• البداية
  • السابق
  • 423 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 21559 / تحميل: 2360
الحجم الحجم الحجم

على سطح بلدية كربلاء القديمة.

وإنّ أوّل قلب اُذيب نظماً في وصف العلم العراقي ومدحه هو قلب ابن كربلاء البار الاُستاذ خليل عزمي من قصيدة له يستهلّها بقوله:

بشراكِ يا كربلا قومي انظري العلما

على ربـوعكِ خفّاقاً ومبتسما

وهذه الثورة وإن لم يجنِ منها الشعب العراقي الثمرات المرجوّة إلّا أنّها كانت الشرارة الأوّلى التي ألهبت في نفوس العراقيين الوعي الوطني ، فكانت مقدّمة لعدّة انتفاضات وثورات قام بها الشعب العربي في العراق ضدّ الإنكليز المستعمرين حتّى استطاع أن يحطّم أغلال العبودية ، وينال استقلاله الناجز التامّ ، ويصبح ما عليه الآن من عزّة وسؤدد ومنعة.

كربلاء في الثلاثينات

نشرت جريدة ( الأحرار ) البغدادية في العدد ١٦ الصادر في اليوم الخامس من تموز سنة ١٩٣٣ م مقالاً عنوانه ( الشباب المعذّب في كربلاء ) جاء فيه: كانت دعوة ذكرى شهداء الثورة من لجنة تنظيمها وكان لها دوي في كربلاء تردده أرجاؤها ، فتطوّع فريق للذهاب إلى الرميثة ، وسافروا إليها في يومي ٢٨ و ٢٩ حزيران ، ومَنْ لم يذهب انتظر رجوعهم ليحييهم.

وفي غرّة تموز حوالي الساعة الرابعة عربيّة جاءت برقية من النجف تُنبئ برجوع قسم من الوفد إلى كربلاء , فارتأى البعض أن يقوموا لهم بواجب الاحتفاء ؛ فهرع الناس لاستقبال الوفد ، وعند وصوله توجّه (بين الهتاف والنشيد والتصفيق ) إلى المرقدين الشريفين يتقدّمهم رسم شيخ شهداء الثورة ، وفقيد الدين والوطن حجة الإسلام الشيخ محمّد تقي الشيرازي ، فتمّ الاحتفال بقراءة الفاتحة لأرواح شهداء الثورة والمرحوم آية الله الشيرازي , ولم يحدث ما يخل بالأمن.

وعند العصر أخذ الناس يستقبلون بقيّة الوفد المتأخّر ، ولمـّا نزلوا من القطار القادم من الحلّة أخذ بين ضجيج الأصوات من الهتاف والأناشيد يتقدّمهم رسم شيخ شهداء الثورة أيضاً , فساروا بهم نحو المرقدين

٤٠١

الشريفين بوجوه ضاحكة مستبشرة , وثغور باسمة تجلل تلك التضحيات الخالدة ، وعند وصول الجمع مقبرة الشيخ المرحوم الشيرازي انفضّ عقد المجتمعين بقراءة الفاتحة بكلّ طمأنينة.

ولم يكد الظلام ينشر أجنحته السوداء إلّا وكلكل بالهموم على تلك النفوس التي كانت ضاحكة فرحة , فانقلب ذلك السرور كدراً ، وتلك الأماني أشواكاً تسمل العيون ؛ إذ اُذيع في البلد أنّ مدير الشرطة ألقى القبض على اثنين من الشباب ؛ حقّر أحدهما وأهانه ، وأشبع الآخر منهما ضرباً وإهانة وسبّاً بما يستهجن ويستقبح ، ولم يكتفِ بذلك فأوعز إلى ملتزم العباسيّة أن يعدّ مَنْ يضربه.

وعند خروج الشباب من الشرطة هجم عليه أربعة أشخاص وانهالوا عليه بـ ( مكاويرهم ) , حتّى إذا ما انحلوه تركوه يتلوّى بين الأنات والشكوى , وفي صباح اليوم الثاني أخذ مدير الشرطة يلقي القبض على الباقين ؛ يهين ويضرب كلّ أحد منهما ، وكان معظم مَنْ أوقفهم هم طلاب المدارس ؛ وذلك لقراءتهم الأناشيد أو هتافهم بحياة الشعب.

ونشرت الصحيفة نفسها في عددها (١٨) الصادر في اليوم السابع من تموز سنة ١٩٣٣ م مقالاً آخر بعنوان ( من حوادث كربلاء - أعمال مدير الشرطة ) جاء فيه: والذين ألقوا عليهم القبض وعاملوهم تلك المعاملة الشائنة في ذلك اليوم هم: محمّد كاظم سعيد آقا ، ذياب البارودي ، محمّد يوسف الطالب في المتوسطة ، محمّد حسن السيد مصطفى ، عبد المطلب محمّد علي ، محمّد حسين ساعاتي ، ولم يطلق صالح حمام سراح هؤلاء إلّا بعد أن أشبعهم ضرباً وإهانة.

وفي اليوم الثاني من وقوع هذه التصرّفات الشائنة المخلّة باحترام القوانين واحترام النفوس حدث حادث آخر لا يقلّ أهمية عمّا سبقه ، بينما كان السيد حسن السيد موسى شنو , العضو في جمعية مكافحة الاُمّية , بيده إعلانات المكافحة ويلصقها على الجدران في البلدة ، وذلك في ظهر يوم الإثنين الموافق ٣ تموز الجاري , إذ فاجأه أحد الأشرار بآلة انتقام مدير الشرطة ، وانهال على الشاب المسكين المذكور بـ ( مقوار ) كان يحمله , وأشبعه ضرباً بتلك الآلة الجهنمية ، ولولا تدخّل الناس

٤٠٢

لتخليص المذكور من يد ذلك الوحش الضار الذي كان يحمل معه مسدساً أيضاً لكان قضي على حياته خدمة لأولي الأمر ، وعند ذلك وصل شرطي وساق كلاهما إلى دائرة الشرطة ، ولكنّ الشرطة أطلقت سراح المعتدي بدون كفالة ودون تحقيق عن الواقعة.

وفي الذكرى الخامسة عشرة لثورة العشرين ، أي في سنة ١٩٣٥ م ، اُقيم حفل كبير في مدينة الرميثة على إثر منع ياسين الهاشمي المواكب الحسينيّة ، فاحتجّ أبناء الشعب على حرمانهم من ممارسة الطقوس الدينيّة ؛ فنظّمت وفود لإحياء ذكرى ثورة العشرين , فشدّ الرحال إلى الرميثة رهط من الوطنيين الأحرار ، وفي مقدّمتهم عبد القادر إسماعيل ، والدكتور عبد الجواد الكليدار صاحب جريدة ( الأحرار ) ، وعزّ الدين إسماعيل ، والشاعر محمود الحبوبي ، وتقي المصعبي ، والسيد مصطفى الكليدار ، والشيخ عبد الحسين الشيرازي ، والمحامي عبد الأمير الحلّي ، وروؤف الجبوري ، والشاعر محمّد صالح بحر العلوم ، ومحمد حسن مصطفى الكليدار ، وضياء الدين أبو الحبّ وآخرون غيرهم.

وهناك ضايقتهم الشرطة وحاولت عرقلة الاحتفال ، وأخذت تعقّب القائمين به ممّا اضطرت الوفود القادمة الرحيل عن الرميثة ، فعاد قسم منهم إلى بغداد والآخر إلى الحلّة والقسم الأكبر رجع إلى كربلاء ، فأقام لهم الدكتور عبد الجواد الكليدار مأدبة غذاء فخمة في داره.

وكان قد استقبلهم الشباب الكربلائي بمظاهرات صاخبة اعتزازاً بهم ، وتخليداً لذكرى ثورة العشرين المجيدة وقائدها الشيخ محمّد تقي الحائري الشيرازي ، فطافوا بالصحنين المقدّسين هاتفين بالخلود لشهدائها ؛ ممّا اضطر الشرطة إلى تفريقهم واعتقال قسم آخر منهم.

وفي سنة ١٩٣٦ م في عهد وزارة ياسين الهاشمي ، عندما قامت عشائر الفرات الأوسط في حركاتها ضدّ الوزارة كان لكربلاء دور مهمّ في اجتماعات قادة الحركة ورؤساء العشائر وساداتها , وغذّاها محامون من بغداد ؛ ونتيجة لتلك الاجتماعات خرج ميثاق أسموه ( ميثاق الشعب ) يدعو إلى المطالبة بحقوقهم

٤٠٣

المغتصبة ، وقد بارك هذا الميثاق الشيخ محمّد حسين آل كاشف الغطاء ، ووقّع عليه عدد كبير من رؤساء قبائل الفرات في الحلّة والديوانية , وكربلاء والناصرية(١) .

وعلى إثر هذه الحركات قام انقلاب سنة ١٩٣٦ م بقيادة الفريق بكر صدقي للإطاحة بحكومة ياسين الهاشمي ، فاستقبل الانقلاب من قبل جماهير الشعب بالهتاف بحياة الجيش ، ووزارة حكمت سليمان التي جاءت على إثر الانقلاب ، والتي ساهم فيها الزعيم الوطني المرحوم جعفر أبو التمن وكامل الجادرجي.

كربلاء في الأربعينيات

ثار الشعب العراقي بقيادة جيشه المظفّر على المستعمرين الإنكليز وذلك في مايس سنة ١٩٤١ م ، فهبّت جماهير الشعب بكلّ طوائفه تحارب المستعمرين ، فخرجت المظاهرات التي ساهم فيها الطلاب والفلاحون والكسبة. وفي كربلاء كان لفتاوى رجال الدين أثرها الفعّال في تحفيز الشعب العراقي للدفاع عن قدسية البلاد(٢) .

وخرجت جماهير المدينة يتقدّمها رجال الدين والطلاب والكسبة تدافع عن شرف الأمّة وكرامتها ، فنظّمت المظاهرات الصاخبة ، وسار الشعب وطلبة المدارس إلى سراي الحكومة ، وطافوا شوارع المدينة وأسواقها حاملين الراية العراقيّة ، مرتّلين الأناشيد الوطنية والأهازيج الشعبية.

وأبرقت البرقيات المؤيّدة للحركة وقادتها ، وعلى رأسها الزعيم رشيد عالي الكيلاني من قبل رجال الدين والأشراف ورؤساء العشائر العربيّة الذين اشتركوا فعلاً بالحركة ومساندتهم للحكومة الجديدة ، والتنديد بعبد الإله وعمالته.

وبعد فشل

____________________

(١) الحرب العراقيّة البريطانية ١٩٤١ - محمود الددة / ٦٠ ( دار الطليعة بيروت - مارس ١٩٦١ ).

(٢) نشرت جريدة ( الندوة ) الكربلائيّة بعض فتاوى العلماء بأعدادها ١ ، ٢ ، ٣ الصادرة في ٣ أيار و ٧ أيار و ١٠ أيار سنة ١٩٤١.

٤٠٤

الثورة وعودة عبد الإله على رأس الجيش البريطاني إلى العراق ، تمّ إلقاء القبض على عدد كبير من المواطنين ؛ منهم عبد المهدي القنبر ، والسيد إبراهيم شمس الدين القزويني.

وفي وثبة كانون سنة ١٩٤٨ م كان لكربلاء دور بارز في هذه الوثبة حيث قامت المظاهرات الطلاّبية مخترقة شوارع المدينة هاتفة بسقوط وزارة صالح جبر ومعاهدة بورت سموث ، وإرسال برقيات الاحتجاج من قبل الأهالي إلى الصحف والأحزاب الوطنية في بغداد منددة بجرائم شرطة الحكومة التي أطلقت الرصاص على المواطنين وقتلت الأبرياء.

وكان لجماهير المدينة الدور الفعّال في استقبال جثث الشهداء وتشييعها بمواكب فخمة تعبّر عن استنكارها وسخطها على الوضع المزري ، وكان لتشييع جثمان الشهيد جعفر الجواهري وقع كبير في المدينة ، قامت الشرطة على إثره باعتقال عدد كبير من المواطنين وزجّتهم في غياهب السجون.

دور كربلاء في الخمسينات

انتفاضة تشرين ١٩٥٢

بعد انتفاضة الشعب العراقي في تشرين سنة ١٩٥٢ م ضدّ حكومة نور الدين محمود العسكرية التي أعلنت الأحكام العرفية فور تسلّمها الحكم ، كان لكربلاء دور بارز في هذه الانتفاضة ؛ حيث انطلقت بواكيرها من ثانوية كربلاء للبنين، فاعترضها حرس دار المتصرّف ، وبعد مفاوضات من قبل ممثّلي المظاهرة ، تمّ اختراق الشارع المذكور ومن ثمّ شارع العباس.

وكان الجيش يتّخذ له مواقع في الشوارع الرئيسة وفي مداخلها , إلّا أنّ المتظاهرين استطاعوا أن يكسبوا أفراد الجيش إلى جانبهم ممّا جعلوا الدبابات والمصفّحات العسكرية منابر لخطبهم وقصائدهم الحماسية , وعندما علمت السلطة بسقوط الأمر في يدها حاولت أن تزجّ بقوات

٤٠٥

من الشرطة لضرب المتظاهرين , إلّا أنّ المتظاهرين عند وصولهم إلى ساحة علي الأكبر اخترقوا سياج الشرطة المضروب حولهم ، وأحرقوا في وسط الساحة سيارة ( جيب ) محملة بالأعتدة والذخيرة والتجهيزات الخاصة بالشرطة.

وهنا أخذت الشرطة تضرب المتظاهرين بعنف ؛ ممّا اُصيب بعضهم بطلقات نارية ، ومع ذلك فإنّ المتظاهرين أبدوا بسالة متناهية ، وعندها عزّزت القوّات المسلّحة المتواجدة بالمدينة بقوات إضافية مكثفة جيء بها من بغداد ، واستطاعوا بشكل أو بآخر السيطرة على المدينة ، وقد أمرت السلطة أن تتّخذ شرطتها أماكن لها في مداخل الصحنين الشريفين وفي سورهما , إلّا أنّ سادن الروضة العباسيّة رفض أن تكون الروضة المقدّسة مقرّاً لهم في تقتيل أبناء الشعب.

وفي المساء استطاعت قوى الأمن من اعتقال عدد كبير من الشبّان وقادة المظاهرة ، وبفعل الضغط الجاهيري قدّمت حكومة نور الدين محمود استقالتها ، واُلغيت الأحكام العرفية ، وعادت الأوضاع الطبيعية إلى مجراها.

أحداث سنة ١٩٥٦

على إثر الاعتداء الثلاثي على مصر هبّت جماهير الشعب العراقي لنجدة شقيقته الكبرى مصر العروبة ، وكانت كربلاء إحدى المدن التي قاومت السلطة الحاكمة آنذاك بمظاهرات صاخبة ساهم فيها الطلاّب والعمّال , والفلاحون والكسبة.

فكانت الجموع تحتشد في شوارع المدينة هاتفة بسقوط السلطة الحاكمة , مساندة الشعب المصري في نضاله ضدّ المستعمرين الغزاة ؛ ممّا دعا إلى اعتقال عدد كبير من المتظاهرين وفي مقدّمتهم الطلاّب ؛ حيث فُصل عدد كبير منهم ، واُحيلوا إلى المجالس العرفية ، ومن ثمّ سيقوا مجنّدين إلى منطقة السعدية.

٤٠٦

أحداث سنة ١٩٥٨ - ثورة ١٤ تموز

استمرت الحركة الوطنية متأججة في جميع أنحاء القطر خاصة في مدينة كربلاء الثائرة ؛ حيث كان الوطنيون على مختلف اتجاهاتهم وميولهم يبثّون الوعي الوطني بين الناس , منددين بأعمال السلطة الحاكمة وعمالتها المستعمرين والضالعين في ركابهم , حتّى كانت ثورة الرابع عشر من تموز سنة ١٩٥٨ م حيث قامت المظاهرات المؤيدة للثورة الظافرة منذ انبثاقها مخترقة شوارع المدينة ، مؤيدة ومباركة لقادتها الذين دكّوا صروح الاستعمار وأسقطوا حلف بغداد المشؤوم.

٤٠٧

الفصل العاشر

الجمعيات والأحزاب السياسيّة

تألّفت في كربلاء قبل الحرب العلميّة الأولى وبعدها عدّة مقرّات للأحزاب السياسيّة وجمعيات صحية وأدبيّة ودينية ، قامت بنشاطات واسعة في مختلف الميادين ، وساهمت بقسط وافر في الحركة الفكرية ، وأهمها هي:

١ - فرع جمعية الاتحاد والترقي

تأسس في كربلاء سنة ١٩٠٨ م , وهو فرع لجمعية سياسية هدفها الرئيس مكافحة الاستبداد التركي والعصيان ضدّ الاستعباد ، في الوقت الذي أراد السلطان عبد الحميد الثاني التغلّب على الأحرار وخنق الحريات ، فكان تأسيس هذه الجمعية السرّية مناصرة للأحرار ومناهضة لتوحيد الصفوف ، وكان الاسم الحقيقي لها ( قلوب ).

وقد انتسب إليها كثير من الشباب المثقف ؛ كالشيخ حسن السنلي ، والحاج عبد المهدي الحافظ ، والشيخ كاظم أبو ذان. ونجحت الجمعية في مسعاها وتمّ لها ما أرادت ؛ إذ كان الانقلاب في ٣١ مارس ١٩٠٩ م.

٤٠٨

٢ - فرع جمعية مكافحة الاستبداد

تأسس في نفس السنة التي تأسست فيها الجمعية الآنفة الذكر ، وكان هدفها مكافحة الاستبداد الإيراني ، وإعلان الدستور الذي وعد به السلطان مظفّر الدين القاجاري ، وكان الاسم الحقيقي له (أنجمن أحرار) , ومركزه في محلّة العباسيّة الغربيّة.

وقد انتسب إليها كلّ من محمّد علي غفوري ، والشيخ جواد البهبهاني وغيرهما ، فكانت النتيجة أن أسفرت جهودهم بالفوز ؛ حيث اُعلن الدستور الإيراني سنة ١٣٢٧ ه - ١٩١٠ م , وتسنّم العرش السلطان أحمد شاه القاجاري.

٣ - الجمعية الوطنية الإسلاميّة

وقد تألّفت عقيب الهدنة جمعية سرّية(١) في محلّة باب النجف ، غايتها العمل ضدّ بريطانيا ، وكانت تحت إشراف آية الله الشيخ محمّد تقي الشيرازي ، وبراية نجله الشيخ محمّد رضا ، وعضوية السيد محمّد علي هبة الدين الحسيني ، والسيد عبد الوهاب آل طعمة ، وعبد الكريم آل عواد ، والسيد حسين القزويني ، وعمر الحاج علوان ، وعثمان الحاج علوان ، وطليفح الحسون ، وعبد المهدي القنبر ، ومحمد علي أبو الحبّ ، والشيخ محمّد حسن أبو المحاسن.

كما إنّ أكثر وجوه البلد ورؤسائه اتفقوا مع هذه الجمعية بعد لأي , كما تقدّمت بذلك مضبطة انتخاب أحد أنجال الملك حسين عند الاستفتاء العام(٢) ، وأخذ أفراد هذه الجمعية يوالون الاجتماعات ويبثّون الدعاية الوطنية ، ويوفّقوا بين رؤساء العشائر وزعماء الفرات لإزالة ما أحدثته سياسة الاستعمار من ضغائن وأحقاد ، فتوسّع نطاق الحركة.

____________________

(١) تألّفت جمعية ثانية بنفس الاسم قوامها رجال الدين ، وكانت برئاسة آية الله الشيخ محمّد تقي الشيرازي ، وعضوية نجله الشيخ محمّد رضا الشيرازي ، وعبد الحسين المندلاوي ، والسيد حسين القزويني ، والسيد محمّد علي هبة الدين الحسيني ، والسيد محمّد علي الطباطبائي ، والسيد محمّد مهدي المولوي ، والشيخ يحيى الزرندي ، وكان مقرّهم في محلّة باب الطاق.

(٢) كربلاء في التاريخ - للسيد عبد الرزاق الوهاب آل طعمة ٣ / ٢٥.

٤٠٩

٤ - فرع حزب النهضة

أسسه في كربلاء المرحوم الحاج أمين الجرجفجي , وذلك في سنة ١٣٤٣ ه المصادف ١٩٢٤ م ، وانضم إلى هذا الفرع بعض رجالات كربلاء وشخصياتها ، كما إنّ هناك فروعاً اُخرى سياسية لحزب الإخاء الوطني ، وحزب الاستقلال، وحزب الاُمّة ، وحزب الاتحاد الدستوري ، والحزب الوطني الديمقراطي.

٥ - فرع حزب الإخاء الوطني

تأسس سنة ١٩٣٠ م برئاسة عثمان الحاج علوان ، وعضوية السيد رضا السيد سعيد الشروفي ، والسيد كاظم السيد أحمد النقيب ، والشيخ حميد كمونة ، ومحمد حسن عبد الرضا أبو الحبّ ، وعباس علوان الصالح ، ومحمد كاظم سعيد آقا. وكان مقرّه في دار عمر العلوان بمحلّة باب السلالمة ، وكان هدفه تنوير الرأي العالم الكربلائي بالقضايا الوطنية ، والذبّ عن حياض الوطن من براثن الاستعمار(١) .

٦ - الجمعية الخيرية الشبيرية

تأسست في شهر محرّم سنة ١٣٥١ ه - ١٩٣٢ م ، كان موقعها قرب حمام الكبيس في محلّة باب الطاق ، ثمّ انتقلت إلى مقبرة السيد علي القطب في صحن العباس.

كان رئيسها المرحوم السيد حسن السيد محمّد حكيم صاحب ، وبعد وفاته ترأسها أخوه السيد ضامن ، وقد فتحت لها مستوصفاً لحماية الأطفال وزوّدته بمختلف الأدوية الصحية والغذاء ، وكانت توزّع الكساء على الأطفال الفقراء في المناسبات الدينيّة.

وقد فُتح هذا المستوصف سنة ١٩٤٩ م بحفلة رائعة ، كان من خطبائها الحقوقي اللامع حمزة بحر ، والاُستاذ حسن عبد الأمير وغيرهما ، وقد اُغلق هذا المستوصف بعد أن عجز عن سد ميزانيته.

____________________

(١) استقيت هذه المعلومات شفاهاً من المرحوم السيد كاظم السيد أحمد النقيب بتاريخ ٢٨ / ١/ ١٩٦٩.

٤١٠

٧ - فرع جمعية تشجيع المنتجات الوطنية

تأسس هذا الفرع في كربلاء سنة ١٩٣٤ م ومركزه في بغداد ، والغاية من تأسيسه السعي لتقليل الاحتياج للمصنوعات الأجنبية ، والسعي لتصدير ما تنتجه البلاد إلى الخارج.

وقد انتُخب الحاج عبد الرزاق النصراوي رئيساً للفرع ، والحاج رشيد عبد الله نائباً للرئيس ، وعباس علوان الصالح سكرتيراً ، ومحمد عبد الحسين أميناً للصندوق ، ورحيم خضير الكيال عضواً , وغيرهم من الأعضاء.

وقد افتُتح الفرع في ٢٨ تشرين الثاني سنة ١٩٣٤ ، وألقى الاُستاذ رحيم الكيال عضو الفرع كلمة(١) حثّ فيها المواطنين على بذل الجهود في إيجاد النهضة الصناعية المحلّية ، وتحفيز الشباب العراقي على مؤازرة المشاريع الاقتصادية وتشجيع منتجاتها.

٨ - فرع جمعية حماية الأطفال

تمّ تأسيس هذا الفرع سنة ١٣٦٠ ه - ١٩٤١ م ، وقام بخدمات مهمّة من أجل رفع المستوى الصحي في المدينة. ومن بين هذه الخدمات التي أدّاها الفرع ختان مجموعة من الأطفال ، وتوزيع بدلات كشافية ، وبدلات متنوعة شتوية على الطلاّب والطالبات كما نوّهت بذلك الصحف المحلّية في حينها.

٩ - جمعية ندوة الشباب العربي

ليس هناك مَنْ ينكر الفوائد الجمّة التي تُجنى من هذا المنتدى الأدبي الشهير الذي تأسس في كربلاء عام ١٩٤١ م ، وكان أعضاؤه المؤسسون كلّ من السيد صدر الدين شرف الدين ، والحاج صالح الصافي ، والمحامي كامل عبد الوهاب الخطيب ، والسيد محمّد علي السعيد ، والسيد محمّد مهدي الوهاب آل طعمة.

وكانت غاية الجمعية نشر الثقافة العامّة ، ورفع المستوى الأدبي ، ومكافحة الاُمّية ؛ فقد سجّلت المؤسسة المزيد من المفاخر والمآثر ، فأوّل عمل بادرت إليه هو نشر صحيفة أدبيّة

____________________

(١) مجلة ( الاقتصاد ) البغدادية - العدد ٤٥ - ٦ كانون الأول سنة ١٩٣٤ م.

٤١١

باسم ( الندوة ) ، وإقامة حفلات علمية وأدبيّة ، وإنشاء مكتبة عامّة ، وإحياء حفلات تمثيلية وغير ذلك.

وقد بذل أعضاؤه جهوداً مشكورة في سبيل الإصلاح الوطني والديني ، وعُقدت مؤتمرات وطنية في مناسبات مختلفة ، ووقفت في كافة الحركات الوطنية مواقف مشرّفة دلّت على إيمانها القويم ، وإخلاصها الصادق تجاه هذا الوطن ، ثمّ تولّى إدارتها أخيراً الخطيب الشاعر الشيخ محسن أبو الحبّ ، وتوقّف نشاطها بعد ذلك.

١٠ - جمعية خدمة القرآن

تأسست في صفر ١٣٦١ ه - شباط ١٩٤٢ م ، وغاية هذه الجمعية نشر معارف القرآن من طريق النشر والتأليف والمحاضرات.

وقد بدأت الجمعية عملها وافتتحت أعمالها باحتفال حضره جمع كبير من وجوه كربلاء واُدبائها ، وتلا فيها المعتمد كلمة تناولت هذه الغاية ، وتوضيح الطرق التي أخذت الجمعية على نفسها القيام بها(١) .

١١ - رابطة الفرات الأوسط

جمعية أدبيّة ، تأسست في جمادى الأولى سنة ١٣٧٦ ه - ١٩٥٦ م ، أعضاؤها المؤسسون كلّ من السيد مرتضى الوهاب ، والسيد سلمان هادي الطعمة ، والسيد صادق محمّد رضا الطعمة ، والمحامي مهدي الشيخ عبّاس ، وعباس أبو الطوس ، وحسن عبد الأمير , وكان مقرّها في محلّة باب بغداد.

وقد اُلقيت في افتتاح الجمعية قصيدة للشاب الشاعر صالح الشيخ هادي الخفاجي مطلعها:

اليوم آن لنا أن نبلغَ الأربا

بـندوةٍ تضمن العرفان والأدبا

ونستعيد نشاطاً كان يدفعنا

نحو السمو ونبني صرحه الخربا

واُلقيت عدّة محاضرات لأعضائها نُشرت في جريدة ( اليقظة ) البغدادية

____________________

(١) مجلة ( الميزان ) الكاظميّة ( ٦ صفر ١٣٦١ ه - ٢٣ شباط ١٩٤٢ م ).

٤١٢

ومجلة ( العرفان ) اللبنانية ، ودارت في جلساتها مطارحات ومساجلات صوّرت جوانب هامة من النشاط الفكري , وبعد مضي عام ونصف توقّف نشاطها عن العمل.

١٢ - الجمعية الخيرية الإسلاميّة

تأسست بتاريخ ٢٨ / ٣ / ١٣٧٧ ه - ٢٣ / ١٠ / ١٩٥٧ م بموافقة من وزارة الداخلية ، وأغراضها دينية ثقافية تربوية وإرشادية خيرية كما جاء في المادة الثانية من نظامها الداخلي ، ولها آثار جميلة في إحياء المواسم الدينيّة وإصدار النشرات.

وساهمت في العمل على بثّ الفضائل الإسلاميّة والتوجيه العام ، وكان أوّل رئيس لها الخطيب الشاعر السيد صدر الدين الحكيم الشهرستاني.

١٣ - جمعية الرعاية الاجتماعيّة

تأسست بتاريخ ١٩٦٧ م / ١٣٨٧ ه ، وكانت تستهدف خدمة المجتمع من النواحي الصحية والثقافية والعلميّة والإنسانيّة.

١٤ - ندوة الخميس الأدبيّة

أسسها السيد سلمان هادي الطعمة في داره بكربلاء بتاريخ ١/ ٦ / ١٩٦٧ ، وكان من أهدافها نشر الثقافة ، وإغناء الحركة الفكرية في المدينة من خلال لقاءاتها مساء كلّ يوم خميس ، وقد حضرها رعيل من الأدباء العراقيين.

١٥ - جمعية الثقافية الوطنية

تأسست عام ١٩٧٠ م , وهي جمعية سياسية تقدّمية ، وكان أوّل رئيس لها الشاعر عبد الجبار عبد الحسين الخضر. ساهمت في تحريك الوسط الأدبي وذلك بإقامة الأماسي الشعرية والندوات الفكرية ، واستقدمت العديد من شعراء وكتاب ومثقفي القطر ، كما أسهمت في التوعية القومية والوطنية.

٤١٣

١٦ - جمعية النهضة الإسلاميّة

جمعية دينية تأسست سنة ١٩٧٠ م في مدرسة العلّامة ابن فهد الحلّي ، لها مكتبة عامة باسم مكتبة الرسول ، وأوّل رئيس لها الشيخ عبد اللطيف عبد الحسين الدارمي ، وتصدر حالياً مجلة ( صوت الإسلام ) ، وقد عقدت عدّة أماسي أدبيّة في مناسبات كثيرة.

١٧ - المنتدى الثقافي

تأسس بتاريخ ١٢ / ٦ / ١٩٧٧ م , موقعه في ساحة الإمام الحسين (عليه‌السلام ) بجوار المكتبة المركزية , وقد التفّ حوله العدد الكبير من أبرز أدباء وشعراء كربلاء ، وساهم في إغناء الحركة الأدبيّة والفكرية ، واستضاف العديد من مفكري القطر لإلقاء محاضراتهم ، ولا يزال يواصل نشاطه دون توقف.

٤١٤

تاريخ الحركة الفكرية في كربلاء ١٩٠٠ - ١٩٨٠ م

الشعر

كربلاء مصدر إشعاع فكري منذ قرون موغلة في القدم ؛ فقد ساهمت في تطوّر النهضة الأدبيّة والحركة الفكرية في العراق مساهمة تستحق كلّ إكبار خلال مراحل تاريخيّة مختلفة ، وقد ضمّت بين حناياها جمهرة من خيرة الشعراء والأدباء والمفكّرين كانوا المصابيح التي تتوهّج في سماء الأدب والمعرفة ، وقد سايروا التيارات الأدبيّة المختلفة من خلال ندوات وأمسيات ومهرجانات شعرية ساعد ذلك على خلق مناخ أدبي تتوفّر فيه كلّ الشروط اللازمة لنمو الأدب.

وعاش الشاعر الكربلائي أحاسيسه مشبعاً بالروح الدينيّة والقومية ، وقد عكست لنا تلك البيئة صوراً صادقة لمشاعره وتطلّعاته في الحياة وهو يقرض الشعر فيضمّنه بعض ما يختلج في نفسه ويعتلج من شؤون هذه الحياة وأوضاعها ؛ لذا فإنّ إنتاجه يتميّز بالصدق والأصالة والواقعية.

وكان أبرز هؤلاء الشعراء محمّد حسن أبو المحاسن ، وكاظم الهر ، والسيد جواد الهندي ، ومحسن أبو الحبّ وغيرهم ممّن فصّلتهم في كتابي ( شعراء كربلاء ) الذي يقع في ثلاثة أجزاء.

ويقف الشيخ محمّد القريني المتوفّى عام ١٣٧٧ ه على عتبة الثلاثينات ، حيث

٤١٥

أصدر ديوانه ( تغاريد الحياة ) عام ١٩٣٦ م , وقد غلب عليه طابع التقليد.

وفي الأربعينات ذاع صيت مهدي جاسم الشماسي ( الشاعر المجهول ) الذي نشر في جريدة النبأ أحلى أشعاره وبنات أفكاره , وتوفّي سنة ١٩٧٩ م.

كما لمع اسم الشاعر مظهر أطميش الذي أصدر ديوانه ( أصداء الحياة ) في الخمسينات. وفي أوائل الخمسينات لمع نجم شعراء أسهموا في إنجاب الشعر الحرّ والمقفّى ، وحملوا لواء التجديد في القصيدة العمودية من حيث الأسلوب والتحرر من الأفكار القديمة.

وكان روّاد هذه الحركة الشعرية الدكتور صالح جواد الطعمة ، والدكتور زكي الصرّاف ، وعباس أبو الطوس ؛ ولذا استجدّت موضوعات وأغراض شعرية لم نكن نعهدها من ذي قبل.

وقد تأثر هؤلاء بموجة الشعر الحديث التي كان روّادها الأوائل بدر شاكر السيّاب ، ونازك الملائكة ، وعبد الوهاب البياتي وآخرون غيرهم ، وكان لمعاناتهم أثرها البالغ في التعبير ممّا حفّزت الشعراء الشباب في كربلاء أن ينهلوا من غير هذا المنهل العذب حتّى اشتدّ عودههم وقوي ساعدهم ؛ فبدؤوا بالكتابة والنشر في مختلف الصحف والمجلاّت العربيّة على اختلافها.

وامتداداً لتلك الفترة ظهرت كوكبة جديدة في سماء الشعر الكربلائي ، كمرتضى الوهاب ، وهادي الشربتي ، وعلي محمّد الحائري ، والدكتور ضياء الدين أبو الحبّ ، وصدر الدين الحكيم الشهرستاني ، ومرتضى القزويني وغيرهم ممّن ترجم لهم الاُستاذ غالب الناهي في كتابه ( دراسات أدبيّة ).

وهذه المجموعة خضعت إلى المناسبات الدينيّة والسياسيّة إلّا أنّها كانت في الوقت نفسه تحرص على رصانة الألفاظ وصياغة المعنى.

وفي هذه الفترة بدأ الشعراء الشباب الكتابة الجادة استجابة لروح العصر ، ومتابعة للحركات الشعرية المعاصرة ، وكان من بين هذه الأسماء شاكر عبد القادر البدري الذي كان ينظم على طريقة الشعر العمودي ، وتحوّل في الفترة الأخيرة بديوانه ( الخطوات ) نحو الشعر الحديث.

وعبد الجبار الخضر الذي تمثّلت فيه النزعة الحديثة ، وبخاصة في مجموعته (شهرزاد في خيام اللاجئين) ، وعدنان غازي الغزالي في مجموعتيه (عبير وزيتون) ،

٤١٦

و ( اُرجوحة في عرس القمر ) ، وكان يهتمّ بالاُسطورة والرمز والإيحاء ممّا يجعل شعره يتّسم برومانسية محبّبة.

ومحمد علي الخفاجي وهو من الذين كتبوا في الشعر والمسرح ما أغنى المكتبة العربيّة ، وبخاصة في مسرحيته المشهورة ( ثانية يجيء الحسين ) ، وبدواوينه ( شباب وسراب ) ، و ( مهراً لعينيها ) ، و ( لو لم ينطق النابالم ) ، و( أنا وهواك خلف الباب ) ، و( لم يأت أمس ساُقابله الليلة ).

وباسم يوسف الحمداني الذي صدرت له مجموعتان ( مرافئ الظلال ) ، و( فارس الصمت ) ، وقد حاول فيهما الجمع بين المنهج التقليدي وطريقة الشعر الحديث.

ومن الشعراء الذين واكبوا هذه الحركة عدنان حمدان ؛ إذ يتميّز هذا الشاعر بجزالة شعره ، وحسر سبكه رغم كونه لم يخرج عن النطاق التقليدي.

وما دمنا في صدد الحديث عن الشعر العمودي الرصين فلا بدّ لنا أن نذكر كلاً من عبد الرضا الصخني الذي أصدر مجموعة باسم ( خواطر ) ، وعلي كاظم الفتال الذي صدرت له مجموعته الأولى في الستينات باسم ( براعم صغيرة ) ، وصالح هادي الخفاجي ، وعبد الستار محسن الجواد ، ومحمد زمان ، وصاحب الشاهر وغيرهم ممّن حافظوا على الأساليب القديمة ، وهم اليوم يدفعون عجلة الشعر في كربلاء إلى الأمام ، ويطالبون بالتجديد.

على أنّ هناك شعراء آخرون أخذوا بالقضية العامة ووقفوا قصائدهم عليها ، وهم اليوم في الصفوف الأولى من حياتنا النضالية والشعرية ، يرتبطون بفكر الثورة العربيّة ومسيرتها الدامية , وهي لا شك أصوات شابة أضافت أشياء جديدة لشعرنا العربي المعاصر ، وإنّها لتبشّر بمستقبل وضّاء نرجو لها التفتّح والازدهار في طريق التجديد ، والمواكبة خدمة للوطن والثورة.

القصة

والقصة كأيّ فنّ من الفنون الأدبيّة تنقل لنا صوراً عن الظواهر الاجتماعيّة ، وتعكس ما يعانيه الإنسان عبر حياته اليومية من أتراح وأفراح ، وطبيعي أنّ لكل قصة هدفاً واتجاهاً يحاول كاتبها الوصول إليه.

٤١٧

في الأربعينات نهضت فئة من الأدباء بالأدب القصصي إلى نضوج فنّي في عدد من النماذج المجددة المستمدّة من واقع المحيط ، كما لمسنا عند علي غالب الخزرجي الذي بدأ ينشر قصصه في المجلاّت المحلية ، ثمّ أصدرها في كتاب باسم ( مصباح الظلمتين ) عام ١٩٤٩ ، ومشكور الأسدي الذي ساهم بقسط وافر من نتاجه في مجلة الرسالة وصحيفة الهاتف.

ثمّ جرت محاولات اُخرى في مطلع الخمسينات لعدد من كتّاب القصة اندفعوا لتصوير الحوادث الاجتماعيّة ونواحٍ تتصل بحياة الناس العامة ، وشهدت هذه الفترة ازدهار القصة في الوسط الأدبي الكربلائي ؛ إذ سعى فريق من أدباء هذا الجيل في نشر العديد من قصصهم في صحف ومجلاّت عربيّة ، وضّحت الكثير من ملامح وسمات المجتمع.

وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على امتلاك القاص الرؤية لواقع المجتمع ، ومحاولته لمعالجة العديد من مظاهر التخلّف في العراق.

ولعلّ أبرز كتّاب هذه الفترة بدري حسون فريد ، صالح جواد الطعمة ، حسين فهمي الخزرجي ، ومهدي جاسم الذي صدرت له مجموعة قصصية باسم ( العمّة الؤلؤة ) ، وفائق مجبل الكماني الذي صدرت له ( ألوان الحياة ) ، وكان قد نشر فصولها في جريدة (القدوة) الكربلائيّة.

وتبع ذلك جيل آخر وذلك في النصف الثاني من الخمسينات ، أخذ بيد الحركة الأدبيّة ليدفع بها إلى أمام ، ونجد بعض هذه الأعمال القصصية ما كتبه شاكر السعيد في مجموعته ( نفوس جديدة ) ، ومرتضى الوهاب ما نشره في مجلة ( العرفان ) اللبنانية , كما نلمس نشاطاً ملحوظاً أعقب تلك الفترة من النتاج القصصي الذي كُتب في الستينات.

وقد كشفت هذه الحقبة عن واقع الحياة السياسيّة التي لعب فيها الأديب دوراً هامّاً ممّا جعله يرتبط بواقع الحياة رغم الاختلاف في الاتجاهات الفكرية.

وشهدت هذه الفترة أعمالاً قصصية لعدد من شباب هذا الجيل واصلوا الإنتاج ، منهم عبد الجبار الخضر ، ومحمد

٤١٨

نور عبّاس ، وعلي الفتال وغيرهم ممّن حاولوا معالجة المشاكل وكتابة القصص ذات الأصالة والدقّة.

ويمكن للقارئ أن يجد أسماء عديدة لامعة احتلّت أبرز أعمدة الصحف والمجلاّت للجيل الجديد الواعي من القصّاصين ما زالوا ينشرون إنتاجهم ، وهو يحمل تباشير نضج تدعو إلى التجديد.

النقد

في العشرينات كان أبرز ناقد عرفته الأوساط الكربلائيّة ذلك هو السيد هبة الدين الحسيني وزير المعارف الأسبق ، وذلك بما نشره على صفحات مجلّة ( المرشد ) من تعريف بالكتب الصادرة في حينها ونقدها نقداً موضوعياً.

وكان ممّن عالج موضوع النقد أيضاً مشكور الأسدي بما نشره على صفحات جريدة ( الغروب ) ، و ( الندوة ) الصادرتين في كربلاء ، وكان إذ ذاك طالباً بالجامعة المصرية.

ويقف الدكتور صالح جواد الطعمة في الخمسينات على عتبة النقد ، إضافة إلى اهتماماته بالشعر والقصة والمقالة ، فله بحوث نقدية نُشرت في الفكر والهاتف ، والثقافة الجديدة والأديب والآداب , أمّا الدكتور محمّد جواد رضا ( دعبل ) فهو الآخر الذي له جملة مقالات نقدية نُشرت في جريدة ( النبأ ) والصحف المحلّية الاُخرى ، وقد شارك في هذا الباب حسن عبد الأمير بما نشره من نقد وتحليل لبعض الكتب التي صدرت في حينها.

وفي السبعينات كان لمحمد نور عبّاس ، وعلي الفتال إسهامات طيبة في تحليل الكتب وعرضها. هناك من اختصّ بالنقد السينمائي ، أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر رضا عبد الجليل الطيّار الذي نشرت له جريدة ( الجمهورية ) عدّة مقالات نقدية ، وعِزّي الوهاب الذي نشر بعض الدراسات والنصوص المسرحية في ( الأفلام ) ، و( المسرح والسينما ) ، و( الإذاعة والتلفزيون ).

وإضافة إلى ذلك فإنّ هناك الكثير من اُدباء الشباب لا زالوا يمارسون الكتابة في هذا المجال.

٤١٩

الترجمة

وفي مجال الترجمة ظهر أدباء أسهموا في ترجمة الكتب والمقالات والبحوث العديدة من اللغات الإنكليزية والفرنسية , والفارسيّة والروسية إلى العربيّة ، نذكر منهم الدكتور عبد الجواد الكليدار الذي نشر فصولاً تاريخيّة مسهبة عن الفرنسية على صفحات العرفان والاعتدال وجريدته الأحرار , وصادق نشأت الذي ترجم الكثير من الكتب والمقالات عن الفارسيّة.

ومصطفى السيد سعيد الطعمة الذي ترجم كتاب ( مقدّمة التربية ) عن الإنكليزية ، وله عدا ذلك كتب مخطوطة كلّها مترجمة , وتقي المصعبي الذي ترجم كتاب ( خطط الكوفة وشرح خريطتها ) للمستشرق لويس ماسينيون عن الفرنسية , وأحمد حامد الصرّاف الذي ترجم ( رباعيات الخيام ) نثراً عن الفارسيّة.

وفي الأربعينات برز السيد صالح الشهرستاني بترجمة المقالات عن الفارسيّة نشرها في مجلة ( العرفان ) ومجلة ( الإخاء), أمّا في الخمسينات وما بعدها فقد نشط رعيل من مفكّري كربلاء بعد عودتهم من جامعات الغرب ، فترجموا المقالات والبحوث المختلفة عن الإنكليزية ، وقد نُشرت في حينها ، نذكر منهم الدكتور جليل أبو الحبّ الذي ترجم كتاب ( كندي وسرحان لماذا ) ، والدكتور صالح جواد الطعمة ، ومحسن مهدي ، ومحمد تقي مهدي.

كما ترجم لنا الشاعر مهدي جاسم ( رباعيات قدس نخعي ) ، و( رباعيات الخيام ) شعراً عن الفارسيّة , ورزاق جميل الصافي الذي ترجم كتاب ( القاموس السياسي ) عن اللغة الروسية , وغيرهم كثيرون.

المقالة

احتلّت المقالة وما تزال جانباً كبيراً من الساحة الأدبيّة ، وقد ضمّت كربلاء

٤٢٠