مجالس الناشئة 1426هـ

مجالس الناشئة 1426هـ0%

مجالس الناشئة 1426هـ مؤلف:
المحقق: معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف: دواوين
الصفحات: 85

مجالس الناشئة 1426هـ

مؤلف:
المحقق: معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف:

الصفحات: 85
المشاهدات: 9687
تحميل: 3529


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 85 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 9687 / تحميل: 3529
الحجم الحجم الحجم
مجالس الناشئة 1426هـ

مجالس الناشئة 1426هـ

مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
العربية

المجلس الثامن

مصرع علي الأكبرعليه‌السلام

صلى الله عليك يا سيدي ويا مولاي يا أبا عبد الله، يا مظلوم كربلا ومسلوب العمامة والردا، لعن الله الظالمين لكم، يا ليتني كنت معكم فأفوز فوزاً عظيماً..

القصيدة:

والـى الـحسين أتـى عليٌّ

يـسلم طـالباً إذن الـقتالِ

فـلم يـلقَ جواباً غير دمعٍ

عـلى الخدين يجر بانهمالِ

و نـادى يا الهي كن عليهم

شـهيداً قـائماً يا ذا الجلالِ

سَميُّ المرتضى أهوى إليهم

شبيه المصطفى في كل حالِ

يـقاتلهم وقـد أفـنى عديداً

يجدل في اليمين وفي الشمالِ

و أقبل مسرعاً عطشاً جهيداً

يـنادي يا أبه ضاق احتمالي

فـديتك يا عزيز قلبي صبراً

عـلى خطب جليل لا تبالي

سـتلقى جدك المختار أحمد

وتـغدو عنده في خير حالِ

٦١

الموضوع

أيها الأعزاء

الحب عاطفة قلبية تشد الإنسان نحو الأشياء، وتارة يكون محبوب الإنسان محبوباً مادياً كالبيت والسيارة والثياب وغير ذلك وتارة يكون محبوب الإنسان إنسانا مثله تربطه به علاقة عاطفية خاصة كحب الولد لأبويه وحب الزوجة لزوجها وحب الأم لأطفالها وغير ذلك أو يكون إنسانا عظيماً له مكانة خاصة في الحياة كالأنبياء العظام والأولياء وغير ذلك.

وتارة أخرى يكون محبوب الإنسان وجوداً معنوياً عظيما كالله تعالى، فالإنسان بفطرته مجبول على حب الله عز وجل، لأن الحب بالنهاية هو عرفان بالجميل أو انجذابٌ نحو صفة جميلة في المحبوب والله تعالى هو أحق من يجب علينا أن نعبر له عن عرفاننا لجميله بواسطة حبنا له، فهو الذي خلقنا وهو الذي ربانا وهو الذي أطعمنا وهو الذي سقانا وهو الذي وهبنا الصحة والعافية والأمن والراحة وسائر النعم التي لا تعد ولا تحصى.

أما صفاته الجميل سبحانه وتعالى فان كل صفة جميلة في هذا الوجود إنما هي شعاع من نور جماله. وعليه فان الحب الحقيقي والفعلي يجب أن يكون منحصراً ومتعلقاً به تعالى دون غيره ولذلك نجد في أدعية ألائمة المعصومينعليهم‌السلام هذا الوله والتعلق بالله تعالى:

"اللهم هب لي حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربني إلى حبك واجعل حبك أحب الأشياء إلي".

وفي موضع آخر:

"الهي أنا من حبك جائع لا أشبع، أنا من معينك ظمآن لا أروى، آهٍ واشوقاه إلى من يراني ولا أراه".

وقد كانت علاقة النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله بالله تعالى على درجة عالية من الحب والتعلق حتى لقبصلى‌الله‌عليه‌وآله من بين جميع الأنبياء بأنه (حبيب الله).

٦٢

وهكذا كانت علاقة الأئمة المعصومين بالله تعالى لا سيما علاقة الإمام الحسينعليه‌السلام . فقد كانت علاقة تنم عن العشق والوله بالله جل وعلا.

وأكبر تعبير عن عاطفة الحب اتجاه المحبوب أن تكون مستعداً لتقديم كل ما تملك في سبيل تحصيل رضا المحبوب ولذا كان أنبياء الله تعالى مستعدين لتقديم كل ما يملكون في سبيل رضاه، فعندما أمر الله تعالى نبي الله إبراهيمعليه‌السلام بتقديم ولده إسماعيلعليه‌السلام عربون تضحية في رضاه تعالى تدليلاً على الحب الصادق والاستعداد لتقديم كل شيء في سبيله تعالى، لم يتردد إبراهيم لحظة في التعبير عن استعداده وهم بذبح ولده تعبيراً عن صدق محبته لله تعالى ولكن الله عز وجل كان عالماً بصدق عاطفة نبيه فأمره بعدم الذبح.

أما الإمام الحسينعليه‌السلام فقد قدم أروع صور التعبير عن عاطفة الحب اتجاه الله تعالى فقدم كل ما يملك في سبيله من أهل وولد ومال ونفس فاستحق لقب حبيب الله وابن حبيبه.

ولا زالت كلماته في كربلاء تترد في أسماع التاريخ تعبيراً عن هذا الحب:

الهي تركت الخلق طراً في هواك

وأيتمت العيال لكي أراك

فلو قطعتني في الحب ارباً

لما مال الفؤاد الى سواك

٦٣

المجلس

وهذا الحب الصادق لله تعالى هو الذي جعل الإمام الحسينعليه‌السلام ينظر إلى علي الأكبرعليه‌السلام نظرة الآيس منه فيرخي عينيه بالدموع، لا لأنه ولده بل لأنه أشبه الناس خلقاً وخلقاً برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهذا هو منشأ محبة الحسينعليه‌السلام لولده علي الأكبر إنها الأخلاق المحمدية التي كانت متجسدة في علي الأكبر.

عندما برز علي الأكبر الى الميدان نظر اليه الحسينعليه‌السلام نظر آيسٍ منه وأرخى عينيه بالدموع وقد رفع شيبته نحو السماء وهو يقول:

"اللهم اشهد على هؤلاء القوم، فقد برز اليهم أشبه الناس برسولك".

وما زال يقاتل قتال الأبطال وبينما هو منشغل بمطاردة كتيبة من الجيش ضربه لعين على رأسه الشريف فأرداه فنادى الأكبر:

"عليك مني السلام أبا عبد الله".

فأخذ الحسينعليه‌السلام يقوم ويقع من شدة المصيبة عليه، ثم اتجه نحو مصرع ولده الأكبر وهو ينادي:

"واولداه، واعلياه. على الدنيا بعدك العفا، أما أنت فقد استرحت من هم الدنيا وغمها وأبقيت أباك لهمها وغمها".

ففتح الأكبر عينيه قائلاً:

"يا أبتاه، هذا جدي رسول الله قد سقاني بكأسه الأوفى شربة لا أظمأ بعدها أبداً".

٦٤

قصة وعبرة

حب النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله

نقل الطبرسي في تفسير قوله تعالى:

﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً ﴾.

قيل نزلت في ثوبان خادم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان شديد الحب لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قليل الصبر عنه، فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه ونحل جسمه فقال النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله يا ثوبان ما غير لونك؟

فقال يا رسول الله ما بي من مرض ولا وجع غير أني إذا لم أرك اشتقت إليك حتى ألقاك، ثم ذكرت الآخرة، فأخاف أن لا أراك هناك، لأني عرفت أنك ترفع مع النبيين وأني إن أدخلت الجنة كنت في منزلة أدنى من منزلتك وإن لم أدخل الجنة فلا أحسب أن أراك أبدا. فنزلت الآية الكريمة، ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله :

"والذي نفسي بيده لا يؤمنن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه وأبويه وأهله وولده والناس أجمعين".

٦٥

مخطط المجلس التاسع

المناسبة:

مصرع عبد الله الرضيععليه‌السلام

عنوان الموضوع المناسب:

الإنفاق في سبيل الله (تضحيات الحسينعليه‌السلام )

المشكلات المطلوب علاجها والتركيز عليها:

التضحية والبذل في الإسلام

النقاط الرئيسية للموضوع:

١. الإسلام يمدح صفة التضحية ويرغب بها.

٢. صفة التضحية متجسدة بكثرة في حياة الأئمةعليهم‌السلام .

٣. أهل البيتعليهم‌السلام يضحون بطعامهم مؤثرين الفقراء على أنفسهم.

٤. علينا الإقتداء بأخلاق الأئمةعليهم‌السلام في التضحية والعطاء.

٥. أعظم صور التضحية، التضحية بالأهل والأولاد والنفس.

٦. الإمام الحسينعليه‌السلام جسد أروع صور التضحية.

٦٦

المجلس التاسع

مصرع الرضيععليه‌السلام

صلى الله عليك يا سيدي ويا مولاي يا أبا عبد الله، يا مظلوم كربلا ومسلوب العمامة والردا، لعن الله الظالمين لكم، يا ليتني كنت معكم فأفوز فوزاً عظيماً..

القصيدة:

نظر الحسين وحوله الأصحابُ

قد صرعوا والأهل والأحبابُ

رب البرايا والهي وسيدي

هل نال مثلي في الأنام مصابُ

إني لأجلك قد بذلت أحبتي

ليعود دينك سنةٌ وكتابُ

أنزل علي يا الهي سكينة

عظم البلاء وجارت الأسبابُ

و أتى الخيام منادياً في أهله

أين الرضيع لأسقهِ فأجابوا

اسقوه ماءً يا بغاةُ فانه

لم يأتِ ذنباً ما عليه عقابُ

فسقوه من كأسِ المنية جرعةً

هذا لكم يا مصطفين جوابُ

فغدا الرضيع مضرجاً بدمائه

يا ويلكم هل أنتم أعرابُ

والله لن أعطي الدنية صاغراً

ولكل عبدٍ موقفٌ وحسابُ

٦٧

الموضوع

أيها الأعزاء

التضحية صفة إنسانية رائعة، تنم عن روح كبيرة يتمتع بها الإنسان وأخلاق عالية وشعور نبيل بالواجب اتجاه الآخرين، وقد مدح الإسلام هذه الصفة ورغب بها، فها هو القرآن الكريم يحث عليها وينادي للالتزام بها:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾.

وقال أيضاً:

﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلاَ أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾.

وقال أيضاً ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأرْضِ ﴾.

وفي حياة الأئمةعليهم‌السلام نجد صفة التضحية والإنفاق متجسدة بشكل رائع لا سيما في حياة الإمام الحسينعليه‌السلام الذي تنقل عنه الكثير من روايات وقصص الإنفاق والجود في سبيل الله تعالى.

ذات يوم مرض الإمامان الحسن والحسين عليهما السلام، فنذر أبوهما الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام وأمهما السيدة الزهراءعليها‌السلام صوم ثلاثة أيام اذا شفيا من المرض.

في اليوم الأول طحنت السيدة الزهراءعليها‌السلام الشعير وعجنته وحضرت طعام الإفطار، وبعد صلاة المغرب، استعد الجميع لتناول الطعام. وفجأة طرق الباب فقير مسكين، وطلب منهم طعاماً يسد به جوعه، فقدموا له طعامهم وبقوا دون طعام.

٦٨

في اليوم الثاني صام الإمام عليعليه‌السلام وزوجته وعندما حان وقت الإفطار، دق بابهم يتيم محتاج، وطلب منهم طعاماً يتغذى به، فقدموا له إفطارهم أيضاً.

وفي اليوم الثالث جاءهم أسير جائع أثناء التهيؤ للإفطار، فطلب منهم طعاماً ليتقوى به، فرق قلبهم له، وقدموا له كل ما عندهم من طعام، وهم يقولون لهؤلاء جميعاً:

﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُوراً ﴾.

ودخل عليهم الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله فوجدهم في حالة شديدة من الضعف والتعب، فسألهم عن حالخم، فقصوا عليه ما حصل لهم مع الفقير واليتيم والأسير. ففرح النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله بأخلاقهم العالية، فدعا الله تعالى أن يوفقهم في دنياهم ويحقق لهم السعادة في آخرتهم، ثم جاء لهم بالطعام.

هذه القصة أيها الأعزاء تصور سيرة أهل البيتعليهم‌السلام في عطفهم على الفقراء واحسانهم الى المحتاجين حباً وطلباً لرضا الله، فعلينا أن نأخذ منهم الدروس في الاحسان والبذل والعطاء.

فاذا شاهدت في طريقك فقيراً جائعاً، أو طرق بابك يتيم بائس، فعليك أن تساعده بالمال والطعام واللباس، لأن القرش الذي تدفعه الى المحتاجين، سوف يعوضه الله عليك أضعافاً كثيرة، وسوف يبارك الله لك حياتك ويوفر كل ما ترغبه من فرص الرزق الحلال الطيب.

٦٩

والمؤمن الحقيقي هو الذي يشعر بجوع الفقراء ويشعر بآلام البائسين، فيسعى لسد جوعهم، والتخفيف من آلامهم. والرسول الاعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول:

"ليس مؤمناً من بات شبعاناً وجاره جائع".

وأروع لوحات التضحية التي يمكن أن يقدمها الإنسان هي التضحية التي تتجاوز الأمور المادية إلى التضحية بالإنسان، وأرفع أنواع التضحية بالإنسان أن نضحي بإنسان له مكانة وموقع خاص في قلوبنا، ومن هنا جعل الله تعالى التضحية بالأولاد من أسمى التضحيات التي يمكن للإنسان أن يقدمها في سبيل هدف سامٍ والهي.

والإمام الحسينعليه‌السلام جسد كل مظاهر ومعاني التضحية في سبيل الله والعقيدة والإنسانية جمعاء، فقد قدم عائلته وأولاده وهجر موطنه وأهله وفي النهاية قدم نفسه على مذبح التضحية في سبيل الله.

ومن أعظم التضحيات التي قدمها الإمام الحسينعليه‌السلام في سبيل الله تعالى (شهادة ولده الرضيع عبد الله).

٧٠

المجلس

ففي يوم العاشر من المحرم ولما لم يبق إلى جانب أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام أحد من أصحابه وأهل بيته تقدم ناحية الخيام يريد وداع نساءه وأطفاله، فقدم اليه ولده عبد الله الذي كان لا يزال طفلاً رضيعاً، وكان مغمىً عليه من شدة العطش، لما نظر اليه الإمام على هذه الحال حمله وتقدم به ناحية معسكر الأعداء، فناداهم طالباً منهم أن يسقوا رضيعه ماءً لكون الصغار لا يؤاخذون بذنوب الكبار إن كان للكبار ذنوب.

اختلف القوم فيما بينهم، فمنهم من قال اسقوه ومنهم من قال لا تبقوا لهذا البيت باقية - أي لا ترحموا صغارهم ولا كبارهم - عند ذلك عمد حرملة وكان رامياً ماهراً إلى قوسه فثبت فيه سهماً ورمى به نحر الرضيع فذبحه وفاض الدم من عنقه الشريف فأخذ الحسينعليه‌السلام الدم بيده ورمى به نحو السماء قائلاً:

"أحكم بيننا وبين قومٍ دعونا لينصرونا فقتلونا".

ثم حملعليه‌السلام رضيعه مذبوحاً وعاد به إلى المخيم، تلقته والدته الرباب ظناً منها أنه قد ارتوى من الماء، لما تناولته هالها رؤية رضيعها مذبوحاً من الوريد إلى الوريد، مروياً من دم نحره الشريف.

٧١

قصة وعبرة

رمَّان الجنّة

يروى ان أمير المؤمنين دخل يوما فاطمة وهي ليست على ما يرام وقد لازمت الفراش، فأحذ رأسها في حجره وقال: يا فاطمة قولي ما تريدين؟

أجابت وهي جوهر الحياء والعفة: لا أريد شيئاً يا ابن العم، فألح عليها الامام عندها قالت: لقد أوصاني أبي ألا اطلب منك شيئاً فربما لم تتمكن من الآتيان به وتخجل، أقسم عليها الامام بحقه أن تطلب منه ما تشتهي فقتالت بما أنك أقسمت عليّ فسأقول، إن أمكن الحصول على رمان فهو ينفعني.

نهض الإمام وغادر الدار ليجلب الرمان وحين سأل اصحابه قالوا ان فصله قد انقضى ولا يوجد الآن الا عند شمعون اليهودي فقد جاؤوا له بعدة رمانات من الطائف قبل أيام.

ذهب الامام الى بيت اليهودي ودقّ الباب ففتحه شمعون وحين رأى الامام قال: يا علي ما الذي دعاك الى ان تشرّفنا بمجئيك الى الدار؟

أجاب الامام: سمعت ان عندك رمانا فجئت اشتري منك واحدة لمريض عندي، قال اليهودي: لقد بعتها جميعا وليس عندي الآن منها شيء، وبما ان الامام كان يعلم بعلم الامامة ان واحدة منها قد بقيت لذا قال له: اذهب وتفحص فربما بقيت واحدة وانت لا تعلم، قال اليهودي انا أعرف ما في داري ولا يوجد رمان، كانت زوجة شمعون تقف خلف الباب وسمعت الحوار فقالت له: لقد احتفظت بواحدة واخفيتها تحت الأوراق دون علمك ثم جاءت بها واعطتها للامام فأعطاها أربعة دراهم ثمنا لها، قال شمعون ان قيمتها نصف درهم، ردّ الامام: لقد احتفظت بها المرأة ذخراً وربما نفعتها يوما فلتكن الدراهم الثلاثة والنصف المتبقية لزوجتك، ثم عاد الامام الى المنزل.

٧٢

وفي الطريق سمع صوتاً ضعيفاً وأنّة من غريب، تتبع الصوت حتى وصل الى أرض خربة وجد فيها رجلاً اعمى مريضاً قد وضع رأسه على التراب وهو يئن، جلس ذلك الامام الرحيم والرؤوف عنده ورفع رأسه وسأله: يا رجل من أنت ومن أي قبيلة ومنذ متى وانت مريض؟

اجاب: أيها الشاب الصالح أنا رجل من أهل المدائن ثقلت ديوني ولم أجد بداً من ان أركب السفينة وآتي الى المدينة وأنا أقول لنفسي لأذهب الى مولاي أمير المؤمنين علّه يحل مشكلتي ويؤدي عني ديني.

قال: الامام وبم ترغب الآن؟

اجاب لو امكنني الحصول على رمانة فأنا أرغب في ذلك.

قال الامام: لقد جئت برمانة الى مريضي العزيز ولكني لن أحرمك وسأعطيك نصفها، وشرع يضع حب الرمان في فم المريض حتى نفد النصف.

فقال المريض: لو تكرمت عليّ بالنصف الثاني فربما تحسن حالي.

خجل الامام وقال لنفسه: يا علي ان مريضاً فقيراً سقط في هذه الأرض الخربة منقطعاً عن الآخرين أحوج الى الرعاية وربما يسر الله لفاطمة وسيلة أخرى، اعطى الرجل النصف الآخر وعندما انتهى من اطعامه نهض وغادر الخربة الى داره وهو يفكر حتى وصل الدار فخجل من الدخول ويده فارغة، نظر من شق الباب ليرى ان كانت فاطمة نائمة أم مستيقظة، فوجدها تجلس متكئة وأمامها طبق من الرمان وهي تأكل، سرّ الامام غاية السرور ودخل المنزل حين نظر الى الطبق وجد أن رمانه ليس من رمان هذا العالم، وعندما سأل فاطمة عن حالها أجابتعليها‌السلام : يا ابن العم ما أن غادرت المنزل حتى تعرقت عرق الصحة وفجأة سمعت صوت الباب فذهبت فضة لتفحته ووجدت هناك رجلاً يحمل بيده طبق الرمان هذا وهو يقول ان أمير المؤمنين أرسله لفاطمة.

٧٣

٧٤

مخطط الجلسة العاشر

المناسبة:

مصرع الإمام الحسينعليه‌السلام

عنوان الموضوع المناسب:

سوء أخلاق أعداء الحسينعليه‌السلام وصفاتهم السيئة

المشكلات المطلوب علاجها والتركيز عليها:

التخريب - إشعال الحرائق - الكلام البذيء والسرقة

النقاط الرئيسية للموضوع:

١. الإسلام يدعونا إلى حب الخير والعمل به وبغض الشر والإعراض عنه.

٢. الإسلام لم يكتف بالدعوة بل قدم لنا نماذج عملية للإقتداء بها.

٣. على رأس من جعله الإسلام قدوة لنا (شخص النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيتهعليهم‌السلام ).

٤. مساوئ الأخلاق وقبائح الأفعال تجسدت في أعداء النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيتهعليهم‌السلام .

٥. صفات الكذب وبذاءة اللسان والسرقة والنهب والغش والخلف بالوعد والعهد والاعتداء على الناس من خلال إشغال الحرائق والتخريب هي أخلاق أعداء الإمام الحسينعليه‌السلام (نماذج من كربلاء).

٦. لكي نكون حسينيين علينا التحلي بالأخلاق الحسينية وليس بأخلاق أعداءه.

٧٥

المجلس العاشر

مصرع الحسينعليه‌السلام

صلى الله عليك يا سيدي ويا مولاي يا أبا عبد الله، يا مظلوم كربلا ومسلوب العمامة والردا، لعن الله الظالمين لكم، يا ليتني كنت معكم فأفوز فوزاً عظيماً..

القصيدة:

مدى الأيام لا أنسى حسيـناً

وقد رضت مفاصله الخيولُ

على الرمضاءِ ملقىً دون رأسٍ

سليب الثوب موتور قتيلُ

له تبكي ملائكة السمـــاءِ

ويندبه عليٌّ والبتـــولُ

غريباً ثاوياً في الطف ظلماً

له الرحمن يغضبُ والرسولُ

يقول الله يا شر البرايـــا

قتلتم صفوتي فمن البديـلُ

يزيد الفسق أم ابن الدعـــيِّ

عبيد الله ذا خطبٌ جليلُ

بني الزهراء في قتل وأســرِ

وأبناءُ البغايا تستطيـلُ

جزاك الله في الأخرى ثوابـاً

جوار الله والأجرَ الجليـلُ

٧٦

الموضوع

أيها الأعزاء

دعانا الإسلام العزيز إلى الالتزام بالأخلاق والقيم السامية والترفع عن مساوئ الأفعال والأخلاق وحبب إلينا الأخلاق الحسنة وبغض إلينا الشرور. فوعد أهل الخير والصلاح بالجنة وووعد أهل المعاصي والشرور بالعذاب الأليم في الآخرة والشقاء الدائم في الدنيا. ولم يكتف الدين الحنيف بأن بين لنا محاسن الأخلاق ودعانا إلى الالتزام بها بل قام بتقديم نماذج عملية حية متحركة أماننا ت تستجمع في شخصياتها كل هذه القيم والأخلاق الحسنة والفاضلة ودعانا إلى الإقتداء والتمثل بها وعلى رأس هؤلاء كان شخص النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال تعالى:

﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾.

وقال أيضاً: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرا ﴾.

وكان أئمتناعليهم‌السلام صورة مماثلة للنبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله في أخلاقه وصفاته الكاملة والعظيمة ومنها أخلاقه الحميدة.

٧٧

في المقابل نجد أن مساوئ الأخلاق والصفات القبيحة تجسدت في أعداء النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته العظامعليهم‌السلام ، فها هو أبو سفيان عدو النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله شارب الخمر والمعتدي على الناس بغير حق وها هو يزيد عدو الإمام الحسينعليه‌السلام :

"شارب الخمر، الفاسق، قاتل النفس المحترمة".

كما وصفه الإمام الحسينعليه‌السلام . وها هم المنضمون إلى الجيش اليزيدي يحملون نفس الأخلاق التي كان يحملها زعيمهم وقائدهم ولذا كان صفات الكذب وبذاءة اللسان والسرقة والنهب والغش والخلف بالوعد والعهد والاعتداء على الناس من خلال إشغال الحرائق والتخريب وغير ذلك من التصرفات المشينة من أبرز صفاتهم وأخلاقهم.

أما الغش ومخالفة العهود والمواثيق، فقد وعدوا ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الإمام الحسينعليه‌السلام بالنصرة والبيعة له ودعوه إلى الكوفة ليتزعم ثورتهم ضد الحكم الأموي على أن يبذلوا في سبيل ذلك الغالي والنفيس، حتى وصل عدد الرسائل التي بعثوا بها إليه الآلاف، فما أن جاء إليهم وقبل وصوله إلى الكوفة، خرجوا لقتاله في جيش عبيد الله بن زياد.

أما الكذب، فها هو يقف أمامهم يوم العاشر من المحرم ويناديهم بأعلى صوته مذكراً إياهم بما كتبوا له من الرسائل (يا حجار بن أبجر ويا قيس بن الأشعث ويا فلان ويا فلان..ألم تبعثوا إلي أن أقدم إلينا فقد أينعت الثمار واخضر الجناب وإنما تقدم على جند لك مجند) فأجابوا (ما ندري ما تقول) لقد أنكروا بكل بساطة كل المجريات والوقائع، عندها أخرج لهم الإمامعليه‌السلام رسائلهم التي كتبوها بأيديهم مبينا كذبهم.

٧٨

أما بذاءة اللسان، فهم لم يتركوا شتيمة إلا رموا بها الحسينعليه‌السلام وأبيه الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام وأهل البيت النبوي.

أما السرقة والنهب فهم لم يمهلوا الإمام الحسينعليه‌السلام حتى الشهادة فعدوا إلى خيامه وينهبونها ويسرقونها، حتى أنهعليه‌السلام اضطر لتبديل ملابسه قبيل المعركة خوفا من أن يطمعوا بها فيسرقونها، ولكنهم ذلك لم يردعهم بل عمدوا إلى إصبعه الشريف فقطعوه بغية سرقة خاتمه، وبعد المعركة أتوا إلى عائلة الامام الحسينعليه‌السلام يسرفون حليها، ومن بينهم طفلة لهعليه‌السلام فصارت تخاطب سارقها وهو يبكي: لم تبكي؟ قال أبكي لأني أسرق بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالت له: فلم تسرقني إذا؟ قال: إن لم أفعل ذلك فعله غيري.

أما إشعال الحرائق والتخريب، فقد عمدوا إلى خيام الامام الحسينعليه‌السلام فأشعلوا فيها الحرائق وأخربوها على رؤوس من فيها فأضطر النساء والأطفال إلى الخروج منها بحثا عن مآوى أو مكان يمكن لهم الاختباء فيه فلم يجدوا إلا رمال الصحراء وشمسها.

أيها الأعزاء

إن الكذب وبذاءة اللسان والسرقة والنهب والغش والخلف بالوعد والعهد والاعتداء على الناس من خلال إشغال الحرائق والتخريب من أبرز الصفات المشينة التي كان يحملها أعداء الامام الحسينعليه‌السلام ونحن لكي نكون حسينيين علينا أن نتخلق بالأخلاق الحسينية وليس بالأخلاق التي حملها أعداء الامام الحسينعليه‌السلام وعندها نصبح موالين وأنصاراً حقيقيين فنقول للإمام الحسينعليه‌السلام بلهجة صادقة: يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيماً.

٧٩

المجلس

وفي صباح اليوم العاشر من المحرم، تقدم الجيش الأموي، وبدأ عمر بن سعد المعركة بأن رمى أول سهم نحو خيام الامام الحسينعليه‌السلام ، وقال لجنوده (اشهدوا لي عند الأمير أنني أول من رمى الحسينعليه‌السلام وأصحابه..).. وتوالت السهام، فنادى الامام الحسينعليه‌السلام أصحابه وأنصاره وقال: (قوموا يا كرام.. هذه رسل القوم إليكم) فخرجوا من خيامهم كالليوث الضاربة بشجاعةٍ نادرة، لا يبالون بالموت، ولا يرهبون كل تلك الحشود الهائلة.

واحتدمت المعركة، وأظهر رجال الإسلام بطولات نادرة، وتضحيات رائعة، فكان لا يقتل الرجل منهم حتى يقتل العشرات، وبفعل قلة عددهم قتل أنصار الامام الحسينعليه‌السلام جميعاً خلال ساعات.

فبقي الامام الحسينعليه‌السلام وحيداً في الميدان يدافع عن الإسلام والشرف والكرامة والحرية، وقد أثبت الشجاعة والإقدام ما حير أعداءه وجعلهم يخشون أن يبيدهم، فتكاثروا عليه فرقاً، وأحاطوا به، فرقة بالسيوف، وأخرى بالرماح، وأخرى بالحجارة، حتى أثخن بالجراح، فضعف وسقط عن جواده.

وبعد استشهاد الامامعليه‌السلام ، اندفع لجيش اليزيدي إلى الخيام النساء والأطفال، فنهبوها وأحرقوها، وساقوا الجميع سبايا في موكبٍ إلى الكوفة فالشام يتقدمهم رأس الإمام الحسينعليه‌السلام مرفوعاً على رأس رمح.

٨٠