مقتل الحسين للخوارزمى الجزء ١

مقتل الحسين للخوارزمى0%

مقتل الحسين للخوارزمى مؤلف:
المحقق: الشيخ محمد السماوي
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
ISBN: 964-6223-01-X
الصفحات: 360

مقتل الحسين للخوارزمى

مؤلف: الموفق بن أحمد بن محمّد المكي الخوارزمي
المحقق: الشيخ محمد السماوي
تصنيف:

ISBN: 964-6223-01-X
الصفحات: 360
المشاهدات: 15048
تحميل: 2068


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 360 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 15048 / تحميل: 2068
الحجم الحجم الحجم
مقتل الحسين للخوارزمى

مقتل الحسين للخوارزمى الجزء 1

مؤلف:
ISBN: 964-6223-01-X
العربية

الفصل الثانى

في فضائل خديجة بنت خويلد

٤١
٤٢

١ ـ أخبرنا الإمام مجد الدّين أبو الفتوح محمّد بن محمّد الطائي ـ فيما كتبه إليّ من همدان ـ ، أنبأني شيخ القضاة أبو عليّ إسماعيل بن أحمد البيهقي ـ بباب المدينة بمرو ـ ، أخبرنا والدي شيخ السنّة أبو بكر أحمد بن الحسين ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو العبّاس أحمد ، أخبرنا يونس ، عن ابن إسحاق ، حدّثني إسماعيل بن أبي الحكم ـ مولى الزبير ـ أنّه حدّث عن خديجة بنت خويلد ، أنّها قالت لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيما يثبته ممّا أكرمهالله به من نبوته : يا بن عم! تستطيع أن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذا جاءك؟ قال : «نعم» ، قالت : إذا جاءك فأخبرني ، فبينما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عندها إذ جاء جبرائيلعليه‌السلام فرآه رسول الله فقال : «يا خديجة! هذا جبرائيل» ، قالت : أتراه الآن؟ فقال : «نعم» ، قالت : فاجلس الى شقي الأيمن فتحول فجلس فقالت : أتراه الآن؟ قال : «نعم» قالت : فتحول فاجلس في حجري ، فتحول فجلس فقالت : أتراه الآن؟ قال : «نعم» ، فحسرت عن رأسها وألقت خمارها ، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جالس في حجرها ،

٤٣

فقالت : هل تراه الآن؟ قال : «لا».

قالت : ما هذا بشيطان! إن هذا لملك ، يا بن عم! فاثبت وابشر ، ثمّ آمنت به وشهدت أنّ الذي جاء به الحق.

٢ ـ وبهذا الإسناد ، عن ابن إسحاق ، حدّثني عبد الملك بن عبد الله الثقفي ، عن بعض أهل العلم ـ وساق حديث المبعث بطوله ـ إلى أن قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لخديجة: «إنّي أخاف الجنون» ، فقالت له خديجة : اعيذك بالله يا أبا القاسم! من ذلك ، ما كان الله ليفعل بك ذلك مع ما أعلم من صدق حديثك ، وعظم أمانتك ، وحسن خلقك ، وصلة رحمك.

وما ذاك يا بن العم؟ لعلّك قد رأيت شيئا أو سمعته. فأخبرها : «أنّه رأى جبرائيل واقفا في الهواء يقول له :( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ) » العلق / ١.

فقالت له : أبشر يا بن عم! واثبت له ، فو الّذي يحلف به ، إنّي لأرجو أن تكون نبيّ هذه الأمّة ، ثمّ قامت فجمعت ثيابها عليها وانطلقت إلى ـ ورقة بن نوفل ـ وهو ابن عمّها ، وكان قد قرأ الكتب وتنصر ، وسمع من ـ التوراة والانجيل ـ ، فأخبرته الخبر وقصّت عليه ما قصّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليها.

فقال ورقة : قدّوس قدّوس. والّذي نفس ورقة بيده ، لئن كنت صدقتني يا خديجة! لهو نبيّ هذه الامّة ، وأنّه ليأتيه الناموس الأكبر الّذي كان يأتي موسى ، فقولي له : فليثبت.

فرجعت إلى رسول الله فأخبرته الخبر فسهل ذلك عليه بعض ما فيه من الهم ، فلمّا قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جواره من «حراء» بدأ بالكعبة فطاف بها ، فلقيه ورقة ـ وهو يطوف بالكعبة ـ ، فقال : يا ابن أخي! خبّرنا بالذي رأيت وسمعت؟ فأخبره بذلك.

فقال له : إنّك لنبيّ هذه الامّة ، ولتؤذين ، ولتكذبن ، ولتقاتلن

٤٤

ولتنصرن ، ولئن أدركت ذلك لأنصرنك نصرا يعلمه الله ، ثمّ أدنى إليه رأسه فقبّل يافوخه ، ثمّ انصرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد زاده قول ورقة ثباتا ، وخفّف عنه بعض ما كان فيه من الهم. وقال ورقة لخديجة (رضي الله عنها) في ذلك :

فإن يك حقّا يا خديجة! فاعلمي

حديثك إيّانا فأحمد مرسل

يفوز به من فاز فيها بتوبة

ويشقى به العاتي الغوي المضلّل

فريقان منهم : فرقة في جناته

واخرى برجوان الجحيم تغلل

وقال ورقة بن نوفل في ذلك أيضا :

يا للرّجال! لصرف الدهر والقدر

وما لشيء قضاه الله من غير

أتت خديجة تدعوني لاخبرها

وما لها بخفي الغيب من خبر

جاءت تساءلني عنه لاخبرها

أمرا أراه سيأتي النّاس في آخر

بأنّ أحمد يأتيه فيخبره

جبريل : انّك مبعوث إلى البشر

فقلت : عل الّذي ترجين ينجزه

لك الإله فرّجي الخير وانتظري

وأرسليه إلينا كي نسائله

عن أمره ما يرى في النوم والسّهر

فقال حين أتانا : منطقا عجبا

يقفّ منه اعالي الجلد والشّعر

إنّي رأيت أمين الله واجهني

في صورة اكملت من أهيب الصّور

ثمّ استمر فكاد الخوف يذعرني

ممّا يسلم من حولي من الشّجر

فقلت : ظنّي وما أدري أيصدقني؟

إن سوف تبعث تتلو منزل السّور

وسوف تأتيك إن أعلنت دعوتهم

من الجهاد بلا منّ ولا كدر

٣ ـ أخبرنا الشيخ زين الأئمة أبو الحسن عليّ بن أحمد العاصمي ، أخبرنا شيخ القضاة إسماعيل بن احمد البيهقي ، أخبرنا والدي أحمد بن الحسين ، أخبرنا أبو الحسن بن الفضل ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، أخبرنا

٤٥

يعقوب بن سفيان ، حدّثني إبراهيم بن المنذر ، حدّثني عمرو بن ابي بكر ، حدّثني عبد الله بن أبي عبيدة ، عن أبيه ، عن مقسم ، عن عبد الله بن الحرث : أنّ ـ عمّار بن ياسر ـ كان إذا سمع ما يتحدّث به النّاس عن تزوّج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خديجة ، وما يكثرون منه ، يقول : أنا أعلم النّاس بذلك : كنت له تربا وخذنا ، وإنّي خرجت معه (صلوات الله عليه) ذات يوم حتّى إذا كنا ـ بالحزورة ـ جزنا على اخت خديجة وهي جالسة تبيع أدما لها ، فنادتني فانصرفت إليها فقالت : أما لصاحبك هذا من حاجة في تزويج خديجة؟

قال عمّار : فأخبرته ، فقال : «بلى ، لعمري» فذكرت لها قول رسول الله ، فقالت : اغدوا علينا ، فغدونا عليهم ، فوجدناهم قد ذبحوا بقرة ، وألبسوا أبا خديجة حلّة ، وصفروا لحيته ، وقد سقي خمرا ، وكلّمت أخاها فكلّم أباه ، فذكر له رسول الله ومكانه وسأله أن يزوّجه فزوّجه خديجة ، وصنعوا من البقرة طعاما فأكلنا منه ، ونام أبو هاشم ثمّ استيقظ صاحيا ، وقال : ما هذه الحلّة وهذه البقرة وهذا الطعام؟ فقالت له ابنته ـ التي كلّمت عمّارا ـ هذه حلّة كساكها محمّد بن عبد الله ختنك ، وبقرة أهداها لك فذبحناها حين زوجته خديجة ، فأنكر أن يكون زوّجه ، وخرج يصيح حتّى جاء الحجر ، وخرجت ـ بنو هاشم ـ برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى جاءوه فكلّموه ، فلمّا نظر إلى ـ ختنه ـ قال : إن كنت زوجته فسبيله ذاك ، وإن كنت لم أفعل فقد زوّجته.

قال أحمد بن الحسين : المجمع عليه أنّ عمرو بن أسد عمّها هو الّذي زوّجها ، وفي غير هذه الرواية : لمّا جحد التزويج ، قالت له خديجة : ما تقول في نسبه؟ قال : هو أعلى منّا نسبا إلّا أنّه في عيال عمّه ، فقالت له : لي

٤٦

من المال ما يسعه.

وقد اختلفت الرواية في سبب تزويج خديجة ، والصحيح اخبار ميسرة غلامها ، أتاها بما رأى عنده من الآيات العجيبة في طريق الشّام ، وما أخبر به الرّاهب بحيرا ، وما رأت خديجة من اظلال الغمام على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين تقدّم ليخبرها بقدوم عيرها من الشّام ، (والقصّة طويلة).

خطبة أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ

حين تزوّج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بخديجة ـ رضي الله عنها

الحمد لله الذي جعلنا من زرع إبراهيم خليله ، ومن نسل إسماعيل صفيّه ، وجعل لنا حرما آمنا ، وبيتا محجوجا ، يأتيه النّاس من كلّ فج عميق ، وبلد سحيق ، فرفع به بيضتنا ، وجمع به الفتنا ، فالعزيز من وافقنا ، والذليل من خالفنا.

ألا وإنا قد جئناكم بسيّد من ساداتنا لا يدافع ، وشريف من أشرافنا لا يمانع ، محمّد بن عبد الله ، الذي لا يوزن بأحد من قريش إلّا رجح عليه ، ولا يعدل بأحد إلّا عاد عليه ، وهو يخطب إليكم كريمتكم ـ خديجة بنت خويلد ـ ، ولها فيه رغبة ، وله فيها إربة ، فإن كان في المال قلّة ، فالمال ظل حائل ، ورزق زائل ، فزوّجوه ، ولكم عندي ما سألتموه ، على أنّ لابن أخي هذا شأنا عظيما ، ونبأ عاليا ،( وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ ) ص / ٨٨.

٤ ـ وبهذا الإسناد ، عن أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب ، أخبرنا أحمد بن عبد الجبّار العطاردي ، أخبرنا يونس بن بكير ، عن محمّد بن إسحاق بن يسار ، قال : كانت أوّل امرأة تزوّجها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد

٤٧

العزى بن قصي.

٥ ـ وبهذا الإسناد ، عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الحافظ ، أخبرنا أبو العبّاس القيم بن القاسم السيّاري ـ بمرو ـ ، أخبرنا أبو الوجه ، أخبرنا صدقة ، أخبرنا عبدة بن سليمان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : سمعت عبد الله بن جعفر يقول : سمعت عليا يقول : «سمعت النبيّ ـصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يقول : خيرة نسائها مريم ابنة عمران ؛ وخيرة نسائها خديجة بنت خويلد».

قال : اتّفق الشيخان على صحته ، وسمعت الحديث أيضا في جامع أبي عيسى ـ برواية عليّعليه‌السلام أيضا.

٦ ـ وبهذا الإسناد ، عن أحمد بن الحسين هذا ، حدّثنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أحمد بن جعفر ، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : وجدت في كتاب أبي بخطّ يده ، أخبرنا سعد بن إبراهيم بن سعد ، ويعقوب ابن إبراهيم قالا : حدّثنا أبونا ، عن صالح ، عن ابن شهاب ، عن عروة قال : قالت عائشة لفاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا ابشّرك أنّي سمعت رسول الله يقول : «سيدات نساء أهل الجنّة أربع : مريم بنت عمران ؛ وفاطمة بنت محمّد ؛ وخديجة بنت خويلد ؛ وآسية بنت مزاحم».

وسمعت مثل هذا الحديث على عين الأئمة برواية أبيه ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ في حديث طويل ـ : «إنّ الله اختار من الأيام أربعة ، ومن الشّهور أربعة ، ومن النساء أربعا» ، وساق الحديث إلى أن قال : «وأما النساء : فمريم بنت عمران ؛ وخديجة بنت خويلد ـ سابقة نساء العالمين إيمانا بالله ورسوله ـ ؛ وآسية امرأة فرعون ؛ وفاطمة بنت محمّد ـ سيّدة نساء أهل الجنّة».

وسمعت هذا الحديث أيضا في ـ جامع أبي عيسى ـ برواية أنس في غير

٤٨

هذه الالفاظ ، وهي : «حسبك من نساء العالمين : مريم بنت عمران ؛ وخديجة بنت خويلد ؛ وفاطمة بنت محمّد ؛ وآسية بنت مزاحم ـ امرأة فرعون».

٧ ـ وبهذا الإسناد ، عن أحمد بن الحسين ، أخبرنا أبو عمرو محمّد بن عبد الله الأديب ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي ، أخبرنا أبو يعلى ، أخبرنا أبو بكر بن شيبة ؛ وابن نمير قالا : حدّثنا محمّد بن فضيل ، عن عمارة ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة قال : أتى جبرائيل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله! هذه خديجة أتتك بإناء فيه أدام أو طعام أو شراب ، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها من ربّها السّلام ، وبشرها ببيت في الجنّة من قصب لا صخب فيه ولا نصب.

وزاد ابن نمير : من ربّها السلام ومنّي ، قال : اتّفق الشيخان على صحته ، وروى هذا الحديث عبد الله بن أبي أوفى وعائشة ، وسمعت هذا الحديث في ـ جامع أبي عيسى ـ برواية عائشة قالت : ما حسدت امرأة ما حسدت خديجة ، وما تزوجني رسول الله إلّا بعد ما ماتت ، وذلك أنّه بشرها ـ الحديث.

٨ ـ وبهذا الإسناد ، عن أحمد بن الحسين قال : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ؛ وأبو بكر أحمد بن الحسن قالا : أخبرنا أبو العباس محمّد بن يعقوب ، أخبرنا محمّد بن الحكم الرملي ، أخبرنا عتيق بن يعقوب ، حدّثني عبد الله ومحمّد ـ ابنا المنذر ـ ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله ابن جعفر ، عن عليّ بن ابي طالبعليه‌السلام قال : «بشّر رسول الله ـصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ خديجة بنت خويلد ببيت في الجنّة من قصب ، مفصل بالذّهب ، بعيد من اللهب ، لا يسمع فيه أذى ولا نصب».

٩ ـ وبهذا الإسناد ، عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عمرو

٤٩

البسطامي ، أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي ، أخبرنا الحسن بن سفيان ؛ وسهل ابن مردويه قالا : حدّثنا سهل بن عثمان ، أخبرنا حفص بن غياث ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : كان رسول الله ـصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ إذا ذبح الشّاة يقول : «اذهبوا بذي إلى أصدقاء خديجة» ، قالت : فأغضبته يوما فقلت : خديجة ، فقال : «إنّي رزقت حبّها» ، قال : اتّفق الشيخان على صحته.

١٠ ـ وبهذا الإسناد ، عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا محمّد بن عبد الله الحافظ ، أخبرني أحمد بن جعفر القطيعي ، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدّثني أبي ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت : لم يتزوّج النبيّ ـصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ على خديجة حتّى ماتت ، قالت : وما رأيت خديجة قطّ ، ولا غرت على امرأة من نسائه أشد من غيرتي على خديجة ، وذلك من كثرة ما كان يذكرها.

أخرجه مسلم في «الصحيح».

وسمعت هذا الحديث في ـ جامع أبي عيسى ـ ، وزاد في آخره : وإن كان ليذبح الشّاة فيتتبع بها صدائق خديجة فيهديها لهن.

١١ ـ وبهذا الإسناد ، عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ (ره) ، أخبرنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب ، أخبرنا أحمد بن عبد الجبّار ، أخبرنا يونس بن بكير ، عن عبد الواحد بن أيمن المخزومي ، أخبرنا أبو نجيح عبد الله بن أبي نجيح قال : اهدي لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جزور ولحم ، فأخذ عظما منها فناوله الرّسول بيده ، فقال له : «اذهب بهذا إلى فلانة» ، فقالت عائشة : لم غمرت يديك؟ فقالعليه‌السلام : «إنّ خديجة أوصتني بها» ، فغارت عائشة من كلامه ، وقالت : كأنّما ليس في الأرض امرأة إلا خديجة.

٥٠

فقام رسول الله مغضبا ، فلبث ما شاء الله ، ثمّ رجع فإذا ـ أم رومان ـ فقالت : يا رسول الله! ما لك ولعائشة إنّها لحدثة؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أليست القائلة : كأنّما ليس في الأرض امرأة إلّا خديجة ، والله ، لقد آمنت بي إذ كفر قومك ، ورزقت مني الولد وحرّمتيه».

١٢ ـ وبهذا الإسناد ، عن أبي عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو بكر محمّد ابن أحمد بالويه ، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدّثني محمّد بن أحمد بن أيوب ، أخبرنا إبراهيم بن سعيد ، عن محمّد بن إسحاق : أنّ ـ أبا طالب وخديجة ـ هلكا في عام واحد ، وذلك قبل مهاجرة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بثلاث سنين ، ودفنت خديجة ـ بالحجون ـ ونزل في قبرها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان له يوم تزوّجها ثمان وعشرون سنة.

قال محمّد وكنيت خديجة أمّ هند ، وكان لها ابن وبنت حين تزوجها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأمّ خديجة ـ فاطمة بنت زائدة بن الأصم ـ وامها ـ هالة بنت عبد مناف ـ.

١٣ ـ وأخبرنا الشيخ الإمام سعيد بن محمّد بن أبي بكر الفقيمي ـ إذنا ـ أخبرنا القاضي الإمام الأجل جمال الدّين أبو بكر محمّد بن أحمد بن عبد الرّحمن الريغدموني ، أخبرنا الشيخ الفقيه جدّي أبو أحمد عبد الرّحمن بن إسحاق بن أحمد ، أخبرنا الشيخ أبو يعقوب صالح بن محمّد السنجاري ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن سعد بن نصر الزّاهد ، أخبرنا أبو سهل ؛ وأبي قالا : أخبرنا أبو عبد الله بن أبي حفص ، أخبرنا يحيى بن اسحاق ، أخبرنا عبد الله ابن المبارك ، أخبرنا مجالد بن سعيد ، عن مسروق ، عن عائشة قالت : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا ذكر ـ خديجة ـ أحسن عليها الثناء ، فذكرها يوما فغرت وقلت له : لم تذكرها ـ حمراء الشدق ـ وقد أبدلك الله خيرا منها؟

٥١

فغضب وقال : «ما أبدلني الله خيرا منها ، وقد آمنت بي إذ كفر بي النّاس ، وصدّقتني إذ كذّبني النّاس ، وواست بمالها إذ حرّمني النّاس ، ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النساء».

١٤ ـ وبهذا الإسناد ، عن الشيخ الفقيه أبي أحمد عبد الرّحمن بن إسحاق بن أحمد هذا ، أخبرنا الفقيه أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن العبّاس ، أخبرنا الشيخ أبو سهل الأنماطي ، أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن يوسف الرزماناخي ، أخبرنا الحسين بن موسى بن أحمد القمي ، أخبرنا أبو يحيى معاذ بن سليمان الهروي ، أخبرنا محمّد بن يزيد بن عبد الله السلمي ، أخبرنا عبد المنعم بن ادريس ، عن أبان ، عن شعافة الخزاعي : أنّ أبا امامة الباهلي قال : دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على خديجة بنت خويلد امرأته وهي بالموت ، فشكت إليه شدّة كرب الموت ، فبكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ودعا لها ، ثمّ قال لها : «أقدمي خير مقدم يا خديجة! أنت خير امّهات المؤمنين وأفضلهن ، وسيّدة نساء العالمين ، إلّا مريم بنت عمران ؛ وآسية امرأة فرعون ، أسلمتك يا خديجة! على كره منّي ، قد جعل الله للمؤمنين بالكره خيرا كثيرا ، الحقي يا خديجة! بامّك ـ حواء ـ في الجنة ؛ وباختك ـ سارة ـ أمّ إسحاق آمنت بالله جلّ جلاله.

بعث إبراهيمعليه‌السلام إلى مهاجرة الأرض المقدّسة وهي أرض الأنبياء وإليها يحشر العباد ، فتزوّجها إبراهيم فولدت له إسحاق ، فما ولدت النساء ولا تلد مولودا يسمى «إسحاق» مثله إلى يوم القيامة ، وهو أبو الموالي ، فما يمنع الموالي أن يفاخروا بأبيهم إسحاق ؛ وجدّهم إبراهيم ؛ وامهم سارةعليهم‌السلام ألا ولا فخر إلّا بالإسلام.

وكانت أمّ إسماعيل عجميّة قبطيّة اتّخذها إبراهيم سرية ، فولدت له

٥٢

إسماعيل قبل تولد إسحاق بسبع سنين ـ فما ولدت النساء ولا تلد غلاما اسمه «اسماعيل» مثله إلى يوم القيامة ، وهو أبو العرب ، فما بال العرب يفاخرون الموالي؟ وهما زوجتا ابراهيم في الجنّة مع أزواج كثير ، أنشأهنّ الله تعالى من نهر سائح في وسط الجنّة ينفجر من تحت العرش وإلى العرش يعود ، يرجع أوّله إلى آخره ، ويكر آخره على أوّله.

أقدمي يا خديجة! على اختك أمّ موسى وهارونعليهما‌السلام التي ربط الله على قلبها بالصبر لتكون من المؤمنين ، وأوحى الله إليها كما أوحى إلى الأنبياء والمرسلين ، واسمها ـ صافية بنت الأكلب ـ ، واقدمي على اختك كلثم بنت عمران اخت موسى وهارون الّتي قالت لها صافية :( قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) القصص / ١١.

أخبرني جبرائيل أنّ ـ كلثمة ـ من أستر نساء العالمين ، وأشدهنّ حياء ، ماتت عذراء لحيائها وعبادتها ، وأقدمي على اختيك يا خديجة ـ آسية ومريم ـ لا مثل لهما من نساء العالمين ، جعلهما اللهعزوجل مثلا للّذين آمنوا من الرجال والنساء يقتدي بهما كلّ مؤمن ومؤمنة ، لم يحلفا بالله تعالى يمينا قطّ وجلا من الله وتعظيما له ، كانتا لا تحيضان طهّرهما الله وفضلهما به على نساء العالمين ، وإنّ ربي زوجنيهما ليلة أسرى بي عند ـ سدرة المنتهى ـ فهما ضرتاك يا خديجة! مع عائشة في الجنّة(١) ، وأخواتهن من امهات المؤمنين».

ولم يكن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تزوّج ـ عائشة ـ ولا غيرها ولا تحته يومئذ غير خديجة وحدها ، فضحكت خديجة وهي ثقيلة بالموت ثمّ قالت له : هنيئا ، يا رسول الله! بارك الله لهما فيك ، وبارك لك فيهما ، الحمد لله الّذي أقرّ

__________________

(١) هذا الخبر لا تذكره الشيعة لأنهم لم يعرفوا شعافة خصوصا وقد صرح بتثنية ضمير آسية ومريم ولم يجمع للثلاث.

٥٣

عينك بهما ، ما هما ضرتاي يا رسول الله! لانّه لا غيرة بيننا ، ولكنّهما اختاي.

فقال النبيّعليه‌السلام : «هذا ، والله ، الحقّ المبين ، وتمام اليقين ، والفضل في الدّين» ، فقيل : يا رسول الله! أفمن أمّهات المؤمنين هما؟ قال : «أمّا في الدّنيا فلا ، لأنّهما مضتا لسبيلهما قبل أن ابعث في أمّتي وسبقني موتهما».

١٥ ـ وأخبرني الحافظ سيّد الحفّاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه الدّيلمي ـ فيما كتب إليّ من همدان ـ ، أخبرني الرئيس العالم محيي السنّة أبو الفتح عبدوس بن عبد الله الهمداني ـ كتابة ـ ، أخبرني أبو طالب ، أخبرني ابن مردويه ، أخبرني محمّد بن عبد الرّحمن ، أخبرني الفضل بن محمّد ، اخبرني عبد الرّحمن بن محمّد ، أخبرني عبد الرزاق ، أخبرني أبو معشر المدني ، عن أبي سعيد ، عن أبي هريرة قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «كنت ـ بأجياد الصغير ـ أرعى الغنم قبل أن يوحى إليّ ، فأتاني جبرائيل فبشّرني بالنبوّة ، ثمّ ركض برجله الأرض ركضة فإذا بعين قد نبعت ، فتوضّأ جبرائيل وعلّمني الوضوء وصلّى وعلّمني الصلاة ، ثمّ انصرفت إلى منزلي فلم أمر بحجر ولا شجر إلّا قال : السّلام عليك يا رسول الله! حتّى أتيت خديجة فأريتها كما أراني جبرائيل ، وعلّمتها كما علّمني.

فبينا نحن كذلك إذ دخل علينا عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ونحن كذلك فقال : ما هذا الدّين يا ابن عم؟ فقلت : دين الله يا ابن عم! أدعوك إليه ، فقال لي : اشاور أبا طالب ، فقلت : يا بن عم! إما أن تتبعنا وإمّا أن تكتم علينا ، قال : فخرج ثمّ رجع ، فقال : بل أتبعك».

قال : وكانت خديجة تقول : أنا أوّل من أسلم ثمّ عليّ ، قال : وفي ـ رواية ابن مسعود ـ قال العباس بن عبد المطلب : ما أحد على وجه الأرض

٥٤

يعبد الله إلا هؤلاء الثلاثة : رسول الله ؛ وخديجة ؛ وعليّ بن أبي طالب (صلوات الله عليهم).

١٦ ـ وأخبرنا سيّد الحفاظ أبو منصور ـ فيما كتب إليّ من همدان ـ ، أخبرني أبو علي الحدّاد ، أخبرنا أبو نعيم الحافظ في كتاب «معرفة الصحابة» ، قال : تزوّج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خديجة قبل نزول الوحي عليه وهو ابن خمس وعشرين سنة ، وقيل : إحدى وعشرون سنة ، وقيل : أربعون سنة ، ولها أربعون سنة.

فمكثت عنده إلى أن مضى من النبوّة سبع سنين ، فتوفيت قبل أن تفرض الصّلاة ، وقبل الهجرة بثلاث سنين بعد أبي طالب بثلاثة أيّام ، ولم ينكح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله غيرها ولا عليها حتّى توفيت ، ونزل رسول الله في قبرها ، ولها يوم ماتت خمس وستون سنة. فكان مكثها عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خمسا وعشرين سنة.

١٧ ـ وبهذا الإسناد ، عن أبي نعيم هذا ، أخبرني محمّد بن أحمد ، أخبرني محمّد بن نصر ، أخبرني سعيد بن سليمان ، أخبرني مبارك بن فضالة ، عن ثابت بن أنس ، قال : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا اتي بشيء قال : «اذهبوا به إلى فلانة فإنّها كانت صديقة خديجة ـ رضي الله عنها ـ ، اذهبوا به إلى فلانة فإنّها كانت تحبّ خديجة».

قال أبو نعيم : وكانت خديجة تدعى في الجاهلية «الطاهرة».

قال (جزاه الله خيرا) : وأخبرني أبو علي الحدّاد ـ مناقلة ـ ، أخبرني أبو نعيم الحافظ «ح» ، وأخبرنا محمود بن إسماعيل ، أخبرني أحمد بن فادشاه قالا : أخبرنا الطبراني ، عن عمرو بن طاهر ، عن أبي صالح الحرّاني ، عن ابن لهيعة ، عن عمرو بن الحرث ، عن أبي يزيد الحميري ، عن

٥٥

عمّار بن ياسر (رضي الله عنه) قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «فضلت خديجة على نساء امتي كما فضلت مريم على نساء العالمين».

٥٦

الفصل الثالث

في فضائل فاطمه بنت أسد

٥٧
٥٨

١ ـ أخبرنا الحافظ صدر الحفّاظ أبو العلا الحسن بن أحمد بن الحسن العطّار الهمداني ، أخبرنا محمّد بن الحسين بن محمّد القاضي ؛ ويحيى بن الحسن بن أحمد البغدادي ، قالا : أخبرنا محمّد بن أحمد بن محمّد المعدّل ، أخبرنا محمّد بن عبد الرّحمن الدهني ، أخبرنا أحمد بن سليمان الطوسي ، أخبرنا الزبير بن بكار ، قال : ولد أبو طالب بن عبد المطلب : طالبا لا عقب له ؛ وعقيلا ؛ وجعفرا ؛ وعليّا ، كلّ واحد منهم أسن من صاحبه بعشر سنين على الولاء ، وأمّ هاني واسمها «فاختة» وأمّهم كلّهم ـ فاطمة بنت اسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ـ وهي أوّل هاشمية ولدت لهاشمي ، وقد أسلمت وهاجرت إلى الله تعالى ورسولهعليه‌السلام بالمدينة ، وماتت بها. وشهدها رسول الله ؛ وعليّ بن أبي طالب (صلوات الله عليهما).

٢ ـ وأخبرنا الحافظ سيّد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه الدّيلمي ـ فيما كتب إليّ من همدان ـ ، أخبرنا الحافظ محيي السنّة عبدوس بن عبد الله الهمداني ـ كتابة ـ في كتابه المعروف ب «الفوز بالمطالب في فضائل علي

٥٩

ابن أبي طالبعليه‌السلام » قال : كان الحسن والحسين يسمّيان ـ ابني الفواطم ـ لأنّ امّهما فاطمة ، وجدّتهما فاطمة بنت أسد أمّ عليّ بن أبي طالب ، وأم خديجة جدّتهما فاطمة بنت زائدة بن الأصم ، وجدّة جدّهما النبي اسمها فاطمة بنت عبد الله بن عمرو ـ من بني مخزوم ـ وهي أم أبي النبيّ (صلوات الله عليه وسلامه).

٣ ـ وأخبرنا الشيخ الإمام الزّاهد الحافظ زين الأئمّة أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي ، أخبرنا شيخ القضاة أبو علي إسماعيل بن أحمد البيهقي ، أخبرنا والدي شيخ السّنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا عليّ بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد ، أخبرنا الكديمي ، أخبرنا الحسن بن بشر ، أخبرنا سعدان بن الوليد ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : لما ماتت فاطمة أمّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام بعث إليها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قميصه واضطجع في قبرها ، فقيل له : يا رسول الله! لقد فعلت بهذه شيئا لم تفعله بأحد؟ فقال : «إنّي كنت يتيما في حجرها فاحسنت إليّ ، وكانت من أحسن النّاس إليّ صنعا بعد أبي طالب».

٤ ـ وبهذا الإسناد ، عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا عليّ بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا سليمان بن أحمد بن أيوب ، أخبرنا أحمد بن حمّاد بن رغبة المصري ، أخبرنا روح بن صلاح ، أخبرنا الثوري ، عن عاصم الأحول ، عن أنس بن مالك قال : لمّا ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أمّ عليّ بن أبي طالب دخل عليها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فجلس عند رأسها فقال : «رحمك الله يا أمي! كنت امّي بعد أمي : تجوعين وتشبعيني ، وتعرين وتكسيني ، وتمنعين نفسك طيب الطعام وتطعميني ، تريدين بذلك وجه اللهعزوجل والدار الآخرة».

٦٠