• البداية
  • السابق
  • 127 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 8355 / تحميل: 1979
الحجم الحجم الحجم
شبهات وردود - الحلقة الأولى

شبهات وردود - الحلقة الأولى الجزء 1

مؤلف:
العربية

نص الشبهة

قال صاحب النشرة:

ومن هنا فقد اعترض الزيدية على الإمامية وقالوا (ان الرواية التي دلت على ان الأئمة اثنا عشر قول أحدثه الإمامية قريبا وولدوا فيه أحاديث كاذبة(١) .

وقام أصحاب النظرية (نظرية الاثني عشر) باستيراد أحاديث من (أهل السنة) مروية عن رسول الله (ص) تشير إلى عدد الخلفاء والأمراء من بعده وتذكر رقم (اثني عشر) وأضافوا إليها أحاديث اختلقوها بعد ذلك تشير إلى حصر الإمامة في (اثني عشر إماماً) فقط. استعار الذين قالوا بوجود المهدي محمد بن الحسن العسكري وولادته سرا في حياة أبيه بعض الأحاديث الضعيفة والمضطربة والمشوشة والغامضة من السنة والتي تذكر مجىء اثني

____________________

(١) الشورى العدد العاشر ص١٢. رجوع

١٠١

عشر أميرا أو خليفة بعد رسول الله وهذبوها وشذبوها وطبقوها على عدد الأئمة الذين كانوا قد بلغوا مع ابن الحسن المفترض وحسب العد الإمامي اثني عشر واحدا فقالوا بان الأئمة اثنا عشر وعرف هؤلاء (الاثني عشر). (ولكن عملية الاستدلال بتلك الأخبار على صحة النظرية (الاثنا عشرية) كانت تواجه ضعف سند تلك الأخبار حيث أنها ضعيفة عند السنة ولا يلتزم أحد منهم بمضمونها. كما أنها اضعف عند الشيعة(١) . ولا توجد بينها رواية واحدة صحيحة حسب مقاييس علم الرجال الشيعي(٢) .

____________________

(١) كتابه عن المهدي (ع). رجوع

(٢) كتابه نظرية الإمامة الإلهية. رجوع

١٠٢

الجواب عنها

ولنا على كلامه الانف الذكر تعليقتان:

الأولى:

قوله (أنها ضعيفة السند عند السنة ولا يلتزم أحد بمضمونه).

أقول ليت صاحب النشرة جاء بكلام واحد من علماء أهل الحديث المعتبرين عند السنة يضعف حديث الاثني عشر، وأنى له بذلك وقد روى الحديث كل من البخاري ومسلم في

صحيحيهما وأبو داود والترمذي في سننهما ومن قبلهم رواه احمد بن حنبل في مسنده بأسانيد صحيحة، ورواه اخرون أيضاً.

روى البخاري عن جابر بن سمرة قال:

"سمعت النبي (ص) يقول:يكون بعدي اثنا عشر أميرا. كلهم من قريش ".

وفي رواية لمسلم:

" لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا إلى اثني عشر

١٠٣

خليفة كلهم من قريش "(١) .

وفي رواية:

"لا تضرهم عداوة من عاداهم "(٢) .

وفي رواية:

"يكون لهذه الأمة اثنا عشر قيماً لا يضرهم من خذلهم كلهم من قريش "(٣) .

وفي رواية مسروق قال:

"سأل رجل عبد الله بن مسعود قال له يا أبا عبد الرحمن هل سألتم رسول الله كم يملك هذه الأمة من خليفة ؟

فقال عبد الله:سألناه فقال اثنا عشر عدة نقباء بني إسرائيل "(٤) .

وفي رواية أخرى:

"يكون بعدي من الخلفاء عدة أصحاب موسى "(٥) .

____________________

(١) جامع الأصول لابن الأثير ج٤ ص٤٥-٤٦. رجوع

(٢) فتح الباري ١٦/٣٣٨. رجوع

(٣) كنز العمال ١٣/٢٧. رجوع

(٤) مسند احمد ١/٣٩٨،٤٠٦ قال احمد شاكر في هامش الحديث الأول (اسناده صحيح) ومستدرك الحاكم ٤/٥٠١ وفتح الباري ١٦/٣٣٩ مجمع الزوائد ٥/١٩٠، كنز العمال ١٣/٢٧. رجوع

(٥) البداية والنهاية لابن كثير ٦/٢٤٨ وكنز العمال ١٣/٢٧. رجوع

١٠٤

وفي رو اية أخرى:

"كلهم تجتمع عليه الأمة "(١) .

قال ابن كثير:

"وقد روي مثل هذا عن عبد الله بن عمر وحذيفة وابن عباس "(٢) .

أقول وقد روى مثله الهيثمي في مجمع الزوائد عن الطبراني في الأوسط والكبير، والبزار، عن أبي جحيفة(٣) .

ويتبين من ذلك ان حديث الاثني عشر عند السنة لا تنحصر روايته بالصحابي جابر بن سمرة بل يرويه صحابة اخرون ذكرت الكتب السنية الميسرة فعلا خمسة منهم.

لقد ظن علماء الحديث من أهل السنة ان المراد بهؤلاء الاثني عشر هم الحكام الذين جاءوا بعد الرسول واتفقوا على تسمية

____________________

(١) سنن أبي داود ج٢ /٤٢٣. رجوع

(٢) البداية والنهاية ٦/٢٤٨. وحذيفة هو حذيفة بن أسيد ممن بايع تحت الشجرةسكن الكوفة وتوفي بها،ورواية عبد الله بن عمر رواها أبو القاسم البغوي بسند حسن كما ذكر ذلك السيوطي في تاريخ الخلفاء ص٦١ طبعة السعادة بمصر. رجوع

(٣) مجمع الزوائد ج ٥ ص١٩٠ وأبو جحيفة هو وهب بن عبد الله السوائي كان من صغار الصحابة، نزل الكوفة، وكان علي (ع) قد جعله على بيت المال بالكوفة وشهد معه مشاهده كلها (الإستيعاب ج٤ ص١٦١٩). رجوع

١٠٥

الأربعة الأوائل منهم وحاروا في تكملة العدد، فمنهم من عد معاوية بن أبي سفيان ويزيد بن معاوية وعبد الملك بن مروان والوليد بن عبد الملك وسليمان بن عبد الملك ثم يزيد بن عبد الملك ثم هشام بن عبد الملك وبين سليمان ويزيد عمر بن عبد العزيز والثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك. وقد رجح هذا القول ابن حجر(١) ومنهم من قال "ان هؤلاء الاثني عشر مفرقين في الأمة إلى آخر الدنيا "(٢) .

وهذا التفسير بعيد عن الصحة تماماً وذلك لان تشبيه النبي (ص) لهؤلاء الاثني عشر بأصحاب موسى ونقباء بني إسرائيل يفيد انهم من سنخهم وقد أخبرنا الله تعالى عن نقباء بني إسرائيل بقوله:

"( وَلَقَد أَخَذَ اللهُ ميثَاقَ بَني إسرَائيلَ وَبَعَثنَا منهُمُ اثنَى عَشَرَ نَقيبًا ) "المائدة/١٢-١٣.

وقال تعالى:

"( وَمن قَوم مُوسَى أُمَّةٌ يَهدُونَ بالحَقّ وَبه يَعدلُونَ، وَقَطَّعنَاهُمُ اثنَتَى عَشرَةَ أَسبَاطًا أُمَمًا ) "الأعراف/١٥٩-١٦٠.

____________________

(١) فتح الباري ١٦/٣٤١. رجوع

(٢) انظر كتاب معالم المدرستين للعلامة العسكري ج١/٥٤١-٥٤٧حيث اورد كلمات علماء السنة التي تكشف عن اضطرابهم وحيرتهم في تفسير الحديث.رجوع

١٠٦

وقد كان أول هؤلاء الاثني عشر بعد موسى هو يوشع بن نون وذلك لوفاة هارون في زمان موسى ثم كان بعد يوشع الأئمة من آل هارون ثم النبي اشموئيل (اسماعيل) ثم طالوت ولم يكن نبيا بل كان عالما معصوما اصطفاه الله ونص عليه بواسطة نبيه شأنه شأن الأئمة من آل هارون(١) ثم كان من بعده داود وعلى يده جرى الوعد الإلهي لبني اسرائيل الذي بينه لهم في التوراة بفتح فلسطين وما حولها وإقامة حكم الله.

وهم المشار إليهم في قوله تعالى:

"( وَلَقَد آتَينَا مُوسَى الكتَابَ فَلاَ تَكُن في مريَةٍ مّن لّقَائه وَجَعَلنَاهُ هُدًى لّبَني إسرَائيلَ، وَجَعَلنَا منهُم أَئمَّةً يَهدُونَ بأَمرنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بآيَاتنَا يُوقنُونَ ) "السجدة/٢٣-٢٤.

وكذلك الأمر في الأئمة الاثني عشر بعد الرسول (ص) هم أئمة هدى لا يصلح الحكم إلا لهم في زمانهم ولا تتأثر منزلتهم من الله ورسوله سواء أقبل الناس عليهم أم أعرضوا عنهم.

ويؤيد ذلك قول النبي (ص) عنهم انهم لا تضرهم عداوة من

____________________

(١) انظر الايات ٢٤٦ - ٢٤٨ من سورة البقرة. رجوع

١٠٧

عاداهم لا يضرهم من خذلهم لان ولايتهم لا تستند إلى الناس بل إلى الله تعالى ، هذا بخلاف ولاية الحاكم التي تتضرر بخذلان من يخذل لأن قوته وسلطته تستند إلى الناس.

ويؤيد ذلك أيضاً ما ورد عن علي (ع) قوله:

"أين الذين زعموا انهم الراسخون في العلم دوننا كذبا وبغيا علينا ان رفعنا الله ووضعهم وأعطانا وحرمهم وأدخلنا وأخرجهم بنا يستعطى الهدى ويستجلى العمى ان الأئمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم لا تصلح على سواهم ولا تصلح الولاة من غيرهم "(١) .

فهو (ع) هنا يتحدث عن أئمة هدى بعد الرسول (ص) لهم منزلة الرسول في الهداية وفي اختصاص الحكم في زمانهم بهم وكونهم منحصرين في بني هاشم، ومما لاشك فيه انه ليس كل بني هاشم لهم هذه الخصوصية بل هم علي (ع) والأحد عشر من ولده من فاطمة (ع). ومن الواضح ان كلامه(ع) يشير إلى حديث النبي (ص) الأئمة من بعدي اثنا عشر، فهم إذن نظراء أئمة الهدى من بني إسرائيل الذين جعلهم الله تعالى بعد موسى وجعلهم اثني

____________________

(١) نهج البلاغة خ ١٤٤. رجوع

١٠٨

عشرة أسباطا أي أحفاداً( ذُرّيَّةً بَعضُهَا من بَعضٍ ) آل عمران /٣٢.

وفي ضوء ذلك يحمل قوله (ص) (كلهم تجتمع عليه الأمة) أي كلهم ينبغي أن تجتمع عليهم أمتي الى آخر الدنيا يأخذون بقولهم وفعلهم وتقريرهم.

الثانية:

قوله (انها عند الشيعة اضعف) وقوله (أنها مختلقة في عصر الغيبة).

أقول ليس الأمر كما قال.

إذ الروايات التي أوردها الكليني والصدوق توجد فيها روايات صحيحة السند واشهرها الروايات التي تنتهي إلى سليم بن قيس وقد مضى الحديث عنها في الفصل السابعة وقد قلنا هناك بان الطرق إلى كتاب سليم لم تنحصر بالعبرتائي وابي سمينة، ولا يضر رواية سليم اختلاف علماءالشيعة في وثاقة أبان بن أبي عياش الراوي عن سليم لان المطلوب في أحاديث الاثني عشر وذكر أسماء الأئمة (ع) هو إثبات وجودها عند الشيعة قبل الغيبة الصغرى وليس من شك ان طائفة من أسانيد الكليني والصدوق إلى أبان بن أبي عياش

١٠٩

(ت١٢٨ه) صحيحة ويرويها عن أبان كل من محمد بن أبي عمير (ت٢١٧ه) وحماد بن عيسى (ت٢٠٩ه) أما ابن ابي عمير فيرويها عن عمر بن أذينة (ت١٦٨ه) وأما حمّاد فيرويها عن عمر بن أذينة وإبراهيم بن عمر اليماني المعاصر له، ومعنى ذلك ان أحاديث الاثني عشر التي تنتهي إلى سليم بن قيس كانت معروفة عند ثقاة الشيعة في القرن الثاني الهجري.

ويضاف إلى ذلك الحديث التاسع المعروف بحديث اللوح(١) الذي رواه الكليني في باب ما جاء في الاثني عشر إماماً عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن ابن محبوب عن أبي الجارود عن أبي جعفر (ع) فان سند الكليني إلى الحسن بن محبوب السراد المتوفى سنة (٢٢٤ه) صحيح.

____________________

(١) ونصه قال جابر دخلت على فاطمة (ع) وبين يديها لوح فيه اسماء الاوصياء من ولدها فعددت اثني عشر اخرهم القائم ثلاثة منهم محمد وثلاثة منهم علي (ومراده بقوله ثلاثة منهم على أي ثلاثة من الاولاد) إذن مجموع من اسمه علي من الأئمة الاثني عشر هم اربعة علي (ع) وثلاثة من ولده.وقد رواه الشيخ الصدوق في الخصال عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن محبوب السراد عن أبي الجارود عن أبي جعفر (ع). رجوع

١١٠

ويضاف إليه أيضا الحديث الأول والثاني عند الكليني في الباب نفسه إذ لا غبار على سندهما في مقياس علم الرجال عند الشيعة.

يضاف إلى ذلك أيضا الرواية رقم (٢٠) من الباب نفسه في الكافي رواها عن محمد بن يحيى واحمد بن محمد عن محمد بن الحسين عن أبي طالب عن عثمان بن عيسى عن سماعة بن مهران قال:

"كنت أنا وأبو بصير ومحمد بن عمران مولى أبي جعفر (ع) في منزله بمكة فقال محمد بن عمران سمعت أبا عبد الله (ع) يقول:

(نحن اثنا عشر محدَّثاً).

فقال له أبو بصير سمعت من أبي عبد الله (ع)؟ فحلفته مرة أو مرتين انه سمعه فقال أبو بصير لكني سمعته من أبي جعفر (ع) "

ورجال السند ثقاة ، ولا يضره واقفية عثمان بن عيسى لأنه رجع وتاب عنها، وقد رواها الشيخ الصدوق في اكمال الدين ص٣٣٥ عن محمد بن علي بن ماجيلوية ومحمد بن موسى بن المتوكل قال حدثنا محمد بن يحيى العطار عن محمد بن الحسن الصفار عن أبي طالب عبد الله ابن الصلت القمي عن عثمان بن عيسى عن سماعة بن مهران ورواها أيضا عن محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أبي طالب، وفيها لفظ (مهديا) بدلاً من (محدثاً).

١١١

وأيضاً الرواية رقم (١٥) من الباب نفسه في الكافي رواها عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن سعيد بن غزوان عن أبي بصير عن أبي جعفر (ع) قال:

"يكون تسعة أئمة من ذرية الحسين بن علي تاسعهم قائمهم والسند صحيح "(١) .

الخلاصة:

ان ما رواه الكليني والصدوق والطوسي والنعماني باسانيدهم الصحيحة إلى سماعة بن مهران وابن أبي عمير وحماد بن عيسى وعمر بن أذينة وإبراهيم بن عمر اليماني والحسن بن محبوب السراد و عبد الله بن الصلت القمي وأبي هاشم داود بن القاسم الجعفري تفيد ان احاديث الاثني عشر إماما كانت معروفة لدى الثقاة من الشيعة قبل ولادة المهدي (ع) بل منذ القرن الثاني الهجري وهي كذلك عند السنة اذ رواها أحمد بن حنبل في مسنده وقد توفي

____________________

(١) ولا يضره وجود ابراهيم بن هاشم فيه فان العلامة الحلي قد قال فيه لم أعثر لأحد من أصحابنا على قول في القدح فيه ولا على تعديله بالتنصيص والرواياتعنه كثيرة والارجح قبول قوله وهو المشهور بين العلماء انظر بهجة الامال في شرح زبدة المقال ج ٢/٥٨٥-٦٠٧. رجوع

١١٢

سنة ٢٤٠ه أي قبل ولادة المهدي (ع) بخمسة عشر عاما.

ولسنا بحاجة لإبطال مقولة صاحب النشرة ومقولة الزيدية من قبل في كون أحاديث الاثني عشر عند الامامية مختلقة في القرن الرابع الهجري إلى اكثر من اثبات وجودها في كتبهم أو عند وجوه رواتهم في القرن الثاني للهجرة او قبل ولادة المهدي (ع).

١١٣

١١٤

الفصل التاسع:

الإستدلال على إمامة أهل البيت (ع) بنصوص التوراة

قوله:

يلاحظ اعتماد بعض الكتاب المتأخرين على التوراة والإنجيل لتعزيز نظرية الإمامة ونظرية الاثني عشرية. وربما كان عبد الله بن سبأ على فرض وجوده قد أساء إلى الشيعة والتشيع بمقارنته المشهورة بين وصية النبي موسى (ع) ليوشع بن نون ووصية النبي محمد (ص) لعلي بن أبي طالب حيث قدم بهذه المقارنة مادة لاتهام الشيعة باستيراد نظرياتهم من الإسرائيليات.

نقول:

ان الاستدلال بالتوراة على مسألة إمامة أهل البيت (ع) لم تكن من ابتداع المتأخرين بل هو استدلال قديم دأب علماء الشيعة على ذكره ضمن الأدلة الأخرى على الإمامة. وقد اخذ الشيعة الأوائل هذا المنهج عن أئمتهم (ع) ومنهج أهل البيت (ع) هو منهج القرآن نفسه حيث كان يستدل على نبوة محمد (ص) بأدلة متنوعة منها وجود خبر بعثته في التوراة. ثم ان المؤسس للمقارنة هو رسول الله (ص) بقوله (يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبي بعدي) وقوله (الخلفاء بعدي اثنا عشر عدتهم كنقباء بني إسرائيل).

١١٥

١١٦

نص الشبهة

كتب صاحب النشرة مقالا يستنكر فيه الإستدلال بالتوراة على إمامة أهل البيت(ع) وعنون المقال بمانشيت عريض يقول فيه (المنهج السبئي في البناء الفكري) ومما جاء في مقاله هذا قوله:

"يلاحظ اعتماد بعض الكتاب المتأخرين على التوراة والإنجيل لتعزيز نظرية الإمامة ونظرية الاثني عشرية. وقد نقل السيد مرتضى العسكري في كتاب (معالم المدرستين) الجزء الأول ص ٥٣٩ فقرة من سفر التكوين، الإصحاح ١٧، الرقم ٢٠١٨ تقول (وإسماعيل أباركه وأثمره وأكثره جدا جدا، اثنا عشر إماما يلد واجعله أمة كبيرة) وعلق عليها قائلا (يتضح من هذه الفقرة ان التكثير والمباركة إنما هما في صلب إسماعيل(ع) مما يجعل القصد واضحا في الرسول محمد(ص) وأهل بيته(ع) باعتبارهم امتدادا لنسل إسماعيل). كما استشهد بتلك الفقرة كاتب هو تامر مير مصطفى في كتاب له صدر تحت عنوان(بشائر الأسفار بمحمد وآله الأطهار) عن دار التوحيد بقم سنة ١٤١٤. وفسر الكاتب (الاثني عشر رئيسا) الذين وعد الله في التوراة إسماعيل بولادتهم منه بأن المقصود منها ليس هم أبناؤه الاثني عشر المذكورة أسماؤهم في التوراة (سفر التكوين ٢٥،١٣،١٦) وإنما المقصود هم الأئمة الاثنا عشر من ذرية الرسول، وذلك بعد حساب كلمة (كثيرا جدا) بحساب الجمل واثبات ان مجموعها يعادل رقم ٩٢ وهو مجموع كلمة (محمد)، وقال كما أثبتنا ان مباركة الله الأولى لإسماعيل قد تحققت بمحمد رسول الله(ص) فان المباركة الثانية قد تحققت بظهور اثني عشر إماما مباركا جعلهم الله خلفاء لرسوله وامتدادا طبيعيا لدعوته المباركة (المصدر ص ٦٢). ولا نريد هنا ان نناقش الكاتبين في مدى دلالة الفقرة الإسرائيلية على المطلوب، أو صراحتها، وهل تشمل (الاثنا عشر) لا تحتاج إلى كل هذا التكلف والمقارنة والاستعانة بالمصادر الإسرائيلية، ويكفي ان يتم بحثها وإثباتها عن طريق القرآن الكريم والأحاديث النبوية وأحاديث أهل البيت(ع) إذا ثبتت فبها ونعمت، وإذا لم تثبت بعض معانيها وتفاصليها فلا بد ان نقتصر على الأحاديث الصحيحة. وربما كان عبد الله بن سبأ على فرض وجوده قد أساء إلى الشيعة والتشيع بمقارنته المشهورة بين وصية

١١٧

النبي موسى(ع) ليوشع بن نون ووصية النبي محمد(ص) لعلي بن أبي طالب حيث قدم بهذه المقارنة مادة لاتهام الشيعة باستيراد نظرياتهم من الإسرائيليات "(١) .

____________________

(١) الشورى العدد الثالث ص٦. رجوع

١١٨

نص الشبهة

ويؤاخذ على كلامه الانف الذكر

أولا:

ان الاستدلال بالتوراة على مسألة إمامة أهل البيت(ع) لم تكن من ابتداع المتأخرين بل هو استدلال قديم دأب علماء الشيعة على ذكره ضمن الأدلة الأخرى على الإمامة وقد مر في الشبهة الاولى ان اقدم كتاب كلامي ميسر عند الشيعة هو ياقوت الكلام لإبراهيم بن نوبخت قد ذكر ذلك كما ذكره أيضا النعماني (ت٣٦١ه) في كتابه الغيبة وفيما يلي نص كلامه ، قال النعمانيرحمه‌الله :

"ويزيد بإذن الله تعالى هذا الباب دلالة وبرهانا وتوكيدا تجب به الحجة على كل مخالف. ما ثبت في التوراة مما يدل على الأئمة الاثني عشر (ع) ما ذكره في السفر الأول فيها من قصة إسماعيل قوله عز وجل (وقد أجبت دعاءك في

١١٩

إسماعيل وقد سمعتك ما باركته وسأكثره جدا جدا وسيلد اثني عشر عظيما اجعلهم أئمة كشعب عظيم) أقرأني عبد الحليم بن الحسين السمريرحمه‌الله ما أملاه عليه رجل من اليهود، ثم أورد النص العبري وهو (وليشمعيل شمعتيخا هني برختي اوتو وهفرتي اوتو وهربيتي اوتو بمئد مئد شنيم عاسار نسيئم يولد ونتتيوا لغوي غادول) "

ثم فسره بما ذكره في أول كلامه.

ثم قالرحمه‌الله بعد ذلك:

"فما بعد شهادة كتاب الله عز وجل ، ورواية الشيعة عن نبيّها وأئمتها، ورواية العامة من طرقها عن رجالها، وشهادة الكتب المتقدمة وأهلها ، بصحة أمر الأئمة الاثني عشر لمسترشد مرتاد طالب أو معاند جاحد من حجة تجب وبرهان يظهر وحق يلزم ان في هذا كفاية ومقنعا ومعتبرا ودليلا وبرهانا لمن هداه الله إلى نوره. "(١) .

وقد اخذ الشيعة الأوائل هذا المنهج عن أئمتهم(ع) حين كانوا يحاجون أهل الكتاب ويدلونهم على مواضع ذكرهم مع الرسول(ص) في التوراة والإنجيل.

____________________

(١) الغيبة للنعماني /١٠٩-١١٠. رجوع

١٢٠