المجالس الحسنة في مناسبات السَّنَة

المجالس الحسنة في مناسبات السَّنَة0%

المجالس الحسنة في مناسبات السَّنَة مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 343

المجالس الحسنة في مناسبات السَّنَة

مؤلف: السيد أحمد الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 343
المشاهدات: 39537
تحميل: 2545

توضيحات:

المجالس الحسنة في مناسبات السَّنَة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 343 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 39537 / تحميل: 2545
الحجم الحجم الحجم
المجالس الحسنة في مناسبات السَّنَة

المجالس الحسنة في مناسبات السَّنَة

مؤلف:
العربية

روي أنّ الإمام الحسين(ع) قال قبل خروجه من مكّة إلى العراق: (الحمدُ للَّه ما شاءَ اللَّه ولا قوّة إلّا باللَّه، وصلّى اللَّه على رسوله وآله وسلم، خُطّ الموتُ على وُلْدِ آدَمَ مخطَّ القِلادةِ على جيدِ الفتاة، وما أولهني(١) إلى أسلافي اشتياقَ يعقوبَ إلى يوسفَ، وخيرَ لي مصرعٌ أنا لاقيه كأنّي بأوصالي تقطّعُها عسلان(٢) الفلوات بين النواويس وكربلا، فيَمْلأنَّ منّي أكراشاً جوْفاً وأجربة سُغُباً، لا محيصَ عن يومٍ خُطّ بالقلم، رضى اللَّهِ رضانا أهلَ البيت، نصبرُ على بلائه ويوفّينا أجورَ الصّابرين لن تَشذّ عن رسول اللَّهِ لُحمتُه، بل هي مجموعةٌ له في حضيرةِ القدس تَقَرُّ بهم عينُهُ، ويُنجزُ بهم وعدُهُ، مَن كان باذلاً فينا مهجته، موطّناً على لقاءِ اللَّهِ نفسه فليرحلْ معنا فإنّي راحلٌ مصبحاً إن شاء اللَّه تعالى)(٣) .

وكان خروج الإمام الحسين(ع) من مكّة متوجّهاً إلى العراق يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجّة فطاف بالبيت سبعاً وسعى بين الصّفا والمروة وأحلّ من إحرامِهِ وجعلها عمرةً لأنّه لم يتمكّن من تمام الحجّ مخافة أن يقبض عليه بمكّة ويرسل إلى يزيد بن معاوية، فخرج(ع) مبادراً بأهله وولده ومن انضمّ إليه من أهل البصرة والحجاز من شيعته ولم يكن قد بلغه بعدُ خبر مسلم بن عقيل(ع)(٤) .

وهذه الخطبة الشريفة صريحةٌ في تكذيب من يدّعي أن الإمام الحسين(ع) لم يكن يعلم بالمصير الذي ينتظرُهُ، وأنّه خرج طالباً للحكم والسلطان.

____________________

(١) ما أولهني: ما أشدّ اشتياقي.

(٢) عسلان الفلوات: ذئابُها.

(٣) الملهوف للسيّد ابن طاووس: ص١٢٦.

(٤) جلاء العيون: ج٢ ص١٤٢ بتصرّف.

٦١

فقوله(ع): (وكأنّي بأوصالي تقطّعها عُسلانُ الفلوات بين النواويس وكربلاء) لهوَ تصريح واضح وإِخبارٌ أكيد عن المـُستقبل الذي ينتظرُه وأهل بيته وليس فيه إلّا القتل في سبيل اللَّه تعالى، وإعلاء كلمته، وسقي شجرة الإسلام الذّابلة - ببدع الأمويينَ - بدمه ودماءِ أهل بيته وأصحابه.

وأمّا أنّه خرج طالباً للخلافة والزّعامة فادّعاءٌ باطلٌ بعد علم الإمام(ع) - كما صرّح في خطبته المتقدّمة - بالمصير الذي سيؤولُ إليه أمرُهُ وهو الشهادة ثمّ أنَّ الخلافة والسلطنة قد ترفع من كان دانياً، وتقدّم من كان متأخّراً، وتظهر نسبَ من كان خاملاً وأين هذا من بعض فضائل الإمام الحسين(ع) فلقد كان - لعمري - سلطانَ الدهر، وإمامَ الزّمان، وحجّة اللَّه على عباده ناهيك عن نسبه الوضّاح فهو ابن النبيّ المصطفى، وعليّ المرتضى، وفاطمة الزهراء وخديجة الغرّاء، وهو مع أخيه المجتبى سيدا شباب أهل الجنّة، وريحانتا رسول اللَّه(ص)، وما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبيٍّ غيرُهُ بينهم:

من معشر حبُّهُمْ دينٌ وبغضهُمُ

كفرٌ وقربُهُمُ منجىً ومعتَصمُ

إن عُدَّ أهلُ التُّقى كانوا أئمّتهم

أو قيلَ مَنْ خيرُ أهل‏ الأرض قيل: هُمُ

مقدّمٌ بعد ذكر اللَّهِ ذكرُهُمُ

في كلِّ بدءٍ ومختومٌ به الكَلِمُ(١)

وما أحسن ما تنبّه إليه ونبّه عليه المرحوم الشّهيد السيد محمّد الصدر

____________________

(١) أبيات من قصيدة الفرزدق الخالدة في مدح الإمام زين العابدين(ع).

٦٢

حيث حذَّر من تخيّل أهداف لنهضة الإمام الحسين(ع) كان مصيرها الفشل حيث لم تتحقّق فإنّ ذلك يقلّل من رفعة وسمو واقعة الطفّ فقال: أن يكون الهدفُ أمراً متحقّقاً إمّا في الحال أو في الاستقبال، ولا يجوز أن نطرح - لنهضة الإمام الحسين(ع) - هدفاً فاشلاً وغير متحقِّق أو غير قابل للتحقيق، فإنّ ذلك خلاف الحكمة الإلهيّة ولا يمكن أن ننسب ما هو فاشل وعاطل إلى الحكمة الإلهيّة، مثال ذلك: انّ الإمام الحسين(ع) لو كان قد استهدف من - نهضته المباركة النصر العسكري العاجل أو إزالة حكم بني‏اُميّة أو ممارسة الحكم في المجتمع فعلاً فهذه ونحوها من الأهداف التي لم تتحقّق وكان مصيرها الفشل وذلك لأنّها لم تحدث ولم يكن من الممكن أن تحدث، اذن فهذه كلّها لم تكن هدفاً للإمام وإِنْ تخيّلها البعض(١) .

روى الشيخ المفيد؛ في (الإرشاد) عن الفرزدق أنّه قال: حججتُ بأمّي في سنة ستين فبينما أنا أسوق بعيرها حتى دخلت الحرم إذ لقيت الحسين(ع) خارجاً من مكّة فأتيتُهُ وسلّمت عليه وقلت له: أعطاك اللَّه سؤلك وأمّلك فيما تحب بأبي أنت واُمّي ياابن رسول اللَّه ما أعجلك عن الحج؟ قال: (لو لم أعجل لأُخذت ثمّ قال لي من أنت)؟ قلت: رجلٌ من العرب ولا واللَّه ما فتّشني - ما سألني - أكثر من ذلك، ثمّ قال: (أخبرني عن النّاس خلفك) فقلت: الخبيرَ سألت، قلوبُ الناس معك وسيوفهم عليك والقضاء ينزل من السماء واللَّهُ يفعل ما يشاء قال: (صدقتَ للَّهِ الأمرُ من قبلُ ومن بعدُ وكلّ يوم ربّنا هو في شأن إن نزل القضاء بما

____________________

(١) اُنظر: كتاب أضواء على ثورة الإمام الحسين(ع): ص٥٨.

٦٣

نُحب فنحمد اللَّه على نعمائه وهو المُستعانُ على أداء الشكر، وإن حال القضاء دون الرّجاء فلم يُبعَدْ(١) مَن كان الحقُّ نيّتَهُ والتقوى سيرتَهُ)، فقلت له: أجل بلّغك اللَّهُ ما تُحب وكفاك ما تحذر وسألتهُ عن أشياء من نذور ومناسك فأخبرني وحرّك راحلته وقال: السلام عليك ثمّ افترقنا(٢) . ثمّ سار(ع) حتى إذا وصل إلى (زرود) علم بمقتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة وقد شوهدا وهما يجرّان في السوق بأرجلهما فقال(ع): (إنّا للَّه وإنّا إليه راجعون). فنظر إلى بني عقيل فقال: (ما ترون فقد قُتلَ مسلم) فقالوا: واللَّه لا نرجع حتى نصيبَ ثارَنا أو نذوق ما ذاق فقال الإمام: (لا خير في العيش بعد هؤلاء) ثمّ سار حتى انتهى إلى (زبالة) فأتاه خبر عبداللَّه بن يقطر فأخرج كتاباً فقرأه عليهم:

(بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم أما بعد فإنّه قد أتانا خبرٌ فضيع قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة وعبداللَّه بن يقطر وقد خذلنا شيعتنا، فمن أحبّ منكم الإنصراف فلينصرف في غير حرج ليس معَهُ ذمام) فتفرّق الناس عنه وأخذوا يميناً وشمالاً حتى بقي في أصحابه الذين جاؤوا معه من المدينة ونفر يسير ممّن انضمّوا إليه وإنّما فعل ذلك لأنّه(ع) علم أنَّ الأعراب الّذين اتّبعوه إنّما اتّبعوه وهم يظنّون أنّه يأتي بلداً قد استقامت له طاعةُ أهله فكره أن يسيروا معهُ إلّا وهم يعلمون على ما يقدمون، ثمّ سار(ع) حتى نزل (شِراف) فلمّا كان في السّحر أمر فتيانه فاستقوا من الماء وأكثروا ثمّ سار منها حتى انتصف النّهار فبينا هو يسير اذ كبّر رجلٌ من أصحابه فقال له الإمام الحسين(ع):

____________________

(١) أي من الخير والنجاح والفلاح. (من الحاشية)

(٢) جلاء العيون: ج٢ ص١٤٤.

٦٤

(اللَّهُ أكبر لمَ كبّرت)؟ قال رأيت النّخل فقال له جماعة من أصحابه واللَّه إنّ هذا المكان ما رأينا فيه نخلةً قط فقال له الإمام: (فما ترونَه)؟ قالوا نراه واللَّه آذان الخيل وأسنّة الرّماح قال(ع): (أنا واللَّه أرى ذلك مالنا ملجأ نلجأ إليه فنجعله في ظهورنا ونستقبل القوم بوجهٍ واحد)؟ فقلنا له: بلى هذا هو ذو حسم إلى جنبك تميل إليه عن يسارك فإن سبقت إليه فهو كما تريد فأخذ إليه ذات اليسار وملنا معه فما كان بأسرع من أن طلعت علينا هوادي الخيل وإذا هو جيش زهاء ألف فارس مع الحرّ بن يزيد الرياحي التميمي حتى وقف هو وخيلُهُ مقابل الحسين(ع) في حرّ الظهيرة والإمام وأصحابه متقلّدون أسيافهم فقال لفتيانه: (اسقوا القوم وارووهم من الماء ورشّفوا الخيل ترشيفا) ففعلوا وكان آخر من وصل من أصحاب الحرّ هو عليّ بن الطعّان المحاربي فلمّا رأى الإمام الحسين ما به وبفرسه من العطش قال له: (أنِخ الرّاوية) - والراوية تعني الجمل بلغة الحجاز، والسِّقاء بلغة الكوفة - فلم يعرف كيف يشرب فقال له(ع): (أنِخ الجمل) ففهمَ ولكنه لم يستطع الشرب فقال له الإمام: (اخنث السّقاء) أي اعطفه فلم يدر كيف فقام الإمام بنفسه وسقاه الماء فارتوى وارتوى فرسُهُ، وهنا يخاطب أحد العلماء الإمام الحسين(ع) في ذلك فيقول:

سقيتَ عِداكَ الماءَ منكَ تحنُّناً

بأرضِ فلاةٍ حيثُ لا يُوجَدُ الماءُ

فكيف إذا تلقى مُحِبِّيكَ في غدٍ

عَطاشى من‏ الأجداثِ ‏في‏ لهفةٍ جاؤوا(١)

ثمّ حضر وقت صلاة الظّهر فأمر الإمام الحسين(ع) الحجّاج بن مسروق

____________________

(١) هذان البيتان للسيّد الحجّة ثقة الإسلام السيد محمّد الكشميري١. مقتل الحسين للمقرّم.

٦٥

أن يؤذّن فلمّا حضرت الإقامة خرج الإمام فحمد اللَّه وأثنى عليه ثمّ قال: (أيّها النّاس إنّي لم آتكم حتى أتتني كتبكم وقدمت عليّ رسُلُكم أن أقدم علينا فإنّه ليس لنا إمام لعلّ اللَّه أن يجمعنا بك على الهدى والحقّ فإن كنتم على ذلك فقد جئتكم فأعطوني ما أطمئنّ إليه من عهودكم ومواثيقكم وإن لم تفعلوا وكنتم لقدومي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي جئتُ منه إليكم) فسكتوا عنه ولم يتكلّم أحدٌ منهم بكلمة فقال الإمام(ع) للمؤذّن: (أقم)، فأقام الصلاة فقال للحرّ: (أتريد أن تصلّي بأصحابك)؟ قال: لا بل تصلّي أنت ونصلّي بصلاتك فصلّى بهم الإمام(ع) فدخل الإمام وانصرف الحُرُّ إلى مكانه ثمّ صار وقت العصر أمر الإمام الحسين(ع) أن يتهيَّأوا للرحيل ففعلوا ثمّ أمر مناديه فنادى بصلاة العصر وأقام فصلّى الإمام ثمّ سلّم وانصرف إليهم بوجهه فحمد اللَّه وأثنى عليه ثم قال: (أما بعد أيّها النّاس فإنّكم ان تتّقوا اللَّه وتعرفوا الحقّ لأهلهِ تكن أرضى للَّه عنكم ونحن أهل بيت محمّد(ص) وأولى بولاية هذا الأمر من هؤلاء المدّعين ما ليس لهم والسائرين فيكم بالجور والعدوان، وإن أبيتم إلّا الكراهية لنا والجهل بحقّنا وكان رأيكم الآن غير ما أتتني به كتبكم وقدمت به عليَّ رسلكم انصرفت عنكم) فقال له الحر: أنا واللَّه لا أدري ما هذه الكتب والرّسل التي تذكر فقال الإمام(ع) لعقبة بن سمعان: (أخرج الخرجين الذين فيهما كتبهم إليّ)، فأخرج خُرجين مملوئين صحفاً فنثرت بين يديه فقال الحرُ: إنّا لسنا من هؤلاء الذين كتبوا إليك وقد أُمرنا إذا نحن لقيناك إلّا نفارقك حتى نقدمك الكوفة على عبيداللَّه بن زياد فقال له الإمام(ع): (الموتُ أدنى إليك من ذلك) ثمّ قال لأصحابه: (قوموا فاركبو) فركبوا

٦٦

وانتظروا حتى ركبت نساؤهم، فلمّا أرادوا الانصراف حال القوم بينهم وبين الانصراف فقال الإمام(ع) للحرّ: (ثكلتكَ اُمُّكَ ما تريد)؟ قال له الحرّ: أما لو غيرُك من العرب يقولها لي وهو على مثل الحال التي أنت عليها ما تركت ذكرَ اُمّه بالثُّكل كائناً مَن يكون، ولكن واللَّه مالي إلى ذكر اُمّك من سبيل إلّا بأحسن ما نقدرُ عليه فقال له الإمام: (فما تريد)؟ قال: إذن واللَّه لا أدعُك فترادّ القول ثلاث مرّات فلمّا كثر الكلام بينهما قال له الحرّ: إني لم أومر بقتالك إنّما أمرت إلّا أُفارقك حتى أقدمك الكوفة فإذا أبيت فخذ طريقاً لا يدخلك الكوفة ولا يردّك إلى المدينة تكون بيني وبينك وسطاً حتى أكتب إلى الأمير عبيداللَّه فلعلّ اللَّه أن يأتي بأمر يرزقني فيه العافية من أن أبتلي بشي‏ءٍ من أمرك، فتياسرَ عن الطريق والحرُّ يسايرُهُ وهو يقول للإمام(ع): إني أذكرّك اللَّه في نفسك فإني أشهدُ لئن قاتلت لتُقْتَلَنّ فقال له الإمام(ع): (أفبالموت تخوّفني وهل يعدو بكم الخطب أن تقتلوني وسأقول كما قال أخو الأوس لابن عمّه):

سأمضي ومابالموت عارٌ على‏ الفتى

إذا ما نوى حقّاً وجاهد مسلما

وواسى الرّجالَ الصّالحين بنفسهِ

وفارق مثبوراً وخالفَ مجرما

فإن عُشتُ لم أندم وإن مِتُّ لم أُلَمْ

كفى بك ذُلاً أن تعيشَ وتُرْغما(١)

ثمّ التفت الإمام الحسين(ع) لأصحابِهِ وقال: (من منكم يعرف الطريق على غير الجادّة فقال الطرمّاح أنا ياابن رسول اللَّه(ص) فقال له الإمام: تقدّم أمام الرّكب فتقدّم وجعل يرتجز ويقول:

____________________

(١) الإرشاد للشيخ المفيد(ره): ص٢٢٢ - ٢٢٤.

٦٧

ياناقتي لا تذعَري من زجري

واسر بنا قبل طلوعِ الفجرِ

بخيرِ فتيانٍ وخيرِ سفرِ

آلِ رسولِ اللَّهِ آلِ الفخرِ

السادةِ البيضِ الوجوهِ الزُّهَرِ

الضاربينَ بالسيوفِ البترِ

الطاعنينَ بالرِّماحِ السُّمر

يامالكَ النّفعِ معاً والضُّرِ

أيّد حسيناً سيّدي بالنصر

على الطّغاةِ من بقايا الكفرِ

حتى وصلوا كربلاء ونزلوا بها ولسان حال العقيلة زينب:

طلعنة بشملنه امن المدينة

والناس كانوا حاسدينه

وللغاضريه من لفينه

اجتنه العده ودارت علينه

والكاتبتنه اغدرت بينه

وروحي بگت ولهه وحزينه

ناديت ياعزنه وولينه

يحسين سدّر بالضعينه

وشوف الجموع اگبلت لينه

اوما غير قتلك رايدينه

ومن تنقتل ياهو يحمينه

ناداها يختي اوجرت عينه

هيهات نرجع للمدينه

لابد يزينب تشوفينه

فوگ الرّمال امذبّحينه

وتتيسّر عزيزتي سكينه

* * *

نزل وبكربلا خيامه نصبها

ولعد الموت راياته نصبها

عليه امقدّر من اللَّه نصبها

مصارعهم بهل التربه الزكيّه

* * *

ياقوم مااسم الأرض قالوا نينوى

قال اوضحوا عنها بغيرِ خفاءٍ

٦٨

قالوا تسمّى كربلا فتنفَّسَ الصُّعَدا

وقالَ هُنا حلولُ فناءِ

حطّوا الرّحالَ فذا محطُّ رحالِنا

وهنا تكونُ مصارعُ الشُّهداءِ

وبهذه الأطفالُ تذبحُ والنّسا

تعلوا على قَتَبٍ بغيرِ وطاءِ

وبهذِهِ تتفتّتُ الأكبادُ مِن

حرِّ الظّما وحرارةِ الرَّمضاءِ

لاحول ولا قوة إلّا باللَّه العليّ العظيم

وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلبٍ ينقلبون والعاقبة للمتقين

٦٩

الليلة الرابعة المجلس السابع

حياة مسلم بن عقيل(ع)

حَكَمَ الإلهُ بما جرى في مسلمٍ

واللَّهُ ليسَ لحكمهِ تبديلُ

خذلوهُ وانقلبوا إلى ابنِ سميّةٍ

وعن ابنِ فاطمةٍ يزيدُ بديلُ

آوتهُ طوعةُ مذ أتاها والعِدى

من حولِهِ عدواً عليه تجولُ

فأحسَّ منها إبنُها بدخولها

في البيت أنّ البيتَ فيه دخيلُ

فمضى إلى ابنِ زيادَ يُسرعُ قائلاً

بشرى الأمير فتىً نماهُ عقيلُ

فدعى الدعيُّ جيوشَه فتحزّبت

يقفو على أثرِ القبيلِ قبيلُ

وأتت إليه فغاص في أوساطها

حتّى تفلّلَ عرضُها والطوّلُ

يسطو بصارمه الصّقيلِ كأنّه

بطُلى الأعادي حدُّهُ مصقولُ

حتى هوى بحفيرةٍ صُنَعت له

أهوت عليه أسنّةٌ ونصولُ

فاستخرجوهُ مثخَناً بجراحِهِ

والجسمُ من نزفِ الدّماءِ نحيلُ

سل ما جرى جُمَلاً ودع تفصيلَه

فقليلُهُ لم يُحصِهِ التّفصيلُ

قتلوهُ ثمّ رموهُ من أعلى البِنا

وعلى الثّرى سحبوهُ وهو قتيلُ

ربطوا برجليه الحبالَ ومثَّلوا

فيه فليتَ أصابني التمثيلُ

مذ فاجأ النَّاعي الحسينَ علت على

فقدانِ مسلم رنّةٌ وعويلُ

وله ابنةٌ مسحَ الحسينُ برأسها

واليتمُ مسحُ الرأسِ فيه دليلُ

لمـّا أحسّت يتمَها صرخت ألا

ياوالدي حزني عليك طويلُ

قال الحسينُ أنا زعيمٌ بعدَه

لا تحزني وأبٌ لكِ وكفيلُ

٧٠

قد مات والدُها فأمّلت البقا

في العمِّ لكن فاتها المأمولُ(١)

لسان حال اليتيمة حميدة بنت مسلم مع الحسين(ع):

يعمي اعله ابويه أرد أنشدك

سولفلي عنّه وآنه عندك

أشوفن خبر منّه مضهدك

مقتول كأنّه وحگ جدّك

لـمّن سمعها جذب ونّه

وگال اِلها جاني الخبر عنّه

مقتول بالكوفه أظنّه

وگطعت الرّجه وأيّست منّه

* * *

____________________

(١) من قصيدة للمرحوم السيّد صالح الحلي، الشهيد مسلم للمقرّم، ص٢١٦.

قال الأديب الخطيب الحاج الشيخ محمد باقر الإيرواني النجفي في ترجمة المرحوم السيد صالح الحلي في كتابه (ديوان شعراء الحسين(ع)):

هو أبو المهدي السيد صالح بن محمد بن حسين الحسني الحسيني الحِلي خطيبٌ شهير، وأديبٌ جري‏ء، وأستاذ متبحّر، ولد في مدينة الحِلّة في العراق عام ١٢٩٠ه، وبعد أن نشأ وترعرع وبلغ الثامنة عشر من العمر هاجر إلى دار العلم - النجف الأشرف - واتّجه لطلب العلم من أهلِهِ وذويه فقرأ المقدّمات على أساتذة أعلام منهم الشيخ عبدالحسين الجواهري والشيخ سعيد الحلّي، ثمّ درس علم الأصول على السيد عدنان السيد شبّر والشيخ علي بن الشيخ باقر الجواهري والشيخ ملّا كاظم الخراساني - صاحب الكفاية - ، وتناول الفقه من فقهاء بارزين منهم الشيخ جواد محيي الدين وغيره، ويقول في مكان آخر من ترجمته:

وقد وصفه العلّامة المرحوم الشيخ محمّد السماوي في كتابه (الطليعة) فاضلٌ مشاركٌ في العلوم شديد العارضة، وخطيبٌ بارعٌ في فنّ الخطابة، ونائحٌ إذا ذكر الحسين(ع) أذاب القلب وأجراه من العين، ومحاضرٌ حسن المحاضرة لطيف المذاكرة جميل المعاشرة وتكفيه فخراً شهادة بعض العباقرة فيه بقوله: انه خطيب العلماء، وعالم الخطباء.

توفّي في النجف الأشرف في ٢٩ شوال ليلة السبت عام ١٣٥٩ه، ودفن في (مقام المهدي) بوادي السلام في النجف الأشرف.

٧١

روى الشيخ الصدوق؛ في (الأمالي) عن ابن عباس قال: قال عليٌّ أمير المؤمنين(ع) لرسول اللَّه(ص): يا رسول اللَّه إنّك لتحبّ عقيلاً قال: اي واللَّه إني لأحبُّهُ حبّين حبّاً له وحبّاً لحبِّ أبي طالب له، وإنّ ولَده لمقتولٌ في محبّة ولدك فتدمع عليه عيونُ المؤمنين وتصلّي عليه الملائكة المقرّبون، ثمّ بكى رسول اللَّه(ص) حتّى جرت دموعُهُ على صدره ثمّ قال إلى اللَّهِ أشكو ما تلقى عترتي من بعدي(١) .

السّفير مسلم هو ابن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلّب الهاشمي، وعقيل والد مسلم علّامة نسّابة كان أنسب قريش وأعلمهم بأيّام الناس وأخبارهم وكان سريع البداهة حاضرَ الجواب، فطناً ذكيّاً يتوقّد فطنةً ويُقطّر حماسة، وكان من الأساتذة المدرّسين لعلوم العرب الرّائجة في ذلك العصر توضع له طنفسة - سجّادة - في مسجد رسول اللَّه(ص) ويستند إلى سارية من سواري المسجد فيجتمع إليه طلّاب هذه العلوم العربيّة فيحملون عنه علمَ النّسب والشعر وأخبار الناس وأيّامها يعني علم التأريخ العربي، ولعقيل يداً في الحديث والفقه والتفسير، وكان مكفوفاً مديدَ القامة مفخراً للأماجد، يقول حسّان بن ثابت الأنصاري في رثاء جعفر الطيّار:

وما زال في الإسلام من آلِ هاشمٍ

دعائمُ عزٍّ لا تُرامُ ومفخرُ

بهاليلُ منهم جعفرٌ وابنُ اُمهِّ

عليٌّ ومنهمُ أحمدُ المتخيَّرُ

وحمزةُ والعبّاسُ منهُمْ ومنهُمُ

عقيلٌ وماءُ العودِ من حيثُ يُعصَرُ(٢)

____________________

(١) آمالي الشيخ الصدوق؛ المجلس السابسع والعشرون: ص١١١ الحديث ٣.

(٢) سفير الحسين للعلّامة الشيخ عبد الواحد المظفّر: ص٥ - ٦.

٧٢

ويقول المحقّق المقرّم في حقّه: لقد كان عقيلُ بن أبي طالب أحد أغصان الشجرة الطيّبة ومّمن رضي عنهم رسول اللَّه(ص)، فإنّ النظرة الصحيحة في التأريخ تفيدنا اعتناقه الإسلام أوّل الدعوة وكان هذا مجلبةً للحبِّ النبوي حيث اجتمعت فيه شرائط الولاء، من رسوخ الإيمان بجوانحه، وعمل الخير بجوارحه، ولزوم الطاعة في أعماله، واقتفاء الصّدق في أقواله فقول النبيّ(ص): (إنّي أحبّ عقيلاً حبّين حبّاً له وحبّاً لحبّ أبي‏طالب له)، إنّما هو لأجل هاتيك المآثر، اذاً فحسب عقيل من العظمة هذه المكانة الشامخة(١) .

واُمّه أُمّ ولد تسمّى (عُليّة) أصلها من النبط ومن أشرافهم، والنبطُ هم سكّان العراق القدماء(٢) .

ولد مسلم بن عقيل(ع) في دار أبيه المعروفة (بدار عقيل) في المدينة ثمّ صارت بعد ذلك مقبرة لآل أبي طالب وهي في أوّل البقيع، ولم تعرف سنةُ ولادته تحقيقاً(٣) ، نعم لم ينص ولا واحد من المؤرّخين على سنة ميلاده ولكنّ المحقّقين حاولوا معرفة ذلك - ولو تقريباً - فكانت النتيجة هي انّ عمر الشهيد مسلم حين بعثه الإمام الحسين(ع) سفيراً له إلى أهل الكوفة قد تجاوز الخمسين عاماً.

يقول المحقّق المرحوم السيد عبدالرزاق الموسوي المقرّم:

____________________

(١) الشهيد مسلم للعلّامة المرحوم السيّد عبدالرزاق المقرّم: ص٢٥.

(٢) سفير الحسين: ص٧.

(٣) سفير الحسين: ص١٢.

٧٣

جعل الإمام أمير المؤمنين(ع) على ميمنةِ جيشهِ في صفّين الإمامين الحسن والحسين وعبداللَّه بن جعفر ومسلم بن عقيل ومن المعلوم أنّ مَن يجعله أمير المؤمنين(ع) في صفّ الحسن والحسين(ع) البالغين نحواً من خمس وثلاثين سنة لابُدّ وأن يقاربَهم في السّن، وحينئذٍ لا أقل أن يقدّر عمر مسلم ابن عقيل بالثلاثين وتكون ولادته سنة سبع أو تسع للهجرة وله يوم شهادته أكثر من خمسين سنة(١) . ويقول أيضاً: وإذا أخذنا بنصّ الواقدي كانت المسافة أبعد قال: لما دخل المسلمون مدينة (البهنسا)(٢) بعد حصارٍ طويل دخل مسلم بن عقيل في جملة الهاشميين وهو يقول:

ضناني الحربُ والسهرُ الطّويلُ

وأقلقني التسهّدُ والعويلُ

فواثارات جعفر مع عليٍّ

وما أبدى جوابُكَ ياعقيلُ

سأقتلُ بالمهنّد كلَّ كلبٍ

عسى في الحربِ أن يَشفى الغليلُ

وكان فتح البهنسا أيام عمر بن الخطّاب، فإنّ من يخرج في صفّ المجاهدين أيام ابن الخطّاب لابُدّ وأن يبلغ على الأقل عشرين سنة وحينئذٍ تكون ولادته في أوائل الهجرة.

وأما وصفه فقد قال الفاضل الدربندي في (أسرار الشهادة): بنفسي شجاعاً.

____________________

(١) الشهيد مسلم بن عقيل: ص٥٠ - ٥٢.

(٢) قال الحموي في (معجم البلدان) البَهْنَسا: مدينة بمصر من الصعيد الأدنى غربي النيل.

٧٤

ويقول الصّديق في شأنه: أرسلَ الحسين(ع) مسلم ابن عقيل إلى الكوفة وكان مثلَ الأسد، ولقد كان من قوّته أنّه يأخذ الرجل بيده فيرمي به فوق البيت، ويقول العدوُّ في حقّه(١) : ياابن زياد أتظنّ أنّك بعثتني إلى بقّالٍ من بقاقلةِ الكوفة أو جرمقان(٢) من جرامقةِ الحيرة، ألم تعلم أنّك بعثتني إلى أسدٍ ضرغام وسيفٍ حسام في كفِّ بطلٍ همام من آل خير الأنام، وقال الزركلي في الأعلام: مسلمُ بن عقيل المقتول سنة ٦٠ه الموافق سنة ٦٨٠م تابعي من ذوي الرأي والعلم والشجاعة.

هذا هو إذن مسلم بن عقيل سفير الإمام الحسين(ع) إلى أهل الكوفة. الفقيه، والمجاهد، والشجاع، والثابت على المبدأ الحقّ، قال الشاعر في حقّه:

تصفّحتُ أخبارَ السّفارةِ لم أجد

سفيراً يداني مسلمَ بن عقيلِ

أرى ذكرَهُ حيّاً وإن غابَ شخصُهُ

لدى كلِّ دورٍ في الحياةِ وجيلِ

فتىً ينتقيه السبطُ سبطُ محمّدٍ

متى تسمحُ الدّنيا له بمثيلِ(٣)

فعلى مثلِ مسلم فليبكِ الباكون ويضجّ الضاجّون كيف لا وقد بكى عليه الرسول الأعظم(ص) قبل أن يقتل وعدّ البكاءَ عليه من علائم الإيمان كما في الحديث الّذي صدّرنا به هذا المجلس حيث قال أمير المؤمنين(ع) لرسول اللَّه(ص):

____________________

(١) هذه الكلمة قالها محمّد بن‏الأشعث قائدالجيش الذي قاتل مسلم بن عقيل(ع). الشهيد مسلم: ص١٦٥.

(٢) جرامقةُ الشام: أنباطُها، واحدهم جُرْمُقاني. (لسان العرب)

(٣) سفير الحسين للشيخ عبد الواحد المظفّر، وأبيات الشعر له(ره).

٧٥

(أتحبُّ عقيلاً؟ قال: اي واللَّه أحبّه حبّين حبّاً له وحبّاً لحبّ أبي طالبٍ له وإنّ ولده -أي مسلم لمقتولٌ في محبّة ولدك - أي الحسين(ع) - تدمع عليه عيون المؤمنين وتصلّي عليه الملائكة المقرّبون) ثمّ بكى رسول اللَّه وقال: (إلى اللَّه أشكو ما تلقى عترتي من بعدي)، وهذا النصّ كافٍ في رجحان البكاء عليه، فإنَّ إخبار النبي(ص) عن بكاء المؤمنين وارد لبيان كون البُكاء محبوباً للرسول حيث رتّب البُكاء على شهادة مسلم النّاتجة عن محبّة الإمام الحسين(ع)، ثمّ قرن النبيّ(ص) البُكاء على مسلم بصلاةِ الملائكة المقرّبين، وهل يصحّ القول بأنّ صلاةَ الملائكة عليه غير محبوبة للَّه سبحانه، فإذاً بكاء المؤمنين وصلاة الملائكة على مسلم بن عقيل المترتبان على شهادته ممّا يرغب فيه الرّسول وهو محبوبٌ للَّه سبحانه(١) .

فعلى مثل مسلم فليبكِ المؤمنون كما بكى رسول اللَّه(ص)، فإنّه(ع) قُتل غريباً، وقُتل وحيداً، وقُتل عطشاناً وذلك عند ما جي‏ء به إلى قصر الإمارة فرأى على باب القصر قُلّةً(٢) مبرّدة فقال: اسقوني من هذا الماء فقال له مسلمُ بن عمرو الباهلي: لا تذوق منها قطرة حتى تذوق الحميم في نار جهنّم قال مسلم(ع): من أنت؟ قال: أنا مَن عرف الحقّ إذ أنكرتَهُ ونصحَ لإمامِهِ اذ غششتَهُ فقال له ابن عقيل: لاُمِّك الثُّكل ما أقساك وأفظّك!! أنت ياابن باهله أولى بالحميم ثمّ جلس وتساند إلى حائط القصر، فبعث عمارة ابن عقبة بن أبي معيط غلاماً له يدعى قيساً فأتاه بالماء وكلّما أراد

____________________

(١) الشهيد مسلم: ص١٩٣.

(٢) القُلّة: الجرّة أو الكوز.

٧٦

مسلم(ع) أن يشرب امتلأ القدح دماً وهكذا الثانية وفي الثالثة ذهب ليشرب فامتلأ القدح دماً وسقطت فيه ثناياه(١) فتركه وقال: لو كان من الرزق المقسوم لشربتُهُ.

وخرج غلام ابن زياد فأدخله عليه فلم يسلّم فقال له الحرسي: ألا تسلّم على الأمير؟ قال له: اسكت إنّه ليس بأمير فقال ابن زياد: سلّمت أو لم تسلّم إنّك مقتول فقال مسلم: إن قتلتني فلقد قَتل من هو شرٌّ منك من هو خيرٌ منّي وبعد فإنّك لا تدع سوءَ القتلة ولا قُبح المـُثلة وخبثَ السَّريرة ولؤمَ الغلبة لأحدٍ أولى بها منك فقال ابن زياد: لقد خرجت على إمامك وشققت عصا المسلمين وألقحت الفتنة قال مسلم: كذبت إنّما شقّ العصا معاوية وابنُه يزيد، والفتنة ألقحها أبوك، وأنا أرجو أن يرزقني اللَّهُ الشهادة على يد شرّ بريّته، ودار بينهما كلام مثل ما تقدّم حتى أمر ابن زياد رجلاً شاميّاً أن يصعد بمسلم(ع) إلى أعلا القصر ويضرب عنقه ويرمي رأسَهُ وجَسدَهُ إلى الأرض، وفعلاً أصعَدهُ إلى أعلا القصر وهو يسبّح اللَّه ويهلّلُهُ ويكبّر ويقول: اللّهمَّ احكم بيننا وبين قومٍ غرّونا وخذلونا وكذّبونا، وتوجّه نحو المدينة وسلّم على الحسين(ع)(٢) .

صعدوا بمسلم والدّمع يجري من العين

اتوجّه بوجه للحجاز يخاطب حسين

____________________

(١) الثّنايا: هي أسنان مقدّم الفم.

(٢) الشهيد مسلم: ص١٨٦ - ١٨٨.

٧٧

يحسين انا مقتول ردّوا لا تجوني

خانوا هل الكوفه عگب ما بايعوني

وللفاجر ابن زياد كلهم سلّموني

محزون ونتو ياهلي عنّي بعيدين

* * *

ياليت هل الدّم الذي يجري على الگاع

مسفوح بين ايديك يامكسور الضلاع

يحسين منّك ما حضيت بساعة وداع

بيني وبينك ياحبيبي فرّگ البين

وأشرف به الشامي على موضع الحذّائين وضرب عنقَهُ ورمى برأسه وجسدهِ إلى الأرض، وامسلماه، واسيّداه، واشهيداه، واغريباه.

المگدّر جره وشاعت أخباره

رموه الگوم من قصر الإماره

وهاني انقتل بعده وبگت داره

مظلمة ولا بعد واحد يصلها

* * *

مصيبتهم مصيبه تصدع الأجبال

ومن گبل المشيب تشيب الأطفال

شفت ميّت يجرّونه بالحبال

يصاحب لا تظن صارت مثلها

* * *

عگب هذااطلعت مذحج امن الدّور

وشگت لعد هاني ومسلم گبور

بس جثة حسين بيوم عاشور

ظلّت بالشمس والدم غسِلْها

* * *

٧٨

ياسائلاً وشظايا القلب في شجن

هل جهَّزوا لقتيلٍ مات ممتَحنِ

أجبتُهُ بفوُادٍ خافقٍ وَهِنِ

ما غسَّلوهُ ولا لَفَّوه في كفنِ

يوم الطفوف ولا مدُّوا عليه ردا

لاحول ولا قوة إلّا باللَّه العليّ العظيم

وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلبٍ ينقلبون والعاقبة للمتقين

٧٩

الليلة الرابعة المجلس الثامن

مسلم سفيرُ الإمام الحسين(ع)

بكتكَ دماً يابنَ عمِّ الحسين

مدامعُ شيعتِكَ السّافحة

ولا برحت هاطلاتُ العيون

تحييكَ غاديةً رائحة

لأنّكَ لم تَروَ من شربةٍ

ثناياك فيها غدت طائحة

رموكَ من القصر إذ أوثقوك

فهل سَلِمَتْ فيك من جارحة

وسحباً تُجَرُّ بأسواقِهِم

ألستَ أميرَهُمُ البارحة

أتقضي ولم تبككَ الباكيات

أما لكَ في المصر من نائحة

لئن تقضي نحباً فكم في زرود

عليك العشيّةَ من صائحة

وكم طفلةٍ لك قد أعولت

وجمرتُها في الحشا قادحة

يعزّزها السبطُ في حجرِهِ

لتغدوَ في قربِهِ فارحة

فأوجعها قلبُها لوعةً

وحسّت بنكبتها القارحة

تقولُ مضى عمُّ مني أبي

فمن ليتيمتِهِ النّائحة(١)

____________________

(١) الأبيات السبعة الاُولى من هذه القصيدة للمرحوم السيد باقر الهندي، والأبيات الأربعة الأخيرة للمرحوم الشيخ قاسم الملّا الحِلي. الشهيد مسلم: ص٢٠٩.

قال السيد جواد شبر في (أدب الطف) الجزء الثامن ص٢٢٤:

السيد باقر ابن السيد محمّد ابن السيد هاشم الهندي الموسوي النجفي، عالمٌ فاضلٌ، وأديبٌ شاعر ظريف لطيف حسن الأخلاق حلو المعاشرة له مراثي كثيرة في أهل البيت: لا زالت تُقرأ وتعاد في مجالس العزاء، ويحفظها الجم الكثير من رواد المجالس حتى العوام، وسمعت من علماء النجف الأشرف أنه كان إذا حدّث لا يملّ حديثه، وينظم الشعر باللغتين الفصحى والدارجة.

٨٠