مجالس الناشئة 1426هـ

مجالس الناشئة 1426هـ0%

مجالس الناشئة 1426هـ مؤلف:
المحقق: معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف: دواوين
الصفحات: 85

مجالس الناشئة 1426هـ

مؤلف:
المحقق: معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف:

الصفحات: 85
المشاهدات: 9678
تحميل: 3529


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 85 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 9678 / تحميل: 3529
الحجم الحجم الحجم
مجالس الناشئة 1426هـ

مجالس الناشئة 1426هـ

مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
العربية

مخطط المجلس الثالث

المناسبة:

خروج الإمام الحسينعليه‌السلام من مكة المكرمة

عنوان الموضوع المناسب:

لماذا تخاذل الناس عن نصرة الإمام الحسينعليه‌السلام

المشكلات المطلوب علاجها والتركيز عليها:

مسؤولية الشاب المسلم: نصرة الحق وخذلان الباطل

النقاط الرئيسية للموضوع:

١. الإسلام يدعونا لنصرة الحق.

٢. الإمام الحسينعليه‌السلام كان يجسد موقف نصرة الحق ومواجهة الباطل.

٣. الإمام الحسينعليه‌السلام كان بحاجة لأنصار في معركته مع الباطل.

٤. انقسم الناس في موقفهم من الإمام الحسينعليه‌السلام فمنهم من كان معه ومنهم من كان ضده ومنهم من وقف على الحياد.

٥. قلة أنصار الإمام الحسينعليه‌السلام أدت إلى شهادته.

٦. موقفنا يجب أن يكون دائماً مع الحق.

٢١

المجلس الثالث

لماذا تخاذل المسلمون عن نصرة الحسين؟

صلى الله عليك يا سيدي ويا مولاي يا أبا عبد الله، يا مظلوم كربلا ومسلوب العمامة والردا، لعن الله الظالمين لكم، يا ليتني كنت معكم فأفوز فوزاً عظيماً..

القصيدة:

سـأبكي بـالدموع وبالدماءِ

عـلى النحر الذبيح بكربلاءِ

و أروي خطبه للناس حتى

بـيوم الحشرِ ينفعني ولائي

حسين السبط والبطل المفدى

سليل الطهر من خير النساءِ

أرادوا حربه والخصم "طه"

وحيدرةُ خصمهم يوم الجزاءِ

فـجهز أهـله ليلاً وأسرى

الـى أرض الفجيعة والفداءِ

و عـبأ جـنده للموت حتى

يـرون الموت درباً للعلاءِ

و جـيداً ليس تثنيه المآسي

فـريداً فـي تـحديه فدائي

أعـاد المجد للدين الحنيف

وأحـيا سنة العدل السمائي

٢٢

الموضوع

أيها الأعزاء

من الأمور المهمة التي أوجبها الإسلام على المؤمن أن يكون في حياته ومواقفه دائماً نصيراً للحق ومدافعاً شرساً عنه، وأمير المؤمنينعليه‌السلام عندما يوصي ولديه الإمامين الحسنين عليهما السلام يقول لهما:

"كونا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً".

فالموقف الذي يجب أن نتخذه اتجاه الباطل والظلم والفساد والاستبداد هو موقف الخصومة والمحاربة يقول الله تعالى:

﴿وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً * الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً ﴾ سورة النساء الآيتان ٧٥-٧٦.

وفي سبيل هذا الهدف كانت ثورة الإمام الحسينعليه‌السلام وكان خروجه على ظالمي عصره.

ولذا وقفعليه‌السلام مخاطباً والي المدينة الوليد بن عتبة معلناً موقفه من الحكومة الأموية الظالمة والمفسدة قائلاً:

"ويزيد رجل فاسقٌ شارب للخمر، قاتل للنفس المحترمة ومثلي لا يبايع مثله".

نعم، فمن المستحيل على الحق والعدل أن يضعا يديهما في يدي الباطل والظلم مبايعين طائعين، ولكن لا يمكن للقائد الذي يمثل موقف الحق والعدل أن يواجه الباطل والظلم وحكومتهما وحيداً، لا بد من يقف الناس إلى جانبه وإلا استفرد به وقضي عليه. وعندها تشتد سطوة الباطل والظلم وتقوى جذورهما ولا يمكن عندها بأي حال القضاء عليهما.

٢٣

وفي قضية الإمام الحسينعليه‌السلام أيها الأعزاء وثورته المباركة انقسم الناس في مواقفهم إلى فئاتٍ ثلاث: فئة وقفت إلى جانبه وأعلنت استعدادها الكامل للتضحية بكل شيء دفاعاً عنه، وفئة وقفت الى جانب الحكم الأموي المفسد والظالم وفئة ثالثة وقفت على الحياد أي أنها ليست مع الحق وليست ضد الباطل.

فالفئة الأولى جاهدت بين يدي الحسينعليه‌السلام وقدمت الغالي والنفيس في سبيل حفظه وحفظ ثورته والدفاع عنها.

أما الفئة الثانية فهي الفئة التي واجهته وقتلت أصحابه وأهل بيته وسبت نسائه وذريته.

أما الفئة الثالثة وهي فئة المتخاذلين عن نصرة الحق والراضين عملياً بما جرى له، فهي أسوأ الفئات على الإطلاق، فهي بمستوى الفئة الثانية من تحمل مسؤولية هذه الجريمة الشنعاء إن لم تكن أسوأ ولذلك وحتى عصرنا الحاضر عندما نقف لنزور الإمام الحسينعليه‌السلام نقول له: "لعن الله أمة ظلمتك ولعن الله أمة قتلتك ولعن الله أمة سمعت بذلك فرضيت به".

٢٤

المجلس

وهكذا خرج الحسينعليه‌السلام من مكة ومعه جمع كبير من الناس وعندما علموا من خلال أحاديثه وكلماتهعليه‌السلام أنهم صائرون إلى المواجهة الدامية التي تتطلب التضحيات، أخذ الناس يتفرقون عنه يميناً وشمالاً ولم يبق إلى جانبه إلا الخلص من أصحابه ومواليه الذين لم يتركوه وحيداً سوى في يوم العاشر من المحرم عندما قتلوا جميعاً وبقوا مرميين على رمال الصحراء بلا حراك فوقفعليه‌السلام منادياً لهم:

"يا حبيب بن مظاهر ويا زهير بن القين ويا مسلم بن عوسجة ويا فلان ويا فلان، يا فرسان الوغى وأبطال الهيجاء، ما لي أناديكم فلا تسمعون، وأدعوكم فلا تجيبون، أنيامٌ أنتم أرجوكم تستيقظون أم حال بيني وبينكم ريب المنون".

٢٥

قصة وعبرة

عملية الاستشهادي أحمد قصير

رضا وأحمد ساهران طوال الليل على تركيب العبوة الضخمة في السيارة التي سوف يقودها احمد قصير ويقتحم بها المقر الحاكم العسكري في بناية عزمي.. وكان الخريف قد اشتدت عزائمه عواصف مبكرة وغيوماً تتلبد ولا تمطر.

كان العمل دقيقاً وخطيراً، وعلى مشارف حقبة تاريخية فاصلة في صراع أمتنا مع عدو همجي كإسرائيل.. فقد كان على وشك فتح مدرسة الإستشهاد وتطبيق مفاهيم كانت إلى تلك الساعة ما تزال في عالم الذهن وفي الكتب الأخلاقية وفي سيرة الإمام الحسينعليه‌السلام ، كحب لقاء الله وعشق الشهادة وسلوك طريقها، وما سوف يتركه من أثر في قلوب الآلاف من شباب وفتيان هذه الأمة وأطفالها فيصنع أفواجاً من الرجال الذين يرون الشهادة حلماً وأمنية فيغيرون بدمائهم وأرواحهم مستقبلها ومصيرها ويهزمون بأوداجهم فلول إسرائيل ومدافعها، بينما كانت الأمة نائمة محبطة في ظلام الاحتلال وعتمة اليأس من أن تحقق عليه نصراً..

كان أحمد يساعد رضا في نقل العبوات وتوضيبها وإيصال أسلاكها وخطر على باله خاطر ضحك له.. فبادره رضا..

- ما بك؟ لماذا تضحك؟

- ثقل لي العبوة تحت مقعدي…

جلس رضا وكان مستلقياً على ظهره تحت السيارة..

- لماذا؟

٢٦

- أريد أن لا أحس بألم الإنتقال.. أريد أن تكون شهادتي مريحة.. لطيفة.. بطرفة عين..

دمعت عينا رضا.. وضمه إلى صدره.. إلا أنهما عادا وبسرعة إكمال العمل الذي سوف يكون أقوى ضربة نوعية توجهها المقاومة الإسلامية لإسرائيل وفاتحة عصر الإستشهاد..

في الصباح، وبعد أن صمم أحمد على أن يكون هو البادىء وهو الفاتح لعصر الإستشهاديين، وبعد أن اكتمل جسم العبوة وتركيبها في السيارة، وكان رضا قد قدّر حجم الأعمدة وقوتها ثم صمم العبوة بحيث تدمّرها وتحول بناءً ضخماً من ثمانية أدوار إلى ركام..

في الصباح وقبل شروق الشمس فرغ أحمد من صلاة الصبح وجلس يسبّح تسبيحة الزهراء ثم تناول القرآن الكريم وفتحة ورضا ينظر إليه.. وينتظر كلاماً منه..

- الظاهر أننا لن ننفذ العملية هذا اليوم…

لم يسقط في يد رضا ولم يفاجأ، بل سلّم أمره إلى الله تعالى، وهو الذي استشاره أحمد بالقرآن.. ومضى ذلك اليوم، ورضا يتردد على السيارة المختبئة يتفحصها ويتأكد من التوصيلات ومن صحة عمله..

وجاء اليوم الثاني، والثالث.. وكل صباح بعد الفجر، يسارع إلى لقاء أحمد.. اذ ما زال يستخير الله تعالى على الشروع وفي كل مرة تكون الآية غير مريحة فهي إما نهي أو عذاب أو وعيد.. ولا يتردد أحمد في تأجيل العمل إلى الغد.. حتى داخل رضا وقيادة المقاومة في جبل عامل شيء في أنفسهم وتخيلات وأوهام حول نية أحمد وخشوا أن يكون متردداً أو خائفاً.

إلى أن جاءت تلك الليلة الخريفية، فما أن غربت شمس جبل عامل باكراً بسبب الغيوم التي تلبدت، وكان البرق هو الذي يضيء سماءه بين فينة وأخرى، حتى هطلت الأمطار بغزارة، واجتاح المنطقة برد قارص.. وعواصف هوائية عاتية..

وكما كل صباح، بعد الفجر، وبعد صلاة الصبح، استخار أحمد على التنفيذ في هذا اليوم، وإذا بالقرآن يفاتحه بآيه من آيات الرحمة والرضوان..

وابتسم أحمد قصير وقبّل الكتاب العزيز ووضعه على رأسه ومسح به وجهه.. وكان المبتسم الثاني هو رضا حريري، ثم ثم سرت الابتسامة إلى بقية الرجال، في قيادة المقاومة الإسلامية...

٢٧

لم يتوقف المطر الغزير حتى الصباح.. ولم يكن أحمد قصير يعلم بتلك العلاقة بين تلك الآية المباركة وبين هذا اليوم الماطر والعاصف، وسار رضا أمامه في سيارته يستطلع له الطريق وقبل مئات الأمتار ورغم المطر الغزير وعدم وضوح الرؤية وكان رضا قد تجاوز مقر الحاكم العسكري ووصل إلى البص زاد أحمد قصير من سرعة سيارته ثم ضغط على كوابحها عندما وصل إلى مدخل البناء وانعطف بأقصى سرعة ممكنة له فصدم ثلاثة جنود من الحرس وانطلق بسيارته إلى أسفل البناء وبين أعمدته المركزية...

ودوّى انفجار، كانت جذوره في التاريخ، في كربلاء، وما زال صداه إلى ساعة كتابة هذه الكلمات، وسوف يبقى إلى اليوم الذي يأتي أحمد ربّه بقلبه السليم...

وانهار البناء بكامله على مئات من الذئاب الصهيونية المفترسة التي كانت قد لجأت إليه خلال الليل، فراراً من المطر والعواصف.

وسددت المقاومة الإسلامية بأسدها أحمد قصير ضربة للغول اليهودي وللهمجية الصهيونية ترنحت لها إسرائيل وما زالت إلى اليوم إنذاراً لها بعدم العودة إلى هذه الأرض الطاهرة ومدرسة للأجيال..

غيبت قيادة المقاومة رضا حريري عن أفق النظر بعد تلك العملية، فغادر قريته ثانية إلى بيروت حيث مكث فيها إلى أواسط سنة ١٩٨٣، ثم عاد ليكمل المسيرة.

٢٨

٢٩

مخطط المجلس الرابع

المناسبة:

مصرع مسلم بن عقيل سفير الإمام الحسينعليه‌السلام في الكوفة

عنوان الموضوع المناسب:

معاني الصدق والأمانة في أنصار الإمام الحسينعليه‌السلام

المشكلات المطلوب علاجها والتركيز عليها:

الغش، الكذب والخيانة

النقاط الرئيسية للموضوع:

١. الإسلام يأمرنا بالأخلاق الحسنة وينهانا عن السيئ منها.

٢. الصفات الحسنة تجسدت في الحسينعليه‌السلام وأصحابه والسيئة في يزيد وأعوانه.

٣. الإمام الحسينعليه‌السلام لم يتعمد كذبة قط.

٤. الإمام الحسينعليه‌السلام أصر على عدم خداع الناس أو التغرير بهم.

٥. مسلم بن عقيل جسد الأمانة في تأديته لمهمته في الكوفة.

٦. أهل الكوفة جسدوا أخلاق الكذب والخداع والغش والخيانة مع الإمام الحسينعليه‌السلام .

٧. علينا أن نكون حسينيين وليس كوفييين في أخلاقنا.

٣٠

المجلس الرابع

سفير الإمام الحسينعليه‌السلام يؤدي الأمانة

صلى الله عليك يا سيدي ويا مولاي يا أبا عبد الله، يا مظلوم كربلا ومسلوب العمامة والردا، لعن الله الظالمين لكم، يا ليتني كنت معكم فأفوز فوزاً عظيماً..

القصيدة:

ومسلمٌ يشتكي أمسى غريباً

طـريداً بين أنصار الفسادِ

أقـاموا حـوله سداً منيعاً

وأهـوت نحوه كل الأيادي

فـنادى بـينهم إني موالٍ

لأهـل البيت أسياد العبادِ

أجاهدكم وحيداً لست أخشى

من الأعداء في ساح الجهادِ

و قـاتلهم ولـم يلقى معيناً

يردُ الضيمَ عن أهل البلادِ

عم المظلوم والمقتول غدراً

بلا ذنب ولا بغي ولا عادِ

فـحزوا رأسه حقداً وبغياً

على قومِ هم أصل الرشادِ

٣١

الموضوع

أيها الأعزاء

لقد أمرنا الله تعالى بأن نتخلق بالأخلاق الحسنة والصفات الحميدة ومن أهم هذه الخلاق والصفات صفتي الصدق والأمانة قال تعالى:

﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً ﴾ سورة النساء الآية ٥٨.

وقال أيضاً حول الصدق:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ سورة التوبة الآية ١١٩.

والنبي الأعظم محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله كان مثالاً حياً تجسدت فيه هذه الصفات الفاضلة والتي ساهمت مساهمة كبيرة في ثقة الناس بدعوته ودخولهم في الإسلام حيث كان يعرف بينهم بالصادق الأمين.

ويقف في مقابل هذه الصفات الخيرة صفات قبيحة ومذمومة كصفات الكذب والخيانة والغش وإذا أردنا أن نبحث في قضية عاشوراء عن أمثلة عملية حول هذه الصفات فسنجد أن صفات الصدق والأمانة متجسدةٌ في الإمام الحسينعليه‌السلام وأصحابه وسنجد أن صفة الكذب والخيانة والغش متجسدة في يزيد وعبيد الله بن زياد وأعوانه.

فها هو الإمام الحسينعليه‌السلام يقف في ساحة المعركة واعظاً للقوم وناصحاً لهم مذكراً لهم بأحاديث النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله بحقه وحق أخيه الإمام الحسنعليه‌السلام مؤكداً على صدق كلامه وحديثه:

"فوالله ما تعمدت كذباً مذ علمت أن الله يمقت أهله".

وها هو أيضاً عندما بلغه خبر مقتل مسلم بن عقيل من الكوفة وهو في طرقه إليها، لم يشأ أن يغش أحداً ممن يتبعه، فلعل الكثيرين سيقررون تركه لو علموا الحقيقة لذلك جمع الناس الذين الحقوا بقافلته وأخبرهم بحقيقة الموقف وخبر مقتل مسلم بن عقيل فتفرق عنه عددٌ كبير من الناس ولم يبق إلى جانبه إلا خلص الأصحاب.

٣٢

وها هي الأمانة تتجسد في سفير الحسينعليه‌السلام وابن عمه مسلم ين عقيل حيث أرسله الحسينعليه‌السلام إلى أهل الكوفة ليستكشف موقفهم الحقيقي من الثورة وقد أدى دوره على أكمل وجه وكان أميناً على المهمة التي انتدب لها، ولذلك عندما بايعه الناس وفاق عددهم الثمانية عشر ألفاً بعث إلى الحسينعليه‌السلام برسالته يخبره فيها ببيعة الناس له ولكنه لم يكن يعلم بما يخفيه أهل الكوفة من الكذب والخيانة والغش وأنهم بمجرد أن يدخل عبيد الله بن زياد إلى الكوفة سينسون كل وعودهم وعهودهم السابقة وسيخونون ابن بنت رسول الله لأجل المال والجاه والخوف على المصالح الشخصية وسيغشون إمام زمانهم وسيغررون به ويدفعونه إلى الموت بأيديهم.

ولذلك عندما قبض على مسلم بن عقيل بعد أن تركه أهل الكوفة وحيداً، فان أكثر ما كان يؤلم مسلماً الرسالة التي بعث بها إلى الحسينعليه‌السلام والتي تتحدث عن بيعة أهل الكوفة، فقد كان مسلم يبكي وهم يقتادونه إلى قصر ابن زياد، قال له أحدهم: إن الذي يطلب ما تطلب لا يبكي إذا نزل به ما نزل بك. قال له مسلم رضوان الله عليه:

"لست لنفسي أبكي، إنما أبكي لأهلي المقبلين، أبكي لحسين وآل حسين".

أيها الأعزاء

علينا أن نكون حسينيين في أخلاقنا وأن نتخلص من الأخلاق اليزيدية في كل جوانب حياتنا علينا أن نكون أمناء وصادقين في أقوالنا وأفعالنا وان نبتعد عن الغش والخيانة والكذب في كل شؤون حياتنا كي لا يكون مصيرنا وحالنا كمصير يزيد وأعوانه، يجب أن تكون أخلاقنا محمدية علوية حسينية مشبعة بالصدق والأمانة وأن لا تكون يزيدية مشبعة بالكذب والغش والخيانة في البيت والمدرسة ومختلف زوايا حياتنا.

٣٣

المجلس

ولما أدخل مسلم بن عقيل بعد أن قبض عليه إلى مجلس بن زياد أمر بأن يحمل إلى أعلى القصر فيقطع رأسه ويرمى به من أعلى القصر ففعلوا به ذلك ولم يكتفوا فقد ربطوا جسده الشريف بحبل وجروه في شوارع الكوفة والناس تتفرج على ذلك ولا ترحك ساكناً.

وعندما وصل خبره إلى الحسينعليه‌السلام ، وكان لمسلم بنت صغيرة تسمى حميدة ذهب الإمام الحسينعليه‌السلام إلى خيم النساء وطلب من أخته زينب أن تأتيه بحميدة، حيث وضعه في حضنه الشريف وراح يمسح على رأسها، أدركت حميدة عند ذلك ما يريد الإمامعليه‌السلام أن يخبرها به لأن مسح الرأس مستحب لليتيم فقالت له:

"وهل قتل أبي".

ولم يتمالك الإمام الحسينعليه‌السلام عند ذلك نفسه فجرت دموعه على خديه فعلا بكاء ونحيب النساء فقال لها:

"بني إن قتل أبوك فأنا أبوك".

ولكن المأساة كانت يوم العاشر عندما قتل الإمام الحسينعليه‌السلام فلم تجد حميدة أبنا حنوناً يحتضنها ويمسح على رأسها.

٣٤

قصة وعبرة

قيس بن مسهر يحفظ أمانة الإمام الحسينعليه‌السلام

وصلت رسالة من مسلم بن عقيل إلى الإمام الحسينعليه‌السلام قبل أن يقتل بسبعةٍ وعشرين يوماً، وفيها الرد الذي انتظره الإمام الحسين قبل التوجه إلى الكوفة مع قيس بن المسهر، وفيها:

"أما بعد، فإن الرائد لا يُكذّب أهله إن جمع أهل الكوفة معك، فأقبل حين تقرأ كتابي، والسلام..".

وعلى ضوء رسالة مسلم عقد الإمامعليه‌السلام عزمه على التوجه إلى الكوفة، وقد كتب إليهم رسالته الثانية يقول فيها:

"بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن عليّ إلى إخوانه من المؤمنين والمسلمين، سلام عليكم فإنّي أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو (أمّا بعد) فإنّ كتاب مسلم بن عقيل جاءني يخبرني فيه بحسن رأيكم واجتماع ملئكم على نصرنا والطلب بحقّنا سألت الله أن يحسن لنا الصنيع وأن يثيبكم على ذلك أعظم الأجر، وقد شخصت إليكم من مكة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة يوم التروية فإذا قدم عليكم رسولي فانكمشوا في أمركم وجدّوا فإنّي قادمٌ عليكم في أيّامي هذه إن شاء الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

أقبل قيس بكتاب الحسينعليه‌السلام ، وكان ابن زياد لما بلغه مسير الحسينعليه‌السلام من مكة إلى الكوفة بعث الحصين بن تميم صاحب شرطته حتّى نزل القادسيّة ونظّم الخيل ما بين القادسيّة إلى خفان وما بين القادسيّة إلى القطقطانة وإلى جبل لعلع، قال الناس: هذا الحسين يريد العراق فلما أنهى قيس إلى القادسيّة اعترضه الحصين ابن تميم ليفتّشه فأخرج قيس الكتاب وخرقه فحمله الحصين إلى ابن زياد فلما مثل بين يديه قال له: من أنت؟

قال أنا رجل من شيعة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وابنه.

٣٥

قال: فلماذا خرقت الكتاب؟

قال لئلا تعلم ما فيه.

قال: وممّن الكتاب وإلى من؟

قال: من الحسين إلى جماعة من أهل الكوفة لا أعرف أسماءهم.

فغضب ابن زياد وقال: والله لا تفارقني حتّى تخبرني بأسماء هؤلاء القوم أو تصعد المنبر فتسبّ الحسين بن علي وأباه وأخاه وإلا قطعتك إرباً إرباً.

فقال قيس: أمّا القوم فلا أخبرك بأسمائهم وأمّا سبّ الحسين وأبيه وأخيه فأفعل (وكان قصده أن يبلّغ رسالة الحسينعليه‌السلام إلى أهل الكوفة).

فصعد قيس فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله وأكثر من الترحّم على عليّ والحسن والحسين ولعن عبيد الله بن زياد وأباه ولعن عتاة بني أميّة ثمّ قال: أيّها الناس إن هذا الحسين بن عليّ خير خَلق الله ابن فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا رسوله إليكم وقد خلّفته بالحاجز فأجيبوه.

فأمر به ابن زياد فرمي من أعلى القصر فتقطّع فمات، فبلغ الحسينعليه‌السلام قتله فاسترجع واستعبر بالبكاء ولم يملك دمعته، ثم قرأ:

﴿فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ مَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ﴾.

ثم قالعليه‌السلام :

"جعل الله له الجنّة ثواباً اللهم اجعل لنا ولشيعتنا منزلاً كريماً واجمع بيننا وبينهم في مستقرّ من رحمتك ورغائب مذخور ثوابك إنّك على كلّ شيءٍ قدير".

٣٦

٣٧

مخطط الجلسة الخامس

المناسبة:

مصرع أصحاب الإمام الحسينعليه‌السلام

عنوان الموضوع المناسب:

معاني الوفاء والحب والتضحية في أصحاب الحسينعليه‌السلام

المشكلات المطلوب علاجها والتركيز عليها:

الصحبة السيئة (كيف نختار الأصدقاء؟)

النقاط الرئيسية للموضوع:

١. من هو الصديق الحقيقي؟

٢. الأصدقاء نوعان:أصدقاء خير وأصدقاء سوء.

٣. الشروط التي يجب توفرها في صديق الخير.

٤. الصديق له حقوق.

٥. علاقة الحسينعليه‌السلام بأصحابه من أروع مواقف الصداقة.

٦. علينا أن نبحث دائماً عن صديق الخير ونبتعد عن صديق السوء.

٣٨

المجلس الخامس

الأصحابُ الأوفياء رضي الله عنهم

صلى الله عليك يا سيدي ويا مولاي يا أبا عبد الله، يا مظلوم كربلا ومسلوب العمامة والردا، لعن الله الظالمين لكم، يا ليتني كنت معكم فأفوز فوزاً عظيماً..

القصيدة:

يـناجيهم "حـسينٌ" بـاحتراقِ

لـماذا الـيومَ آثـرتم فـراقي

و نـادى يا حبيب لم التجافي

أبـيننا قـطعت سـبل التلاقي

و أنـتم يـا زهـير ويا برير

ويـا حـر ويـا كـل الرفاقِ

على الرمضا غدوتم كالأضاحي

تـولَّى ذبـحكم أهـل الـنفاقِ

سـلام الله مـني يـا كـرامُ

عـليكم عـند تـوديعِ الفراقِ

سـأبقى بـعدكم فـرداً وحيداً

أقـاسي الوجد من حرِّ اشتياقي

لألـقاكم لـدى الـرحمن وفداً

مـعـاً نـحيا بـود واتـفاقِ

٣٩

الموضوع

أيها الأعزاء

صديق الإنسان هو الشخص الذي يمكنه الاعتماد عليه واللجوء إليه في الشدائد، كما أنه الصادق الذي يقدم له النصيحة والمشورة عندما يحتاجها والذي لا يغشه ولا يخونه ولا يخذله.

والإنسان بطبعه كائنٌ اجتماعي،أي انه لا يمكنه أن يعيش وحيداً بعيداً عن أبناء جنسه، فالعائلة هي الإطار الاجتماعي الأول الذي يحتضن الإنسان وعندما ينطلق إلى ساحة الحياة ف المدرسة والشارع والنادي تبرز الصداقة كإطار اجتماعي جديد إلى جانب العائلة في عملية احتضان الإنسان ورعايته.

ولكن الصداقة كما أن لها فوائد وبركات كثيرة تحمل مجموعة من المخاطر والمفاسد وذلك بحسب نوعية الأشخاص الذين نصادقهم ونرتبط بهم فهناك نوعين من الأصدقاء والأصحاب: أصدقاء السوء وأصدقاء الخير.

والمقصود بصديق السوء أو رفيق السوء هو الإنسان الذي نصادقه دون أن نراعي في صداقتنا معه الشروط التي يجب توفرها في الصديق وأهمها:

١. الإيمان والارتباط بالله تعالى.

٢. الأخلاق الحسنة والسمعة الجيدة بين الناس.

٣. أن يكون موثوقاً يعتمد عليه لا يغش ولا يخذل.

٤. الصدق وعدم وجود المصلحة والمنفعة المادية من رواء مصادقته لنا.

٥. أن يكون مستعداً وبشكل دائماً لتقديم النصيحة الصادقة والمخلصة لنا في كل مشاريعنا ومخططاتنا وخطواتنا، سواء كانت نصيحته موافقة لرأينا أم مخالفة له.

٦. الاستعداد للتضحية في سبيل صداقته لنا بما يقدر عليه.

والصديق الذي نختاره علينا أن نقوم بحقوقه وان نؤديها له وأهمها: الحب والاحترام والمعونة والإخلاص وترك الأذية له وزيارته والنصيحة له وغير ذلك من حقوق الصديق على صديقه.

٤٠