• البداية
  • السابق
  • 423 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 21859 / تحميل: 2588
الحجم الحجم الحجم

١١ - حي العدالة.

١٢ - حي البنوك.

١٣- حي الأنصار.

١٤ - حي الموظفين.

١٥ - حي البلدية.

١٦ - حي العروبة.

١٧ - السعدية.

١٨ - حي العلماء.

١٩ - المعلمجي.

٢٠ - حي التعليب.

٢١ - حي العامل.

وفي كربلاء عمارات بديعة أشهرها رباط الهنود الإسماعيليّة المعروفين ( البهره ) ؛ فإنّه كبير جدّاً ، وفيه مشروع إسالة ماء خاص به ، ومؤسسة للكهرباء ، وصيدلية توزّع فيها الأدوية مجاناً.

ومنها بناية دائرة الماء والكهرباء ، وصرح الحكومة ، ودائرة البرق ، وعمارة القنصلية الإيرانية إلى عدد كبير من الفنادق الحديثة المعدّة لإيواء الزوار ، ومكتبة للأوقاف العامة ، ومكتبات خاصة وتجارية كثيرة(١) .إضافة إلى ذلك فإنّ هناك الكثير من المباني الحكومية التي اُنشئت حديثاً ، كما أنّ فيها شوارع مستقيمة ومبلّطة ، كشارع الإمام علي (عليه‌السلام ) ، وشارع علي الأكبر (عليه‌السلام ) ، وشارع الحسين (عليه‌السلام ) ، وشارع العباس (عليه‌السلام ) ، وشارع الرسول الأعظم (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، وشارع الوحدة العربية وسواها. ويروى أنّ أحد ملوك الهند زار كربلاء في أوائل القرن التاسع عشرة الميلادي ، أي بعد حادثة الوهابيِّين , فأشفق على حالتها وبنى فيها أسواقاً حسنة وبيوتاً قوراء أسكنها بعض مَنْ نكبوا ، وبنى للبلدة سوراً حصيناً لصدّ هجمات الأعداء ، وأقام حوله الأبراج والمعاقل ، ونصب آلات الدفاع على الطراز القديم ، وصارت على مَنْ يهجمها أمنع من عقاب الجو , فأمّنت على نفسها وعاد إليها بعض الرقي والتقدم(٢) .وفي أيام الوالي المصلح مدحت باشا ( ١٨٧١ م ) بُنيت الدوائر الحكومية في كربلاء ، وتمّ توسيع السوق فيها(٣) , إضافة إلى وجود عدد من الأسواق

____________________

(١) العراق قديماً وحديثاً - السيد عبد الرزاق الحسني / ١٢٦.

(٢) تاريخ كربلاء المعلّى - عبد الحسين الكليدار آل طعمة / ٢٢.

(٣) موسوعة العتبات المقدّسة - قسم كربلاء ١ / ٢٨٠.

١٠١

الكبيرة(١) .

ولعلّ أشهر المباني الحكومية الفخمة التي تتوسط حي الحسين (عليه‌السلام ) الجميل هو فندق كربلاء ، أو ما يسمّى بفندق المصايف والسياحة ، حيث يأوي إليه السوّاح والزوار , أمّا نفوس كربلاء فقد ثبت لدى الإحصائية الأخيرة التي اُجريت سنة ١٩٧٦ م أنّ نفوس مدينة كربلاء (٢٨١٨١٤) نسمة.

وقد اقترن اسم كربلاء بحكم مركزها الديني المرموق بأسماء العديد من ذوي المواهب الفنية والأدبيّة ؛ فقد خرّجت العديد من الشعراء والكتّاب ورجال العلم والدين ، كما اشتهرت بعدد من الصناعات والفنون الشعبية الدقيقة ؛ كصناعة السيراميك , والقاشاني الملوّن المنقوش بالصور الجميلة ، وصناعة النقش على النحاس التي برع بها الكربلائيون فأخرجوا من النماذج ما يرتقي إلى مصاف اللوحات الفنية

____________________

(١) يروى أنّ سوق البزازين ( سوق العرب اليوم ) اُسس قبل ٢٠٠ سنة ، وكان يسمّى قديماً بـ ( سوق مدك الطبل ) ، أي أنّه كان سوقاً للصفارين. وللسادة آل الأشيقر بعض الموقوفات في هذا السوق. وقد اطلعت على وقفية خاصة بها وتاريخها سنة ١٢٥١ ه ، الواقف لها علي الحردان , والموقوف عليه السيد محمّد السيد حمزة الأشيقر.

ومن الأسواق الاُخرى ( سوق الحسين ) الذي أوقف بعض حوانيته الشيخ محمّد صالح البرغاني على الجهات الخيرية للحائر الحسيني , وقد اطلعت على الوقفية الخاصة بتلك الحوانيت , وتاريخها رجب المرجب من شهور سنة سبعين بعد الألف والمئتين , مختوماً بختم شيخ الطائفة الشيخ مرتضى الأنصاري. وهناك أسواق اُخرى قديمة كسوق القبلة الذي بناه السيد أحمد الدده , وكان عبارة عن مجموعة دور وخان كبير.

ووردت أهزوجة شعبية بعد وضع ( الجمالي ) على السوق من قبل الوالي , تقول:

الله يديمه الوالي

سوّه السوك جمالي

وعدا ما ذكرت فإنّ هناك سوق التجار الكبير ، وسوق العباس (عليه‌السلام ) ، وسوق الزينبية ، وسوق العلاوي ، وسوق باب الخان وغيرها.

١٠٢

المتكاملة(١) .

وممّا لا غبار عليه أنّ كربلاء مجبولة على الصناعة اليدوية البدائية ، فقد كان من الطبيعي أن تكون مركزاً لقيام صناعات النحاس ( الصفر ) على أشكاله ، وهي تعدّ من أنفس الصناعات لا سيما ( السماورات ) لصنع الشاي ، والصياغة الدقيقة والوشي والتطريز ، وفيها صناعة الترب ، وصناعة الأحذية الشعبية ، والصياغة الذهبية والفضية ، وصناعة الأواني النحاسية والبرونزية المنقوشة بالصور والتماثيل.

كما تقوم بصناعة الغزل والنسيج والصناعات الفرعية الاُخرى ، كصناعة الترب التي تتخذ من أرض كربلاء تبرّكاً للسجود عليها ، والسبح للتسبيح بها وغير ذلك ، وكان من جرّاء الماضي الصناعي لكربلاء أن تخرّج فيها عدد من العمال المهرة.

وقد أسهم الشعراء والكتّاب إسهاماً ملحوظاً في وصف كربلاء والثناء عليها ، وها نحن نثبت في هذا الفصل بعض النماذج التي تجسد مفاتن ومحاسن هذه المدينة شعراً.

فهذه أبيات من قصيدة بعنوان (بعد الأحبّة) للشاعر الكربلائي المرحوم عباس أبو الطوس يستنهض بها أحبّته , فيناشدهم بقوله:

هبّ النسيمُ على الربى فذكرتكمْ

وهفا الفؤاد لأمسه البسّامِ

والبدرُ قد أرخى طلاقته على

هضباتِ وادي ( الطفّ ) والآكامِ

و( الطفّ ) دار صبابتي وسعادتي

ومقرّ أحبابي وأرض إمامي

أرض بها طابت ملاعبُ صبوتي

وصفت كلطف نسيمها أيامي

ونشأتُ بـين حقولها ونخيلها

فغدت مثار عواطفي وهيامي

وسحبتُ ذيل صباي فيها باسماً

ما بين صحبٍ من ذوي الأقلامِ

يا كربلاء تقدّمي يا كربلا

للعلم للأدب الرفيع السامي

سيري على نور الحضارة والعلا

هذا أوان الجدّ والإقدامِ

سيري على نهج النهى جذلانةً

ودعي الرقاد فلات حين منامِ

____________________

(١) مجلة ( العراق الجديد ) - العدد ١٠ تشرين الأول ١٩٦١ م.

١٠٣

ثمّ اخلعي الثوب الذي لعبت به

كفّ البلى في سالف الأعوامِ

سيري على أسس الحياة فإنّما

تعلو البلاد إذا سرت بنظامِ

يا كربلاء وما القريض بنافعٍ

إذ لا يشقّ حنادس الإبـهامِ

لا يستحق أخو الأحاجي عزّةً

إن كان فيه كخابطٍ بظلامِ(١)

وفي يوم ١٦ / ٢ / ١٩٦٠ م زار الشاعر خضر عباس الصالحي مدينة كربلاء ، ومكث فيها زهاء أربعة أيام , تسنّى له خلالها التعرّف على طائفة ممتازة من أدبائها الأحرار المثقفين ، فلقي منهم أنبل اللطف وأروع المجاملة وأحسن اللقاء ؛ فألهمته هذه المزايا الرائعة قصيدة وجدانية ، هي:

أرسلت حلو الغناءِ

على ربُى كربلاءِ

كعاشقٌ مستهام

بـغادة حسناءِ

أو هائمٌ هيجته

عواطفُ الشعراءِ

أو ظامئ بات يحسو

خمرَ المنى باشتهاءِ

أو طائر راح يشدو

في واحةٍ فيحاءِ

بـها تحف رياضٌ

ملأى بكنز الرخاءِ

وحولها غابُ نخلٍ

يطفو بدفق الثراءِ

بأفقها الرحب تسمو

مراقدُ الشهداءِ

تشق قلب الليالي

بـنورها اللألاءِ

فيالها ذكريات

جاشت بفيض الولاءِ

بـها فؤادي المعنّى

أضحى طليقَ الرجاءِ

وعاش في ظلِّ قومٍ

من صفوة الاُدباءِ

في لُجّة من حنينٍ

وموجة من هناءِ

بـها الشعور تعرّى

من الأسى والشقاءِ

١٠٤

والقلب صار يغني

بـنغمةٍ خضراءِ

الذكريات ستبقى

مغموسةً في دمائي

كنفحة تتهامى

من وردة عذراءِ

طاف الربيع عليها

بـروحه السمحاءِ

فدب في كل عرق

منها عبير الضياءِ

فانسل من عاطفاتي

همس الدجى والمساءِ

ياليت شعري أأحظى

بعد النوى باللقاءِ(١)

ويشارك الشاعر هادي الشربتي بهذه المشاعر الصادقة والأحاسيس المتدفقة نحو مدينته فيقول:

كلفت بـأرض الطفّ منذ طفولتي

وأرجو بأن تمسي لدى الموت مهجعي

فلي عندها في كلّ شبر لبانةٌ

من العمر تبدو لي على كلّ موضعِ

وأوعتها أحلى الأماني فما ابتغى

فؤادي سواها فهي بيتي ومفزعي

ولو جبت في الآفاق طراً فلم يكن

إلى غيرها يوماً ركوني ومرجعي

دفنت بـها خير الأحبّة لم تزل

طيوف لهم تترى فينهلّ مدمعي

ومن نبتها أحببت غرساً وصاله

لدى الروح من أحلى الأماني وأمتعِ

أهاجت شظايا لوعةِ البين أضلعي

قوافٍ بـها جادت يراعة مبدعِ

____________________

(١) جريدة ( شعلة الأهالي ) الكربلائية - العدد ٩ ( ٢١ مايس ١٩٦٠ م - ذي القعدة ١٣٧٩ ه ).

١٠٥

الفصل الثالث: الآثار التاريخيّة في كربلاء

تعتبر كربلاء من أقدس وأشهر المدن الإسلاميّة الكبرى ؛ إذ يؤمّها ملايين الزائرين من جميع الأقطار الإسلاميّة وغيرها لزيارة مرقدي الإمام الحسين بن علي وأخيه العباس (عليهما‌السلام ) وباقي الآثار التاريخيّة فيها.

فإلى جانب هذين المرقدين المقدّسين تحتضن كربلاء عدّة مزارات مقدّسة وقبور أساطين العلم ، ومقامات رفيعة الشأن بأسماء الأئمّة الأطهار ؛ فمن بين هذه المراقد التي تُزار في الروضة الحسينيّة هي:

مرقد السيد إبراهيم المجاب

والسيد إبراهيم هو ابن السيد محمّد العابد المدفون في شيراز ابن الإمام الهمام موسى بن جعفر (عليه‌السلام ) ، يقع مرقده الشريف في الزاوية الشماليّة الغربيّة من الرواق المعروف باسمه في الروضة الحسينيّة ، وعليه ضريح لطيف الصنع من البرونز.

لقد أجمع المؤرّخون وعلماء النسب أنّ السيد إبراهيم المجاب الضرير الكوفي هو أوّل فاطمي انتقل إلى الحائر الحسيني ، وآثر الاستيطان فيه بعد حادثة مقتل

١٠٦

المتوكّل في أيام ابنه المنتصر العباسي , وذلك سنة ٢٤٧ هجرية ، أي في منتصف القرن الثالث الهجري ؛ ولذا يلقّب ابنه الأكبر بمحمد الحائري ، وهو الجدّ الأقدم للسادات ( آل فائز ) المعروفين اليوم في كربلاء بـ ( آل طعمة ، وآل نصر الله ، وآل ضياء الدين ، وآل تاجر ، وآل مساعد ، وآل سيد أمين ).

ذكرها العلّامة السيد محسن الأمين في موسوعته قائلاً: عن كتاب عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب للسيد الشريف النسابة أحمد بن علي بن الحسين أنّه قال: وأمّا إبراهيم الضرير بن محمّد بن موسى الكاظم (عليه‌السلام ) فهو المعروف بالمجاب ، وقبره بمشهد الحسين (عليه‌السلام ) معروف مشهور.

وفي رجال بحر العلوم: وإنّما لقّب أبوه محمّد العابد لكثرة عبادته وصومه وصلاته كما ذكر المفيد (طاب ثراه) في الإرشاد وغيره. انتهى.

أي إنّ المفيد ذكر كثرة عبادته ؛ لأنّه قال ذلك سبب تلقيبه بالعابد. أمّا سبب تلقيبه إبراهيم المجاب ؛ فهو يُقال: أنّه سلّم على الحسين (عليه‌السلام ) فاُجيب من القبر والله أعلم بصحة ذلك. وليس هو جدّ السيدين المرتضى والرضي كما يتوهّم ؛ لأنّ جدّهما إبراهيم ابن الإمام موسى الكاظم (عليه‌السلام )(١) .

وذكره النسّابة الشهير ابن زهرة ، نقيب حلب في كتابه « غاية الاختصار » فقال: وبنو المجاب إبراهيم بن موسى قالوا: سمّي بالمجاب بردّ السّلام ؛ وذلك لأنّه دخل إلى حضرة أبي عبد الله الحسين بن علي (عليه‌السلام ) فقال: السّلام عليك يا أبي. فسمع صوت: (( وعليك السّلام يا ولدي ))(٢) .

وقال الشيخ شرف الدين العبيدلي في كتابه ( تذكرة الإنسان ): إبراهيم الضرير الكوفي المجاب بردّ السّلام ، يقول بعض ولده:

من أين للناسِ مثل جدّي

موسى أو ابن ابنه المجابِ

____________________

(١) أعيان الشيعة - للسيد محسن الأمين العاملي ٥ / ٤٠١.

(٢) غاية الاختصار في البيوتات العلوية المحفوظة من الغبار - للسيد تاج الدين بن محمّد بن حمزة بن زهرة الحسيني / ٨٩ ( طبع النجف ).

١٠٧

إذ خاطبَ السبطَ وهو رمسٌ

جاوبهُ أكرم الجوابِ(١)

وجاء ذكره أيضاً في كتاب ( نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين ) , هذا نصّه في الجواب عن أوّل مَنْ جاور الحائر المقدّس من الأشراف الحسينيّة: فاعلم أنّ آل إبراهيم المجاب ، ويُقال له: إبراهيم الضرير الكوفي ابن محمّد العابد ابن الإمام موسى الكاظم (عليه‌السلام ) أوّل مَنْ سكن الحائر فيما أعلم.

ولم أعثر على مَنْ تقدّم في المجاورة عليهم ؛ فإنّ علماء النسب كلّهم ينسبون محمّد بن إبراهيم المجاب بالحائري ، ويصفون إبراهيم المجاب نفسه بالكوفي ، وفي بالي إنّي رأيت أنّه كان إبراهيم المجاب الضرير مجاور الحائر , وبه مات ، وقبره هناك معروف ، لكنّي لا أذكر الكتاب الذي رأيت فيه ذلك ، لكن نصّ الكلّ على أنّ ابنه محمّد الحائري كان في الحائر ، وعقبه بالحائر كلّهم. انتهى(٢) .

وعلّق المؤلّف نفسه بالنسبة لقبور بعض بني هاشم الشهداء ، وبعض أولاد الأئمّة المحترمين قوله: ومنهم إبراهيم المجاب بن محمّد العابد ابن الإمام الكاظم ، قبره في رواق حرم الحسين ، وهو صاحب الشباك ، وهو أوّل مَنْ سكن الحائر من الموسوية. كان ضريراً يسكن الكوفة ، ثمّ سكن الحائر.

وقد وهم فيه السيد بحر العلوم في الفوائد الرجالية فظنّه إبراهيم ابن الإمام الكاظم (عليه‌السلام ) ، وأنّه إبراهيم صاحب أبي السرايا ، وهو وهم في وهم ، وعرفت التحقيق فيهما ، وقد شرحت التفصيل في كتاب ( تكلمة أمل الآمل ) في ترجمة السيد المرتضى. انتهى(٣) .

وجاء في كتاب (بغية النبلاء / ٢٠) أقول: كانت قرية المجاب حتّى سنة ١٢١٧ ه سبعة عشر وألف ومئتين على ما ذكره أبو طالب بن محمّد الأصفهاني

____________________

(١) تذكرة الأنساب - لأحمد بن محمّد بن مهنا بن علي بن مهنا الحسيني النسّابة - فصل ( بيت أبي الفائز ) / ١٠٧ - ١١٢ , مخطوط في مكتبة الإمام الرضا بمشهد سنة ٦٥٧ ه.

(٢) نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين - للسيد حسن الصدر / ٢١ ( طبع لكهنو ).

(٣) نزهة أهل الحرمين / ٢١.

١٠٨

في رحلة ( مسير طالبي ) في الصحن الشريف ، وعندما ألحقت بالروضة الطاهرة الأروقة الثلاثة الشرقي والغربي والقسم الشمالي أصبح عندئذ ضريحه في الرواق الغربي , حيث الشمال كما هو عليه اليوم(١) .

تلك هي بعض الآراء في السيد إبراهيم المجاب جاولنا عرضها قدر المستطاع ، وهي غيض من فيض أردنا التنويه عنها.

مرقد حبيب بن مظاهر الأسدي

وهو أحد شهداء حادثة الطفّ ، ناصر الحسين (عليه‌السلام ) ، وشهر سيفه أمام الأعداء حتّى سقط صريعاً على رمضاء كربلاء ، ودُفن في الواجهة الغربيّة من الرواق الأمامي للروضة الحسينيّة المطهّرة ، وضريحة مصنوع من الفضة ، وهو أجلّ شأناً من أن يوصف.

ذكره الكشي في رجاله فقال: كان حبيب من السبعين الرجال الذين نصروا الحسين (عليه‌السلام ) ، ولقوا حبال الحديد ، واستقبلوا الرماح بصدورهم والسيوف بوجوههم ، ويُعرض عليهم الأمان والأموال ، فيأتون ويقولون: لا عذر لنا عند رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) إن قُتل الحسين (عليه‌السلام ) ومنّا عين تطرف , حتّى قُتلوا حوله ( رحمهم الله وحشرنا معهم برحمته في جوار مولانا الحسين (عليه‌السلام ) ).

ولقد خرج حبيب بن مظاهر الأسدي وهو يضحك ، فقال له يزيد بن حصين الهمداني , وكان يُقال له: سيد القرّاء: يا أخي , ليس هذه بساعة ضحك !

قال: فأيّ موضع أحقّ من هذا بالسرور ؟! والله ما هو إلّا أن يميل علينا هذه الطغاة بسيوفهم فنعانق الحور العين(٢) .

ويُقال: إنّ حبيب بن مظاهر كان يحفظ القرآن عن ظهر قلب ، وكان يشرع بتلاوة جميع القرآن من بعد صلاة عشائه حتّى الفجر في كل ليلة(٣) .

____________________

(١) بغية النبلاء في تاريخ كربلاء - للسيد عبد الحسين الكليدار آل طعمة / ١٢٠.

(٢) رجال الكشي / ٥٢ ( طبع بمبي ).

(٣) تحفة الأحباب - للشيخ عباس القمي / ٥١.

١٠٩

وذكره الزرگلي في ( الأعلام ) قائلاً: حبيب بن مظهر ، أو مظاهر أو مطهر , ابن رئاب بن الأشتر بن حجوان الأسدي الكندي ثمّ الفقعسي تابعي من القوّاد الشجعان ، نزل الكوفة وصحب علي بن أبي طالب (عليه‌السلام ) ، ثمّ كان على ميسرة الحسين يوم كربلاء وعمره خمس وسبعون سنة ، وهو واحد من سبعين رجلاً استبسلوا في ذلك اليوم ، وعُرض عليهم الأمان فأبوا ، وقالوا: لا عذر لنا عند رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) إن قُتل الحسين وفينا عين تطرف , حتّى قُتلوا حوله(١) .

وجاء في ( القاموس الإسلامي ) وهذا نصّه: حبيب بن مطر تابعي من شيعة الحسين ، وهو حبيب بن مطهر بن رئاب الأسدي , اشترك مع الحسين في وقعة كربلاء وهو كهل في الخامسة والسبعين من العمر ، وعُرض عليه الأمان فأبى , واستشهد مع أصحابه عام ٦١ ه - ٦٨٠ م(٢) . إلى غير ذلك من الأقوال التي تؤكّد على موقف حبيب بن مظاهر الحازم في حادثة الطفّ ، وما أدّاه من بطولة نادرة وشجاعة فريدة يُضرب بها المثل.

ضريح الشهداء

وموقعه في شرقي الضريح الحسيني حيث مثوى أصحاب الحسين والقاسم بن الحسن (عليه‌السلام ) وهم ملحدون في ضريح واحد. وهذا الضريح وضع علامة لمكان قبورهم ، وهم في التربة التي فيها قبر الحسين (عليه‌السلام )(٣) .

والضريح لطيف بديع الصنع ، مصنوع من الفضة ، وقد شيّده ناصر الدين شاه القاجاري , أمّا بقية شهداء الطفّ فإنّهم يرقدون في الساحة الأمامية لضريح الشهداء المذكور.

____________________

(١) الأعلام - خير الدين الزركلي ٢ / ١٧٣.

(٢) القاموس الإسلامي - وضع أحمد عطية الله ٢ / ٣٣ , طبع القاهرة.

(٣) بغية النبلاء في تاريخ كربلاء / ٥٤.

١١٠

المخيّم

من معالم كربلاء الأثرية والأماكن المقدّسة التي يتبرّك بها الزوار المخيّم ، ويقع في الجنوب الغربي من الحائر الحسيني. يُؤخذ من أقوال المؤرّخين أنّ المخيّم الحالي الذي نتحدّث عنه لا يمتّ إلى الحقيقة بصلة ، ولا يستند إلى دليل أو برهان ؛ ولذا لم نجد أثر يذكر لموقع مخيّم الحسين (عليه‌السلام ) في كتب أرباب السير والتواريخ.

زار كربلاء الرحالة الألماني كارستن نيبور فوصلها يوم ٢٧ كانون الأوّل سنة ١٧٦٥ م ، ولنتركه يصف لنا ما شاهده في المخيّم قال: إنّ هذا الموقع قد أصبح حديقة غنّاء واسعة الأرجاء ، تقع في نهاية البلدة ، وتشاهد فيه بركة كبيرة من الماء ، وموقع هذه البركة هو نفس الموقع الذي كان الإمام العباس قد حفر فيه لإيجاد الماء فلم يعثر على شيء منه.

ويروي نيبور بالمناسبة أنّ الناس هناك كانوا يعتقدون بأنّ ظهور الماء في البركة بعد ذلك يعتبر من المعجزات. وقد أشار إلى وجود هذه البركة الكبيرة في الموقع نفسه الرحالة البرتغالي تكسيرا الذي زار كربلاء في ١٦٠٤ م ، أي قبل مجيء نيبور إليها بمئة وستين سنة كما ذكر قبل هذا.

وممّا يذكره كذلك أنّ موقع المخيّم كان يوجد بقربه مرقد غير كبير ، دُفن فيه القاسم ابن الإمام الحسن (عليه‌السلام ) وعدد من الشهداء الآخرين الذين سقطوا في معركة التضحية والبطولة يوم عاشوراء ، ويسرد بالمناسبة قصة القاسم الشاب وعرسه المعروفة(١) .

ويروي الرحّالة أبو طالب خان في رحلته عند زيارته لكربلاء سنة ١٢١٧ه قائلاً: وعلى بعد ربع ميل خارج المدينة قرية المخيّم ، ومقام زين العابدين (عليه‌السلام ) , شيدت عليه زوجة المرحوم آصف الدولة عمارة لائقة ، وأقامت قربه رباط لم يتمّ

____________________

(١) موسوعة العتبات المقدّسة - قسم كربلاء ١ / ٢٨٨ بحث الاُستاذ جعفر الخياط.

١١١

بناؤه بسبب وفاة آصف الدولة(١) .

غير أنّ هناك رأياً للعلاّمة السيد محمّد تقي الطباطبائي نقله عن المرحوم العلّامة السيد حسن الصدر يقول فيه: إنّ مخيّم الحسين (عليه‌السلام ) كان قريباً من المستشفى الحسيني في كربلاء اليوم ، ويغلب على الظنّ أنّ هذا الموضع أقرب إلى الصواب ؛ الأمر الذي اكتفينا بالتنويه عنه(٢) .

والمرجح عندنا أنّ المخيّم الحالي من الأبنية التي ابتدعها مدحت باشا من أجل ضيافة السلطان ناصر الدين شاه وعساكره وحاشيته ، كما يؤكّد بعض الثقاة أنّ عبد المؤمن الدده تولّى بناء غرفة في هذا المكان لتكون رمزاً لمخيّم الحسين ، وذلك عندما قطن كربلاء في القرن العاشر الهجري ، وغرس بجنبه نخيلات لتكون صومعة له ، ولم يزل البستان الواقعة جنب المخيّم تُعرف ببستان الدده.

وعندما أتمّ السيد علي الطباطبائي المشهور بصاحب الرياض بناء سور لكربلاء سنة ١٢١٧ ه بعد غارة الوهابيِّين , أتخذ هذا المحلّ مقبرة لدفن الموتى ، واستبدل الطرف بمحلّة المخيّم ، وكانت قصبة كربلاء القديمة التي شيّدها عضد الدولة البويهي في المئة الرابعة الهجرية تحتوي على ثلاثة أطراف ؛ يُدعى الطرف الأوّل منها بمحلّة آل فائز ، والطرف الثاني بمحلّة آل زحيك ، والطرف الثالث بمحلّة آل عيسى.

وعندما أتمّ السيد علي الطباطبائي بناء سور كربلاء جعل له ستة أبواب عُرفت كلّ باب باسم خاص ، واستبدل أسماء الأطراف بأسماء تلك الأبواب كما هو عليه الحال اليوم.

وبعد مجيء مدحت باشا هدم قسماً من السور من جهة طرف باب

____________________

(١) مسير طالبي - ميرزا أبو طالب خان بن محمّد الأصفهاني / ٢٨٣ ( فارسي ) , طبع الهند سنة ١٢٢٧ ه.

وممّا يجدر التنويه به أنّ الكتاب طُبع باسم ( رحلة أبي طالب خان ) إلى العراق وأوروبا سنة ١٢١٣ ه - ١٧٩٩ م , ترجمها من الفرنسية إلى العربية الدكتور مصطفى جواد , مطبعة الإيمان - بغداد / ١٩٧٠.

(٢) مدينة الحسين - محمّد حسن الكيدار آل طعمة ٢ / ٢٤.

١١٢

النجف ، وأضاف طرفاً آخر إلى البلدة سُمّي بمحلّة العباسيّة ، فأصبحت لكربلاء سبعة أطراف(١) .

وتنصّ الوثائق والمستندات التاريخيّة القديمة التي اطلعنا عليها لدى سادات كربلاء أنّ محلّة المخيّم ، والقسم الشرقي من محلّة باب الطاق كانت تُعرف بمحلّة السادة ( آل عيسى ) حتّى أواخر عام ١٢٧٦ ه ، وقد تغيّر هذا الاسم إلى محلّة المخيّم بعد هذا التاريخ.

وعلى باب المخيّم توجد رخامة نُقشت عليها أبيات للشاعر الكربلائي المرحوم السيد حسين العلوي ، وهي:

هذي خيامُ بني النبيِّ محمّدٍ

بـالطفِّ حصناً شيّدت للدينِ

قد خصّها الباري لكلِّ فضيلةٍ

شرفاً فلا نبتٌ لها بقرينِ

إن قلتَ مكّة قلتُ هذي كربلا

فخراً سرت من عالم التكوينِ

سلها إذا شرّفت في أعتابها

أين الحسينُ بعبرةٍ وشجونِ

فتجبك ما قد نالهوأصابها

من بـعدهِ أعداؤه حرقوني

المخيّم الحسيني

____________________

(١) المصدر السابق ١ / ١٥.

١١٣

هذا وقد اُجريت على المخيّم مؤخّراً إصلاحات جديدة من قبل وزارة الأوقاف , حيث قامت بتعميره سنة ١٩٧٨ م.

سبيل خانة المخيّم

مرقد الحر بن يزيد الرياحي

لو اتجهنا نحو ثلاثة أميال عن غربي كربلاء لاحت لنا قبّة من القاشاني الملوّن ، تلك هي قبّة الحرّ بن يزيد الرياحي التميمي الذي استشهد مع الحسين (عليه‌السلام ) في

١١٤

حادثة الطفّ ودُفن في هذا المكان ، ويقصد مثواه الأهلون للزيارة والتنزّه في البساتين المحاطة بمرقده ، ويرى الزائر لدى دخوله عند باب الإيوان كُتيبتين , تقرأ الأولى « تعمير الإيوان بسعي الحاج السيد عبد الحسين كليدار حضرة سيد الشهداء سنة ١٣٣٠ ه ». وفي الجانب الآخر الكُتيبة التالية « قد عمّر هذا المكان بهمة آقا حسين خان شجاع السلطان الهمداني (دام ظله الفاني) سنة ١٣٣٠ ».

وكان أوّل مَنْ بذل الاهتمام بتشييد هذا القبر هو السلطان إسماعيل الصفوي الذي زار العراق عام ٩١٤ ه - ١٥٠٥ م ، وبنى عليه قبّة وجعل له صحناً.

وللشيخ محسن أبو الحبّ خطيب كربلاء المتوفّى سنة ١٣٠٥ ه أبيات يخاطب فيها الحرّ بن يزيد الرياحي بقوله:

نصرتَ أبـيّاً من عرانين هاشمٍ

فتى من حماةِ النصرِ يستنجدِ النصرا

وجدتَ بـنفسٍ كان لولا ابن أحمدٍ

عزيزاً على مَنْ رام إذلالها قسرا

ولكنّها هانت عليك لأنّ مَنْ

فديت بـها كبر النفوس لهُ صغرا

جريت بـها جري العبيد أبرّها

عبودية حتّى غدوت بـها حرّا

ألا يا قتيلاً زعزع المجدَ قتله

فأضحى عليهِ المجد ذا مقلةٍ عبرا(١)

وسمع السيد محمّد القزويني قول أحد الشعراء المتقدّمين في الحرّ:

أشر للحُرِّ من بُعد وسلمْ

فإنّ الحرَّ تكفيه الإشاره

فقال ردّاً عليه:

زر الحرّ الشهيدَ ولا تؤخّر

زيارته على الشهدا وقدّمْ

ولا تسمع مقالة مَنْ ينادي

أشر للحرّ من بُعدٍ و سلّمْ

وقال في المعنى نفسه:

____________________

(١) الحائريات - للشيخ محسن أبو الحبّ المتوفى سنة ١٣٠٥ ه ( مخطوط ).

١١٥

إذا ما جئت مغنى الطفّ بادر

لمثوى الحرّ ويحك بالرواحِ

وزر مغناه من قُربٍ وأنشد

( لنعم الحرّ حرّ بني رياحِ )

مرقد ابن الحمزة

وهو عماد الدين محمّد بن علي بن حمزة الطوسى المعروف بابن الحمزة ، كان فقيهاً عالماً فاضلاً من أعلام القرن الخامس الهجري ، يقع مرقده في الطريق العام المؤدّي إلى مدينة الهنديّة (طويريج ).

مرقد الأخرس ابن الإمام الكاظم (عليه‌السلام )

وهو محمّد بن أبي الفتح الأخرس(١) ، ينتهي نسبه إلى الإمام موسى بن جعفر (عليه‌السلام ) ، وإليه ينتسبون السادة آل الخرسان في النجف ، يقع مرقده بضواحي مدينة كربلاء في المقاطعة المعروفة بـ ( الإبيتر ).

مرقد عون بن عبد الله

وعلى بعد سبعة أميال من شمال كربلاء تشاهد قبّة مزينة بالقاشاني ، تلك هي قبّة عون بن عبد الله بن جعفر من سلالة الإمام الحسن بن علي (عليه‌السلام ).

وقد ذكر النسّابة السيد جعفر الأعرجي الكاظمي في كتابه ( مناهل الضرب في أنساب العرب) ما نصّه: كان سيّداً جليلاً مقيماً في الحائر الحسيني ، وكانت له ضيعة على ثلاثة فراسخ من كربلاء خرج إليها وأدركه الموت فدُفن في ضيعته ، وبُني على مرقده هذا المزار المشهور ، وعليه قبّة عالية ، والناس يقصدونه بالنذور وقضاء الحاجات.

ويظنّ الناس أنّه قبر عون بن عبد الله بن جعفر الطيار , وهو غير صحيح ؛ إذ إنّ اسمه عون بن عبد الله بن جعفر بن مرعي بن علي بن الحسن البنفسج بن إدريس بن داود بن أحمد المسود بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى ابن الإمام الحسن السبط ابن الإمام أمير المؤمنين

____________________

(١) مراقد المعارف - للشيخ محمّد حرز الدين ١ / ١٣٣.

١١٦

علي بن أبي طالب (عليه‌السلام ) ؛ الأمر الذي اكتفينا بالتنويه عنه(١) . ويُزار مرقده من قبل العامة والخاصة ، وتُنحر عنده الذبائح وتُقدّم إليه النذور والهدايا.

مرقد السيد أحمد (أبو هاشم)

يقع مرقده في الشمال الغربي من شفاثا الحالية في طريق طوله ٢٥ كيلو متراً. إنّ السيد أحمد ، الناظر لرأس العين ، هو ابن محمّد أبي الفائز الذي طلبه الرشيد طبيب اولجاتو خدابنده لكي يقتل تاج الدين(*) ، وأطمعه في نقابة العراق , فامتنع من ذلك وهرب من ليلته إلى الحائر(٢) .

أمّا شهرته أحمد بن هاشم فهي خطأ ، ويحتمل أن يكون أبا هاشم ؛ لأنّ الناس إذا أرادوا أن يعظّموا علويّاً يستنهضونه فيخاطبونه بأبي هاشم.

أمّا مقاطعة رأس العين فهي نسبة إلى عين شفاثة ، وتُعرف حتّى اليوم برأس العين ، وهي أراضي مساحتها ٤٧٨٦ مشارة ، تقع إلى شمال غربي شفاثة بالقرب من الرحالية ، وإنّ تلك الأراضي التي كان السيد أحمد ناظراً عليها فيها عين ماء ولكنّ ماءها قليل ؛ لأنّها مطمورة(٣) .

وفي أوائل القرن الثامن الهجري صادف فتح العراق من قبل الأمير أقساس تيمور الشهير بتيمور لنك , وذلك سنة ٧٩٧ ه ، فجاء إلى كربلاء الأمير عثمان بهادر خان بن تيمور لنك على رأس جيش لمنازلة السلطان أحمد الجلائري ، والتحم

____________________

(١) مناهل الضرب في أنساب العرب - للسيد جعفر الأعرجي الكاظمي , ( مخطوط ) نسخته في مكتبة الشيخ آقا بزرك الطهراني في النجف.

(*) هكذا وردت العبارة الأخيرة , ولا يخفى ما فيها من إرباك. (موقع معهد الإمامين الحسنين)

(٢) عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب - لأحمد بن مهنا الداودي / ٣٣٥ , طبع النجف ، وانظر مناهل الضرب في أنساب العرب - للنسّابة السيد جعفر الأعرجي الكاظمي ( مخطوط ) / ٥٦٥ ، ومراقد المعارف - للشيخ محمّد حرز الدين ١ / ٨٧.

(٣) مذكرات السيد مجيد السيد سلمان آل وهاب آل طعمة.

١١٧

القتال بينهما في سهل كربلاء ، ولمـّا فرّ السلطان أحمد والتجأ إلى حصن عين التمر أعقبه عثمان بهادر خان ، وفي الطريق خرج من ضيعته لاستقباله السيد الجليل الحسيب النسيب السيد محمّد بن أحمد الموسوي الملقّب بأبي طراس ، وعند ذلك خلع عليه الأمير عثمان الخلع والهدايا وعيّنه ناظراً على حصن عين التمر , وخازناً للمشهدين كربلاء والنجف ، ولقّب بالأمير محمّد شمس الدين بن أحمد شمس الدين الذي قبره لا زال ظاهراً يُزار فوق شفاثا ، يُعرف بقبر أحمد بن هاشم ، وهو الجدّ الأعلى للسادة آل فائز اليوم في كربلاء.

ومنذ ذلك الحين أصبح للسادات العلويِّين من آل فائز وآل زحيك القبيلتين العلويتين الساكنتين يومئذ في الحائر الحسيني أراضي ومزارع من تلك الأراضي التي فتحها الأمير المذكور ووهبها لهؤلاء السادة.

جاء في كتاب « غاية الاختصار » المنسوب لأبي الحسن بن زهرة نقيب حلب قوله: « وبيت أبي الفائز بالحائر الحسيني قوم من العلويِّين ذوو نيابة ونخل بشفاثا ، من أعيان سادات المشهد ، وكان جدّهم شمس الدين محمّد ناظراً لشفاثا ، كريماً موصوفاً بالأفضال والجود ، وهم كانوا بالمشهد على قاعدة البدو ، وقد دخلوا في طي الخمول »(١) .

أمّا نسب السيد أحمد أبو هاشم فهو: السيد أحمد ناظر رأس العين ابن محمّد أبي الفائز ابن أبي جعفر محمّد بن علي بن أبي فويرة بن أبي جعفر محمّد الحبر خير العمال بن علي المجدور بن أبي الطيب أحمد بن محمّد الحائري بن إبراهيم المجاب بن محمّد العابد ابن الإمام موسى الكاظم (عليه‌السلام ).

وينصّ صاحب موسوعة ( دائرة المعارف ) بقوله: أحمد بن محمّد بن محمّد بن علي بن أحمد بن محمّد بن إبراهيم المجاب بن محمّد العابد بن موسى بن جعفر (عليه‌السلام ) المشهور بأحمد بن هاشم ، أو أبو هاشم الموسوي ، الظاهر هو الذي قبره بشفاثة على

____________________

(١) غاية الاختصار في البيوتات العلوية المحفوظة من الغبار - المنسوب لنقيب حلب / ٨٨.

١١٨

ثلاثة مراحل بكربلاء(١) .

وقد دوّن هذا النسب الشريف في المشجّرات العائلية المنتشرة في كربلاء وخارجها ، وفي مصنّفات كثيرة مخطوطة ومطبوعة(٢) .

وضمن مشجّرة سادات كتابجي ذكر النسّابة المعاصر السيد شهاب الدين المرعشي نسب السيد أحمد أبو هاشم في القرآن الكريم المطبوع في طهران مراراً بطبعات مختلفة. وهناك الكثير من تلك الأدلّة الصريحة التي تثبت صحة هذا النسب الشريف.

أمّا مرقده فلا يقلّ عن المراقد والمزارات الاُخرى أهمية ؛ حيث تعلوه قبّة من القاشاني ، ويحيط به صحن واسع ، ويزور مثواه عدد كبير من عشائر كربلاء واُسرها ، وكذلك من المدن المجاورة في مواسم الزيارات الخاصة كلّ عام ، فتُنحر حواليه الذبائح ، وتُقدّم القرابين وتُهدى النذور.

____________________

(١) دائرة المعارف المسماة بمقتبس الأثر ومجدد ما دثر - للشيخ محمّد حسين بن سليمان الأعلمي الحائري ٣ / ٢٥٦ ( طبع قم ).

(٢) من المصادر التي وجد فيها نسب السيد أحمد أبو هاشم هي:

أ - أنساب مشجر: لمؤلّفه غياث الدين منصور دشتكي الشيرازي , المتوفى سنة ٩٦٨ ه ، رأيت نسخته الأصلية المخطوطة في مكتبة الإمام الرضا (عليه‌السلام ) العامة بمشهد.

ب - تذكرة الأنساب: لمؤلّفه أحمد بن مهنا العبيدلي الحسيني / ٦٥٧ , فصل ( بيت أبي الفائز بالحائر ) , مخطوط بمكتبة الإمام الرضا (عليه‌السلام ) العامة بمشهد.

ج - بحر الإنسان: للسيد المراد ابن المرحوم السيد أحمد النقيب / ١٧٤ , مخطوط بمكتبة الإمام الرضا (عليه‌السلام ) العامة بمشهد.

د - جامع الأنساب: للسيد محمّد علي الروضاتي ١ / ٣٥ , طبع إيران ١٣٧٦ ه.

ه - بحر الأنساب: للسيد حسين بن محمّد الرفاعي الشافعي الحنفي / ٣٠.

و - مراقد المعارف: للشيخ محمّد حرز الدين ١ / ٨٥.

١١٩

حصن الأخيضر في كربلاء

١٢٠