المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة وبضمنه

المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة وبضمنه0%

المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة وبضمنه مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 348

المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة وبضمنه

مؤلف: السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي
تصنيف:

الصفحات: 348
المشاهدات: 38177
تحميل: 2215

توضيحات:

المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة وبضمنه
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 348 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 38177 / تحميل: 2215
الحجم الحجم الحجم
المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة وبضمنه

المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة وبضمنه

مؤلف:
العربية

المجالس الفاخرة

في

مآتم العترة الطاهرة

١٢١

١٢٢

التعريف الكتاب

الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على خاتم رسله ، وأهدى سُبله ، محمد سيد الأنبياء ، وأفضل من أقلّته الأرض ومن عرج به إلى السماء ، وعلى آله المعصومين المظلومين ، الذين افترض الله تعالى مودّتهم وولايتهم وسلّم تسليماً كثيراً.

وبعد: فيقول العبد الجاني علي بن إسماعيل بن جواد بن إسماعيل بن محمد بن محمد بن إبراهيم - الملقّب بشرف الدين - الموسوي العاملي غفر الله ذنوبه ، وستر عيوبه ، انّ سيّدنا ومولانا سماحة الامام وآية الله الملك العلام السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي العاملي رفع الله درجته كان قد ألّف سنة ١٣٣٠ ه كتاب «المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة» ، فجعله عبارة عن مقدّمة وأربعة أجزاء في مجلّدات أربعة ، وفي سنة ١٣٣٢ ه شرع في طبعه ، فما تمّ طبع المقدّمة حتى طرقت العالمين طوارق الحرب العامّة(١) فمنعت من إكمال الطبع. وفي سنة ١٣٣٨ ه مُني قدّس الله سرّه في سبيل الله بما مُني به أجداده الطاهرون ، فشرّد في الله عز وجل ، ونُهبت داره ، وتمزّقت - بعين الله تعالى - كتبه كلّ ممزّق ، فكان هذا الكتاب ممّا اُصيبت الامّة بفقده يومئذ.

وكان الملجد الأول منه: في هدي النبي وسيرتهصلى‌الله‌عليه‌وآله منذ نشأ

____________________

(١) أي الحرب العالمية الاولى والتي اندلعت سنة ١٩١٧ م.

١٢٣

حتى اختار الله له دار كرامته ، وقد تتبّع خصائصه المقدّسة قبل البعثة وبعدها ، فمثّلها أعلاماً لنبوّته ، وآيات بيّنات على صدق دعوته ، فكانت شؤونه بمجرّدها أدلّ على رسالته من سائر معجزاته الباهرة ، وآياته الظاهرة ، وقد أقام قدّس سرّه من أفعال النبي وأقوالهصلى‌الله‌عليه‌وآله أدلّة محسوسة ، وبراهين ملموسة ، على طرز حديث ، واسلوب جديد ، يألفه فلاسفة العصر ولا يسعهم أن يقفوا أمامه الاموقف التسليم طوعاً أو كرهاً.

المجلد الثاني: في أحوال أمير المؤمنين ، وسيّدة نساء العالمين ، ومجتباهما أبي محمد السبط الأكبر سيّد شباب أهل الجنّة ، وقد اشتمل على سيرتهم ومناقبهم وفضائلهم ، وقد أوردها - أعلى الله مقامه - على وجه الاستدلال على عصمتهم وإمامتهمعليهم‌السلام .

المجلد الثالث: خاصّ بسيّد الشهداء أرواحنا له الفداء.

المجلد الرابع: في التسعة من أبنائه المعصومينعليهم‌السلام ، وقد اشتمل على ما لم يأت به أحد من الاستدلال على إمامة التسعة بمجرّد هديهم وسمتهم ، وأفعالهم وأقوالهم ، وقد أبرز أسراراً مكنونة ، وحكماً في افعالهم بالغة.

وتخلص في كلّ مجلس منن مجالس الأجزاء الأربعة إلى مصائب أهل البيتعليهم‌السلام الدالّة على جلالة قدرهم ، وعظيم صبرهم ، فأسفاً على فقد هذا الكتاب الذي لم يبق منه الامقدّمته المطبوعة كرسالة على حده ، وهي في بابها ممّا لا نظير له ، وقد أثبت فيها بالأدلّة الشرعية ، والفلسفة العقلية ، حسن المآتم الإمامية ، والمظاهرات الحسينية ، بما لم يسبق إليه ، ولا يلحق فيه.

وقد اُلتقطت من أفواه قرّاء المآتم بعض المجالس المحفوظة ، وهي غير مرتّبة ، ولا واقعة في مواقعها التي أوقعها فيها المؤلّف أعلى الله مقامه.

١٢٤

وجمعتها في حياته قدّس الله نفسه الزكية ، وقرأتها عليه من أوّلها حتى انتهائها ، فأقرّها ، وحبّذ عملي هذا وباركه.

وإنّا خسرنا - كما خسرت الامّة الاسلامية - قائداً حكيماً ، ومصلحاً عظيماً ، وبطلاً معلماً من أبطال الفكر والقلم ، والعلم والعمل ، والإصلاح والبناء ، تغمّده الله برحمته ورضوانه ، وأسكنه الفسيح من جنانه ، ولا حول ولا قوة الابالله العلي العظيم.

وكان أعلى الله مقامه قد ألقى نظرة على المقدّمة ، ورتّبها بعض الترتيب وحوّرها مجالس نثبتها كما هي بلا نقيصة ولا زيادة.

١٢٥

١٢٦

مقدّمة الكتاب(١)

الأصل العملي يقتضي إباحة البكاء على مطلق الموتى من المؤمنين ، ورثائهم بالقريض ، وتلاوة مناقبهم ومصائبهم ، والجلوس حزناً عليهم ، والانفاق عنهم في وجوه البر ، ولا دليل على خلاف هذا الأصل ، بل السيرة القطعية ، والأدلّة اللفظية حاكمان بمقتضاه ، بل يستفاد من بعضها استحباب هذه الامور إذا كان الميّت من أهل المزايا والآثار النافعة ، وفقاً لقواعد المدينة ، وعملاً باُصول العمران ، لأنّ تمييز المصلحين يكون سبباً في تنشيط أمثالهم ، واداء حقوقهم يكون داعياً إلى كثرة الناسجين على منوالهم ، وتلاوة أخبارهم ترشد العالمين إلى اقتفاء آثارهم، وذكرى ما أصاب الأئمة في سبيل مصالح الامّة ، تبعث فيها إلى روح الايمان والهدى، وتأخذ بأعناقها وقلوبها إليهم ، وإن طال العهد وبعد المدى.... وهنا مطالب خمسة:

الأول: في البكاء.

الثاني: في الرثاء.

الثالث: في تلاوة مناقب الميّت ومصائبه.

الرابع: في الجلوس حزناً عليه.

الخامس: في الانفاق عنه في وجوه البر.

____________________

(١) ذُكرت هذه المقدّمة بالتفصيل في «المقدّمة الزاهرة» التي تجدها في أوّل كتابنا هذا ، وقمنا هناك بذكر مصادر جميع الروايات التي وردت فيها، ولذا سوف لا نعيد تخريج الروايات هنا الا تلك التي لم تذكر في «المقدّمة الزاهرة». المحقّق.

١٢٧

وهذه المطالب الخمسة هي كلّ ما تقوم به الشيعة في مجالسها الحسينية.

ونحن في هذه المقدّمة نثبت استحبابها شرعاً ، وإنّا مقتدون فيها باهل البيت العصمة ، ومعدن الهدى والرحمة ، وانّ الحكم فيها بين الرجال والنساء سوآء ، وانّ الفلسفة الصحيحة تقتضي رجحان هذه المآتم عقلاً ، وتفصيل ذلك كلّه في مجالس.

المجلس الأول: في البكاء

لا ريب في جواز البكاء على موتى المؤمنين ، بدليل فعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

أمّا فعله فمتواتر في موارد عديدة:

أحدها: يوم مات عمّه وكافله أبو طالب.(١)

ثانيها: يوم استشهد عمّه الحمزة في اُحد.(٢)

____________________

(١) قالرحمه‌الله :... روي عن عليّعليه‌السلام قال: لمـّا مات أبو طالب أخبرت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بموته ، فبكى وقال: اذهب فاغسله وكفّنه وواره ، غفر الله له ورحمه.

(٢) قالرحمه‌الله : فعن ابن مسعود: ما رأينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله باكياً أشدّ من بكائه على حمزة ، وضعه في القبلة ، ثمّ وقف على جنازته وانتحب حتى نشق - أي شهق حتى بلغ الغشى - يقول: يا عمّ رسول الله ، يا حمزة ، يا أسد الله ، وأسد رسول الله ، يا حمزة ، يا فاعل الخيرات ، يا حمزة ، يا كاشف الكربات ، يا ذابّ عن وجه رسول الله... إلى آخر نياحته وندبته... (انظر: السيرة الحلبية ١: ٤٦١ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٣: ٣٨٧). وسائر من أرّخ مقتل حمزة في غزوة اُحد ، وترى ندبة النبي ونياحته هذه قد عدّد فيها

١٢٨

ثالثها: يوم استشهد ابن عمّه جعفر ، وزيد بن حارثة ، وعبد الله بن رواحة في مؤتة.(١)

رابعها: يوم مات ولده ابراهيم إذ بكى عليه. فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله !

قال: يا بن عوف ، انّها رحمة(٢) ثم اتبعها - يعني عبرة - باُخرى فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : انّ العين تدمع والقلب يحزن ، ولا نقول الاما يرضي ربّنا ، وإنّا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون.

خامسها: يوم زارصلى‌الله‌عليه‌وآله قبر اُمّه آمنة ، فبكى وأبكى من

محاسن عمّه بما يهيج الحزن واللوعة عليه.

وقال ابن عبد البر في ترجمة حمزة من الاستيعاب: لمـّا رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حمزة قتيلاً بكى ، فلما رأى ما مثّل به شهق.

وذكر المؤرّخون: انّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يومئذ إذا بكت صفيّة يبكي ، وإذا نشجت ينشج ، قالوا: وجعلت فاطمة تبكي ، فلمّا بكت بكى رسول الله.

وهذا الحديث حجّة من جهة جواز البكاء من جهة أنّه بكىصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن جهة أنّه أقرّ صفيّة والزهراء على بكائهما ، على انّ مجرّد بكاء سيّدة النساء حجّة قاطعة.

____________________

(١) قالرحمه‌الله : ذكر ابن عبد البر في أحوال جعفر من استيعابه: أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بكى على جعفر وزيد وقال - يندبهما:-: أخواي ومؤنساي ومحدّثاي.

وأخرج البخاري في أبواب الجنائز من صحيحه: أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نعى جعفراً وزيداً وابن رواحة وانّ عينيه لتذرفان.

(٢) قالرحمه‌الله : أخرجه البخاري في باب قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّا بك لمحزونون ، من أبواب الجنائز... ولا يخفى ما في تسميتها رحمة من الدلالة على حسن البكاء ، وأراد بقوله: انّ العين تدمع... إلى آخره: أن لا إثم بدمع العين وحزن القلب ، وانّما الاثم بقول ما يسخط الربّ ، كالاعتراض عليه عزّ وجل.

١٢٩

حوله.(١)

سادسها: يوم ماتت احدى بناتهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذ جلس على قبرها وعيناه تدمعان.

سابعها: يوم مات صبي لأحدى بناته إذ فاضت عيناه يومئذ ، فقال سعد: ما هذا يا رسول الله ؟

قال: هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده ، « وانّما يرحم الله من عباده الرحماء».(٢)

ثامنها: يوم اشتكى سعد بن عبادة فأتاه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يعوده ومعه بعض أصحابه ، فوجده في غاشية أهله ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : قد قضى ؟

قالوا: لا يا رسول الله ، فبكى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلمّا رأى القوم

____________________

(١) قالرحمه‌الله : وهذا الحديث يشتمل على فعله وتقريرهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهو حجّة من جهتين.

أقول: روى الشيخ الطبرسي في اعلام الورى بأعلام الهدى بإسناده عن بريدة قال: انتهى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى رسم قبر ، فجلس وجلس الناس حوله، فجعل يحرّك رأسه كالمخاطب ، ثمّ بكى ، فقيل: ما يبكيك يا رسول الله ؟

قال: هذا قبر آمنة بنت وهب ، استأذنت ربّي في أن أزور قبرها فأذن لي فأدركتني رقّتها فكبيت ، فما رأيت ساعة أكثر باكياً من تلك الساعة.

فانظر - عزيزي القارئ - بكاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على اُمّه وإقامته المأتم عليها بعد عشرات من السنين ، حتى بكى وأبكى أصحابه ، وهي باعتقاد أهل السنّة كافرة ، لهذا روى مسلم هذا الحديث: استاذنت ربّي في أن استغفر لها ، فلم يأذن لي ؟!

انظر: اعلام الورى: ٣١٦ ، ارشاد الساري - الهامش - ٤: ٣٢٥ ، كتاب الجنائز.

(٢) قالرحمه‌الله : تأمّل في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : هذه رحمة ، وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وانّما يرحم الله من عباده الرحماء ، يتّضح لك استحباب البكاء.

١٣٠

بكاءه بكوا ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب... الحديث.(١)

والصحاح الدالة على بكائه على الموتى ممّا لا يكاد يحصى.

وأما قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله وتقريره الدالان على جواز البكاء فمستفيضان ومواردهما كثيرة.

احدها: يوم استشهد جعفر الطيّار ، إذ جاءت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله امرأته أسماء بنت عميس فعزّاها ، ودخلت فاطمةعليها‌السلام وهي تبكي وتقول: واعماه.

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : على مثل جعفر فلتبك البواكي.(٢)

ثانيها: يوم رجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من اُحد ، وجعلت نساء الأنصار يبكين على من قتل من رجالهن.

فقال - بعد أن أقرّهنّ على البكاء -: ولكن حمزة لا بواكي له ، ثمّ نام فانتبه وهن يبكين حمزة فهن إلى اليوم إذا بكين يندبن حمزة.(٣)

____________________

(١) قالرحمه‌الله : وهذا الحديث حجّة من ثلاث جهات ؛ فعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقوله وتقريره.

(٢) قالرحمه‌الله : هذا الحديث مستفيض وطرقه صحيحة ، وقد ذكره ابن عبد البر في ترجمة جعفر من الاستيعاب ، وهو مشتمل على تقرير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على البكاء وأمره به ، على أنّ مجرد بكاء الزهراء حجّة بالغة.

(٣) قالرحمه‌الله : ولا تنس كلمة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في طلب البكاء على حمزة وما فيها من الدلالة على الاستحباب ، وحسبك بها ، وبقوله: على مثل جعفر فلتبك البواكي دليلاً على ذلك...

وأمّا ما جاء في صحيحي البخاري ومسلم من انّ الميّت يعذّب ببكاء أهله عليه. وفي

١٣١

ثالثها: ثوم مات رقية بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حيث بكت عليها النساء فجعل عمر يضربهنّ بسوطه - مع انّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أقرّهنّ على البكاء - ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : دعهن يبكين.

ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : مهما يكن من القلب والعين فمن الله والرحمة... وقعدصلى‌الله‌عليه‌وآله على شفير القبر وفاطمة إلى جنبه تبكي ،

رواية: ببعض بكاء أهله عليه. وفي رواية: ببكاء الحيّ. وفي رواية: يعذب في قبره بما ينح عليه. وفي رواية: من يبك عليه يعذّب. فانّه خطأ من الرواي بحكم العقل والنقل.

قال الفاضل النووي - عند ذكر هذه الروايات في باب الميّت - ما هذا لفظه: هذه الروايات كلّها من رواية عمر بن الخطّاب وابنه عبد الله.

[قال:] وأنكرت عائشة عليهما ونسبتهما إلى النسيان والاشتباه ، واحتجّت بقوله تعالى: «ولا تزر وازرة وزر اُخرى» إلى آخر كلامه.

وأنكر هذه الروايات أيضاً ابن عباس واحتجّ على خطأ راويها ، والتفصيل في الصحيحين وشروحهما ، وما زالت عائشة وعمر في هذه المسألة على طرفي نقيض حتى أخرج الطبري في حوادث سنة ١٣ من تاريخه عند ذكر وفاة أبي بكر في الجزء الرابع من تاريخه بالإسناد إلى سعيد بن المسيب قال: لمـّا توفّي أبو بكر أقامت عليه عائشة النوح ، فأقبل عمر بن الخطاب حتى قام ببابها فنهاهنّ على البكاء على أبي بكر ، فأبين أن ينتهين ، وقال عمر لهشام بن الوليد: ادخل فأخرج إليّ ابنة أبي قحافة. فقالت عائشة لهشام حين سمعت ذلك من عمر: انّي أحرج عليك بيتي. فقال عمر لهشام: ادخل فقد أذنت لك ، فدخل هشام وأخرج اُمّ فروة اُخت أبي بكر إلى عمر فعلاها بالدرّة ، فضربها ضربات ، فتفرّق النوح حين سمعوا ذلك.

قلت: كأنّه لم يعلم تقرير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نساء الأنصار على البكاء على موتاهنّ ، ولم يبلغه قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لكن حمزة لا بواكي له» ، وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «على مثل جعفر فلتبك البواكي» ، وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّما يرحم الله من عباده الرحماء».

ولعله نسي نهي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ايّاه عن ضرب البواكي يوم ماتت رقيّة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونسي نهيه إيّاه عن انتهارهن في مقام آخر.

١٣٢

فجعلصلى‌الله‌عليه‌وآله يمسح دمعها بثوبه رحمة لها.

رابعها: يوم مرّت جنازة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومعها بواكي فنهرهنّ عمر ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : دعهنّ يا عمر ، فانّ النفس مصابة والعين دامعة.

إلى غير ذلك ممّا لا يسعنا استيفاؤه....

وقد بكي يعقوب بن إسحاق بن إبراهيمعليهم‌السلام ، إذ غيّب الله ولده. وقال:( وَ قَالَ يَا أَسَفَا عَلَى يُوسُفَ وَ ابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ کَظِيمٌ ) (١) حتى قيل: ما جفت عيناه من وقت فراق يوسف إلى حين لقائه ثمانين عاماً، وما على وجه الأرض أكرم على الله تعالى منه.....

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنه سأله جبرائيلعليه‌السلام : ما بلغ وجدُ يعقوب على يوسف.

قال: وجد سبعين ثكلى.

قال: فما كان له من الأجر ؟

قال: أجر مائة شهيد.

أقول: أي عاقل يرغب عن مذهبنا في البكاء: بعد ثبوته عن الأنبياء:( وَ مَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ) (٢) ، وقد استمرّت سيرة الائمة على الندب والعويل ، وأمروا أولياءهم بإقامة مآتم الحزن على الحسين جيلاً بعد جيل.

قال الصادقعليه‌السلام : إنّ علي بن الحسينعليهما‌السلام بكى على أبيه

____________________

(١) سورة يوسف: ٨٤.

(٢) سورة البقرة: ١٣٠.

١٣٣

مدّة حياته ، وما وضع بين يديه طعام الابكى ولا اوتي بشراب الابكى ، حتى قال له بعض مواليه: جعلت فداك يابن رسول الله ، إنّي أخاف أن تكون من الهالكين.

قالعليه‌السلام :( إِنَّمَا أَشْکُو بَثِّي وَ حُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ‌ ) (١) .(٢)

وفي رواية اخرى قال: ويحك انّ يعقوبعليه‌السلام كان له اثنا عشر ولداً فغيّب الله واحداً منهم فايبضّت عيناه من كثرة بكائه عليه ، واحدودب ظهره من الغمّ وابنه حيّ في الدنيا ، وأنا نظرت إلى أبي وأخي وعمومتي وسبعة عشر(٣) من أهل بيتي مقتولين حولي.

وكان إذا أخذنا إناء ليشرب بكى حتى يملأها دماً ؛ فقيل له في ذلك ، فقال: كيف لا أبكي وقد منع أبي الماء الذي كان مطلقاً للسباع والوحوش...

وعن الصادقعليه‌السلام : البكّاؤون خمسة: آدم بكى على الجنّة ، ويعقوب بكى على يوسف ، ويوسف بكى على يعقوب ، وفاطمة بكت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى قيل لها: آذيتنا بكثرة بكائك ، وعلي بن الحسين بكى على أبيه حتى لحق بربّه ، وما وضع بين يديه طعام الابكى ، وكان يقول: انّي لم أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني لذلك العبرة....(٤)

وقال الصادقعليه‌السلام : وكان جدّي علي بن الحسينعليهما‌السلام إذا ذكره - يعني الحسين بأبي واُمّي - بكى حتى يبكى لبكائه رحمة له من رآه [قال]: وانّ الملائكة الذين عند قبره ليبكون فيبكي لبكائهم كلّ من في الهواء والسماء،

____________________

(١) سورة يوسف: ٨٦.

(٢ و٤) كامل الزيارات: ١٠٧ ح ١.

(٣) انظر تعليقتنا حول عدد الشهداء من أهل البيتعليهم‌السلام في المقدّمة الزاهرة ص: ٦١.

١٣٤

وما من باك يبكيه الا وقد وصل فاطمة وأسعدها ، ووصل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأدّى حقّنا.

وقال الرضاعليه‌السلام : إنّ المحرّم شهر كان أهل الجاهلية يحرّمون فيه الظلم والقتال فاستحلّت فيه دماؤنا ، وهتكت فيه حرمتنا ، وسبيت فيه ذرارينا ونساؤنا ، واُضرمت النار في مضاربنا ، وانتهب ما فيها من ثقلنا ، ولم ترع لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حرمة في أمرنا.

إنّ يوم الحسين أقرح جفوننا ، وأسبل دموعنا ، وأذلّ عزيزنا ، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون ، فانّ البكاء عليه يحطّ الذنوب العظام.

ثمّ قالعليه‌السلام : كان أبي إذا دخل شهر المحرّم لا يرى فيه ضاحكاً ، وكانت الكآبة تغلب عليه ، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه...

وقالعليه‌السلام : من تذكّر مصابنا وبكى لما ارتكب منّا كان معنا في درجتنا يوم القيامة ، ومن ذكر مصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون ، ومن جلس مجلساً يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب.

وعن الريّان بن شبيب قال: دخلت على الرضاعليه‌السلام في أوّل يوم من المحرّم فقال لي: يا بن شبيب ، انّ المحرّم هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية يحرّمون فيه الظلم والقتال لحرمته ، فما عرفت هذه الامّة حرمة شهرها ، ولا حرمة نبيّهاصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذ قتلوا في هذا الشهر ذرّيّته ، وسبوا نساءه ، وانتهبوا ثقله.

يا بن شبيب ، إن كنت باكياً لشيء فابك للحسينعليه‌السلام ، فانّه ذُبح كما يُذبح الكبش ، وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلاً ما لهم في الأرض من

١٣٥

شبيه ، ولقد بكت السماوات السبع لقتله - إلى أن قال: -

يا بن شبيب ، انّ سرّك أن تكون معنا في الدرجات العلى ، فاحزن لحزننا ، وافرح لفرحنا ، وعليك بولايتنا....

وقالعليه‌السلام : من ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة ، ومن كان يوم عاشوراء يوم مصيبته وحزنه وبكائه ، جعل الله عز وجل يوم القيامة يوم فرحه وسروره ، وقرّت بنا في الجنان عينه...

وعن الباقرعليه‌السلام قال: كان أبي يقول: أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسينعليه‌السلام دمعة حتى تسيل على خدّه ، صرف الله عن وجهه الأذى ، وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار...

وقال الصادقعليه‌السلام لفضيل بن يسار: أتجلسون وتتحدّثون ؟ قال: نعم ، جعلت فداك.

قالعليه‌السلام : إن تلك المجالس أحبّها ، فأحيوا أمرنا ، فرحم الله من أحيا أمرنا.

يا فضيل ، من ذَكرنا أو ذُكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب غفر الله له ذنوبه....

وعن أبي عمارة المنشد قال: ما ذكر الحسينعليه‌السلام عند أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام في يوم قط فرؤى فيه مبتسماً إلى الليل.

قال: وكان أبو عبد اللهعليه‌السلام يقول: الحسين عبرة كل مؤمن....

وعن الصادقعليه‌السلام قال: قال الحسينعليه‌السلام : أنا قتيل العبرة ،

١٣٦

لا يذكرني مؤمن الااستعبر(١) .... جعلت فداك.

يا بن النبيّ المصطفى ووصيّه

وأخا الزكي ابن البتول الزاكية

تبكيك عيني لا لأجل مثوبة

لكنما عيني لأجلك باكية

تبتلّ منكم كربلا بدم ولا

تبتلّ منّي بالدموع الجارية

أنست رزيّتكم رزايانا التي

سلفت وهوّنت الرزايا الآتية

ولقد يعزّ على رسول الله أن

تسبى نساءه إلى يزيد الطاغية

ويرى حسيناً وهو قرّة عينه

ورجاله لم تبق منهم باقية

وجسومهم تحت السنابك بالعرى

ورؤوسهم فوق الرماح العالية

ويزيد يقرع ثغره بقضيبه

مترنّماً منه الشماتة بادية(٢)

____________________

(١) قالرحمه‌الله : إلى غير ذلك من صحاح الأخبار المتواترة بمعناها عن الائمّة الأبرار ، وناهيك بها حجّة على رجحان المآتم الحسينيّة ، واستحبابها شرعاً ، فإنّ أقوال أئمّة الثقلين وأفعالم وتقريرهم ، حجّة لوجوب عصمتهم بحكم العقل والنقل ، كما هو مقرّر في مظانه من كتب المتكلّمين من أصحابنا.

وكنّا فصّلنا القول فيه في كتابنا الكبير «سبيل المؤمنين» ، على انّ الاقتداء بهم لا يتوقّف - عند الخصم - على عصمتهم ، بل كيفينا فيه ما اتّفقت عليه الكلمة من إمامتهم في الفتوى ، وانّهم في أنفسم لا يقصرون عن الفقهاء الأربعة وأضرابهم كالثوري ، والأوزاعي علماً ولا عملاً.

وأنت تعلم انّ هذه المآتم لو ثبتت عن أبي حنيفة ، أو صاحبيه أبي يوسف والشيباني ، لاستبق الخصم إليها ، وعكف أيّام حياته عليها ، فلِمَ ينكرها علينا ، ويندّد بها بعد ثبوتها عن أئمّة أهل البيت يا منصفون ؟!

(٢) وهي للشيخ عبد الحسين الأعسم ، وهو ابن الشيخ محمد علي بن الحسين بن محمد الأعسم الزبيدي النجفي ، وفد في حدود ١١٧٧ وتوفي سنة ١٢٤٧ ه بالطاعون العام في النجف ، كان فقيهاً عالماً محقّقاً أديباً وشاعراً. انظر أدب الطف للسيد المجاهد جواد شبر ٦: ٢٨٩.

١٣٧

المجلس الثاني: في الرثاء

لا ريب في جواز رثاء موتى المؤمنين ، لأصالة الإباحة ، وعدم الدليل على خلافها(١) وقد رثي آدم ولده هابيل ، واستمرت على ذلك ذرّيّته إلى يومنا هذا بلا

قد أوهنت جلدي الديار الخالية

من أهلها ما للديار ومالية

ومتى سألت الدار عن أربابها

يعد الصدى منها سؤالي ثانية

ومعالم أضحت مآتم لا ترى

فيها سوى ناع يجاوب ناعية

كانت غياثاً للمنوب فأصبحت

فلجميع أنواع النوائب حاوية

ورد الحسين إلى العراق وظنهم

تركوا النفاق اذ العراق كما هية

قست القلوب فلم تمل لهداية

تباً لها تيك القلوب القاسية

ما ذاق طعم فراتهم حتى قضى

عطشاً فغسّل بالدماء القانية

لابن النبي المصطفى ووصيه

وأخي الزكي ابن البتول الزاكية

تبكيك عيني لا لأجل مثوبة

لكنّما عيني لأجلك باكية

تبتل منكم كربلا بدم ولا

تبتل مني بالدموع الجارية

أنست رزيتكم رزايانا التي

سلفت وهونت الرزايا الاتية

وفجائع الأيام تبقى مدةً

وتزول وهي الى القيامة باقية

لهفي لركب صرّعوا في كربلا

كانت بها آجالهم متدانين

نصروا ابن نبيّهم طوبى لهم

نالوا بنصرته مراتب سامية

____________________

(١) قالرحمه‌الله : لكن الذي يظهر من القسطلاني - في باب رثي النبي سعد بن خولي ص ٣١٨ من الجزء ٣٠ من ارشاد الساري في شرح صحيح البخاري - انّ جماعة يفصلون القول في الرثاء فيحرّمون منه ما اشتمل على مدح الميّت وذكر محاسنه الباعث على تحريك الحزن وتهييج اللوعة ، ويبيحون منه ما عدا ذلك ، والحقّ إباحته مطلقاً الا إذا اشتمل على الباطل ، إذ لا دليل على الحرمة ، والنهي الذي يزعمون انّما يستفاد منه الكراهة في موارد اُخر ليست موضوع بحثنا ، على انّ النهي غير صحيح عندنا.

١٣٨

نكير.

وأقرّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليه اصحابه مع اكثارهم من تهيج الحزن به ، وتفنّنهم في ذلك بذكر مدائح الموتى في أخلاقهم وأفعالهم(١) .

ولمـّا توفّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تنافست فضلاء الصحابة في رثائه.

فرثته بضعته الزهراء سيدة نساء العالمينعليها‌السلام بأبيات تهيج الأحزان ، ذكر القسطلاني منها هذين البيتين:

ماذا على من شمّ تربة أحمد

أن لا يشمّ مدى الزمان غواليا

صبّت عليَّ مصائب لو أنّها

صبّت على الأيّام صرن لياليا

____________________

(١) قالرحمه‌الله : تلك مراثيهم في كتب الأخبار ، فراجع «الاستيعاب» ان أردت بعضها أحوال سيد الشهداء حمزة ، وعثمان بن مظعون ، وسعد بن معاذ ، وشمّاس بن عثمان بن الشريد ، والوليد بن الوليد بن المغيرة ، وأبي خرّاش الهذلي ، واياس بن بكير الليثي ، وعاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل وغيرهم.

ولاحظ من «الاصابة» أحوال ذي الجناحين جعفر بن أبي طالب ، وأبي زيد الطائي ، وأبي سنان بن حريث المخزومي ، والأشهب بن رميلة الدارمي ، وزينب بنت العوّام ، وعبد الله بن عبد المدان الحارثي ، وجماعة آخرين لا يحضرني أسمائهم ، ودونك كتاب (الدرّة في التعازي والمراثي) وهو في أوّل الجزء الثاني من العقد الفريد تجد فيه مراثي الصحابة ومن بعده شيئاً كثيراً.

وإذا تتبّعت كتاب «اُسد الغابة» تجد الكثير من مراثي الصحابة ، وليس شيء ممّا أشرنا إليه الا وقد اشتمل على ما يهيج الحزن ، ويجدّد اللوعة بمدح الميّت بالحقّ ، وذكر محاسنه بالصدق.

أقول: وقد فصّلنا الكلام في كلّ ما ذكره المصنّفرحمه‌الله في مقدّمة الكتاب ، فيمكنك مراجعة ذلك للاطّلاع على تلك المراثي وغيرها.

١٣٩

ورثته أيضا بأبيات تثير الأشجان ، ذكر ابن عبد ربّه منها هذين البيتين:

إنّا فقدناك فقد الأرض وابلها

وغاب مذ غبت عنّا الوحي والكتب

فليت قبلك كان الموت صادفنا

لمـّا نعيت وحالت دونك الكتب

ورثاه كلّ من عمّته صفيّة ، وابن عمّه أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب ، وأبي ذؤيب الهذلي ، وأبي الهيثم بن التيهان ، وامّ رعلة القشيرية ، وعامر بن الطفيل وغيرهم.

ومن استوعب الاستيعاب ، وتتبّع طبقات ابن سعد واُسد الغابة والاصابة يجد من مراثي الصحابة شيئاً كثيراً.(١)

وقد أكثرت الخنساء - وهي صحابية ذات شأن - من رثاء أخويها صخر ومعاوية - وهما كافران - وابدعت في مدائح صخر ، وأهاجت عليه لواعج الأحزان ، على انّها كانت من الصالحات ، وقد بذلت أولادها الأربعة في نشر الدعوة الإسلامية ، وسرّها قتلهم في هذا السبيل ، وما برحت ترثي أخويها حتى ماتت ، فما أنكر عليها في ذلك أحد.

وأكثر أيضاً متمّم بن نويرة من تهيج الحزن على أخيه مالك في مراثيه السائرة حتى وقف مرّة في المسجد وهو غاص بالصحابة ، واتكأ على سيّة قوسه أمام أبي بكر بعد صلاة الصبح فأنشد:

نعم القتيل إذ الرياح تناوحت

خلف البيوت قتلت يا بن الأزور

ثم أومأ إلى أبي بكر فقال مخاطباً له:

أدعوته بالله ثم غدرته

هو لو دعاك بذمة لم يغدر

____________________

(١) وللاطّلاع أكثر على هذه المراثي ، انظر: المقدّمة الزاهرة لهذا الكتاب.

١٤٠