مقتل الحسين وأنصاره

مقتل الحسين وأنصاره0%

مقتل الحسين وأنصاره مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 402

مقتل الحسين وأنصاره

مؤلف: العلامة المحقق الدكتور نجاح الطائي
تصنيف:

الصفحات: 402
المشاهدات: 33291
تحميل: 2426

توضيحات:

مقتل الحسين وأنصاره
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 402 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 33291 / تحميل: 2426
الحجم الحجم الحجم
مقتل الحسين وأنصاره

مقتل الحسين وأنصاره

مؤلف:
العربية

وقال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) :من أحبَّ الحسن والحسين فقد أحبنى ومن أبغضهما فقد ابغضني(١) .وقال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) :الحسنان سيدا شباب أهل الجنة(٢) .

وقال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) :الله تعالى زيَّن الجنة بالحسنين(٣) .

وقال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : « إنّ حبّ الحسن الحسين قُذف في قلوب المؤمنين والمنافقين والكافرين ; فلا ترى لهم ذامّاً»(٤) .

الحسن والحسين من أسماء أهل الجنة قالهما النبي(٥) .

وقال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) :الحسن والحسين ريحانتاي من الدنيا(٦) .

وقال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) :اذا أردتم أن تنظروا اليَّ فانظروا الى الحسن والحسين(٧) .

وقال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) :لما أسري بي الى السماء رأيت على باب الجنة مكتوباً بالذهب: لا اله الا الله محمد حبيب الله علي ولي الله فاطمة أمة الله الحسن والحسين صفوة الله على مبغضيهم لعنة الله(٨) .

أحاديث النبي في الحسين (عليه‌السلام ):

وقال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة(٩) .

____________________

(١) - سنن ابن ماجة ١ / ٥١ ،المستدرك ،الحاكم ٣ / ١٦٦ ،مسند احمد ،٢ / ٥٦١ ،تاريخ بغداد ١ / ١٤١ ،تاريخ دمشق ٥٨.

(٢) - سنن الترمذى ٢ / ٣٠٦ ،خصائص النسائى ٥ / ١٤٩ ،مسند احمد ٣ / ٣٦٩ ،حلية الاولياء ٥ / ٧١.

(٣) - تاريخ بغداد ٢ / ٢٣٨ ،كنز العمال ٦ / ٢٢١ ،مجمع الزوائد ٩ / ١٨٤.

(٤) المناقب ، لابن شهر آشوب ٣ / ٣٨٣ ، بحار الأنوار ٤٣ / ٢٨١ / ٤٨.

(٥) - الاصابة ٨ / ١١٧ ،سنن البيهقى ٩ / ٣٠٤ ،كنز العمال ٧ / ١٠٥ ،أسد الغابة ٥ / ٤٨٣.

(٦) - سنن البخارى ٥ / ٢٢٣٤،سنن ابن ماجة ٢ / ١٢٩٣ ،سنن الترمذى ٥ / ٦١٥ ،خصائص النسائى ٥ / ١٥٠ مسند ابى داود ٨ / ٢٦٠ ،المستدرك ،الحاكم ٣ / ١٩٤.

(٧) - تفسير الفخر الرازي ٢ / ١٩٨.

(٨) - مقتل الحسين ،الخوارزمى ١ / ١٦١.

(٩) مدينة المعاجز ٤ / ٥٣.

٤١

وقال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) :اللهم احبه فإني أحبه(١) .

وقال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) عند سماعه بكاء الحسين :انَّ بكاءه يؤذيني(٢) .

وقال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : حسين مني وأنا من حسين أحبَّ الله من أحب حسيناً،حسين سبط من الاسباط(٣) .

وقال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) :الحسين احب أهل الارض الى أهل السماء(٤) .

وقال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) :انَّ ابني الحسين يُقتل بأرض كربلاء فمن شهد ذلك منكم فلينصره(٥) .

بكى النبي على مقتل الحسين وضمَّه الى صدره ،وأعطى تربة الى أم سلمة قائلا لها :اذا تحولت هذه التربة دماً فاعلمي أنَّ ابني الحسين قد قُتل(٦) .

قالت أم سلمة :سمعت الجن تنوح على الحسين(٧) .

ومن الفضائل المختصة بالحسين (عليهما‌السلام ) ولادته لستة أشهم مثل عيسى (عليهما‌السلام )(٨) .

قال جبريل للنبي :أتحبه ؟قال النبي :نعم

____________________

(١) - الاستيعاب ،١ / ٣٨٢ ،الاصابة ،ابن حجر ٢ / ١١ ،المعجم الكبير للطبراني ٣ / ٤٩ ،تاريخ دمشق ،ترجمة الامام الحسين ص ٥١، ح ٩٣.

(٢) - ترجمة الامام الحسين ،من كتاب تاريخ دمشق ص ١٣٢ ح١٧٠ ذخائر العقبى ،المحب الطبري ١٤٣.

(٣) - سنن الترمذي ٥ / ٦١٧ ح ٣٧٧٥، المستدرك ،الحاكم ٣ / ١٩٤ أسد الغابة ٢ / ٢٠ رقم ١١٧٣،مسند أحمد ٥ / ١٨٢ تاريخ دمشق ص٨٢ ،ح ١١٥.

(٤) - أسد الغابة ،٣ / ٣٥١ ،مجمع الزوائد ٩ / ١٨٦ ،تاريخ دمشق ص ١٤٨ ،كنز العمال ٦ / ٨٦ ،وقال رواه الطبرانى فى الاوسط ،الاصابة ١ / ٣٣٣ ،تهذيب التهذيب ٢ / ٣٠٠.

(٥) - الاصابة ١ / ٦٨ ،أسد الغابة ١ / ٤١٧ كنز العمال ١٢ / ١٢٦.

(٦) - سنن الترمذى ٢ / ٣٠٦ ،المستدرك ،الحاكم ٤ / ٣٩٧ ،تهذيب التهذيب ١ / ٤١٧ ،مجمع الزوائد ٩ / ١٨٩ الصواعق المحرقة ١٩٣ ،المعجم الكبير للطبرانى ٣ / ١٠٨.

(٧) - الاصابة ٢ / ١٧ ،تهذيب التهذيب ٢ / ٣٥٥ ،مجمع الهيثمى ٩ / ١٩٩ ،المعجم الكبير للطبرانى ٣ / ١٢١.

(٨) - ترجمة الامام الحسين من تاريخ دمشق ١٤ / ١٥.

٤٢

قال جبريل: أما ان أمتك ستقتله...(١) .

وقال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) :الحسين باب من أبواب الجنة من عانده حرَّم الله عليه رائحة الجنة.وقال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) :إبني الحسين يُقتل في كربلاء فمن شهده فلينصره.

الحسين فى مكة

قال ابن كثير فعكف الناس على الحسين يفدون اليه ويقدمون عليه ويجلسون حواليه ،ويستمعون كلامه ،حين سمعوا بموت معاوية وخلافة يزيد ،وأما ابن الزبير فانه لزم مصلاه عند الكعبة ،وجعل يتردد فى غضون ذلك الى الحسين ،فى جملة الناس،ولا يمكنه أن يتحرك بشيء مما فى نفسه ،مع وجود الحسين ،لما يعلم من تعظيم الناس له ،وتقديمهم اياه عليه..بل الناس انما ميلهم الى الحسين لانه السيد الاكبر ،وابن بنت رسول الله ،فليس على وجه الارض يومئذ أحد يساميه ،ولا يساويه /البداية والنهاية ٨ / ١٥١ ،الاخبار الطوال ٢٢٩.

وقال عبد الله بن عمر للحسين محذراً اياه من عداوة الامويين له وميل الناس الى الدنيا وانه سمع النبي يقول: حسين مقتول ولئن قتلوه وخذلوه ولن ينصروه يخذلهم الله يوم القيامة /الفتوح ،ابن أعثم ٥ / ٢٦.

الباب الثاني :خروج الحسين من مكة

الفصل الاول :مطالب البعض

____________________

(١) - مسند أحمد ٣ / ٢٤٢ ،ذخائر العقبى ١٤٦ ،مجمع الزوائد ٩ / ١٨٧، المعجم الكبير للطبرانى ٣ / ١٠٦،تاريخ دمشق ،ترجمة الحسين ١٦٨.

٤٣

كتاب الإمام الحسين(عليه‌السلام ) إلى أخيه محمّد بن الحنفية

قال محمّد بن الحنفيّة للحسين من جملة كلام له :

«.. تخرُج إلى مكّة فإن اطمأنت بك الدّار بها فذاك الّذي نُحبّ، وإن تكُن الأخرى خرجت إلى بلاد اليمن، فإنّهم أنصار جدّك، وأبيك، وأخيك، وهم أرق وأرأف قلوباً، وأوسع النّاس بلاداً، وأرجهُهم عُقُولاً...»(١) .

جاء في كتاب الإمام الحسين إلى أخيه محمّد بن الحنفية المريض حينها / حكاية المختار المطبوع مع كتاب اللهوف ٣٣ ،تذكرة الشهداء ٧١ :

« إنّي لم أخرّج أشرّاً، ولا بطراً، ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنّما خرجتُ لطلب الإصلاح في أمّة جدَّي، أُريد أن آمُرَ بالمعروف ،وأنهى عن المكر، فمن قبلني بقبول الحق ،فاللهُ أولى بالحقّ، ومن ردَّ عليَّ هذا أصبرُ حتَّى يحكُم اللهُ بيني وبين القوم بالحقِّ، وهو خيرُ الحاكمين»(٢) .

وكتب الحسين الى بني هاشم :أما بعد فانه من لحق بي منكم استشهد معي ومن تخلَّف لم يبلغ الفتح والسلام / بصائر الدرجات ١٠ / ٤٨١ ،البحار ٤٤ / ٣٣٠.

وأمر يزيد عمرو بن سعيد بن الاشدق بولاية موسم الحج والفتك بالحسين أينما وجد / مقتل الحسين ،المقرم ١٦٥.

نصائح ابن عباس ومحمد بن الحنفية :

سمع الامام الحسين نصيحة من عبدالله بن عبّاس في مكّة، فقد قال له عبدالله في حوار جرى بينهما: «..فإن أبيت إلّا أن تخرُج فسر إلى اليمن، فإنّ بها حصوناً وشعاباً، وهي أرض عريضة طويلة، ولأبيك فيها شيعة، وأنت عن النّاس في عُزلة»(٣) .وقال

____________________

(١) - اُنظر، مقتل الحسين للخوارزمي : ١ / ١٨٧ - ١٨٨.

(٢) - اُنظر، الفُتُوح لابن أعثم : ٥ / ٣٤، مناقب آل أبي طالب: ٣ / ٢٤١.

اُنظر، تأريخ الطّبري : ٥ / ٣٨٣ - ٣٨٤، مقتل الحسين للخوارزمي : ١ / ٢١٦. (منه(قدس‌سره )).

(٣) - اُنظر، مقتل الحسين لأبي مخنف : ٦٥، تأريخ الطّبري : ٤ / ٢٨٨، و : ٦ / ٢١٦ طبعة آخر، الكامل في التأريخ : ٤ / ١٦، الأخبار الطّوال : ٢٤٤، الفتوح لابن أعثم : ٣ / ٧٢، البدايأ والنّهاية : ٨ / ١٧٢، وقعة الطّفُ : ١٤٨ و ١٥٠، معالي السّبطين : ١ / ٢٤٦، ناسخ التواريخ : ٢ / ١٢٢، دلائل الإمامة : ٧٤، تهذيب تأريخ دمشق (ترجمة الإمام الحسين(عليه‌السلام )) : ٢٠٤، ينابيع المودّة : ٣٨٢ طبعة اسلامبول.

٤٤

ابن عباس :قال النبي :مالي وليزيد لا بارك الله فى يزيد انه يقتل ولدي الحسين / الفتوح ٥ / ٢٦.

وتلقاها من الطّرمّاح بن عديّ الطَّائي وذلك حين لقيه في عذيب الهجانات وقد جاء دليلاً لأربعة نفر من أهل الكوفة لحقوا بالامام الحسين بعد مقتل مسلم بن عقيل(١) ،واستمر اليمنيون فى مناصرة أهل البيت.

____________________

(١) - الأربعة هم : جابر بن الحارث (جُنادة بن الحارث) السّلماني، وعمرو بن خالد الصّيداوي، ومجمع ابن عبدالله العائذي، وعائذ بن مجمع. (منه(قدس‌سره )).

قال الطّرمّاح بن عدي الطّائي يا ابن بنت رسول الله أنا أخبر الطّريق، فقال الحسين : إذن سرّ بين أيدينا. قال : فسار الطّرمّاح واتّبعه الحسين هو وأصحابه، وجعل الطّرمّاح يقول:

يا ناقتي لا تجزعي من زجري

وامض بنا قبل طُلُوع الفجر

اُنظر، الفتوح لابن أعثم : ٣ / ٨٩، الإرشاد للشّيخ المفيد : ٢ / ٨١ - ٨٢ و ٢٢٣ - ٢٢٥ طبعة آخر مقتل الحسين للخوارزمي : ١ / ٢٣٣، بحار الأنوار : ٤٤ / ٣٧٨، عوالم العلوم : ١٧ / ٢٢٩، تأريخ الطّبري : ٤ / ٣٠٤، البداية والنهاية : ٨ / ١١٨، إعلام الورى : ١٣٦، ميزان الإعتدال : ١ / ١٥١، تهذيب الأسماء للنّووي : ١ / ٣٠٩، مُثير الأحزان : ٢٤.

وفي تنقيح المقال : ٢ / ١٠٩ عدّ - الشّيخ - الطّرمّاح في رجاله من أصحاب أميرالمؤمنين(عليه‌السلام )قائلاً : الطّرمّاح به عديّ رسوله إلى معاوية، وأُخرى من أصحاب الحسين(عليه‌السلام ) وهو في غاية الجلالة والنّبالة ولولا إلاّ مكالماته مع معاوية الّتي أظلمت الدُّنيا في عينه لأجلها ومُلازمته لسيّد الشُّهداء في الطّفّ إلى أن جرح وسقط بين القتلى لكفاه شرفاً وجلالة، ولا يضرّ عدم توفيقه للشّهادة لأنّه كان به رمق فأتوه قومه وحملوه وداووه فبرىء وعوفي، وكان على موالاته وإخلاصه إلى أن مات. كما يظهر شرح ذلك كلّه لمن راجع كُتب الأخبار والسّير في المقتل : ٩٠ فقد ذكر أنّه لم يشترك في كربلاء بل استأذن من الإمام(عليه‌السلام )وقال للإمام(عليه‌السلام ) : دفع الله عنك شرّ الجنّ والإنس إنّي قد امترتُ لأهلي من الكوفة ميرة ومعي نفقة فآتيهم فأضع ذلك فيهم ثُمّ أقبل إليك إن شاء الله - إلى أن قال : - وأقبلتُ في طريق بني ثُعل حتى دنوت من عذيب الهجانات استقبلني سماعة بن بدر فنعاه إليّ فرجعتُ.

اُنظر، تأريخ الطّبري : ٦ / ٢٣٠، و : ٧ / ٣٠٧ طبعة آخر، الكامل في التّأريخ : ٢ / ٥٥٤، البداية والنهاية : ٨ / ١٨٨، أعيان الشيعة : ١ / ٥٩٧، وقعة الطّف : ١٧٥، مُثير الأحزان : ٣٩، مُنتهى الآمال : ١ / ٦١١.

٤٥

«فقد خلع أهل الكوفة - بعد موت يزيد بن معاوية - ولاية بني أُميّة وإمارة ابن زياد، وأرادوا أن يُنصبوا لهم أميراً إلى أن ينظروا في أمرهم : فقال جماعة: عُمر بن سعد بن أبي وقُاص يصلح لها.

فلمّا هموا بتأميره أقبل نساء من همدان وغيرهنّ من نساء كهلان، والأنصار، وربيعة، والنّجع حتّى دخلنّ المسجد الجامع صارخات باكيات معولات يندبنّ الامام الحسين ، ويقلن أما رضي عمر بن سعد بقتل الامام الحسين حتّى أراد أن يكون أميراً علينا على الكوفة، فبكى النّاس وأعرضوا عن عمر. وكان الـمُبرّزات في ذلك نساء همدان»(١) .

وهذا يبين استمرار دعم أهل اليمن للأئمةعليهم‌السلام .

وقالوا: انّ القُوّة الّتي قبضت على مُسلم بن عقيل كانت من قيس(٢) . والدليل ما قاله الشاعر سليمان بن قتّه الُمحاربي التّابعي(٣) في رثاء الامام الحسين (عليه‌السلام ):

وإنّ قَتلى الطّفّ من آل هاشم

أذلّ رقاب الـمُسلمين فذلّت

وعند غني قطرة من دمائنا

سنُجزيهم يوماً بها حيث حلّت

____________________

(١) - اُنظر، مُرُوج الّذهب : ٣ / ٩٣. (منه(قدس‌سره )).

(٢) - اُنظر، تأريخ الطّبري : ٥ / ٣٧٣، وجاء في النّص : «... وإنّما (ابن زياد) أن يبعث معه (مع ابن الأشعث) قومه (كنده) لأنّه ق علم أنّ كلّ قوم يكرهون أن يُصادف مثل ابن عقيل) وهذا الإستنتاج من أبي مخنف يجعل اختيار الجنود من قيس ناشئاً من عوامل إدارية محضة. ونلاحظ أنّ شمر بن ذي الجوشن أحد أبرز رجال الأُمويّين في كربلاء - كان قيسيّاً. (منه(قدس‌سره )).

(٣) - سُليمان بن قتّه الُمحاربي من التّابعين، مولى ل- «تيم قُريش»، المعارف - لابن قُتيبة : ٤٨٧ ومحارب قبيلة من فهر بن مالك بن النّضر بن كنانة الّذي تنتسب إليه قبائل قريش كُلّها. ومن فهر : الضّحاك بن قيس الفهرى، زعيم القيسيّة في معركة مَرج راهط ضدّ اليمنيّة بزعامة مروان بن الحكم في الصِّراع على الخلافة بعد موت معاوية بن يزيد بن معاوية وانتهت المعركة بهزيمة القيسيّة، الّتي بايعت عبدالله بن الزُّبير بعد ذلك، ومقتل الضَّحاك بن قيس الفهري. (منه(قدس‌سره )).

٤٦

إذا افتقرت قيس جبرنا فقيرها

وتقتلنا قيس إذا النّعل زلّت(١)

فالشاعر في رثائه للحسين يذكر قيساً (قيس عيلان بن مُضر) ويذكر غنيّاً (من غطفان، من قيس عيلان) بانهما المسؤولة عن قتل الامام الحسين.

نصائح أخرى للامام الحسين (عليه‌السلام ) و من نصائح الشيعة للامام الحسين نصيحة عبدالله بن مُطيع(٢) العدوي له بألاّ يعرض لبني أُميّة : «قال له : ما جاء بك يا بن رسول الله ؟ قال :قاصداً الكوفة.

فقال له : ألم أتقدّم إليك بالقول ؟ ! ألم أنهك عن المسير إلى هذا الوجه يا ابن رسول الله ؟! اُذكّرك الله تعالى في حُرمة الإسلام أن تُنتهك أنشدك الله تعالى في حُرمة قريش، وذمّة العرب، والله لئن طلبت ما في أيدي بني اُميّة ليقتلنّك، ولئن قتلُوك لا يهابوا بعدك أحداً أبداً، والله إنّها لحُرمة الإسلام تُنتهك، وحرمة قريش،وحرمة العرب، فالله الله لا تفعل ولا تأت الكوفة، ولا تُعرِّض نفسك لبني أميّة، فأبى أن يمضي إلّا في جهته(٣) .

____________________

(١) - اُنظر، الكامل، للمُبرّد (أبو العبّاس محمّد بن يزيد) : تحقّيق محمّد أبو الفضل إبراهيم، والسيّد شحاتة مطبعة نهضة مصر، غير مُؤرّخة : ١ / ٢٢٣. (منه(قدس‌سره )). واُنظر، مقاتل الطّالبيّن : ٥٧ و ٨١، مناقب آل أبي طالب : ٣ / ٢٦٣، مروج الذّهب : ٣ / ٧٤، نُظم دُرّر السّمطين : ٢٢٦، مقتل الحسين لأبي مخنف : ١٧٤ و ٢٣٧، التّأريخ الكبير : ٤ / ٣٢، سير أعلام النُّبلاء : ٣ / ٣١٨، تأريخ دمشق : ١٤ / ٢٥٩، تهذيب الكمال : ٦ / ٤٤٧، البداية والنّهاية : ٨ / ٢٣٠، ترجمة الإمام الحسين لابن عساكر : ٣٣١ و ٤٥٠.

(٢) - هو عبدالله بن مُطيع بن الأسود العدوي، وأمّه يُقال لها العجماء بنت عامر بن الفضل بن عفيف بن كُليب الخُزاعيّة. اُنظر، ترجمته في الفتوح لابن أعثم : ٣ / ١٦، نسب قُريش للزُّبيدي : ٣٨٤، الإصابة : ٧ / ٣٤، الإمامة والسِّياسة : ١ / ٢٢٩، الكامل في التّأريخ : ٢ / ٥٦٩، الأخبار الطّوال : ٢٦٥، المعارف لابن قُتيبة : ٣٩٥.

(٣) - اُنظر، تأريخ الطّبري : ٦ / ٢٢٤، و ٣ / ٣٠١ طبعة آخر، الإرشاد للشّيخ المُفيد : ٢ / ٧١ - ٧٢، أنساب الأشراف :١٥٥، الأخبار الطّوال : ٢٤٦، بحار الأنوار : ٤٤ / ٣٧٠، عوالم العلوم : ١٧ / ٢٢١، أعيان الشِّيعة : ١ / ٥٩٤، وقعة الطّفّ : ١٦٠، مقتل الحسين لأبي مخنف : ٧٢ - ٧٣، البداية والنّهاية : ٨ / ١٦٨، الفُصُول المهمّة لابن

٤٧

الفصل الثاني :التحرك نحو كربلاء

الخروج من مكة :

مرَّت على الامام الحسين أيام صعبة وهو في المدينة ومكة يُطارَد من قبل النظام اليزيدي لا مكان عنده يذهب اليه ،ولا عشيرة قوية يركن اليها فكان مثل النبي موسى الملاحق من قبل فرعون.

وكان الحكم الفاسد يخيره بين البيعة ليزيد والقتل، واحلاهما مر.

وكان المناصرون له في مكة أهل الحجاز والبصرة(١) اضافة الى أهل بيته ومواليه ،ذكرهم أبو مخنف قائلا:

«... لـمَّا خرج الامام الحسين من مكّة اعترضه رسل عمرو بن سعيد بن العاص عليهم يحيى بن سعيد، فقالوا له : إنصرف أين تذهب ! فأبى عليهم ومضى، وتدافع الفريقان، فاضطربوا بالسِّياط، ثُمَّ إنَّ الامام الحسين وأصحابه إمتنعوا إمتناعاً قوياً، ومضى الامام الحسين (عليه‌السلام ) على وجهه»(٢) .

وقال الخوارزمي :

«... وفصل من مكّة يوم الثلاثاء، يوم التَّروية، لثمان(٣) مضين من ذي الحجّة ومعه إثنان وثمانون رجلاً من شيعته، ومواليه، وأهل بيته»(٤) .

____________________

(١) - اُنظر، تأريخ الطّبري : ٦ / ٢٢٤، و ٣ / ٣٠١ طبعة آخر، الإرشاد للشّيخ المُفيد : ٢ / ٧١ - ٧٢،

أنساب الأشراف :١٥٥، الأخبار الطّوال : ٢٤٦، بحار الأنوار : ٤٤ / ٣٧٠، عوالم العلوم : ١٧ / ٢٢١، أعيان الشِّيعة : ١ / ٥٩٤، وقعة الطّفّ : ١٦٠، مقتل الحسين لأبي مخنف : ٧٢ - ٧٣، البداية والنّهاية : ٨ / ١٦٨، الفُصُول المهمّة لابن الصّباغ المالكي : ٢ / ١٢٧، بتحقِّيقنا.

(٢) - اُنظر، الإرشاد، الشَّيخ المُفيد : ٢١٨ و : ٢ / ٦٦.

(٣) - اُنظر، تأريخ الطّبري : ٥ / ٣٨٥. (منه(قدس‌سره )). و : ٤ / ٢٨٩، الفُتُوح لابن أعثم : ٣ / ٧٥، تهذيب التَّهذيب : ٤ / ٤٩، مقتل الحُسين لأبي مخنف : ٦٧.

(٤) - مقتل الحُسين، الخوارزمي : ١ / ٢٢٠، ذكر بعضهم هذا العدد عن الخوارزمي على أنّه أحد الأقوال في عدد أصحاب الحُسين في كربلاء. ونُلاحظ أنّ هذا العدد هو لمن صحب الحُسين عند=

٤٨

وهذا هو العدد المحتمل للانصار أثناء خروجهم من مكة(١) .

وقال الدِّينوري: «... ولـمّا خرج الامام الحسين إعترضه صاحب شرطة أميرها عمرو بن سعيد بن العاص في جماعة من الجُند، فقال : إنّ الأمير يأمُرك بالإنصراف، فانصرف، وإلّا منعتك، فامتنع الامام الحسين ، وتدافع الفريقان، واضطربوا بالسِّياط. وبلغ ذلك عمرو بن سعيد، فخاف أن يتفاقم الأمر، فأرسل إلى صاحب شرطته يأمره بالإنصراف»(٢) .

مسيرة الامام الحسين (عليه‌السلام ) نحو كربلاء

وسار الامام الحسين نحو كربلاء ، فمانعه ابن عبّاس وابن الحنفية وابن

الزبير فلم يمتنع، ومرّ بالتنعيم(٣) فمانعه ابن عمر وكان على ماء فلم يمتنع، ومرّ بوادي العقيق(٤) ثمّ سار منه فأرسل إليه عبدالله بن جعفر ابنيه محمداً وعوناً وكتب إليه بالرجوع فلم يمتنع، وسار مغذاً(٥) لا يلوي على شيء حتّى نزل ذات عرق(٦) فتبعه

____________________

=خروجه من مكّة، وليس من الـمُؤكّد أنّه بقي ثابتاً إلى اليوم العاشر من الُمحرّم. وذكر المجلسي (بحار الأنوار : ٤٤ / ٣١٣) نقلاً عن أمالي الصِّدوق أنّ الحسين (سار في أحد وعشرين من أصحابه وأهل بيته) ولا يُمكن أن نقبل هذه الرّواية. لأنّ طبيعة الأشياء تقضي برفضها، ولأنَّ الثّابت أنّ عدد بني هاشم وحدهم يبلُغ هذا المقدار أو يتجاوزه. (منه(قدس‌سره )).

(١) - اُالإمامة والسِّياسة: ٢ / ٦،نظر تأريخ الطّبري : ٥ / ٢٤٩،الفُتُوح لابن أعثم : ٥ / ١٢٠ طبعة الهند مُصورة، تأريخ دمشق : ١٤ / ٢١٢، البداية والنّهاية : ٦ / ٢٥٩ و : ٨ / ١٧٨، الكامل في التَّأريخ : ٢ / ٥٤٧، كشف الغُمّة : ٢ / ٢٥٣.

(٢) - اُنظر، الأخبار الطّوال : ٢٤٤، البداية والنهاية : ٨ / ١٧٩.

(٣) - موضع على أربعة فراسخ من مكة في الحل.

(٤) - موضع عند المدينة وفيه أرض لابن الزبير ولغيره.

(٥) - مسرعاً، من أعذ بالسير إذا أسرع.

(٦) - بكسر العين - موضع يتصل بعرق وهو جبل حاجز بين تهامة ونجد.

٤٩

منها رجال، ثمّ نزل الحاجر من بطن الرمة(١) فبعث قيساً إلى مسلم بكتاب يخبر به أهل الكوفة عن قدومه، ثمّ سار فمرّ بالثعلبيّة(٢) فزرود(٣) ، فبلغه خبر مسلم وهاني وقيس، ثمّ سار فمرّ بزبالة(٤) فاُخبر بعبدالله ابن يقطر، فخطب أصحابه وأعلمهم بما كان من أمر مسلم وهاني وقيس وعبدالله، وأذن لهم بالانصراف، فتفرّق الناس عنه يميناً وشمالاً إلّا من كان من أهل بيته وصفوته.

وكان من عادة أهل الدنيا اخفاء مثل هذه الاخبار عن أنصارهم خوف تفرقهم عنه الا أن الحسين أخبرهم كي ينتخبوا طريقهم بدقة واختيار كامل.

فالدين ليس فيه ختل وغدر وغش وخداع بل هو طريق واضح ينتهي في جنان الله تعالى.

الفصل الثالث: سفارة مسلم بن عقيل

مسلم بن عقيل بن أبي طالب

أمه أم ولد تسمى عُلَيّة(٥) ، اشتراها عقيل من الشام.

روى المدائني قائلا: قال معاوية بن أبي سفيان لعقيل بن أبي طالب يوماً:

هل من حاجة فأقضيها لك ؟

قال: نعم، جارية عُرِضت عليّ وأبى صاحبها أن يبيعها إلّا بأربعين ألفا

____________________

(١) - الحاجر - بالحاء المهملة والجيم والراء المهملة - موضع وأصله ما أمسك شفة الوادي، والرُمّة - بضم الراء المهملة والتشديد وقد يخفّف - واد متّسع في طريق مكّة تنزل بطنه بنو كلاب فبنو عبس فبنو أسد.

(٢) - بالثاء المثلثة والعين المهملة والباء المفردة والياء المثناة تحت - موضع في طريق مكّة يقال له ثلثا الطريق من الكوفة.

(٣) - موضع عند الثعلبية، بينها وبين الخزيميّة.

(٤) - بضم الزاء المعجمة - موضع عند الثعلبيّة، أيضاً بينها وبين الشقوق.

(٥) - بضمّ العين وفتح اللام وتشديد الياء المثنّاة تحت.

٥٠

فأحبّ معاوية أن يمازحه فقال: وما تصنع بجارية قيمتها أربعون ألفاً وأنت أعمى تجتزي بجارية قيمتها أربعون درهماً ؟

قال: أرجو أن أطأها فتلد لي غلاماً إذا أغضبته ضرب عنقك بالسيف.

فضحك معاوية وقال: مازحناك يا أبا يزيد، وأمر فابتيعت له الجارية التي أولد منها مسلماً.

فلمّا أتت على مسلم سنون وقد مات أبوه عقيل، قال مسلم لمعاوية: إنّ لي أرضاً بمكان كذا من المدينة وقد أُعطيت بها مائة ألف وقد أحببت أن أبيعك إيّاها فادفع لي ثمنها. فأمر معاوية بقبض الأرض ودفع الثمن إليه.

فبلغ ذلك الامام الحسين (عليه‌السلام ) فكتب إلى معاوية:

أمّا بعد; فإنّك غررت غلاماً من بني هاشم فابتعت منه أرضاً لا يملكها، فاقبض منه ما دفعته إليه واردد إلينا أرضنا.

فبعث معاوية إلى مسلم فأقرأه كتاب الامام الحسين (عليه‌السلام ) وقال له: أردد علينا ما لنا وخذ أرضك فإنّك بعت ما لا تملك.

فقال مسلم: أمّا دون أن أضرب رأسك بالسيف فلا.

فاستلقى معاوية ضاحكاً يضرب برجليه ويقول له: يا بني هذا والله ما قاله

لي أبوك حتى ابتاع أمّك، ثمّ كتب إلى الامام الحسين (عليه‌السلام ) :

أن قد رددت أرضكم وسوّغت مسلماً ما أخذ.

مسلم سفير الحسين (عليه‌السلام )

وروى أبو مخنف وغيره أنّ أهل الكوفة حينما كتبوا إلى الامام الحسين ، دعا مسلماً فسرّحه مع قيس بن مسهّر وعبدالرحمن بن عبدالله وجماعة من الرسل

٥١

فأمره بتقوى الله وكتمان أمره واللطف فإن رأى الناس مجتمعين عجّل إليه بذلك، وكتب إليهم.أما بعد; فقد أرسلت إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل وأمرته أن يكتب لي إن رآكم مجتمعين، فلعمري ما الإمام إلّا من قام بالحقّ، وما يشاكل هذا.

فخرج من مكّة في أواخر شهر رمضان، وأتى المدينة فصلى في مسجد رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وودّع أهله وخرج فاستأجر دليلين من قيس، فجارا عن الطريق واشتدّ عليهم العطش فلم يلبثا أن ماتا، وأقبل مسلم ومن معه حتى انتهوا إلى الماء وقد أشار الدليلان إليها عليه، فكتب مسلم مع قيس إلى الامام الحسين (عليه‌السلام ) من المضيق من بطن خبت: أما بعد; فإنّي خرجت من المدينة ومعي دليلان فجارا عن الطريق وعطشنا فلم يلبثا أن ماتا، وانتهينا إلى الماء فلم ننج إلّا بحشاشة أنفسنا، وقد تطيّرت من وجهي هذا.فكتب إليه الامام الحسين (عليه‌السلام ): أمّا بعد; فقد خشيت أن يكون حملك على هذا غير ما تذكر، فامض لوجهك الذي وجّهتك له، والسلام.

فسار مسلم حتى مرّ بماء لطيء فنزل ثمّ ارتحل فإذا رجل قد رمضى ظبياً حتى أشرف له، فصرعه، فقال مسلم: يُقتَل عدوّنا إن شاء الله.

دخول مسلم الكوفة

وأقبل مسلم حتى دخل الكوفة فنزل دار المختار بن أبي عبيدة، فحضرته الشيعة واجتمعت له، فقرأ عليهم كتاب الامام الحسين (عليه‌السلام ) الذي أجابهم به، فأخذوا يبكون، وخطبت بمحضره خطباؤهم كعابس الشاكري وحبيب الأسدي، فبلغ ذلك النعمان بن بشير الأنصاري - وكان عامل يزيد عى الكوفة - فخرج وخطب الناس وتوعّدهم ولان في كلامه.

فقام إليه عبدالله بن مسلم بن سعيد الحضرمي حليف بني أميّة فأنّبه، وخرج

٥٢

فكتب هو وعمارة بن عقبة إلى يزيد بأمر النعمان، وأنّه ضعيف أو يتضاعف، وأخذ الناس يبايعون مسلماً حتى انتهى ديوانه إلى ثمانية عشر ألف مبايع أو أكثر، فكتب إلى الامام الحسين (عليه‌السلام ) بذلك مع عابس بن أبي شبيب الشاكري وسأله الإعجال بالقدوم عليه لاشتياق الناس إليه.

ولـمّا بلغ ذلك يزيد استشار ذويه فيمن يولّيه فأشار عليه سرجون مولى أبيه بعبيدالله بن زياد طبقاً لما عهد به إليه أبوه ، فولّاه وكتب إليه بولاية المصرين مع مسلم بن عمرو الباهلي، فسار مسلم حتى ورد البصرة وقد كان الامام الحسين (عليه‌السلام )كتب إلى أهل البصرة مع مولاه سليمان، فصلبه عبيدالله وتهدّد الناس، وخلّف مكانه أخاه عثمان وخرج إلى الكوفة، وأخرج معه شريك بن الأعور ومسلم بن عمرو وجماعة من خاصّته، فساروا، فجعل شريك يتساقط(١) في الطريق ليعرج على شريك كلّما سقط كما زعم، فدخل الكوفة قبل أصحابه، فظنّ الناس أنّه الامام الحسين (عليه‌السلام )لتشبّهه به لباساً وتلثّمه، فدخل القصر والنعمان يظنّه الامام الحسين ، والناس تقول له: مرحباً يابن رسول الله، وتتبعه، فسدّ النعمان باب

القصر فصاح به: افتح لا فتحت، فعرفه وفتح الباب وعرف الناس كلمة عبيدالله، فانكفأ وانكفّوا، وبات مسلم والناس حوله.

فلمّا أصبح دخل شريك الكوفة فنزل على هاني بن عروة فزاره مسلم وعاده، فقال لمسلم: أرأيت لو عادني عبيدالله أكنت قاتله ؟

قال: نعم. فبقي عند هاني. وأصبح عبيدالله فبعث عيناً له من مواليه يتوصّل إلى مسلم، وعاد عبيد الله بن زياد شريك بن الأعور فلم يحبّ مسلم قتله حتى ظهر من تلويحات شريك لعبيدالله فنهض ومات شريك، وأخبره عينه أنّ مسلماً عند هاني،

____________________

(١) - أي يقيم المكان بعد المكان من المرض.

٥٣

فبعث على هاني وحبسه.

أقول: أنا أستبعد قول مسلم لشريك نعم ان جاء عبيد الله بن زياد اليه عائداً، وفي منزل هاني ضيفاً ،أن يقتله ،لان مسلماً لا يكذب.

لكن شريكاً طلب من مسلم بن عقيل أن يقتل عبيد الله فامتنع عن الغدر به لانه ضيف جاء لعيادة مريض وليس من شيم المتقين الاقدام على قتل الضيوف.

فجمع مسلم أصحابه وعقد لعبيدالله بن عمرو بن عزيز الكندي على ربع كندة وربيعة، وقال له: سر أمامي في الخيل، وعقد لمسلم بن عوسجة على ربع مذحج وأسد وقال: إنزل في الرجال، وعقد لأبي ثمامة الصائدي على ربع تميم وهمدان، وعقد للعباس بن جعدة الجدلي على ربع المدينة، ثمّ أقبل نحو القصر فأحاطوا به حتى أمر عبيدالله بسدّ الأبواب، فأشرف من القصر أشراف الكوفة يخذّلون الناس بالترغيب والترهيب، وخاف عبيد الله من مواجهة مسلم ومحاربته /تاريخ الطبرى ٣ / ٢٨٧.فما أمسى المساء إلّا وقد انفضّ الجمع من حول مسلم، وخرج شبث بن ربعي والقعقاع(١) بن شور الذهلي وحجّار بن أبجر العجلي وشمر بن ذي الجوشن الكلابي يخذّلون الناس، وخرج كثير بن شهاب بن الحصين الحارثي في عدد للقبض على من رآه يريد مسلماً، فقبض على جماعة فحبسهم عبيدالله /راجع تاريخ الطبرى ٣ / ٢٨٧.

وأمر عبيد الله بمراقبة الطرق والاحياء بحثاً عن مسلم /الارشاد ،المفيد ٢١٣ ،الاخبار الطوال ٢٤٠.وأوقف حركة العساكر الى الثغور وبعثها لمحاربة الحسين / تاريخ

____________________

(١) - بالقاف المفتوحة والعين المهملة الساكنة والقاف والعين بينهما ألف - ابن شور - بالشين المضمومة والراء المهملة - له شرف وسمعة، ويضرب به المثل في المجالسة فيقال: جليس القعقاع بن شور; لأنّه دخل مجلس معاوية وقد ضاق فقام رجل وأعطاه مكانه فجلس فيه، ثمّ أمر له معاوية بشيء، فقال: أين من قام عن مجلسه لي؟ فقال: ها أنا ذا. فقال: خذ ما نلته بمكانك مكافاة لقيامك.

٥٤

دمشق ،ابن عساكر ١٤ / ٢١٥.

ثمّ إنّ مسلماً خرج من المسجد منفرداً لا يدري أين يتوجّه، فمرّ بدار امرأة يقال لها طوعة كانت تحت الأشعث بن قيس ثمّ تزوّجها أسيد الحضرمي فولدت منه بلالا، ومات أسيد عنها، فاستسقاها مسلم ، فسقته وشرب فوقف، فقالت له:

ما وقوفك ؟ فاستضافها، فأضافته وعرفته فأخفته ببيت لها، فاسترابها بلال ابنها بكثرة الدخول والخروج لذلك البيت، فاستخبرها، فما كادت تخبره حتى استحلفته وأخبرته، فخرج صبحاً للقصر فرأى ابن زياد وعنده أشراف الناس وهو يتفحّص عن مسلم، فأسرّ لمحمد بن الأشعث بخبره، فقال ابن زياد؟

وما قال لك ؟ فأخبره، فنخسه بالقضيب في جنبه ثمّ قال:

قم فائتني به الساعة، فخرج ومعه عمرو بن عبيدالله بن العباس السلمي في جماعة من قيس حتى أتوا الدار.

فسمع مسلم حوافر الخيل فخرج وبيده سيفه فقاتل القوم قتالا شديداً، وكان أيّداً، ربّما أخذ الرجل ورمى به على السطح، فجعلوا يوقدون أطناب القصب

ويرمونها عليه ويرضخونه بالحجارة من السطوح، وهو لا يزال يضرب فيهم بسيفه ويقول في خلال ذلك متحمّساً؟

أقسمت لا أُقتل إلّا حرّاً

وإن رأيت الموت شيئاً نكرا

كلّ امرء يوماً ملاق شرّا

أو يخلط البارد سخناً مرّا

ردّ شعاع النفس(١) فاستقرّا

أخاف أن اُكذب أو اُغرّا

____________________

(١) - الشعاع المتفّرق من الشيء تفرّقاً دقيقاً، يقال: مارت نفسه شعاعاً أي تفرّقت من الخوف. قال الشاعر:

أقول لها وقد طارت شعاعا من الأبطال ويحك لا تراعي

فالمعنى في الرجز أنّ النفس استقرّت بعد ما تفرّقت. ويمضي في الجملة الكتاب شعاع=

٥٥

ثمّ اختلف هو وبكير بن حمران الأحمري بضربتين، فضرب بكير فمّ مسلم فقطع شفته العليا، وأسرع السيف في السفلى، ونصلت لها ثنيتان، فضربه مسلم ضربة منكرة في رأسه وثنّى بأخرى على حبل عاتقه كادت تأتي على جوفه، فاستنقذه أصحابه.وعاد مسلم ينشد شعره. فقال له محمد بن الأشعث: لك الأمان يا فتى لا تقتل نفسك، إنّك لا تكذب ولا تخدع ولا تغرّ، إنّ القوم بنو عمّك وليسوا بقاتليك ولا ضاربيك.

فلمّا رأى مسلم أنّه قد أُثخن بالحجارة وأُضربت به أطنان(١) القصب المحرق وإنّه قد انبهر، أسند ظهره إلى جنب تلك الدار، فكرّر عليه محمد الأمان ودنا منه، فقال: آمن آنا؟ قال: نعم، وصاح القوم أنت آمن سوى عمرو بن عبيدالله بن العباس السلمي فإنّه قال: لا ناقة لي في هذا ولا جمل، وتنحّى.

فقال مسلم: أما لو لم تؤمنوني ما وضعت يدي في أيديكم، ثمّ أُتي ببغلة فحمل عليها وطافوا حوله فانتزعوا سيفه من عنقه، فكأنّه أيس من نفسه، فدمعت عيناه وقال: هذا أوّل الغدر.

فقال محمد: أرجو أن لا يكون عليك بأس.

فقال: ما هو إلّا الرجاء، أين أمانكم؟ إنّا لله وإنّا إليه راجعون، وبكى.

فقال عمرو السلمي: إنّ من يطلب مثل الذي تطلب إذا نزل به مثل الذي نزل بك لم يبك.

فقال: إنّي والله ما لنفسي أبكي ولا لها من القتل أرثي، وإن كنت لم أُحبّ لها طلافة عين تلفاً، ولكن أبكي لأهلي المقبلين إليّ، أبكي لحسين وآل حسين.

____________________

=الشمس وهو غلط وتصحيف صحّفه من لم يفهم شعاع النفس فرأى أنّ الشعاع بالشمس أليق.

(١) - جمع طن وهو الحزمة من القصب.

٥٦

ثمّ قال لمحمد بن الأشعث:

يا عبدالله إنّي أراك ستعجز عن أماني، فهل عندك خير، أتستطيع أن تبعث من عندك رجلا على لساني يبلّغ حسيناً فإنّي لا أراه إلاّ قد خرج إليكم اليوم مقبلا أو هو خارج غداً وأهل بيته معه، وإنّ ما ترى من جزعي لذلك، فيقول: إنّ مسلماً بعثني إليك وهو في أيدي القوم أسير، لا يرى أن يمسي حتى يقتل، وهو يقول: إرجع بأهل بيتك ولا يغرّك أهل الكوفة فإنّهم أصحاب أبيك الذي كان يتمنّى فراقهم بالموت أو القتل، إنّ أهل الكوفة كذّبوك وكذّبوني، وليس لمكذوب رأي.

فقال محمد: والله لأفعلنّ ولأعلمنّ ابن زياد أنّي قد آمنتك.

قال جعفر بن حذيفة الطائي: فبعث محمد أياس بن العتل الطائي من بني مالك بن عمرو بن ثمامة وزوّده وجهّزه ومتّع عياله وأرسله للحسين، فاستقبله بزبالة لأربع ليالي بقين من الشهر، وكان عبيدالله بن زياد بعث رئيس الشرطة الحصين بن تميم التميمي في نحو من ألفي فارس فأطافوا بالطفّ ونظّموا المسالح ومنعوا الداخل والخارج فهم على خطّ واحد فلم تحصل له فرصة إلى

ذلك الزمن(١) .

إجبار ابن زياد الناس بمحاربة الحسين (عليه‌السلام )

اعتمد الامويون على القوة والقهر والشدة فى احضار الناس الى الحروب مثلما كان أجدادهم فى الجاهلية وسار على هذا المنهج معاوية ويزيد ،فنادى منادي ابن زياد في الكوفة:

ألا برئت الذمّة ممّن وجد في الكوفة لم يخرج لحرب الامام الحسين (عليه‌السلام ). فرئي رجل غريب فاُحضر عند ابن زياد، فسأله، فقال:

____________________

(١) - راجع ابصار العين ومقتل المقرم.

٥٧

إنّي رجل من أهل الشام جئت لدين لي في ذمّة رجل من أهل العراق، فقال ابن زياد: اُقتلوه ففي قتله تأديب لمن لم يخرج بعد ! فقتل.

وكان عمر بن سعد أراد الموادعة فسأل الامام الحسين (عليه‌السلام ) عمّا أتى به، فأخبره وخيّره بين الرجوع إلى مكة واللحوق ببعض الشعاب النائية والجبال القاصية، فكتب بذلك إلى ابن زياد، فأجابه بالتهديد والإيعاد وباعتزال العمل وتوليته لشمِر بن ذي الجوشن(١) إن لم ينازل الامام الحسين (عليه‌السلام )أو يستنزله على حكمه، فوصل الكتاب إلى عمر بن سعد في اليوم السادس من المحرّم وقد تكامل عنده من الرجال عشرون ألفاً، فقطع المراسلات بينه وبين الامام الحسين وضيّق عليه ومنع عليه ورود الماء، وطلب منه إحدى الحالتين: النزول أو المنازلة.

فجعل يتسلّل إلى الامام الحسين من أصحاب عمر بن سعد في ظلام الليل الواحد والإثنان حتّى بلغوا في اليوم العاشر زهاء ثلاثين ممّن هداهم الله إلى السعادة ووفّقهم للشهادة.

ثمّ إنّ الامام الحسين (عليه‌السلام ) عطش في اليوم الثامن فأرسل أخاه العباس في عشرين فارساً ومثلهم راجلاً فأزالوا الحرس عن المراصد وشربوا وملأوا قربهم ورجعوا، ثمّ أتى أمرٌ من عبيدالله إلى عمر بن سعد يستحثّه على المنازلة، فركبوا خيولهم واحاطوا بالامام الحسين (عليه‌السلام ) وأهل بيته وأصحابه، فأرسل الامام الحسين(عليه‌السلام ) أخاه العباس ومعه جملة من أصحابه وقال: سلهم التأجيل إلى غد إن استطعت، وكان ذلك اليوم تاسع محرّم، فأجّلوه بعد مؤامرة بينهم وملاومة.

____________________

(١) - بفتح الشين وكسر الجيم - ويجري على الألسن ويمضي في الشعر الحديث كسر السين وسكون الميم، وهو خلاف المضبوط، وذوالجوشن أبوه واسمه شراحيل بن الأعور قرط بن عمرو بن معاوية بن كلاب الكلابي الضبابي، وهو قاتل الحسين، وكان أبرص خارجيّاً.

٥٨

القاء ابن زياد القبض على مسلم

قال أبو مخنف: ثمّ أقبل محمد بن الأشعث بمسلم إلى باب القصر، فاستأذن، فأذن له، فأخبر عبيدالله بخبر مسلم وضرب بكير إيّاه، فقال: بعداً له، فأخبره بأمانه، فقال: ما أرسلناك لتؤمنه إنّما أرسلناك لتأتي به، فسكت. وانتهى مسلم إلى باب القصر وهو عطشان، وعلى باب القصر أُناس ينتظرون الإذن منهم عمارة بن عقبة بن أبي معيط وعمرو بن حريث ومسلم بن عمرو الباهلي وكثير بن شهاب، فاستسقى مسلم وقد رأى قلّة(١) موضوعة على الباب.

فقال مسلم الباهلي: أتراها ما أبردها لا والله لا تذوق منها قطرة حتى تذوق الحميم في نار جهنّم.

فقال له: ويحك من أنت ؟

قال: أنا من عرف الحقّ إذ أنكرته، ونصح لإمامه إذ غششته، وسمع وأطاع إذ عصيته وخالفته، أنا مسلم بن عمرو الباهلي.

فقال: لأمّك الثكل، ما أجفاك وما أفظّك وأقسى قلبك وأغلظك، أنت يا بن باهلة أولى بالحميم والخلود في نار جهنّم منّي، ثمّ تساند وجلس إلى الحائط.

فبعث عمرو بن حريث مولاه سليمان فجاءه بقلّة، وبعث عمارة غلامه قيساً فجاءه بقلة عليها منديل فصبّ له ماء بقدح، فكلّما شرب امتلأ القدح دماً من فمه حتى إذا كانت الثلاثة سقطت ثنيتاه في القدح، فقال: الحمد لله، لو كان من الرزق المقسوم لشربته.

ثمّ أُدخل مسلم، فلم يسلّم بالإمرة على عبيدالله، فاعترضه الحرس بذلك فقال عبيدالله: دعه فإنّه مقتول.

____________________

(١) - بالضمّ - إناء للماء كالكوز الصغير.

٥٩

فقال له مسلم: أكذلك ؟

قال: نعم.

قال: فدعني أوصي إلى بعض قومي. فنظر إلى جلساء عبيدالله فإذا عمر بن سعد فيهم، فقال: يا عمر إنّ بيني وبينك قرابة ولي إليك حاجة، وقد يجب عليك نجح حاجتي وهو سرّ، فأبى أن يمكّنه من ذكرها، فقال له عبيدالله: لا تمتنع أن تنظر في حاجة ابن عمّك. فقام معه وجلس بحيث ينظر إليه ابن زياد، فقال: إنّ عليَّ بالكوفة ديناً استدنته منذ قدمت الكوفة سبعمائة درهم فاقضها عنّي ببيع لامتي، واستوهب جثّتي من ابن زياد فوارها، وابعث إلى الامام الحسين (عليه‌السلام ) من يردّه فإنّي كتبت إليه أُعلمه أنّ الناس معه ولا أراه إلّا مقبلا.

فقال عمر لابن زياد: أتدري ما قال لي، إنّه قال كذا وكذا.

فقال ابن زياد: ما خانك الأمين ولكن ائتمنت الخائن، أمّا ماله فهو لك فاصنع به ما شئت، وأمّا جثّته فلن نبالي إذا قتلناه ما يصنع بها، أو قال: فلن نشفّعك فيها فإنّه ليس بأهل منّا لذلك قد جاهدنا وجهد على هلاكنا، وأمّا حسين فإن لم يُرِدنا لم نُرده وإن أرادنا لم نكفّ عنه، ثمّ قال: إيه(١) يابن عقيل أتيت الناس وأمرهم جمع وكلمتهم واحدة لتشتّتهم وتحمل بعضهم على بعض؟

قال: كلاّ ما أتيت لذلك ولكن أهل المصر زعموا أنّ أباك قتل خيارهم، وسفك دمائهم وعمل فيهم أعمال كسرى وقيصر فأتيناهم لنأمر بالعدل وندعوا إلى حكم الكتاب.

قال: وما أنت وذاك يا فاسق، أولم نكن نعمل بذاك فيهم إذ أنت بالمدينة تشرب

____________________

(١) - بكسر الهمزة والهاء تنوّن ولا تنوّن; فإن نوّنت الهاء كانت الكلمة استنطاق، وإن سكّنت الهاء كانت كلّمة استكفاف - فمعنى الأولى تكلّلم ومعنى الثانية أسكت.

٦٠