المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة الجزء ٥

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة0%

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 767

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة

مؤلف: السيد محسن بن عبد الكريم الأمين
تصنيف:

الصفحات: 767
المشاهدات: 75818
تحميل: 2723


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 767 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 75818 / تحميل: 2723
الحجم الحجم الحجم
المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة الجزء 5

مؤلف:
العربية

صابراً محتسباً مظلوماً قد نكثت بيعته واستحلت حرمته ولم يوف له بعهد ولا رعيت فيه ذمة شهيداً على ما مضى عليه أبوه وأخوهعليهم‌السلام .

من مخبر المصطفى سبطاه قد قضيا

أوصى وأكد في الدنيا وصيته

لو كان جدهما أوصى بظلمهما

بالسم هذا وذا بالسيف منحورا

فاوسعوا عهده نكثاً وتغييرا

لما استطاعوا لما جاؤوه تكثيراً

المجلس الثامن

لما قبض أمير المؤمنين (ع) خطب الحسن (ع) خطبة ذكر فيها فضل أبيه وفضله وفضل أهل بيته ثم جلس فقام عبد الله بن العباس بين يديه فقال معاشر الناس هذا ابن نبيكم ووصى إمامكم فبايعوه فقالوا ما أحبه الينا وأوجب حقه علينا وبادروا إلى البيعة له بالخلافة وذلك يوم الجمعة الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة فرتب العمال وأمر الأمراء وانفذ عبد الله بن العباس إلى البصرة ونظر في الأمور (ولما) بلغ معاوية وفاة أمير المؤمنين (ع) دس رجلا من حمير إلى الكوفة ورجلا من بني القين إلى البصرة ليكتبا إليه بالأخبار ويفسدا على الحسن (ع) الأمور وعرف ذلك الحسن (ع) فامر بقلهما فقتلا (وكتب إلى معاوية) أما

٣٦١

بعد فانك دسست الرجال للاحتيال والاغتيال وأرصدت العيون كانك تحب اللقاء وما أوشك ذلك فتوقعه ان شاء الله وبلغني أنك شمت بما لم يشمت به ذو حجى وانما مثلك في ذلك كما قال الأول :

فقل للذي يبقى خلاف الذي مضى

فأنا ومن قد مات منا لكالذي

تجهز لأخرى مثلها فكأن قد

يروح ويمسي في المبيت ليغتدي

فأجابه معاوية بما يطول الكلام بذكره (ثم) كتب إليه الحسن (ع) يحتج على استحقاقه الأمر واستحقاق أبيه له بعد رسول الله (ص) ويدعوه إلى تسليم الأمير إليه فاجابه معاوية يراوغه ويخاتله وجرت بينهما مكاتبات ومراسلات كثيرة وكل منهما يدعو الآخر إلى الدخول في طاعته فلما ورد آخر كتاب إلى معاوية كتب إلى عماله نسخة واحدة أما بعد فالحمد لله الذي كفكم مؤنة عدوكم وقتلة خليفتكم ان الله بلطفه وحسن صنعه أتاح لعلي بن أبي طالب رجلا من عباد الله فاغتاله فقتله فترك أصحابه متفرقين مختلفين وقد جاءتنا كتب أشرافهم وقادتهم يلتمسون الأمان لأنفسهم وعشائرهم فاقبلوا إلى حين يأتيكم كتابي هذا يحدكم وجهدكم وحسن عدتكم فقد أصبتم بحمد الله الثار وبلغتم الأمل وأهلك الله أهل البغي والعدوان والسلام فاجتمعت العساكر إلى معاوية وسار قاصداً إلى العراق وبلغ الحسن (ع) خبر مسيره وانه بلغ جسر

٣٦٢

منبج فنادى المنادي الصلاة جامعة فصعد الحسن (ع) المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فان الله كتب الجهاد على خلقه وسماه كرهاً ثم قال لأهل الجهاد من المؤمنين اصبروا ان الله مع الصابرين فلستم أيها الناس نائلين ما تحبون الا بالصبر على ما تكرهون انه بلغني ان معاوية بلغه انا كنا أزمعنا على المسير إليه فتحرك لذلك فاخرجوا رحمكم الله إلى معسكركم بالنخيلة وانه في كلامه ليتخوف خذلان الناس له فسكتوا فما تكلم منهم أحد ولا أجابه بحرف فلما رأى ذلك عدي بن حاتم قام فقال أنا ابن حاتم سبحان الله ما اقبح هذا المقام الا تجيبون إمامكم وابن بنت نبيكم أين خطباء المصر الذين السنتهم كالمخاريق في الدعة فاذا جد الجد تراغوا كالثعالب أما تخافون مقت الله ولاعنتها وعارها ثم استقبل الحسن (ع) فقال أصحاب الله بك المراشد وجنبك المكاره ووفقك لما تحمد ورده وصدره وقد سمعنا مقالتك وانتهينا إلى أمرك وسمعنا لك وأطعناك فيما قلت ثم خرج ودابته بالباب فركبها وخرج إلى النخيلة أول الناس قم قام قيس بن سعد بن عبادة ومعقل بن قيس الرياحي وزياد بن خصفة فانبوا الناس ولاموهم وحرضوهم وكلموا الحسن (ع) بمثل كلام عدي وبعث الحسن (ع) حجر بن عدي يأمر العمال بالمسير واستنفر الناس للجهاد فخفوا بعد ما تثاقلوا عنه وخرج الحسن (ع) إلى المعسكر ومعه أخلاط من الناس بعضهم شيعة له ولأبيه وبعضهم خوارج يؤثرون قتال معاوية بكل حيلة وبعضهم أصحاب فتن وطمع في الغنائم

٣٦٣

وبعضهم شكاك وبعضهم أصحاب عصبية اتبعوا رؤساء قبائلهم لا يرجعون إلى دين. ثم سار الحسن (ع) في عسكر عظيم حتى أتى موضعاً يقال له دير عبد الرحمن فقام به ثلاثا حتى اجتمع الناس ثم أرسل عبيد الله بن العباس في اثني عشر ألفاً مقدمة له وقال ان أصبت فقيس بن سعد بن عبادة على الناس فان أصيب فسعيد بن قيس الهمداني على الناس فسار عبيد الله حتى أتى مسكن( ) وسار الحسن (ع) حتى اتى ساباط المدائن فلما أصبح أراد أن يمتحن أصحابه ويستبرئ أحوالهم في الطاعة ليتميز بذلك أولياءه من أعدائه ويكون على بصيرة من لقاء معاوية وأهل الشام فامر ان ينادى الصلاة جامعة فاجتمعوا فصعد المنبر فخطبهم (فقال) الحمد لله كلما حمد حامد وأشهد أن لا إله إلا الله كلما شهد له شاهد وأشهد ان محمداً عبده ورسوله أرسله بالحق وائتمنه على الوحي (ص) أما بعد فاني والله لأرجو ان اكون قد أصبحت بحمد الله ومنه وأنا انصح خلق الله لخلقه وما أصبحت

٣٦٤

محتملا على مسلم ضغينة ولا مريداً له بسوء ولا غائلة الا وان ما تكرهون في الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة الا واني ناظر لكم خير من نظركم لأنفسكم فلا تخالفون أمري ولا تردوا عليّ رأيي غفر الله لي ولكم وأرشدني واياكم لما فيه المحبة والرضا فنظر الناس بعضهم إلى بعض وقالوا ما ترونه يريد بما قال قالوا نظنه والله يريد ان يصالح معاوية ويسلم الأمر إليه فقالوا كفر والله الرجل ثم شدوا على فسطاطه وانتهبوه حتى أخذوا مصلاه من تحته ثم شد عليه عبد الرحمن بن عبد الله بن جعال الأزدي فنزع مطرفه عن عاتقه فبقي جالسا متقلدا السيف بغير رداء ثم دعا بفرسه( ) فركبه واحدق به طوائف من خاصته وشيعته ومنعوا منه من أراده فقال ادعوا لي ربيعة وهمدان فدعوا فاطافوا به ودفعوا الناس عنه وسار ومعه شوب من غيرهم فلما مر في مظلم ساباط بدر إليه الجراح بن سنان الأسدي فأخذ بلجام بغلته وبيده مغول وهو سيف دقيق يكون غمده كالسوط وقال الله أكبر أشركت يا حسن كما أشرك أبوك من قبل ثم طعنه في فخذه فشقه

٣٦٥

حتى بلغ العظم وضربه الحسن «ع» واعتنقه ونخر جميعا الى الارض فوثب اليه رجل من شيعة الحسن «ع» يقال له عبد الله بن خطل الطائي فنزع المغول من يده وخضخض به جوفه واكب عليه اخر يقال له ظبيان بن عمارة فقطع انفه فهلك من ذلك واخذ اخر كان معه فشدوا وجهه وراسه حق قتلوه (وحمل) الحسن «ع» على سرير الى المدائن فانزل بها على سعد بن مسعود الثقفي وكان عامل امير المؤمنين «ع» بها فاقره الحسن «ع» واشتغل الحسن «ع» بنفسه يعالج جرحه جاءه سعد بن مسعود بطبيب فقام عليه حتى برئ هكذا ذكر المفيد وابو الفرج والذي ذكره الطبري وابن الاثير وبط بن الجوزي ناقلا له عن الشعبي انه لما نزل الحسن «ع» المدائن نادى مناد في العسكر الا ان قيس ابن سعد قد قتل فانفوا فنفروا الى سرادق الحسن «ع» فنهبوا متاعه حتى نازعوه بساطا كان تحته فازادهم لهم بغضا ومنهم ذعرا (قال المفيد) وكتب جماعة من رؤساء القبائل الى معاويةبالسمع والطاعة في السر واستحثوه على المسير نحوهم وضمنوا له تسليم الحسن اليه عند دنوهم من عسكره او الفتك به وبلغ الحسن «ع» ذلك وورد عليه كتاب قيس بن سعد رضي الله عنه يخبره انهم نازلوا معاوية بقرية يقال لها الحبوبية (الحبونية خ ل) بازاء مسكن وان معاوية ارسل الى عبيد الله بنم العباس يرغبه في المصير اليه وضمن له الف الف درهم يعجل له منها النصف ويعطيه النصف الاخر عند دخوله الى الكوفة فانسل عبيد الله في الليل الى معسكر

٣٦٦

معاوية في خاصته واصبح الناس قد فقدوا اميرهم فصلى بهم قيس ابن سعد ونظر في امورهم فازدادت بصيرة الحسن «ع» بخذلانالقوم له وفساد نيات الخوارج المحكمة فيه بما اظهروا له نم السب والتكفير واستحلال دمه ونهب امواله ولم يبق معه نم يامن غوائله الا خاصته من شيعة ابيه وشيعته وهم جماعة لا تقوم لاجناد الشام.

وروى الصدوق في العلل ان معاوية دس الى عمروبن خريث والاشعث بن قيس(١) وحجار بن ابجر وشبث بن ربعي دسيسا افرد كل واحد منهم بعين نم عيونه انك اذا قتلت الحسن فلك مائة الف درهم وجند من اجناد الشام وبنت من بناتي فبلغ الحسن «ع» ذلك فاستلام ولبس درعا وسترها وكان يحترز ولا يتقدم للصلاة الا كذلك فرماه احدهم في الصلاة بسهم فلم يثبت فيه لما عليه من اللامة (وفي الخرائج) ان الحسن «ع» كان قد وجه الى معاوية قائدا من كندة في اربعة الاف فلما نزل بالانبار ارسل اليه معاوية ان اقبلت الي او لك بعض كور الشام والجزيرة وارسل اليه بخمسمائة الف درهم فقبض المال وصار الى معاوية في ماتين من خاصته فبلغ ذلك الحسن «ع» فقام خطيبا وقال هذا

____________________

(١) الظاهر ان هذا قرب وفاة امير المؤمنين «ع» لان الاشعث مات بعد امير المؤمنين «ع» باربعين ليلة وصلى عليه الحسن «ع» على ما ذكره ابن الاثير.

٣٦٧

الكندي توجه الى معاوية وغدر بي وبكم وقد اخبرتكم انه لاوفاء لكم انتم عبيد الدنيا وانا موجه غيره واعلم انه سيفعل ما فعل صاحبه فبعث رجلا من مراد وتقدم اليه بمشهد من الناس وتوكد عليه واخبره انه سيغدر كما غدر الكندي فحلف بالايمان التي لا تقوم لها الجبال انه لا يفعل فقال الحسن «ع» انه سيغدر فلما توجه الى الانبار كتب اليه معاوية بمثل ما كتب به الى صاحبه وبعث اليه بالمال فانقلب على الحسن «ع» واخذ طريقه الىمعاوية (وكان) معاوية قد كتب الى الحسن «ع» في الهدنه والصلح وانفد اليه بكتب اصحابه الذين ضمنوا له فيها الفتك به وتسليمه اليه فعند ذلك اجاب الى الصلح ومن ذلك يعلم ان الحسن «ع»ما اجاب الى الصلح الا مكرها مرغما وانه علم انه لو لم يصالح لسلموه الى معاوية ولكانت المفسده اعظم فاختار اقل الضررين واهون المفسدتين وعمل بما عهد اليه ابوه عن جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وان صلحه هذا لايجعل لمعاوية عذرا ولا يرفع عنه وزرا بل يزيده ذما واثما فلذلك اجاب الحسن «ع» الى الصلح مكرها واشترط لنفسه شروطا كثيرة كان في الوفاء بها مصالح شاملة فاجابه معاوية الى قبول تلك الشروط كلها فيم يثق به الحسن «ع» وعلم باحتياله واغتياله الا انه لم يجد بدا من اجابته لما كان عليه اصحابه من ضعف البصائر في حقه والفساد عليه وما انطوى عليه كثير منهم في استحلال دمه وتسليمه الى خصمه وما كان من خذلان ابن عمه له ومصيره الى عدوه وميل الجمهور منهم الى العاجلة وزهدهم في

٣٦٨

الاجلة فتوثق لنفسه من معاوية بتوكيد الحجة عليه والاعتذار فثيما بينه وبينه عند الله تعلى وعند كافة المسلمين وكان فيما اشترطه الحسن «ع» على معاوية ان لا يسميه امير المؤمنين ولا يقيم عنده شهادة وان يترك سب امير المؤمنين «ع» والقنوت عليه في الصلاة وان لا يتعقب على شيعة علي شيئا ويؤمنهم حقه وان يفرق في اولاد من قتل مع ابيه يوم الجمل وصفين الف الف درهم وان يجفل ذلك من خراج دار ابجرد(١) من بلاد فارس فاجابه معاوية الى ذلك وعاهده عليه وحلف له بالوفاء (وقال) ابن الاثير انه لم يجبه الى الكف عن شتم علي فطلب ان لا يشتم وهو يسمع فاجابه الى ذلك ثم لم يف له به ولا بشيء مما عاهده عليه بل انه لما تم الصلح سار حتى اتى النخيلة(٢) فخطب الناس فقال اني والله ما قاتلتكم لتصلوا ولا لتصوموا ولا لتحجبوا ولا لتزكوا انكم لتفعلون

____________________

(١) نقل ذلكم ما عدا ترك السب الصدوق عن كتاب الفروق بين الاباطيل والحقوق تاليف محمد بن بحر اشيباني عن ابي بكر محمد بن الحسن اجزم ثنا ابو داود ثنا القاسم بنفضيلثنا يوسف بنم مازن الراسبي قالبايع الحسن بن علي على انه لايسميه امير المؤمنين الخ.

(٢) هي معسكر الكوفة.

٣٦٩

ذلكم ولكني قاتلتكم لاتامر عليكم وقد اعطاني الله ذلك وانتم له كارهون الا واني كنت منيت الحسن واعطيته اشياء وجميعها تحت قدمي لا افي بشيء منها (قال ابو اسحاق) رواي الحديث وكان والله غدارا (وفي مقاتل الطلبيين) بسنده عن الشعبي ان معاوية خطب الناس حينه بويع له فقال ما اختلفت امة بعد نبيها الا ظهر اهل باطلها على اهل حقها ثم انتبه فندم فقال الا هذه الامة فانها وانها (ثم) دخل الكوفة وصعد المنبر فخطب وذكر امير المؤمنين «ع» ونال من الحسن «ع» وكان الحسن والحسين «ع» حاضرين فقام الحسين «ع» ليرد عليه فاخذ بيده الحسن واجلسه ثم قام فقال ايها الذاكر عليا انا الحسن وابي علي وانت معاوية وابوك صخر وامي فاطمة وامك هند وجدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجدك حرب وجدتي خديجة وجدتك قتيلة (نثيلة خ ل) فلعن الله اخملنا ذكرا والامنا حسبا وشرنا قد ما واقدمنا كفرا ونفاقا فقالت طوائف من اهل المسجد آمين قال يحيى بن معين احد رواة هذا الحديث ونحن نقول امين قال ابو عبيد احد رواته ونخن ايضا نقول امين وقال قال ابو الفرج الالصبهاني وانا اقول امين قال عبد الحميد بن ابي الحديد وانا اقول امين قال مؤلف هذا الكتاب محسن الامين وانا اقول امين (واقام) معاوسة على سب امير المؤمنين «ع» وبقي ذلك سنة في دولة بني لامية حتى ازاله عمربن عبد العزيز ولله در القائل :

اعلى المنابر طنون بسبه وبسيفه نصبت لكم اعوادها

٣٧٠

واخاف معاوية شيعة امير المؤمنين «ع» وقتلهم وشردهم وهدم دورهم فقتل عمرو بن الحمق وحبس زوجته امنة بنت الشريد سنتين في سجن دمشق وقتل حجر بن عدي واصحابه بمرج عذرا وحمل عبد الله بن هاشم المرقال اليه مكبلا بالحديد من العراق الى الشام وامنا خراج دار ابجرد فقال ابن الاثير ان اهل البصرة منعوه منه بامر معاوية (وقال) ابن الاثير لما راسل معاوية الحسن «ع» في تسليم الامر اليه خطب الناس فحمد الله واثنى عليه وقال انا والله ما يثنينا عن اهل الشام شك ولا ندم وانما كنا نقاتل اهل الشام بالسلامة والصبر فشيبت السلامة بالعداورة والصبر بالجزع وكنتم في مسيركم الىصفين ودينكم امام دنياكم واصبحتم اليوم ودنياكم امام دينكم الا وقد اصبحتم بين قتيلين قتيل بصفين تبكون له وقتيل بالنهروان تطلبون بثاره الا وان معاوية دعانا لامر ليس فيه عز ولا نصفة فان اردتم الموت ردناه عليه وحكمناه الى الله عز وجل بظبا السيوف وان اردتم الحياة قبلناه واخذنا لكم الرضى فناداه الناس من كل جانب البقية البقية (وقال) ابن الاثير ايضا لما تم الصلح قال الحسن يا اهل العراق انه سخى بنفسي عنكم ثلاث قتلكم ابي وطعنكم اياي وانتهابكم متاعي (وحكى) سبط بن الجوزي عن السدي انه قال لم يصالح الحسن معاوية رغبة في الدنيا وانما صالحه لما راى اهل العراق يريدون الغدر به وفعلوا معه ما فعلوا فخاف منهم ان يسلموه الى معاوية والدليل عليه انه خطب بالنخيلة قبل الصلح

٣٧١

فقال ايها الناس ان هذا الامر الذي اختلفت فيه انا ومعاوية انما هو حق اتركه ارادة لاصلاح الامة وحقنا لدمائها وان ادري لعله فتنة لكم ومتاع الى حين (قال) ابن الاثير وصاحب الاستيعاب وابو الفرج قال معاوية للحينم قم فاخطب قال ابو الفرج وظن معاوية انه سيحصر وقال سبط بن الجوزي اشار عمرو بن العاص على معاوية ان يلمر الحسن ان يخطب ليظهر عيه فقام «ع» فقال ايها الناس ان الله هداكم باولنا وحقن دماءكم باخرنا ونحن اهل بيت نبيكم اذهب الله عنا الرجس وطهرنا تطهيرا الا ان اكيس الكيس التقى واعجز العجز الفجور وان لهذا الامر مدة وان الدنيا دول انما الخليفة من سار بكتاب الله وسنة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وليس الخليفة من سار بالجور ذلك ملك ملك ملكا يمتع فيه قليلا ثم تنقطع لذته وتبقى تبعته وقد قال الله تعالى لنبيه (وفي رواية الاستيعاب) ثم التفت الى معاوية فقال وان ادري لعله فتنة لكم ومتاع الى حين فضج الناس بالبكاء فالتفت معاوية الى عمرو وقال هذا رايك ثم قال للحسن «ع» حسبك يا ابا محمد (وفي رواية) انه قال نحن حزب الله المفلحون وعترة رسوله المطهرون واهل بيته الطبيون الطاهرون واحد الثقلين اللذين خلفهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيكم فطاعتنا مقرونة بطاعة الله فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والى الرسول.

ثم توجه الحسن الى المدينةهو واخوه الحسينعليهما‌السلام واهل بيته وحشمهم وجعل الناس يبكون عند مسيرهم من

٣٧٢

الكوفة فقام «ع» بالمدينة كاظما غيظه لازما منزله منتظرا لامر ربه عز وجل الى ان تم لمعاوية عشر سنين من امارته وعزم على اليعة لابنه يزيد فلم يكن شيء اثقل عليه من امر الحسن بن علي «ع» وسعد بن بي وقاص فدس اليهما سما فماتا منه ذكر ذلكم ابو الفرج في مقاتل الطالبيين وكان من شرط الحسن عليه ان لايعهد لاحد من بعده عهدا فدس معاوينة الى جعدة بنت الاشعث بن قيس وكانت زوجة الحسن «ع» من حملها على سمه وضمن لها ان يزوجها بابنه يزيد وارسل اليها مائة الف درهم وفي رواية عشرة الاف دينار(١) واقطعها اقطاعات كثيرة من شعب سوراء(٢) وسواد الكوفة فسقته جعدة السم فسوغها المال ولم يزوجها من يزيد فتزوجها بعد الحسن «ع» رجل من ال طلحة فكان اذا وقع بين اولادها نمه وبين احد خصام عيروهم فقالوا يا بني مسمة الازواج(٣) وقال الصادق «ع» ان الاشعث شرك في دم امير

____________________

(١) المائةالف درهم في ذلك الوقت عشرة الاف دينار لاقيمة كل دينار كانت عشرة دراهم.

(٢) موضع بالعراق.

(٣) ذكر سم جعدة بنت الاشعث بن قيس الكندي زوجة الحسن «ع» اياه اين الاثير في الكامل وابو الفرج الالصبهاني في مقالتل الطالبيين (وحكاه) في الاستيعاب عن قتادة و ابي بكر بن حفص (وقال ) في الاستيعاب قالت طائفة كان ذلك منها بتدسيس معاوية اليها ومنا بذل لها في ذلك (وقال ) سبط بن الجوزي في تذكرة =

٣٧٣

المؤمنين «ع» وابنته جعدة سمت الحسن «ع» وابنه محمد شرك في دم الحسين «ع». (ولما) حضرت الحسن الوفاة استدعى الحسينعليهما‌السلام وقال يا اخي اني مفارقك ولاحق بربي وقد سقيت السم ورميت بكبدي في الطست واني لعرف بمن سقاني السم ومن اين دهيت وانا اخاصمه الى الله عز وجل فبحقي عليك ان تكلمت في ذلك بشيء وانتظر ما يحدث الله عز وجل في فاذا قضيت نحبي فغمضني وغسلني وكعني واحملني على سرير الى قبر جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لاجدد به عهدا ثم ردني الى قبر جدتي فاطمة بنت اسد فادفني هنالك وستلعم يا ابن ام ان القوم يظنون انكم تريدون دفني عند جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيجلبون في منعكم عن ذلكم وباللله اقسم عليك ان تريق في امري محجمة دم ثم وصى اليه باهله وولده وتركاته وما كان وصى به امير المؤمنين «ع» حين استخلفه واهله لمقامه ودل شيعته على استخلافه ونصبه لهم علما

____________________

= الخواص قال السدي دس ايها يزيد ان سمي الحسن وقال الشعبي ومصاق هذا القول ان الحسن «ع» كان يقول عند موته وقد بلغه ما صنع معاوية لقد فملت شربته وبلغ امنيته (قال ) وحكى جدي في كتاب الصفوة عن يعقوب بن شفيان في تاريخه ان جعدة هي التي سمته (قال ) وقال ابن سعد في الطبقات سمه معاوية مرارا لانه كان يقدم عليه الشام هو واخوه الحسينعليهما‌السلام .

- المؤلف -

٣٧٤

من بعده ثم قضى نحبه شهيدا مظلوما مسموما صابرا محتسبا اي وا سيداه وا شهيداه وا مسموماه (فلما) توفي غسله الحسين «ع» وكفنه وحمله على سريره ولم يشك مروان ومن معه من بني امية انهم سيدفنونه عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتجمعوا ولبسوا السلاح فلما توجه به الحسين «ع» الى قبر جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليجدد به عهدا اقبلوا اليه في جمعهم ولحقتهم المراه على بغل وهي تقول مالي ولكم تريدون ان تدخوا بيتي من لا احب وجفل مروان يقول (يا رب هيجا هي خير من دعه) ايدفن عثمان في اقصى المدينة ويدفن الحسن مع النبي لا يكون ذلك ابدا وانا احمل السيف (وحكى) سبط بن الجوزي عن ابن سعد في الطبقات عن الواقدي قال لما احتضر الحسن «ع» قال ادفنوني عند ابي يعني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاراد الحسين ان يدفنه في حجرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقامت بنو امية ومروان بن الحكم وسعيد بن العاص وكان واليا على المدينة فمنعوه وقامت بنو هاشم لتقاتلهم فقال ابو هريرة ارايتم لو مات ابن لموسى اما كان بدفن مع ابيه (وفي رواية) انه قال لمروان اتمنع الحسن ان يدفن في الموضع وقد سمعت رسول الهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول الحسن والحسينم سيدا شباب اهل الجنة وكادت الفتنة ان تقع بين بني هاشم بني هاشم وبني امية فبادر ابن عباس الى مروان فقال له ارجع يا مروان من حيث جئت فانا ما نريد دفن صاحبنا عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لكنا تريد ان نجدد به عهدا بزيارته ثم نرده الى جدته فاطمة فندفنه عندها بوصيته بذلك ولو كان اوصى بدفنه مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

٣٧٥

لعلمت انك اقصرباعا من ردنا عن ذلك لكنه كان افلم بالله وبرسوله وبحرمة قبره من ان بطرق عليه هدما كما طرق ذلك غيره ودخل بيته بغير اذنه ثم اقبل على المراة وقال لها واسواتاه يوما على بغل ويوما على جمل تريدين ان تطفئي نور الله وتقاتلي اولياء الله ارجعي فقد كفيت الذي تخافين وبلغت ما تحبين والله منتصر لاهل هذا البيت ولو بعد حين (وفي رواية) يوما تجملت ويوما تبغلت وان عشت تفيلت وقد اخذه ابن الحجاج الشاعر البغدادي المشهور فقال :

ايا بنت لاكان ولا كنت

لك التسع من الثمن وبالكل تملكت

لجملت تبغلت وان عشت تفيلت

وقال الحسين «ع» والله لو لا عهد الحين الي بحقن الدماء وان لا اهريق في امره محجمة دم لعلمتم كيف تاخذ سيوف الله منكم ماخذها وقد نقضتم العهد بيننا وبينكم وابطلتم ما اشترطنا عليكم لانفسنا ومضوا بالحسن «ع» فدفنوه بالبقيع عند جدته فاطمة بنت اسد بن هاشم.

وجاشت لتابى دفنه عند جده تثير على اشياعه رهج الحرب

اتدني لها الويلات مستوجب النوى اليه وتقصي عنه مستوجب القرب

٣٧٦

المجلس السابع

روى الشيخ في المالب بسنده عن ابن عباس قال دخل الحسين ابن عل على اخيه الحسنعليهم‌السلام في مرضه الذي توفي فيه فقال له كيف نجدك يا اخي قال اجدني في اول يوم من ايام الاخرة واخر يوم من ايام الدنيا واعلم اني لا اسبق اجلي واني وارد على ابي وجدي على كره مني لفراقك وفبراق الاحبة واستغفر الله من مقالتي هذه واتوب اليه على محبة مني للقاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وامير المؤمنين علي بن ابي طالب وامي فاطمة وحمزة وجعفر وفي الله عز وجل خلف من كل هالك وعزاء منك كل مصيبة ودرك من كل ما فات رايت يا اخي كبدي في الطست ولقد عرفت من دهاني ومن اين اتيت فما انت صانع به يا اخي فقال الحسنعليه‌السلام اقتله والله قال فلا اخبرك ابدا حتى نلقى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولكن اكتب يا اخي :

«وصية الحسن بن علي الى اخيه الحسينعليهما‌السلام »

هذا ما اوضى به الحسن بن علي الى اخيه الحسين بن علي اوصى انه يشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وانه يعبده حق عبادته لا شريك له في الملك ولا ولي له من الذل وانه خلق كل شيء فقدره تقديرا وانه اولى من عبد عبد واحث من حمد من اطاعه

٣٧٧

رشد ومن عصاه غوى ومن ناب اليه اهتدى فاني اوصيك يا حيبن بمن خلفت من اهلي وولدي واهل بيتك ان تصفح عن مسيئهم وتقبل من محسنهم وتكون لهم خلفا ووالدا وان تدفنني مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فانيي احق به وببيته ممن ادخل بيته بغير اذنه ولا كتاب جاءهم من بعده قال الله تعالى فيما انزله على نبيه في كتابه يا ايها الذين امنوا لا تدخلوا بيوت النبي الا ان يؤذن لكم فوالله ما اذن لهم ف الدخول عليه في حياته بغير اذنه ولا جاءهم الاذن في ذلك من بعد وفاته ونحن ماذون لنا في التصرف فيما ورثناه من بعده فان ابت علك الامراة فانشدك الله بالقرابة التي قرب الله عز وجل منك والرحم الماسة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان لا تهريق في محجمة من دم حتى نلقى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنختصم اليه ونخبره بما كان من الناس الينا ثم قبض صلوات الله عليه فدعا الحسينعليه‌السلام ابن عباس وفبد الرحمن بن جعفر وعلي بن عبد الله بن عبياس فاعانوه على غسله وحنطوه وابسوه اكفانه وخرجوا به الى المسجد فصلوا عليه وارادوا دفنه عند جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فمنعوا من ذلك فذهبوا به الى البقيع ودفنوه الى جنب جدته فاطمة بنت اسد قال ابن شهر اشوب في المناقب قال الحسينعليه‌السلام لما وضع الحسنعليه‌السلام في لحده :

أ أدهن راسي ام تطيب محاسني وراسك معفور وانت سليب

واستمتع الدنيا اشيء احبه الا كل ما ادنى اليك حبيب

فلا زلت ابكي ما تغنت حمامة عليك وما هبت صبا وجنوب

٣٧٨

وما هملت عيني من الدمع قطرة وما اخضر في دوح الحجاز قضيب

بكائي طويل والدموع غزيرة وانت بعيد والمزار قريب

غريب واطراف البيوت تحوطه الا كل من تحت التراب غريب

و لا يفرح الباقي خلاف الذي مضى وكل فتى للموت فيه نصيب

و ليس حريبا من اصيب بماله ولكن من وارى اخاه حريب

نسيك من امسى يناجيك طوقه (طيفه خ ل ) وليس لمن تحت التنراب نسيب

المجلس العاشر

في مقاتل الطالبيين قيل لابي اسحاق متى ذل الناس قال حين مات الحسنعليه‌السلام وادعي زياد وقتل حجر بن عدي (وفي تذكرة الخواص) بسنده الى صحن الدار لما نزل بالحسنعليه‌السلام المةت قال اخرجوا فراشي الى صحن الدار فاخرجوه فرفع راسه الى السماء وقال اللهم اني احتسب عندك نفسي فانها اعز الانفس علي لم اصب بمثلها اللهم ارحم صرعتي وانس في القبر وحدتي ثم توفيعليه‌السلام (وعن) جنادة بن ابي امية قال دخلت على الحسن بن علي بن ابي طالب «ع» في مرضه الذي توفي في ه فقلت له عظني يا ابن رسول الله قال نعم استفد لسفرك وحصل زادك قبل حلول اجلك

٣٧٩

واعلم انك تطلب الدنيا والموت يطلبك ولا تحمل هم يومك الذي لم يات على يومك الذي انت فيه واعلم انك لا تكسب من المنال شيئا فوق قوتك الا كنت فيه خازنا لغيرك واعلم ان الدنيا في حلالها حساب وفي حرامها عقاب وفي الشبهات عتاب فانزل الدنيا بمزلة الميتة خذ منها مايكيكفان كان حلالا كنت قد زهدت فيها وان كان حراما لم يكن فيه وزر فاخت منها كما اخذت من الميتة وان كان العتاب فالعتاب يسير واعمل لدبياك كانك تعيش ابدا واعمل لاخرتك كانك تموت غدا واذا ارذت عزا بلا عشيرة وهيبة بلا سلطان فاخرج من ذل معصية الله الى عز طاعة الله عز وجل واذا نازعتك الى صبة الرجال حاجة فاصحب من اذا صحبته زانك واذا خدمته صانك واذا اردت معونة اعانك وان قلت صدق قولك وان صلت شد صولك وان مددت يدك بفضل مدها وان بدت منك ثلمة سدها وان راى منك حسنة عدها وان سالته اعطاك وان سكت عنه ابتداك وان نزلت بك احدى الملمات واساك من لاتاتيك منه البواثق ولاتختلف عليك منه الطرائق ولا يخذلك عند الحقائق وان تنازعتما منقسما اثرك (ثم) انقطع نفسه واصفر لونه حتى خشيت عليه ودخل الحسينعليه‌السلام والاسود بن ابي الاسود فانكب الحسين عليه حتى قبل راسه وبين عينيه ثم قعد عنده فتسارا جميعا فقال الاسود انا لله ن الحسنعليه‌السلام قد نعيت اليه نفسه وقد اوصى الى الحسين «ع» (وروى) الكلليني عن الباقرعليه‌السلام قال لما احتضر الحسن

٣٨٠