مجالس الناشئة 1426هـ

مجالس الناشئة 1426هـ0%

مجالس الناشئة 1426هـ مؤلف:
المحقق: معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف: دواوين
الصفحات: 85

مجالس الناشئة 1426هـ

مؤلف:
المحقق: معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف:

الصفحات: 85
المشاهدات: 8485
تحميل: 2132


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 85 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 8485 / تحميل: 2132
الحجم الحجم الحجم
مجالس الناشئة 1426هـ

مجالس الناشئة 1426هـ

مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
العربية

يبقى أن ننتبه إلى أمر مهم وهو أن أهم رابطة تجمعنا بالآخرين هي رابطة العلاقة بالله تعالى فكلما كانت علاقة صديقنا بالله أكبر كلما كانت محبتنا له وتقديرنا لصداقته وحرصنا عليها أكثر.

ومن الأمثلة الرائعة التي تجسد الصداقة والصحبة الحقيقية العلاقة التي كانت تربط الإمام الحسينعليه‌السلام بأصحابه رضوان الله عليهم.

كان هؤلاء جميعاً من أصحاب التاريخ العرق في الإيمان والتقوى والشجاعة والصدق والسمعة الطيبة بين الناس وكان بعضهم ممن صاحب النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله وشارك في غزوات ومعارك الإسلام الأولى وكانوا أهل التهجد والصلاة وتلاوة القرآن والمشهورين بالزهد والورع والأخلاق الفاضلة والحميدة. وقد جسدوا في كربلاء أبرز أمثلة الوفاء والصدق نحو إمامهم الحسينعليه‌السلام .

فقد جمعهم ليلة العاشر من المحرم وأذن لهم بفراقه وتركه للمصير المحتوم الذي سيلاقيه فانتفضوا جميعاً كالأسود يبايعونه على الموت دفاعاً عنه وعن حرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

جمعهم في سواد ليلة العاشر من المحرم وخطب فيهم قائلاً:

"ان هؤلاء القوم لا يريدون غيري ولو ظفروا بي لشغلوا عن طلب غيري وان هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً وليأخذ كل واحدٍ منكم بيد واحد من أهل بيتي وتفرقوا في سواد هذا الليل".

وكم كانت الصدمة كبيرة بالنسب لهم فكيف لهم للحظة أن يفكروا بترك امامهم وحيداً غريباً لا ناصر له ولا معين ووقف كل واحدٍ منهم يعبر عما يهيج في داخله من مشاعر الصدق والوفاء: "لو أني أعلم أني اقتل ثم أحرق ثم أذرى في الهواء يفعل بي ذلك ألف مرة ما فارقتك وأسأل عنك الركبان وأخذلك معك قلة الأعوان".

نعم لقد كانوا أنصار الصدق الحقيقيين بالنسبة لإمامهم وسيدهم فلم يخذلوه في وقت الشدة والحاجة، ونحن أيها الإخوة علينا أن نبحث دائما عن الصديق الصالح والمؤمن الصدوق الوفي الذي لا يخذلنا ولا يتركنا في أوقات الشدائد والذي يقدم لنا النصيحة الصادقة والمخلصة الت ي تنفعنا في آخرنا ودنيانا على حدٍ سواء.

٤١

المجلس

وليلة العاشر من المحرم كان حبيب بن مظاهر ماراً بالقرب من خيمة السيدة زينبعليها‌السلام ، سمعها تخاطب أاها الحسينعليه‌السلام قائلة: "هل استعلمت من أصحابك نياتهم؟ فأخبرها الحسينعليه‌السلام أنه امتحنهم واختبرهم بصنوف البلاء فم يجد فيهم الا الوفي الصادق المضحي".

عندما سمع حبيب ذلك الحديث أراد أن يبرهن على صدق الصحبة والوفاء لأهل البيت النبوي فجمع الانصار وأقبلوا في مسيرة مبايعة الى خيمة العقيلة زينبعليها‌السلام ليؤكدوا لها أنهم على عهدهم سيقاتلون دون الحسينعليه‌السلام حتى تزهق أرواحهم.

وفي يوم العاشر جسد هؤلاء الأصحاب أروع الملاحم البطولية بين يدي الحسينعليه‌السلام وكان كلما سقط منهم شهيد تلا الحسينعليه‌السلام قوله تعالى:

"﴿فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ﴾ عند الله أحتسب نفسي وحماة أصحابي".

و عندما سقط مسلم بن عوسجة صريعاً مشى إليه الحسينعليه‌السلام ومعه حبيب بن مظاهر، فقال له الحسينعليه‌السلام :

﴿فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ﴾.

ودنا منه حبيب وقال: عزّ عليّ مصرعك يا مسلم أبشر بالجنّة. فقال بصوت ضعيف بشرك الله بخير فقال حبيب: لو لم أعلم أني في الأثر لأحببت أن توصي إليّ بما أهمّك.

فقال مسلم: أوصيك بهذا - وأشار إلى الحسينعليه‌السلام - أن تموت دونه.

فقال: أفعل وربّ الكعبة، وفاضت روحه بينهما.

٤٢

قصة وعبرة

قصة توبة الحر الرياحي

يوم جعجع الحرُّ بن يزيد الرياحي بالحسينعليه‌السلام في ألف فارس لحسبه عن الرجوع، فاستقبلهم الحسينعليه‌السلام ، فحمد الله وأثنى عليه وقال:

"إنها معذرة الى الله عزّ وجلّ وإليكم، وإنّي لم آتكم حتى أتتني كتبكم، وقدمت بها على رسلكم... أن أقدم علينا فإنه ليس لنا إمام، ولعلّ الله أن يجمعنا بك على الهدى، فإن كنتم على ذلك فقد جئتكم فأعطوني ما أطمئنّ به عهودكم ومواثقكم...".

وبعد صلاة الظهر، أقبل عليهم مرّة أخرى فحمد الله واثنى عليه وصلّى على النبيّ؛ وقال:

"أيّها الناس! إنّكم إن تتقوا الله وعرفوا الحقّ لأهله يكن أرضى لله، ونحن أهل بيت محمدص صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أولى بولاية هذه الأمر من هؤلاء المدّعين ما ليس لهم، والسائرين بالجور والعدوان، وإن أبيتم إلّا الكراهية لنا، والجهل بحقّنا. وكان رأيكم الآن على غير ما أتتنى كتبكم انصرفت عنكم".

فقال الحر: ما أدري ما هذه الكتب التي تذكرها! فأمر الحسين عقبة بن سمعان، فأخرج خُرجين مملؤني كتباً.

وهي كتب أهل الكوفة تشكو للحسين ظلم يزيد، ويدعونه للقدوم عليهم ليكون إمامهم، وقد جاء الإرشاد الحسيني كاشفاً للحقيقة، وملزماً لإتباع الحق.

وفي "البيضة" قال لهمعليه‌السلام :

"أيها الناس إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: "من رأى سلطاناً جائراً، مستحلاً لحرام الله، ناكثاً عهده، مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول، كان حقاً على الله أن يدخله مدخله"، ألا وإنّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد وعطّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلّوا حرام الله وحرّموا حلاله، وأنا أحق من غيّر. وقد أتتني كتبكم، وقدمت عليّ رسلُكم ببعتكم أنكم لا تُسلموني ولا تخذلوني، فإن أتممتم عليّ بيعتكم تُصيبوا رُشدكم، فأنا الحسين بن عليّ، وابن فاطمة بنت رسول الله، نفسي مع أنفسكم، وأهلي مع أهليكم، ولك فيّ أسوة".

٤٣

ولا يردّ الوصايا الحسينيّة إلّا معاندٌ منكرٌ للواقع، أمّا طُلاّبُ الحقيقة.. فقد استقرّت عليها ضمائرهم فبادورا إلى التوبة، ونقلوا رحالهم إلى معسكر الحسينعليه‌السلام يقاتلون دونه، وكان سيّدهم في هذا مالموقف: الحرّ بن يزيدٍ الرياحيّ، حيث مشى نحو الحسين. منكسراً رمحه، قالباً ترسَه، وقد طأطاً برأسه حياءً من آل الرسول، راففعاً صوته:

يا أبا عبد الله! إنّي تائبٌ، فهل لي من توبة؟

فقال الحسينعليه‌السلام نعم؛ يتوب الله عليك.

فسرّه قولُه وتيقّن النعيم الدائم. ولم يكتفِ بذلك حتى استأذن الحسينعليه‌السلام في أن يكلّم القوم، فأذِن له، فنادى بعسكر عبيد الله يعظُهم ويبيّن لهم الحق، إلّا أنَّ القوم حملو عليه بالنبال.

ولم يكتفِ بهذا أيضاً حتّى نزل إلى ساحة المعركة يدافع عن الإمام الحقّ أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ، فقتل من أعداء الله نيفاً وأربعين، ثمّ شدّت عليه الرجّالةُ غدراً فصرعته، فأبّنه الحسينعليه‌السلام ، وقد حزن عليه؛ فقال: قتْلهٌ مثل قتلة النبيين وآل النبيين. ثم التفت إلى الحرّ - وكان به رمق - فقالعليه‌السلام له - وهو يمسح الدم عنه -:

"أنت الحرّ كما سمّتك أمّك، وأنت الحرّ في الدنيا والآخرة".

٤٤

٤٥

مخطط الجلسة السادس

المناسبة:

مصرع العباس بن عليعليه‌السلام

عنوان الموضوع المناسب:

خدمة المؤمنين وإعانتهم - العباس نموذجاً

المشكلات المطلوب علاجها والتركيز عليها:

طاعة الوالدين وخدمتهم مقابل العصيان وسوء الخلق في المنزل

النقاط الرئيسية للموضوع:

١. الإسلام يدعونا للقيام بالخدمة العائلية والاجتماعية.

٢. ماذا تعني الخدمة العائلية؟

٣. آداب الخدمة العائلية.

٤. خدمة الأبوين وفاء لتضحياتهما.

٥. ماذا نعني بالخدمة الاجتماعية؟.

٦. أبو الفضل العباس مثال رائع للخدمة الاجتماعية.

٤٦

المجلس السادس

مصرع العباسعليه‌السلام

صلى الله عليك يا سيدي ويا مولاي يا أبا عبد الله، يا مظلوم كربلا ومسلوب العمامة والردا، لعن الله الظالمين لكم، يا ليتني كنت معكم فأفوز فوزاً عظيماً..

القصيدة:

ومـشى الحسين لمصرع العباسِ

وبـرى بـسيفه زمرة الأرجاسِ

فـرآه مـقطوع الـيدين مـجدلاً

فـحنا عـليه مـقبلاً ومـواسي

نـاداه يـا قمر العشيرة كنت لي

سـيفي ورمحي مهجتي وحواسي

إنـي بـفقدكَ قد فقدت نواظري

صـبت عـلي مصائبٌ ومآسي

فـالآن من يحمي حريمي وفتيتي

ويـرد عـني حـملة الأنـجاسِ

و الآن من يروي عطاشى عترتي

يـا ذروة الإقـدام والإحـساسِ

لـهفي عـلى نفسي بعيدكَ إنني

كـهف الـسهام وموطئ الأفراسِ

٤٧

الموضوع

أيها الأعزاء

يدعونا الإسلام العزيز إلى أن نقوم بواجب الخدمة على المستوى العائلي والاجتماعي، فالخدمة طريق إلى تحصيل الأجر الأخروي وتعبر عن نفس خيرة يحملها الإنسان تدفعه نحو العطاء والتضحية التي لا ينتظر مقابلاً لها.

وقد حدثنا القرآن عن نماذج من هذا العطاء الذي لا يعود على صاحبه بأي جزاء أو مقابل كما في سورة الإنسان عندما قص علينا قصة تصدق أهل الكساء بطعامهم على اليتيم والمسكين والأسير قائلين لهم:

﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُوراً" الإنسان ﴾ سورة الإنسان، الآيتان ٨-٩.

والخدمة العائلية أيها الأعزاء تعني وجوب قيام الإنسان بخدمة والديه وأرحامه وإعانتهم ومساعدتهم في تأدية أعمالهم وقضاء حوائجهم، لا سيما إذا كانا ضعيفين أو مريضين أو كبيريين في السن حيث تكبر المسؤولية عندها.

وهذه الخدمة يجب أن يعكر صفوها شيء من التذمر والتأفف والمن والتفضل والكلام المؤذي الذي يشعر الطرف الذي نقوم بخدمته بالألم والتأذي. وعلينا أن ستشعر أيضاً وجوب شكر الخدمات التي يقدمها لنا الآخرون وتقدير تعبهم وشقائهم لأجلنا لا سيما الوالدين اللذان يبذلان الجهد والوقت والراحة في سبيل تحصيل قوتنا ورفاهيتنا ويقومان على خدمتنا دون كلل أو ملل.

ومن دلائل شكر الخدمات التي يقدمها لنا والدينا طاعتهم والإحسان اليهما فيما يرضي الله تعالى وعدم عصيان أوامر هما والإساءة اليهما في القول والفعل وأن نكون محسنين في أخلاقنا وتصرفاتنا اتجاههم.و قد حدثنا القرآن عن أخلاق وصفات الأنبياءعليه‌السلام التي كانت تتصف بالبر والإحسان إلى الوالدين فقد حدثنا عن النبي يحيعليه‌السلام وبره بوالديه:

﴿يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً * وَحَنَاناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً * وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيّاً ﴾.

٤٨

وحدثنا على لسان النبي عيسىعليه‌السلام قائلاً:

﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً * وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً * وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً ﴾.

إذاً علينا أن نقوم بواجب الخدمة العائلية والتي من خلالها نبر والدينا ولننطلق من خلالها إلى واجب الخدمة الاجتماعية والتي تتضمن: إعانة الفقراء والمحتاجين والإحسان إلى الأيتام وضعفاء من الناس الذين لا يجدون لها معيناً أو معيلاً وذلك بكل ما أوتينا من قوة وقدرة وكذلك أنشطة خدمة المجتمع والحفاظ على البيئة والنظافة العامة وغير ذلك.

وقد قدمت لنا كربلاء نموذجاً رائعاً للخدمة والاهتمام بالآخرين ألا وهو شخصية المولى أبي الفضل العباسعليه‌السلام والذي لقب بساقي العطاشى وقمر العشيرة وكفيل زينب وغير ذلك من الألقاب المشرفة.

٤٩

المجلس

ويوم العاشر من المحرم عندما فتك العطش بالأطفال الصغار في معسكر الحسينعليه‌السلام وسمع أبو الفضل صراح الأطفال (العطش العطش)، أقبل ناحية أخيه الإمام الحسينعليه‌السلام مستأذناً منه للخروج إلى المعركة في محاولة لإحضار الماء للأطفال الصغار الذين يتلوون من شدة العطش، وكان عسكر الأمويين قد أحاط نهر الفرات بالجنود بحيث لا يستطيع أحد الاقتراب من الماء ولكن العباس عليه كان وريث أبيه علياًعليه‌السلام بالشجاعة والإقدام وبمجرد أن اقترب من النهر حتى فرَّ

الأعداء مبتعدين، أقبل العباسعليه‌السلام إلى الماء، غرف منها غرفة بيده وكان الماء شديد البرودة وكان قلب العباس يتفطر عطشاً، رمى الماء من يده فقد أبت نفسه الكريمة أن يشرب الماء وإمامه الحسينعليه‌السلام عطشان، ملأ القربة من الماء وعاد نحو الخيام، في الطريق كمن له مجموعة من الأعداء فغدروا به من وراء جذوع النخل، وقت القربة من يديه المقطوعتين وتلقى ضربة على رأسه الشريف فسقط على الأرض منادياً:

" أدركني يا أخي "؟

أسرع الحسينعليه‌السلام إليه ملبياً ولكن كيف وجده؟ رآه مقطوع اليدين، مرضوض الجبين، السهم نابت في العين، نادىعليه‌السلام :

"الآن انكسر ظهري، الآن قلّت حيلتي، الآن شمت بي عدوي".

أراد أن يحمله إلى المخيم، فرفض العباسعليه‌السلام ذلك لأنه كان خجلاً من أن يراه الأطفال وقد عاد إليهم لا يحمل معه ماءً.

تركه الحسينعليه‌السلام عند شط الفرات وعاد إلى المخيم منحني الظهر فقد هدَّ مقتل العباسعليه‌السلام ظهره.

٥٠

قصة وعبرة

ماتوا جميعاً عطشاً إيثاراً منهم على إخوانهم

في غزوة (أحد) صرع نفر من أصحاب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكانت الحياة باقية في أبدان بعض منهم، فأُتي إلى واحد من المصروعين بما يشربه، كي لا يفارق هذه الدنيا عطشاناً فأبى أن يشرب.

وقال: ناولوا الماء لهذا المصروع بجنبي، فلعله أشد عطشاً مني!

أتوا بالماء إلى الثاني فأبى أن يشرب في حين أن بقية المصروعين عطاشى وأشار إليهم أن يعطوا الماء لمصروع آخر يعاني سكرات الموت قائلاً: لعل عطشي يكون اقل من عطشه!

جاؤا بالماء إلى الثالث، فقال: أن في رمق من الحياة؛ فقدموا لذلك الصريع بجنبي فلعله أكثر عطشاً مني.

فذهبوا بالماء إلى الرابع.

وإلى الخامس…

وإلى السادس..

وإلى السابع..

وكلهم يمتنعون عن شرب الماء قبل أخيهم المصروع بجنبهم خوفاً من أن يكون أظمأ منهم ويحولون بالماء إلى الآخر.

فلما وصل الماء إلى الصريع السابع.. حوله إلى ذلك الصريع الأول..

فجاؤا به إلى الأول فلقوه ميتاً..

ثم أتوا به إلى الثاني فإذا هو ميت..

وإلى الثالث..

وإلى الرابع..وهكذا.. إلى السابع

فما وجدوا واحداً منهم حياً!

وفارقت روحهم الدنيا عطشاً من دون أن يذوقوا الماء وإيثاراً وإشفاقاً على إخوانهم!!

هكذا كان المسلمون الأول حتى استطاعوا أن يتربعوا على الحكم العالمي في مدة قليلة.. وقليلة جداً وهم قليلون بواسطة هكذا توجيهات نبوية طبقوها على حياتهم العملية، فلم أصبحنا - نحن المسلمين اليوم - مستعمرين ضعفاء أذلاء، ورغم كثرة عددنا؟

٥١

مخطط المجلس السابع

المناسبة:

مصرع القاسم بن الحسنعليه‌السلام

عنوان الموضوع المناسب:

الولد الصالح فخر لأبويه

المشكلات المطلوب علاجها والتركيز عليها:

صفات الولد الصالح: الإيمان- العلم- الأخلاق...

النقاط الرئيسية للموضوع:

١. متى يشعر الإنسان بالفخر والاعتزاز؟

٢. متى يشعر والدينا بالفخر والاعتزاز؟

٣. كيف نكون صالحين فيفخر بنا والدينا؟

٤. القاسم بن الحسنعليه‌السلام كان مدعاة لفخر والديه لا سيما في يوم العاشر.

٥٢

المجلس السابع

مصرع القاسمعليه‌السلام

صلى الله عليك يا سيدي ويا مولاي يا أبا عبد الله، يا مظلوم كربلا ومسلوب العمامة والردا، لعن الله الظالمين لكم، يا ليتني كنت معكم فأفوز فوزاً عظيماً..

القصيدة:

وقـف الـفتى في ساحة الميدانِ

فـرأى الخيول وصولة الطغيانِ

و رأى الحسين تكاثرت أعداؤه

بـغضاً لـه في طاعة السلطانِ

فـأتى إلـيه مـواسياً مستعطفاً

أرجـوكَ عـمي رحمة بجناني

دعني أزود عن الرسول وشرعه

عـلّي أفـوز بـجنة الرضوانِ

و مـشى إلـيهم ثـائراً ومردداً

إن تـنكروني فـالحسام لساني

أمـضي على دين النبي موحداً

ومـجـسداً بـقـتالكم إيـماني

حـتى يـعود الحق مرتفع اللوا

بحمى الرسول ورحمة الرحمن

٥٣

الموضوع

أيها الأعزاء

الشعور بالفخر والاعتزاز هو أجمل شعور يمكن أن يعيشه الإنسان في لحظة من لحظات عمره، فقد يقوم الإنسان بإنجاز علمي كأن يحوز على المرتبة الأولى في صفه فيشعر بالفخر أو قد يقوم بإنجاز رياضي كأن يحرز فرقه كأس دورة بواسطة هدف تمكن هو من تحقيقه فيدعوه ذلك إلى الفخر و الاعتزاز. ولكن ما الذي يدفع والدين إلى تحقيق هذا الشعور بالفخر والاعتزاز؟

انه الولد الصالح، الابن البار، هو فخر والديه ومصدر اعتزازهما.

والسؤال: كيف يمكن لنا أن نكون صالحين كي نكون مصدر اعتزاز وفخر بالنسبة لوالدينا؟

نكون صالحين عندما نكون من أهل الإيمان والتقوى والطاعة لله تعالى، عندما نلتزم بالصلاة والصوم والعبادات التي أمرنا الله بها، عندما نبتعد عن المعاصي وكل ما يغضب الله تعالى.

نكون صالحين عندما نكون مجتهدين وحريصين على العلم والدراسة والتفوق وتحصيل أعلى المستويات والمراتب الدراسية لكي نبني مستقبلنا ومستقبل أمتنا ومجتمعنا.

٥٤

نكون صالحين عندما نتحلى بالأخلاق الفاضلة: كالصدق والاجتهاد والشجاعة والإخلاص والصبر وروح الخدمة ومساعدة الآخرين والجد والمثابرة والعطاء الدائم والمستمر والنشاط والحيوية وغير ذلك.

نكون صالحين عندما نتصدى لعمل الخير والمعروف ونترك الأعمال السيئة والمنكرات المختلفة ونكون مصدر خير ورحمة في الحياة وليس مصدر شر وإيذاء وإضرار بالبشر والطبيعة.

عند ذلك يمكن لوالدينا أن يشعروا بالفخر والاعتزاز لأنهم قدموا إنسانا صالحاً وخيراً للحياة فنكسبهما بذلك المدح والثناء على أسنة الناس في الدنيا والخير والأجر الأخروي الجزيل في الآخر حيث أن "الولد الصالح ريحانة من رياحين الجنة" كما أخبرنا النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله أي مصدراً لنشر العطر والأريج الفواح في الدنيا والآخرة.

والقاسم ابن الإمام الحسنعليه‌السلام كان نموذجاً للولد الصالح الذي يفخر به والديه، كان عمره في كربلاء لا يتجاوز ثلاثة عشر عاماً ومع ذلك فقد كان فتى شجاعاً مقداماً تتجسد فيه كل فضائل وصفات أبيه الإمام الحسن المجتبىعليه‌السلام .

٥٥

المجلس

في ليلة العاشر من المحرم، جاء القاسم بن الحسنعليه‌السلام الى عمه الحسينعليه‌السلام ليسأله عن دوره وم عاشوراء، فسأله الحسينعليه‌السلام : كيف ترى الموت؟ فأجابه انه أحلى عندي من الشهد، فأخبره عندها الامام الحسينعليه‌السلام أنه ممن سيقتل غداً.

وبقي القاسم منتظراً لتلك اللحظة التي يترجم فيها ايمانه وتربيته الحسنية وانتماءه الى الصفوة الطاهرة من أهل البيت النبوي فيفخر به أبوه وعمه.

ولما استشهد علي الأكبر وتبعه الهاشميون ولم يبق إلا الحسينعليه‌السلام والعباس وإخوته اقترب القاسم حتى وقف أمام عمه الحسينعليه‌السلام طالباً منه الاذن بالنزول الى المعركة، فقال له الحسينعليه‌السلام :

"وعزمت على الموت يا عم؟".

فقال القاسم:

"وكيف لا أعزم وأنا لا أرى لك ناصراً ولا معيناً".

ثم قال له الإمام الحسينعليه‌السلام :" أنت وديعة أخي الحسن".

واذا بالحسين ينادي أخته زينب، بأن تحضر صندوقاً فيه ذكريات عن الحسنعليه‌السلام .

فتح الصندوق، فأخرج رداءً للامام الحسنعليه‌السلام ألبسه لولده القاسم، وأخرج عمامة للامام الحسنعليه‌السلام ألبسها للقاسم، وأخرج سيفاً للامام الحسنعليه‌السلام قلده للقاسم ثم قال:

٥٦

"بني امش أمامي حتى أملأ عيني منك".

فمشى القاسم وراحت دموع الامام الحسينعليه‌السلام تتحدر على خديه الشريفين.

ثم برز إلى المعركة وما زال يضربهم بسيفه والحسينعليه‌السلام يراقب حملاته.زو انقطع شسع نعله اليسرى فانحنى ابن النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ليصلح نعله غير مبال بالجمع ولا خائف من الألوف فضربه لعين من الأعداء على رأسه فصاح القاسم:

"أدركني يا عماه".

فأسرع الحسينعليه‌السلام الى مصرع القاسم فقتل قاتله، فجلس الحسينعليه‌السلام عند رأس القاسم وقو يقول:

"يعز والله يا عم على عمك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك فلا يعينك، أو يعينك فلا يغني عنك شيئاً".

٥٧

قصة وعبرة

هل لهذا أم؟

قال العلامة المجلس أعلى الله مقامه في بحار الأنوار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حضر شاباً عند وفاته فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

"قل لا إله إلا الله".

قال: فاعتقل لسانه مراراً. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لإمرأة عند رأسه: هل لهذا أم؟ قالت: نعم أنا أمه. قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أفساخطة أنت عليه؟ قالت: نعم، ما كلمته منذ ست حجج قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لها: إرضي عنه، قالت: رضي الله برضاك يا رسول الله. فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

"قل لا إله إلا الله".

قال: فقالها فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما ترى؟ فقال: أرى رجلاً قبيح المنظر ووسخ الثياب منتن الريح قد وليني الساعة فأخذ بنفسي. فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قل:

(يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير إقبل من اليسير واعف عني الكثير إنك الغفور الرحيم).

فقالها الشاب، فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انظر ما ترى؟ قال: أرى رجلاً أبيض اللون حسن الوجه طيب الريح حسن الثياب قد ولينى وأرى الأسود قد تولى عني.

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أعد، فأعاد، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما ترى؟ قال: لست أرى الأسود وأرى الأبيض وقد وليني ثم مات على تلك الحال.

٥٨

٥٩

مخطط المجلس الثامن

المناسبة:

مصرع علي الأكبرعليه‌السلام

عنوان الموضوع المناسب:

حب الحسينعليه‌السلام لعلي الأكبرعليه‌السلام

المشكلات المطلوب علاجها والتركيز عليها:

الحب في الله

النقاط الرئيسية للموضوع:

١. ما هو الحب؟

٢. من نحب؟

٣. لماذا نحب؟

٤. من يستحق منا الحب الحقيقي؟

٥. النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله كان مثالاً رائعاً لتجسيد محبة الله.

٦. علاقة أهل البيتعليهم‌السلام بالله علاقة حب.

٧. كيف يعبر الإنسان عن حبه لله.

٨. الإمام الحسينعليه‌السلام قدم أروع صور الحب حيث ضحى بكل شيء في سبيل الله.

٩. محبة الحسينعليه‌السلام لعلي الأكبر كانت لأجل شبه أخلاقه بأخلاق النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٦٠