مقتل الحسين وأنصاره

مقتل الحسين وأنصاره0%

مقتل الحسين وأنصاره مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 402

مقتل الحسين وأنصاره

مؤلف: العلامة المحقق الدكتور نجاح الطائي
تصنيف:

الصفحات: 402
المشاهدات: 33331
تحميل: 2454

توضيحات:

مقتل الحسين وأنصاره
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 402 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 33331 / تحميل: 2454
الحجم الحجم الحجم
مقتل الحسين وأنصاره

مقتل الحسين وأنصاره

مؤلف:
العربية

وفي الزّيارة الرّجبيّة نجد الأمر على العكس من ذلك تقريباً، فعدد الأسماء المنسوبة يبلغ واحداً وعشرين اسماً. ويبقى في الزّيارة ثلاثة وخمسون اسماً بغير نسبة، أي ما يقرب من ثلاثة أرباع الأسماء الواردة في الزّيارة.

وهذه الظّاهرة ليست في صالح الزّيارة الرّجبيّة أيضاً، فإنّ وجود النسبة يدل على أنّ المـُؤلّف أكثر خبرة بموضوعه، ومن ثمّ أدعى إلى الثّقة به - في النّص موضوع البحث - من ذلك الّذي لا يتمتع بخبرة كافية في الموضوع(٨١٩) .

ملاحظة بعض الأسماء :قال شمس الدين :اشتملت الزّيارة الرّجبيّة على اسم (سُليمان) خمس مرات بالنّسبة إلى أربعة رجال، ثلاثة منهم اسم كلّ واحد منهم سُليمان، وهم (سُليمان بن كثير، سُليمان بن سُليمان الأزدي، سُليمان بن عون الحضرمي) واثنان منهم اسم أبويّهما سُليمان، وهما : سليمان بن سُليمان الأزدي، زُهير بن سُليمان - حسب رواية الإقبال).

وهذا ما يُثير الشّك في دقّة مؤلّف الرّجبيّة أو في دقّة مصادره الّتي أخذ منها.

وإنّ هذا الإسم «سليمان» لم يكن شائعاً بين المـُسلمين العرب بين رجال النّصف الأوّل من القرن الأوّل الهجري. ويمكن التّأكد من ذلك بملاحظة فهارس أعلام تأريخ الطّبري مثلاً، واستقراء هذا الإسم في الرّجال الّذين ذكرهم رواة الطّبري في أحداث الفترة الّتي عنها، وسنجد حينئذ أنّ هذا الإسم محدود الإنتشار جدّاً، وكذلك الحال بالنّسبة إلى كتاب صفّين لنصر بن مُزاحم الّذي اشتمل فهرست كتابه على تسعة رجال بهذا الإسم ليس فيهم أربعة رجال مُعاصرين للحُقبة التأريخية التي وقعت فيها ثورة كربلاء.

٣٤١

وسبب ذلك أنّ الأسماء تتصل بالتّكوين الثّقافي، والوضع الحضاري للأُمّة وهي من السّمات الثّقافية الّتي لا تتغير بسرعة، بل تتغير ببُطء شديد، والتّغير يتم نتيجة لتغير المفاهيم الثّقافيّة عند الأمّة، هذا المفاهيم الّتي تحمل الأُمّة على أن تستجيب في عاداتها وتقاليدها، وأسمائها، ومئات من مظاهر حياتها البسيطة والمُعقدة.

وقد واجه العرب هذا التغيّير الثّقافي الشّامل حين دخلوا في الإسلام، وكان من جملة عناصر العالم الثّقافي الجديد الّذي دخلوا في أسماء جديدة وردت في القرآن الكريم، وفي سُنّة رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله ) تتناسب مع الفكرة العامّة للمُعتقد الإسلامي أو تتصل بالتّأريخ القديم للإسلام في الصّيغ السّابقة على الصَّيغة الخاتمة الّتي أرسل بها خاتم النبّيّن محمّد(صلى‌الله‌عليه‌وآله ). وقد كان هذا اللّون الثّاني من الأسماء الإسلاميّة موجوداً في الصّيغ الشّائعة للتّوراة والإنجيل، ولكن لم يكن للعرب، كما نعلم، صلة بهذين الكتابين على نحو تكون لهم مفاهيم ثقافية تختلف عن مفاهيمهم الثّقافية في العهد الجاهلي، ولذا فإنّهم دخلوا في عالم الإسلام الثّقافي وهم يحملون أسماء جاهلية، وقد سمّوا أبناءهم بأسماء جاهلية، اللّهم إلّا الجيل الّذي ولد بعد الإسلام من آباء عاشوا في مراكز الإسلام الكبرى في المدينة وغيرها فقد حمل ا لقليل من أفراده أسماء تتصل بالأساس العقيدي للإسلام (عبدالله، عُبيدالله،عبدالرّحمن..) وبقي أكثر أفراد هذا الجيل يحملون أسماء جاهلية أو تتصل بالجاهلية بشكل أو بآخر.

فالتّغيّر يحتاج إلى ثلاثة أجيال أو أربعة أجيال بعد دخول الُمجتمع في العالم الثّقافي الجديد.

فإنّ الجيل الأوّل يبقى على أسمائه النّابعة من العالم الثّقافي القديم، ويكون قد سمّى أبناءه بالأسماء المـُنسجمة مع ثقافته القديمة. ولا شكّ في أنّ رواسب الثّقافة القديمة

٣٤٢

وأدبياتها تبقى حيّة فاعلة، بنسب مُتفاوتة، في الكثرة العُظمى من الُمجتمع في الجيل الثّاني الّذي يحمل اسماءه وأسماء آبائه النّابعة من الثّقافة القديمة، وهو مُشبّع في الوقت نفسه بمعاني الجديدة، فتبدأ الأسماء المـُتصلة بالثّقافة الجديدة بالظهور، ولكن يبقى لأسماء الثّقافة القديمة وجود واسع الإنتشار، يأخذ بالإنحسار في الجيل الثّالث، حتّى يذوب نهائياً في الجيل الرّابع، أو الخامس بعد دخول الُمجتمع في عالمه الثّقافي الجديد.

وقد عمل النّبي(صلى‌الله‌عليه‌وآله ) على تغيّير ظاهرة الأسماء الجاهليّة بطريقتين.

الأولى : إصدار التّوجهيات العامّة بإختيار الأسماء الإسلاميّة، القُرآنية وغيرها.

الثانية : تغيّير أسماء بعض الأشخاص من الرِّجال والنِّساء... ولكنّه لم يتوسع في الطّريقة الثّانية، لأنّ تغيّير الأسماء على نطاق واسع يُربك العلاقات الإجتماعيّة، ويدخل اختلالاً خطيراً على سلاسل الأنساب الّتي كان العرب يعنون بها عناية فائقة(٨٢٠) .على ضوء ما تقدّم : إذا أخذنا في الإعتبار أنّه في سنة ستين للهجرة كان جمهور المسلمين العرب يتكوّن من الجيل الثّاني في الإسلام مع بقايا من الجيل الأوّل، يتّضح لنا أنّه لم تكن قد سنحت بعد الفُرصة أمام الأسماء الجديدة لتنتشر وتحل محل الأسماء القديمة، على الخصوص الأسماء ذات المنشأ غير العربي كما هو الشَّأن بالنّسبة إلى سُليمان.

وعلى العكس من المسلمين العرب، فإن هذا النّوع من الأسماء كان شائعاً إلى حدٍّ ما بين المسلمين غير العرب (الموالي)، والمـُتأثرين منهم بالثّقافة اليُونانية أو المـُنتمين إلى العالم اليُوناني البيزنطي بشكل خاص، وذلك لأنَّ الأسماء الّتي وردت في القرآن والسُّنّة كانت مألوفة لديهم في عالمهم الثّقافي القديم.

وقد اشتملت الزّيارة المنسوبة إلى النّاحية على اسم «سُليمان» مرّة واحدة، ولكنّه

٣٤٣

ورد فيها اسماً لأحد الموالي هو «سُليمان مولى الامام الحسين » وبهذا تكون الزِّيارة المنسوبة إلى النّاحية مُتوافقة، من هذه الجهة، مع الظّاهرة الثّقافية الإسميّة السائدة في الفترة المبحوث عنها، ويكون اسم (سُليمان مولى الامام الحسين ) فيها مُتوافقاً مع طبيعة الأشياء، وليس اسماً شاذاً كما هو الشّأن في (سُليمان) الّذي ورد اسماً لخمسة أشخاص يُفترض أنّهم من العرب في الزّيارة الرّجبيّة.

ونُلاحظ هنا، بهذه المـُناسبة، أنّ زّيارة الناحية لم تشتمل على اسم (سُليمان مولى الامام الحسين ).

إنّ اشتمال الزّيارة الرّجبيّة على هذا الإسم الشّاذ في المـُحيط الإسلامي العربي في الفترة التّأريخيّة والمبحوث عنها اسماً لخمسة رجال نُقطة ضعف في الزّيارة الرّجبيّة.

هذه الأُمور الّتي ذكرناها تدعونا إلى اعتبار الزّيارة الرّجبيّة مصدراً ثانوي القيمة لأسماء شُهداء كربلاء، ولا يُمكن لهذا الإعتماد عليها في الأسماء الّتي انفردت بها دون بقية المصادر، بل لابدّ من ضم مصدر آخر إليها بالنّسبة إلى أي اسم من الأسماء الّتي وردت فيها، بعد التأكد من أنّ هذا المصدر لم يستند إليها.

وتكون الزّيارة المنسوبة إلى النّاحية مصدراً أساساً لأسماء الشُّهداء لقدمها من جهة، ولسلامتها من المآخذ الّتي ذكرناها على الزّيارة الرّجبيّة من جهة أُخرى(٨٢١) .

أقول: ان زيارة الناحية مفضلة على الزيارة الرجبية لامور :

زيارة الناحية أقدم فهي أولى.

زيارة الناحية أكثر خبرة باسماء الشهداء فى كربلاء.

٣٤٤

الباب السادس :قضايا مهمة في كربلاء

الفصل الاول :ثقافات ممتازة

كربلاء

قال الاب اللغوي أنستاس الكرملي:

انَّ كربلاء منحوتة من كلمتين من كربل ولاء أي حرم الله أو مقدس الله(٨٢٢) .

وهي برية الكوفة ،التي قاتل واستشهد فيهاالامام الحسين بن علي مع أهله وأنصاره.

الموالي المقتولون مع الحسين (عليه‌السلام )في كربلاء

قتل من الموالي مع الامام الحسين (عليه‌السلام ) خمسة عشر نفراً في الطف:

نصر وسعد موليا عليّ(عليه‌السلام ).

ومنجح مولى الحسن.

وأسلم وقارب موليا الامام الحسين (عليه‌السلام ).

والحرث مولى حمزة.

وجون مولى أبي ذر.

٣٤٥

ورافع مولى مسلم الأزدي.

وسعد مولى عمر يالصيداوي.

وسالم مولى بني المدينة.

وسالم مولى عامر العبدي.

وشوذب مولى شاكر.

وشبيب مولى الحرث الجابري.

وواضح مولى الحرث السلماني.

وفي البصرة: سليمان مولى الامام الحسين (عليه‌السلام ).

المقتولون مع آبائهم

لقد قُتل بعض المؤمنين مع آبائهم فى كربلاء دلالة على ايمانهم بقضية الحسين :وممن قُتل مع الامام الحسين (عليه‌السلام ) في الطفّ سبعة نفر وقُتل آباؤهم معهم في الطفّ: علي بن الحسين ، وعبدالله بن الامام الحسين ، ومجمع بن عائذ ،وعبدالرحمن بن مسعود ،وعمر بن جنادة، وعبدالله بن يزيد، وعبيدالله بن يزيد،.

وقتل معه في الطفّ اثنان من أولاد مسلم بن عقيل وهما: عبدالله ومحمد ، فإنّ أباهما مسلم بن عقيل قتل في الكوفة.

أما عمّار بن حسان الطائي; فإنّ عمّاراً قتل مع الامام الحسين (عليه‌السلام ) في الطفّ وأبوه قُتل مع الامام علي في صفين(٨٢٣) .

وأمثال هؤلاء الكثير من المجاهدين المضحين

أول عائلة مضحية في كربلاء

وكان ١٦ من الشهداء من أولاد أبي طالب.

٣٤٦

وأكبر عائلة أعطت ضحايا في كربلاء هي عائلة الامام علي بن ابى طالب :اذ ضحت بستة من رجالها من أبناء الامام علي وهم:

الحسين (عليه‌السلام ) والعباس وعثمان(٨٢٤) وجعفر ومحمد الاصغر وعبدالله أولاد الامام علي(عليه‌السلام ).وأولاد الحسن(عليه‌السلام ) ثلاثة اخوة وهم: عبد الله والقاسم وعبدالله أولاد الحسن(عليه‌السلام ).وولدا الامام الحسين (عليه‌السلام ) وهما: علي وعبدالله.

وأولاد عقيل الثلاثة : مسلم وعبدالرحمن وجعفر وأولاد عقيل.

وولدا مسلم وهما: عبدالله ومحمد وولدا مسلم.

وولدا عبدالله بن جعفر وهما: عون ومحمد وولدا عبدالله بن جعفر.

أولاد زهير التغلبي ثلاثة وهم: قاسط وكردوس ومقسط من أولاد زهير التغلبي.

وولدا يزيد العبدي وهما: عبدالله وعبيدالله.

وولدا عمر الراسبي وهما: النعمان والحلاس.

وولدا الحرث الأنصاري وهما: سعد وأبو الحتوف.

وآخران لأمٍّ وهما: مالك وسيف الجابريّان.

الانصار وجهاء الكوفة

لقد كانت جماعة الامام الحسين المحاربة تمثل وجهاء الكوفة المتقين الاخيار ،والفرسان الشجعان الذين يقودون الناس فى السلم والحرب والشدة.

وهم صفوة الامة وقادة الكوفة لذا تحرج الجيش الاموي من محاربتهم ومنازلتهم خوفاً من عار الدنيا وعذاب الاخرة.

٣٤٧

وأهل الكوفة المعاصرين لعلي والحسن والحسين وشيعتهم فى الكوفة يعرفون طينة هؤلاء الالهية وتقواهم وورعهم ونجاسة أعدائهم الامويين والخوارج.

عليه فقد قال عمرو بن الحجّاج الزّبيدي(٨٢٥) أحد قيادات الجيش الاموي كلمة نهى فيها الجنود الأمويّين عن قتال ومُبارزة الثُّوار قائلاً:

«يا أهل الكوفة، الزموا طاعتكُم وجماعتكم، ولا ترتابوا في قتل من مرق من الدِّين، وخالف الإمام»(٨٢٦) .

٣٤٨

وأردف قائلاً:

«ويلكم يا حُمقاء، مهلاً، أتدرون من تُقاتلون ؟ إنّما تُقاتلون فُرسان المِصر، وأهل البصائر، وقوماً مُستميتين...»(٨٢٧) .

ولو أردنا الاحاطة باقوال المؤمنين فى كربلاء وكلمات المنافقين فى ساحة الطف المذكورة لاخذنا الكثير من العبر والدلائل.

وهؤلاء هم أل البصائر و«أهل البصائر» تعبير يُعنى به الواعُون الّذين يتّخذون مواقفهم عن قناعات تتّصل بالدين الإسلامي، ولا تتّصل بالإعتبارات الدنيوية.

وإذن فنحنُ أمام نوعية من الشخصيّات تُمثّل النُّخبة الواعية للإسلام في المجتمع الإسلامي في ذلك الحين، وهي تستمد تفردها وتفوقها من فضائلها الشّخصيّة ومن وعيها الإسلامي والتزامها بمواقفها المبدئيّة، على خلاف الزُّعماء القبليّين التّقلديّين الّذين يستمدون قوّتهم من الإعتبارات القبليّة المحضة. وإن كانت هذه النُّخبة الواعية تضمُ رجالاً كثيرين جمعوا إلى فضائلهم ووعيهم الإسلامي ولاء قبائلهم لأشخاصهم.

وقد كان الزُّعماء التّقليديون يُدركون بلا شكّ أنّ هذه النُخبة من أهل البصائر تكون في حال نجاحها خطراً على مراكزهم، لذا فقد ساعدوا السُّلطة بإخلاص على تنفيذ خُطتها في تصفية الثّائرين جسديّاً، وجعلهم عبرة لغيرهم.

والموضوع بحاجة إلى تتبع في النصوص النبويّة وغيرها ليعرف تأريخ تكون هذا المصطلح ودخوله في البُنية الثّقافية للإنسان المسلم.

ورُبّما كان هذا المصطلح قد تولّد من مُصطلح سابق عليه ورد صفة لبعض

٣٤٩

الصّحابة وهو «أهل النّية» فقد ورد صفة لأبي الدّرداء «عُويمر بن زيد الخزرجي): «... وكان أبو الدَّرداء من عليّة أصحاب رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وأهل النّية منهم)(٨٢٨) .

أقول :كان أتباع الحسين قدوات المجتمع الكوفي في المجالات السياسية والجهادية والاجتماعية والدينية والعلمية.

وهؤلاء عرفتهم سوح القتال فى الفتوحات الاسلامية يوم كان ينضوي تحت لوائهم المسلمون ويحارب تحت قيادتهم المجاهدون.

الشهداء من الموالي

قال الله تعالى فى محكم كتابه الكريم :

( يَا أيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَر وَاُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّهِ أتْقَاكُمْ ) .

فلا فضل لقومية على أخرى ولا لانسان على آخر الا بالتقوى.

وهذا يعني زوال عصر القوميات المتطاحنة والشخصيات المتناحرة على الدنيا ،وبداية العصر الاسلامي المجيد.

فرفع النبي المسلمين على قدر تقواهم ومقدرتهم فارسلهم ولاة الى المدن والحواضر الاسلامية ،فكان منهم الانصاري والمغمور من أتباع مدن جزيرة العرب المختلفة.وأغلبهم من الفقراء والمحرومين الذين ظلمهم الطغاة.

وسار على هذه النظرية النبي الاكرم والامام علي باسمى صورة ممكنة فكانت مشروعاً حضارياً راقياً بهر العقول ،بينما قال الأشعث بن قيس للإمام عليّ :

٣٥٠

«يا أميرالمؤمنين : غلبتنا هذه الحمراء على قُربك»(٨٢٩) .

فالتفت الامم الاخرى حول الاسلام وعشقت محمداً واهل بيته الميامين.

لذا كان المسلم المحروم منجذباً لاهل البيت بصورة قوية فهذا سلمان الفارسي أحد أنصار أهل البيت وهكذا كان أغلب الموالي.

وناصرت طوعة مسلم بن عقيل رغم مخاطر عملها اذ كانت مولاة لمحمّد بن الأشعث(٨٣٠) .

وعشق جون مولى الامام الحسين مولاه واستشهد معه فى كربلاء.

لذا كثر عدد الشهداء من الموالي :

١ - منهم أسلم التركي ذكره السيّد الأمين في أعيان الشّيعة في جدوله، وفي المقتل قال : «.. وخرج غُلام تُركي كان للحسين(عليه‌السلام ) اسمه أسلم»(٨٣١) .

٢ - مُنجح بن سهم مولى الحسين:

ذكره الطّبري(٨٣٢) ، والشّيخ الطوسي(٨٣٣) ، وذكره في زّيارة الناحية المقدسة(٨٣٤) ،

٣٥١

وذكره في الزيارة الرّجبيّة(٨٣٥) .

٣ - زاهر مولى عمرو بن الحمق الخُزاعي

٤ - سالم بن عمرو مولى بني المدنيّة الكلبي

٥ - سالم مولى عمر بن مُسلم العبدي

٦ - سعد بن عبدالله مولى عمرو بن خالد الأسدي الصيداوي

٧ - وشوذب مولى شاكر بن عبدالله الهمداني الشّاكري:

ذكره الطّبري(٨٣٦) ، والشّيخ الطوسي(٨٣٧) ،.

٨ - قارب بن عبدالله الدئلي مولى الحسين

٩ - و سُليمان كان مولى للحسين أيضاً(٨٣٨) ، وكان رسوله إلى أهل البصرة وسلّمه أحد من أُرسل إليهم من زعماء البصرة، وهو المنذر بن الجارود العبدي، إلى عبيدالله بن زياد، عامل يزيد بن معاوية على البصرة حينذاك، فقتله، ويُكنى أبا رزين(٨٣٩) .

١٠ - مسلم مولى عامر بن مُسلم:

ورد ذكره في الرجبيّة(٨٤٠) .

وعند نهضة الُمختار بن أبي عُبيد الثّقفي(٨٤١) في الكوفة رافعاً شعارات حماية

٣٥٢

المـُستضعفين، والأخذ بثارات الامام الحسين وأهل البيت ثبت الموالي إلى النّهاية الأليمة في وجه الحكم الزُبيري الّذي لم يكن أقل فظاظة وتميّيزاً بين النّاس من الحكم الأُموي(٨٤٢) .

الفصل الثاني :ثقافات عقيمة

العمالة للطاغوت ثقافة موروثة

قُتل مع الامام الحسين (عليه‌السلام ) في الطف من الصبيان الذين لم يراهقوا الحلم خمسة نفر

٣٥٣

وهم:

عبدالله بن الامام الحسين ; فإنّه رضيع عُرض على أبيه فأخذه إليه فرماه حرملة في نحره وقتله.

وعبدالله بن الحسن(عليه‌السلام ); فإنّه خرج إلى عمّه الامام الحسين (عليه‌السلام ) يشتدّ وعمّته زينب تمانعه فلم يمتنع حتى وصل إلى عمّه فرآه صريعاً فوقف إلى جنبه، ورأى بحر بن كلب يريد ضربه فصاح به: أتضرب عمّي يا بن الخبيثة؟! فقصده بالضربة وقتله.

ومحمد بن أبي سعيد; فإنّه لمـّا صرع الامام الحسين (عليه‌السلام ) وتصايحت النساء ذُعر فخرج إلى باب الخيمة ممسكاً بعمودها فأهوى إليه لقيط أو هاني بسيفه وقتله.

والقاسم بن الحسن(عليه‌السلام ); فإنّه خرج يريد القتال على صغر سنّه فانقطع شسع نعله فوقف عليه ليشدّه فأهوى إليه بسيفه عمر بن سعد الأزدي وقتله.

وعمر بن جنادة الأنصاري; فإنّه خرج إلى القتال مستأذناً أبا عبدالله الامام الحسين (عليه‌السلام ) بأمر من أمّه، فأهوى إليه بعضهم بسيفه وقتله(٨٤٣) .

عدم اشتراك الطلقاء في الثورة الحسينية

لم يشترك الطلقاء في مناصرة الامام الحسين فى كربلاء ،بسبب ثقافتهم المعادية لمحمد وآل محمد ،التى ورثوها من آبائهم السالفين.

فتراهم يحنون للامويين وباقي الناس المعادين للاسلام الحنيف ،ويشتركون معهم فى أهدافهم الكافرة.

فبالرغم مما فعله النبي معهم من أعمال حسنة في أكرامهم بعد فتح مكة واعطائهم الزكاة الا انهم بقوا يتآمرون على الدين الحنيف!!!

وفى السقيفة وقفوا الى جانب أبى بكر معادين لمنهجية النبي في تعيين علياً خليفة

٣٥٤

من بعده ،فكان عكرمة بن أبى جهل وعبد الله بن أبى ربيعة ومعاوية بن أبى سفيان فى هذا المشروع.

ورغم الاموال الطائلة التى حصلوا عليها فى زمن أبى بكر وعمر وعثمان والمناصب الرفيعة التى تسلموها فى الدولة الاسلامية الا انهم بقوا حاقدين على النبي وآله الكرام.

فلم يقف واحد من الطلقاء مع الحسين فى كربلاء ليثبت تحوله الخالص ومعادته لقادته الامويين فبقوا منافقين !!!

عدم اشتراك العباسيين في ثورة الحسين (عليه‌السلام )

لقد ابتعد أبو لهب وأولاده عن النبي ونزلت في حق أبى لهب سورة المسد :

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَب * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَد ) .

ثم انضموا الى النبي بعد هلاك ابى لهب ،فاصبحوا مؤمنين.

أما العباس عم النبي فلم يسلم وشارك في معركة بدر وأسر فيها وحرره النبي ،ثم أسلم بعد فتح مكة.

وتفضل الامام علي عليهم بارسالهم ولاة في الولايات الاسلامية ،وكان عبد الله بن عباس تلميذاً للامام علي.

لكن بني العباس ابتعدوا عن أهل البيت في الزمن الاموي مرة آخرى ،فهم قريبون لاهل البيت في زمن الرخاء يستفيدون منهم ،وبعيدون عنهم في زمن الشدة.فلم يشارك بنو العباس في واقعة كربلاء ولو بشخص واحد ،ولم يشاركوا في ثورات العلويين الكثيرة.ولما كثرت النقمة على الامويين بسبب مذابحهم فى حق العلويين

٣٥٥

رفع العباسيون راية أهل البيت لكسب ود الشيعة وجذبهم الى رايتهم للانقضاض على السلطة الاموية.

فكان جيش أبي مسلم الخراساني من الشيعة وهو الذي هزَّم الامويين واسقط دولتهم.

وبعدما استولى العباسيون على السلطة كشفوا عن وجوههم الحقيقية بقتلهم للشيعة وانزالهم الموت فيهم والدمار لممتلكاتهم كما فعل الامويون بهم.

وبعد الخصام بين المأمون والامين ومعاداة العباسيين للمأمون اتجه المأمون نحو أهل البيت لكسبهم والانتصار بهم على الاضطرابات الداخلية ومنها حركة العباسيين في بغداد.

فاجبر الامام الرضا على قبول ولاية العهد لاخماد الثورات الشيعية.

فهذه ثلاث مراحل مرَّت به علاقة العباسيين بأهل البيت.

الخوارج وأثرهم في حرب الحسين (عليه‌السلام )

مع الاسف لم يكتب أحد عن دور الخوارج في حرب الامام الحسين ،في ثقافتهم وأشخاصهم ومؤامراتهم.

يذكر أنَّ بعض الخوارج كانوا يعيشون في الكوفة بعد مضي عشرين سنة على حرب النهروان ،وكانوا يتصيدون في الماء العكر.

وكانت دسائسهم كالاتي :

نشر الثقافة المعادية لمحمد وآل محمد ومن الطبيعي ان يؤثر هذا المشروع الشيطاني في اضعاف الاصول الاعتقادية عند بعض المسلمين.

تفسير الخوارج للقرآن القائم على التفسير الذاتي والمصلحي والمادي أثَّر على ثقافة الكثير من الناس البعيدين عن ثقافة أهل البيت.

٣٥٦

الحركة الانحرافية للخوارج النواصب أضعفت البنية الاجتماعية والدينية للمجتمع الاسلامي ،فضلعت الوحدة وتهشمت القيادة وضعف الايمان.

ومن نماذج الحركة الخارجية المتذبذبة شبث بن ربعي الذي حارب في جيش الامام علي وشجَّع المؤامرة الخارجية ،ثم أصبح أموياً ،وعاد فراسل الامام الحسين داعياً اياه لقيادة المسلمين ضدَّ الامويين ،لكنه شارك في الجيش الاموي المحارب للحسين ،وبعد شهادة الحسين نادى جيشه بالافراج للسيدة زينب القادمة لتوديع أخاها الحسين، معظماً اياها !!!

وطلب عُبيد الله بن زياد (في أوّل خطبة خطبها في الكوفة، بعد وصوله إليها من البصرة)، من الجهاز الاموي الحاكم في الكوفة أن يكتُبوا له أسماء الخوارج في عشائرهم، من الحرورية وأهل الرَّيب(٨٤٤) .

والحرورية اسم آخر للخوارج أُطلق عليهم مُنذ معركة حروراء. وقد قال ابن زياد لهانيء بن عُروة بعد القبض عليه وضربه، بعد محاولته الاستيلاء على سلاح أحد الشّرطة ليُدافع عن نفسه :

«أَحرُوري سائر اليوم، أحللت نفسك، قد حلّ لنا قتلك(٨٤٥) .

والحرّوريَّة : جماعة من الخوارج النّواصب، نسبة لبلد قُرب الكُوفة على ميلين منها تُسمى حروراء، نزل بها هؤلاء بعد خروجهم على أميرالمؤمنين حينما قبل بالتحكيم بينه، وبين معاوية، قيل لهم حينذاك: أنتم الحرُورية لإجتماعكم بحروراء وقال : شاعرهم :

إذا الحرُوريَّة الحرى ركبُوا

لا يستطيع أمثالك الطّلبا

٣٥٧

د وَسُموا أيضاً بالخوارج، والمحكَمة، والسّبب الّذي أدى لتسميتهم بالخوارج هو خروجهم على أميرالمؤمنين ، ثم سُموا مُحَكّمة لانكارهم الحكمين : وقولهم :لا حُكم إلّا لله...(٨٤٦) .

أما لماذا سموا الحرُوريّة فلأنّهم خرجوا إلى حروراء لحرب الامام عليّ بن أبي طالب وكان بها أوّل تحكيمهم واجتماعهم حين خالفوا عليه....(٨٤٧) .

ثقافة جاهلية

لمعرفة عمر بن سعد يجب معرفة أبيه :وكانت ثقافة سعد بن أبى وقاص انه بايع أبا بكر وعمر وعثمان ولم يبايع وصي المصطفى علياً!!!

ولما وصل معاوية الى الحكم بايعه أيضاً!!!

ولقد حذر الامام علي سعد بن أبى وقاص قائلا :فى بيتك سخل يقتل ابني الحسين.وهذا السخل هو عمر بن سعد!!!

وقال علي ( أثناء حكومة الامام فى الكوفة ) لعمر بن سعد:

كيف أنت اذا قمت مقاماً تخيَّر فيه بين الجنة والنار (قتل الحسين) فتختار النار ؟(٨٤٨) .

لذا روى عبد الله بن شريك العامرى قائلا :كنت أسمع أصحاب علي اذا دخل عمر بن سعد من باب المسجد يقولون :هذا قاتل الحسين بن علي وذلك قبل أن يُقتل

٣٥٨

بزمان(٨٤٩) .وسار عمر بن سعد على منهج أبيه فبايع معاوية وبايع يزيد الفاسق!!!

ولما أرسل أهل الكوفة رسائلهم الى الامام الحسين يدعونه الى العراق غضب عمر بن سعد على والي الكوفة الاموى الضعيف النعمان بن بشير.

فأرسل رسالة الى يزيد طالباً منه ابداله بحاكم قوي ،فارسل لهم عبيد الله بن زياد!!!(٨٥٠) .

قال الطبرى :كان سبب خروج عمر بن سعد الى الحسين أنَّ عبيد الله بن زياد بعثه على أربعة آلاف من أهل الكوفة يسير بهم الى دستبى(٨٥١) .وكانت الديلم قد خرجوا اليها واستولوا عليها...فلما كان من أمر الحسين ما كان وأقبل الى الكوفة دعا ابن زياد عمر بن سعد فقال :سر الى الحسين فاذا فرغنا مما بيننا وبينه سرت الى عملك.فقال له عمر بن سعد :ان رأيت رحمك الله أن تعفيني فافعل.

فقال عبيد الله :نعم على أن تردَّ لنا عهدنا.

فلما قال له ذلك ،قال عمر بن سعد :أمهلني اليوم حتى أنظر.

فانصرف عمر بن سعد يستشير أصحابه فلم يكن يستشير أحداً الا نهاه وجاء حمزة بن المغيرة بن شعبة وهوابن أخته ،فقال حمزة :

أنشدك الله يا خال أن تسير الى الحسين فتأثم بربك وتقطع رحمك ،فوالله لان تخرج من دنياك ومالك وسلطان الارض كلها خير لك من أن تلقى الله بدم الحسين.

فقال عمر بن سعد :فاني أفعل انشاء الله...

فأقبل عمر بن سعد الى ابن زياد فقال أصلحك الله انك وليتنى هذا العمل وكتبت لي العهد وسمع به الناس فان رأيت أن تنفذ لي ذلك فافعل وابعث الى الحسين فى هذا

٣٥٩

الجيش من أشراف الكوفة من لست باغني ولا أجزأ عنك فى الحرب منه ،فسمى له أناساً.فقال له ابن زياد :لا تعلمني باشراف أهل الكوفة ،ولست استأمرك فيمن اريد أن أبعث ان سرت بجندنا والا فابعث الينا بعهدنا.

فلما رآه قد لجَّ قال: اني سائر(٨٥٢) .

وبعد دعاء الامام الحسين على عمر بن سعد لم يفِ له ابن سعد بولاية الري ان قتل الحسين ،فخرج ابن سعد من منزله الى بيته قائلا :

ما رجع أحد مثل ما رجعت أطعت الفاسق ابن زياد الظالم ابن الفاجر ،وعصيت الحاكم العدل ،وقطعت القرابة الشريفة.

وهجره الناس وكلما مرَّ على ملأمن الناس أعرضوا عنه ،وكلما دخل المسجد خرج الناس منه ،وكل من رآه قد سبَّه ،فلزم بيته الى أن قُتل(٨٥٣) .

الفصل الثالث :الدور النسائي

النساء المقاتلات في كربلاء

قاتلت مع الامام الحسين (عليه‌السلام ) يوم الطفّ امرأتان وهما:

أمّ عبدالله بن عمير; فإنّها بعد قتل ولدها أخذت عمود خيمة وبرزت به إلى الأعداء، فردّها الامام الحسين (عليه‌السلام ) وقال: ارجعي رحمك الله فقد وضع الله عنك الجهاد.

وأمّ عمر بن جنادة; فإنّها على ما روي أخذت بعد قتل ولدها رأسه وضربت به

٣٦٠