مقتل الحسين للخوارزمى الجزء ٢

مقتل الحسين للخوارزمى0%

مقتل الحسين للخوارزمى مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 311

  • البداية
  • السابق
  • 311 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 13514 / تحميل: 2172
الحجم الحجم الحجم
مقتل الحسين للخوارزمى

مقتل الحسين للخوارزمى الجزء 2

مؤلف:
العربية

حمار كان يركبه عيسى ، وقد زينت حوالي الحقّة بالذهب والجواهر والديباج والابريسم. ، وفي كل عام يقصدها عالم من النصارى ، فيطوفون حول الحقة ويزورونها ويقبلونها ، ويرفقون حوائجهم إلى الله ببركتها ، هذا شأنهم ودأبهم بحافر حمار يزعمون أنه حافر حمار كان يركبه عيسى نبيهم. وأنتم تقتلون ابن بنت نبيكم ، لا بارك الله فيكم ، ولا في دينكم! فقال يزيد لأصحابه : اقتلوا هذا النصراني ، فانه يفضحنا إن رجع إلى بلاده ويشنع علينا ، فلما أحسّ النصراني بالقتل ، قال : يا يزيد! أتريد قتلي؟ قال : نعم ، قال : فاعلم أني رأيت البارحة نبيكم في منامي ، وهو يقول لي : «يا نصراني أنت من أهل الجنّة». فعجبت من كلامه حتى نالني هذا ، فأنا أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمدا عبده ورسوله ، ثم أخذ الرأس ، وضمه إليه ، وجعل يبكي حتى قتل.

وروى مجد الأئمة السرخسكي ، عن أبي عبد الله الحداد : أنّ النصراني اخترط سيفا ، وحمل على يزيد ليضربه ، فحال الخدم بينهما ، وقتلوه ، وهو يقول : الشهادة الشهادة.

وذكر أبو مخنف وغيره : أنّ يزيد أمر أن يصلب الرأس الشريف على باب داره ، وأمر أن يدخلوا أهل بيت الحسين داره ، فلما دخلت النسوة دار يزيد لم تبق امرأة من آل معاوية إلّا استقبلتهن بالبكاء والصراخ والنياحة والصياح على الحسين ، وألقين ما عليهن من الحلي والحلل وأقمن المأتم عليه ثلاثة أيام.

وخرجت هند بنت عبد الله بن عامر بن كريز امرأة يزيد ، وكانت قبل ذلك تحت الحسين بن عليعليهما‌السلام فشقت الستر وهي حاسرة ، فوثبت على يزيد ، وقالت : أرأس ابن فاطمة مصلوب على باب داري؟ فغطاها يزيد

٨١

وقال : نعم! فاعولي عليه يا هند! وابكي على ابن بنت رسول الله ، وصريخة قريش ، عجل عليه ابن زياد فقتله ، قتله الله.

ثم إنّ يزيد أنزلهم بداره الخاصة ، فما كان يتغدى ويتعشى حتى يحضر معه علي بن الحسين ، ودعا يوما خالدا ابنه ، ودعا عليا ـ وهما صبيان ـ ، فقال لعلي : أتقاتل هذا؟ قال : «نعم ، اعطني سكينا وأعطه سكينا ، ثم نتقاتل» ، فأخذه وضمه ، وقال :

شنشنة أعرفها من أخزم

هل يلد الأرقم غير الأرقم

وروي : أنّ يزيد عرض عليهم المقام بدمشق ، فأبوا ذلك ، وقالوا : ردنا إلى المدينة ، لأنها مهاجرة جدّنا ، فقال للنعمان بن بشير : جهزّ هؤلاء بما يصلحهم ، وابعث معهم رجلا من أهل الشام أمينا صالحا ، وابعث معهم خيلا وأعوانا ، ثم كساهم وحباهم وفرض لهم الأرزاق والانزال ، ثم دعا بعلي بن الحسين ، فقال له : لعن الله ابن مرجانة ، أما والله ، لو كنت صاحبه ما سألني خصلة إلّا أعطيتها إياه ، ولدفعت عنه الحتف بكل ما قدرت عليه ، ولو بهلاك بعض ولدي ، ولكن قضى الله ما رأيت ، فكاتبني بكل حاجة تكون لك ، ثم أوصى بهم الرسول. فخرج بهم الرسول يسايرهم فيكون أمامهم حيث لا يفوتون طرفه ، فإذا نزلوا تنحى عنهم ، وتفرق هو وأصحابه كهيئة الحرس ، ثم ينزل بهم حيث أراد أحدهم الوضوء ، ويعرض عليهم حوائجهم ، ويلطف بهم حتى دخلوا المدينة.

وروي : عن الحرث بن كعب ، قال : قالت لي فاطمة بنت عليعليه‌السلام ، قلت لاختي زينب : قد وجب علينا حق هذا الرسول لحسن صحبته لنا ، فهل لنا أن نصله بشيء؟ قالت : والله ، ما لنا ما نصله به إلّا أن نعطيه حلينا. فأخذت سواري ودملجي ، وسوار اختي ودملجها ، فبعثنا بها إليه واعتذرنا

٨٢

من قلّتها ، وقلنا : هذا بعض جزائك لحسن صحبتك إيانا ، فقال : لو كان الذي صنعت للدنيا ففي دون هذا رضاي ، ولكن والله ، ما فعلته إلّا لله ولقرابتكم من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣٤ ـ وذكر الإمام أبو العلاء الحافظ ، بإسناده عن مشايخه : أن يزيد بن معاوية حين قدم عليه برأس الحسين وعياله ، بعث إلى المدينة فاقدم عليه عدّة من موالي بني هاشم ، وضم إليهم عدّة من موالي آل أبي سفيان ، ثمّ بعث بثقل الحسين ومن بقي من أهله معهم ، وجهّزهم بكل شيء ولم يدع لهم حاجة بالمدينة إلّا أمر لهم بها ، وبعث رأس الحسين إلى عمرو بن سعيد بن العاص ـ وهو إذ ذاك عامله على المدينة ـ ، فقال عمرو : وددت أنه لم يبعث به إلي ، ثم أمر عمرو برأس الحسينعليه‌السلام ، فكفن ودفن في «البقيع» عند قبر أمه فاطمةعليها‌السلام .

وقال غيره : إن سليمان بن عبد الملك بن مروان رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في المنام ، كأنه يبرّه ويلطفه ، فدعا الحسن البصري ، وقصّ عليه ، وسأله عن تأويله ، فقال الحسن : لعلك اصطنعت إلى أهله معروفا.

فقال سليمان : إني وجدت رأس الحسين في خزانة يزيد بن معاوية فكسوته خمسة من الديباج ، وصليت عليه في جماعة من أصحابي ، وقبرته ، فقال الحسن : إن النبي رضي عنك بسبب ذلك ، فأحسن إلى الحسن البصري ، وأمر له بجوائز.

وقال غيرهما : إن رأس الحسينعليه‌السلام صلب بدمشق ثلاثة أيام ، ومكث في خزائن بني أميّة حتى ولي سليمان بن عبد الملك ، فطلبه فجيء به ـ وهو عظم أبيض قد قحل ـ فجعله في سفط وطيبه ، وجعل عليه ثوبا ودفنه في مقابر المسلمين بعد ما صلى عليه.

٨٣

فلما ولي عمر بن عبد العزيز بعث إلى المكان يطلبه منه فاخبر بخبره ، فسأل عن الموضع الذي دفن فيه فنبشه وأخذه ، والله أعلم بما صنع به ، والظاهر من دينه أنه بعثه إلى كربلاء فدفن مع جسده.

قالوا : ولما دخل حرم الحسينعليه‌السلام المدينة عجت نساء بني هاشم ، وصارت المدينة صيحة واحدة ، فضحك عمرو بن سعيد أمير المدينة ، وتمثل بقول عمرو بن معدي كرب الزبيدي :

عجت نساء بني زياد عجة

كعجيج نسوتنا غداة الأرنب

وجلس عبد الله بن جعفر للتعزية ، فدخل عليه مولاه ، فقال : هذا ما لقينا من الحسين؟ فحذفه عبد الله بنعله ، وقال : يا ابن اللخناء! أللحسين تقول هذا؟ والله ، لو شهدته لأحببت أن اقتل دونه ، وإني لأشكر الله الذي وفّق ابني عونا ومحمدا معه ، إذ لم أكن وفقت.

وخرجت بنت عقيل في نساء من قومها ، وهي تقول :

ما ذا تقولون إذ قال النبي لكم؟

ما ذا فعلتم وأنتم آخر الأمم؟

بعترتي وبأهلي بعد مفتقدي

فهم اسارى وقتلى ضرّجوا بدم

أكان هذا جزائي إذ نصحتكم

ولم تفوا لي بعهدي في ذوي رحمي

ضيعتم حقنا والله أوجبه

وقد عرى الفيل حق البيت والحرم

وجاء في «المسانيد» : أنّ القائلة للبيتين الأوّلين زينب بنت عليعليه‌السلام حين قتل الحسينعليه‌السلام ، وأنها أخرجت رأسها من الخباء ، ورفعت عقيرتها(١) ، وقالت البيتين الأوّلين.

قالوا : ثمّ صعد عمرو بن سعيد ـ أمير المدينة ـ المنبر ، وخطب ، وقال في خطبته : إنها لدمة بلدمة ، وصدمة بصدمة ، وموعظة بعد موعظة( حِكْمَةٌ

__________________

(١) ـ العقير : صوت الباكي.

٨٤

بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ ) القمر / ٥ ، والله لوددت أنّ رأسه في بدنه ، وروحه في جسده ، أحيان كان يسبّنا ونمدحه ، ويقطعنا ونصله ، كعادتنا وعادته ، ولم يكن من أمره ما كان ، ولكن كيف نصنع بمن سلّ سيفه يريد قتلنا؟ إلّا أن ندفع عن أنفسنا.

فقام إليه عبد الله بن السائب ، فقال : أما لو كانت فاطمة حية فرأت رأس الحسين لبكت عليه.

فجبهه عمرو بن سعيد ، وقال : نحن أحقّ بفاطمة منك ، أبوها عمنا ، وزوجها أخونا ، وابنها ابننا ، أما لو كانت فاطمة حية لبكت عينها ، وحزن كبدها ، ولكن ما لامت من قتله ، ودفع عن نفسه.

٣٥ ـ أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي ، أخبرنا شيخ القضاة أبو علي إسماعيل بن أحمد البيهقي ، أخبرنا والدي شيخ السنة أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا يعقوب بن سفيان ، حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك ، أخبرنا عيسى بن يونس ، عن الأعمش ، عن شقيق بن سلمة ، قال : لما قتل الحسين بن علي بن أبي طالب ثار عبد الله بن الزبير ، فدعا ابن عباس إلى بيعته ، فامتنع ابن عباس ، وظن يزيد بن معاوية أن امتناع ابن عباس كان تمسكا منه ببيعته ، فكتب إليه :

أما بعد فقد بلغني : أنّ الملحد ابن الزبير دعاك إلى بيعته ، والدخول في طاعته ، لتكون له على الباطل ظهيرا ، وفي المآثم شريكا ، وإنك اعتصمت ببيعتنا ، وفاء منك لنا ، وطاعة لله لما عرفك من حقنا ، فجزاك الله من ذي رحم خير ما يجزي الواصلين بأرحامهم ، الموفين بعهودهم ، فما أنسى من الأشياء فلست بناس برك ، وتعجيل صلتك بالذي أنت له أهل من

٨٥

القرابة من الرسول ، فانظر من طلع عليك من الآفاق ، ممن سحرهم ابن الزبير بلسانه ، وزخرف قوله ، فاعلمهم برأيك ، فإنهم منك أسمع ولك أطوع ، من المحل للحرم المارق.

فكتب إليه ابن عباس :

أما بعد : فقد جاءني كتابك ، تذكر دعاء ابن الزبير إياي إلى بيعته ، والدخول في طاعته ، فإن يكن ذلك كذلك ، فإني ، والله ، ما أرجو بذلك برك ولا حمدك ، ولكن الله بالذي أنوي به عليم ، وزعمت أنك غير ناس بري ، وتعجيل صلتي ، فاحبس ، أيها الإنسان برّك ، وتعجيل صلتك ، فإني حابس عنك ودي ، فلعمري ، ما تؤتينا مما لنا قبلك من حقنا إلّا اليسير ، وأنك لتحبس منه عنا العريض الطويل ، وسألتني أن أحثّ الناس إليك ، وأن أخذلهم من ابن الزبير ، فلا ولاء ، ولا سرورا ولا حبا ، إنّك تسألني نصرتك وتحثني على ودك ، وقد قتلت حسينا ، وفتيان عبد المطلب ، مصابيح الدّجى ، ونجوم الهدى ، وأعلام التقى ، غادرتهم خيولك بأمرك في صعيد واحد ، مزملين بالدماء ، مسلوبين بالعراء ، لا مكفنين ، ولا موسّدين ، تسفي عليهم الرياح ، وتنتابهم عرج الضباع ، حتى أتاح الله لهم بقوم لم يشركوا في دمائهم ، كفنوهم وأجنوهم ، وبي وبهم والله غروب ، وجلست مجلسك الذي جلست.

فما أنسى من الأشياء ، فلست بناس إطرادك حسينا من حرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى حرم الله ، وتسييرك إليه الرجال لتقتله في حرم الله ، فما زلت بذلك وعلى ذلك حتى أشخصته من مكة إلى العراق ، فخرج خائفا يترقب ، فزلزلت به خيلك عداوة منك لله ولرسوله ، ولأهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، اولئك لا كآبائك الجفاة الأجلاف ، أكباد الحمير.

٨٦

فطلب إليكم الموادعة ، وسألكم الرجعة ، فاغتنمتم قلة أنصاره ، واستئصال أهل بيته ، فتعاونتم عليه ، كأنكم قتلتم أهل بيت من الترك ، فلا شيء أعجب عندي من طلبك ودي ، وقد قتلت ولد أبي ، وسيفك يقطر من دمي ، وأنت أحد ثاري ، فإن شاء الله لا يبطل لديك دمي ، ولا تسبقني بثاري ، فإن سبقتني في الدنيا ، فقبل ذلك ما قتل النبيون وآل النبيين ، فطلب الله بدمائهم ، وكفى بالله للمظلومين ناصرا ومن الظالمين منتقما ، فلا يعجبك أن ظفرت بنا اليوم ، فلنظفرن بك يوما ، وذكرت وفائي وما عرفتني من حقك ، فإن يكن ذلك كذلك ، فقد بايعتك وأباك من قبلك ، وأنك لتعلم أني وولد أبي أحق بهذا الأمر منك ومن أبيك ، ولكنكم معشر قريش! كابرتمونا حتى دفعتمونا عن حقنا ، ووليتم الأمر دوننا ، فبعدا لمن تحرى ظلمنا ، واستغوى السفهاء علينا ، كما بعدت ثمود وقوم لوط وأصحاب مدين.

ومن أعجب الأعاجيب ، وما عسى أن أعجب حملك بنات عبد المطلب وأطفالا صغارا من ولده إليك بالشام ، كالسبي المجلوبين ، تري الناس أنك قهرتنا ، وأنت تمن علينا ، وبنا منّ الله عليك ، ولعمر الله ، لئن كنت تصبح آمنا من جراحة يدي ، فإني لأرجو أن يعظم الله جرحك من لساني ، ونقضي وابرامي ، والله ، ما أنا بآيس من بعد قتلك ولد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يأخذك الله أخذا أليما ، ويخرجك من الدنيا مذموما مدحورا ، فعش لا أبا لك! ما استطعت ، فقد والله ، ازددت عند الله أضعافا ، واقترفت مآثما ، والسلام على من اتبع الهدى.

وكتب يزيد إلى محمد بن الحنفية ، وهو يومئذ بالمدينة.

أما بعد : فإني أسأل الله لي ولك عملا صالحا يرضى به عنا ، فإني ما

٨٧

أعرف اليوم في بني هاشم رجلا هو أرجح منك علما وحلما ، ولا أحضر منك فهما وحكما ، ولا أبعد منك عن كل سفه ودنس وطيش ، وليس من يتخلق بالخير تخلفا ، ويتنحل بالفضل تنحلا ، كمن جبله الله على الخير جبلا ، وقد عرفنا ذلك كله منك قديما وحديثا ، شاهدا وغائبا ، غير أني قد أحببت زيارتك والأخذ بالحظ من رؤيتك ، فإذا نظرت في كتابي هذا ، فاقبل إلي آمنا مطمئنا ، أرشدك الله أمرك ، وغفر لك ذنبك ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

فلما ورد الكتاب على محمد بن علي بن الحنفية ، وقرأه ، أقبل على ابنيه جعفر وعبد الله أبي هاشم ، فاستشارهما في ذلك ، فقال له ابنه عبد الله : يا أبتي! اتّق الله في نفسك ، ولا تصر إليه ، فإني خائف أن يلحقك بأخيك الحسين ، ولا يبالي. فقال له محمد : يا بني! ولكني لا أخاف منه ذلك. وقال له ابنه جعفر : يا أبتي! إنه قد اطمأنك وألطفك في كتابه إليك ، ولا أظنه يكتب إلى أحد من قريش بأن «أرشدك الله أمرك ، وغفر ذنبك» ، وأنا أرجو أن يكف الله شره عنك.

فقال محمد : يا بني إني توكلت على الله الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه ، وكفى بالله وكيلا ، ثم تجهز محمد بن علي ، وخرج من المدينة ، وسار حتى قدم على يزيد بن معاوية بالشام ، فلما استأذن أذن له ، وقرّبه وأدناه ، وأجلسه معه على سريره ، ثم أقبل عليه بوجهه ، فقال : يا أبا القاسم! آجرنا الله وإياك في أبي عبد الله الحسين ، فو الله ، لئن كان نقصك فقد نقصني ، ولئن كان أوجعك فقد أوجعني ، ولو كنت أنا المتولي لحربه لما قتلته ، ولدفعت عنه القتل لو بجز أصابعي ، وذهاب بصري ، ولفديته بجميع ما ملكت يدي ، وإن كان قد ظلمني ، وقطع رحمي ،

٨٨

ونازعني في حقي ، ولكن عبيد الله بن زياد لم يعلم رأيي فيه من ذلك ، فعجل عليه بالقتل فقتله ، ولم يستدرك ما فات ، وبعد : فإنه ليس يجب علينا أن نرضى بالدنية في حقنا ، ولم يكن يجب على أخيك أن ينازعنا في أمر خصنا الله به دون غيرنا ، وعزيز علي ما ناله ، فهات الآن ما عندك يا أبا القاسم.

فتكلّم محمد بن علي ، فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : إني قد سمعت كلامك ، فوصل الله رحمك ورحم حسينا ، وبارك الله له فيما صار إليه من ثواب ربه ، والخلد الدائم الطويل ، في جوار الملك الجليل ، وقد علمنا أن ما نقصنا فقد نقصك ، وما عراك فقد عرانا من فرح وترح ، وكذا أظن أن لو شهدت ذلك بنفسك لاخترت أفضل الرأي والعمل ، ولجانبت أسوأ الفعل والخطل ، والآن أن حاجتي إليك أن لا تسمعني فيه ما أكره ، فإنه أخي وشقيقي ، وابن أبي ، وإن زعمت : انه كان ظالمك وعدوّا لك ، كما تقول.

فقال له يزيد بن معاوية : إنك لم تسمع فيه مني إلّا خيرا ، ولكن هلم فبايعني ، واذكر ما عليك من الدّين حتى أقضيه عنك. فقال له محمد : أما البيعة فقد بايعتك ، وأما ما ذكرت من أمر الدين فما علي دين بحمد الله ، وإني من الله تبارك وتعالى في كل نعمة سابغة ، لا أقوم بشكرها. فالتفت يزيد إلى ابنه خالد ، وقال له : يا بني! إنّ ابن عمك هذا بعيد من الخب واللؤم والدنس والكذب ، ولو كان غيره كبعض من عرفت ، لقال : عليّ من الدّين كذا وكذا ، ليستغنم أخذ أموالنا.

ثم أقبل عليه يزيد بن معاوية ، وقال له : بايعتني يا أبا القاسم! فقال : نعم ، يا أمير المؤمنين! قال : فإني قد أمرت لك بثلاثمائة ألف درهم فابعث من يقبضها ، فإذا أردت الانصراف عنا ، وصلناك إن شاء الله تعالى. فقال له

٨٩

محمد : لا حاجة لي في هذا المال ، ولا له جئت ، فقال له يزيد : فلا عليك أن تقبضه وتفرقه في من أحببت من أهل بيتك ، قال : فإني قد قبلته ، يا أمير المؤمنين!

ثم إن يزيد أنزل محمدا في بعض منازله ، فكان يدخل عليه صباحا ومساء ، ثم إن وفدا من أهل الكوفة قدموا على يزيد ، وفيهم : المنذر بن الزبير ؛ وعبد الله بن عمر ؛ وعبد الله بن حفص بن المغيرة المخزومي ؛ وعبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الأنصاري ، فأقاموا عند يزيد أياما ، فأجارهم يزيد وأمر لكل رجل بخمسين ألف درهم ، وأجاز المنذر بمائة الف درهم ، فلمّا أرادوا الانصراف إلى المدينة ، دخل محمد بن علي على يزيد ، فاستأذنه في الانصراف معهم ، فأذن له في ذلك ووصله بمائتين ألف درهم ، وأعطاه عروضا بمائة ألف درهم ، ثم قال له : والله ، يا أبا القاسم ألية أني لا أعلم اليوم في أهل بيتك رجلا هو أعلم منك بالحلال والحرام ، وقد كنت أحب أن لا تفارقني ، وتأمرني بما فيه حظي ورشدي ، وو الله ، ما أحبّ أن تنصرف عني وأنت ذام لشيء من أخلاقي.

فقال له محمد : أما ما كان منك إلى الحسين ، فذاك شيء لا يستدرك ، وأما الآن فإني ما رأيت منك منذ قدمت عليك إلّا خيرا ، ولو رأيت منك خصلة أكرهها ، لما وسعني السكوت دون أن أنهاك عنها ، واخبرك بما يحقّ لله عليك منها ، للذي أخذ الله تبارك وتعالى على العلماء في علمهم أن يبينوه للناس ولا يكتموه ، ولست مؤديا عنك إلى من ورائي من الناس إلّا خيرا ، غير أني أنهاك عن شرب هذا المسكر ، فإنه رجس من عمل الشيطان ، وليس من ولي امور الامة ، ودعي له بالخلافة على رءوس الأشهاد فوق المنابر ، كغيره من الناس ، فاتّق الله في نفسك ، وتدارك ما سلف من ذنبك.

٩٠

فسرّ يزيد بما سمع من محمد سرورا شديدا ، وقال له : فإني قابل منك ما أمرتني به ، وأنا احبّ أن تكاتبني في كل حاجة تعرض لك : من صلة أو تعاهد ، ولا تقصر في ذلك أبدا.

فقال له محمد : أفعل ذلك إن شاء الله ، وأكون عند ما تحب.

ثمّ ودعه ورجع إلى المدينة ، وفرق ذلك المال كلّه في أهل بيته ، وسائر بني هاشم وقريش ، حتى لم يبق من بني هاشم وقريش أحد من الرجال والنساء والذرية والموالي إلّا صار إليه من ذلك ، ثم خرج محمد بن المدينة إلى مكة ، وأقام بها مجاورا لا يعرف غير الصوم والصلاة ، ولا يتداخل بغير الفقه.

٩١
٩٢

الفصل الثاني عشر

في بيان عقوبة قاتل

الحسينصلى‌الله‌عليه‌وآله وخاذله وماله من الجزاء

٩٣
٩٤

١ ـ أخبرنا الشيخ الثقة العد الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن نصر الزاغوني ـ بمدينة السلام منصرفي عن السفرة الحجازية ـ ، أخبرنا الشيخ الجليل أبو الحسن محمد بن إسحاق بن الساهوجي ، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن علي بن بندار ، أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان البزاز ، أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر بن سليمان ـ ببغداد في باب المحوّل ـ ، حدثني أبي أحمد بن عامر بن سليمان الطائي ، حدثني أبو الحسن عليّ بن موسى الرضا ، حدثني أبي موسى بن جعفر ، حدثني أبي جعفر بن محمد ، حدثني أبي محمد بن علي ، حدثني أبي علي بن الحسين ، حدثني أبي الحسين بن علي ، حدثني أبي علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال : «قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن قاتل الحسين في تابوت من نار ، عليه نصف عذاب أهل النار ، وقد شدّ يداه ورجلاه بسلاسل من نار ، ينكس في النار ، حتى يقع في قعر جهنم ، وله ريح يتعوذ أهل النار إلى ربهمعزوجل من شدة نتنها وهو فيها خالد ، ذائق العذاب الأليم ، كلما نضجت

٩٥

جلودهم تبدل عليهم الجلود ليذوقوا ذلك العذاب الأليم».

٢ ـ وبهذا الإسناد ، قال : «قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الويل لظالمي أهل بيتي ، عذابهم مع المنافقين في الدرك الأسفل من النار ، لا يفتر عنهم ساعة ، ويسقون من عذاب جهنم ، فالويل لهم من العذاب الأليم».

٣ ـ وبهذا الإسناد ، قال : «قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اشتدّ غضب الله وغضب رسوله على من أهرق دمي ؛ وآذاني في عترتي».

٤ ـ أخبرنا العالم العابد الأوحد أبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي ، عن مشايخه الثلاثة : محمود بن أبي القاسم الأزدي ؛ وأبي نصر الترياقي ؛ وأبي بكر الغورجي ، ثلاثتهم ، عن أبي محمد الجراحي ، عن أبي العباس المحبوبي ، عن الحافظ أبي عيسى الترمذي ، حدثني واصل بن عبد الأعلى ، حدثني أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، قال : لما جيء برأس عبيد الله بن زياد إلى المختار مع رءوس أصحابه ، نضدت في المسجد في الرحبة ، فانتهيت إلى الناس وهم يقولون : قد جاءت ، قد جاءت ، فلم أدر ، فإذا حيّة قد جاءت فتخللت الرءوس حتى دخلت في منخر عبيد الله بن زياد فمكثت هنيئة ، ثم خرجت فذهبت حتى تغيبت ، ثم قالوا : قد جاءت ، قد جاءت ، ففعلت ذلك أمامي مرتين أو ثلاثا.

قال أبو عيسى الترمذي : هذا حديث صحيح.

٥ ـ وأخبرني الإمام الحافظ سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي ، فيما كتب إليّ من همدان ، أخبرني والدي ، أخبرني الحافظ الميداني إجازة ، أخبرني القاضي أبو الحسن الوراق ، أخبرني أبو محمد عبد الله بن محمد بن زرعة ، حدّثني ظهير بن محمّد بن ظهير ، حدّثني عبد الله بن محمّد بن بشر ، حدثني الحسن بن الزبرقان المرادي ، حدثني

٩٦

أبو بكر ابن عياش ، عن الأجلح ، عن الزبير ، عن جابر الأنصاري قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «يجيء يوم القيامة ثلاثة : المصحف ؛ والمسجد ؛ والعترة ، فيقول المصحف : حرقوني ومزقوني ، ويقول المسجد : خرّبوني وعطلوني ، وتقول العترة : قتلونا وطردونا وشردونا ، فأجثو على ركبتي للخصومة ، فيقول اللهعزوجل : ذلك إليّ فأنا أولى بذلك».

٦ ـ أخبرني سيد الحفاظ هذا ، قال : ومما سمعت في «المفاريد» برواية عليّعليه‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّ موسى بن عمران سأل ربه ، فقال : يا رب إنّ أخي هارون مات فاغفر له ، فأوحى الله إليه أن يا موسى! لو سألتني في الأولين والآخرين لأجبتك فيهم ، ما خلا قاتل الحسين بن علي ، فإني أنتقم له منه».

٧ ـ وأخبرني سيد الحفاظ هذا ، قال : وباسنادي إلى أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «اريت في منامي رجلا من أهل بيتي دعا إلى الله وعمل صالحا ، وغير المنكر ، وأنكر الجور فصلب ، فعلى صالبه لعنة الله».

٨ ـ وأخبرني سيد الحفاظ هذا ، أخبرني أبو علي الحداد ، أخبرنا أبو نعيم ، أخبرنا ابن حبّان ، حدثنا موسى بن هارون ، حدثنا زهير بن حرب ، حدثني أبو معاوية ، عن محمد بن قيس بن البراء ، عن عبد الله بن بدر الخطمي ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «من أحبّ أن يبارك [الله] في أجله ، وأن يمتع بما خوله الله تعالى ، فليخلفني في أهلي خلافة حسنة ، ومن لم يخلفني فيهم بتلك عمره ، وورد عليّ يوم القيامة مسودا وجهه».

قال : فكان كما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإن يزيد بن معاوية لم يخلفه في أهله خلافة حسنة ، فبتك عمره ، وما بقي بعد الحسينعليه‌السلام إلّا قليلا ، وكذلك

٩٧

عبيد الله بن زياد (لعنهما الله).

٩ ـ وأخبرني سيد الحفاظ هذا ـ كتابة ـ ، أخبرني الرئيس أبو الفتح عبدوس بن عبد الله ـ فيما أذن لي ، حدثني الشيخ العدل أبو بكر عبد الله ابن علي ابن حمويه ، حدثني أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي ـ إجازة ـ ، حدثني أبو عمرو محمد بن محمد بن صابر ، حدثني أبو سعيد خلف بن سليمان ، حدثني أبو عبد الله محمد بن تميم السعدي ، حدثني محمد بن عبد الله (الرحمن) النيسابوري ، حدثني أبو هانئ ، عن خلف بن محمد ، قال : قال عمر بن عبد العزيز : سألت ربيعزوجل أن يريني الخلفاء من أهل الجنّة ، فرأيت فيما يرى النائم أن القيامة قد قامت ، وأنّ الناس قد قربوا للحساب ، فرأيت رجلا قصيفا قد حوسب حسابا يسيرا ، وامر به إلى الجنّة ، فقلت : من ذاك؟ قيل : أبو بكر الصديق.

ثمّ اتي بآخر فحوسب حسابا يسيرا ، ثم امر به الى الجنّة ، فقلت : من ذاك؟ قيل عمر بن الخطاب.

ثم اتي بآخر فحوسب حسابا يسيرا وامر به إلى الجنّة ، فقلت : من هذا؟ قيل : عثمان بن عفان.

ولم أر عليا ، فقلت : وأين علي؟ قيل : هيهات هيهات! عليّ في أعلى عليين مع النبيين والصديقين.

ثمّ مررت على واد من نار ، فإذا رجل فيه كلما أراد أن يخرج ، قمع بمقامع من حديد فهوى ، فقلت : من هذا؟ قيل : يزيد بن معاوية ، ورأيت قبّة من نار فيها رجل ، فلما رآني ، قال لي : السلام عليك ، يا عمر بن عبد العزيز! قلت : من أنت ، ثكلتك امك؟ قال: الحجاج بن يوسف ، قلت ما فعل بك الرحمن؟ قال : قتلت بكل رجل مرة ، وبدل سعيد بن جبير

٩٨

سبعين مرّة ، وأنا على حال لم أيأس من ربي.

١٠ ـ وأخبرني الإمام أبو جعفر محمد بن عمر ـ كتابة ـ ، أخبرني الإمام زيد ابن الحسن البيهقي ، أخبرني النقيب علي بن محمد بن الحسين ، أخبرني السيد الإمام أبو جعفر محمد بن جعفر الحسيني ، أخبرني السيد الإمام أبو طالب يحيى بن الحسين الحسيني قال : روي لي أنّ الزهري دخل على هشام ابن عبد الملك ، فقال هشام : إني ما أراني إلّا أوبقت نفسي(١) بقتل زيد بن علي بن الحسين وذلك بعد قتله ، فقال الزهري : وكيف ذاك؟ فقال: أتاني آت ، فقال : إنه ما أصاب أحد من دماء آل محمد شيئا إلا أوبق نفسه من رحمة الله ، فخرج الزهري ، وهو يقول : أما والله ، لقد أوبقت نفسك من قبل ذلك ، وأنت الآن وابق.

١١ ـ وأنبأني الحفاظ صدر الحفاظ أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمداني بها ، أخبرني محمود بن إسماعيل الصيرفي ، أخبرني أحمد بن محمد بن الحسين ، أخبرني الطبراني ، حدثني محمد بن عبد الله الحضرمي ، حدثني محمد بن يحيى الصيرفي ، حدثني أبو غسان ، حدثني عبد السلام بن حرب ، عن عبد الملك بن كردوس ، عن حاجب عبيد الله بن زياد قال : دخلت القصر خلف عبيد الله ، فاضطرم في وجهه نارا ، فقال هكذا بكمه على وجهه ، والتفت إلي ، فقال : هل رأيت؟ قلت : نعم ، فأمرني أن أكتم ذلك.

١٢ ـ وحدثنا عين الأئمة أبو الحسن علي بن أحمد الكرباسي الخوارزمي ، حدثنا الشيخ الامام أبو يعقوب يوسف بن محمد البلالي ، حدثنا الإمام السيد المرتضى أبو الحسن محمد بن محمد بن زيد الحسيني

__________________

(١) أوبق نفسه : حبسها وأهلكها ، ووبق : هلك.

٩٩

الحسني ، أخبرنا الحسن بن أحمد الفارسي ، أخبرنا علي بن عبد الرحمن ، حدثنا محمد بن منصور ، حدثنا أحمد بن عيسى بن زيد بن حسين ، عن أبي خالد ؛ عن زيد ، عن ابن لهيعة قال : كنت أطوف بالبيت ، إذا أنا برجل يقول : اللهمّ! اغفر لي ، وما أراك فاعلا! فقلت له : يا عبد الله! اتّق الله ، لا تقل مثل هذا ، فإن ذنوبك لو كانت مثل قطر الأمطار ؛ وورق الاشجار ، واستغفرت الله غفرها لك ، فإنه غفور رحيم.

فقال لي : تعال حتى اخبرك بقصتي ، فأتيته ، فقال : اعلم إنا كنا خمسين نفرا حين قتل الحسين بن علي ، وسلم إلينا رأسه ، لنحمله إلى يزيد بالشام ، فكنا إذا أمسينا نزلنا واديا ؛ ووضعنا الرأس في تابوت ؛ وشربنا الخمور حوالي التابوت إلى الصباح ، فشرب أصحابي ليلة حتى سكروا ، ولم أشرب معهم ، فلما جنّ الليل ، سمعت رعدا وبرقا ، وإذا أبواب السماء قد فتحت فنزل : آدم ؛ ونوح ؛ وإبراهيم ؛ وإسحاق ؛ وإسماعيل ؛ ونبينا محمد (صلوات الله عليهم) ، ومعهم جبرئيل ؛ وخلق من الملائكة.

فدنا جبرئيل من التابوت ، فأخرج الرأس وقبله وضمه ، ثم فعل الأنبياء كذلك ، ثم بكى النبيّ محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله على رأس الحسين ، فعزاه الأنبياء ، وقال له جبرئيل : يا محمّد! إنّ الله تبارك وتعالى أمرني أن اطيعك في امتك ، فإن أمرتني زلزلت بهم الأرض ، وجعلت عاليها سافلها ، كما فعلت بقوم لوط. فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا ، يا جبرئيل فإن لهم معي موقفا بين يدي اللهعزوجل يوم القيامة».

قال : ثمّ صلوا عليه ، ثمّ أتى قوم من الملائكة ، فقالوا : إنّ الله تعالى أمرنا بقتل الخمسين ، فقال لهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : «شأنكم بهم».

قال : فجعلوا يضربونهم بالحربات ، وقصدني واحد منهم بحربته

١٠٠