زاد المناسبات

زاد المناسبات0%

زاد المناسبات مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 274

زاد المناسبات

مؤلف: المركز الإسلامي للتبليغ
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف:

الصفحات: 274
المشاهدات: 37974
تحميل: 2236

توضيحات:

زاد المناسبات
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 274 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 37974 / تحميل: 2236
الحجم الحجم الحجم
زاد المناسبات

زاد المناسبات

مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
العربية

أمه)، حتى يوافي يوم القيامة وقد صار مثل أحد"(١) .

٦- إحياء ليلة النصف منه:

وهي ليلة شريفة ورد أنّها أفضل الليالي بعد ليلة القدر، وقد زاد شرفها بولادة الإمام الحجّة بن الحسن المهدي المنتظرعجل الله تعالى فرجه الشريف في صبيحتها.

٧- إحياء المناسبات الجليلة فيه وأبرزها:

أ - ولادة الإمام الحسينعليه‌السلام في ٣ شعبان وهو يوم الحرس.

ب- ولادة أبي الفضل العباسعليه‌السلام في ٤ شعبان وهو يوم الجريح.

ج- ولادة الإمام زين العابدينعليه‌السلام في ٥ شعبان وهو يوم الأسير.

د- ولادة الإمام الحجة المنتظرعجل الله تعالى فرجه الشريف في ١٥ شعبان وهو يوم المستضعفين.

وينبغي في هذه المناسبات تعميق الارتباط بأهل البيت

____________________

١- السيد البروجردي - جامع احاديث الشيعة - ج ٩ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٤٥٧

١٢١

عليه‌السلام لا سيما بصاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف وإظهار الفرح والزينة من باب إحياء أمرهم لعلنا ننال دعوتهم المباركة:" رحم الله من أحيا أمرنا"(١) .

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٧٨ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢١٩

١٢٢

الحسينعليه‌السلام في بيت عليعليه‌السلام

المناسبة: ولادة الإمام الحسينعليه‌السلام

التاريخ: ٣ شعبان

من الثابت أن للوراثة دوراً مهماً في تكوين شخصية الانسان، وقد توافقت النصوص الدينية مع الإكتشافات العلمية الحديثة في هذا المجال، فقد ورد في الحديث المعروف " العرق دسَّاس" وجاء هذا المضمون على لسان علماء الوراثة كمندل الذي قال:" إن كثيرا من الصفات الوراثية تنتقل بدون تجزئة أو تغيّر من أحد الأصلين أو منهما الى الفرع"(١) .

قبل الولادة:

وفي بيت الإمام عليعليه‌السلام ثلاثة نماذج لعب العِرق فيها دوراً بارزاً:

____________________

١- القرشي- حياة الامام الحسينعليه‌السلام - منشورات دار الكتب العلمية- قم -ج١ - ص ٤٣.

١٢٣

النموذج الأول: محمد بن الحنفية الذي ورد أن أباه أمير المؤمنينعليه‌السلام طلب منه يوم الجمل أن يحمل على القوم، فتوقف قليلاً، ثم كرَّر عليه أبوه الإمامعليه‌السلام قائلاً له:" أحمل"،فأجابه يا أمير المؤمنين، أما ترى السهام كأنها شآبيب المطر ؟!! فدفعه الإمام في صدره وقال له:" أدركك عرقٌ من أمك"(١) .

النموذج الثاني:

أبو الفضل العباس وأخوته الذين أراد لهم أبوهم الإمام عليعليه‌السلام أن يكونوا من أنصار أخيهم الحسينعليه‌السلام في كربلاء، فسأل عن امرأة تنتسب الى بيت شجاعة وإقدام ليجدها في أمهم أم البنين.

النموذج الثالث:

الحسن والحسينعليه‌السلام اللذان جمعا كمال الوراثة.

الحسينعليه‌السلام المولود:

وفي شهر شعبان ولد الإمام الحسينعليه‌السلام ، وكان يوم

____________________

١- أنظر الأمين - أعيان الشيعة- منشورات دار التعارف - بيروت- ج ١ - ص ٤٥٧.

١٢٤

الفرح الأكبر لولا دمعةٌ انسكبت من عين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي احتضن سبطه الحسين وأخذ يبكي، قالت له أسماء: فداك أبي وأمي ممَّ بكاؤك ؟!! فأجابها صلوات الله عليه وآله:" من إبني هذا ! تقتله الفئة الباغية من بعدي لا أنالهم الله شفاعتي "(١) .

واحتضن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حسيناً ليسمعه من فمه المبارك أول كلمة في الحياة الدنيا.

إذ أدنى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فمه الطاهر ناحية أذن الحسين اليمنى، وقال: " الله أكبر، الله أكبر" فأذَّن فيها ثم أقام في أذنه اليسرى(٢) ،فكانت كلمة " الله" أول كلمة دخلت أذن الحسينعليه‌السلام ، وقد ورد في الخبر أن ذلك عصمة للمولود من الشيطان الرجيم(٣) .

تسمية الحسينعليه‌السلام :

واختار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لسبطه اسم الحسينعليه‌السلام ، وقال المؤرّخون: لم تكن العرب في جاهليتها تعرف هذا الأسم، وإنما سمَّاه النبي به بوحي من السماء(٤) .

____________________

١- أنظر: القرشي- حياة الإمام الحسين- منشورات دار الكتب العلمية- قم - ج ١ ص ٢٧.

٢- المصدر السابق - ص ٣٠.

٣- أنظر: الطفل نشوؤه وتربيته اعداد ونشر مؤسسة البعثة - قم - ص ٦٥.

٤- القرشي - حياة الإمام الحسين - ص ٣٠.

١٢٥

الحسينعليه‌السلام في سورة الدهر:

وترعرع الحسينعليه‌السلام في البيئة الطاهرة تحت رعاية الأنوار الثلاثة الأولى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليعليه‌السلام وفاطمةعليه‌السلام ، وشاء الله تعالى أن يُعرِّف الناس كرامته حينما بشَّره بالجنة وهو طفل صغير، وذلك حين مرض الحسنعليه‌السلام والحسينعليه‌السلام فنذر أبوهما علي وأمهما فاطمة إن عافاهما الله أن يصوما ثلاثة أيام، وكذا فعل الحسن والحسينعليه‌السلام مع صغر سنهما، واقتدت بهم خادمتهم فضة.

وحينما برئا، أصبحوا صياماً وليس عندهم طعام، فانطلق عليعليه‌السلام إلى يهودي وأخذ منه جزة من الصوف على أن تغزلها السيدة الزهراءعليها‌السلام مقابل ثلاثة أصواع من الشعير، فغزلتعليه‌السلام ثلث الصوف ثم طحنت صاعاً من الشعير وعجنته، وخبزت منه خمسة أقراص، فلما جلسوا خمستهم ليتناولوا الطعام إذا مسكين على الباب يقول: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، أنا مسكين من مساكين المسلمين أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله من موائد الجنة، فوضع عليعليه‌السلام اللقمة من يده وأعطى قرصه للمسكين، وكذا فعلت فاطمةعليه‌السلام

١٢٦

وكذا فعل الحسنانعليه‌السلام ، فباتوا جياعاً وأصبحوا صياماً، ولم يذوقوا إلّا الماء، وفي اليوم الثاني غزلت السيدة فاطمةعليه‌السلام ثلث الصوف الآخر وطحنت صاعاً من الشعير وعجنته وخبزته خمسة أقراص، فلما جلسوا خمستهم ليتناولوا الطعام إذا يتيم على الباب يقول: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، أنا يتيم من يتامى المسلمين أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله من موائد الجنة، فدفع جميعهم الطعام الى هذا اليتيم وباتوا جياعاً وقاموا صياماً، وتكرَّر المشهد في اليوم الثالث حينما وقف على الباب اسيرٌ من أسرى المشركين يقول: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، تأسروننا وتشدّوننا ولا تطعموننا، ففعلوا كما فعلوا بالأمس وقبله، وباتوا جياعاً واستيقظوا ليأتي إليهم نبيُّ الإسلام بالبشرى الكبرى وهو قوله تعالى:﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا، وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا، إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا، فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا، وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا(١) .

____________________

١- أنظر: المشهدي- تفسير كنز الدقائق - ج١١ - ص ١١٦ - ١١٨، سورة الإنسان

١٢٧

الحسينعليه‌السلام في آية المباهلة:

وأراد الله تعالى أن يعرِّف الناس كرامة الحسينعليه‌السلام وهو صغير حينما جاء وفدٌ من نصارى نجران ليناظروا النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبعد حديث بينهم وبين النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اتفقوا على الابتهال أمام الله ليجعل تعالى لعنته على الكاذبين وعيَّنوا لذلك وقتاً محدداً...وفي ذلك الوقت خرج السيد النصراني والعاقب بولديهما وعليهما الحلي والحلل ومعهم نصارى نجران، واحتشدت الجماهير لتنظر وفد المسلمين فإذا بهم يرون نبي الإسلام قد أقبل وهو يحتضن الحسينعليه‌السلام ، ويمسك بيده الأخرى الحسنعليه‌السلام وخلفه الإمام عليعليه‌السلام والسيدة الزهراءعليها‌السلام وهو يقول لوفد النصارى: " أباهلكم بخير أهل الأرض، وأكرمهم إلى الله".

فرجعوا إلى زعيمهم الأسقف يستشيرونه في الأمر، فقال لهم: " أرى وجوهاً لو سأل الله بها أحدٌ أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله".

فأسرعوا إلى النبي قائلين: " يا أبا القاسم، أقِلنا أقال الله

١٢٨

عثرتك"(١) .

ووثَّق القرآن هذه الحادثة العظيمة بقول الله تعالى: ﴿فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ(٢) .

الحسينعليه‌السلام تحت كساء العصمة:

واستمرت العناية الربَّانية بالحسينعليه‌السلام الطفل حينما قدمت أمه الزهراء فاطمةعليه‌السلام إلى أبيها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال لهاصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : " أدعي زوجك وأبنيك" فجاءت بهما ليجلّلهم بكساء ويقول: اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي أذهب عنهم الرجس وطهِّرهم تطهيراً "(٣) .

ويتلوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم آية العصمة التي أخبرت عن عصمة الحسين وأبيه وأمه وأخيه: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا(٤) .

____________________

١- أنظر: القرشي - حياة الحسين - ص ٧٠ - ٧٢.

٢- آل عمران: ٦٠.

٣- الفيروز آبادي - فضائل الخمسة- ج ١- ص ٢٧١.

٤-الأحزاب: ٣٢.

١٢٩

الحسينعليه‌السلام في صباه وأسلوب الدعوة:

ومضت الأيام ليظهر الحسينعليه‌السلام على مسرح الحياة وهو صبي يدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة فقد رُوي أن الحسن والحسينعليه‌السلام رأيا أعرابياً يتوضأ بشكل خاطئ، فتقدما وطلبا منه أن يشرف على وضوئيهما ليعرفا أي الوضوءين أحسن ! فقال الحسينعليه‌السلام للأعرابي: " أيّنا يحسن الوضوء ؟ فأجاب الأعرابي: كلاكما تحسنانه، روحي لكما الفداء، ولكن أنا الذي لا أحسنه "(١) .

من أخلاق الحسينعليه‌السلام :

وكبر الحسينعليه‌السلام ليتجلَّى فيه خُلُق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأدب عليعليه‌السلام وجلال فاطمةعليه‌السلام ، فكان العابد الذي يقضي أكثر أوقاته مشغولاً بالصلاة والصوم، حتى قال عنه إبن الزبير: " أما والله لقد قتلوه طويلاً بالليل قيامه كثيراً في النهار صومه"(٢) .

وكان الحليم عند القدرة، فقد ورد أن بعض مواليه جنى جناية توجب التأديب فأمر الحسينعليه‌السلام بتأديبه.

____________________

١- التستري- الخصائص الحسينية - ص ١٧١.

٢- القرشي- حياة الحسين- ج ١ - ص ١٣٣./

١٣٠

فانبرى العبد قائلاً:

يا مولاي: إن الله تعالى يقول:" الكاظمين الغيظ".

فقال الحسينعليه‌السلام : " خلّو عنه، فقد كظمت غيظي".

فسارع العبد قائلاً: " والعافين عن الناس".

فأجابه الحسينعليه‌السلام : " قد عفوت عنك".

فطلب العبد المزيد بقوله:" والله يحب المحسنين".

فإذا بالحسينعليه‌السلام يفصح عن أخلاقه النبوية بقوله: " أنت حرٌّ لوجه الله".

ثم أمر بجائزة سنيَّة تغنيه عن الحاجة ومسألة الناس(١) .

هذا هو الحسينعليه‌السلام وهذه هي أخلاق الحسينعليه‌السلام فلنتخذ منه القدوة، ومن أخلاقه قبس الإهتداء.

____________________

١- القرشي - حياة الإمام الحسينعليه‌السلام - ج ١- ص١٢٤.

١٣١

نافذ البصيرة

المناسبة: ولادة أبو الفضل العباسعليه‌السلام

التاريخ: ٤ شعبان

قدَّم أبو الفضل العباسعليه‌السلام نموذجاً راقياً في الجهاد والإيثار وخصائل أخرى أشار إليها الإمام الصادقعليه‌السلام في زيارته لعمه العباسعليه‌السلام قائلاً:

" سلام الله وسلام ملائكته المقرَّبين وأنبيائه المرسلين، وعباده الصالحين، وجميع الشهداء والصديقين، الزاكيات الطيبات فيما تغتدي وتروح عليك يا ابن أمير المؤمنين...أشهد لك بالتسليم والتصديق والوفاء والتضحية لخلف النبي المرسل والسبط المنتجب..."(١) .

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٩٨ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢١٧

١٣٢

الخصال الأربع:

وقد أشار الإمام الصادقعليه‌السلام بهذه الزيارة إلى خصال أربع في فضائل أبي الفضل العباسعليه‌السلام مع ولي أمرهعليه‌السلام نلقي بعض الضوء عليها مستلهمين منها دروساً في التولِّي:

١- التسليم: وهو عنصر أساس في تكوين شخصية المسلم الذي يسلِّم أمره لله ويتعبِّد بأوامره ونواهيه دون اعتراض كما رسم النموذَج الراقي في ذلك خليلُ الله إبراهيمعليه‌السلام الذي مضى في ذبح ولده إلى مشارفِ النهاية مسلِّماً في ذلك أمرَه لله تعالى فاستحق ان يكون من أطلق تسمية المسلمين على عباد الله الصالحين، يقول تعالى: ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ(١) ،وأوضح الله تعالى في كتابه أنّ التسليم لله لا يتحقّق بدون التسليم لولي الأمر، بل لا يتمّ الإيمان حتى يتمّ التسليم له فيقول تعالى: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا(٢) من هنا كان القيمة في تسليم أبي الفضل

____________________

١- الحج : ٧٨

٢- النساء:٦٥.

١٣٣

العباس لأخيه الإمام الحسينعليه‌السلام .

٢- التصديق: والتسليم تارة يكون من دون قناعة بصوابية العمل وتصديق به وتارة تكون عن بصيرة وقناعة به والتسليم الثاني هو الأرقى والأكمل لذلك كان المدح الكبير لأبى الفضل العباسعليه‌السلام في زيارته لاسيَّما حينما قال الإمام الصادقعليه‌السلام فيها: " أشهد أنّك لم تهن ولم تنكل، وأنّك مضيت على بصيرة من أمرك مقتدياً بالصالحين متبعاً للنبيّين"(١) .

وقالعليه‌السلام عنه: " كان عمّي العباس بن عليعليه‌السلام نافذ البصيرة صلب الإيمان"(٢) ، فنفوذ البصيرة هو الذي يؤدي إلى صلابة الإيمان والتسليم لولي الأمر عن وعي وتصديق.

٣- الوفاء: والوفاء كما يكون بعهدٍ يلتزمه الإنسان يكون بأداء الحقوق وأداء حق ولي الأمر بنصرته والجهاد بين يديه من أعظم الوفاء وهذا ما تجلى بأبي الفضلعليه‌السلام في كربلاء كما يصفه أبن أخيه الإمام السجّادعليه‌السلام : " رحم الله عمي العباس بن علي فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه حتى قطعت يداه".

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٩٨ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢١٨

٢- الشاكري - الحاج حسين - شهداء اهل البيتعليهم‌السلام قمر بني هاشم - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٣١

١٣٤

٤- التضحية: فقد ضحىعليه‌السلام فادياً أخاه واقياً له حتى وصل إلى منزلة قال عنها الإمام زين العابدينعليه‌السلام : " رحم الله عمي العباس فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه حتى قطعت يداه فأبدله الله بهما بجناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر بن أبي طالب، وان للعباس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة"(١) .

وأراد إمام الأمّة الراحلقدس‌سره أن يلفتنا في ذكرى ولادة أبي الفضل العباسعليه‌السلام إلى المقاومين الجرحى فأطلق على هذا اليوم يوم الجريح، جزاهم الله تعالى عن الأمّة خير جزاء المحسنين.

____________________

١- الحائري - جعفر عباس - بلاغة الامام علي بن الحسينعليه‌السلام - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام ص ٢٣٥

١٣٥

حق النفس

المناسبة: ولادة الامام السجادعليه‌السلام

التاريخ: ٥ شعبان سنة ٣٨ ه

كان الامام زين العابدينعليه‌السلام قمّة في العلم والتقوى والعبادة والجهاد وقمّة في أخلاقه وسلوكه وعلاقته بربّه.

رسالة الحقوق:

ولا بدّ أن نقف عند رسالته التي حدّد فيها الحقوق، حقّ الله عليك، وحقّ نفسك عليك، وحقّ الناس عليك، وحقّك عليهم.

هذه الرسالة الفريدة العظيمة في مضامينها والتي تشتمل على أسرار العلاقات الإنسانيّة، والتي نحتاج أن نقرأها دائماً حتى نعيش في حياتنا الخاصّة والعامّة معنى المسؤوليّة، فلا يشعر الإنسان أنّه حرّ أمام شهواته ولذّاته ونوازعه الذاتيّة، بل يعرف أنّ الله عزّ وجلّ جعل للأشياء وللأشخاص حقوقاً عليه كما جعل حقوقاً عليهم.وأنّه يتحرّك في حياته ضمن المسار

١٣٦

الذي حدّده الله له.

إنّ خلاصة رسالة الحقوق هي أنّ الإنسان في هذه الحياة هو إنسان مسؤول، فالمسؤوليّة تحيط به من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، وفي موقفه بين يدي ربّه، فتعالوا نستمع إلى بعض ما ذكره الإمامعليه‌السلام من حقوق الإنسان على نفسه.

يقولعليه‌السلام : " وأما حقّ نفسك عليك فأن تستعملها بطاعة الله عزّ وجلّ، فتؤدّي إلى لسانك حقّه، وإلى سمعك حقّه، وإلى بصرك حقّه، وإلى يدك حقّها، وإلى رجلك حقّها، وإلى بطنك حقّه، وإلى فرجك حقّه، وتستعين بالله على ذلك".

حقّ اللسان:

" أما حقّ اللسان فإكرامه عن الخنا"، والخنا هي كلمات الفحش والسباب والشتائم.

" وتعويده على الخير" بأن تدرّب لسانك على أن لا يقول إلّا الخير وما ينفع نفسك والآخرين.

" وحمله على الأدب" أي أن تحمله على الكلمات التي تمثّل أدبك مع ربّك ومع الناس وذلك بأن تتكلّم الكلمات التي تفتح عقول وقلوب الناس عليك، ولا تثير حساسيّاتهم، ولا تعمل

١٣٧

على إثارة أعصابهم أو إلحاق الأذى بأنفسهم أو بحياتهم.

" وإجمامه إلّا لموضع الحاجة والمنفعة للدين والدنيا" أي أن تمسك لسانك عن الكلام إلّا لموضع الحاجة فليكن الصمت هو طابعك العام.إلّا أن تكون الكلمة محلّ حاجة لك أو للآخرين أو للرسالة، أما إذا كانت الكلمة لا تمثّل حاجّة لك في أمورك الخاصّة أو العامّة ولا للآخرين ولا للرسالة، فأمسك لسانك عن لغو الكلام الذي لا يفيد ولا ينفع.

" وإعفاؤه من الفضول الشنيعة القليلة الفائدة التي لا يؤمن شرّه" أي الكلام الذي لا داعي له ولا معنى له أو الكلام الذي يمكن أن يؤدّي إلى شرٍ أو إضرار بالآخرين.

وخلاصة الفكرة أن تعرف أنّ الله أنطق لسانك من أجل أن تستعين به على قضاء حاجاتك وحاجات الآخرين، وأن تستعمله من أجل الخير وهداية الناس ودعوتهم إلى خطّ الله وإدخال السرور عليهم، ولا تستعمله فيما يضرّهم ويؤذيهم ويضلّهم.

حقّ السمع:

" وأما حقّ السمع فتنزيهه عن أن تجعله طريقاً إلى قلبك إلّا لفوّهة كريمة، تحدث في قلبك خيراً أو تكسبك خلقاً كريماً فإنه

١٣٨

(أي السمع) باب الكلام إلى القلب يؤدّي إليه ضروب المعاني على ما فيها من خير أو شرّ" أي أنّ السمع هو النافذة التي تطلّ على العقل فالكلمات تنطلق من الآخرين لتدخل من خلال هذه النافذة لتستقرّ في قلبك وعقلك.

والكلام الذي نسمعه على نحوين: فهناك كلام يسيء إلى عقولنا وروحيّتنا وهدانا ومواقع الخير فينا، وهنالك كلمات تهدينا وترشدنا وترفع من مستوانا الثقافي والروحيّ وتعمّق تفكيرنا ولذلك فإنّ علينا أن نختار الكلمات التي ندخلها إلى عقولنا بعناية لتكون كلمات تنمّي عقولنا وأرواحنا وتعمّق إيماننا وترتفع بنا إلى مقام القرب الإلهيّ، فحاول دائماً أن يكون سمعك نافذة على العقل يعطي العقل ما يهديه إلى الخير والحقّ والعدل وإلى القرب من الله ولا تجعله نافذة وطريقاً إلى الشرّ واللهو واللغو وسماع الحرام.

حقّ البصر:

وأما حقّ بصرك فَغَضُّه عما لا يحل لك، ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾ ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ

١٣٩

أَبْصَارِهِنَّ(١) ،وترك ابتذاله إلّا لموضع عبرة تستقبل به بصراً أو تستفيد به علماً فإنّ البصر باب الاعتبار"، يعني أن تستعمل بصرك للتأمّل والبحث والاستفادة، بأن تحاول عندما تنظر إلى ما حولك وما فوقك وما تحتك أن تنظر على أساس أن تستفيد منه عظة وعبرة تستطيع من خلالهما أن تعطي لنفسك تجربة جديدة وفكرة جديدة وفائدة جديدة.

حقّ الرجلين:

" وأمّا حقّ رجليك أن لا تمشي بها إلى ما لا يحلّ لك، ولا تجعلها مطيَّتك في الطريق المستخفّ بأهلها فيها، فإنّها حاملتك وسالكة بك مسلك الدين"، أي عليك أن تحرّك رجليك إلى مواقع العدل والحقّ والجهاد وإلى مواقع العمل في سبيل الله وإلى الغايات والأهداف التي يحبّها الله ولا تحرّكها إلى المواقع التي لا يرضاها الله لأنّ رجليك غداً سوف تطالبانك بحقّها.

حقّ اليد:

" وأما حقّ يدك فأن لا تبسطها إلى ما لا يحلّ لك" فلا تضرب إنساناً بغير حقّ ولا تضرب ولدك بغير حقّ، أو زوجتك

____________________

١- النور: ٣١-٣٠.

١٤٠