مقتل الحسين للخوارزمى الجزء ٢

مقتل الحسين للخوارزمى0%

مقتل الحسين للخوارزمى مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 311

  • البداية
  • السابق
  • 311 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 13775 / تحميل: 2360
الحجم الحجم الحجم
مقتل الحسين للخوارزمى

مقتل الحسين للخوارزمى الجزء 2

مؤلف:
العربية

ثم رحت أتابع السير مسرعا فرأيت كيف راح الحسينعليه‌السلام يرسم خطى النبيين ، التي كادت أن تندرس على أيدي الظالمين باسم شريعة سيد المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله قائلا : (اهلي مع اهليكم ونفسي مع أنفسكم) ، ليكون درسا يعرف به دعاة الحق عن الكاذبين على طول مسيرة السائرين ، يجسدعليه‌السلام بذلك خطى الصدق التي كنا نعيشها في عهد سيد النبيين حيث يقول باب مدينة العلمعليه‌السلام : (كنا إذا حمي الوطيس لذنا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، وانهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا اشتد الامر جعل أهل بيته درعا يقي بهم المسلمين فيقولصلى‌الله‌عليه‌وآله : (تقدّم يا علي تقدم يا حمزة تقدم يا فلان ويا فلان) من أهل بيته وبني عمومته ، فرأيت كيف كان منهج الصادقين الذين لا يأمرون أحدا بشيء إلا من بعد كونهم فيه أسوة للآخرين ، ورأيت كيف رسموا خطى الحق بأفعالهم قبل الأقوال.

بلى هكذا كان يتهافت الصادقون الى الجنان قبل السواد الأعظم تحكيما لموازين العدل وتثبيتا لقيم الشرع وهذه هي نفس المشاهد التي شاهدنا معالمها في يوم بدر وحنين وأحد والجمل وصفين ، لنميز راية الحق من راية الضلال لاصحاب القبب المحصّنة ونزّال القصور المطنطنة ، الذين طالما أكثروا الكلام وخدعوا الأنام ليكونوا خلفاء الشياطين يعرفهم طلاب اليقين الذين كانوا آية صدق للمتقين حيث يقول تعالى :( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) العنكبوت / ٦٩.

فرحت أتخطى الأجيال على طول الزمن أتأمل في رايات الحق والباطل فعرفت أن لكل من الفريقين مظاهر يعرفها الناظر بفراسة الايمان قبل أن يأتي يوم( يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ ) أو تكون( سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) ، لمن شاهد بعد الحقيقة

٣٠١

للانسان في أبعاد عالم شهادته وبرزخه وآخرته وإلا فجمع المرائين قد يشوّه حقيقة الصادقين.

ثم قلت في نفسي يا عجبا أين كانت جماهير المسلمين حينما بلغتهم الدعوة ، وقد جاءوا يعاهدون الله تعالى في بيته الحرام يظهرون له التلبية ، فكيف عن داعية الحق تخاذلوا؟ وعن منهج الصواب حادوا حتى ارتفع سدهم المنيع فأخذهم السيل ، فابيحت نسائهم وقتلت أشرافهم واحرقت كعبة العشاق التي كانوا يطوفون حولها بألسنتهم ، وأخذت البيعة منهم بانهم عبيد للشياطين بدلا من عبادة رب العالمين ، في حين انهم ما كانوا يترددون في ضلالة الشجرة الملعونة وان كانوا من قبل ذلك للأنفس خادعين وللظلمة باسم النور تابعين.

فآه آه أين طلاب الهوى من امام المتقين وباب مدينة النبيين؟.

ثم أخذت أساير ركب السلام انظر الى كوكبة من الابرار ليس لها على وجه الأرض من نظير يقدمها خليفة الرحمن وامام الانس والجان ، تسير بعزم تزول منه الجبال على قلة العدد وخذلان الناصر. فأمسكت مطيتي ، تطوف بي الأفكار أعدد القوم كرارا وتكرارا ، مخاطبا للنفس هل بات يصدقني البصر فيما يرى؟ أم صرت من جهد متاعب السفر وطول الطريق أعيش خطأ للحس فيما يروي حتى بلغت مرتبة الجزم واليقين بان جمع الهاشميين على كثرة العدد اذا كان يوم العروج وزلزلت الأرض زلزالها يكون متجسدا بسبعة عشر من الفتيان ، وان عساكر المسلمين يوم الفزع الأكبر يمثلها في الصدق ما يقل عن الستين!! فارجعت البصر بعد دهشة المصاب كرة أخرى انظر الى الأمم وهي تمر مرّ السحاب على صفحات الدهر تروي بصريح فعلها : (ان الناس عبيد الدنيا والدين لعق على السنتهم

٣٠٢

يحوطونه ما درّت معايشهم فإذا محّصوا بالبلاء قلّ الدّيانون) وانهم على دين ملوكهم يرسمون لهم الحق باطلا والباطل حقا وهم على ذلك من الشاهدين. وقد لمست أن بالقوة والسلطان تضييع المقاييس ، فكم من جائر ماكر البسته العامة لسلطانه حلل العظماء والمتقين؟ وكم من سفير حق صادق انزله الدهر منازل المتهمين واجلسه مجالس الخائفين؟

فلمّا حكت لي حوادث الأيام طرفا من حقايق الأمور وكنت في هذا الحال قد أبصرت حدثا عظيما يطل على مسيرة الأمم رغم تاريخها الطويل وهو خروج الحسينعليه‌السلام ببنيه وأخوته وبني أخيه وجل أهل بيته داعيا للصلاح وسنن النبيين التي اندرست بواسطة الولاة الجائرين باسم سيد المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أوقفت عند ذلك مطيتي تاركا السير انظر ما بين الحرمين مكة والكوفة أتفرس ما ذا أصبح يرسم القدر فشاهدت جند الحق والسلام كيف راحوا يرسمون سبل النبيين بافعالهم قبل الأقوال ، يتقدمون ميادين الوغى ليكونوا أسوة نميز بهم الصادقين عن الكاذبين الذين عاشوا الترف والقصور وهم يلقون بأبناء الآخرين الى محارق الموت على عبر التأريخ.

فنظرت إليهعليه‌السلام فإذا به يخرج من حرم الله تعالى قائلا : (لأن أقتل والله بمكان كذا أحب إليّ من أن استحل بمكة) وفي موضع آخر راح يقول : (إن أبي حدثني أن بها كبشا يستحل حرمتها فما أحب أن أكون أنا ذلك الكبش) كل ذلك حفاظا لحرمة وكرامة البيت الحرام وان كان هو المثال الأعظم لرسم حقايق الشرع حتى لا يتعرّض أحد بعده لهتك حرم الله تعالى.

فرحت انظر حتى إذا ما أراد الخروج من مكة ناداه أصحاب عمرو بن سعيد ـ والي مكة ـ : يا حسين ألا تتقي الله تخرج من الجماعة وتفرّق هذه الأمة؟!

٣٠٣

فقالعليه‌السلام : (لي عملي ولكم عملكم وانتم بريئون مما أعمل وأنا بريئون مما تعملون). أجل انهعليه‌السلام ممن إذا خاطبه الجاهلون قال سلاما ، وكيف لا يكون له عمل الصالحين وأوصياء النبيين ، ولهم عمل المفسدين وخلفاء الشياطين.

فعرفت عندها أن التقوى بألسن عبيد الدنيا الماكرين هي السكوت عن معالم الدين حتى تمحق بأيدي الجبارين بمشهد ومنظر من فقهاء السلاطين وان الجماعة هي الكثرة التي تنعق مع الناعقين التي ذمها الكتاب المجيد في كثير من الآي المبين وان العصا التي لا يجوز شقها هي عصا المنافقين والظالمين.

وعرفت أيضا أن المتسلط على الرقاب يكون أميرا للمؤمنين ولو كان في فعله وقوله يجسّد خطى الفراعنة الطاغين وان المخالف له من البغاة المرتدين ولو كان محمدا سيد المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فيا لها من عظيم مدرسة يدرّس فيها الشياطين دروس حق بأعين أبناء الدنيا الغافلين. ثم رحت انظر كتابا لعمرو بن سعيد يعيذ فيه الحسين بن عليعليهما‌السلام من الشقاق بأعين الجبارين الذي هو شقاق لعبيد الدنيا وجمع الخونة والماكرين المتلبسين بلباس الدين فلما انقضى ذلك الكتاب تأملت بعد ذلك كتابا آخر أجاب به الحسينعليه‌السلام جمع الظالمين والانتهازيين على طول تاريخ البشر قائلا : أما بعد فانه لم يشاقق الله ورسوله من دعا الى اللهعزوجل وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين.

ولما رأى ابن سعيد كما هو ديدن الظلمة الماكرين أن التهديد لا يثني الحسينعليه‌السلام عن عزمه وان حجته لا تقاوم حجج الحسينعليه‌السلام حاول أن يدخل من باب آخر مكرا وخداعا وهو باب الترغيب واعطاء الامان.

٣٠٤

فأجابه الحسينعليه‌السلام : إنّك دعوت إلى الأمان والبرّ والصلة ، فخير الأمان أمان الله ولن يؤمن الله يوم القيامة من لم يخفه في الدنيا ، فنسأل الله مخافة في الدنيا توجب لنا أمانه يوم القيامة.

ثم راح الحسينعليه‌السلام يخطب الناس قائلا : أيها الناس أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ناكثا لعهد الله مخالفا لسنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يعمل في عباده بالاثم والعدوان فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله أن يدخله مدخله ألا وان هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن واظهروا الفساد وعطّلوا الحدود واستأثروا بالفيء وأحلّوا حرام الله وحرّموا حلاله.

فقلت في نفسي : يا ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ويا ابن أمير المؤمنينعليه‌السلام إن كان الرائي لجور سلطان ولم يغير عليه بفعل أو قول يكون حقا على الله أن يدخله مدخله فما حال من سولت لهم أنفسهم فأصبحوا يرون جور الجائرين عدلا وصلاحا ، وإذا كان عدم التغيير بعد مشاهدة الجور للجائرين مقتضيا لاستحقاق أن يدخل الله الرائي مدخل الظالم فما يكون شأن من يوجّه أعمال الجائرين وهو من العلماء والعارفين ويدعي أن تلك الأعمال من سنن النبيين وخلفائهم الطاهرين.

فأخذ الحسينعليه‌السلام يجد السير حثيثا نحو الكوفة وقد كتب عبيد الله بن زياد الى عمر بن سعد أن لقيت حسينا وقد نزل هو وأصحابه على حكمنا واستسلموا فابعث بهم إليّ سلما وإن أبوا فازحف إليهم حتى تقتلهم وتمثّل بهم فإنهم لذلك مستحقون فإن قتل حسين فأوط الخيل صدره وظهره فانه عاقّ مشاق قاطع ظلوم.

أجل هكذا يجب أن يرسم الشرع القويم على أيدي ولاة أمراء المؤمنين

٣٠٥

من بعد ما سقطت قوائم الحق واعيدت سنن الجاهلية في يوم السقيفة باحياء منطق السيف واماتة الحرية حتى أصبح شرعا يقتدى به على طول التأريخ باسم الدين فكم من سنة أميتت ، وآية فسّرت بالشهوات والرغبات وكلام حق أطلق اريد منه الباطل وهكذا

فرحت أمد الطرف أتابع الأيام وهي تسري لهول مطلع عظيم يزداد بذلك القلب اضطرابا يكاد أن يؤدي به ذلك إلى الهلاك حينما صكت مسامع الكون في اليوم التاسع من المحرم عصرا كلمات قائد جيش الضلال عمر بن سعد قائلا : يا خيل الله اركبي وابشري بالجنة ثم زحف بهم بعد صلاة العصر والحسينعليه‌السلام جالس على باب فسطاطه حتى مرت به خيل لابن سعد تجول حوله ، فقرأعليه‌السلام :( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ ) آل عمران / ١٧٨. وما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب حتى جاءهم العباسعليه‌السلام قائلا : أن أبا عبد الله يسألكم أن تنصرفوا هذه العشية حتى ينظر وتنظرون.

ولما كان اليوم العاشر من المحرم من بعد ما أطلت الشمس على أراضي كربلاء لتظهر بنورها الوضاء صراع الحق مع الباطل قدّم الحسينعليه‌السلام أول فداء للحق الذي رسمه قبل ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنينعليه‌السلام ولده شبيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله علي الأكبر قبل كل قتيل من أهل بيته فضلا عن أصحابه.

وقد بيّن لناعليه‌السلام من هو الامام قائلا : فلعمري ما الامام إلا الحاكم بالكتاب القائم بالقسط ، الدائن بدين الحق ، الحابس نفسه على ذات الله والسلام.

فبعد هذا المشهد العظيم والخطب الجسيم أعيتني طوارق الدهور

٣٠٦

فابدت لي بعض حقائق الأمور حتى صرت عالما علم اليقين بأن الحق في هذه الدار باطل والباطل حق وان حديثها بات يروى بأبخس الأثمان ، فعقدت العزم على ترك الأمم في ميادين جريها ساعيا الى معانقة الكهوف تلبسني لباس العزلة اقضي ما تبقّى من قليل صبابة الايام بعيدا عن مسالك الانام في ديار الغفلة خوفا من أن يؤدي بي مواصلة السير الى جري القلم في سوح ملاعب خيل العامة أو الخاصة فاتهم بحيف وعدوان لا تصلحه التوبة ولا تطفئ لظى جمره المثلة ، فأصبح هدفا لمواقع السهام ، ترميني تارة بمخالفة السلف وشق عصا المسلمين بأعين العامة وأخرى بعدم قبول مقالة المشهور بمنظار الخاصة أو الرفض لمناهج الدين والشك في صحة أخبار المخبرين والنقد لحديثهم عن الجبارين بترك القول عن حياة صنوف الخلق أجمعين من أنهم كيف عاشوا وكيف الى مزالق الانحطاط عادوا بعد رقيهم في عهد قائدهم الأعظم وانه كيف راحت الاقلام تجري لمدح الظالمين أداء لحق الاسخياء المنعمين جزيل العطايا من بيت مال المسلمين.

فأوقفت جري القلم مخافة أن تترى عليّ السهام كشئابيب المطر حتى اغلظ القلم لي الخطاب وكرّر علي العتاب فاطلقت له طرفا من العنان خجلا وحياء من أن اتهم عنده بالجبن والنفاق أو بالعجز عن متابعة السباق فراح يجري مقيدا ببعض القيود يرسم سطرا من كتاب خطّه القدر بدماء الشهداء والاحرار ، فوقفت مبهوتا أكاد أن أكون من المعدمين أنظر جري القلم فيما يرسم من حقائق الأمور ويروي من كوارث الدهور ، ويسطر من نوادر المقدور من عجب عجاب لحديث عهد بالاسلام يروي عشرات الالوف من الأخبار التي ما ادعى رواية عشر معشارها السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار فعلمت أن أمة تصدّق في نقل الحديث ما لا يعقل أمرها لمريب في

٣٠٧

بقية مسالك الطريق ثم تابعت قراءة الأحرف بدقة وامعان فوجدت فيها أن من لم يبايع السلطان تضرب عنقه قربة لله رب العالمين لأنه يكون من المرتدين ولو كان من أعظم الأوتاد المتقين هذا كلّه شريطة أن يكون هذا القدر من قضاء العدل كافيا لاطفاء حقد الحاقدين وإلا فمن حق المتهم بعد موته أن يودع في زنزانة الكفر والنفاق وان تستباح عرسه ليلة قتله لسيف المسلمين تحكيما لاركان رسالة سيد المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأن الممتنع من البيعة أصبح من المفسدين في الأرض المحاربين لله تعالى والخلق أجمعين حتى وقفت متحيرا ، فقلت أين هذا من بيعة حق بعد نص على رءوس الاشهاد تزدحم إليها الناس ثلاثة أيام متوسلين ثم يترك المتخلف عن البيعة وإن كان شاذا نادرا ، وهو يمشي ما بين صفوف الثائرين تجري عطاياه كبقية المسلمين.

ثم وجدت القلم يرسم ما حكى التاريخ من اجلال لاكابر المجرمين الذين اظهروا في الأرض الفساد وقتلوا العباد وهو يغض الطرف عن حياة المحرومين وأنين الثائرين في سجون الظالمين توجّه إليهم التهم وتنال منهم الأمم جهلا منهم متابعة لاقلام الخائنين التي جرت لارضاء الفراعنة الجبارين فعرفت أن ما بقي من قليل زاهر من حقائق الأمور في بعض سطور التأريخ كان بمشيئة الله تعالى إقامة للحجج وإتماما للبيان وإلا فتأريخ يكتب لمرضاة الحاكمين يجب أن لا يرسم الا خطى الجبارين ويلبسهم فوق ملابس الأنبياء والصالحين.

ولمّا وجد القلم الجري لرسم مزال اقدام الآخرين مع غض الطرف عن اضطراب قدم النفس في مسالك الهداة المعصومينعليهم‌السلام قد يكون حيفا في محكمة الصادقين راح يرسم كيف تقيّدت محافل العلم في مواطن الاستنباط التي هي في غير ضروريات الدين والمذهب وهي الموارد التي فتح

٣٠٨

المعصومون أبوابها لجولان خيل السالكين تكريما لحرية الرأي وتنمية لمسيرة خطى العلم والفقه والاجتهاد لكي لا تصاب الشريعة بالجمود ويبقى الباب مفتوحا أمام نقد فطاحل العلم لاحتمال اختلاف الآراء أو خطأ البعض منها وراح يرسم أنه كيف أصبح الاستبداد في ميادين العلم سببا لعدم ابداء الرأي مخافة هجمة العامة بايعاز بعض اصحاب المصالح أو الذين يرون الجزم لآرائهم وخطأ آراء الآخرين وحيا لا محل للنقاش فيه حتى جوّز البعض لانفسهم العدوان على أكابر العلم وراح يمزّق صفوف المؤمنين للمذهب الواحد بدلا من أن يكون داعية سلام بين الموحدين.

ثم راح القلم يسري ليرسم مواطن كثيرة من مصاديق ما يهب الأمير مما لا يملك على حساب الضعفاء والمحرومين والكثير من الأمور الأخرى فلمّا انتبهت إلى ذلك حاولت أن القي بالنفس على عنانه حتى كففته عن السير خوفا من أن يكون ذلك مستمسكا لبعض الجاهلين لإيراد النقد على مسلك الصادقين بدلا من المنتسبين الى الهداة المهديينعليهم‌السلام .

فوقفت في آخر المطاف انظر دنيا الغرور كيف راح ابنائها لثمن بخس يرسمون لوحة الكون طبقا لمذاق الطاغين وقد راحت الاقلام تشوّه التأريخ وتدس الكثير من الأكاذيب حتى كاد أن يكون الكثير منها لا يطابق عقلا ولا شرعا ، وأخذت الكتب تملأ من الأوهام والخرافات مما يحتّم على السالكين سبل الحق أن ينظروا بدقة وامعان سعيا وراء الحقيقة ليمتاز الحق عن الباطل ثم لتبذل الجهود لتفسير التأريخ حتى يصبح بيانا لسيرة المعصومينعليهم‌السلام وتحذيرا من مسالك الجبارين وفقنا الله تعالى وإياكم لمراضيه إنّه ولي التوفيق.

محمد كاظم الخاقاني

قم المقدسة ١ / شوال / ١٤١٨ ه

٣٠٩

فهارس الكتاب

٣١٠

فهرس الجزء الثاني

مقتل الإمام الحسينعليه‌السلام ٣

الفصل الثاني عشر : في بيان عقوبة قاتل الحسينعليه‌السلام وخاذله وماله من الجزاء ٩٣

الفصل الثالث عشر : في ذكر بعض ما قيل فيه من المراثي ١٣٩

الفصل الرابع عشر : في زيارة تربته صلوات الله عليه وفضلها ١٨٧

الفصل الخامس عشر : في ذكر انتقام المختار بن أبي عبيد الثقفي من قاتلي الحسينعليه‌السلام ١٩٧

ذكر نسب المختار بن أبي عبيد الثقفي ١٩٩

ذكر خروج المختار وقتله قتلة الحسينعليه‌السلام ٢٣٢

ذكر مقتل عمر بن سعد بن أبي وقاص ٢٥٢

قتل الشمر بن ذي الجوشن ٢٧٠

مقتل مصعب وعبد الله ابني الزبير ٢٨٩

الخاتمة : بقلم الشيخ محمد كاظم الخاقاني ٢٩٥

فهارس الكتاب : ٣١٠

٣١١