المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة الجزء ٥

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة0%

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 767

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة

مؤلف: السيد محسن بن عبد الكريم الأمين
تصنيف:

الصفحات: 767
المشاهدات: 73517
تحميل: 2546


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 767 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 73517 / تحميل: 2546
الحجم الحجم الحجم
المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة الجزء 5

مؤلف:
العربية

لا يقلاأ منهم امره بالذكر وكان اذا ضحك قال اللهم لا تمقتني واذا راى مبتلى اهفى الاستعاذة وكان لا يسمع من داره يا سائل بورك فيك ولا ياسائل خذ هذا وكان يقول سموهم باحسن اسمائهم ورؤي عليه جبة خز صفراء ومطرف خز اصفر.

ذرية مثل ماء المزن قد ظهروا وطهروا فصفت اخلاق ذاتهم

المجلس الثالث

ومن ادلة امامة الباقر نص ابيهعليه‌السلام ودفعه اليه سلاح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكتب العلم وميراث الانبياء (روى) الكليني بسنده عن الباقر «ع» انه لما حضرت علي بن الحسين «ع» الوفاة اخرج سفطا او صندوقا عنده فقال يا محمد احمل هذا الصندوق فحمل بين اربعة فلما توفي جاء اخوته فقالوا اعطنا نصيبا في الصندوق فقال والله ما لكم فيه شيء ولو كان لكم فيه شيء ما دفعه الي وكان في الصندوق سلاح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سولم وكتبه (وفي رواية) انه التفت علي بن الحسين «ع» الى ولده وهو في الموت وهم مجتمعون عنده ثم التفت الى ولده محمد الباقر عليه والسلام فقال يا محمد هذا الصندوق اذهب به الى بيتك قال اما انه لم يكن فيه دينار ولا درهم ولكن كان مملوء علما.

٤٤١

ومن ادلة امامتهعليه‌السلام تفوقه في الفضل والعلم على سائر اخوته وجميع اهل زمانه (قال المفيد عليه الرحمة) كان الباقرعليه‌السلام من بين اخوته خليفة ابيه ووصيه والقائم بالامامة من بعده وبرز على جماعته بالفضل في العلم والزهد والسؤدد وكان انبههم ذكرا واجلهم في العامة والخاصة واعظمهم قدرا ولم يظهر من احد ولد الحسن والحسينعليهما‌السلام من علم الدين والاثار والسنة وعلم القرآن والسيرة وعنون الاداب ما ظهر عن ابي جعفر الباقرعليه‌السلام ورورى انه معالم الدبن بقايا الصحابة ووجوه التابعين ورؤساء فقهاء المسلمين (قال) وقد روى ابو جعفر الباقرعليه‌السلام اخبار المبتدا واخبار الانبياء وكتب عنه العلماء المغازي واثروا عنه السنن واتمدوا عليه في مناسك الحج التي رواها عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكتبوا عنه تفسير القرآن وروت عنه الخاصة والعامة كثيرا من علم الكلام وصار بالفضل علمنا لاهله تضرب به الامثال وتسير بوصفه الاثار والاشعار قال مالك بن اعين الجهني من قصيدة يمدحه بها :

اذا طلب الناس علم القرآن كانت قريش عليه عيالا

وان قيل اين ابن بنت النبي تلقت يدراه فروعا طوالا

نجوم تهلل للمدلجين جبال تورث علما جبالا

وفيه يقول القوطبي :

يا باقر العلم لاهل التقى وخير من لبى على الاجبل

٤٤٢

(قال) وقد روى الناس من فضائله ومناقبه ما يكثر به الخطب ان اثبتناه (وعن) ابن سعد في الطبقات كان محمد الباقر عالما عايدا ثقة روى عنه الائمة ابو حنيفة وغيره (سئل) الباقرعليه‌السلام عن الحديث يرسله ولا يسنده فقال اذا حدثت الحديث ولم اسنده فسندي في ه ابي عن جدي عن ابيه عن جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن جبرئيل عن الله تعالى.

ومما جاء في تعظيم العلماء للامام محمد الباقرعليه‌السلام ورجوعهم اليه في احكام الدين (ما رواه المفيد) بسنده عن عطاء المكي قال ما رايت العلماء عند احد قط اصغر منهم عند ابي جعفر محمد بن علي بن الحسين ولقد رايت الحكم بن عتيبة مع جلالته في القوم بين يديه كانه صبي بين يدي معلمه (وفي رواية) كانه عصفور مغلوب (قال) سبط بن الجوزي كان الحكم عالما نبيلا جليلا في زمانه (وكان) جابر بن يزيد الجعفي اذا روى عنه شيئا يقول حدثني وصي الاوصياء ووارث علوم الانبياء محمد بن علي بن الحسين (وسأل) قيس بن الربيع ابا اسحاق عن المسح عل الخفين فقال ادركت الناس يمسحون حتى لقيت رجلا من بني هاشم لم ار مثله قط محمد بن علي بن الحسين فسألته فنهاني عنه وقال لم يكن على امير المؤمنين يمسح عليهما وكان يقول سبق الكتاب المسح على الخفين (قال) ابو اسحاق فما مسحت منذ نهاني (قال) قيس بن الربيع وما مسحجت انا مذ سمعت ابا اسحاق (وروي) عنه في قوله تعالى فاسالوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون انه قال نحن

٤٤٣

هل الذكر (قال الراوي ) فسالت محمد بن مقاتل عن هذا فتكلم فيه برايه وقال اهل الذكر العلماء كافة فذكرت ذلك لابي زرعة فتعجب من قوله فذكرت له ما فاله الباقرعليه‌السلام فقال صدق انهم اهل الذكر ولعمري ان ابا جعفر لمن اكبر العلماء (وعن) ابي نعيم في الحيلة انه سال رجل ابن عمر عن مسألة فلم يدر ما يجيبه فقال اذهب الى ذلك الغلام فسله واعلمني بما يجيبك واشار الى الباقر «ع» فساله فاجابه فاخبر ابن عمر فقال انهم اهل بيت مفهمون (وقال ) محمد بن مسلم سالت الباقر «ع» عن ثلاثين الف حديث.

ومما جاي عن الامام محمد الباقر «ع» في الاحتجاج والمناظرة ما رواه المفيد بسنده قال حج هشام بن عبد الملك فدخل المسجد الحرام متكئا على يد سالم مولاه ومحمد بن علي بن الحسين جالس في المسجد فقال له سالم يا امير المؤمنين هذا محمد بن علي بن الحسين في المسجد فقال هشام : المفتون به اهل العراق. قال نعم اذهب اليه فقل له يقول لك امير المؤمنين ما الذي ياكل الناس ويشربون الى ان يفصل بينهم يوم القيامة فقال يحشر الناس على مثل قرص النقي(١) فيها انهار نتفجرة ياكلون ويشربون حتى يفرغ من

____________________

(١) النقي كغني الخبز الحوارى بالقصر وضم الحاء وتشديد الواو وهو الخبز البيض الذي نخل مرة بعد مرة من التحوير وهو التبييض (قال في النهاية) في الحديث يحشر الناس يوم القيامة على ارض بيضاء كقرصة النقي يعني الخبز الحوارى

- المؤلف -

٤٤٤

الحساب فراى هشام انه قد ظفر به فقال الله اكبر اذهب اليه فقل له يقول لك ما اشغلهم عن الاكل والشرب يومئذ فقال له ابو جعفر هم في النار اشغل ولم يشغلوا عن ان قالوا افيضوا علينا من الماء ومما رزقكم الله فسكت هشام ولم يرجع لاما (وفي تذكرة الخواص) عن ابن سعد في الطبقات قال قال ابو يوسف قلت لابي حنيفة لقيت محمد بن علي الباقر فقال نعم وسالته يزما فقلت له اراد الله المعاصي فقال افيفصى قهرا قال ابو حنيفة فما رايت جوابا افحم منه.

ومما جاء عن الباقر «ع» في التفيسير ما ذكره المفيد عليه الرحمة (قال) روى العلماء ان عمرا بن عبيد وفد على محمد بن علي ابن الحسين ليمتحنه بالسؤال فقال له جعلت فداك ما معنى قوله تعالى او لم ير الذين كفروا السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما ما هذا الرتق والفتق فقال له ابو جعفر «ع» كانت السماء رتقا لا تنزل القطر والارض رتقا لا تخرج النبات فانقطع عمرو ولم يجد اعتراضا ومضى ثم عاد اليه (فقال) اخبني جعلت فداك عن قوله عز وجل ونم يحلل عليه غصبي فقد هونى ما غضب الله عز وجل فقال ابو جعفر «ع» غضب الله عقابه يا عمرو ومن ظن ان الله يغيره شيء فقد كفر.

ومما جاء في كرم الباقر «ع» وجوده وسخائه وتفضله واحسانه مع كثرة عياله وتوسط حاله (ما رواه المفيد) بسنده عن الحسن بن كثير قال شكوت الى ابي جعفر محمد بن علي «ع»

٤٤٥

الحاجة وجفاء الاخوان فقال بئس الاخ اخ يرعاك غنيا ويقطعك فقيرا ثم امر غلامه فاخرج كيسا فيه سبعمائة درهم وقال استعن بهذه او استنفق هذه فاذا نفدت فاعلمني (وروى) المفيد ايضا عن عمرو بن دينار وعبد الله بن عبيد بن عميرانهما قالا ما لقينا ابا جعفر محمد بن علي «ع» الا وحمل الينا النفقه والصلة والكسوة ويقول هذه معدة لكم قبل ان تلقوني (وروى المفيد ايضا) قال كان ابو جعفر محمد بن علي يجيز بالخمسمائة الدرهم الى الستمائة الى الالف الدرهم وكان لا يمل من صلة اخوانه وقاصديه ومؤمليه وراجيه (وحكت) مولاة له انه كان يدخل عليه بعض اخوانه فلا يخرجون من عنده حتى يطعمهم الطعام الطيب ويكسوهم الثياب الحسنة في بعض الاحيان ويهب لهم الدراهم فكانت تقول له في ذلك فيقول ما حستة الدنيا الا صلة الاخوان والمعارف (وقال) لبعض اصحابه يدخل احدكم يده كم صاحبه فياخذ منه ما يريد قالوا لا قال اذهبوا فلستم اخوانا كما تزعمون.

ومما جاء في عبادة الباقر «ع» وشدة خوفه من الله تعالى وبكائه من خشيته ما حكي عن افلح مولاه قال حججت مع ابي جعفر محمد ابن علي الباقر «ع» فلما دخل المسجد ونظر البيت بكى فقلت بابي انت وامي الناس ينظرون اليك فلو رفقت بصوتك قليلا فقال لي ويحك يا افلح ولم ارفع صوتي بالبكاء لعل الله تعالى ينظر الي برحمة منه فافوز بها غدا ثم اطاف بالبيت وجاء حتى صلى خلف المقام فلما فرغ اذا موضع سجوده مبتل من دموع عينيه

٤٤٦

(وروى) عنه ولده الصادق قال كان ابي يقوم جوف الليل فيقول في تضرعه : امرتني فلم ائتمر ونهيتني فلم انزجر فها انا عبدك بين يديك مقر لا اعتذر.

مناقب تجلى سافرات وجوهها ويجلو سناها مدلهم الغياهب

ومع هذه الدلائل الواصحة والبراهين اللائحة على امامة الباقر «ع» وهذه الفضائل التي اعترف بها الخاص والعام فقد غصبته بنو امبة خلافة جده واخرته عن مقامه الذي اقامه الله فيه وهي عارفة بفضله غير جاهلة لقدومه واعانتها على ذلك امة جده ولم تحفظ وصيته في اهل بيته من بعده حتى عاش بينها مغصوبا حقه مغلوبا على امره الى ان قبض ولحق بربه.

يا اماما آيتاته كرزايا ه جسام لا تنتهي بعداد

وفقيدا اجرى العيون واورى ابدا في القلوب قدح زناد

المجلس الرابع

مما اثر عن الباقرعليه‌السلام من الحكم والمواعظ والاداب ونفائس الكلام ما رواه عن ابائهعليهم‌السلام ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقول اشد الاعمال ثلاثة مواساة الاخوان في المال وانصاف الناس من نفسك وذكر الله على كل حال (وقالعليه‌السلام ) ما شيب شئ

٤٤٧

بشيء احسن من حلم بعلم (وقالعليه‌السلام ) وما ينقم الناس منا نحن اهل بيت الرحمة وشجرة النبوة ومعدن الحكمة ومختلف الملائكة ومهبط الوحي (وقالعليه‌السلام ) ما من عبادة افضل من عفة بطن او فرج ومنا من شيء احب الى الله من ان يسأل ولا يدفع القضاء الا الدعاء. اسرع الخير ثوابا البر واسرع الشر عقوبة البغي. كفى بالمرء عيبا ان بنظر من الناس الىلا ما يعمى عنه من نفسه وان يامر الناس بما لا يفعله وان ينهي الناس عمنا لا يستطيع التحول عنه وان يؤذي جليسه بما لا يعنيه (وقالعليه‌السلام ) ما اغرورقت عين يمائها من خشية الله الا حرم الله وجه صاحبها على النار فان سالت على الخدين دموعه لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة ومنا من شيء الا وله جزاء الا الدمعة فان الله تعالى يكفر بها بحور الخطايا ولو ان باكيا بكى في امة لحرم الله تلك الامة على النار (وقال «ع» ان اهل التقى ايسر الناس مؤونة واكثرهم معونة ان نسيت ذكروك وان ذكرت اعانوك قوالين للحق قوامين بامر الله فاجعل الدنيا كمنزل نزلت به وارتحلت عنه او كمال اصبته في منامك فاستيقظت وليس معك منه شيء (وقال «ع») والله لموت عالم احب الى ابليس من موت سبعين عابد (وقال «ع») عالم ينتفع بعلمه خير من الف عابد (وقال «ع») لبعض ولده اياك والكسل والضجر فانهما مفتاحا كل شر انك اذا

٤٤٨

كسلت لم تؤد حقا وان ضجرت لم تصبر على حق (وقال «ع») اعرف المودة في قلب اخيك بما له في قلبك. وقال لجابر الجعفي اوصيك بخمس ان ظلمت فلا تظلم وان خانوك فلا تخن وان كذبت فلا تغضب وان مدحت فلا تفرح وان ذممت فلا تجزع وفكر فيما قيل فيك فان كان حقا فسقوطك من عين الله جل وعز فند غضبك من الحق اعظم عليك مصيبة مما خفت من سقوطك من اعينم الناس وان كنت على خلاف ما قيل فيك فثواب اكنسبته من غير ان تتعب بدنك. واياك والتسويف فانه بحر يغرق فيه الهلكى وبادر بانتهاز البغية عند امكان الفرصة. واياك والثقة بغير المأمون واعلم انه لا عقل كمخالفة الهوى ولا غنى كغنى النفس ولا زهد كقصر الامل ولا مصيبة كستهانتك بالذنب ورضاك بالحالة التي انت عليها ولا جهاد كمجاهدة الهوى ولا قوة كرد الغضب ولاذل كذل الطمع. كل الكمال التفقه في الدين والصبر على النائبة وتقدير المعيشة. المتكبر ينازع الله رداءه. اعتزل ما لايعنيك وتجنب عدوك واحذر صديقك ولا تصحب الفاجرولا تطلععه على سرك واستشر في امرك الذين يخشون الله. ان استطعت ان لا تعامل احدا الا ولك الفضل عليه فافعل. الظلم ثلاثة ظلم لا يغفره الله وظلم يغفره الله وظلم لا يدعه الله فالاول الشرك بالله والثاني ظلم الرجل نفسه فيما يبنه وبين الله والثالث المداينة بين العباد. ما من عبد يمتنع من معونة اخيه المسلم والسعي

٤٤٩

في حاجته قضيت أو لم تقض الا ابتلي بالسعي في حاجة فيما يؤثم عليه ولا يؤجر وما من عبد يبخل بنفقة ينفقها فيما يرضي الله الا ابتلي بان ينفق أضعافها فيما أسخط الله. من كان ظاهره أرجح من باطنه خف ميزانه. ثلاث خصال لا يموت صاحبهن أبداً حتى يرى وبالهن البغي وقطيعة الرحم واليمين الكاذبة. البشر الحسن وطلاقة الوجه مكسبة للمحبة وقربة من الله وعبوس الوجه وسوء البشر مكسبة للقمت وبعد من الله. من علم باب هدى فله مثل أجر من عمل به ولا ينقص أولئك من أجورهم شيئاً ومن علم باب ضلال كان عليه مثل أوزار من عمل به ولا ينقص أولئك من أوزارهم شيئاً. وقال الجاحظ في كتاب البيان والتبيين : جمع محمد بن علي الباقر صلاح شأن الدنيا بحذافيرها في كلمتين فقال صلاح شأن المعاش والتعاشر ملء مكيال ثلثان فطنة وثلث تغافل(١)

هم أبحر العلم التي قذفت لنا جوداً بكل يتيمة عصماء

فاض الكمال عليهم من جدهم وسنا الكواكب من سناء ذكاء

فالويل كل الويل لمن غصبهم حقهم وأزالهم عن مراتبهم التي رتبهم اله فيها وظلمهم وقهرهم حتى قضوا بين مضرج بالدم وشهيد

____________________

(١) نسبه صاحب تحف العقول الى الصادق «ع».

- المؤلف -

٤٥٠

بالسم شتى قبورهم مشردين عن الاوطان مشتتين في ابلدان تأمن الناس وهم خائفون وتنام وهم ساهرون.

مشردين عن الاوطان ضاق بهم رحب الفضا بين مقتول ومأسور

المجلس الخامس

مما جاء في استماع الباقر «ع» للشعر ومعرفته به واجازته عليه ان الكميترحمه‌الله أتى المدينة فانشد الباقر «ع» قصيدته التي يقول فيها (من لقب ميتم مستهام) فأنصت له فلما بلغ الى قوله

أخلص الله لي هواي فما اغ رق نزعا ولا تطيش سهامي

قال له الباقر «ع» قل (فقد اغرق نزعا ولا تطيش سهامي) فقال يا مولاي انت أشعر مني بهذا المعنى (وعرض) عليه مالاً فلم يقبل وقال والله ما قلت فيكم شيئاً أريد به عرض الدنيا ولا أقبل عليه عوضاً اذا كان لله ولرسوله فقال له فلك ما قال رسول الله «ص» لحسان لا زلت مؤيداً بروح القدس ما ذببت عنا اهلا لبيت فقال جعلني الله فداك ثم لم يبق في اهل البيت الا من حمل اليه شيئاً فلم يقبل منهم شيئاً (وفي رواية) انه قال ولكن تكرمني بقميص من قمصك فاعطاه «قال» :

٤٥١

من لقلب ميتم مستهام غير ما صبوة ولا أحلام

طارقات ولا ادكار غوان واضحات الخدود كالآرام

بل هواي الذي أجن وأبدي لبني هاشم أجل الأنام

القريبين من ندى والبعيدين من الجور في عرى الأحكام

و المصيبين باب ما اخطأ النا س ومرسى قواعد الاسلام

والحماة الكماة في الحرب اذ لف ضراماً وقودها بضرام

لكثيرين طيبين من النا س وبرين صادقين كرام

للذرى فالذرى من للنسب الثا قب بين القمقام فالقمقام

فضلوا الناس في الحديث حديثا وقديماً في الأول القدام

ومفيدين متلفين مسامي ج مراجيح في الخميس اللهام

ومداريك للذحول متاريك وان أحفظوا لعور الكلام

لا حباهم تحل للمنطق الشغب ولا للطام يوم اللطام

أريحيين أبطحيين كالأن جم ذات الأنوار والأعلام

غالبيين هاشميين في العلم ربوا من عطية الأعلام

أسد حرب غيوث جدب بها ليل مقاويل غير ما ابرام

لا مهاذير في الندي مكائير ولا مصمتون بالافحام

سادة ذادة عن الخرد البيض اذا اليوم صار كالأيام

ساسة لا كمن يرى رعية النا س سواء ورعية الأنعام

والمصيبون والمجيبون للدء وة والمحزرون فضل الترامي

فهم الأقربون من كل خير وهم الأبعدون من كل ذام

لا أبالي وقد حفظت رسول الله فيهم ملامة اللوام

٤٥٢

وما زال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واهل بيته يستنشدون الأشعار في مدائحهم ومراثيهم ويجيزون عليها ويدعون لقائلها ويبشرونه بثواب الآخرة ويبكون عند سماع مراثيهم من أوليائهم ومحبيهم (فمن) أولئك الشعراء السيد الحميري فانه استأذن على الصادق «ع» فأمر بايصاله وأقعد حرمه خلف ستر فاستنشده فأنشده قوله :

امرر على جدث الحسين وقل لأعظمه الزكية

يا اعظما لا زلت من وطفاء ساكبة روية

واذا مررت بقبره فأطل به وقف المطية

وابك المطهر للمطهر والمطهرة النقية

كبكاء معولة أتت يوماً لواحدها المنية

قال فرأيت دموع جعفر بن محمد تنحدر على خديه وارتفع الصراخ من داره حتى امره بالامساك فامسك.

اذا العين قرت في الحياة وانتم تخافون في الدنيا فاظلم نورها

المجلس السادس

مما جاء في كيفية وفاة الامام محمد الباقر «ع» ما روي (عن) الرضاعليه‌السلام قال قال ابو جعفر الباقر «ع» حين احتضر اذا

٤٥٣

أنامت فاحفروا لي وشقوا لي شقاً فان قيل لكم ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لحد له فقد صدقوا (اقول) وذلك لأنه «ع» رأى ان الشق أصلح له من بعض الوجوه من اللحد فأمرهم به وان كان اللحد أفضل (وروى) الكليني بسنده عن الصادق «ع» انه قال ان ابي استودعني ما هنالك (يعني ما كان محفوظاً عنده من الكتب والسلاح وآثار الأنبياء وودائمهم) فلما حضرته الوفاة قال ادع لي شهوداً فدعوت أربعة من قريش فيهم نافع مولى عبد الله بن عمر فقال اكتب هذا ما اوصى به يعقوب بنيه يا بني ان الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن الا وأنتم مسلمون وأوصى محمد بن علي الى جعفر بن محمد وأمره ان يكفنه في برده الذي كان يصلي فيه يوم الجمعة وان يعممه بعمامته وأن يربع قبره ويرفعه أربع أصابع وان يحل عنه اطهاره عند دفنه ثم قال للشهود انصرفوا رحمكم الله فقلت له يا أبت ما كان في هذا بأن يشهد عليه فقال يا بني كرهت ان تغلب وان يقال انه لم يوص اليه فأردت ان تكون لك الحجة أراد ان يعلمهم انه وصيه وخليفته والامام من بعده (وفي رواية) ان الصادقعليه‌السلام قال ان أبي قال لي ذات يوم في مرضه يا بني ادخل اناساً من قريش من اهل المدينة حتى اشهدهم فادخلت عليه اناساً منهم فقال يا جعفر اذا أنامت فغسلني وكفني وارفع قبري أربع أصابع ورشه بالماء فلما خرجوا قلت يا أبت لو أمرتني بهذا صنعته ولم ترد ان ادخل عليك قوماً تشهدهم فقال يا بني أردت ان لا تنازع (وروي) انه «ع» اوصى بثمانمائة درهم لمأتمه وكان يرى

٤٥٤

ذلك من السنة لأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال اتخذوا لآل جعفر طعاماً فقد شغلوا (وعن الصادق ع) قال كتب ابي في وصيته ان اكفنه في ثلاثة اثواب احدها رداء له حبرة كان يصلي فيه يوم الجمعة وثوب آخر وقميش فقلت لأبي لم تكتب هذا فقال اخاف ان يغلبك الناس وان قالوا كفنه في أربعة أو خمسة فلا تفعل وعممني بعمامة وليس تعد العمامة من الكفن انما يعد ما يلف به الجسد (وعن الصادق ع) أنه أتى أباه الباقرعليه‌السلام ليلة قبض وهو يناجي فأومأ اليه بيده ان تأخر فتأخر حتى فرغ من المناجاة ثم أتاه فقا يا بني ان هذه الليلة التي اقبض فيها وهي الليلة التي قبض فيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال الصدوق وابن طاوس سمه ابراهيم بن الوليد ابن يزيد(١) وفي الفصول المهمة يقال انه مات بالسم في زمن ابراهيم ابن الوليد بن عبد الملك (وفي رواية) انه سم في سرج فركب عليه فنزل متورماً فأمر باكفان له وكان فيها ثوب ابيض احرم فيه فقال اجعلوه في اكفاني وعاش ثلاثا ثم مضى لسبيله صابراً محتسباً مظلوماً شهيداً مسموماً.

تقسمهم ريب المنون فلا ترى لهم عقوة مغشية الحجرات

لهم كل يوم تربة بمضاجع ثوت في نواحي الأض مفترقات

____________________

(١) لا يخفى انه «ع» توفي ملك هشام بن عبد الملك لا في ملك ابراهيم بن الوليد الا ان يكون المراد ان ابراهيم سمه في ملك هشام.

- المؤلف -

٤٥٥

(مراثي الامام محمد الباقرعليه‌السلام )

قال السيد صالح النجفي الشهير بالقزوينيرحمه‌الله من قصيدة :

يا زعيما لكل قاص ودان وعليما بكل خاف وبادي

طالما قد أريتهم معجزات مرغمات معاطس الحساد

يا اماماً آياته كرزايا ه جسام لا تنتهي بعداد

وفقيداً أجرى العيوم وأورى أبداً في القلوب قدح زناد

ومقيماً للعلم سوق رواج بان عنه فسوقه في كساد

عجباً للردى عليك تعدى بعد ما كان ملقي الانقياد

عجبا للبلاد بعدك قرت وبها انهد شامخ الأطواد

عجبا للبحار فاضت بمد بعد ما غاص دائم الامداد

عجبا للورى وقد غبت عنها للهدى تهتدي وانت الهادي

عجبا للصباح اسفر لم لا شق وجداً عموده بسواد

عجبا للوجود بعدك باق وله كنت علة الايجاد

هل درى هاشم بابناه أودت بحسا السم غيلة والحداد

ام درى احمد تذاد ذراريه وتدنى منه ذراري المذاد

ام درى حيدر من الآل قادت آل مروان كل صعب القياد

ام درى المجتبى محمد أضحى من هشام مشرداً في البلاد

ام درى المستضام نال هشام منه ما لم تنله آل زياد

ام درى المبتلى العليل بما قا سى ابنه من مضاضات واضطهاد

٤٥٦

ام درى الدين ان ارجاس مروا ن أمادوا للدين كل عماد

بابي من عليه اقلع غادي المزن وجداً وجف زرع الوادي

من يفيد الوفاد رفداً وقد الويت عنهم واخيبة الوفاد

بأبي من عليه حق الرسل الله عط الأكباد لا الأبرار

بابي من عليه اعولت الاملاك حزناً فوق الطباق الشداد

بابي من تردت الشرعة البي ضاء شجوا له ثياب الحداد

بابي من عليه زهر المعالي آذنت بالخمود بعد اتقاد

بابي من بكت عليه بنو الآ مال من رائح اليها وغادي

من عوادي الزمان كنت مجيرا كيف جارت عليك منه العوادي

محلت بعدك البلاد وكانت سحب جدواك خصب كل بلاد

لم تجد بعدك الغوادي بقطر انما منك تستمد الغوادي

انت كهفي المنيع يوم التقاضي وإمامي الشفيع يوم التنادي

وعصامي الذي اليه مآلي وعمادي الذي عليه اعتمادي

وقال علي بن عيسى بن ابي الفتح الاربلي صاحب كشف الغمة :

يا راكباً يقطع جوز الفلا على امون جسرة ضامر

عرج على طيبة وانزل بها وقف مقام الضارع الصاغر

وقبل الأرض وسف تربها واسجد على ذاك الثرى الطاهر

وعج على ارض البقيع الذي ترابه يجلو قذى الناظر

وبلغن عني سكانه تحية كالمثل السائر

قوم هم الغاية في فضلهم فالأول السابق كالآخر

٤٥٧

وأشرقت في المجد احسابهم اشراق نور القمر الباهر

وبخلوا الغيث ويوم الوغى راعوا جنان الأسد الخادر

بدا بهم نور الهدى مشرقا وميز البر من الفاجر

وقال المؤلف عفا الله عن جرائمه مذيلا لها

واذر دموع العين فيها دما على ضريح السيد الباقر

على إمام ما جرى ذكره في خاطري الا جرى ناظري

على إمام لم يدع رزؤه صبراً لجلد في الورى صابر

على إمام هد ركن الهدى مصابه بالقاصم الفاقر

وبدر تم في الثرى غائب ونحر علم في الثرى غائر

وقال علي بن عيسى الاربليرحمه‌الله :

إمام حق فاق في فضله ال أعالم من باد ومن حاضر

ما ضر قوماً غصبوا حقه والظلم من شنشنة الجائر

لو حكوه فقضى بينهم ابلج مثل القمر الزاهر

جرى على سنة آبائه جري الجواد السابق الضامر

وجاء من بعد بنوه على آثاره الوارد كالصادر

يا اقبراً منها البقيع اغتدى يسمو سنام الفلك الدائر

سقاك يا اقبر رب السما من الحيا بالصيب الماطر

لا ينقضي وجدي ولا حسرتي لساكني مربعك العاطر

٤٥٨

وقال الشيخ ابراهيم بن يحيى العاملي الطيبيرحمه‌الله من قصيدة :

سرعان ما زال الشباب وظله عني وكيف يدوم ظل الطائر

واشقوتاه لقد ملأت صحيفتي بجرائر وصغائر وكبائر

لكن رجائي بالمهيمن محوها ووسيلتي حب الامام الباقر

الطاهر ابن الطاهر ابن الطاهر ابن الطاهر ابن الطاهر ابن الطاهر

خير المحاتد محتد يفتر عن سلف تتابع كابراً عن كابر

هو حجة الله الامام محمد وأبر باد في الأنام وحاضر

هو ذلك المولى الذي اهدى له الهادي شريف سلامه مع جابر

هو ذلك النور الالهي الذي يغنيك عن نور الصباح السافر

فضل كمنبلج الصباح وهمة اوفت على فلك النجوم الدائر

ويد اذا انتجع المؤمل رفدها حشدت عليه بكل نوء ماطر

جل الذي أولاه مستن العلى فالنجم يرمقه بطرف حاسر

مولى أعاد العدل وهو مصرع غضا على رغم الزمان الجائر

وقال المؤلف عفا الله عن جائمه ذيلا لها :

جلت مصيبته على كل الورى فالكل بات لها بطرف ساهر

يذرى الدموع على مصيبة سيد من آل أحمد بذ كل مفاخر

لله اي مصيبة جلت فلا يلفى لها في الكون بعض نظائر

ذهبت بركن الدين مصباح الهدى غوث المؤمل والامام الطاهر

الصبر عز لها فكم من جازع تهفو جوانحه ولا من صابر

* * *

٤٥٩

(ابو عبدا لله جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام )

المجلس الاول

الامام بعد محمد الباقر وسادس أئمة المسلمين وخلفاء الله في ال عالمين ولده جعفر الصادق بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالبعليهم‌السلام .

ولد جعفر الصادق «ع» بالمدينة يوم الجمعة او الاثنين عند طلوع الفجر سابع عشر ربيع الاول وقيل غرة رجب سنة ثلاث وثمانين من الهجرة وقيل سنة ثمانين وتوفي بها يوم الاثنين في شوال وقيل منتصف رجب سنة ثمان وأربعين ومائة وله خمس وستون سنة او ثمان وستون اقام مع جده علي بن الحسين اثنتي عشرة سنة وقيل خمس عشرة سنة وقيل خمس عشرة سنة ومع ابيه بعد جده تسع عشرة سنة وبعد ابيه أربعاً وثلاثين سنة وهي مدة اقامته (وكانت) مدة امامته بقية ملكهشام بن عبد الملك وملك الوليد بن يزيد بن عبد الملك ويزيد بن الوليد بن عبد الملك الملقب بالناقص وابراهيم بن الوليد ومروان بن محمد الحمار والسفاح وتوفي بعد مضي عشرة سنين من ملك المنصور العباسي (ودفن) بالبقيع

٤٦٠