مقتل الحسين وأنصاره

مقتل الحسين وأنصاره0%

مقتل الحسين وأنصاره مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 402

مقتل الحسين وأنصاره

مؤلف: العلامة المحقق الدكتور نجاح الطائي
تصنيف:

الصفحات: 402
المشاهدات: 32826
تحميل: 2280

توضيحات:

مقتل الحسين وأنصاره
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 402 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 32826 / تحميل: 2280
الحجم الحجم الحجم
مقتل الحسين وأنصاره

مقتل الحسين وأنصاره

مؤلف:
العربية

رجلا فقتلته، ثمّ أخذت سيفاً وجعلت تقول:

أنا عجوز في النساء ضعيفة

بالية خاوية نحيفة

أضربكم بضربة عنيفة

دون بني فاطمة الشريفة

فأتاها الامام الحسين (عليه‌السلام ) وردّها إلى الخيمة على ما ذكره جماعة من أهل المقاتل.

المشاركات في المعركة بلسانهن

برزت بين الأعداء يوم الطفّ من مخيّم الامام الحسين (عليه‌السلام ) خمس نسوة وهنّ:

جارية مسلم بن عوسجة، صُرع فخرجت صائحة: واسيّداه!

وأمّ وهب زوجة عبدالله الكلبي، خرجت معه لتقاتل وبعد قتله، أبَّنته وقتلت.

وأمّ عمر بن جنادة خرجت بعد قتله تقاتل.

وزينب الكبرى خرجت بعد قتل عليّ بن الامام الحسين (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) تنادي صارخة؟ يا حبيباه يا بن أخيّاه وجائت حتى انكبّت عليه، فجاءها الامام الحسين (عليه‌السلام )وردها.

سبي نساء النبي وتحرير الأخريات

وبعد ملحمة كربلاء لم يقبل المسلمون سبي نساء الحسين من بني هاشم والانصار لان السبي حرام للمسلمات ،فأخبروا عبيد الله بن زياد فكانت النتيجة كالاتي :

وافق ابن زياد على بقاء عيالات غير الطالبيّين من أنصار الامام الحسين (عليه‌السلام )بالكوفة لشفاعة ذوي قرباهنّ من القبائل ، فأخذوهنّ من السبي، وسبى الطالبيّات إلى الشام لرحمهن الماسَّة من رسول الله.

فكانت زينب حفيدة خاتم الأنبياء محمد ،وبنت خاتم الأوصياء علي ،وبنت فاطمة سيدة النساء على رأس المسبيات الأسارى.

وقد اندهش سفير الروم في بلاط يزيد بن معاوية من أسر نساء النبي

٣٦١

وحفيدته !!!قائلا :

نحن النصارى نتبرك بتراب حمار عيسى (عليه‌السلام ).

المشاركة النسائية في ثورة الحسين (عليه‌السلام )

لقد شارك الكثير من النساء في ثورة الامام الحسين بصور مختلفة تدهش الناظرين وتعجب الحضاريين.

جميعهن اشتركن في ملحمة الطف بملىء ارادتهن لا اكراه ولا تخويف بينما أجبر عبيد الله بن زياد الناس على حرب الحسين وأعدم العديد ممن لن يشاركوا فيها بل انه قتل مسافراً شامياً لتخويف الناس.

وبينما لم يخوف الامام الحسين شخصاً للمشاركة معه ولم يغري أحداً للحرب معه الا بالثواب الالهي يوم القيامة.

بل ان الامام الحسين جمع أصحابه ليلة العاشر من محرم قبل الحرب طالباً من الرجال الاستفادة من الظلام والفرار من كربلاء.

وطلب من الرجال اصطحاب أمهاتهم وزوجاتهم والانسلال بعيداً عن ارض المعركة.

وكانت النتيجة رفض الرجال والنساء هذا الفرار والاصرار على المساهمة في الثورة الحسينية المباركة.

وكانت المساهمة النسائية بابعاد كثيرة :

مساهمة نساء بني هاشم في الثورة الحسينية.

مساهمة زينب الكبرى (أم كلثوم) بنت علي وبنت فاطمة حفيدة رسول الله في المعركة ،كي لا تقول امرأة مستقبلا انا لا أشترك لشأني العالي وحسبي الرفيع.

فزينب بنت خاتم الانبياء وخاتم الاوصياء وبنت فاطمة سيدة نساء العالمين ،

٣٦٢

وزوجة عبد الله بن جعفر ،وجعفر هو الذي قال عنه النبي :

يطير بجناحيه في الجنة.

وزينب هذه شاهدت اخوانها الستة يستشهدون في ساحة كربلاء وعلى رأسهم الحسين سيد شباب أهل الجنة.

وسمعت وداع العباس قمر (بني هاشم) لاخية الحسين وهو يموت على شاطيء نهر العلقمي.وشاهدت مصرع أخوانه الاخرين :عثمان وجعفر ومحمد الاصغر وعبدالله أولاد الامام علي(عليه‌السلام ).

وشاهدت مصرع ابنها عون بن عبد الله بن جعفر في كربلاء.

وكانت ليلى واقفة تنظر الى ابنها علي بن الامام الحسين بن علي ;يحاصر من قبل الامويين ويقتل قتلة فظيعة.

وكانت الرباب واقفة تنظر إلى ابنها عبدالله الرضيع بن الامام الحسين يذبح من الوريد الى الوريد.وكانت رملة واقفة تنظر إلى مصرع ابنها القاسم بن الحسن بن علي (عليه‌السلام ).وكانت بنت الشليل البجليّة واقفة تنظر إلى ابنها عبدالله بن الحسن بن علي ; يقطَّع ارباً ارباً.

وكانت رقيّة بنت علي(عليه‌السلام ) واقفة تنظر إالى عبدالله بن مسلم; يقتل بيد الاعداء.

ومحمد بن أبي سعيد بن عقيل; فإنّ أمّه واقفة تراه مذعوراً ممسكاً بعمود الخيمة وقد ضربه لقيط أو هاني فقتله وهي تنظر إليه.

وعمر بن جنادة كانت أمّه واقفة تأمره بالقتال وتراه يُقتل أمامها.

وأمّ عبدالله الكبي فإنّها واقفة على ما ذكره الطاوسي تحثّه على الجلاد مع زوجته وتنظر إليه يقتل بيد الامويين.

٣٦٣

الفصل الرابع :دور الفتيان في الثورة الحسينية

مساهمة الفتيان في ثورة الحسين (عليه‌السلام )

لقد ساهم الفتيان والاطفال في ثورة الامام الحسين بأرواحهم ودمائهم ،وتعرضوا الى شتى صنوف القهر والعطش والجوع والشدَّة.

فقد ساروا أكثر من ألفي كيلومتراً من مكة الى كربلاء والكوفة وسنجار وحلب ودمشق ثم عادوا في نفس الطريق الى المدينة.

ولم يكن هؤلاء الاطفال والفتيان قد تعوَّدوا على هذه الرحلات الطويلة والشاقة المرافقة للخوف والارهاب والبطش.

فكانت رحلتهم ملحمة من التضحية والجهاد والجود بالنفس في سبيل العدالة والمساواة واحقاق حكم الله تعالى في الارض.

وقد قُتل صبيان في الكوفة بعد قتل الامام الحسين (عليه‌السلام ) على ما رواه جماعة منهم الصدوق في الأمالي اثناء مجيء السبايا من العيال والأطفال إلى الكوفة.

فقد فرّ صبيّان خوفاً من القتل وهما: إبراهيم ومحمد من ولد عقيل أو جعفر، فلجئا إلى دار فلان فسألهما عن شأنهما، فأخبراه وقالا له:

إنّا من آل رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله )فررنا من الأسر ولجأنا إليك فسوّلت له نفسه الخبيثة أن لو قتلهما وجاء برأسيهما إلى ابن زياد لأعطاه جائزة، فقتلهما وأخذ رأسيهما وجاء

٣٦٤

إلى عبيدالله بن زياد فدخل عليه وقدّم الرأسين إليه، فقال له ابن زياد: بئسما فعلت، عمدت إلى صبيّين استجارا بك فقتلتهما وخفرت جوارك، ثمّ أمر بقتله فقتل.

الفصل الخامس :من سار الحسين اليه ورثاه

رثاء الحسين (عليه‌السلام )لانصاره

أبّن الامام الحسين عشرة نفر من أحبّته وأنصاره راثياً وهم:

عليّ بن الامام الحسين (عليه‌السلام ); فإنّه لمـّا قُتل وقف عليه وقال: قتل الله قوماً قتلوك، ما أجرأهم على الرحمن وعلى انتهاك حرمة الرسول، على الدنيا بعدك العفا.

والعباس بن علي(عليه‌السلام ); فإنّه لمـّا قُتل وقف عليه الحسين (عليه‌السلام )وقال: الآن انكسر ظهري، وقلّت حيلتي، وشمت بي عدويّ.

والقاسم بن الحسن(عليه‌السلام ); فإنّه لمـّا قُتل وقف عليه الحسين (عليه‌السلام )وقال: بعداً لقوم قتلوك، وخصمهم فيك رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله )، ثمّ قال: عزّ على عمّك أن تدعوه فلا يجيبك إلى آخر كلامه.

وعبدالله بن الحسن; فإنّه لمـّا قتل ضمّه إليه وقال: يا بن أخي إصبر على ما نزل بك واحتسب في ذلك الخير فإنّ الله يلحقك بآبائك الصالحين، إلى آخر كلامه.

وعبدالله بن الامام الحسين (عليه‌السلام ); فإنّه لمـّا قتل رمى بدمه نحو السماء وقال: اللهمّ لا يكن أهون عليك من دم فصيل ناقة صالح ، إلى آخر كلامه.

ومسلم بن عوسجة; فإنّه لمـّا قتل وقف عليه الحسين (عليه‌السلام ) وقال: رحمك الله يا

٣٦٥

مسلم، وتلا: (ومنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا)(٨٥٤) .

وحبيب من مُظاهّر; فإنّه لما قُتل وقف عليه وقال: عند الله أحتسب نفسي وحماة أصحابي.والحرّ بن يزيد الرياحي; فإنّه لما قُتل وقف عليه الحسين (عليه‌السلام )وقال: أنت كما سمّتك أمّك حرٌّ في الدنيا وسعيد في الآخرة.

وزهير بن القين; فإنّه لما قتل وقف عليه وقال: لا يبعدنّك الله يا زهير من رحمته، ولعن الله قاتليك لعن الذين مسخوا قردة وخنازير.

وجون مولى أبي ذر; فإنّه لما قُتل وقف عليه الحسين (عليه‌السلام )وقال: اللهمّ بيّض وجه وطيّب ريحه وعرّف بينه وبين محمد وآله.

وأبّن نفرين بغير الطفّ وهما: مسلم بن عقيل وهاني بن عروة فإنّها لمـّا قُتلا بالكوفة وبلغه خبرهما بالثعلبية قال: رحمة الله عليهما وجعل يكرّر ذلك.

من سار اليه الحسين (عليه‌السلام )فى كربلاء

مشى الامام الحسين (عليه‌السلام ) يوم الطفّ إلى سبعة نفر من أحبّته وأنصاره بعدما قتلوا وهم:مسلم بن عوسجة; فإنّه لم قُتل مشى إليه ومعه حبيب بن مظاهر وقال له: رحمك الله يا مسلم.

والحرّ بن يزيد; فإنّه لمـّا قُتل مشى إليه وقال له: أنت كما سمّتك أمّك.

وواضح الرومي أو أسلم التركي; فإنّه لمـّا قتل مشى إليه واعتنقه ووضع خدّه الشريف على خدّه.

وجون بن حوي; فإنّه لمـّا قُتل مشى إليه وقال: اللهمّ بيّض وجهه، إلى آخر ما قال.والعباس بن علي(عليهما‌السلام ); فإنّه لما قُتل مشى إليه وجلس عنده وقال: الآن انكسر

٣٦٦

ظهري، إلى آخر كلامه.

وعليّ بن الامام الحسين (عليهما‌السلام ) فإنّه لما قتل مشى إليه ووقف عليه وقال فيما قال: على الدنيا بعدك العفا.

والقاسم بن الحسن(عليهما‌السلام ) فإنّه لما قُتل مشى إليه ووقف عليه وقال: بعداً لقوم قتلوك، إلى آخر ما قال.

الفصل السادس :قطع الرؤوس والتمثيل بالموتى

من قطع الاعداء أعضاءه

قُطّعت أعضاء ثلاثة نفر من أحبّة الامام الحسين (عليه‌السلام ) وأنصاره في حال قتلهم يوم الطف وهم:

العباس بن علي(عليهما‌السلام ); فإنّه قُطعت يمينه ثمّ شماله ثمّ رأسه.

وعليّ بن الامام الحسين (عليهما‌السلام ); فإنّه ضرب على رأسه ثمّ قطّع بالسيوف إرباً إرباً.

وعبدالرحمن بن عمير; فإنّه قُطعت يده في منازلة سالم ويسار ثمّ قُطعت ساقه ثمّ قطع رأسه ورُمي به إلى جهة الامام الحسين (عليه‌السلام ).

من دحرجوا رأسه نحو الحسين (عليه‌السلام )من الشهداء

رُمي نحو الامام الحسين (عليه‌السلام ) من رؤوس أصحابه في الطفّ ثلاثة رؤوس:

رأس عبدالله بن عمير الكلبي; فإنّه رمي به نحو الامام الحسين (عليه‌السلام ) فأخذته أمّه.

ورأس عمر بن جنادة; فإنّه رمي به أيضاً نحو الامام الحسين فأخذته أمّه ، ثمّ..أخذت عمود الخيمة فأرادت القتال فمنعها الامام الحسين (عليه‌السلام ).

٣٦٧

ورأس عباس ابن أبي شبيب الشاكري; فإنّه لمـّا قتل قُطع رأسه وتنازعه جماعة ففصّل بينهم عمر بن سعد وقال: هذا لم يقتل إنسان واحد، ثمّ رمى به لنحو الامام الحسين (عليه‌السلام ).

عادة قطع الرُّؤوس والعبث بها قطع رأس الميت، قتيلاً كان أو ميّتاً حتف أنفه، من المـُثلة.

ومن الثّابت في الشّريعة الإسلاميّة النّهي عن الّتمثيل بالمـُسلم، وتحريمه، لا نعرف مُخالفاً في ذلك على الإطلاق.

فقد اتفق العلماء على تحريم التمثيل بالميت على أي دين كان.

بل إنّ الثّابت النّهي عن المـُثلة حتّى بالنِّسبة إلى الكافر وقد ثبت عن رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله )النّهي عن ذلك(٨٥٥) .

ولم يأمر النبي بالمثلة بالكفار واليهود الذين حاربهم فى كل حروبه بل كان يسمح لهم باخذ جثثهم ودفنهم اينما شاءوا فتعجب كفار الجاهلية :

ففى معركة الخندق عرض الكفار مبلغ عشرة آلاف درهم على رسول الله مقابل جثمان عمرو بن عبد ود العامري الذي قتله الامام علي.

فقال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): لا نأكل ثمن الموتى!

وروي ان علياً لما قتل عمراً لم يسلبه فجاءت أخت عمرو حتى قامت عليه، فلما

٣٦٨

رأته غير مسلوب سلبه، قالت: ما قتله إلاّ كفؤ كريم، ثم سألت عن قاتله.

قالوا علي بن أبي طالب، فأنشأت هذين البيتين:

لو كان قاتل عمرو غير قاتله

لكنت أبكي عليه آخِرَ الأبدِ

لكنّ قاتِلَه من لا يعاب به

أبوه من كان يدعى سيّد البلد(٨٥٦)

ولم يتعود المسلمون فى زمن أبى بكر وعمر وعثمان والامام علي والامام الحسن على قطع رؤوس الكفار وغيرهم في حروبهم معهم ، إلاّ ما كان في عهد أبي بكر حين عدا خالد بن الوليد على مالك بن نويرة وقومه فقتلهم بزعم أنّهم مُرتدون وقطع رؤوسهم ووضعها تحت قدور الطعام تبعاً لعرف الجاهلية ،وزنا خالد بامرأة مالك المسلمة في يوم المذبحة!!!

ولم يحدث بالنِّسبة إلى الإمام عليّ بن أبي طالب في حروبه كلّها أن حمل رأساً أو أمر بقطع رأس أحد، أو رضي فعل ذلك.

وجاء فى رواية ضعيفة عن حروراء بعد هزيمة بالخوارج أنّه (عليه‌السلام ) أمر بقطع يد المخدج (نافع المخدج)، وقال : «سيماه أنّ يده كالثّدي، فيها شعرات كشارب السّنور إيتُوني بيده الُمخدجة، فأتوه بها فنصبها»(٨٥٧) .

٣٦٩

«.. فلمّا كان يوم النَّهر قال عليّ : إطلبُوا المخدج، فطلبوه فلم يجدوه حتّى ساء ذلك عليّاً، وحتّى قال رجل : لا والله يا أميرالمؤمنين ما هو فيهم، فقال علي : والله ما

٣٧٠

كذبتُ ولا كُذبت، فجاء رجل فقال : قد أصبناه يا أميرالمؤمنين فخرّ علي ساجداً، وكان إذا أتاه ما يسرّ به من الفُتُوح سجد، وقال لو أعلم شيئاً أفضل منه لفعلته، ثمّ قال : سيماه أنّ يده كالثدي فيها شعرات كشعرات السّنور، إيتُوني بيده الُمخدجة، فأتوه بها. فنصبها).

أقول :هذه رواية ضعيفة لا يعتد بها فالامام علي لا يخالف القول النبوي بعدم المثلة ولو بالكلب العقور.

والرواية الصحيحة تقول ان المسلمين شاهدوه يده ولم تذكر قطعها ونصبها.

لكن الامويين انتهكوا هذا الحكم الشَّرعي الواضح، ولا نعرف من أين أقتبس الأُمويون هذا الأُسلوب في مُعاملة قتلاهم سائرين على المشروع الجاهلي فى العبث بجثث القتلى.وأوّل انتهاك نعرفه مارسه عامل معاوية بن أبي سفيان على الموصل وهو عبدالرّحمن بن عبدالله بن عُثُمان الثّقفي، الّذي ألقى القبض على عمرو بن الحمق الخُزاعي(٨٥٨) بعد مطاردة طويلة - وقتله، وقطع رأسه، وبعث به إلى معاوية «فكان رأسه أوّل رأس حُمل في الإسلام»(٨٥٩) .

ثم أمر عُبيد الله بن زياد بقطع رأس مُسلم بن عقيل، ورأس هاني بن عروة بعد قتلهما، وبعث بهما إلى يزيد بن معاوية في الشَّام، وكتب إليه : «... وأمكن الله منهما،

٣٧١

فقدّمتهما فضربتُ أعناقهما، وقد بعثت إليك بُرأسيهما »(٨٦٠) .

وكان ابن زياد قد قتل في الكوفة من رجال الثَّورة : قيس بن مسهر الصّيداوي(٨٦١) ، وعبدالله بن يقطر(٨٦٢) ، وعبدالأعلى الكلبي، وعمارة بن صلخب الأزدي(٨٦٣) ، فلم يبعث إلى يزيد بن معاوية من بين من قتلهم إلّا رأسي هاني بن عروة، ومسلم بن عقيل.

وبعد القضاء على الثّائرين في كربلاء قُطعت رؤوسهم ، وحُملت إلى الكوفة إلى عبيدالله بن زياد، الذي أرسلها بدوره إلى الشّام إلى يزيد بن معاوية وكان نقلها يتم بصورة استعراضية لتُتاح مُشاهدتها لأكبر عدد من النّاس في الطُّرق والمدن الّتي يمر بها حملة الرُّؤوس.

٣٧٢

أوّل رأس رُفع على خشبة رأس الامام الحسين (عليه‌السلام )

وقد جاء في أحد نصوص الطّبري عن زرّين حُبيش : «أوّل رأس رُفع على خشبة رأس الامام الحسين صلّى الله على روحه»(٨٦٤) .

ما تقدّم يُرجّح أنّ عمر بن سعد نفذ أمراً تلقّاه، ولم يقطع الرُّؤوس بُمبادرة منه، وقطع رؤوس الشهداء فى باقى الحوادث يبين منهج الامويين الجاهلى فى هذا المجال.فالكتاب الّذي وجهه عُبيد الله بن زياد إلى عمر بن سعد مع شمر بن ذي الجوشن يتضمن أمره لعُمر بأن يدعو الامام الحسين وأصحابه إلى الإستسلام، فإن أبوا : «فأزحف إليهم حتّى تقتلهم، وتُمثّل بهم، فإنّهم لذلك مُستحقون، فإن قُتل الامام الحسين فأوطىء الخيل صدره وظهره، فإنّه عاق مُشاق، قاطع ظلوم، وليس دهري في هذا أن يضر بعد الموت شيئاً، ولكن عليّ قول : لو قد قتلته فعلتُ به هذا...»(٨٦٥) .

فالكتاب يأمر بالّتمثيل، ويتضمن الأمر برضّ صدر الامام الحسين وظهره بحوافر الخيل.

وقد نفذ الأمر الثّاني بدقّة بناء على أوامر مُباشرة وصريحة من عُمر بن سعد، وقام بالمهمّة البشعة عشرة رجال سمّى الطّبري منهم رجلين حضرميّين(٨٦٦) .

٣٧٣

من لم يُقطع رأسه

قُطعت في الطفّ رؤوس أحبّة الامام الحسين (عليه‌السلام ) وأنصاره جميعاً بعد قتلهم، وحملت مع السبايا إلاّ رأسين: رأس عبدالله بن الامام الحسين (عليه‌السلام ) الرضيع فإنّ الرواية جاءت أنّ أباه الامام الحسين (عليه‌السلام ) حفر له بعد قتله بجفن سيفه ودفنه، ورأس الحرّ الرياحي، فإنّ بني تميم منعت من قطع رأسه وأبعدت جثّته عن القتلى كما سمعت من أنّ بعض الملوك كشف عنه فرآه معصوب الرأس، وفي غير الطفّ قطع رأس مسلم بن عقيل ورأس هاني بن عروة في الكوفة حيث قتلا وأُرسلا إلى الشام.

فلم يستفد هؤلاء من مشروع النبي القاضي بعدم التمثيل بالموتى.

٣٧٤

الباب السابع :ما بعد شهادة الحسين

الفصل الاول :من قُتل بعد الحسين

أسباب ثورة الحسين

١- الطاعة لله سبحانه وتعالى القائل:كما قال النبى : شاء الله أن يراك قتيلا وأن يراهن سبايا

٢ - اتمام الحركة النبوية المتمثلة فى الهداية الى الدين بارشاد الحسين الناس الى طريقة معالجة الطغاة والجبابرة ،بقوله (عليه‌السلام ) :

خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي رسول الله.

٣ - بيان وجوب تحمل القيادات لواجبها المتمثل فى هداية الناس الى الحق والجهاد وتطبيق الدين وقبح الفرار الى الجبال والصحارى كما نصحه البعض.

ولم يفر الانبياء والاوصياء الى الجبال والهضاب فكيف يفر الحسين ؟

٤ - نشر النظرية الالهية بوجوب مقارعة الطغاة الظالمين بكل الامكانات المتاحة ،لكشف الطغاة الحاكمين الظالمين من جهة ،وفضح القادة المتقاعسين المتكاسلين من جهة أخرى.وقد انتشرت الاحاديث الكاذبة بدعم الطغاة ومناصرتهم قال عبد الله بن عمر: ستكون هنَّات وهنَّات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الامة وهى جمع فاضربوه بالسيف كائناً ما كان.ومن رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه فان من فارق الجماعة شبراً فمات الا ميتة جاهلية ،وأدوا اليهم حقَّهم واسألوا الله حقَّكم /ثورة الحسين ظروفها واهدافها ١٠٥ وراجع تاريخ الطبرى ٣ / ٢٩٦.

٥ - العمل بالظاهر في وجوب تلبية الطلب الشعبي لقيادتهم الى العدل والحق وتطبيق شرع الله تعالى.اذ أرسل له أهالى الكوفة مئات الرسائل أن أقدم الينا.ولو لم يقدم اليهم لقالوا المنكر من الحديث.قال الحسين :كتب أهل الكوفة ورسلهم أوجب عليَّ اجابتهم / معالي السبطين ١ / ١٥١.

٣٧٥

٦ - الزم يزيد الحسين بين القتل والبيعة فأوجب عليه الثورة ورفض الذلة قال الحسين :إنّ الدعيّ ابن الدعي قد ركّز بين اثنتين: بين السلّة والذلّة وهيهات منّا الذلّة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وطهرت...

٧ - لقد عاهد معاوية الامام الحسن ثم قتله ،ويزيد أسوأ من معاوية لذا فهو سوف يقبل بيعة الحسين له ويقتله ،قال الحسين :هيهات يا ابن عباس انَّ القوم لن يتركونى وانهم يطلبوننى أين كنت حتى أبايعهم كرهاً ويقتلوني،والله لو كنت فى حجر هامة من هوام الارض لاستخرجونى منه وقتلوني.../أسرار الشهادة ٢٤٦.

الذين قُتلوا بعد مقتل الحسين (عليه‌السلام )

لقد قُتل بعد الامام الحسين عدَّة من الناس اثنان كانا له واثنان كانا عليه ،ثم مالا الى صفوفه متأثرين بالموقف الاموي الكافر من الحسين وأهله وصحبه وهم:

سويد بن أبي المطاع فإنّه ارتثّ وأُغمي عليه فأفاق على أصوات البشائر بقتل الامام الحسين وصراخ الواعية من آل الامام الحسين ، فأخرج سكّيناً كان خبّأها في خفّه، فقاتل به حتى قتل بعده.

وسعد بن الحرث وأخوه أبو الحتوف فإنّهما كانا على الامام الحسين (عليه‌السلام ) فلمّا قُتل وتصارخت العيال والأطفال مالا على قتلة الامام الحسين (عليه‌السلام ) فجعلا يضربان فيهم بسيفيهما حتى قُتلا بعده. ومحمد بن أبي سعيد بن عقيل فإنّه لمـّا صُرع الامام الحسين وتصارخت العيال والأطفال خرج مذعوراً بباب الخيمة ممسكاً بعمودها، وجعل يتلفّت وقرطاه يتذبذبان، فقتله لقيط.

الانصار الجرحى الذين قُتلوا بعد المعركة

مات من أثر معركة كربلاء من أنصار الامام الحسين بعده من الجراحات نفران : سوار بن منعم النهمي فإنّه أسر ومات لستّة أشهر من جراحاته. والموقّع بن ثمامة الصيداوي الذي أُسر ونُفي إلى الزارة ومات على رأس سنة من جراحاته.

قتل الثوار في الكوفة

فقد ضُربت عُنق مُسلم بن عقيل، ثمّ رُميّ به من أعلى القصر إلى الأرض

٣٧٦

فتكسرت عظامه، وضُربت عُنق هاني بن عروة في السُّوق بعد أن شد كتافاً، ثمّ جُرّا بأرجلهما في سوق الكوفة(٨٦٧) .وعبدالله بن يقطر رُميّ به من أعلى القصر فتكسرت عظامه، وبقي به رمق فذبح(٨٦٨) .

أمر عُبيد الله بن زياد أن يُرمى قيس بن مسهر الصّيداوي من فوق القصر، فرُميَّ به، فتقطع فمات(٨٦٩) .

وفيما بعد، اتُّبعت الدولة منهج السَّحق الوحشي في حق المؤمنين الثُّوار في كربلاء. فمع أنّ تعداد الجيش الحسيني محدوداً فقد جهز له الامويون جيشاً كبيراً(٨٧٠) .وكان العسكر الاموي عاتياً طاغياً لا يتورع عن فعل أي قبيح من الاعمال ولا يتردد في سفك الدماء ،ولا يتَّقي مخالفة الله تعالى في أرضه وسمائه ،فقتل يزيد الحسين وأنصاره وسبى نساءه ثمَّ قتل اهل المدينة المنورة ثم أحرق الكعبة الشريفة.وقد أرسل الامام الحسين رسائل إلى رؤساء البصرة وقاداتها والأشراف... فكُلّ من قرأ ذلك الكتاب من أشراف النّاس كتمه، غير المـُنذر بن الجارود، فإنّه خشي - بزعمه أن يكون دسيساً من قبل عُبيد الله فجاءه بالرَّسول من العشيّة الّتي يُريد صُبحيتها أن يسبق إلى الكوفة وأقرأه كتابه، فقدّم الرّسول فضرب عنقه...(٨٧١) .فخان المنذر الله سبحانه وتعالى لارضاء الطاغوت الاموي مفضلا الدنيا

٣٧٧

على الاخرة.وكان موقف شيعة أهل البيت فى البصرة واضحا فى هذا النص :

النَّص التّالي الّذي نقلهّ الطّبري عن أبي المخارق الرَّاسبي، جاء فيه :

(اجتمع ناس من الشِّيعة بالبصرة في منزل امرأة من عبد القيس يُقال لها مارية ابنة سعد - زياد أو مُنقذ - أيّاماً، وكانت تتشيّع، وكان منزلها لهم مألفاً يتحدثون فيه(٨٧٢) ، وقد بلغ ابن زياد إقبال الامام الحسين ، فكتب إلى عامله بالبصرة أن يضع المناظر ويأخذ بالطّريق ،قال : فأجمع يزيد بن نبيط الخروج، وهو من عبد القيس، إلى الامام الحسين ، وكان له بنون عشرة، فقال : أيّكم يخرج معي؟

فانتدب معه ابنان له : عُبيد الله، وعبدالله.

فقال لأصحابه في بيت تلك المرأة : إنّي قد أزمعت على الخروج وأنا خارج فقالوا له : إنّا نخاف عليك أصحاب ابن زياد...)(٨٧٣) .

وكان الخلاف بين البصريين والكوفيين بيناً فهم طالما تنازعوا مع قبائل الكوفة حول من له حقّ جباية الخراج من كُورة كذا وكورة كذا(٨٧٤) فلم يتحمسوا للمُشاركة في ثورة سيُؤدي نجاحها إلى تعزيز مركز الكوفة، أمّا إخفاقها فسيجلب الخراب إلى

٣٧٨

المدينتين ؟(٨٧٥) .أما عن الروح الجهادية فهي في الكوفة افضل وأحسن لطول مدة بقاء الامام علي في الكوفة.تمكن بها الامام من انشاء أرضية قوية للامر بالمعروف والنهي عن المنكر ،ومحاربة الطغاة المردة.لذا قال معاوية في وصيّته لابنه يزيد:

«وانظر أهل العراق، فإن سألُوك أن تعزل عنهم كُلّ يوم عاملاً فأفعل، فإنّ عزل عامل أحبّ إليّ من أن تُشهر عليك مئة ألف سيف»(٨٧٦) .

والظاهر ان العراق فى رأي معاوية هو الكوفة(٨٧٧) .

من شارك بعياله :جاءت أنصار الامام الحسين (عليه‌السلام ) غير الطالبيّين مع الامام الحسين (عليه‌السلام ) إلى الامام الحسين (عليه‌السلام )بلا عيال; لأنّ من خرج منهم معه من المدينة لم يأمن لخروجه خائفاً، ومن جاء إليه في الطريق وفي الطفّ انسلّ انسلالا من الأعداء إلّا ثلاثة نفر جاؤا إلى الامام الحسين (عليه‌السلام )بعيالهم وهم:

جنادة بن الحرث السلماني فإنّه جاء مع عياله وانضمّ إلى الامام الحسين (عليه‌السلام )وضمّ عياله إلى عيال الامام الحسين (عليه‌السلام )، فلمّا قتل أمرت زوجته ولدها عمر أن ينصر الامام الحسين (عليه‌السلام ) فأتاه يستأذنه في القتال فلم يأذن له وقال: هذا غلام قتل أبوه في المعركة ولعلّ أمّه تكره ذلك، فقال الغلام: إنّ أمي هي التي أمرتني، فأذن له.

وعبدالله بن عمير الكلبي فإنّه رحل إلى الامام الحسين (عليه‌السلام ) من بئر الجعد وأقسمت عليه امرأته أن يحملها معه فحملها وحمل جميع عياله وجاء إلى الامام الحسين (عليه‌السلام )فانضمّ إليه وضمّ عياله إلى عيال الامام الحسين (عليه‌السلام ) فلمّا خرج إلى القتال خرجت أمّه تشجّعه، ولمـّا قتل خرجت زوجته تنظر إليه فوقفت عليه وقتلت.

ومسلم بن عوسجة جاء بعياله إلى الامام الحسين (عليه‌السلام ) فانضمّ إليه، وضمّ عياله إلى عيال الامام الحسين (عليه‌السلام ) فلما قتل صاحت جارية له واسيّداه وامسلم بن

٣٧٩

عوسجتاه فعلم القوم قتله، كما عرفت في ترجمته.

بقاء عمر بن سعد على غيه :ولد سنة ٢٣ ه وهو الذي أغرى أباه بحضور التحكيم لاغتصاب السلطة من الامام علي الا انه رفض لعلمه باعراض المسلمين عنه.وكانا من رجال الحزب القرشى المخالف لاهل البيت.وقد أحبه النواصب لاعماله فوثقه الذهبي قائلا: كان ذا شجاعة واقدام قتل هو وولدا صبراً(٨٧٨) .وقال ابن عبدون :انه تابعى ثقة!!!

وسألوا ابن معين عن عمر بن سعد هل هو ثقة ؟فقال: كيف يكون من قتل الحسين ثقة(٨٧٩) .ولما أخبر الامام علي الناس بقتل عمر بن سعد للحسين كان الناس فى الكوفة يشيرون اليه عند مروره انه قاتل الحسين.وقال له علي :كيف أنت اذا قمت مقاماً تخير فيه بين الجنة والنار فتختار النار(٨٨٠) ، ولما قال الامام علي فى خلافته :سلوني قبل أن تفقدوني قال سعد بن أبى وقاص: كم شعرة فى رأسي فقال الامام علي :أما والله سألتنى عن مسألة حدثنى بها رسول الله أنك ستسألني عنها ،وما فى رأسك ولحيتك من شعرة الا وفى أصلها شيطان يلعنك وان فى بيتك سخلا يقتل ابني الحسين(٨٨١) .ثم شهد على حجر بن عدى متسبباً فى قتله.ثم بايع يزيد وراسله فى وجوب تبديل والى الكوفة الضعيف النعمان بن بشير برجل قوي يقف بوجه الامام الحسين / أنساب الاشراف ،البلاذرى ٢ / ٨٣٦.

وأفشى الوصية السرية من مسلم بن عقيل للامام الحسين فتعجب ابن زياد من غدره فقال لمسلم: لا يخونك الامين ولكن قد يؤتمن الخائن.ثم أخبره الحسين بقتله له ودعا عليه أن لا يأكل من بر العراق الا قليلا(٨٨٢) .وتآمر ابن الاشعث لتعيينه رئيساً على الكوفة بعد مقتل يزيد فثار الناس وتجمعت النساء فى مسجد الكوفة

٣٨٠