• البداية
  • السابق
  • 369 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 22482 / تحميل: 3295
الحجم الحجم الحجم
دائرة المعارف الحسينية معجم الشعراء الناظمين في الحسين (عليه‌السلام) الجزء الأوّل

دائرة المعارف الحسينية معجم الشعراء الناظمين في الحسين (عليه‌السلام) الجزء الأوّل

مؤلف:
الناشر: المركز الإسلامي للدراسات
العربية

وقال يشكو تبعثر الإخوان في البلدان - من مجزوء الكامل - :

إنْ كنتَ في بلدٍ شفيق

ورويتَ من وادي العقيقِ

فلأنتَ أضيعُ مَنْ تكون

وأنتَ في البلدِ الشقيقِ(١)

____________________

١- من رسالة الشاعر إلى المؤلّف.

٨١

ومن الجدير ذكره : أنّه جرت مراسلات عديدة مع الشاعر ، ولكنّنا لم نحضَ بشعره ؛ حيث اعتذر بالغربة والمرض والانشغال حسب آخر رسالة وصلتنا من طرفه ، وذلك في أوائل عام ١٤١٨ه.

وعلى كلٍّ ، فالسامرائي كما ورد وصفه في شعراء بغداد : من الشخصيات العلمية الرقيقة الهادئة ، تعشق العلم فنال نصيباً وافراً منه ، وولع بالبحث فوفّق في كلّ ما عمله من تحقيق(١) ، نشر بعض قصائده في الصحف العربية ، منها : مجلة العلم الجديد.

وأخيراً اطّلعت على قصيدة له بعنوان مع الثمانين ، أرسلها إلى صديقه عبد الغني الخليلي ، وقدّمها بهذه الكلمات : لقد بلغت الثمانين من العمر ، فهل لي أن أقول : دخلت في أرذل العمر ، فلو كان لي أن أقول ، لقلت لا بلغتها.

____________________

١- شعراء بغداد ١ / ١٣.

٨٢

٨٣

٨٤

وجاء تاريخها كما في مجلة الموسم : ٢٩ / ٩ / ١٩٩٦م (٢١ / ٥ / ١٤١٧ه)(١) ، ويبدو أنّه يعاني الغربة كثيراً ، رغم أنّه على جوار من وطنه العراق ، ويعيش في بلد يشترك مع وطنه بالعقيدة واللغة ، ولكنّ الغربة غربة حتى إذا ابتعد المرء عن ربع أهله ، وهي أعزته.

فكيف به إذا بلغ الثمانين وهو يعيش على بوابة وطنه ، بأمّل أن يعود إلى تلك الربوع بأسرع ما يمكن ؟

إنّه يُسلّي نفسه بكلمة قالها الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في أمثاله : (( طوبى للغرباء )).

حيث ورد

____________________

١- مجلة الموسم الهولندية ٣٢ / ٢٨٩.

٨٥

في رسالته إلى صديقه عبد الغني الخليلي : تحيّة طيبة.وبعد ، فكيف أقول وأنا أتسلّم سلاماً غريباً ، أقول ما قاله الرسول الكريم : (( طوبى للغرباء )).

أخي : أهديك قصيدة لي ، وقد بلغت الثمانين ، وأنا أطوي رحلة العمر....

وفي الختام نهديه هذا البيت - من البسيط - :

ليس الغريبُ غريبُ الأهلِ والوطن

بل الغريبُ غريبُ العلمِ والأدبِ

٨٦

(٥)

إبراهيم بن حسن التوبلي

القرن ١٣ - القرن ١٤ه = القرن ١٩ - القرن ٢٠م

هو الشيخ إبراهيم بن حسن بن علي التوبلي البحراني ، ولد في توبلي(١) في القرن الثالث عشر ، وتوفّي في القرن الرابع عشر الهجري حسب ما يُستفاد من سيرة معاصريه.

وصفه التاجر(٢) : بالعالم الفقيه ، والفاضل النبيه ، والأديب البارع ، والكامل الكريم المؤتمن.

وقال : رأيت له منظومة نواحة طويلة في رثاء النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، وغير ذلك من القصائد في رثاء أهل البيت (عليهم‌السلام ).

ومن المؤسف أنّ الذين ترجموه اقتصروا على جوانب بسيطة من شخصيته ، ولم تنجح محاولاتنا الحثيثة في البحرين وغيرها في العثور على نتاجاته ، ولا زلنا نأمل في الحصول على أشعاره وسيرته.

____________________

١- تُوبلي : بالضم ، قرية شمال مدينة عيسى على بعد نحو سبع كيلومترات من جنوب المنامة عاصمة البحرين.

٢- التاجر : هو محمد علي بن سلمان بن أحمد بن عباس التاجر ، أسس مكتبة تجارية باسم المكتبة العباسية في البحرين عام ١٣٣٩ه.

وكان عضواً إدارياً في المدرسة الجعفرية عندما تأسست عام ١٣٦٥ه ، وكان من مؤسسي دائرة الأوقاف الجعفرية ، ودائرة أموال القاصرين ، ومن المساهمين في بناء مدرسة الهداية الخليفية ، وكان من العلماء الأدباء ، له كتاب عقد اللآل في تاريخ أوال.

ولا يخفى أنّ سلمان بن أحمد - كما سيأتي في ترجمة إبراهيم بن محمد آل نشرة - ولد عام ١٣٠٧ وتوفّي عام ١٣٤٢ه.

٣- موسوعة شعراء البحرين ١ / ٣ عن منتظم الدرّين في أعيان الإحساء والقطيف والبحرين ١ / ٤ ، له ترجمة في أعلام الثقافة الإسلامية في البحرين ٣ / ٤٦١.

٨٧

(٦)

إبراهيم بن حسن قفطان(١)

١١٩٩ - ١٢٧٩ه = ١٧٨٥ - ١٨٦٢م

هو الشاعر الشيخ إبراهيم بن حسن بن علي بن عبد الحسين بن نجم السعدي الرباحي ، ولد في الحسكة(٢) عام ١١٩٩(٣) ه ، ونشأ بها في ظلّ والده.

وأخذ مبادئ العربية والإسلامية من فضلائها ، وتتلمذ على الشيخ علي

____________________

١- القفطان : قيل أنّها كلمة أعجمية تعني الجبّة البيضاء ، ولكن لم يثبت أعجمتها.

نعم ، جاء في المنجد ( الخفتان ) بالفتح نوع من الثياب وهي فارسية ، ولعلّها تحرّفت.

ويقول دهخدا : إنّ كلمة قفطان لم تستخدم في العربية قبل القرن ١٦ الميلادي (بدأ القرن الميلادي هذا عام ٩٠٦ه) إلّا أنّ ابن بطوطة المتوفّى عام ٧٧٩ه قال في رحلته / ٩٣ : وكنت أرى - أبو عبد الله الخليل - لابساً بيضاء قصيرة من ثياب القطن المدعوّة بالقفطان.

ولا يخفى أنّ القمّي ذكرها في الكُنى والألقاب مضمومة القاف ، فإذا كان أصلها خفتان حرّفت حركاتها وحروفها.

ووجه النسبة أنّ جدّهم الأعلى كان يلبس هذا ألنوع من الجبّة ؛ فقيل له أبو قفطان ، ولُقّب أولادهم بها كما يذكر الأمين في الأعيان ٢ / ١٢٥ نقلاً عن بعض أحفاده.

وأمّا في لسان العرب ١١ / ٢٥٧ فيقول : إنّ القفط هو شدّة لحاق الرجل بالمرأة ، أي شدّة احتفازه ، والنسبة إليه قفطي بالفتح ، وهو الكثير الجماع ، ولم يذكر لها تثنية بالمعنى الذي ذكروه ، وربما كان القفط بمعنى المكافأة ، والله العالم.

٢- الحسكة : بكسر الحاء ، وسكون السين ، وهي منطقة واسعة في وسط الفرات الأوسط بالعراق ، تبتدئ من غرب الديوانية وتمتدّ إلى السماوة شرقاً وإلى عفك شمالاً ، وتُقلب إلى الحسچة ، ولنا في ذلك كلام أوردناه في مقدّمة الشعر الدارج فليراجع.

٣- ماضي النجف وحاضرها ٣ / ٩٦ ، وهناك مَنْ ذكر أنّه ولد في النجف وليس بصحيح.

٨٨

ابن جعفر كاشف الغطاء(١) ، وأخيه الشيخ حسن(٢) ، وعلى الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر(٣) ، كما حضر على الشيخ مرتضى الأنصاري(٤) .

وتخرّج على علماء النجف شاعراً أديباً ، وكاتباً قديراً ، وعالماً فاضلاً.

له من المؤلّفات : كتاب الرهن في الفقه ، وكتاب أقل الواجبات في حجّ التمتّع ، وكتاب حلّيّة المتعة ، وكتاب قاطعة النزاع في أحكام الرضاع(٥) ، وديوان شعر جمعه بخطّه(٦) .

قال عنه كاشف الغطاء(٧) : كان أديباً حسن الخطّ ، له إلمام بالعلوم الدينية ، وله مراجعات ومطارحات مع شعراء عصره كعبد الباقي العمري(٨)

____________________

١- كاشف الغطاء : هو علي بن جعفر بن خضر المالكي ، المتوفّى عند مرقد الإمام الحسين (عليه‌السلام ) عام ١٢٥٣ه ، والمدفون في النجف.فقيه أصولي ، وقد درس عنده الشيخ مرتضى الأنصاري.له مؤلّفات منها الخيارات.

٢- الشيخ حسن : هو ابن جعفر بن خضر آل كاشف الغطاء المالكي (١٢٠١ - ١٢٦٢ه) ، من فقهاء الإمامية وأعلامها ، وقد تتلمذ عليه الشيخ مرتضى الأنصاري ، وله مؤلّفات عديدة ، منها : أنوار الفقاهة.

٣- صاحب الجواهر : هو الشيخ محمد حسن بن باقر بن عبد الرحيم النجفي ، المتوفّى في النجف عام ١٢٦٦ه ، مؤلّف كتاب جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام الذي اشتهر به ، وعُرف نسله بالجواهري نسبة إلى كتاب الجواهر هذا ، وكان من فقهاء الإمامية وأعلامها.

٤- الأنصاري : هو الشيخ مرتضى بن محمد أمين (١٢١٤ - ١٢٨١ه) ، ولد في مدينة دزفول الإيرانية ، ودرس في كربلاء والنجف ، وتوفّي في النجف.كان من أعلام الإمامية ، اشتهر بكتابيه الرسائل في الأصول ، والمكاسب في الفقه.

٥- إكرام البررة ١ / ٦٢.

٦- شعراء الغري ١ / ٢٨ عن عبقات الأنوار للكهنوي في ترجمة الشيخ علي بن جعفر كاشف الغطاء.

٧- كاشف الغطاء : هو علي بن محمد رضا بن موسى (١٢٦٨ - ١٣٥٠ه) ، ولد في النجف وتوفّي بها ، من علماء الإمامية وأجلائهم.له مؤلّفات قيّمة ، منها : النوافح العنبرية ، نهج الصواب.

٨- العمري : هو عبد الباقي بن سليمان بن أحمد ، شاعر ولد في الموصل بالعراق سنة ١٢٠٤ه ، وتوفّي عام ١٢٧٩ه.له ديوان شعر سمّاه الباقيات الصالحات ، وقد قرظه القفطان بقصيدة - من الكامل - مطلعها :

ل-لهِ درّ ن-ظامُ عبد الباقي = هو سلك درّه حلية الأعناق

٨٩

وغيره ، ومدائح ومراث لعلماء عصره(١) .

وقال عنه النقدي(٢) : شعره من الطبقة الوسطى(٣) .

وأمّا الأمين فقد قال : له شعر كثير في التهاني ومدائح ومراثي علماء النجف وأدبائها ، وله أيضاً في مراثي الأئمّة (عليهم‌السلام ) ومدائحهم كثيرة ، في اللغتين الفصحى والعامية ، وقد برع من أقسام الشعر العامي بالمواليا ، ومدح به الشيخ جعفر كاشف الغطاء كثيراً(٤) .

ولمـّا بلغ من العمر ثمانين عاماً توفّاه الله في النجف عام ١٢٧٩ه كما في التكملة(٥) .

وقال الجعفري(٦) : أنّه توفّي عام ١٢٧١ه(٧) ، والأوّل هو المشهور.

وقد ذكر ابن الأمين(٨) تعليقاً على كلام والده بأنّه ولد عام ١١٩٩ه وتوفّي عام ١٢٧٩ه : إنّه ذكر في المستدركات أنّ هذا التاريخ لأبيه ، وأنّ المترجم مجهول تاريخ الولادة والوفاة(٩) .

ولكن مَنْ ترجمه من أبناء النجف أثبتوا ما أثبتناه.

ومن شعره : هذه الموشّحة - من الرجز - التي نظمها على غرار موشّحة القزويني البغدادي(١٠) .

____________________

١- الحصون المنيعة ٩ / ١٧٧.

٢- النقدي : هو جعفر بن محمد (١٣٠٣ - ١٣٦٩ه) ، ولد بالعمارة وتوفّي بالكاظمية.من قضاة الإمامية وشعرائها.سكن كربلاء والنجف والحلّة.له مؤلّفات ، منها : منن الرحمان ، الدروس الأخلاقية ، الحجاب والسفور.

٣- الروض النضير / ٣٦٣.

٤- أعيان الشيعة ٢ / ١٢٦.

٥- تكملة أمل الآمل ، وعنه ماضي النجف وحاضرها ١ / ٩٨.

٦- الجعفري : هو حسن بن جعفر كاشف الغطاء (١٢٠١ - ١٠٦٢ه) من علماء الإمامية وفضلائها الأصوليين.له كتاب أنوار الفقاهة ، الإمامة ، الزكاة.

٧- نبذة الغري ، وعنه ماضي النجف وحاضرها ١ / ٩٨.

٨- ابن الأمين : هو حسن بن محسن بن عبد الكريم العاملي ، ولد عام ١٣٢٦ه.كاتب لبناني معاصر ، وباحث قدير.له دائرة المعارف الإسلامية الشيعية ، الغزو المغولي ، الموسوعة الإسلامية.

٩- هامش أعيان الشيعة ٢٠ / ١٢٥.

١٠- البغدادي : هو السيد صالح بن مهدي بن رضا القزويني ، ولد في النجف سنة

=

٩٠

ولتهن يا صالح يا ذا السؤدد

وسيداً قد فاقَ كلَّ سيّد

وحصنَ عزّ للعلى مشيد

ونجم علمٍ بهداهُ نهتدي

نالَ بجديهِ فريدَ الشرف

فالنظمُ في عدّ علاه لا يفي

أعظم بهِ من سؤددٍ ومفخر

أولى الوفود من جميلٍ رفده

وأصلُ كلّ مفخرٍ من عندهِ

حازَ العلى بجّدهِ و جَدّه

منْ أمرَ الباري الورى بودّهِ

كم نسجتْ كفّاهُ أسنى مطرف(١)

لعالمٍ وناظمٍ ومعتفي(٢)

فكم حشى آذاننا من ذرر(٣)

وسكن لفترة الحلّة فراسل الشيخ محمد بن جعفر كاشف الغطاء(٤) عام ١٢٤٤ه بالأبيات التالية - من الوافر - :

ربوع الجامعينَ استوقفيني

سقاكِ مضاعفُ الغيثِ الهتون(٥)

أُجدّد للهوى عهداً وأقضي

على رغمِ العذولِ(٦) بها شؤوني

يحرّكني الهوى شوقاً إليها

فيُمسي في معاهدها سكوني

ألا مَنْ مبلغِ منّي سلاما

إلى حيّ بجانبها قطينِ

أَنِسْتُ بأهلها و أقمتُ فيهم

زماناً أتّقيه ويتّقيني

وأطعمني الهوى شهداً(٧) وغنّت

بهِ ورقُ السرورِ على الغصونِ

____________________

= ١٢٠٨ه ، كان من فقهاء الإمامية وشعرائها ، تتلمذ على يد الشيخ محمد حسن صاحب جواهر الكلام ، توفّي في بغداد سنة ١٣٠٦ه ، ودُفن في النجف.

١- المطرف : بفتح الميم وكسرها ، والجمع مطارف : رداء من خزّ ذو أعلام.

٢- المعتفي : مَنْ يُنفق الفضلة من ماله.

٣- شعراء الغري ١ / ٣٠ عن مجموعة الشيخ إبراهيم بن صادق العاملي.

٤- كاشف الغطاء : هو الشيخ محمد بن جعفر بن خضر (١١٩٥ - ١٢٤٧ه) ، تأتي مرتبته في العلم والفضيلة بعد أخويه الشيخ موسى والشيخ علي ، وقد سكن الحلّة إلى أن توفّي بها بالطاعون ، فحُمل جثمانه إلى مسقط رأسه النجف.

٥- الهتون : تتابع المطر وانصبابه ، وقيل : هو المطر فوق الهطل.

٦- العذول : الكثير العذل ، الملامة.

٧- الشهد : بضم الشين وفتحها ، ومنه الجمع شهاد : العسل ما دام لم يُعصر من شمعه.

٩١

أهيمُ إذا سمعتُ حنينَ ليلي

إليّ فأبلغوا ليلي حنيني(١)

وكان الشاعر رغم أدبه وفقهه يمتهن الكتابة والخطّ للارتزاق كأخيه الشيخ أحمد(٢) ، وتوجد آثاره في خزائن الكتب والنجف.

وعلى ذكر أخيه فإنّه نقل عن الشاعر بأنّه نزل أبو الدبيغ(٣) لزيارة نسيبه السيد عسكر فوجدها خلية من الأنيس وغير مسكونة ، فكتب إلى صديقيه الأخوين السيد محمد(٤) وحسين(٥) الزوين بهذه الأبيات من - الوافر - :

شكوتُ لسيدي مقامَ أرضٍ

تجنّبَ أهلُها العيشَ الرغيد

نزلتُ أبا ادبيغ فانْدبغنا

به مذ كظّنا(٦) البردُ الشديد

ترى سبخاءَ أو بيضاءَ ملحاً

وأوجهنا من الدخانِ سود(٧)

____________________

١- ماضي النجف وحاضرها ٣ / ٩٨.

٢- أحمد : هو ابن حسن بن علي بن نجم السعدي الرباحي النسب ، المعروف بقفطان ، ولد في مدينة النجف سنة ١٢١٧ه ، وتوفّي فيها سنة ١٢٩٣ه ، وهو من أدبائها ومشاهيرها.

٣- أبو الدبيغ : من ضواحي الجعارة في الفرات الأوسط من العراق.

٤- محمد : هو ابن حسن بن حبيب الزوين ، كان والده السيد حسن من فضلاء النجف ، وله ثلاثة أبناء محمد هذا والسيدين حسين وشريف.

٥- حسين : هو ابن حسن بن حبيب الزوين المتوفّى بعد عام ١٢٥١ه ، كان من فضلاء الأسرة ، وخلف من الأبناء السيد جعفر الزوين المتوفّى عام ١٣٠٧ه.

٦- كظّ : لازم.

٧- أعيان الشيعة ٢ / ١٢٥ ، عن مجلة الحضارة ، عن مجموعة الفاضل الشبيبي.

٩٢

وكان الشيخ مهدي كاشف الغطاء(١) يهديه كلّ سنة عباءتين ؛ عباءة شتائية في الشتاء تقيه البرد ، وعباءة خاچية(٢) في الصيف ، فتأخّرت الهدية الثانية فخاطبه بالأبيات الثلاثة - من الرمل - :

دخلت باحورة(٣) الصيفِ التي

كنت قد أجّلت (بشتي)(٤) عنده

____________________

١- كاشف الغطاء : هو ابن علي بن جعفر ، ولد سنة ١٢٢٦ه ، من فقهاء الإمامية وأعلامها ، له مؤلّفات عديدة منها : كتاب في الخيارات.توفّي سنة ١٢٨٩ه ودُفن في مقبرة العائلة في النجف.

٢- خاچية : كلمة دارجة في جنوب ووسط العراق ، تُطلق على العباءة الرقيقة المصنوعة من الصوف ، وتعتبر من أحسن العباءات وأثمنها ، تُرتدى في الصيف ، وهي محرّفة أصلها خواجية نسبة إلى خواجه ، وهي كلمة فارسية بمعنى الشيخ المحترم ، والرجل العظيم.

٣- الباحور : شدّة الحرّ.

٤- بشت : كلمة دخيلة ودارجة في جنوب ووسط العراق ، تُطلق على العباءة الشتوية السميكة المصنوعة من الصوف.

٩٣

فإذا جاءَ الشتاءُ تبدله

بعباء كي تقيني برده

وهلمّ الأمر جرّا كلّما

جاءُ وقتٌ قلتُ فيما بعده(١)

وله قصائد يمدح فيها أهل البيت (عليهم‌السلام ) ويرثيهم ، منها ما هو في الإمام الحسين (عليه‌السلام ) ، فقد نقلناها في ديوان القرن الثالث عشر.

ومن تلك قصيدة يمدح فيها الإمامين العسكريين(٢) حين توجّه إلى زيارتهما في سامراء ، يقول فيها - من الكامل - :

يا راكباً تطوي المهامةَ عيسه(٣)

وتجوب كلّ تنوفة(٤) ومكانِ

يقتادها الشوقُ الملحّ على السّرى

بأزمةٍ فضلاً عن الأرسانِ(٥)

فكأنّهُ كالبدرِ بينَ نجومه

في فتيةٍ من أكرمِ الفتيانِ

ومسافر نحو الزيارةِ قاصدا

هلّا مننتَ على المسيء الجاني

ورحمتَ حالَ متيّمٍ قعدت به

إذ قمتم يدَ دهرهِ الخوّانِ

ببلوغِ مألكةٍ(٦) إلى ساداته

خيرِ البريةِ إنسها والجانِ

لعلي الهادي المكرّم وابنه(٧)

و القائمِ(٨) الخلفِ العظيمِ الشانِ

____________________

١- شعراء الغري ١ / ٤٢.

٢- العسكريان : هما علي بن محمد الهادي وابنه الحسن بن علي العسكري ، وهما الإمامان العاشر والحادي عشر من أئمّة الشيعة الإمامية.ولد الهادي عام ٢١٢ه واستشهد سنة ٢٥٤ه ، وولد العسكري سنة ٢٣٢ه واستشهد سنة ٢٦٠ه.

٣- العيس : الواحد أعيس ، والواحدة عيساء : الإبل البيض ، يُخالط بياضها سواد خفيف ، وهي من كرام الإبل.

٤- التنوفة : البرّية لا ماءُ فيها ولا أنيس.

٥- الأرسان : واحدها : الرسن ، حبل يوضع على رأس الدابة.

٦- المألكة : الرسالة.

٧- ابنه : إشارة إلى الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه‌السلام ).

٨- القائم : إشارة إلى حفيده الإمام محمد بن الحسن المهدي المنتظر (عليه‌السلام ) ، وهو الإمام الثاني عشر من أئمّة الشيعة الإمامية ، وهو حيّ ينتظر خروجه ؛ ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما تُملأ ظلماً وجوراً ، ولد سنة ٢٥٥ه.

٩٤

خزّان(١) علمِ اللهِ أبوابِ الهدى

ركنِ الولاءِ معالمِ الإيمانِ(٢)

وله في التقى والصلاح - من الطويل - :

تمسّكتُ بالتقوى لدى كلّ مطلب

ومَنْ يتّقِ اللهَ استتمتْ مطالبه

وكم هدّدتني بالليالي جحافل

من العسرِ تعدو بالشتاتِ سباسبه(٣)

وحكت على عزمي كلاكلُ(٤) روعها(٥)

وقد كادَ أن ينقضّ منهُ جوانبه

فعارضها ثبتُ الجنانِ بصارم

من العزمِ ماضٍ لا تفلّ مضاربه

أقولُ لها والحربُ قامت قناته(٦)

وبالصبرِ يستدني السلامةَ صاحبه

حذاركِ من بأسِ امرئٍ لا تروعه

على الدهرِ من قبلِ العظامِ نوائبه(٧)

تعوّدَ مسّ الضرّ في الدهرِ مذ نشأ(٨)

فما الرعبُ لو دارت عليهِ مصائبه

إليكِ عن القرمِ(٩) الهجانِ(١٠) الذي له

يدُ البطشِ تدميراً على مَنْ يُغالبه(١١)

وله من أبيات - من الطويل - نقلها الأمين :

____________________

١- خزّان : قال الإمام محمد بن علي الباقر (عليه‌السلام ) في وصف أهل البيت (عليهم‌السلام ) : (( هم ولاة أمر الله ، وخزّان وحي الله ، وورثة كتاب الله ، وهم المصطفون بسرّ الله ، والأمناء على وحي الله ، هؤلاء أهل بيت النبوّة ، ومعدن الرسالة...))( بحار الأنوار ٢٦ / ٢٥١ ).

٢- ماضي النجف وحاضرها ٣ / ٩٩.

٣- السباسب : مفردها سبسب ، وهي المفازة ، الأرض البعيدة المستوية.

٤- الكلاكل : واحدها كلكل : الصدر ، أو ما بين الترقوتين ، والكلاكل : الجماعات.

٥- الروع : الفزع.

٦- القناة : العصا ، الرمح ، القامة.

٧- النوائب : واحدها النائبة وهي المصيبة.

٨- نشا : شبَّ.

٩- القرم : الفحل إذ تُرِك عن الركوب والعمل ، ويُطلق على السيد تشبيهاً بالقرم من الإبل لعظم شأنه وكرمه ، والقرم : العظيم.

١٠- الهجان : من كلّ شيء خيارُهُ وخالصه ، ومن الإبل : البيض الكرام ، ورجل هجان : كريم حسيب.

١١- شعراء الغري ١ / ٣٤.

٩٥

له في الهدى دينٌ ولي غيرَ دينه

فريقانِ إنّي منجد(١) وهو متّهم(٢)

وله قصيدة في تعاسة حاله كشاعر وأديب ، قد أرسلها إلى الشيخ عبد الحسين الجواهري(٣) يقول في أوّلها - من المديد - :

سلفا(٤) كلّفتني شغفا(٥)

شغفاً كلّفتني سلفا

فتحرّيتُ هواكَ ولو

إنّه يعقبني التلفا

ليتَ طرفاً شحّ عن أرب

لكَ فيهِ لم يكن طرفا

يا أبا الفزعِ الشريفِ ومَنْ

سادَ في أقرانهِ الشرفا

لمْ لا تستعطفنَ أباً

كلّما استعطفتهُ عطفا

إنّما أنتَ الصريف(٦) فلا

تكُ في بابِ الرجا خزفا

أهلُ بيتي يبتغونَ لهم

كلّ يومِ من يدي علفا

كم أعاني في معاشهم

باختلاسِ القرض والحرفا

يحسبونَ الخبزَ مؤتدما

بحشيشِ الهندبا(٧) سرفا

غيرَ أنّ الهمّ انحلني

في عيالٍ عكّفٍ ضعفا(٨)

____________________

١- المنجَّد : الذي أتى نجد ، أو نزل فيها ، والمتّهم : الذي أتى تهامة أو نزل فيها.

٢- أعيان الشيعة ٢ / ١٢٧.

٣- الجواهري : هو ابن محمد حسن بن باقر ، من فقهاء الإمامية وأعلامها ، تتلمذ على يد الشيخ مرتضى الأنصاري ، توفّي سنة ١٢٧٣ه ودُفن في مقبرة العائلة في النجف.

٤- السلف : سلف سلوفاً : مضى وتقدّم وسبق ، والسلف : كلّ عمل صالح قدّمته.

٥- الشغف : الولع الشديد.

٦- الصريف : الفضة الخالصة ، والصرف : الخالص من كلّ شيء.

٧- الهندباء : بفتح الدال وكسرها ، بقل زراعي من المركّبات اللُّسَينية ينبت برّياً في أوروبا وآسيا الغربية ، ورقه أزرق ، مرّ الطعم قليلاً ، يدخل في التوابل ويُطبخ أيضاً ، والهندباء البرّية : نبتة عشبية معمّرة من المركّبات ، وأوراقها مسننة تشبه قواضم الأسد.

٨- شعراء الغري ١ / ٥١.

٩٦

ومن شعره الحرّ الذي كان يسمّى بنداً(١) ، وفيه يرثي الشيخ موسى بن جعفر كاشف الغطاء(٢) :

أخرس الناعي لساني

وشجاني...

فلعمري لست أدري

____________________

١- راجع باب مقدّمة الشعر من الموسوعة في فصل الشعر الحرّ والبند.

٢- كاشف الغطاء : وجّده خضير ، والشيخ موسى كان من فقهاء الإمامية وأعلامها ، أوقع الصلح بين الدولة العثمانية والدولة الإيرانية سنة ١٢٣٧ه ، توفّي سنة ١٢٤١ه.

٩٧

ما مقالي...

قد أراعتني بتخفيق لواها

وعلتني بصقيلات ظماها

فهي لا تصغي

إلى طور عتابي...

وطوتني بالأسى...

طي جوابي

يا لحاها(١) الله كم تجرح قلبي

بمواض(٢) مزّقت أحناء لبّي...

ورمتني كمداً

فتّ بأعضائي

وأروى قبس الوجد بأحشائي

فسحب العين تهمي(٣)

فوق خدي

كلّما أبرق وجدي

من معيني في حنيني

وسؤالي من ضلالي(٤)

وهي طويلة اكتفينا بهذا المقطع منها ، وأمّا بالنسبة إلى شعره الدارج فلم نعثر عليه ، رغم أنّ الخاقاني ذكر بأنّ له قصائد في اللهجتين ، وقد برع في

____________________

١- لحى الشجرة : قشرها ، ولحى فلاناً : لامه وسبَّهُ وعابَهُ ، يُقال (لحا الله فلاناً) : أي قبَّحهُ ولعنَهُ.

٢- مواض : واحدها ماضي وهو السيف ، وكذلك الزمان المنصرم.

٣- تهمي : تمطر.

٤- شعراء الغري ١ / ٣٠.

٩٨

شعر المواليا ، وقد مدح بهما الشيخ جعفر كاشف الغطاء(١) .

وقال عنه حرّز الدين(٢) : عالم أصولي ماهر ، وأديب كامل شاعر ، له شعر مدوّن في المجاميع المخطوطة ، جيّد يعدّ نظمه من الطبقة الوسطى حسب ما أراه.

وقيل : هو أمتن من أبيه علماً وأدباً ، ووجدنا له نوادر ظريفة ، وشعراً كثيراً ، وقد رثى الحسين (عليه‌السلام ) بعدّة قصائد(٣) .

____________________

١- كاشف الغطاء : هو ابن خضر بن يحيى ، وهو أبو الأسرة الجعفرية ، ولد سنة ١١٥٦ه ، من فقهاء الإمامية المبرزين ، اشتهر بكتابه كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء ، توفّي سنة ١٢٢٨ه.

٢- حرز الدين : هو محمد بن علي بن عبد الله (١٢٧٣ - ١٣٦٥ه) ، ولد وتوفّي في النجف ، من العلماء المؤلّفين ، اشتهر بكتابين معارف الرجال ومراقد المعارف.

٣- معارف الرجال ١ / ٢١.

٩٩

(٧)

إبراهيم بن حسن النقشبندي

القرن ٩ - ٥١٩ه = القرن ١٥ - ١٥٠٩م

هو الشيخ برهان الدين إبراهيم بن حسن النبيسي(١) الشبستري(٢) النقشبندي(٣) .

ولد في شبستر إيران في القرن التاسع(٤) ، ونشأ بها وأخذ مبادئ العربية والإسلامية ، ثمّ هاجر إلى نبيس من بلاد الشام.

قال عنه الحنبلي(٥) : توفّي في عام ٩١٥ه(٦) الشيخ العلّامة النبيسي الشبشري ، ونبيس قرية في حلب والشبشر من بلاد العجم قاله النجم(٧) .

وقال : كان من فضلاء عصره ، وله مصنّفات في الصرف ، وقصيدة تائية في النحو لا نظير لها في السلاسة ، وله تفسير من أوّل

____________________

١- نبيس : قرية من قرى حلب وجاء في أعيان الشيعة ٢ / ١٢٧ ( البنيسي ) نقلاً عن الشذرات فهو تصحيف.

٢- شبستر : قرية من قرى تبريز الإيرانية.

٣- النقشبندي : نسبة إلى الطريقة الصوفية المعروفة التي أسسها بهاء الدين محمد بن أحمد الفاروقي المتوفّى عام ٧٩١ه ، ويبدو أنّ شاعرنا كان على النقشبندية.

٤- ولعلّ ولادته كانت في حدود منتصف القرن.

٥- الحنبلي : هو عبد الحي بن أحمد بن محمد المعروف بابن العماد (١٠٣٢ - ١٠٨٩ه) ، ولد بدمشق وتوفّي في مكة في سفرة الحجّ ، من أعلام الحنابلة بدمشق ، من مصنّفاته : متن المنتهى ، التاريخ على السنين ، وشذرات الذهب.

٦- وقيل أنّه مات سنة ٩١٧ه ، وعلى رأي ٩١٩ه ، وعلى رأي رابع ٩٢٠ه (ريحانة الأدب ٣ / ١١١).

٧- النجم : أراد به الغزي ، وسيأتي ترجمته.

١٠٠