مجالس الناشئة 1430هـ

مجالس الناشئة 1430هـ0%

مجالس الناشئة 1430هـ مؤلف:
المحقق: معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف: دواوين
الصفحات: 70

مجالس الناشئة 1430هـ

مؤلف:
المحقق: معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف:

الصفحات: 70
المشاهدات: 9393
تحميل: 3204


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 70 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 9393 / تحميل: 3204
الحجم الحجم الحجم
مجالس الناشئة 1430هـ

مجالس الناشئة 1430هـ

مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
العربية

قال تعالى: ﴿وَ يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ کَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ(١) .

- معنى الإيثار: معنى الإيثار هو أن تقدّم الآخر على نفسك، فإيثار الشيء تفضيله على غيره. فأنا حينما أريد أن أشرب الماء وأخي المؤمن عطشان أسقيه ثمّ أشرب وهكذا.

مكانة الإيثار:

عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : "الإيثار أعلى الإيمان". وعنهعليه‌السلام : "الإيثار أشرف الكرم". وقالعليه‌السلام : " الإيثار أفضل عبادة وأجمل سيادة".

وروي أنّ الله تعالى أوحى لنبيه موسىعليه‌السلام : "يا موسى، لا يأتيني أحد منهم قد عمل به (أي بالإيثار) وقتاً من عمره إلّا استحييت من محاسبته وبوأته من جنّتي حيث يشاء".

صفات المؤثرين:

كاملون: عن الإمام الصادقعليه‌السلام في وصف الكاملين من المؤمنين: "هم البررة بالأخوة في حال العسر واليسر، المؤثرون على أنفسهم في

__________________

١- الحشر:٩

٤١

حال العسر".

أهل الأعراف: عن الإمام عليعليه‌السلام : "المؤثرون رجال من الأعراف".

نماذج أهل الإيثار:

أ- الإمام عليعليه‌السلام : من منّا ينسى أمير المؤمنين الذي آثر حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حياته، حينما بات في فراشه دون خوف وتردد، فباهى الله تعالى به الملائكة وأنزل فيه: ﴿وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَ اللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ(١) .

ب- أبو الفضل العباسعليه‌السلام : حيث آثر الإمام الحسينعليه‌السلام في شرب الماء.

المجلس:

لمـّا وصل إلى الفرات، بعد جهد ومشقّة حيث اعترضه الأعداء بقيادة عمر بن الحجاج الزبيدي(لعنه الله) كانوا على مشرعة الفرات، ليمنعوا وصول الحسين وأصحابه إلى الماء، ولكن العبّاسعليه‌السلام شقّ الصفوف وأبعدهم عن المشرعة، بعد أن قتل منهم ثمانين رجلاً.

__________________

١- البقرة: ٢٠٧

٤٢

وصل العبّاس إلى الماء، فمدّ يده وأخذ غرفةً من الماء وقلبه يلتهب من شدّة العطش، فأدنى الماء من شفتيه، وبمجرد أن أحسّ ببرودة الماء تذكّر عطش الحسينعليه‌السلام ، والطفل الرضيع، وسكينة الواقفة بانتظاره، والأكباد الحرّة، فرمى الماء من يده، وقالعليه‌السلام : لا والله لا أذوق بارد الماء وأخي الحسين عطشان، ثمّ ملأ قربته ودموعه تجري، وهو يردّد هذه الأبيات:

يا نفسُ مِن بَعدِ الحُسينِ هُونِي

وَبَعدَهُ لا كُنتِ أنْ تَكونِي

هَذا الحُسينُ وُاردُ المَنونِ

وَتَشرَبينَ بَارِدَ المَعينِ

تاللهِ مَا هَذا شِعارُ دِينِي

وَلا شِعارُ صَادِقِ اليَقينِ

ثمّ حمل القربة على كتفه وخرج من المشرعة متوجهاً نحو الخيام، وسلك طريق النخيل، حتى يحتمي بها من السهام، لكن عمر ابن سعد انتدب الجيش، وقال لئن وصل الماء إلى الحسين وشرب منه الحسين والعبّاس لا يدعان منكم أحداً، حُولوا بين العبّاس والخيام، فحال الجيش كلّه بين العبّاس و بين الخيام، فصار العبّاس يقاتلهم ويدفعهم عن طريقه، ويشقّ طريقه بصعوبة، ولكن في أثناء الطريق كمن له لعين من وراء نخلة، فلمـّا مرّ به العبّاس ضربه بالسيف على يده اليمنى فقطعها، أخذ العبّاس

٤٣

سيفه بشماله وهو يقول:

واللهِ إنْ قَطَعتُمُ يَمينِي

إنّي أُحَامِي أبَداً عن دِينِي

وعن إمامٍ صَادِقِ اليَقينِ

نَجلِ النَبِيّ الطَاهِرِ الأمِينِ

وصار يهرول نحو الخيام، ويسرع في سيره، فكمن له لعين آخر وراء نخلةٍ فضربه على يده اليسرى فقطعها، فسقط السيف من يده، فضمّ القربة إلى صدره وأسرع نحو الخيام، فجاءته السهام من كلّ صوب، حتى صار بدن العبّاس كالقنفذ من كثرة السهام، جاءه سهم وقع في عينه اليمنى، وجاءه سهم نبت في صدره، وكلّ ذلك لا يهمّه ما دامت القربة سالمة، ما دام الماء موجوداً، ولكن لمـّا جاء سهم وأصاب القربة فأريق الماء على الأرض، عند ذلك وقف العبّاس متحيّراً لا يدري ما يصنع، كيف يصل إلى المخيّم، بأيّ شيء يصل إلى الخيام والقربة قد أريق ماؤها؟!

بينما هو واقف في حيرته، حيث لا يدين ليقاتل بهما، ولا ماء فيأتي به إلى المخيّم، جاءه لعين وضربه بعامود من حديد على أمّ رأسه، فسقط العبّاس من على ظهر جواده، منادياً: أخي أبا عبد الله أدركني.

وما كانت إلّا ساعة، وإذا بالحسين قد رجع ماشياً على قدميه يقود فرسه

٤٤

وراءه، يكفكف دموعه بطرف كمّه، استقبلته ابنته سكينة: أبا يا حسين، أين عمي العباس؟، فانتحب الحسين باكياً، وقال: بنيّة عظّم الله لك الأجر بعمّك العبّاس، فلقد خلّفته على شاطىء العلقمي مقطوع اليدين مرضوض الجبين، لمـّا سمعت زينب صاحت:

وا أخاه وا عباساه.

عباسُ تَسمَعُ زَينَبَاً تَدعوكَ مَن لِي

يَا حِمَايَ إذَا العِدَى نَهرُونِي

إنّا لله وإنّا إليه راجعون

وسيعلم الذين ظلموا آل محمّد أيّ منقلب ينقلبون

والعاقبة للمتّقين.

٤٥

٤٦

اليوم السابع

برّ الوالدين

صلّى الله عليك يا مولاي وابن مولاي يا أبا عبد الله، يا غريب كربلاء وسليب العمامة والرداء، يا من دمه غسله والتراب كافور، يا ليتنا كنّا معكم سيّدي فنفوز فوزاً عظيماً.

القصيدة:

لم أنسَهُ والسِبط جَاثٍ حَولَهُ

يدعو بِدَمعٍ هَاطِلٍ مِدرارِ

يا كَوكَباً ما كانَ أقصرَ عُمرُهُ

وكذا تكونُ كواكبُ الأسحارِ

وهلالُ أيامٍ مَضَت لَم يستَدِر

بَدراً ولَم يُهملْ لِوقتِ سرارِ

عَجَّلَ الخُسوفُ عَليهِ قبلَ أوَانِهِ

فَطَوَاهُ قَبلَ مَظنَّةِ الأبدارِ

فَكأنَّ قَلبِي قَبرُهُ وكأنَّهُ

في طيِّهِ سِرٌ مِن الأسرارِ

جاورتُ أعدائِي وجاوَرَ ربَّهُ

شتَّانَ بَينَ جِوارِهِ وجِوَارِ

٤٧

قال تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا(١) .

عن النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "نظر الولد إلى والديه حبّاً لهما عبادة".

إعلم أخي الحبيب أنّنا لمـّا نطيع أهلنا فإنّ ذلك رضاً لله عزّ وجلّ لأنّ رضا الله من رضا الوالدين، فلو طلب منك أحد والديك أو كلاهما طلباً تقدر عليه ولا يخالف أمر الله فمن باب برّهما يجب عليك أن تمتثل لأمر الله بإطاعتهما.

واعلم أنّ أمّك حملتك حيث لا يحمل أحد أحداً، وغذّتك من دمها، وسهِرَت لتنام أنت، ومرِضَت لتشفى أنت.

واعلم أنّ أباك هو أصلك ومنه أتيت، وهو الذي يعمل ليل نهار ليؤمّن لك حاجاتك من علم وطعام ولباس وأمثالها، وبالتالي ألا يكفي هذا لنطيع أهلنا ونرضي الله بذلك؟!.

عقوق الوالدين:

وفي قبال البرّ بهما هناك العقوق، قال تعالى: ﴿فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ

____________________

١- الإسراء ٢٣-٢٤

٤٨

تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًاً ﴾. وقد فسّر الإمام الصادقعليه‌السلام أدنى العقوق قائلاً: "أدنى العقوق أفٍ، ولو علم الله عزّ وجلّ شيئاً أهون منه لنهى عنه". وعن الإمام الرضاعليه‌السلام : "حرّم الله عقوق الوالدين لما فيه من الخروج عن التوفيق لطاعة الله عزّ وجلّ".

نموذج عن برّ الوالدين: علي الأكبر.

إنّ علي الأكبر ذلك الفتى الحيدريّ الحسينيّ الشجاع الذي عانى مع أبيه الإمام الحسينعليه‌السلام مرارات كربلاء وآلامها، لكنّه لم يأبه سواء وقع على الموت أم وقع عليه، طالما أنّه مع الحقّ فلا يبالي.

نعم علي الأكبر كان في كربلاء بارّاً لوالده، فقد رأى أنّ جيش بن زياد يعتدي على أهل بيت النبوّة، ويحاصر معسكرهم ويمنع عنهم الماء ويضيّق عليهم، فانتفض يريد الدفاع عن أبيه وإخوته وأهل بيته.

النعي:

لمـّا استشهد الأصحاب نظر عليّ الأكبر فوجد القوم يستعدّون لقتل أبيه، فما كان منه إلّا أن جهّز نفسه لخوض المعركة، فحمل سيفه وتقدّم إلى أبيه الحسينعليه‌السلام يستأذنه، وكان أوّل من تقدّم من بني هاشم.

٤٩

وقف بين يدي الإمامعليه‌السلام طالباً منه الإذن في قتال أعداء الدين. لمـّا نظر إليه الحسينعليه‌السلام بكى، وسالت دموعه على خدّيه، ثمّ رفع بصره إلى السماء وقال: "اللهم اشهد على هؤلاء القوم فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خَلقاً وخُلقاً ومنطقاً برسولك محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ". ثمّ أذن له. فتوجّه عليّ الأكبر نحو الميدان وهو يحمل عليهم بسيفه وينادي:

أنا عليُ ابنُ الحُسينِ ابنِ علي

نحنُ وبيتِ اللهِ أولى بالنَبي

تاللهِ لا يَحكُمُ فِينا ابنُ الدَعي

أضرِبُكُم بالسيفِ أحمِي عَن أبي

ضَربَ غُلامٍ هَاشِميٍّ عَلَوي

راح يقاتلهم قتال الأبطال حتى أنهكته كثرة الجراح وشدّة العطش، فعاد إلى أبيه الحسينعليه‌السلام ، فوقف بين يديه وقال: "أبه، العطش قد قتلني وثقل الحديد قد أجهدني، فهل لي بشربة ماء أتقوّى بها على العداء؟".

سيّدي يا أبا عبد الله من أين تأتي له بالماء؟ فأجابه الإمامعليه‌السلام : "بني علي عد إلى الميدان، ما أسرع الملتقى بجدّك رسول الله يسقيك شربة لا تظمأ بعدها أبداً". فعاد إلى الميدان، وراح يقاتل قتال الشجعان الأبطال، وإذا بلعين يضربه بالسيف على رأسه الشريف فيرديه، فرفع

٥٠

الأكبر صوته منادياً: "أبه يا حسين، عليك مني السلام، هذا جدّي رسول الله، قد سقاني بكأسه شربة لا أظمأ بعدها أبداً".

أقبل الحسينعليه‌السلام نحوه مسرعاً، جلس عند رأسه، وضعه في حجره، وراح ينادي: "بني علي على الدنيا بعدك العفا".

كَأنِّي بِالحُسينِ غَداً يُنادِي

عَلينَا يَا لَيالِي الوَصلِ عُودِي

رَجَوتُكَ يا عليُ تَعيشُ بَعدِي

وَتُوَسِّد جُثَّتي رَمْسَ اللحودِ

إنّا لله وإنّا إليه راجعون

وسيعلم الذين ظلموا آل محمّد أيّ منقلب ينقلبون

والعاقبة للمتّقين.

٥١

اليوم الثامن

العلاقة مع القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف

صلّى الله عليك يا مولاي وابن مولاي يا أبا عبد الله، يا غريب كربلاء وسليب العمامة والرداء، يا من دمه غسله والتراب كافور، يا ليتنا كنّا معكم سيّدي فنفوز فوزاً عظيماً.

القصيدة:

يا صاحبَ العَصرِ أدرِكنا فَليسَ لَنَا

وِرْدٌ هَنيءٌ وَلا عَيشٌ لَنَا رَغَدُ

طَالَت عَلينَا لَيَالِي الانتظارِ فَهَلْ

يا ابن الزَكيّ لليلِ الانتظارِ غَدُ

فانهَض فَدَتْكَ بَقَايَا أنفُسٍ ظَفَرَتْ

بِهَا النَوائِبُ لمـّا خَانَهَا الجَلَدُ

هَبْ أنَّ جُندَكَ مَعدُودٌ فَجَدُّكَ قَد

لاقَى بِسَبعينَ جَيشَاً مَا لَهُ عَدَدُ

فَشَدَّ فِيهم بَأبطالٍ إذَا بَرَقَتْ

سُيوفُهُم مَطَرُوا حَتفَاً وما رَعدُوا

يا آلَ أحمَدَ جُودُوا بالشِفاعَةِ لِي

فِي يومٍ لا وَالدٌ يُغنِي وَلا وَلَدُ

٥٢

يقول تعالى:﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ(١)

الحديث عن الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف هو الحديث عن الحقّ في وجه الباطل، والعدل في وجه الظلم، فالإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف هو القائم المنتظر الذي سيخرج ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً. قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "المهدي منّا أهل البيت... يملأ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجوراً.."(٢) .

الانتظار:

بعد أن غاب مولانا صاحب العصر والزمان غيبته الكبرى، سمّي هذا العصر بعصر الغيبة، فماذا نفعل في هذا العصر؟ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "أفضل أعمال أمّتي انتظار الفرج من الله عزّ وجلّ"(٣) . هنا نسأل أنفسنا: هل الانتظار هو بأن نجلس في البيت أو في المسجد والحسينية ونعتزل الناس والعمل في المجتمع، حتى يظهر الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف ؟! أم هناك أمر آخر نقوم به؟. والجواب: هناك نوعان من الانتظار:

____________________

١- القصص:٥-٦.

٢- الحاكم النيسابوري، مستدرك الصحيحين، ج٤،ص٥٥٧.

٣- الري شهري، محمد، ميزان الحكمة، ج١،عن البحار، ج٥٢.

٥٣

١- الانتظار السلبي:

وهو أن نجلس في البيت أو في المسجد والحسينيّة ونعتزل الناس والعمل في المجتمع، وندعو الله ليظهر لنا القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف دون أن نحرّك ساكناً سوى الدعاء بتعجيل الظهور.

٢- الانتظار الايجابي:

وهو يعني التمهيد لخروج حبيب قلوبنا وقائدنا المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف وذلك من خلال العمل والجهاد والالتحاق بالنهج المحمّديّ الأصيل، الذي يمهّد بالقول والفعل لظهور مولانا صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف.

يقول الإمام السيّد علي الخامنئي(دام ظله): "واجبكم اليوم أن تمهّدوا له الأمور، لكي يأتي وينطلق من تلك القاعدة المهيّئة... والتمهيد يتمّ بالالتزام بالأحكام الإسلاميّة والقرآنيّة..".

إذن فالانتظار الإيجابي هو المطلوب، وهو الذي يمهّد لتعجيل الفرج بظهور مولانا صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف.

أنصار القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف:

لقد وردت الكثير من الروايات التي تتحدّث عن مواصفات أصحاب وأنصار الإمام المهديعليه‌السلام ومن هذه المواصفات:

٥٤

الإيمان ومعرفة الله: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه قال: "ويحاً للطالقان، فإنّ لله عزّ وجلّ بها كنوزاً ليست من ذهب ولا فضّة، ولكن رجال مؤمنون عرفوا الله حقّ معرفته، وهم أنصار المهدي في آخر الزمان".

الشجاعة: ينقل صاحب كتاب البرهان حديثاً فيه صفات أصحاب المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف فيقول: "يخرج إليه الأبدال من الشام وعصب أهل المشرق، وإنّ قلوبهم زبر الحديد، رهبان الليل، ليوث النهار".

الإخلاص: عن الإمام الباقرعليه‌السلام : "...كيف أنتم لو رأيتم صاحبكم؟ فيقولون: والله لو ناوى الجبال لناويناها معه".

العبادة والدعاء: كما مرّ في الحديث السابق: "فيسير مع قوم أسد النهار، رهبان الليل".

الثبات: "لا تزال عصابة من أمّتي يقاتلون على أبواب دمشق وما حولها وعلى أبواب بيت المقدس وما حولها، لا يضرّهم خذلان من خذلهم، ظاهرين على الحقّ إلى أن تقوم الساعة".

فالمهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف يريد أبطالاً كأبطال كربلاء، ويريد تضحيات كتضحيات كربلاء، وهل يوجد تضحية أكبر من مصيبة الإمام الحسينعليه‌السلام بطفله الرضيع؟!

٥٥

جاء في الحديث الشريف أنّ الإمام المهديعليه‌السلام يأتي كربلاء ومعه مجموعة من أنصاره وشيعته، ويقف على قبر جدّه الحسينعليه‌السلام يزوره... وهو يقول: ما ذنب هذا الطفل الرضيع حتى يذبح... فيضجّ من حوله بالبكاء والنحيب...

إذا كانت لوعة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف بهذه الحرقة لطفل جدّه الحسينعليه‌السلام ، فكيف لنا أن نتصوّر أباه الحسينعليه‌السلام وهو ينظر إلى ولده الرضيع مخضّباً بدمه والسهم مشكوك في رقبته؟!، وهو يرفرف على صدره كالطير المذبوح...

ولو تَراهُ حَامِلاً طِفلَهُ

رَأيتَ بَدراً يَحمِلُ الفَرقَدا

بل كيف حال أمّه الرباب

وهي ترى رضيعَها مذبوحاً

وكلُّ رَضيعٍ يَبتَغِي ثَديَ أمِّهِ

وَيرضَعُ مِن ألبانِها ثُمّ يُفطَمُ

سِوَى أنَّ عبدَ اللهِ كان رِضاعَهُ

دِمَاهُ وَغَذَّتْهُ عن الدُرِّ أَسهُمُ

إنّا لله وإنّا إليه راجعون

وسيعلم الذين ظلموا آل محمّد أيّ منقلب ينقلبون

والعاقبة للمتّقين.

٥٦

٥٧

اليوم التاسع

إطاعة الولي

صلّى الله عليك يا مولاي وابن مولاي يا أبا عبد الله، يا غريب كربلاء وسليب العمامة والرداء، يا من دمه غسله والتراب كافور، يا ليتنا كنّا معكم سيّدي فنفوز فوزاً عظيماً.

القصيدة:

وَقَفَ الفَتَى في سَاحَةِ المَيدَانِ

فَرأى الخُيولَ وصَولَةَ الطُغيَانِ

ورَأى الحُسينَ تَكاثَرتْ أعداؤهُ

بُغضَاً لهُ في طَاعِةِ السُلطانِ

فأتَى إليهِ مُواسِياً مُستَعطِفاً

أرجوكَ عَمِّي رَحمةً بِجَنَاني

دَعنِي أذودُ عن الرسولِ وشَرعِهِ

عَلِّي أفوزُ بِجَنَّةِ الرِضوانِ

ومَشَى إليهم ثِائِراً ومُردِّداً

إنْ تُنكِرونِي فالحُسامُ لِسانِي

أمضِي على دِينِ النبيِّ مُوَحِداً

ومُجَسِّداً بِقِتالِكُم إيماني

٥٨

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ(١) .

إنّ الله يأمرنا في القرآن الكريم أن تكون الطاعة له تعالى وللنبيِّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولأولي الأمر الذين هم أهل البيتعليهم‌السلام . ونحن نعلم أنّ الأئمة الذين تجب طاعتهم أوّلهم أمير المؤمنينعليه‌السلام وآخرهم الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.

أمّا في عصر غيبة الإمام المهدي فمن هو الذي تجب طاعته؟. والجواب: هو الولي الفقيه الجامع للشرائط.

والإمام الخمينيقدس‌سره هو الولي الفقيه الذي أقام الجمهوريّة الإسلاميّة، والذي حقّق من خلالها حلم الأنبياءعليهم‌السلام ، فقام الإمام الخميني بإحياء الإسلام وتأسيس الدولة الممهّدة لمولانا صاحب العصر والزمان. وبعد رحيل الإمام الخمينيقدس‌سره كان الفقيه الجامع للشرائط هو الإمام السيّد علي الخامنئي(دام ظلّه الوارف)، حيث ما زال يحافظ على هذه الدولة المهدويّة، ويعمل على التمهيد لظهور مولانا صاحب العصر والزمان.

جهاد الإمام الخامنئي:

للسيّد القائد تاريخ طويل ومشرق في عالم الجهاد، وهذا ما يظهر

____________________

١- النساء: ٥٩

٥٩

من المناصب التي ترأسها والمهام التي أوكلت إليه. فقد أرسله الإمام الخمينيقدس‌سره عام ١٩٦٣ إلى مشهد لنشر بذور الثورة في عدد كبير من القرى والمدن. ولولا ذهاب الإمام الخامنئي والشهيد شمران أثناء الحرب إلى مدينة الأهواز وأمرهما بحفر الخندق حول أطراف المدينة لسقطت المدينة.

كما تظهر شجاعته وصلابته من خلال مواقف عديدة أبرزها صلاة الجمعة التاريخيّة، حينما كان يخطب سماحته وكانت طائرات العدو في السماء مهدّدة صلاة الجمعة، وفي الأثناء وقع انفجار بين المصلّين سقط فيه العشرات بين شهيد وجريح، ولكنّ الإمام الخامنئي بقي يتابع الخطبة والصلاة واستطاع بقوّته وبتوفيق من الله وبأسلوبه أن يعيد السكينة والهدوء إلى جموع المصلّين.

نعي:

نعم أيّها الأحبّة، هكذا هم قادة الإسلام، هكذا هم الحسينيّون الكربلائيّون، فأبناء الحسين كباراً كانوا أم صغاراً، تتجلّى فيهم المحبّة والطاعة لأوامر القائد، ففي كربلاء كان الحسينعليه‌السلام الولي وكان أصحابه وأهل بيته من أوفى وأخلص المطيعين، فمن أصحابه زهير

٦٠