المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة الجزء ٥

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة0%

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 767

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة

مؤلف: السيد محسن بن عبد الكريم الأمين
تصنيف:

الصفحات: 767
المشاهدات: 73513
تحميل: 2542


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 767 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 73513 / تحميل: 2542
الحجم الحجم الحجم
المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة الجزء 5

مؤلف:
العربية

(فقال) ما تقول يا ابن رسول الله في الخبر الذي روي ان جبرائيل نزل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال يا محمد ان الله يقرؤك السلام ويقول لك سل ابابكر هل هو راض عني فاني راض عنه (فقال ع) لست بمنكر فضل ابي بكر ولكن يجب على صاحب هذا الخبر ان يأخذ مثال الخبر الذي قاله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجة الوداع قد كثرت علي الكذابة وستكثر فمن كذب علي معتمدا فليتبوأ مقعده من النار فاذا اتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله وسنتي فما وافق كتاب الله وسنتي فخذوا به وما خالف كتاب الله وسنتي فلا تأخذوا به وليس يوافق هذا الخبر كتاب الله قال الله تعالى ولقد خلقنا به وليس يوافق هذا الخبر كتاب الله قال الله تعالى ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب اليه من حبل الوريد فالله عزوجل خفي عليه رضا أبي بكر بن سخطه حتى سأل عن مكنون سره هذا مستحيل في العقول (ثم قال) يحيى بن أكثم وقد روي ان مثل أبي بكر وعمر في الأرض كمثل جبرئيل وميكائيل في السماء (فقال) وهذا أيضاً يجب ان ينظر فيه لأن جبرئيل وميكائيل ملكان لله مقربان لم يعصيا الله قط ولم يفارقا طاعته لحظة واحدة وهما قد أشركا بالله عزوجل وان أسلما بعد الشرك وكان أكثر أيامهما في الشرك بالله فمحال ان ان يشبههما بهما (وقال يحيى) وقد روي انهما سيدا كهول أهل الجنة (فقال ع) وهذا محال أيضاً لأن أهل الجنة كلهم يكونون شبابا ولا يكون فيهم كهل وهذا الخبر وضعه بنو امية لمضادة الخبر الذي قال فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الحسن والحسين بانهما سيدا شباب

٦٢١

أهل الجنة (وقال يحيى) وروي ان عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة (فقال ع) وهذا أيضاً محال لأن في الجنة ملائكة الله المقربين وآدم ومحمداً وجميع الأنبياء والمرسلين لا تضيء بأنواره حتى تضيء بنور عمر (قال يحيى) وروي ان السكينة تنطق عل ىلسان عمر (فقال ع) لست بمنكر فضائل عمر لكن أبا بكر وانه أفضل من عمر قال على رأس المنبر ان لي شيطانا يعتريني فاذا ملت فسددوني (فقال يحيى) قد روي أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لو لم ابعث لبعث عمر (فقال ع) كتاب الله أصدق من هذا الحديث يقول الله في كتابه واذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح فقد أخذ الله ميثاق النبيين فكيف يمكن ان يستبدل ميثاقه وكان الأنبياء لم يشركوا طرفة عين فكيف يبعث بالنبوة من أشرك وكان أكثر أيامه مع الشرك بالله وقال رسول الله نبئت وآدم بين الروح والجسد (قال يحيى) وقد روي ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ما أحتبس الوحي عني قط الا ظننته قد نزل على آل الخطاب (فقال ع) وهذا محال أيضاً لأنه لا يجوز أن يشك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في نبوته قال الله تعالى الله يسطفي من الملائكة رسلا ومن الناس فكيف يمكن ان تنتقل النبوة ممن اصطفاه الله الى من أشرك به (قال يحيى) روي ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لو نزل العذاب لما نجى منه الا عمر (فقال ع) وهذا محال أيضاً ان الله تعالى يقول وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفروني فاخبر سبحانه ان لا يعذب أحداً ما دام فيهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما داموا يستغفرون الله تعالى

٦٢٢

(ومما جاء) في سعة علم الجوادعليه‌السلام ما رواه الكليني انه سأله قوم من أهل النواحي عن ثلاثين الف مسألة فأجاب عنها.

هم أبحر العلم التي ما شانها كدر ومجراها من الرحمن

فضل أقر به الحسود وسؤدد صدعت به آي من القرآن

المجلس الخامس

في بعض ما جاء عن أبي جعفر محمد بن علي الجوادعليه‌السلام من الموعظ والحكم والآداب (قال) رجل للجوادعليه‌السلام أوصني قال أو تقبل قال نعم قال توسد الصبر واعتنق الفقر وأرفض الشهوات وخالف الهوى واعلم انك لن تخلو من عين الله فانظر كيف تكون (وقال ع) المؤمن يحتاج الى ثلاث خصال توفيق من الله وواعظ من نفسه وقبول ممن ينصحه (وقال ع) كيف يضيع من الله كافله وكيف ينجو من الله طالبه ومن انقطع الى غير الله وكله الله اليه ومن عمل على غير علم أفسد أكثر مما يصلح (وقال ع) من أطاع هواه أعطى عدوه مناه. من هجر المداراة قارنه المكروه. من لم يعرف الموارد أعيته المصادر. من انقاد الى الطمأنينة قبل الخبرة فقد عرض نفسه للهلكة والعاقبة المتعبة (وقال ع) راكب الشهوات لا تستقال له عثرة. اتئد تصب أو تكد. اياك ومصاحبة الشرير

٦٢٣

فانه كالسيف المسلول يحسن منظره ويقبح أثره. كفى بالمرء خيانة ان يكون أميناً للخونة. عز المؤمن غناه عن الناس (وقال ع) قد عاداك من ستر عنك الرشد اتباعاً لما تهواه (وقال ع) التحفظ على قدر الخوف. نعمة لا تشكر كسيئة لا تغفر.

فاض الكمال عليهم من جدهم وسنا الكواكب من سناء ذكاء

هم أبحر العلم التي قذفت لنا جوداً بكل يتيمة عصماء

المجلس السادس

كان المأمون حينما زوج الرضا «ع» ابنته ام حبيبة سمى للجوادعليه‌السلام ابنته ام الفضل وكان الجوادعليه‌السلام عند وفاة ابيه الرضاعليه‌السلام بالمدينة لأنه لم يحضر مع ابيه الى خراسان حينما استدعاه المأمون (وقال) المسعودي في اثبات الوصية لما توفي الرضاعليه‌السلام وجه المأمون الى ولده الجواد فحمله الى بغداد وانزله بالقرب من داره واجمع على ان يزوجه ابنته ام الفضل «وقال» سبط بن الجوزي في تذكرة الخواص انه لما توفي الرضاعليه‌السلام قدم ابنه محمد الجواد على المأمون فاكرمه واعطاه ما كان يعطي اباه (قال) واختلفوا هل زوجه ابنته ام الفضل قبل وفاة ابيه او بعد وفاته (قال المفيد) كان المأمون قد شغف بأبي جعفرعليه‌السلام لما رأى من فضله مع صغر سنه وبلوغه في العلم والحكمة والادب وكمال العقل ما لم

٦٢٤

يساوه فيه احد من مشائخ اهل زمانه فروجه ابنته ام الفضل وكان متوفراً على اكرامه وتعظيمه واجلال قدره (وروى) المفيد بسنده عن الريان بن شبيب قال لما اراد المأمون ان يزوج ابنته ام الفضل ابا جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام بلغ ذلك العباسيين فلغظ عليهم واستكبروه وخافوا ان ينتهي الامر معه الى ما انتهى اليه مع الرضاعليه‌السلام فخاضوا في ذلك واجتمع منهم اهل بيته الادنون منه (فقالوا) ننشدك الله يا أمير المؤمنين ان تقيم على هذا الامر الذي قد عزمت عليه من تزويج ابن الرضا فانا نخاف ان تخرج به عنا امرا قد ملكناه الله وتنزع منا عزا قد البسناه الله وقد عرفت ما بيننا وبني هؤلاء القوم قديما وديثا وما كان عليه الخلفاء الراشدون قبلك من تبعيدهم والتصغير بهم وقد كنا في وهلة (اي خوف) من عملك مع الرضا ما عملت حتى كفانا الله المهم من ذلك فالله الله ان تردنا الى غم قد انحسر عنا واصرف رأيك عن ابن الرضا واعدل الى من تراه من اهل بيتك يصلح لذلك دون غيرهم (فقال) لهم المأمون اما ما بينكم وبين آل ابي طالب فانتم السبب فيه ولو انصفتم القوم لكانوا اولى بكم واما ما كان يفعله من قبلي بهم فقد كان به قاطعاً للرحم واعوذ بالله من ذلك ووالله ما ندمت على ما كان مني من استخلاف الرضا ولقد سألته ان يقوم بالامر وانزعه عن نفسي فأبى وكان امر الله

٦٢٥

قدراً مقدورا (واما) ابو دعفر محمد بن علي فقد اخترته لتبريزه على كافة اهل الفضل في العلم والفضل مع صغر سنه والاعجوبة فيه بذلك وانا ارجو ان يظهر للناس ما قد عرفته منه فيعلموا ان الرأي ما رأيت فيه (فقالوا) ان هذا الفتى وان راقك منه هديه فانه صبي لا معرفة له ولا فقه فأمهله ليتأدب ويتفقه في الدين ثم اصنع ما تراه بعد ذلك (فقال) لهم ويحكم اني اعرف بهذا الفتى منكم وان هذا من اهل بيت علمهم من الله تعالى ومواده (ومراده خ ل) والهامة لم يزل آباؤه اغنياء في علم والادب عن الرعايا الناقصة عن حد الكمال فان شئتم فامتحنوا ابا جعفر بما يتبين لكم به ما وصفت من حاله (قالوا) له قد رضينا لك يا أمير المؤمنين ولا نفسنا بامتحانه فخل بيننا وبينه لننصب من يسأله بحضرتك عن شيء من فقه الشريعة فان اصاب الجواب عنه لم يكن لنا اعتراض في امره وظهر للخاصة والعامة سديد رأي امير المؤمنين وان عجز عن ذلك فقد كفينا الخطب في معناه (فقال) لهم المأمون شأنكم وذاك متى اردتم فخرجوا من عنده واجمع رأيهم على مسألة يحيى بن اكثم وهو يومئذ قاضي الزمان (قاضي القضاء خ ل) على ان يسأله مسألة لا يعرف الجواب فيها ووعدوه باموال نفيسة على ذلك وعادوا الى المأمون فسألوه ان يختار لهم يوما للاجتماع فأجابهم الى ذلك فاجتمعوا في اليوم الذي اتفقوا عليه وحضر معهم يحيى بن اكثم فأمر المأمون ان يفرش لابي جعفر «ع» دست ويجعل له فيه مسورتان (اي وسادتان) ففعل ذلك وخرج ابو

٦٢٦

جعفرعليه‌السلام وهو يومئذ ابن سبع سنين واشهر فجلس بين المسورتين وجلس يحيى بن اكثم بين يديه وقام الناس في مراتبهم والمأمون جالس في دست متصل بدست ابي جعفرعليه‌السلام فقال يحيى بن اكثم للمأمون استأذنه لي يا امير المؤمنين ان اسأل ابا جعفر «ع» فقال له المأمون استأذنه في ذلك فأقبل عليه يحيى بن اكثم فقال اتأذن لي جعهلت فداك في مسألة قال له ابو جعفر «ع» سل ان شئت (قال يحيى) ما تقول جعلني الله فداك في محرم قتل صيدا (فقال) له ابو جعفر «ع» قتلة في حل او حرم عالما كان المحرم ام جاهلاً قتله عمداً او خطأ كان المحرم ام عبداً صغيراً كان او كبيراً مبتدئاً بالقتل ام معيداً من ذوات الطير كان الصيد ام من غيرها من صغار الصيد كان ام من كباره مصراً على ما فعل او نادما في الليل كان قتله للصيد ام نهاراً محرما كان بالعمرة اذ قتله او بالحج كان محرما فتحير يحيى بن اكثم وبان في وجهه العجز والانقطاع وتلجلج حتى عرف جماعة اهل المجلس امره (فقال) المأمون الحمد لله على هذه النعمة والتوفيق لي في الرأي ثم نظر الى اهل بيته وقال لهم اعرفتم الآن ما كنتم تنكرونه ثم قال المأمون لابي جعفر ان رأيت جعلت فداك ان تذكر الفقه فيما فصلته من وجوه قتل المحرم الصيد لنعلمه ونستفيده فقال «ع» ان المحرم اذا قتل صيداً في الحل وكان الصيد من ذوات الطير وكان من كبارها فعليه شاة فان اصابه في الحرم فعيه الجزاء مضاعفا فاذا قتل فرخا في الحل فعليه حمل قد فطم من اللبن واذا

٦٢٧

قتله في الحرم فعليه الحمل وقيمة الفرخ وان كان من الوحش وكان حمار وحش فعليه بقرة وان كان نعامة فعليه بدنة (اي بعير او ناقة) وان كان ظبياً فعليه شاة فان قتل شيئاً من ذلك في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا هديا بالغ الكعبة واذا اصاب المحرم ما يجب عليه الهدي فيه وكان احرامه بالحج نحره بمنى وان كان احرامه بالعمره نحره بمكة وجزاء الصيد على العالم والجاهل سواء وفي العمد له المأثم وهو موضوع عنه في الخطا والكفارة على الحر في نفسه وعلى السيد في عبده والصغير لا كفارة عليه وهي على الكبير واجبة والنادم يسقط بندمه عنه عقاب الاخرة والمصر يجب عليه العقاب في الآخرة فامر المامون ان يكتب ذلك عنه وقال له احسنت يا ابا جعفر احسن الله اليك فان رأيت ان تسأل يحيى عن مسألة كما سألك (فقال) ابو جعفر «ع» ليحيى اسألك قال ذلك اليك جعلت فداك فان عرفت جواب ما تسألني عنه والا استفدته منك (فقال) له ابو جعفر «ع» اخبرني عن رجل نظر الى امرأة في اول النهار فكان نظره اليها حراما عليه فلما ارتفع النهار حلت له فلما زالت الشمس حرمت عليه فلما دخل عليه وقت العشاء الآخرة حلت له فلما كان انتصاف الليل حرمت عليه فلما طلع الفجر حلت له ما حال هذه المرأة وبماذا حلت له وحرمت عليه (فقال) له يحيى بن اكثم والله ما اهتدي الى جواب هذا السؤال ولا اعرف الوجه فان رأيت ان تفيدناه (فقال) ابو جعفر

٦٢٨

عليه‌السلام هذه امة لرجل من الناس نظر اليها اجبني في اول النهار فكان نظره اليها حراما عليه فلما ارتفع النهار ابتاعها من مولاها فحلت له فلما كان عند الظهر اعتقها فحرمت عليه فلما كان وقت العصر تزوجها فحلت له فلما كان وقت المغرب ظاهر منها فحرمت عليه فلما كان وقت العشاء الآخرة كفر عن الظهار فحلت له فلما كان في نصف الليل طلقها واحدة فحرمت عليه فلما كان عند الفجر راجعها فحلت له (فاقبل) المأمون على من حضره من أهل بيته فقال لهم هل فيكم احد يجيب عن هذه المسألة بمثل هذا الجواب ويعرف القول فيما تقدم من السؤال قالوا لا والله ان امير المؤمنين اعلم بما رأى فقال لهم ويحكم ان اهل هذا البيت خصوا من الخلق بما ترون من الفضل وان صغر السن فيهم لا يمنعهم من الكمال اما علمتم ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم افتتح دعوته بدعاء امير المؤمنين علي بن ابي طالبعليه‌السلام وهو ابن عشر سنين وقبل منه الاسلام وحم له به ولم يدع احداً في سنه غيره وبايع الحسن والحسينعليهما‌السلام وهما ابنا دون ست سنين ولم يبايع صبياً غيرهما افلا تعلمون ما اختص الله به هؤلاء القوم وانهم ذرية يجري لآخرهم ما يجري لا ولهم قالوا صدقت يا امير المؤمنين (قال) الخطيب في تاريخ بغداد ان المأمون خطب لما اراد ان يزوج الجواد ابنته ام الفضل فقال الحمد لله الذي تصاغرت الامور لمشيئته ولا إله الا الله اقراراً بربوبيته وصلى الله على محمد عبده وخيرته (اما بعد) فان الله جعل النكاح الذي رضيه لكمال سبب المناسبة الا واني قد

٦٢٩

زوجت زينب(١) ابنتي من محمد بن علي بن موسى امهرناها عنه اربعمائة درهم (وقال المفيد في الارشاد) ثم اقبل على ابي جعفر فقال له اتخطب يا ابا جعفر قال نعم يا امير المؤمنين فقال له المأمون اخطب جعلت فداك لنفسك فقد رضيتك لنفسي وانا مزوجك ام الفضل ابنتي وان رغم قوم لذلك فقال ابو جعفر «ع» على رواية غير المفيد الحمد لله منعم النعم برحمته والهادي الى فضله بمنته وصلى الله على محمد خير خلقه الذي جمع فيه من الفضل ما فرقه في الرسل قبله وجعل تراثه الى من خصه بخلافته وسلم تسليما وهذا امير المؤمنين زوجني ابنته على ما جعل الله للمسلمات على المسلمين امساك بمعروف او تسريح باحسان وقد بذلت لها من الصداق ما بذله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لزواجه وهو خمسمائة درهم ونحلتها من مالي مائة الف درهم زوجتني يا امير المؤمنين (فوري) ان المأمون قال : الحمد لله اقراراً بنعمته ولا اله الا الله اخلاصاً لوحدانيته (لعظمته خ ل) وصلى الله على محمد سيد بريته (عبده وخيرته خ ل) والاصفياء من عترته (اما بعد) فقد كان من فضل الله على الانام ان اغناهم بالحلال عن الحرام فقال سبحانه وانكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وامائكم ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم ثم ان محمد بن علي بن موسى يخطب ام الفضل بنت عبد الله

____________________

(١) هذا يدل على ان اسمها زينب وام الفضل كنية لها ويدل بعض الاخبار على انهاتكنى ام عيسى.

- مؤلف -

٦٣٠

المأمون وقد بذل لها من الصداق خمسمائة درهم وقد زوجته فهل قبلت يا ابا جعفر فقال ابو جعفر قد قبلت هذا التزويج بهذا المصداق (هذه) رواية المسعودي في اثبات الوصية اما المفيد فلم يذكر خطبة المأمون ونسب خطبته الى الجواد بتغيير يسير وفي آخرها وقد بذل لها من الصداق مهر جدته فاطمة بنت محمدعليهما‌السلام وهو خمسمائة درهم جياد فهل زوجته يا امير المؤمنين بها على هذا الصداق المذكور قال المأمون نعم قد زوجتك يا ابا جعفر ام الفضل ابنتي على الصداق المذكور فهل قبلت النكاح فقل ابو جعفرعليه‌السلام قد قبلت ذلك ورضيت به والله اعلم اي ذلك كان (والم) عليه المأمون وأمر ان يعقد الناس على مراتبهم في الخاصة والعامة (قال الريان) ولم نلبث ان سمعناه اصواتا تشبه اصوات الملاحين في محاوراتهم فاذا الخدم يجرون سفينة مصنوعة من الفضة تشد بحبال من الابريسم على عجلة مملوءة من الغالية فامر المأمون ان تخضب لحى الخاصة من تلك الغالي ثم مدت الى دار العامة فطيبوا منها ووضعت الموائد فأكل الناس وخرجت الجوائز الى كل قوم على قدرهم (فلما) كان من الغد حضر الناس وحضر ابو جعفرعليه‌السلام وصار القواد والحجاب والخاصة والعمال لتهنئة المأمون وابي جعفرعليه‌السلام فاخرت ثلاثة اطباق من الفضة فيها بنادق مسك وزعفران معجون ، في اجواف تلك البنادق رقاع مكتوبة باموال جزيلة وعطايا سنية واقطاعات فامر المامون بثرها على القوم من خاصته فكان كل من وقع في يده بندقة اخرج

٦٣١

الرقعة التي فيها والتسمه فاطلق له ووضعت البدر فنثر ما فيها على القواد وغيرهم وانصرف الناس وهم اغنياء بالجوائز والعطايا (وتقدم المامون) بالصدقة على كافة المساكين ثم امر فنثر على ابي جعفر «ع» رقاع فيها ضياع وطعم وعمالات ولم يزل مكرما لابي جعفر «ع» معظما لقدره يؤثره على ولده وجماعة اهل بيته (ثم) ان الجواد «ع» استأذن المأمون في الحج وخرج من بغداد ومعه زوجته ام الفضل (قال المفيد) ولما توجه من بغداد منصرفا من عند المأمون ومعه ام الفضل قاصداً بها المدينة وصار الى شارع باب الكوفة ومعه الناس يشيعونه فانتهى الى دار المسيب عند مغيب الشمس نزل ودخل المسجد وكان في صحنه نبقة لم تحمل بعد فدعا بكوز فيه ماء فتوضأ في اصل النبقة وقام وصلى بالناس صلاة المغرب فقرأ في الاولى منها الحمد واذا جاء نصر الله وفي الثانية الحمد والتوحيد وقنت قبل ركوعه فيها وصلى الثالثة وتشهد وسلم ثم جلس هنيهة يذكر الله جل اسمه وقام من غير ان يعقب فصلى النوافل الاربع (اربع ركعات خ ل) وعقبها تعقيبها وسجد سجدتي الشكر ثم خرج فلما انتهى الى النبقة رآها الناس وهد حملت حملا حسنا فتعجبو من ذلك واكلوا منها فوجدوا نبقاً حلوا لا عجم(١) له وودعوه ومضى من وقته الى المدينة ٠وفي البحار) قال الشيخ المفيد وقد اكلت من ثمرها وكان لا عجم له (وقال المفيد)

____________________

(١) العجم بالتحريك النوى.

- المؤلف -

٦٣٢

روى الناس ان ام الفضل كتبت الى ابيها من المدينة تشكوا ابا جعفر «ع» وتقول انه يتسرى علي ويغيرني فكتب اليها المأمون يا بنية انا لم نزوجك ابا جعفر لنحرم عليه حلالا فلا تعاودي لذكر ما ذكرت بعدها (ولم) يزل «ع» مقيما بالمدينة الى ان اشخصه المعتصم الى بغداد فاقام بها حتى توفي

حفر بطيبة والغري وكربلا وبطوس والزورا وسامراء

ما جئتها في حاجة الا انقضت وتبدل الضراء بالسراء

المجلس السابع

روى المرتضى في عيون المعجزات ان الرضاعليه‌السلام قال انما ارزق ولداً واحداً وهو يرثني فلما ولد ابو جعفر «ع» قال الرضا «ع» لاصحابه قد ولد لي شبيه موسى بن عمران وشبيه عيسى بن مريمعليهما‌السلام قدست أم ولدته قد خلقت طاهرة مطهرة ثم قال الرضا «ع» يقتل (اي الجواد) غصباً فيبكي له وعليه اهل السماء ويغضب الله على عدوه وظالمه فلا يلبث الا يسيراً حتى يعجل الله به (قال) ابن بابويه وغيره ان الجواد «ع» سمه المعتصم (وقال المفيد) قيل انه مضى مسموما ولم يثبت عندي بذلك خبر فأشهد به (واختلفت) الروايات والاقوال في كيفية سم المعتصم

٦٣٣

له (فقيل) كان ابو جعفر محمد بن علي الجواد «ع» وفد على المأمون الى بغداد بعد وفاة ابيه الرضا «ع» وتزوج بام الفضل ابنة المامون ثم رجع الى المدينة وهي معه فاقام بها حتى توفي المأمون في رجب سنة ثمان عشرة ومائتين وبويع اخوه المعتصم في شعبان من تلك السنة فجعل المعتصم يتفقد احوال الجواد «ع» فكتب الى محمد بن عبد الملك الزيات(١) ان ينفقذ اليه محمداً التقي وزوجته ام الفضل بنت المأمون فانفذ ابن الزيات علي بن يقطين اليه فتجهز وخرج من المدينة الى بغداد وحمل معه زوجته ابنة المامون (ويروى) انه لما خرج من المدينة خرج حاجا وابنه ابو الحسن علي صغير فخله في المدينة وسمل اليه المواريث والسلاح ونص عليه بمشهد ثقاته وأصحابه وانصرف الى العراق فورد بغدا لليلتين بقيتا من المحرم سنة عشرين ومائتين فلما وصل الى بغداد اكرمه المعتصم وعظمه وأنفذ اشناس احد عبيده بالتحف اليه والى ام الفضل ثم انفذ اليه شراب حماض الاترج تحت ختمه على يد اشناس فقال ان امير المؤمنين ذاقه ويامرك ان تشرب منه بماء الثلج في الحال فقال «ع» أشربها ليلا وكا صائماً فقال انها تنفع وقد ذاب الثلج وأصر على ذلك فشربها عند الافطار وكان فيها سم (وقال المسعودي) في اثبات الوصية لما انصرف ابو

____________________

(١) الذي في النسخة عبد الملك الزيات ولكن الذي كان وزيراً للمعتصم هو محمد بن عبد الملك الزيات.

- المؤلف -

٦٣٤

جعفرعليه‌السلام الى العراق لم يزل المعتصم وجعفر بن المأمون يدبران ويعملان الحلية في قتله فقال جعفر لاخته ام الفضل وكانت لأمه وابيه في ذلك لانه وقف على انحرافها عنه وشدة غيرتها عليه لتفضيله ام ابي الحسن ابنه عليها مع شدة محبتها له ولأنها لام تزرق منه ولداً فاجابته الى ذلك (وقال) غير المسعودي ان المعتصم اشار عليها بان تسمه فجعلت له سماً في عنب رازقي ووضعته بني يديه فلما اكل منه ندمت وجعلت تبكي فقال ما بكاؤك والله ليضربنك الله بفقر لا ينجبر وبلاء لا ينستر فماتت بعلة في أغمض المواضع من جوارحها صارت ناسوراء فانفقت مالها وجميع ما مكلته على تلك العلة حتى احتاجت الى الاسترفاد وتردى جعفر ابن المأمون في بئر وهو سكران فاخرج ميتاً ولما توفي الجواد ادخلت زوجته ام الفضل الى قصر المعتصم فجعلت مع الحرم (وروى) العياشي في تفسيره عن زرقان صاحب احمد بن ابي دؤاد (قاضي المعتصم) قال رجع ابن ابي دؤاد ذات يوم من عند المعتصم وهو مغتم فسألته فقال وددت اليوم اني قدمت منذ عشرين سنة فقلت لم ذاك فقال لما كان من هذا الاسود ابي جعفر محمد بن علي بن موسى اليوم بين يدي امير المؤمنين فقلت وكيف كان ذلك قال ان سارقا أقر على نفسه بالسرقة وسأل الخليفة تطهيره باقامة الحد عليه فجمع لذلك الفقهاء وأحضر محمد بن علي فسألنا عن القطع في اي موضع يجب ان يقطع فقلت من الكرسوع (وهو طرف الزند الناتئ مما يلي الخنصر) فقال وما الحجة في

٦٣٥

ذلك فقلت لان اليد هي الاصابع والكف الى الكرسوع يقول الله تعالى في التيمم فامسحوا بوجوهكم وأيديكم واتفق معي على ذلك قوم (وقال آخرون) بل يجب القطع من المرفق لان الله تعالى لما قال وايديكم الى المرافق دل على ان حد اليد هو المرفق فالتفت الى محمد بن علي فقال ما تقول في هذا يا ابا جعفر فقال قد تكلم القوم فيه يا امير المؤمنين قال دعني مما تكلموا به اي شيء عندك قال اعفني من هذا قال اقسمت عليك بالله لما اخبرت بما عندك فيه فقال اما اذا اقسمت علي بالله اني أقول انهم اخطأوا فيه السنة فان القطع يجب ان يكون من مفصل اصول الاصابع فيترك الكف قال وما الحجة في ذلك قال قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم السجود على سبعة اعضاء الوجه واليدين والركبتين والرجلين فاذا قطعت يده من الكرسوع او المرفق لم يبق له يد يسجد عليها وقال الله تعالى وما كان لله لم يقطع فأعجب المعتصم ذلك وأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكف (قال) ابن أبي دؤاد قامت قيامتي وتمنيت أني لم أك حياً ثم صرت الى المعتصم بعد ثلاث فقلت ان نصيحة أمير المؤمني علي واجبة وأنا أكلمه بما أعلم اني أدخل به النار قال وما هو قلت اذا جمع أمير المؤمنين في مجلسه فقهاء رعيته وعلماءهم لأمر واقع من أمور الدين فسألهم عن الحكم فيه فأخبروه بما عندهم وقد حضر مجلسه أهل بيته وقواده ووزراؤه وكتابه وقد تسامع الناس بذلك من وراء بابه ثم يترك

٦٣٦

أقاويلهم لقول رجل يقول شطر هذه الأمة بامامته ويدعون انه أولى منه بمقامه ثم يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء قال فتغير لونه وانتبه لما نبهته له وقال جزاك الله عن نصيحتك خيراً وأمر في اليوم الرابع فلانا من كتاب وزرائه بان يدعو الجواد الى منزله فدعاه فأبى أن يجيبه قال قد علمت اني لا أحضر مجالسكم فقال انما أعدوك الى الطعام وأحب ان تطأ ثيابي وتدخل منزلي فأتبرك بذلك فقد أحب فلان بن فلان من وزراء الخليفة لقاءك فصار اليه فلما طعم أحس بالسم فدعا بدابته فسأله رب المنزل أن يقيم فقال خروجي من دارك خير لك فلم يزل يومه ذلك وليلته في قلق حتى قبضعليه‌السلام مسموماً غريباً صابراً محتسباً ودفن في مقابر قريش في ظهر جده موسى بن جعفرعليهما‌السلام .

أتقتل يا ابن الشفيع المطاع ويا ابن المصابيح وابن الغرر

ويا ابن الشريعة وابن الكتاب ويا ابن الرواية وابن الأثير

مناسب ليست بمجهولة ببدو البلاد ولا بالحضر

مهذبة من جميع الجهات ومن كل عائبة أو كدر

(مراثي ابي جعفر محمد بن علي الجوادعليه‌السلام )

قال السيد صالح النجفي المعروف بالقزويني من قصيدة :

ونص الرضا ان الجواد خليفتي عليكم بأمر الله يقضي ويحكم

٦٣٧

هو ابن ثلاث كلم الناس هاديا كما كان في المهد المسيح يكلم

سلوه يجيبكم وانظروا ختم كتفه ففي كتفه ختم الامامة يختم

وكم لك يا ابن المصطفى بان معجز به كل أنف من أعاديك مرغم

وصاهرك المأمون لما بدت له معاجزك اللاتي بها الناس سلموا

أسر امتحانا صيد باز فأخبرته عما يسر ويكتم

وأرشى العدى يحيى بن أكثم خفية وظنوا بما يأتيه أنك تفحم

فاخجلت يحيى في الجواب مبينا عن الصيد يريده امرؤ وهو محرم

وأنت أجبت السائلين مسائلا ثلاثين الفاً عالماً لا تعلم

أقمت وقومت الهدى بعد سادة أقاموا الهدى من بعد زيسغ وقوموا

فطوس لكم والكرخ شجوا وكربلا وكوفان تبكي والبقيع وزمزم

وكم أبرموا أمراً وكادوا فكدتهم بنقضك ما كادوك فيه وأبرموا

وكم قد تعطفتم عليهم ترحما فلم يطفو يوماً عليكم ويرحموا

فما منكم قد حرم الله حللوا فلم يعطفوا يوماً عليكم حرموا

وجدهم لو كان أوصى بقتلهم اليكم لما زدتم على ما فعلتم

فصمتم من الدين الحنيفي حبله وعروته الوثقى التي ليس تفصم

وسمته أم الفضل عن أمر عمها فويل لها من جده يوم تقدم

قضى منكم كربا وعاش مروعاً ولا جازع منكم ولا مترحم

على قلة الأيام والمكث لم يزل بكم كل يوم يستضام ويهضم

فيا لقصير العمر طال لموته على الدين والدنيا البكا والتألم

مضيت فلا قلب المكارم هاجع عليك ولا طرف المعالي مهوم

٦٣٨

ولا مربع الايمان والهدي مربع ولا محكم الفرقان والوحي محكم

بفقدك قد أثكلت شرعة أحمد فشرعته الغراء بعدك أيم

عفا بعدك الاسلام حزنا واطفئت مصابيح دين الله فالكون مظلم

فيا لك مفقوداً ذوت بهجة الهدى له وهوت من هالة المجد انجم

يميناً فما لله الاك حجة يعاقب فيه من يشاء ويرحم

وليس لأخذ الثار الا محجب به كل ركن للضلال يهدم

زقال علي بن عيسى الاربلي صاحب كشف الغمة(١)

ضرام الوجد يقدح في الفؤاد لرزء المرتضى المولى الجواد

امام هدى له شرف ومجد علا بهما على السبع الشداد

اما هدى له وشرف ومجد أقر به الموالي والمادي

تصوب يداه بالجدوى فتغني عن الأنواء في السنة الجماد

يبخل جود كفيه اذا ما جرى في الجود منهل الغوادي

بنى في ذروة العلياء بيتاً بعيد الصيت مرتفع العماد

فمن يرجو اللحاق به اذا ما أتى بطريف فخر أو تلاد

من القوم الذين أقر طوعاً بفضلهم الأصادق والأعادي

بهم عرف الورى سبل المعالي وهم دلوا الأنام على الرشاد

لهم أيد جبلن على سماح وأفعال طبعن على سداد

وهم من غير ما شك وخلف اذا أنصفت سادات العباد

____________________

١ - بيت الأول ليس له بل المؤلف.

- المؤلف -

٦٣٩

أيا مولاي دعوة ذي ولاء اليكم ينتمي وبكم ينادي

يقدم حبكم ذخراً وكنزاً يعود اليه في يوم المعاد

ففيكم رغبتي وعلى هداكم محافظتي وحبكم اعتقادي

وقد قدمتكم زاداً لسيري الى الآخرى ونعم الزاد زادي

فأنتم عدتي ان جار دهر وأنتم ان عرا خطب عتادي

(ابو الحسن علي بن محمد الهاديعليه‌السلام )

المجلس الاول

الامام بعد أبي جعفر محمد الجواد وعاشر أئمة المسلمين وخلفاء الله في العالمين ورابع العليين ولده علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام .

ولد علي الهادي «ع» بقرية من ناحي المدينة(١) يوم الجمعة أو

____________________

(١) (قال) المفيد في الارشاد والطبرسي في اعلام الورى وابن شهر اشوب في المناقب وغيرهم ولد بصريا من نواحي المدينة ولم أجدها في معجم البلدان ولا في شيء من كتب اللغة ولذلك لم

٦٤٠