل مع أبيه بالطف وأمه ليلى بنت أبى مرة بن عروة بن مسعود الثقفية ،وعبد الله بن الامام الحسين مات صغيراً ،جاءه سهم وهو فى حجر أبيه فذبحه.

وأيد ذلك القول ابن طاووس فى محكي ربيع الشيعة.

وخالف ابن أدريس هذا المنحى فسمَّى المقتول بالطف ابن ليلى بالاكبر وقال :كان لزين العابدين يوم الطف ثلاث وعشرون سنة ،ومحمد ولده الباقر حي له ثلاث سنين وأشهر(٥٩٥) .والمصرحون بان المقتول هو الاكبر :ابن سعد فى طبقاته ترجمة الامام الحسين وابن فندق فى لباب الانساب ١ / ٣٤٩ ،وابن كثير فى البداية والنهاية ٨ / ١٩١ ،والطبرى ٣ / ٣٣٠ ،وابن الاثير فى الكامل ٣ / ٢٩٣ ،وابن الجزرى فى تذكرة الخواص ٢٢٩ ،وابو الفرج الاصفهانى فى مقاتل الطالبيين ٨٦

٢٥٧

،والديار بكرى فى تاريخ الخميس ٢ / ٢٩٨ ،وابن الحنبلى فى شذرات الذهب ٢ / ٦١ ،والبلاذرى فى انساب الاشراف ٣/٤٠٦،والمسعودى فى مروج الذهب ٣/٦١ ورد ذكره في : الزّيارة(٥٩٦) ، والإرشاد(٥٩٧) ، والطّبري(٥٩٨) ، والاصفهاني(٥٩٩) ، والخوارزمي(٦٠٠) ، والمسعودي)(٦٠١) .

٣ - عبدالله بن علي بن أبي طالب:

وهو عبدالله بن عليّ بن أبي طالب :

أمّه: أمّ البنين بنت حزام(٦٠٢) ، كان عمره حين قُتل خمساً وعشرين سنة. لا عقب له(٦٠٣) .ورد ذكره في : الزّيارة(٦٠٤) ،والإرشاد(٦٠٥) ، والطّبري(٦٠٦) ، والمسعودي(٦٠٧) ، والخوارزمي(٦٠٨) ).

٢٥٨

قتله : هاني بن ثُبيت الحضرمي(٦٠٩) .

ولد بعد أخيه بنحو ثمان سنين، وأمّه فاطمة أمّ البنين، وبقي مع أبيه ستّ سنين ومع أخيه الحسن ستّ عشرة سنة ومع أخيه الامام الحسين (عليه‌السلام ) خمساً وعشرين سنة وذلك مدّة عمره.

قال أهل السير: إنّه لمـّا قتل أصحاب الامام الحسين (عليه‌السلام ) وجملة من أهل بيته، دعا العباس إخوانه الأكبر فالأكبر وقال لهم: تقدّموا، فأوّل من دعاه عبدالله أخوه لأبيه وأمّه، فقال: تقدّم يا أخي حتى أراك قتيلا وأحتسبك فإنّه لا ولد لك، فتقدّم بين يديه وجعل يضرب بسيفه قدماً ويجول فيهم وهو يقول:

أنا ابن ذي النجدة والإفضال

ذاك عليّ الخير في الأفعال

سيف رسول الله ذو النكال

في كلّ يوم ظاهر الأهوال

فشدّ عليه هاني بن ثبيت الحضرمي فضربه على رأسه فقتله.

وفي عليّ(عليه‌السلام )يقول الشاعر:

لم تَرَ عينٌ نظرت مثلَه

من مُحتَف يمشي ومن ناعل

يُعلي(٦١٠) نهيء(٦١١) اللحمِ حتّى إذا

إنضج لم يُغلِ(٦١٢) على الآكل

كان إذا شبّت له ناره

يوقدها بالشرف(٦١٣) القابل(٦١٤)

٢٥٩

كيما يراها بائس مرمل

أو فردُ حيِّ ليس بالآهل

لا يؤثر الدنيا على دينه

ولا يبيع الحقّ بالباطل

أعني ابن ليل ذالسدى والندى(٦١٥)

أعني ابن بنت الحسب الفاضل

قال السماوي :ويكنى أباالحسن، ويلقّب بالأكبر لأنّه الأكبر على أصحّ الروايات.

وروى أبو مخنف عن عقبة بن سمعان قال: لمـّا كان السحر من الليلة التي بات بها الامام الحسين عند قصر بني مقاتل، أمرنا الامام الحسين (عليه‌السلام ) بالاستسقاء من الماء، ثمّ أمرنا بالرحيل، ففعلنا، فلمّا ارتحلنا من بني مقاتل خفق برأسه خفقة ثمّ انتبه وهو يقول: إنّا لله وإنّا إليه راجعون والحمد لله ربّ العالمين، ثمّ كرّرها مرّتين أو ثلاثاً.

فأقبل إليه إبنه علي بن الامام الحسين (عليه‌السلام ) - وكان على فرس له - فقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون والحمد لله ربّ العالمين، يا أبت جعلت فداك ممّن استرجعت وحمدت الله ؟

فقال الامام الحسين (عليه‌السلام ): يا بني ! إنّي خفقت برأسي فعنّ لي فارس على فرس فقال: القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم، فعلمت أنّها أنفسنا نعيت إلينا.

فقال له: يا أبت لا أراك الله سوءاً ألسنا على الحق ؟

قال: بلى والذي إليه مرجع العباد.

قال: يا أبت إذن لا نبالي نموت محقّين.

فقال له: جزاك الله من ولد خير ما جزى والداً عن والده.

قال أبو الفرج وغيره: وكان أوّل من قتل بالطف من بني هاشم بعد أنصار الامام الحسين (عليه‌السلام ) عليّ بن الامام الحسين ، فإنّه لمـّا نظر إلى وحدة أبيه تقدّم إليه وهو على فرس له يدعى ذا الجناح، فاستأذنه في البراز - وكان من أصبح الناس وجهاً

٢٦٠