• البداية
  • السابق
  • 172 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 8386 / تحميل: 2100
الحجم الحجم الحجم
شبهات وردود - الحلقة الثانية

شبهات وردود - الحلقة الثانية الجزء 2

مؤلف:
العربية

عليكم فبه ائتموا(١) .. ثم ذكر أمره بفصل الحج عن العمرة ”.

وفي حلية الأولياء(٢) :

“ ان عمر بن الخطاب نهى عن المتعة في اشهر الحج وقال :فعلتها مع رسول الله وأنا أنهى عنها وذلك:

ان أحدكم يأتي من أفق من الاَّفاق شعثا نصبا معتمرا اشهر الحج وإنما شعثه ونصبه وتلبيته في عمرته ثم يقدم فيطوف بالبيت ويحل ويلبس ويتطيب ويقع على أهله ان كانوا معه حتى إذا كان يوم الترويةأهَلَّ بالحج وخرج إلى منى يلبي بحجة لا شعث فيها ولا نصب ولا تلبية إلا يوما ، والحج افضل من العمرة ، لو خلينا بينهم وبين هذا لعانقوهن تحت الأراك ، وان أهل هذا البيت (أي أهل مكة) ليس لهم ضرع ولا زرع ، وإنما ربيعهم في من يطرأ عليهم ”.

____________________

(١) يؤكد قول الاشعري هذا ان السلطة القرشية بعد النبي (ص) كانت قد عرضت نفسها على انها السلطة التشريعية ، بمعنى ان الدين هو ما تقرره ، مضافا الى السلطة الاجرائية.

(٢) ٥ : ٢٠٥.

١٢١

وفي رواية مسلم :

“ فقال عمر :قد علمت ان النبي فعله وأصحابه ولكن كرهت ان يضلوا معرسين بهن في الأراك ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم(١) .

وقد نقل النووي في شرح صحيح مسلم(٢) عن القاضي عياض“ ان عمر كان يضرب على متعة الحج ”.

حج التمتع على عهد عثمان:

تابَعَ الخليفة عثمان سَلَفه عمر في ما استن من الفصل بين الحج والعمرة والضرب عليها قال ابن حزم(٣) : “ ان عثمان سمع رجلا يُهِلُّ بعمرة وحج ، فقال : عليَّ بالمُهِل ، فضربه وحلقه ”، الضرب للتأديب والحلق للتشهير ، وفي الشطر الثاني من خلافة عثمان حيث

____________________

(١) صحيح مسلم : ٨٩٦ ح١٥٧. مسند الطيالسي ٢ : ٧٠ ح٥١٦. مسند احم١د : ٤٩ - ٥٠ ، سنن النسائي ٢ : ١٦. من هذه الرواية نفهم ان عمر كان من الذين انكروا على رسول الله (ص) امر متعة الحج وانه قال ضمن من قال (انغدوا حجاجا ورؤوسنا تقطر).

(٢) ١ : ١٧٠.

(٣) المحلى ٧ : ١٠٧.

١٢٢

نَقِمَ المسلمون عليه كثيرا من أحداثه ، سجلت كتب الحديث اكثر من رواية تشرح معارضة علي (ع) بقوة تحريم متعة الحج.

موقف علي (ع) من حج التمتع:

روى مالك في الموطأ :

“ ان المقداد بن الأسود دخل على علي (ع) بالسُقْيا وهو يُنجِع بَكرات له دقيقا وخبطا ، فقال هذا عثمان بن عفان ينهى ان يقرن بين الحج والعمرة ، فخرج علي (ع) وعلى يديه اثر الدقيق والخبط فما أنسى اثر الدقيق والخبط ، على ذراعيه ، حتى دخل على عثمان فقال : أنت تنهى عن ان يُقْرَنَ بين الحج والعمرة ، فقال : عثمان ذلك رأيي ، فخرج عليٌّ (ع) مغضبا وهو يقول : لبيك اللهم لبيك بحجة وعمرة معا ”(١) .

____________________

(١) موطأ مالك الحديث ٤٠ من باب القِران في الحج : ٣٣٦ ، وابن كثير ٥ : ١٢٩ ، و(السقيا) قرية جامعة بطريق مكة ، و(ينجع) يسقي ، و(بكرات) جمع بكرة ولد الناقة أو الفتى منها ، و(الخَبْط) ضرب من ورق الشجر حتى ينحات عنه ثم يستخلف من غير ان يضر ذلك باصل الشجر واغصانها قال الليث (الخَبَط) خَبَط ورق العِظاء من الطلح ونحوه يخبط يضرب بالعصا فيتناثر ثم يعلف الابل.

١٢٣

وفي سنن النسائي ومستدرك الصحيحين ومسند احمد واللفظ للاول عن سعيد بن المسيب قال:

“ حج علي وعثمان فلما كنا ببعض الطريق نهى عثمان عن التمتع فقال علي إذا رأيته ارتحل فارتحلوا فلبى علي وأصحابه بالعمرة … ”(١) .

قال الإمام السندي بهامشه :

“ قال (إذا رأيتموه قد ارتحل فارتحلوا) أي ارتحلوا معه ملبين بالعمرة ليعلم أنكم قدمتم السنة على قوله ، وانه لا طاعة له في مقابل السنة ”(٢) .

وفي صحيح البخاري وسنن النسائي وسنن الدارمي وسنن البيهقي ومسند احمد ومسند الطيالسي وغيرها عن علي بن

____________________

(١) سنن النسائي ٢ : ١٥ كتاب الحج باب حج التمتع. ومسند احمد ١ : ٥٧ الحديث ٤٠٢ بمسند عثمان. ومستدرك الصحيحين ١ : ٤٧٢. وتاريخ ابن كثير ٥ : ١٢٦ و ١٢٧.

(٢) يتضح من الرواية وتعليق السندي ان عليا (ع) واصحابه كانوا في الحج على السنة وكان عمر وعثمان ومن اقتدى بهما على خلاف السنة.

١٢٤

الحسين (ع) عن مروان بن الحكم قال :

“ شهدت عثمان وعليا (ع) وعثمان ينهى عن المتعة وان يجمع بينهما فلما رأى علي أهل بهما لبيك بعمرة وحجة معا قال ما كنت لأدع سنة النبي (ص) لقول أحد ”(١) .

وفي لفظ النسائي :

“ فقال عثمان أتفعلها وأنا أنهى عنها فقال علي لم اكن لأدع سنة رسول الله لأحد من الناس”.

هذا هو موقف علي (ع) من أمر متعة الحج في عهد عثمان ، وهو موقفه ايضا في عهد عمر ولكنه (ع) لم يتابع إنكاره على عمر ، بقوة لشدة عمر المعروفة ولما تولى علي (ع) الأمر بعد قتل عثمان كان من الطبيعي ان يحث على إقامة سنة النبي (ص) في حج التمتع وغيرها وكذلك كان الأمر في عهد الحسن (ع).

حج التمتع على عهد معاوية :

لما تولى معاوية أمر الحكم عمل على إحياء سنن الخلفاء الثلاثة وكان منها تحريم متعة الحج ففي سنن النسائي عن ابن عباس قال : هذا معاوية ينهى الناس عن المتعة. وقد تمتع النبي (ص).

____________________

(١) صحيح البخاري ١ : ١٩٠.

١٢٥

وفي موطأ مالك وسنن النسائي وسنن الترمذي عن محمد بن عبد الله بن الحارث : “ انه سمع سعد بن أبي وقاص والضحاك بن قيس عام حج معاوية ، وهما يذكران التمتع بالعمرة إلى الحج ، فقال الضحاك : يا بن قيس لا يفعل ذلك إلا من جهل أمر الله عز وجل ، فقال سعد : بئس ما قلت يا بن أخي ، فقال الضحاك : فإن عمر بن الخطاب قد نهى عن ذلك ، فقال سعد : قد فعلها رسول الله وفعلناها معه ”.

أقول : قوله (قد فعلها رسول الله) ، تعبير غير صحيح من الراوي لان رسول الله (ص) كان قد ساق الهدي ولم يحل ، وإنما أمر بالحل.

لقد جدَّ معاوية خاصة بعد وفاة الحسن (ع) في المنع من متعة الحج فلم يكن يجرؤ من يعرف الحقيقة وثبت عليها من المجاهرة بها كما يظهر من الرواية الاَّتية :

روى مسلم عن مطرف قال :

“ بعث إليَّ عمران بن الحصين في مرضه الذي توفي منه فقال : أني محدثك بأحاديث لعل الله ان ينفعك بها بعدي فان عشت فاكتم عني وان مت فحدث بها ان شئت.. واعلم ان نبي الله (ص) قد جمع بين حج وعمرة ، ثم لم ينزل فيها كتاب يحرم ، ولم ينه عنها رسول

١٢٦

الله ، قال فيها رجل برأيه ما شاء ”(١) .

اقول : اراد بالرجل الذي قال فيها برأيه ما شاء هو عمر.

حج التمتع على عهد ابن الزبير:

ولما ولي ابن الزبير مكة اكثر من عشر سنوات واصل هو وبنو أبيه في منع المسلمين من عمرة التمتع فوقعت بينهم وبين أتباع علي (ع) مناظرات ومساجلات ، ففي صحيح مسلم(٢) : “ كان ابن عباس يأمر بالمتعة وكان ابن الزبير ينهى عنها ”.

وفي زاد المعاد : “ قال عبد الله بن الزبير افرِدوا الحج أي لا تجمعوا بين الحج والعمرة ودعوا قول أعماكم هذا (يريد ابن عباس) ، فقال عبد الله بن عباس : ان الذي أعمى قلبه لأنت ، ألا تسأل أمك عن هذا ، فأرسل إليها فقالت : صدق ابن عباس جئنا مع

____________________

(١) صحيح مسلم ج١٦٨ : ١٦١ ، ١٦٩. وعمران بن حصين توفي بالبصرة سنة اثنتين وخمسين. يتضح من هذه الرواية ان السلطة القرشية بعد النبي (ص) كانت قد عرَّضت سنة محمد (ص) للتحريف حين ادخلت فيها برأيها ما شاءت كما عرَّضت سنة ابراهيم في الحج بعد وفاة عبد المطلب حين ادخلت فيها برأيها ما شاءت من بدعة الحمس وتحريم العمرة في اشهر الحج.

(٢) الحديث ١٩٤.

١٢٧

رسول الله (ص) حجاجا فجعلناها عمرة ، فحللنا الإحلال كله ، حتى سطعت المَجامِر بين الرجال والنساء ”(١) .

وفي مسند احمد :

“قال عروة بن الزبير لابن عباس : متى تضل الناس يا بن عباس ؟

قال وما ذاك يا عُرَيَّة(٢) ؟

قال تأمرنا بالعمرة في اشهر الحج وقد نهى عنها أبو بكر وعمر !

فقال ابن عباس : قد فعلها رسول الله (ص)(٣) . وفي رواية أخرى “ فقال ابن عباس : أراهم سيهلكون أقول قال النبي (ص) ويقولون نهى أبو بكر وعمر(٤) .

وفي صحيح مسلم عن أبي نضرة قال : “ كنت عند جابر فأتاه آت فقال : ان ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين فقال جابر فعلناها مع رسول الله ثم نهى عنها عمر فلم نَعُد لهما(٥) .

____________________

(١) زاد المعاد ١ : ٢٤٨. انظر أيضا زوائد المسانيد الثمانية ١ : ٣٣٠ الحديث ١١٠٨ والمصنف لابن أبي شيبة ٤ : ١٠٣.

(٢) تصغير عروة.

(٣) مسند احمد ١ : ٢٥٢.

(٤) مسند احمد : ٣٣٧.

(٥) صحيح مسلم الحديث ١٢٤٩ ص ٩١٤.

١٢٨

ولم يفلح ابن الزبير في إرجاع الناس في أمر متعة الحج إلى ما سنه فيها عمر ، وتعلقت قلوبهم بسنة النبي (ص) كما أحياها علي (ع) ، ففي صحيح مسلم :

“ قال رجل من بني الهجيم لابن عباس ما هذه الفتيا التي تشغفت أو تشغبت بالناس ان من طاف بالبيت فقد حل فقال سنة نبيكم وان رغمتم ، وفي رواية بعدها : ان هذا الأمر قد تفشغ بالناس من طاف بالبيت فقد حل ”(١) . وقوله تشغفت أي علقت بقلوب الناس وتشغبت أي خلطت عليهم أمرهم وتفشغ أي انتشر وفشا بين الناس.

حج التمتع على عهد بني مروان:

وحاول عبد الملك ومن جاء من بعده من حكام بني أمية أحياء موقف عمر ، وكان الناس في زمانهم يتخوفون من الإفتاء بمتعة الحج ، كما يظهر ذلك من رواية ابن حزم عن منصور بن المعتمرقال : “ حج الحسن البصري وحججت معه في ذلك العام ، فلما قدمنا مكة جاء رجل إلى الحسن ، فقال : يا أبا سعيد إني رجل بعيد الشقة من أهل خراسان وإني قدمت مُهِلاًّ بالحج ، فقال له الحسن :

____________________

(١) صحيح مسلم ٢٠٦ : ٢٠٧.

١٢٩

اجعلها عمرة واحل ، فانكر ذلك الناس على الحسن ، وشاع قوله بمكة ، فأتى عطاء بن أبي رباح فذكر ذلك له ، فقال صدق الشيخ لكنا نفرق ان نتكلم بذلك ”(١) .

حج التمتع على عهد بني العباس:

زال التخوف والحرج عن المسلمين عن العمل بمتعة الحج في عصر بني العباس ، وانتشر القول بعمرة التمتع على عهدهم ، ولعل لموقف جدهم عبد الله بن العباس دخلا في ذلك ، وعلى عهدهم تبنى احمد بن حنبل القول بعمرة التمتع ثم استمر في أتباعه إلى اليوم(٢) .

العبرة من قصة حج التمتع:

أقول : إذا كان سبعون ألفا إلى مائة ألف أو اكثر كانوا مع رسول الله (ص) في حجة الوداع ، وهي آخر سنة من حركة النبوة ، قد سمعوا

____________________

(١) المحلى ٧ : ١٠٣. توفي الحسن البصري سنة ١١٠ هجـ وقد قارب التسعين وعطاء توفيسنة١١٤هجـ.

(٢) استفدنا اكثر ما ورد من بحث العلامة العسكري في كتابه معالم المدرستينط٤ ج٢ :١٩٧-٢٥١. ويعد بحثه في حج التمتع بحق افضل ماكتب فيبابه.

١٣٠

من النبي (ص) أمر حج التمتع ثم عملوا به بعد مشاكسة وممانعة ، ومع ذلك استطاع الخليفة عمر ان ينهاهم عنها ، ويعاقبهم إذا خالفوا أمره فيها ، ولم يجرؤ على الوقوف أمام هذه المخالفة إلا علي (ع) ونفر من أصحابه معه كمقداد وعمار وغيرهما ، فهل يُستغرَب منهم ان يخالفوا نص النبي (ص) في علي (ع) في حادثة الغدير ودواعي المخالفة هنا أقوى لمكان الرئاسة والتقدم على الغير ؟

ثم لو قارن الباحث بين كيفية تبليغ النبي (ص) حكم متعة الحج وتدرجه فيه وكيفية تبليغ النص في ولاية علي (ع) وتدرجه فيه ، ثم ردود الفعل إزاء الحُكمين في زمان النبي وبعده ، وكيفية تخطيط علي (ع) لإحياء نص النبي (ص) فيه وفي أهل بيته يوم الغدير وإحياء سنته (ص) في متعة الحج ، لدهش من شدة التشابه ، وقد جعل الله تعالى في ذلك عبرة لمن أراد الاعتبار.

ويتضح تدرج النبي (ص) في تبليغه امر متعة الحج حين سئل في الطريق عن ذلك وقوله (ص) (دخلت العمرة في الحج الى الابد) ، وقوله (ص) (من شاء منكم ان يجعلها عمرة او يجعلها حجة). ثم لما اتموا طوافهم امرهم امرا قاطعا بان من لم يسق الهدي ان يجعلها عمرة وكان رد فعلهم زمن النبي (ص) هو كثرة لغطهم ومناقشتهم

١٣١

للنبي (ص) حتى اغضبوه ، اما رد فعلهم بعد وفاة النبي (ص) فهو العمل على خلافها زمن ابي بكر ثم نهي عمر كل المسلمين عن العمل بها.

وتميز موقف علي (ع) بالاستنكار على عمر استنكارا لينا لما يعلم من شدته ، ثم استنكارا شديدا على عثمان في اخريات حكومته حيث تضعضعت سلطته ، وكثر كلام الناس عليه ، ثم العمل على احياء متعة الحج زمان حكمه.

اما تدرج النبي (ص) في تبليغه الولاية لاهل البيت (ع) وتسمية علي (ع) فهو واضح لمن يتأمل كلمات النبي (ص) فيهم منذ واقعة الدار والى ما قبل حجة الوداع ، اذ يجدها خاصة غير عامة فحديث الدار كان مع بني هاشم ، وحديث الكساء كان امام ام سلمة وامام هذه المجموعة او تلك من اصحابه وهكذا الامر في كل ما اثر عنه (ص) من احاديث في فضل علي (ع) او احد من اهل بيته ، اما في خطبته يوم عرفة وحديثه في الغدير فقد كان ذكر اهل بيته وعلي (ع) امام كل اصحابه الذين بلغ عددهم مأة الف او يزيدون ، وقد كثر لغطهم لما قرن النبي (ص) اهل بيته بالقرآن وجعل التمسك بهما امانا من الضلالة وذكر الاثني عشر منهم(١) ، وبسبب اللغط والصخب لم يسم عليا في خطبته في عرفة.

____________________

(١) مسند احمد ج٥ : ٩٩ حديث سمرة بن جندب ؟

١٣٢

وعند رجوعه (ص) من الحج ووصوله الى غدير خم نزل قوله تعالى( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَالنَّاسِ إِنَّ اللهَ لايَهْدِيالقَوْمَ الكَافِرِينَ ) فقام النبي وخطب اصحابه وذكر اهل بيته (ع) وسمى عليا (ع) ، وجعل ولاية علي كولايته وهي كولاية الله تعالى واستجاب الناس لامر الله في علي وسلموا جميعا عليه بامرة المؤمنين ، حتى قال عمر بخ بخ لك يا علي اصبحت مولاي ومولى كل مؤمن و مؤمنة.

وكان رد الفعل بعد وفاة النبي (ص) هو العدول عن علي (ع) بل النهي عن ذكر احاديث النبي فيه وفي اهل بيته بل نهيهم عن رواية السنة النبوية مطلقا كرد فعلهم ازاء حج التمتع ونهيهم عنها ، كما مرت مصادر دلك فى الصفحة ١٥٩ - ١٦٣ من هذا الكتاب.

وتميز موقف علي (ع) بالاستنكار على اهل السقيفة والامتناع عن البيعة ثم سالمهم حفظا على حياته ، ولما صار الامر اليه بعد قتل عثمان احيا ما ذكره النبي (ص) فيه وفي اهل بيته ، وفي مسجد الكوفة وهو يجمع الالاف المؤلفة من المصلين روى علي (ع) حديث الغدير ، واستنشد من كان حاضرا من الصحابة لتأييده ، وبسبب ذلك صارت رواية حديث الغدير متميزة من ناحية كثرة رواتها من

١٣٣

الصحابة والتابعين وقد سجل الحافظ ابن عقدة في القرن الرابع الهجري رواية مأة وعشرة من الصحابة الامر الذي لم يسجل مثله لاي حديث آخر من احاديث النبي (ص) سواء في الفضائل او في الاحكام.

١٣٤

الفصل الثامن:

اسئلة الدكتور الشرقاوي حول نظرية النص

١٣٥

١٣٦

أسئلة الدكتور

الشرقاوي حول نظرية النص

نشرت نشرة الشورى في حقل رسائل القراء رسالة موقعة باسم الدكتور الشرقاوي فيما يلي نصها :

“ السيد رئيس تحرير (الشورى) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

تلبية لدعوتكم إلى مناقشة موضوع الشورى عند جيل الصحابة ، ومساهمة في ممارسة الشورى والدخول في نادي (الشورى) أود ان أقول في البداية انني لم اقرأ نقدا موضوعيا هادئا لنظرية الشورى كما قرأته في المقال الموجز للشهيد السيد محمد باقر الصدر (رحمه‌الله ) والمقتبس من كراسة له حول (الولاية).. ولست ادري فيما إذا كان ذلك هو رأيه الأخير أم ان له استدراكات أخرى على الموضوع

وعلى أي حال فقد شدتني فكرته القائلة بضرورة قيام الرسول بعملية توعية للامة والدعاة على نظام الشورى وحدوده وتفاصيله.

١٣٧

لو كان قد اتخذ منه موقفا إيجابيا ، ولأعد المجتمع الإسلامي إعدادا فكريا وروحيا لتقبل هذا النظام ، ولطرح فكرة الشورى على نطاق واسع وبعمق وبإعداد نفسي عام وملء لكل الثغرات وإبراز لكل التفاصيل التي تجعل الفكرة عملية ، خاصة وان الشورى كفكرة ومفهوم غائم لا يمكن وضعه موضع التنفيذ ما لم تشرح تفاصيله ومقاييس التفضيل عند اختلاف الشورى وهل تقوم على أساس العدد والكم أم على أساس الكيف والخبرة.. وما إلى ذلك من الأسئلة والنقاط المهمة التي أثارها الشهيد الصدر ، وقطع على ضوئها بعدم تبني الرسول الأعظم (ص) لنظام الشورى ، وعدم إسناد زعامة الأمة إلى القيادة التي تنبثق عن هذا النظام.

ومع ان الشهيد الصدر قد انتهى بعد إسقاط أو سقوط نظرية الشورى إلى طرح نظرية النص والتعيين وإعداد النبي للإمام علي من بعده لكي يتولى زعامة الأمة فكريا وسياسيا ، إلا انني وقبل ان ادخل في مناقشة الموضوع أتساءل فيما إذا كانت هنالك ضرورة لان يسند النبي (ص) زعامة الدعوة إلى أي قائد من بعده خاصة وانه خاتم النبيين وقد اكمل الله تعالى على يديه الدين وقال له : (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا).

١٣٨

وبكلمة أخرى.. لماذا نفترض ان النظام السياسي الذي أعقب مرحلة النبوة كان يجب ان يتمتع بهالة قدسية دينية أو ان يقوم بأدوار لإكمال الرسالة إلا يمكن ان يكون الرسول قد ترك وراءه نظاما سياسيا مدنياً وترك للمسلمين حرية اختيار النظام وتطويره حسب الزمان والمكان

وإذا كان لابد ان يترك الرسول وراءه نظاما سياسيا يشكل امتدادا لخط النبوة وتتمثل فيه المرجعية الفكرية والزعامة السياسية ، وانه - كما يقول الصدر - قد اختار الإمام علي بن أبي طالب واعده إعدادا رساليا وقياديا ، وعهد إليه زعامة الأمة من بعده فكريا وسياسيا ، فان الاشكالات التي أخذها الصدر كلها ترد على هذه النظرية أيضا وبشكل أقوى.

ويمكن ان نعيد تكرار كل تلك الملاحظات والتساؤلات هنا مرة أخرى.. فتقول مثلا :

ان نظرية النص والتعيين فكرة غامضة وغائمة لا يكفي طرحها هكذا لعدم إمكانية وضعها موضع التنفيذ ما لم تشرح تفاصليها وبدقه ، وهل تقتصر على شخص الإمام علي وحده ام تمتد إلى ما وراءه ؟ وهل يوصي كل إمام لرجل من عامة المسلمين من بعده أم

١٣٩

تنحصر في سلالة معينة ولماذا ؟ وهل ان النص والتعيين لمرحلة زمنية معينة فقط أم أنها نظرية ممتدة إلى يوم القيامة ؟ وإذا كانت الإمامة في سلالة الإمام علي فهل هي في ولد الحسن أو الحسين أو في أولادهما جميعا ؟ وكيف تنتقل الإمامة من واحد إلى آخر ؟ وكيف نعرف الإمام بعد الإمام وما هي علامات الإمامة ؟

وهل أوصى الرسول بأسماء الأئمة من بعده إلى يوم القيامة وأعلن ذلك ؟ وإذا كانت أسماء الأئمة قد حددت من قبل فماذا يعني البداء الذي حدث لعدد من الأئمة الذين أوصوا إلى بعض أبنائهم كالإمام الصادق الذي أوصى إلى إسماعيل والإمام الهادي الذي أوصى إلى ابنه محمد ، فتوفوا قبل استلام مقاليد الإمامة ؟

وإذا كان الرسول الأعظم (ص) قد بين كل هذه التفاصيل فلماذا لم تصل إلينا ؟ وإذا كانت قد وصلت إلى الشيعة الأوائل فلماذا افترقوا خلال قرن من الزمان إلى اكثر من خمسين فرقة حيث كانوا يحتارون بعد وفاة كل إمام ويتشرذمون إلى عدة خطوط حسب عدد أولاد كل إمام ؟

ولماذا كانت نظرية النص مجهولة عند أهل البيت (ع) ، ولم يذكرها الإمام علي (ع) في مناظراته مع أصحاب الشورى عند

١٤٠