المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة الجزء ٥

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة0%

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 767

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة

مؤلف: السيد محسن بن عبد الكريم الأمين
تصنيف:

الصفحات: 767
المشاهدات: 73523
تحميل: 2547


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 767 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 73523 / تحميل: 2547
الحجم الحجم الحجم
المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة الجزء 5

مؤلف:
العربية

الثلاثاء الثاني أو الخامس أو الثالث عشر من رجب أو للنصف من ذي الحجة أو السابع منه أو السابع والعشرين منه سنة اثنتي عشرة أو أربع عشرة ومائتين وتدل بعض الأدعية على ولادته هو وأبوهعليهما‌السلام في رجب(١) (قال المسعودي) في اثبات الوصية حمل الى المدينة وهو صغير في السنة التي حج فيها أبو جعفر بابنة المأمون (وتوفي) بسر من رأى يوم الثلاثاء أو الاثنين الثالث من رجب أو لثلاث أو أربع أو خمس بقين من جمادى الآخرة نصف النهار سنة أربع وخمسين ومائتين ودفن في داره بسامراء وكان المتوكل أشخصه من المدينة اليها (وكان) عمره يوم وفاته أربعين سنة أو الا أياماً أو احدى وأربعين سنة وأشهراً أو وسبعة أشهر أو اثنتين وأربعين سنة عل يحسب اختلاف الأقوال والروايات في اريخ المولد والوفاة (أقام) منها مع أبيه ست سنين وأربعة أشهر أو خمسة أشهر أو ستة أشهر أو ثمان سنين الا نصف تيسير لي ضبط اسمها هل هي بالصاد والراء المهملتين والياء المثناة من تحت كما في أكثر النسخ وهل الياء مشددة أو مخففة أو بالباء الموحدة أو بالقاف والنون كمكا يوجد ذلك كله في النسخ المختلفة فليضبط ، من وجده.

____________________

(١) وهو اللهم اني أسألك بالمولودين في رجب محمد بن علي الثاني وابنه علي بن محمد المنتجب الخ.

- المؤلف -

٦٤١

شهر وبعد أبيه ثلاثا وثلاثين سنة أو وتسعة أشهر وهي مدة امامته وهي بقية ملك المعتصم ثم ملك الواثق والمتوكل والمنتصر والمستعين والمعتز وتوفي في آخر ملك المعتمد (وكانت) مدة اقامته بسر من رأى عشرين سنة أو عشرين وتسعة أشهر (وامه) أم ولد يقال لها سمانة المغربية (كنيته) أبو الحسن ويقال أبو الحسن الثالث (وأشهر الثابه) الهادي ويلقب بالنجيب والمرتضى والنقي والمتوكل والعسكري وغيرها (قال) ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة : وكان ينهى أصحابه عن تلقيبه بالمتوكل لكونه يومئذ لقب الخليفة العباسي وسبب تسميته بالعسكري هو وابنه الحسنعليهما‌السلام ان المحلة التي سكناها بسامراء كانت تسمى عسكراً (وقال) سبط بن الجوزي انما نسب الى العسكر لأن المتوكل أشخصه الى سر من رأى فاقام بها اه. وكانت سامراء تسمى العسكر لأن عسكر المعتصم نزلها (نقش خاتمه) الله ربي وهو عصمتي من خلقه (بوابه) عثمان بن سعيد (شاعره) العوني والدليمي ومحمد بن اسماعيل الصميري (له من الأولاد) أربعة ذكور وبنت واحدة وهم أبو محمد الحسن الامام بعده والحسين ومحمد توفي في حياة أبيه وجعفر وهو الذي ادعى الامامة بعد وفاة أخيه الحسن العسكري وعرف بجعفر الكذاب وعائشة.

قوم لهم في كل أرض مشهد لا بل لهم في كل قلب مشهد

قوم منى والمشعران لهم والمروتان لهم والمسجد

قوم أتى في هل أتى مديحهم هل شك في ذلك الا ملحد

٦٤٢

المجلس الثاني

(أما صفته في خلقة وحليته) ففي الفصول المهمة صفته أسمر اللون (وأما صفته في أخلاقه وأطواره) ففي مناقب ابن شهر اشوب كان أطيب الناس مهجة وأصدقهم لهجة وأملحهم من قريب وأكملهم من بعيد اذا صمت علته هيبة الوقار واذا تكلم سماه البهاء وهو من بيت الرسالة والامامة ومقر الوصية والخلافة شعبة من دوحة النبوة منتضاة مرتضاة وثمرة من شجرة الرسالة مجتناة مجتباة وقال عبد الله بن يحيى بن خاقان لو رأيته لرأيت رجلا جليلا (جزلا ج ل) نبيلا خيراً فاضلا وفي شذرات الذهب كان فقيهاً اماماً متعبداً.

(وأما صفته في لباسه) فسيأتي في المجلس الرابع ان سعيد الحاجب وجد عليه جبة صوف وقلنسوة منها ولكن هذا لا يدل على ان ذلك كان لباسه دائماً بل الظاهر ان هذا كان لباسه حال الصلاة وانه حال مواجهة الناس كان يلبس لباساً نفيساً كآبائه.

هم آل ميراث النبي اذا اغتدوا وهم خير سادات وخير حماة

اذا لم نناج الله في صلواتنا بأسمائهم لم يقبل الصلوات

* * *

٦٤٣

المجلس الثالث

قال المفيد عليه الرحمة كان الامام بعد أبي جعفر الجواد ابنه أبو الحسن علي بن محمد الهادي لاجتماع خصال المامة فيه وتكامل فضله وانه لا وارث لمقام ابيه سواه وثبوت النص عليه بالامامة والاشارة اليه من ابيه بالخلافة (فمن) النصوص على امامته (ما رواه الكليني) بسنده عن اسماعيل بن مهران قاللما استدعى المعتصم ابا جعفر من المدينة الى بغداد قلت له جعلت فداك انت خارج الي فقال الامر من بعدي الى ابني علي (وما رواه) الصدوق) في اكمال الدين بسنده عن ابي جعفر محمد بن علي الرضاعليه‌السلام انه قال ان الامام بعدي ابني علي امره امري وقوله قولي وطاعته طاعتي والامامة بعده في ابنه الحسن (وروى) الحميري انه قيل لأبي جعفرعليه‌السلام ان حدث بك واعوذ بالله حادث فالى من قال الى ابني هذا يعني ابا الحسنعليه‌السلام (الحديث) الى غير ذلك من النصوص الكثيرة التي يضيق عنها المقام.

(وفي اعلام الورى) مسنداً عن محمد بن الحسن الأشتر العلوي قال كنت مع ابي على باب المتوكل وانا صبي في جمع من الناس ما بين طالبي الى عباسي وجعفري ونحن وقوف اذ جاء ابو الحسن

٦٤٤

فترجل الناس كلهم حتى دخل فقال بعضهم لبعض لم نترجل لهذا الغلام وما هو بأشرفنا ولا باكبرنا سناً والله لا ترجلنا له فقال ابو هاشم الجعفري والله لتترجلن له صغره اذار ايتموه فما هو الا ان اقبل وبصروا به حتى ترل له الناس كلهم فقال لهم ابو هاشم اليس زعمتم انكم لا تترجلون له فقالوا له والله ما ملكنا انفسنا حتى ترجلنا (وروى) الكليني بسنده ان المتوكل قال ويحكم قد اعياني امر ابن الرضا(١) وجهدت ان يشرب معي وان ينادمني فامتنع وجهدت ان اجد فرصة في هذا المعنى فلم اجدها فقيل له ان لم تجد من ابن الرضا ما تريده فهذا اخوه موسى قصاف عزاف ياكل ويشرب ويعشق ويتخالع فأحضره وأشهره فيشيع الخبر عن ابن الرضا بذلك فلا يفرق الناس بينه وبين اخيه ومن عرفه اتهم اخاه بمثل فعاله فقال اكتبوا باشخاصه مكرما فأشخص مكرما فتقدم المتوكل ان يتلقاه جميع بني هاشم والقواد وسائر الناس وعزم على انه اذا وافى اقطعه قطيعة وبنى له فيها وحول اليها الخمارين والقيان وتقدم بصلته وبره وأفرد له منزلا سريا يصلح أن يزوره

____________________

(١) المراد به الهاديعليه‌السلام وعبر عنه بابن الرضا في هذا المقام وغيره بكثرة وذلك لشدة شهرة الرضاعليه‌السلام فنسب اليه وقال ابن شهر اشوب في المناقب والطبرسي في اعلام الورى في ترجمة الحسن العسكريعليه‌السلام كان هو وابوه وجده يعرف كل منهم في زمانه بابن الرضا

- المؤلف -

٦٤٥

هو فيه فلما وافى موسى تلقاه ابو الحسنعليه‌السلام الى الموضع الذي يتلقى فيه القادمون فسلم عليه ووفاه حقه ثم قال له ان هذا الرجل احضرك ليتهكك فلا تقر له انك شربت نبيذاً قط واتق الله يا اخي ان تركب محظوراً فقال له موسى انما دعاني لهذا فما حيلتي قال فلا تضع من قدركك ولا تعص ربك ولا تفعل ما يشينك فما غرضه الا هتكك فأبى عليه موسى فكرر عليه ابو الحسن القول والوعظ فلم يقبل فقال له اما ان الذي تريد الاجتماع معه عليه لا تجتمعان عليه ابدا فاقام ثلاث سنين يبكر كل يوم الى باب المتوكل فيقال له قد شرب دواء فما زال كذلك حتى قتل المتوكل ولم يجتمع معه على الشراب.

مناقب آل المصطفى قدوة الورى بهم يبتغي مطلوبه كل طالب

مناقب تجلى سافرات وجوهها ويجلو سناها مدلهم الغياهب

المجلس الرابع

مما جاء في سعة علم ابي الحسن علي بن محمد الهاديعليه‌السلام ما ذكره ابن شهر اشوب في المناقب وغيره قال لما سم المتوكل (وفي رواية) مرض نذر لله ان عوفي ان يتصدق بمال كثير فلما عوفي

٦٤٦

سأل الفقهاء فاختلفوا في المال الكثير ولم يجد عندهم فرجا فقال له الحسن حاجبه ان اتيتك يا امير المؤمنين بالصواب فمالي عندكقال عشرة آلاف درهم والا ضربتك مئة مقرعة قال قد رضيت فأتى ابا الحسن علي بن محمد الهادي «ع» فسأله فقال قل له يتصدق بثمانين درهما (وفي رواية) بثلاثة وثمانين دينارا فأخبر المتوكل فسأله ما العلة ان الله تعالى قال لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فبلغت ثمانين موطنا فرجع اليه فاخبره ففرح واعطاه عشرة الاف درهم. (وسال) المتوكل ابن الجهم من اشعر الناس فذكر شعراء الجاهلية والاسلام ثم انه سال ابا الحسن علي الهادي فقال الحماني حيث يقول:

لقد فاخرتنا من قريش عصابة بمط خدود وامتداد اصابع

فلما تنازعنا المقال قضى لنا عليهم بما فاهوا(١) نداء الصوامع

ترانا سكوتا والشهيد بفضلنا عليهم جهير الصوت في كل جامع

فان رسول الله احمد جدنا ونحن بنوه كالنجوم الطوالع

قال المتوكل وما نداء الصوامع يا ابا الحسن ؟ قال : أشهد أن لا اله الا الله وأشهد ان محمداً رسول للهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جدي أم جدك فضحك المتوكل ثم قل هو جدك لا ندفعك عنه (وقال) له المتوكل يوما : ما يقول ولد أبيك في العباس بن عبد المطلب قال ما يقول ولد أبي يا أمير المؤمنين في رجل فرض الله

____________________

(١) بما نهوى خ ل

- المؤلف -

٦٤٧

تعالى طاعة نبيه على جميع خلقه وفرض طاعته على نبيه فسر المتوكل بذلك وانما أراد ابو الحسن أن طاعة الله مفروضة على نبيه

اليكم كل مكرمة تؤول اذا ما قيل جدكم الرسول

كفاكم من مديح الناس مدحا اذا ما قيل أمكم البتول

المجلس الخامس

فيما جاء عن أبي الحسن علي بن محمد الهاديعليه‌السلام من المواعظ والحكم (قال ع) ان الله جعل الدنيا بلوى والآخرة دار عقبى وجعل بلوى الدنيا لثواب الآخرة سببا وثواب الآخرة من بلوى الدنيا عوضا (وقال ع) من جمع لك وده ورأيه فاجمع له طاعتك (وقال ع) من هانت عليه نفسه فلا تامن شره (وقال ع) من رضي عن نفسه كثر الساخطون عليه (وقال ع) الغناء قلة تمنيك والرضا بما يكفيك والفقر شره النفس وشدة القنوط (وقال ع) المصيبة للصابر واحدة وللجازع اثنتان (وقال ع) الحسد ما حي الحسناب والعجب صارف عن طلب العلم والبخل أذم الاخلاق والطمع سجية سيئة (وقال ع) السهر ألذ للمنام والجوع يزيد في طيب الطعام (يريد) به الحث على قيام الليل وصيام النهار (وقال ع) الغضب على من تملك لؤم (وقال ع)

٦٤٨

الحكمة لا تنجع في الطباع الفاسدة (وقال ع) خير من الخير فاعله وأجمل من الجميل قائله وارجح من العلم حامله وشر من الشر جالبه وأهول من الهول راكبه (وقال ع) للمتوكل في كلام دار بينهما لا تطلب الصفا لمن كدرت عليه ولا الوفا ممن غدرت به ولا النصح ممن صرفت سوء ظنك اليه فانما قلب غيرك كقلبك له.

اذا ما بلغت الصادقين بني الرضا فحسبك من هاد يشير الى هادي

ينابيع علم الله أطواد دينه فهل من نفاد ان علمت لاطواد

نجوم متى نجم خبا مثله بدا فصلى على الخابي المهيمن والبادي

المجلس السادس

قال المفيد عليه الرحمة كان سبب شخوص أبي الحس نعلي الهاديعليه‌السلام الى سر من رأى ان عبد الله بن محمد كان يتولى الحرب والصلاة بمدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسعى بأبي الحسنعليه‌السلام وكان يقصده بالأذى (وقال) المرتضى في عيون المعجزات والمسعودي في اثبات الوصية أن بريحة العباسي صاحب الصلاة بالحرمين كتب الى المتوكل ان كان لك في الحرمين حاجة فاخرج ابن محمد منها فانه قد دعا الناس الى نفسه واتبعه خلق كثير وتابع بريحة الكتب في هذا المعنى (وقال) سبط بن الجوزي في

٦٤٩

تذكرة الخواص قال علماء السير انما أشخصه المتوكل من المدينة الى بغداد لأن المتوكل كان يبغض علياً وذريته فبلغه مثام علي الهادي بالمدينة وميل الناس اليه فخاف منه فدعا يحيى بن هرثمة وقال اذهب الى المدينة وانظر في حاله وأشخصه الينا قال يحيى فذهبت الى المدينة فلما دخلتها ضج أهلها ضجيجاً عظيما ما سمع الناس بمثله خوفاً على علي وقامت الدنيا على ساق لأنه كان محسناً اليهم ملازماً للمسجد ولم يكن عنده ميل الى الدنيا فجعلت اسكنهم واحلف لهم اني لم اؤمر فيه بمكروه وانه لا بأس عليه ثم فتشت منزله فلم أجد فيه الا مصاحف وأدعية وكتب العلم فعظم في عيني وتوليت خدمته بنفسي وأحسنت عشرته (قال المفيد) وبلغ أبا الحسنعليه‌السلام سعاية عبد الله بن محمد بن فكتب الى المتوكل يذكر تحامل عبد الله بن محمد عليه وكذبه فيما سعى به فتقدم المتوكل باجابته عن كتابه ودعاه فيه الى الحضور الى سر من رأى على جميل من الفعل والقول وهذه نسخة الكتاب.

بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فان أمير المؤمنين عارف بقدرك راع لقرابتك موجب لحقك مؤثر من الأمور فيك وفي أهل بيتك ما يصلح الله به حالك وحالهم ويثبت به عزك وعزهم ويدخل الأمن عليك وعليهم يبتغي بذلك رضا ربه واداء ما افترض عليه فيك وفيهم وقد رأي أمير المؤمنين صرف عبد الله ابن محمد عما كان يتولاه من الحرب والصلاة بمدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اذ كا ن على ما ذكرت من جهالته بحقك واستخفافه بقدرك وعند

٦٥٠

ما قرفك به ونسبك اليه من الأمر الذي قد علم أمير المؤمنين براءتك منه وصدق نيتك وقولك فيترك محاولتة وانك لم تؤهل نفسك لما قرفت بطلبه وقد ولى أمير المؤمنين ما كان يلي من ذلك محمد بن الفضل وامره باكرامك وتبجيلك والانتهاء الى أمرك ورأيك والتقرب الى الله والى امير المؤمنين بذلك وأمير المؤمنين مشتاق اليك يحب احداث العهد بك والنظر اليك فان نشطت لزيارته والمقام قبله ما احببت شخصت ومن اخترت من أهل بيتك ومواليك وحشمك على مهلة وطمأنينة ترحل اذا شئت وتنزل اذا شئت وتسير كيف شئت وان احببت ان يكون يحيى بن هرثمة مولى أمير المؤمنين فما أحد من اخوانه وولده وأهل بيته والخاصته الطف منك منزلة ولا أحمد له إثرة ولا هو لهم أنظر ولا عليهم الشفق وبهم ابر واليهم اسكن منه اليك والسلام عليك ورحمة الله وبركاته وكتب ابراهيم بن العباس في جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين ومائتين (فلما) وصل الكتاب الى أبي الحسن «ع» تجهز للرحيل واستأجل ثلاثة ثم خرج متوجهاً نحو العراق (قال المسعودي) واتبعه بريحة مشيعاً فلما صار في بعض الطريق قال له بريحة قد علمت وقوفك على أني كنت السبب في حملك وعلي حلف بايمان مغلظة لئن شكوتني الى أمير المؤمنين أو أحد

٦٥١

من خاصته لأجمرن(١) نخلك ولأقتلن مواليك ولأغورن عيون ضيعتك ولأفعلن ولأصنعن فقال له أبو الحسين «ع» ان أقرب عرضي اياك على الله البارحة وما كنت لأعرضنك عليه ثم أسكوك الى غيره من خلقه فانكب عليه بريجة وضرع اليه واستعفاء فقال قد عفوت عنك (ولم يزل ع) سائراً ومعه يحيى بن هرثمة حتى وصل الى بغداد (قال المسعودي) فخرج اسحاق بن ابراهيم وجملة القواد فتلقوه (قال سبط بن الجوزي) قال يحيى لما قدمت به بغداد بدأت باسحاق بن ابراهيم الطاهري وكان والياً على بغداد فقال لي يا يحيى ان هذا الرجل قد ولده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمتوكل من تعلم فان حرضته عليه قتله وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خصمك يوم القيامة فقلت له والله ما وقعت منه الا على كل أمر جيمل ثم صرت الى سر من رأى فبدأت بوصيف التركي فاخبرته بوصوله فقال والله لئن سقط منه شعرة لا يطالب بها سواك فعجبت كيف وافق قوله قول اسحاق فلما دخلت على المتوكل سالني عنه فاحبرته بحسن سيرته وسلامة نيته وورعه وزهادته واني فتشت داره فلم أجد فيها غير المصاحف وكتب العلم وان أهل المدينة خافوا عليه فاكرمه المتوكل وأحسن جائزته (قال المسعودي) لما خرج الهادي

____________________

(١) جمرت النخلة قطعت جمارها بضم الجيم وتشديد الميم وهو شحمها الذي في جوفها وااذ قطع ذلك يبست لا محالة.

المحقق

٦٥٢

«ع» الى سر من رأى تلقاه جملة أصحاب المتوكل حتى دخل اليه فاعظمه وأكرمه ثم انصرف عنه الى دار قد اعدت له (وقال المفيد) لما وصل الى سامرا تقدم المتوكل بان يحجب عنه في يومه فنزل في خان يقال له خان الصعاليك وأقام فيه يومه ثم أمر المتوكل بافراد دار له فانتقل اليها. وأقام أبو الحسن «ع» مدة مقامه بسر من رأى مكرماً في ظاهر حاله ويبتغي له المتوكل الغوائل في باطن أمره وكان يجتهد في إيقاع حيلة به ويعمل على الوضع من قدره في عيون الناس فلا يتمكن من ذلك (وروى) صقر الكرخي قال لما حمل المتوكل سيدنا ابا الحسن الهاديعليه‌السلام الى سر من رأى احببت ان اسأل عن خبره فنظر الي الزرافي حاجب المتوكل ثم أمرني بالدخول فلما انفض النس قال لعلك جئت تسأل عن خبر مولاك قلت ومن مولاي ؟ مولاي أميرالمؤمنين قال أسكت مولاك هو الحق فلا تحتشمني فاني على مذهبك فحمدت الله فقال أتحب ان تراه ؟ قلت نعم قال اجلس حتى يخرج صاحب البريد من عنده فلما خرج قال لغلام له خذ بيده وادخله الحجرة التي فيها العلوي المحبوس فدخلت فاذا مولاي جالس عل ىصدر وبحذائه قبر محفور فسلمت فرد علي السلام وأمرني بالجلوس فلما نظرت الى القبر بكيت فقال لا عليك لن يصلوا الينا بشيء الآن فحمد الله ثم قال ودع واخرج فلا آمن عليك أن تؤخذ (وروى) الراوندي في الخرائج عن ابن أرومة قال دخلت على سعيد الحاجب وكان المتوكل دفع اليه أبا الحسن

٦٥٣

عليه‌السلام ليقتله فقال سعيد اتحب أن تنظر الي الهك قلت سبحان الله الذي لا تذكره الأبصار قال هو الذي تزعمون انه امامكم قلت ما أكره ذلك قال قد أمرت بقتله وأنا ف اعله غدراً وعنده صاحب البريد فاذا خرج فادخل اليه فلما خرج دخلت عليه واذا بحياله قبر محفور فلما رأيته بكيت بكاء شديداً فقال ما يبكيك قلت ما أراه قال لا تبك فانه لا يتم لهم ذلك فسكن ما بي. (قال المسعودي) واعتل أبو الحسن علي الهاديعليه‌السلام علته التي توفي فيها صلى الله عليه فأحضر أبا محمد ابنه وأوصى ثم توفي شهيداً مسموماً قال ابن بابويه سمه المعتد وقال المسعودي في اثبات الوصية ولما توفي اجتمع في داره جملة بني هاشم من الطالبيين والعباسيين وخلق كثير منالشيعة ثم فتح من صدر الرواق باب وخرج خادم اسود ثم خرج بعده أبو محمد الحسن العسكري حاسراً مكشوف الرأس مشقوق الثياب وكأن وجهه وجه أبيه لا يخطي منه شيئاً وكان في الدار أولاد المتوكل وبعضهم ولاة العهود فلم يبق أحد الا قام على رجليه ووثب اليه أبو أحمد الموفق فقصده أبو محمد فعانقه ثم قال له مرحباً بابن العم وجلس بين بابي الرواق والناي كلهم بين يديه وكانت الدار كالسوق بالأحاديث فلما خرج وجلس أمسك الناس فما كنا نسمع الا العطسة والسعلة ثم خرج خادم فوقف بحذاء أبي محمد فنهض صلى الله عليه وأخرجت الجنازة وخرج يمشي حتى خرج بها الى الشارع وكان أبو محمد صلى عليه قبل ان يخرج الى الناس وصلى عليه لما اخرج المعتمد ثم دفن في دار من

٦٥٤

دوره وصارت سر من رأى يوم موته صيحة واحدة وقيل لابنه محمدعليه‌السلام في شق ثيابه فقال للقائل يا أحمق ما يدريك ما هذا قد شق موسى على هارونعليهما‌السلام .

رزء له يبكي النبي وفاطم لا غرو فيه أن تشق جيوب

ما ان يفي شق الجيوب بحقه حق عليه أن تشق قلوب

(مراثي علي الهاديعليه‌السلام )

قال المؤلف تجاوز الله عنه وأنشأها في سنة ١٣٢٧

يا راكب الشدنية الوجناء عرج على قبر بسامراء

قبر تضمن بضعة من أحمد وحشاشة للبضعة الزهراء

قبر تضمن من سلالة حيدر بدراً يشق حنادس الظلماء

قبر سما شرفاً على هام السها وعلا بساكنه على الجوزاء

بعلي الهادي الى نهج الهدى والدين عاد مؤرد الأرجاء

يا ابن النبي المصطفى ووصيه وابن الهداة السادة الأمناء

أناؤوك بغياً عن مرابع طيبة وقلوبهم ملأى من الشحناء

كم معجز لك قد رأوه ولم يكن يخفى على لاأبصار نور ذكاء

ان يجحدوه فطالما شمس الضحى خفيت على ذي ملقة عميتاه

٦٥٥

براً وتعظيما أروك وفي الخفا يسعون في التحقير والايذاء

كم حاولوا انقاص قدرك فاعتلى رغما لأعلى فنة العلياء

فقضيت بينهم غريباً نائياً بأبي فديتك من غريب نائي

قاسيت ما قاسيت فيهم صابراً لعظيم داهية وطول بلاء

فلأ بكينك ما تطاول بي المدى ولأمزحن مدامعي بدمائي

وقال السيد صالح النجفي المعروف بالقزويني من قصيدة :

لقد مني الهادي على ظلم جعفر بمعتمد في ظلمه والجرائم

أتاحت له غدراً يدا متوكل ومعتمد في الجور غاش وغاشم

وأشخص رغما عن مدينة جده الى الرجس اشخاص المعادي المخاصم

ولاقى كما لاقى من القوم أهله جفاء وغدراً وانتهاك محارم

وعاش بسامراء عشرين حجة يجرع من أعداه سم الأراقم

بنفسي مسجونا غريباً مشاهداً ضريحاً له شقته أيدي الغواشم

بنفسي موتوراً عن الوتر مغضيا يسالم أعداء له لم تسالم

بنفسي مسموماً قضى وهو نازح عن الأهل الأوطان جم المهاضم

بنفسي من تخفي على القرب والنوى مواليه من ذكر اسمه في المواسم

فهل علم الهادي الى الدين والهدى بما لقي الهادي ابنه من مظالم

وهل علم المولى علي قضى ابنه علي بسم بعد هتك المحارم

وهل علمت بنت النبي محمد رمتها الاعادي في ابنها بالقواصم

سقى أرض سامراء منهمر الحيا وحيا مغانيها هبوب النسائم

معالم قد ضمن أعلام حكمة بثور هداها يهتدي كل عالم

٦٥٦

لئن أظلمت حزنا لكم فلقربما تضيء هنا منكم بأكرم قائم

ومنتدب لله لم يثنه الردى وفي الله لم تأخذه لومة لائم

ويملأ رحب الأرض بالعدل بعدما قد امتلأت أقطارها بالظالم

امام هدى تجلو كواكب عدله من الجور داجي غيه المتراكم

به تدرك الأوتار من كل واتر وينتصف المظلوم من كل ظالم

قال علي بن عيسى الاربلي في مدح الامام علي الهادي «ع»

يا ايهذا الرائح الغادي عرج على سيدنا الهادي

واخلع اذا شارفت ذاك الثرى فعل كليم الله في الوادي

وقيل الأرض وسف تربة فيها العلى والشرف العادي

وقل سلام الله وقف على مستخرج من صلب أجواد

مؤيد الأفعال ذو نائل في المحل يروي غلة الصادي

يعفو عن الجاني ويعطي المنى في حالتي وعد وايعاد

مبارك الطلعة ميمونها وماجد من نسل امجاد

ولاهم من خير ما نلته وخير ما قدمت من زاد

وقال أبو الغوث المنبجي أسلم بن مهوز شاعر آل محمد وكان معاصراً للبحتري فالبحتري يمدح الملوك وهو يمدح آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان البحتري ينشد هذه القصيدة لأبي الغوث :

ولهت الى رؤياكم وله الصادي يذاد عن الورد الروي بذواد

٦٥٧

محلى عن الورد اللذيذ مساغه اذا طاف وراد به بعد وراد

فأعليت فيكم كل هوجاء جسرة ذمول السرى تقتاد في كل مقتاد

أجوب بها بيد الفلا وتجوب بي اليك ومالي غير ذكرك من زاد

فلما تراءت سر من را تجشمت اليك تعوم الماء في مفعم الوادي

اذا ما بلغت الصادقين بني الرضا فحسبك من هاد يشير الى هادي

مقاويل ان قالوا بهاليل ان دعوا وفاة بميعاد كفاة لمرتاد

اذا اوعدوا اعفوا وان وعدوا وفوا فهم أهل فضل عند وعد وايعاد

كرام اذا ما أنفقوا المال أنفدوا وليس لعلم انفقوه من انفاد

ينابيع علم الله أطواد دينه فهل من نفاد ان علمت لأطواد

نجوم متى نجم خبا مثله بدا فصلى على الخابي المهيمن والبادي

عباد لمولاهم موالي عباده شهود عليهم يوم حشر واشهاد

هم حج الله اثنتا عشرة متى عددت فثاني عشرهم خلف الهادي

بميلاده الأنباء جاءت شهيرة فأعظم بمولود وأكرم بميلاد

(ابو محمد الحسن بن علي العسكريعليه‌السلام )

المجلس الأول

الامام بعد أبي الحسن علي بن محمد الهدي «ع» وحادي عشر

٦٥٨

أئمة المسلمين وخلفاء الله في العالمين وثاني الحسنين ولده الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام .

ولد الحسن العسكري «ع» بالمدينة يوم الجمعة أو الاثنين في ربيع الأول أو في العاشر أو الرابع أو الثامن من ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين أو احدى وثلاثين ومائتين وشخص الى العراق بشخوص والده اليها وله أربع سنين وشهور (وتوفي) بسر من رأى يوم الجمعة مع صلاة الغداة أو الأحد أو الاربعاء لثمان ليال خلون من ربيع الأول على المشهور أو في أول يومه منه أو فيالثاني عشر منه أو في ربيع الآخر سنة ستين ومائتين وله يومئذ ثمان وعشرون أو تسع وعشرون سنة ، أقام منها مع أبيه ثلاثا وعشرين سنة وأشهرا وبعد أبيه ست سنين أو خمس سنين وهي مدة امامته وخلافته وهي بقية ملك المعتز أشهراً ثم ملك المهتدي وتوفي في ملك المعتمد بعد مضي خمس سنين منه ودفن بسر من رأى في البيت الذي دفن فيه أبوه عليهما بجانبه في دارهما (امه)أم ولد يقال لها حديث أو حديثة (وقيل) سوسن وقيل سليل ولعلها سميت بجميع ذلك على التعاقب.

(كنيته) أبو محمد (أشهر القابه) العسكري ويلقب بالتقي والخالص والزكي وغيرها وانما لقب هو وأبره بالعسكري لأن المحلة التي سكناها بسامراء كانت تسمى عسكراً أو ان سامراء نفسها تسمى عسكراً لأن عسكر المعتصم نزلها وكان هو وأبوه

٦٥٩

زجده يعرف كل واحد منهم بابن الرضا (نقش خاتمه) سبحان من له مقاليد السماوات والأرض (وقيل) انه لله شهيد (أو) ان الله شهيد (بوابه) عثمان بن سعيد العمري وابنه محمد بن عثمان (شاعره) ابن الرومي على ما في الفصول المهمة (له من الأولاد) ولده المسمى باسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المكنى بكنيته ليس له ولد غيره.

ابكي وهل يشفي الغليل بكائي بدرين قد غربا بسامراء

علمين من رب البرية للورى نصبا باعلى قنة العلياء

نجمان يهدى السالكون لربهم بهداهما في الفتنة العمياء

بعلي الهادي وبالحسن ابنه كشف الكروب ومدفع اللأواء

يا آل أحمد ما ببعض صفاتكم ولو اجتهدت يفي جميع ثنائي

انى وقد نطق الكتاب بمدحكم نصاً فأخرس ألسن البلغاء

وعليكم الصلوات في صلواتنا تتلى بكل صبيحة ومساء

المجلس الثاني

(أما صفته في خلقه وحليته) ففي الفصول المهمة : صفته بين السمرة والبياض ووصفه أحمد بن عبيد الله بن خاقان بانه اسمر اعين حسن القامة جميل الوجه جيد البدن له جلالة وهيأة حسنة.

(وأما صفته في أخلاقه واطواره) فقال أحمد بن عبيد الله بن خاقان المذكور ايضا انه لم ير ولم يسمع بمثله في هديه وسكونه

٦٦٠