زاد المناسبات

زاد المناسبات0%

زاد المناسبات مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 274

زاد المناسبات

مؤلف: المركز الإسلامي للتبليغ
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف:

الصفحات: 274
المشاهدات: 37970
تحميل: 2236

توضيحات:

زاد المناسبات
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 274 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 37970 / تحميل: 2236
الحجم الحجم الحجم
زاد المناسبات

زاد المناسبات

مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
العربية

ألوان الدعاء والحمد والثناء التي تمثّل العبوديّة المخلصة لله تعالى فكانت الصحيفة السجّاديّة التي سمّيت بإنجيل أهل البيتعليه‌السلام وزبور آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والتي سجّل فيها الإمام القيم الخُلُقيّة والحقوق والواجبات معالجاً فيها مشاكل الفرد والمجتمع ناشراً فيها أجواء روحيّة تثبت المسلم عندما تعصف به المغريات وتشدّه إلى ربّه حينما تجرّه الأرض إليها.

وقد تناقل علماؤنا هذه الصحيفة المباركة بأسانيد معتبرة وطرق عالية ذكر والد العلّامة المجلسي بأنّها تزيد على الآلاف، وقد ذكر هذا العالم الجليل أنّه رأى ذات يوم في الرؤيا صاحب الزمان وخليفة الرحمن عجل الله تعالى فرجه الشريف وسأله أن يعطيه كتاباً يعمل عليه فأرشده إلى الصحيفة السجّاديّة.

ولقيمة هذه الصحيفة كانت محلّ افتخار كبير في وصيّة الإمام الخمينيقدس‌سره الراحل الذي قال فيها: " نحن فخورون بأنّ الأدعية التي تهب الحياة والتي تسمّى بالقرآن الصاعد هي من أئمتنا المعصومين، نحن نفخر أنّ منّا مناجاة الأئمّة الشعبانيّة ودعاء عرفات للحسين بن علي عليهما السلام، والصحيفة السجّاديّة زبور آل محمد..".

٢١

باب الحوائج

المناسبة: ولادة الإمام الكاظمعليه‌السلام

التاريخ: ٧ صفر سنة ١٢٧ ه

عرف الامام الكاظمعليه‌السلام بباب الحوائج إلى الله تعالى لما عرف عنه في العمل المتواصل في خدمة الناس وقضاء حوائجهم.

قضاء الحوائج:

فقد كانعليه‌السلام يتفقّد فقراء المدينة في الليل فيحمل إليهم الدقيق والتمر من دون أن يعلموا من أيّ جهة هو، وقد ورد في تاريخ بغداد أنّهعليه‌السلام كان يصُّر ثلاثمائة دينار وأربعمائة دينار ويخرج بها ليلاً ليوزعها على بيوت المحتاجين، وكان يضرب المثل بصراره.

وقد ورد في حياة الإمام الكاظمعليه‌السلام قصص كثيرة تعبِّر

٢٢

عن مدى اهتمامه بخدمة الناس وقضاء حوائجهم.

فقد ورد أنّ الإمامعليه‌السلام مرَّ برجل من أهل السواد دميم المنظر فسلَّم عليه، ونزل عنده، وحادثه طويلاً ثمّ عرض عليه نفسه في القيام بحاجة إن عرضت.فقيل له: يا ابن رسول الله، أتنزل إلى هذا، ثمّ تسأله عن حوائجه وهو إليك أحوج؟ فقالعليه‌السلام : " عبد من عبيد الله، وأخ في كتاب الله، وجار في بلاده، يجمعنا وإيّاه خير الآباء آدم.وأفضل الأديان الإسلام"(١) .

وورد عن أحد معاصريه قوله: " قدمت المدينة أطلب دَيناً فأعياني، فقلت لو ذهبت إلى أبي الحسن موسىعليه‌السلام فشكوت إليه، فأتيته في ضيعته فذكرت له قضيّتي فدخل ولم يقم إلّا يسيراً حتى خرج إليّ، فقال لغلامه: " اذهب" ثمّ مدَّ يده إليَّ فرفع إليَّ صرَّة فيها ثلاثمائة دينار ثمّ قام فولَّى، فركبت دابتي فانصرفت.

وكانعليه‌السلام يحثُّ الآخرين على التحلِّي بمكرمة خدمة الناس الجليلة.فقد ورد أنّهعليه‌السلام : " كتب إلى أحدهم طالباً إعفاءه أحد المسلمين ممّا يراه عليه حقاً وممّا ورد في تلك الرسالة: " اعلم أنّ الله تعالى تحت عرشه ظلاًلا يسكنه إلّا من

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٧٥ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٣٢٥

٢٣

أسدى إلى أخيه معروفاً، أو نفَّس عنه كربة، أو أدخل على قلبه سروراً، وهذا أخوك، والسلام"(١) .

وكانعليه‌السلام يدعو الناس إلى مساعدة الناس الضعفاء المحتاجين فكان يقول: " عونك للضعيف من أفضل الصدقة"(٢) .

وكانعليه‌السلام يعتبر أنّ كفّارة العمل في السلطة وإن كان شرعياً تتحقّق في خدمة الناس فمن أقواله لعلي ابن يقطين: " كفارة عمل السلطان الإحسان للإخوان"(٣) .

وكانعليه‌السلام يحذِّر من عدم الإنفاق من الطاعة فيؤدّي ذلك إلى إنفاق الأكثر في المعصية.فكان يقول: " إيّاك أن تمنع في طاعة الله، فتنفق مثليه في معصية الله"(٤) .

العبد الصالح:

إنّ كلّ ما مرَّ هو غيض من فيض سيرة الإمام الكاظمعليه‌السلام في خدمة الناس التي اشتهر بها عند المسلمين من كافّة

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٧١ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٣١٣

٢- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٧٥ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٣٢٦

٣- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ١٠ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢٤٧

٤- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٧٥ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٣٢٠

٢٤

مذاهبهم فعرَّفه الشيخ كمال الدين بن طلحة الشافعي بقوله: " هو الإمام الكبير القدر العظيم الشأن الكثير التهجّد، الجادّ في الاجتهاد، المشهور بالعبادة، المواظب على الطاعات، المشهور له بالكرامات، يبيت الليل ساجداً وقائماً ويقطع النهار متصدّقاً وصائماً، ولفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين عليه دعي كاظماً، كان يجازي المسيء بإحسانه إليه، ويقابل الجاني بعفوه عنه، ولكثرة عباداته كان يُسمّى بالعبد الصالح، ويعرف في العراق بباب الحوائج إلى الله، لنجح المتوسّلين إلى الله تعالى به، كرامته تحار فيها العقول، وتقضي بأنّ له عند الله تعالى قدم صدق لا تُزلُّ ولا تزول".

٢٥

الإمام الحسينعليه‌السلام ،عهدٌ ووفاء

المناسبة: زيارة الأربعين

التاريخ: في ٢٠ صفر

حثَّ نبيّ الإسلام وأهل بيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على زيارة مراقدهم المطهّرة فقد ورد أنّ النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاطب أمير المؤمنينعليه‌السلام قائلاً: " يا عليّ من زارني في حياتي أو بعد موتي أو زارك في حياتك أو بعد موتك أو زار أبنيك في حياتهما أو بعد موتهما ضمنت له يوم القيامة أن أخلصه من أهوالها وشدائدها حتى أصيّره معي في درجتي"(١) .

فضل الزيارة:

وعن الإمام الرضاعليه‌السلام : " إنّ لكلّ إمام عهداً في عنق

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٩٧ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ١٢٣

٢٦

أوليائه وشيعته، وإنّ من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء زيارة قبورهم فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقاً بما رغبوا فيه كان أئمّتهم شفعاءهم يوم القيامة"(١) .

ولا يقتصر استحباب زيارة مراقد أهل البيتعليه‌السلام على السفر إليها بل ورد استحباب زيارتهم عن بُعد فعن الإمام الصادقعليه‌السلام : " إذا بعدت بأحدكم الشقّة، ونأت به الدار، فليعلُ أعلى منزله، فيصلّي ركعتين، وليُومِ بالسلام إلى قبورنا، فإنّ ذلك يصير إلينا"(٢) .

زيارة الإمام الحسينعليه‌السلام :

وممّا أكّد عليه أهل البيتعليه‌السلام تأكيداً حثيثاً هو زيارة الإمام الحسينعليه‌السلام فقد ورد عن سدير: قال لي الصادقعليه‌السلام : " يا سدير تزور قبر الحسينعليه‌السلام في كلّ يوم؟ قلت: جعلت فداك لا، قالعليه‌السلام : " ما أجفاكم! فتزورونه في كلّ جمعة؟ قلت: لا، قالعليه‌السلام : فتزورونه في كلّ شهر؟ قلت: لا قالعليه‌السلام : فتزورونه في كلّ سنة؟ قلت: قد يكون ذلك.قال: يا سدير،

____________________

١- الشيخ الكليني - الكافي - ج ٤ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٥٦٧

٢- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٩٨ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٣٦٥

٢٧

ما أجفاكم بالحسينعليه‌السلام ، أما علمت أنّ لله ألفي الف ملك شعثاً غبراً يبكونه ويزورونه، لا يفترون، وما عليك يا سدير أن تزور قبر الحسين في كلّ جمعة خمس مرات، في كلّ يوم مرّة " قلت جعلت فداك، إنّ بيننا وبينه فراسخ كثيرة، فقالعليه‌السلام : تصعد فوق سطحك، ثمّ تلتفت يمنة ويسرة، ثمّ ترفع رأسك إلى السماء، ثم تنحوّ نحو قبر الحسينعليه‌السلام فتقول: (السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك ورحمة الله وبركاته)، تكتب لك زورة، والزورة حجّة وعمرة"(١) .

- وقد ورد استحباب زيارة الإمام الحسينعليه‌السلام في مناسبات خاصّة عديدة كالأوّل من رجب ومنتصفه، ومنتصف شعبان، وليالي القدر، وعيدي الفطر والأضحى، ويوم عرفة، وعاشوراء والعشرين من صفر وهو اليوم الأربعين بعد شهادته المباركة ففي الحديث المشهور عن الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام : " علامات المؤمن خمس: صلاة إحدى وخمسين، وزيارة الأربعين، والتختّم باليمين، وتعفير الجبين، والجهر بـبسم الله الرحمن الرحيم"(٢) .

____________________

١- العاملي - الحر - وسائل الشيعة (آل البيت) ج ١٤ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ٤٩٤

٢- السيد ابن طاووس- اقبال الاعمال ج ٣ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ١٠٠

٢٨

- وقد ورد في الأربعين زيارة خاصّة عن الإمام الصادقعليه‌السلام وهي كغيرها من الزيارات المأثورة تحمل المضامين العالية التي أراد أهل البيتعليه‌السلام إيصالها إلى الأمّة لبثِّ المعرفة والوعي بين أفرادها، وليعلن الزائر فيها عن استعداده لنصرة قضيّة سيد الشهداءعليه‌السلام في أيِّ عصر ناصراً حسين عصره مواجهاً يزيده ففي نصّ زيارة الأربعين: " أمري لأمركم متَّبع ونصرتي لكم مُعدَّة حتى يأذن الله لكم، فمعكم معكم لا مع عدوّكم"(١) وفي بعض نصوص زيارات الإمام الحسينعليه‌السلام " لبيك داعي الله"(٢) مكرَّرة سبع مرّات، ولعلّ ذلك كما أفاد بعض العلماء لأنّ الإمام أبا عبداللهعليه‌السلام لما رأى كثرة من قتل من أصحابه استنصر الناس سبع مرّات فجاءت التلبيات السبع لنصرة قضيّة الإمام بعد شهادته وهي قضيّة الحقّ والعدل في مواجهة الباطل والظلم وهذه القضيّة كانت في التاريخ وما زالت في الحاضر وستبقى حتى يخرج من يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً.

____________________

١- الشيخ الطوسي - مصباح المتهجد - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٧٨٩

٢- ابن قلويه - كامل الزيارات - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٣٨٨

٢٩

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كلماته الأخيرة

المناسبة: وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

التاريخ: ٢٨ صفر الحرام

قال الله تعالى:﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ(١)

لقاء الله:

ذكر المؤرّخون أنّ الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استدعى أحد مواليه في أواخر صفر وطلب منه مرافقته إلى البقيع قائلاً له: " إنّي قد أُمرت أن أستغفر لأهل البقيع فانطلق معي "، فانطلقت معه فلما وقف بين أظهرهم قال السلام عليكم يا أهل المقابر....، وقال لغلامه: " إنّي قد أوتيت مفاتح خزائن الدنيا والخلد فيها ثمّ الجنّة، وخُيّرت بين ذلك وبين لقاء ربّي والجنّة، فاخترت لقاء ربّي والجنّة"، قال له غلامه: بأبي أنت وأمّي فخذ مفاتح خزائن الدنيا والخلد فيها ثمّ الجنة، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : " لا والله

____________________

١- الزمر: ٣٠.

٣٠

يا أبا مُوَيهبة، لقد اخترت لقاء ربّي والجنة"، ثمّ استغفر لأهل البقيع ورجع(١) .

طلب المسامحة من الناس

بعد ساعات وفي حشد من الناس دخل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المسجد برأس معصوب وطلعة نالت منها الحمّى، فجلس على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: " إنّ عبداً من عباد الله خيّره الله بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عند الله"(٢) ثمّ سكت والناس قد طأطأوا رؤوسهم، وتابع خطابه وفي بالهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما قد خطّط له لحرب الروم وجهّز له من جيش كبير بقيادة أسامة بن زيد البالغ من العمر ثمانية عشر عاماً آمراً أصحابه وبقيّة المسلمين الانضواء تحت رايته لذا قال من منبر المسجد: " أيّها الناس، انفذواجيش أسامة...(٣) ثم سكت ولهيب الحمّى يزداد اشتعالاً ثم قال: " أيّها الناس، إنّي أحمد إليكم الله، لقد دنا منّي خفوق من بين أظهركم فمن كنت جلدت له ظهراً فهذا

____________________

١- الطبري- تاريخ الطبري - ج ٢ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٤٣٢.

٢- الطبري -تاريخ الطبري -ج ٢ -مكنبة أهل البيتعليهم‌السلام - ص ٤٣٤.

٣- الريشهري - محمد -القيادة في الاسلام - مكتبة أهل البيتعليهم‌السلام - ص ٣٨٥.

٣١

ظهري فليستقض منه، ومن كنت أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذ منه...، ولا يقل رجل إنّي أخاف الشحناء من رسول الله، ألا وإنّ الشحناء(أي العداوة) ليست من طبيعتي ولا من شأني، ألا وإنّ أحبّكم إليّ من أخذ منّي حقاً إن كان له، أو حللني فلقيت الله، وأنا طيب النفس..."(١) ثمّ نزل من المنبر وأقام الصلاة وبعدها قام ينتظر الناس الذين أثقلهم سؤال النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو المعصوم الكامل الذي امتدحه الله تعالى بأنّه على خلق عظيم، فجأة نهض رجل يضطرب ليقول للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّ سوطه وقعت ذات يوم على بطنه (بطريق الخطأ) فإذا بخاتم الأنبياءصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكشف بطنه طالباً من الرجل أن يقتصّ منه، فتقدّم الرجل وسط ذهول الناس ليقبّل جسده الشريف، ليكون آخر العهد منه أن يلامس جسدُه جسدَ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعدها دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيته حيث كان الرحيل المحزن الذي أصيب به الخلق والذي دعانا أهل البيتعليه‌السلام أن نتذكّره حين نصاب بأمر يخصّنا، فعن الإمام الباقرعليه‌السلام : " إن أصبت بمصيبة في نفسك أو في مالك، فاذكر مصابك برسول الله فإنّ الخلائق لم

____________________

١- ابن أبي الحديد - شرح نهج البلاغة -ج ١٣ - مكتبة أهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢٨.

٣٢

يصابوا بمثله قط"(١) .

وقد ورد في زيارة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه يستحب فيها أن نقول: " إنّا لله وإنّا إليه راجعون، أُصبنا بك يا حبيب قلوبنا، فما أعظم المصيبة بك، حيث انقطع الوحي، وحيث فقدناك، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون"(٢) .

____________________

١- الشيخ الكليني _ الكافي - ج ٣ - مكتبة أهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢٢٠

٢- العلامة المجلسي - بحار الانوار -ج ٩٩ - مكتبة أهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢١٢

٣٣

الإمام الحسنعليه‌السلام :دروس الحب والولاء

المناسبة: شهادة الإمام الحسنعليه‌السلام

التاريخ: ٢٨ صفر سنة ٥٠ ه

تحدَّث القرآن عن أبوّة الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للإمام الحسنعليه‌السلام فقال تعالى في آية المباهلة:﴿فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ(١) .وشعر خاتم الأنبياء بحلاوة بنوّة حفيده فكان يردّدها وهو يضمّ الحسنعليه‌السلام : " اللهمّ إنّ هذا ابني وأنا أحبّه فأحبّه وأحبّ من يحبّه"(٢) .

طهارة العصمة:

ومع صغر سنّ الإمام الحسنعليه‌السلام أبى القرآن الكريم إلّا أن يخبر عن عصمته الإلهيّة عن كلّ رجس فقال تعالى:

____________________

١- آل عمران: ٦١

٢-السبحاني - الشيخ جعفر -في ظل أصول الاسلام - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٨٤

٣٤

﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا(١) .

سيادة الجنّة:

وفي طفولته أخبرنا كتاب الله تعالى عن موقع الإمام الحسنعليه‌السلام في جنّة الله عزّ وجلّ فقال تعالى محدِّثاً عنه وعن بقيّة أصحاب الكساء: ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا(٢) .وورد أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقول للمسلمين: "من سرَّه أن ينظر إلى سيّد شباب أهل الجنّة فلينظر إلى الحسن"(٣) .

الدعوة إلى حبّه:

وأوجب الله تعالى حبَّ الإمام الحسنعليه‌السلام بل جعل حبَّه أجر النبي من الناس في تأدية رسالة الإسلام فقال تعالى: ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى(٤) ،وسئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من هؤلاء القربى؟ فأجاب: " علي وفاطمة وابناهما"(٥) .

____________________

١- الأحزاب: ٣٣.

٢- الإنسان ١٢.

٣- ابن شهر آشوب - مناقب آل أبي طالب - ج ٣ - مكتبة أهل البيتعليهم‌السلام - ص ١٨٥

٤- الشورى: ٢٣.

٥- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٢٣ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢٣٢

٣٥

وعمل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاهداً في تعزيز حبِّ الإمام الحسنعليه‌السلام في قلوب الناس فكان يقول:" من أحبّني فليحبَّه فليبلغ الشاهد الغائب"(١) ، وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأخذ بيده ويد أخيه الحسينعليه‌السلام ويقول: " من أحبَّني وأحبّ هذين وأباهما وأمّهما كان معي في درجتي يوم القيامة"(٢) .

المسلمون ينقادون في حبّه:

وكانت لدعوات القرآن والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صدى في قلوب المسلمين التي تعلّقت بحبّ الإمام الحسنعليه‌السلام وزاد حبّهم له حينما كبر الإمامعليه‌السلام ليرى فيه المسلمون أشبه الناس خَلقاً وخُلُقاً برسول الله فكانوا يرونه حينما يتوضأ ويصلّي وفرائصه ترتعد ولونه يصفرّ، وعرفوا زهده في الدنيا وهو الذي قاسم الله ماله ثلاث مرّات وخرج منه مرّتين، ورأوا مزاياه وخصاله التي ملأت قلوبهم حباً وتعظيماً له فكان حينما يخرج ليُبْسَط له عند باب داره ينقطع الطريق فما يمرّ أحد من خلق الله إجلالاً له.وذات مرّة وفي طريق مكّة نزل الإمام الحسنعليه‌السلام ليمشي فما من

____________________

١- السبحاني - الشيخ جعفر -في ظل أصول الاسلام - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٨٤

٢- ابن الامام جعفر الصادقعليه‌السلام - مسائل علي بن جعفر - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٥٠

٣٦

خلق الله أحداً إلّا نزل ومشى إجلالاً للإمامعليه‌السلام .

وجاء وقت الإستحقاق:

ورغم مظاهر الحبِّ التي أبداها المسلمون للإمام الحسنعليه‌السلام نجد مواقف من الكثير منهم تشهد على أنّ هذا الحب وقف عند حدِّ العاطفة ولم يُتَرجم إلى ولاء عملي بل كانت النتيجة معاكسة في وقت الاستحقاق حينما قرَّر الإمامعليه‌السلام محاربة جرثومة الفساد معاوية فخانه الكثير اغتراراً بمناصب الدنيا وزخرفها وتجرأ البعض على الإمام بالكلام معه تارةً ونهب خيمته أخرى، حتى وصل الأمر إلى تعرّض الإمام أكثر من مرة لمحاولات إغتيال.

لقد أحبّ الناس إمامهم الحسنعليه‌السلام بقلوبهم لكن الكثير منهم خانوه بسيوفهم متناسين أنّ فرض حبِّه كان الجسر لطاعته وولائه وقد أصمّوا آذانهم عن قول الله تعالى:﴿إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ(١) .

إنّه درس في الحبّ والولاء في وقت الاستحقاق أفلا نتعلّم!

____________________

١- آل عمران: ٦١.

٣٧

الإمام الرضاعليه‌السلام :علم وعبادة وأخلاق

المناسبة: شهادة الإمام الرضاعليه‌السلام

التاريخ: ٢٩ صفر ٢٠٣ ه

تجتمع في أواخر شهر صفر مناسبات حزينة آخرها مناسبة شهادة الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام الذي قضى حياته في الدعوة إلى الله تعالى، فعمل على نشر علوم ومعارف الإسلام المحمدي الأصيل، مغتنماً كلّ فرصة لذلك فتجوَّل بين البلدان مروِّجاً للشريعة المقدّسة علم الامام، روي أن محمّد بن عيسى اليقطيني ذكر أنّ ما جمعه من أجوبة الإمام الرضاعليه‌السلام عن مسائل سئل عنها يبلغ خمسة عشر ألف مسألة.

وجالس الإمامعليه‌السلام العلماء في مناظرات فريدة وصفها أحدهم مبتدئاً بوصف الإمامعليه‌السلام : " ما رأيت أعلم من علي بن موسى الرضاعليه‌السلام ، ولا رآه عالم إلّا شهد بمثل شهادتي،

٣٨

ولقد جمع المأمون في مجالس له عدداً من علماء الأديان وفقهاء الشريعة والمتكلّمين فغلبهم عن آخرهم حتى ما بقي أحد منهم إلّا أقرَّ له بالفضل وأقرَّ على نفسه بالقصور ولقد سمعته يقول: كنت أجلس معهم في الروضة، والعلماء بالمدينة متوافرون، فإذا أعيا الواحد منهم عن مسألة أشاروا إليَّ بأجمعهم وبعثوا إليّ المسائل فأجبت عنها!!"(١) .

عبادة الإمامعليه‌السلام وأخلاقه:

وعُرِفَ الإمام الرضاعليه‌السلام بأخلاقه التي شهد بها القريب والبعيد حتى قال المأمون: " هذا خير أهل الأرض وأعلمهم وأعبدهم"(٢) ، وقال رجاء بن أبي الضحاك: " فوالله ما رأيت رجلاً كان أتقى لله منه ولا أكثر ذكراً له في جميع أوقاته منه، ولا أشدّ خوفاً لله عزّ وجلّ"(٣) .

وقد ورد عنهعليه‌السلام في عبادته أنّه كان إذا صلّى الفجر في أوّل وقتها يسجد لربِّه فلا يرفع رأسه إلى أن ترتفع الشمس وكان

____________________

١- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٤٩ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ١٠٠

٢- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٤٩ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٩٥

٣- العلامة المجلسي - بحار الانوار - ج ٤٩ - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٩٢

٣٩

يكثر بالليل من تلاوة القرآن فيختمه كلّ ثلاثة أيّام وكان يقول: " لو أردت أن أختمه في أقرب من ثلاثة لختمت ولكنّني ما مررت بآية قط إلّا فكّرت فيها، وفي أيّ شيء أنزلت، وفي أيّ وقت، فلذلك صرت أختم كلّ ثلاثة أيام"(١) .

وعن أخلاق الإمامعليه‌السلام في تعامله مع الآخرين قال إبراهيم بن العباس: " إنّي ما رأيت ولا سمعت بأحد أفضل من أبي الحسن الرضاعليه‌السلام وشهدت منه ما لم أشهد من أحد، ما رأيته جفا أحداً بكلام قط، ولا رأيته قطع على أحد كلامه حتى يفرغ منه وما ردَّ أحداً عن حاجة قدر عليها ولا مدّ رجليه بين يدي جليس له قط ولا اتكى بين يدي جليس له قط...ولا رأيته يقهقه في ضحكه بل كان ضحكه التبسّم وكان إذا خلا ونصبت الموائد أجلس على مائدته مماليكه ومواليه حتى البواب والسائس"(٢) .

من وصاياهعليه‌السلام :

" اتقوا الله أيّها الناس في نعم الله عليكم، فلا تنفروها عنكم

____________________

١- القمي - الشيخ عباس - الانوار البهية - مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ٢١٢

٢- الامين - السيد محسن - اعيان الشيعة - ج ٢ مكتبة اهل البيتعليهم‌السلام - ص ١٤

٤٠