• البداية
  • السابق
  • 172 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 8387 / تحميل: 2100
الحجم الحجم الحجم
شبهات وردود - الحلقة الثانية

شبهات وردود - الحلقة الثانية الجزء 2

مؤلف:
العربية

الإمامة في قبال المنصوص عليه أو حين يخفى النص على البعضفهناك علامات ترشد إلى الواقع كما في الروايات التالية :

روى الكافي عن أبي بصير قال : “ قلت لابي الحسن (ع) جعلت فداك بم يعرف الإمام ؟ قال فقال بخصال :

اما أولها فانه بشىء قد تقدم من أبيه فيه بإشارة لتكون عليهم حجة.

ويُسأل فيجيب ، وان سُكِتَ عنه ابتدأ.

ويخبر بما في غد ويكلم الناس بكل لسان.

ثم قال لي : يا أبا محمد أعطيك علامة قبل ان تقوم ، فلم البث ان دخل علينا رجل من أهل خراسان فكلمه الخراساني بالعربية فاجابه أبو الحسن (ع) بالفارسية فقال له الخراساني والله جعلت فداك ما منعني ان أكلمك بالخراسانية ، غير أني ظننت انك لا تحسنها فقال : سبحان الله إذا كنت لا احسن أجيبك فما فضلي عليك.

ثم قال : يا أبا محمد ان الإمام لا يخفى عليه كلام أحد من الناس ولا طير ولا بهيمة ولاشىء فيه الروح فمن لم يكن هذه الخصال فيه فليس هو بإمام(١) .

____________________

(١) ج١ : ٢٨٥ الحديث رقم ٧.

١٦١

شرح الرواية:

قوله (ع) (اما أولها فانه بشىء قد تقدم من أبيه فيه بإشارة منه إليه لتكون عليهم حجة ).

يريد بهذا الشىء المتقدم من الامام الاب هو النص بالإمامة ، أو يريد الوصية الظاهرة التي قد يشرك فيها معه آخرون وهذا الاخير هو الأرجح ، لان النص بالإمامة لا يحتاج معه إلى شىء من العلامات الأخرى ، ويدل على هذا الرجحان عدة روايات.

منها ما رواه الكليني في الكافي عن عبد الأعلى قال ، قال الباقر (ع) يعرف صاحب هذا الأمر بثلاث خصال لا تكون في غيره : هو أولى الناس بالذي قبله ، وهو وصيه ، وعنده سلاح رسول الله (ص).. ثم دعا بشهود أربعة كتب وصيته إلى ولده جعفر (ع) وسأله جعفر عن علة الوصية فقال له (ع) : اني كرهت ان تغلب وان يقال انه لم يوص فأردت ان تكون لك حجة فهو الذي إذا قدم الرجل البلد قال : من وصي فلان قيل فلان قلت (أي عبد الأعلى) فان أشرك في الوصية قال تسألونه فانه سيبين لكم(١) .

____________________

(١) ج ١ : ٣٧٦ الحديث رقم ٢.

١٦٢

ورواية الكليني أيضا عن هشام بن سالم قال :

“ كنا بالمدينة بعد وفاة أبي عبد الله (ع) أنا وصاحب الطاق والناس مجتمعون على عبد الله بن جعفر انه صاحب الأمر بعد أبيه ، فدخلنا عليه أنا وصاحب الطاق والناس عنده وذلك انهم رووا عن أبي عبد الله (ع) انه قال : ان الأمر في الكبير ما لم تكن به عاهة ، فدخلنا عليه نسأله عما كنا نسأل عنه إياه ، فسألناه عن الزكاة في كم تجب ؟

فقال : في مائتين خمسة.

فقلنا : ففي مائة ؟

فقال : درهمان ونصف.

فقلنا : والله ما تقول المرجئة هذا.

قال : فرفع يده إلى السماء فقال : والله ما ادري ما تقول المرجئة.

قال : فخرجنا من عنده ضلالا لا ندري إلى أين نتوجه أنا وأبو جعفر الأحول ، فقعدنا في بعض أزقة المدينة باكين حيارى لا ندري إلى أين تتوجه ولا من نقصد ونقول : إلى المرجئة ، إلى القدرية ، إلى

١٦٣

الزيدية ، إلى المعتزلة ، إلى الخوارج ، فنحن كذلك إذ رأيت رجلا شيخا اعرفه ، يومي إليَّ بيده فخفت ان يكون عينا من عيون أبي جعفر المنصور وذلك أنه كان له بالمدينة جواسيس ينظرون إلى من اتفقت شيعة جعفر (ع) عليه ، فيضربون عنقه ، فخفت ان يكون منهم.

فقلت للأحول : تنح فإني خائف على نفسي وعليك ، وانما يريدني لا يريدك ، فتنح عني لا تهلك وتعين على نفسك ، فتنحّ غير بعيد وتبعت الشيخ وذلك اني ظننت اني لا اقدر على التخلص منه ، فما زلت اتبعه وقد عزمت على الموت حتى ورد بي على باب أبي الحسن (ع) ثم خلاني ومضى.

فإذا خادم بالباب فقال لي : ادخل رحمك الله ، فدخلت فإذا أبو الحسن موسى (ع) فقال لي ابتداء منه :

لا إلى المرجئة ولا إلى القدرية ولا إلى الزيدية ولا إلى المعتزلة ولا إلى الخوارج إليَّ إليَّ.

فقلت جعلت فداك مضى أبوك ؟

قال : نعم.

١٦٤

قلت : مضى موتا ؟

قال نعم.

قلت : فمن لنا من بعده.

فقال : ان شاء الله ان يهديك هداك.

قلت جعلت فداك ان عبد الله يزعم انه من بعد أبيه ؟

قال : يريد عبد الله ان لا يعبد الله.

قال : قلت : جعلت فداك فأنت هو ؟

قال : لا ما أقول ذلك(١) .

قال : فقلت في نفسي لم اصب طريق المسالة.

ثم قلت له : جعلت فداك عليك إمام ؟

قال : لا.

فداخلني شىء لا يعلم إلا الله عز وجل إعظاما له وهيبة اكثر مما

____________________

(١) قوله (ع) (لا ما اقول ذلك) قال المازندراني في شرحه ج٦ : ٢٧٨ : أي قال (ع) لست انا هو من عندي ، ما اقول ذلك من قبلي بل انا هو من عند الله وعند رسوله ولما كان هذا الجواب غير صريح في المطلوب بل هو ظاهر في غيره لجأ السائل الى طريق آخر).

١٦٥

كان يحل بي من أبيه إذا دخلت عليه ، ثم قلت له : جعلت فداك أسألك عما كنت اسأل أباك ؟

فقال : سل تخبر ولا تذع فان أذعت فهو الذبح.

فسألته ، فإذا هو بحر لا ينزف.

قلت : جعلت فداك شيعتك وشيعة أبيك ضلال ، فألقي إليهم وأدعوهم إليك ، وقد أخذت عليَّ الكتمان ؟

قال : من أنست منه رشدا فالق إليه وخذ عليه الكتمان ، فإن أذاعوا فهو الذبح - وأشار بيده إلى حلقه -.

قال : فخرجت من عنده فلقيت أبا جعفر الأحول.

فقال لي : ما وراءك ؟

قلت : الهدى ، فحدثته بالقصة.

قال : ثم لقينا الفضيل وأبا بصير ، فدخلا عليه وسمعا كلامه ، وساءلاه وقطعا عليه بالإمامة.

ثم لقينا الناس أفواجا ، فكل من دخل عليه قطع ، إلا طائفة

١٦٦

عمار(١) وأصحابه ، وبقي عبد الله لا يدخل إليه إلا قليل من الناس.

فلما رأى ذلك قال : ما حال الناس ؟ فاخبر ان هشاما صد عنك الناس قال هشام : فاقعد لي بالمدينة غير واحد ليضربوني(٢) .

ورواية الكليني ايضا عن محمد بن أبي نصر قال : “ قلت لأبي الحسن الرضا (ع) : إذا مات الإمام بم يعرف الذي بعده ؟ فقال : للإمام علامات منها ان يكون اكبر ولد أبيه ، ويكون فيه الفضل والوصية ، ويقدم الركب فيقول إلى من أوصى فلان فيقال إلى فلان. ، والسلاح فينا بمنزلة التابوت في بني إسرائيل ، وتكون الإمامة مع السلاح حيثما كان(٣) .

قوله (ع) (ان يكون اكبر ولد أبيه).

قال المجلسي (رح) : “ ان هذه العلامة بعد الحسين (ع) ومع ذلك مقيدة بما إذا لم يكن في الكبير عاهة ، أي بدنية فان الإمام مبرأ من نقص في الخلقة يوجب شينه ، أو دينية كعبد الله الافطح فانه كان بعد أبي عبد الله (ع) اكبر ولده لكن كان فيه عاهتان الأولى انه افطح

____________________

(١) هو عمار بن موسى الساباطي وهو واصحابه فطحية (المازندراني).

(٢) ج١ : ٣٥١ الحديث رقم ٧.

(٣) الكافي ج١ : ٢٨٤ الحديث ١.

١٦٧

الرجلين أي عريضهما ، والثاني انه كان جاهلا بل قيل فاسد المذهب ، قال المفيد في الإرشاد (وكان أي الافطح متهما بالخلاف على أبيه في الاعتقاد ويقال انه كان يخالط الحشوية ويميل إلى مذاهب المرجئة) ”(١) .

اقول : وهذه العلامة (أي كون الامام اكبر ولد ابيه) لا تكون بعد الرضا (ع) مقيدة بالقيد الذي اشار اليه الصادق (ع) ومن هنا فأن الرضا (ع) لم يذكره في حديثه لانه يتحدث عن علامة الامام من بعده.

وقوله (ع) (ويكون فيه الفضل).

أي يكون أشبه أولاد أبيه بسيرته كما في رواية الكليني عن عبد الأعلى قال لأبي عبد الله (ع) : “ المتوثب على هذا الأمر المدعي له ما الحجة عليه ؟ قال يسأل عن الحلال والحرام ، قال ثم اقبل علي

____________________

(١) مرآة العقول ج٣ : ٢٠٧ شرح الحديث رقم ٧ وفي الفصول المختارة للشيخ المفيد : ٢٥٣ ان عبد الله كان يذهب مذاهب المرجئة الذين يقعون في علي (ع) و عثمان وان اباعبد الله (ع) قال وقد خرج من عنده عبد الله (هذا مرجىء كبير) وقال الصدوق في اعتقاداته قال الصادق في ابنه عبد الله انه ليس على شىء مما انتم عليه واني ابرأ منه (قاموس الرجال ترجمة عبد الله الافطح).

١٦٨

فقال : ثلاثة من الحجة لم تجتمع في أحد إلا كان صاحب هذا الأمر :

ان يكون أولى الناس بمن كان قبله.

ويكون عنده السلاح.

ويكون صاحب الوصية الظاهرة(١) التي إذا قدمت المدينة سألت عنها العامة والصبيان إلى من أوصى فلان فيقولون إلى فلان بن فلان ”(٢) .

وروايته أيضا عن هشام بن سالم وحفص بن البختري عن أبي عبد الله (ع) قال : “ قيل له بأي شىء يعرف الإمام ؟ قال : بالوصية الظاهرة ، وبالفضل ، ان الإمام لا يستطيع أحد ان يطعن عليه في فم ولا بطن ولا فرج فيقال كذاب ويأكل أموال الناس وما أشبه هذا ”(٣) .

وروايته ايضا الكليني أيضا عن احمد بن عمر عن أبي الحسن الرضا (ع) قال : “ سألته عن الدلالة على صاحب هذا الأمر ؟ فقال : الدلالة عليه الكبر ، والفضل ، والوصية إذا قدم الركب المدينة فقالوا

____________________

(١) قال المجلسي (رح) في مرآة العقول ج٣ : ٢٠٥ المراد بالوصية هنا ليست الوصية بالامامة بل مطلق الوصية.

(٢) الكافي ج١ : ٢٨٥ الحديث ٢.

(٣) الكافي ج١ : ٢٨٤ الحديث ٣.

١٦٩

إلى من أوصى فلان قيل فلان بن فلان ، ودوروا مع السلاح حيثما دار فأما المسائل فليس فيها حجة ”(١) .

وقوله (ع) : (ودوروا مع السلاح حيثما دار).

لعله إشارة إلى الولد الأكبر الذي يحبى بسلاح أبيه بعد وفاته(٢) . وهذه العلامة كانت مقيدة بعد الصادق (ع) بقوله (الأكبر ما لم تكن به عاهة) إلا أنها صارت مطلقة بعد الرضا (ع).

قوله (ع) (فأما المسائل فليس فيها حجة).

قال المجلسي (رح) : “ أي للعوام وذلك لان هذه العلامة إنما هي للعلماء والخواص ”(٣) .

قوله (ع) (ويخبر بما في غد ويكلم الناس بكل لسان.. ان الإمام لا يخفى عليه كلام أحد من الناس ولا طير ولا بهيمة ولا شىء فيه روح فمن لم يكن هذه الخصال فيه فليس هو بإمام).

ان هذا القول يشير إلى انهم (ع) قد أيدهم الله تعالى بما أيد به أنبياءه ورسله من خوارق العادات يظهر ذلك منهم على قدر ما يفتح

____________________

(١) الكافي ج١ : ٢٨٥ الحديث ٥.

(٢) انظر وسائل الشيعة كتاب الارث باب ما يحيى به الولد الذكر الاكبر من تركه ابيه دون غيره.

(٣) مرآة العقول ج٣ : ٢٠٥ - ٢٠٦ بشرح الحديث رقم ٢ : ورقم ٣.

١٧٠

الطريقلهداية الأفراد كما وردت الأخبار الكثيرة بذلك أو لهداية المجتمع ككل كما يحصل من المهدي (ع) عند ظهوره إذ ان تشخيص كونه محمد بن الحسن العسكري المولود سنه ٢٥٥ هجـ بحاجة إلى معاجز تظهر على يديه وبغير ذلك فان الطريق يبقى مفتوحا لكل مدع للمهدوية.

١٧١

الفهرس

المقدمة ٣

الفصل الأول : الأئمة الاثنا عشر حجج الهيون ٦

الفصل الثاني: ملاحظات على مقال الدكتور البغدادي في رده على الشهيد الصدر رحمه‌الله ٣٨

الفصل الثالث: احتجاج الإمام علي (ع) بحديث الغدير ٤٤

الفصل الرابع: السقيفة بواية عمر بن الخطاب ٥٧

الفصل الخامس: الشورى السداسية برواية عمرو بن ميمون ٧٥

الفصل السادس: الإمام علي (ع) بايع الخلفاء مكرها ٩٧

الفصل السابع : قصة متعة الحج والعبرة منها ١١١

الفصل الثامن: اسئلة الدكتور الشرقاوي حول نظرية النص ١٣٥

الفهرس ١٧٢

١٧٢