شبهات وردود - الحلقة الرابعة الجزء ٤

شبهات وردود - الحلقة الرابعة0%

شبهات وردود - الحلقة الرابعة مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 218

  • البداية
  • السابق
  • 218 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 9147 / تحميل: 1662
الحجم الحجم الحجم
شبهات وردود - الحلقة الرابعة

شبهات وردود - الحلقة الرابعة الجزء 4

مؤلف:
العربية

شبهات وردود

الحلقة الرابعة

السيد سامي البدري

١٤٢٠- قم

١

هوية الكتاب :

شبهات وردود - الحلقة الرابعة

المؤلف السيد سامي البدري

الطبعة الثانية ذي الحجة سنة ١٤٢٠ قم

المطبعة الهادي

الناشر المؤلف

٢

٣

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة على محمد وعلى آله الطاهرين

عن أبي سعيد الخدري قال : أن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قال :

يخرج في آخر أمتي المهدي يسقيه الله الغيث وتخرج الارض نباتها ويعطى المال صحاحا وتكثر الماشية وتعظم الامة.

المستدرك على الصحيحين ٤/٦٠١

عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) :

لا تذهب الدنيا حتى يملك رجل من أهل بيتي يوطىء اسمه اسمي يملا الارض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما.

المعجم الصغير للطبراني ٢/٢٨٩

بين يديك قارئي الكريم الحلقة الرابعة من نشرة شبهات وردود رددنا فيها على ما أثاره أحمد الكاتب من شبهات حول وجود الحجة المهدي محمد بن الحسن العسكري (عليه‌السلام ).

وكانت بعض دعاواه المهمة في هذا العدد قوله : "اذا استثنينا شرذمة قليلة ، فان اجماع الشيعة في القرن الثالث والقرن الرابع كان قائماً على عدم الايمان بوجود ( محمد بن الحسن العسكري ) وقد ذكر ذلك عامة مؤرخي الشيعة كالنوبختي والاشعري والكليني والنعماني والصدوق والمفيد والطوسي ، الذي اطلقوا على ذلك العصر اسم ( عصر الحيرة ).( ٢٣٤-٢٣٥ )".

وقد بيَّنا خطأ هذا القول وعدم واقعيته وأثبتنا في ضوء المصادر الشيعية والسنية : ان جمهور اصحاب الحسن العسكري وثقاته وهم جمهور الشيعة آنذاك كانوا يقولون بوجود ولد للحسن العسكري (عليه‌السلام ) قد نص على إمامته ابوه (عليه‌السلام ) وانه المهدي الموعود وبالتالي فان الرأي الشيعي العام في القرن الثالث الهجري والرابع الهجري كان يقوم على

٤

الايمان بالمهدي بن الحسن العسكري (عليه‌السلام ).

وأجبنا على اسئلته حول العقيدة بالمهدي كقوله : ماهي المشكلة في الايمان بولادة الامام المهدي في المستقبل وعندما يأذن الله؟ ولماذا الاصرار على ولادته في الماضي السحيق وبقائه على قيد الحياة بصورة غير طبيعية ؟ وغير ذلك.

لقد اقتصر ردنا في هذه الحلقة على بعض المسائل وتركنا بعضها الاخر لعلمنا ان هناك أكثر من أخ كريم وباحث نيقد تصدى للرد(١) والحمد للهولم نجد مبررا لتكرار الجهد فيها.

وبهذه الحلقة نكون قد استوفينا ردنا على أهم الشبهات التي أثارها أحمد الكاتب في نشرته ( الشورى ) وكتابه ( تطورالفكر السياسي الشيعي ) حول إمامة أهل البيت (عليهم‌السلام ) ووجود المهدي (عليه‌السلام ) وأساس نظرية الحكم لدى الشيعة.

اللهم اجعله ذخرا يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم انك سميع مجيب.

سامي البدري

الحوزة العلمية قم المشرفة

آخر شهر رمضان المبارك /١٤٢٠ هجرية

____________________

(١) منهم الاستاذ الشيخ خالد العطية في مجلة المنهاج العدد الخامس عشر والاستاذ السيد ثامر العميدي في كتاب مستقل تصف حروفه فعلا والاستاذ السيد نذير الحسني وكتابه تحت المراجعة والعلامة الشيخ محمد منصور البحراني وغيره في حوارهم مع أحمد الكاتب على شبكة هجر في شهر رمضان سنة ١٤٢٠ وقد انسحب الاستاذ أحمد الكاتب أخيرا من مواصلة الحوار بعذر عدم تفرغه !!!

٥

الفصل الاول

عقيدة جمهور الشيعة بعد وفاة الامام الحسن العسكري (عليه‌السلام )

٦

قوله : اذا استثنينا شرذمة قليلة ، ان اجماع الشيعة في القرن الثالث والقرن الرابع كان قائماً على عدم الايمان بوجود (محمد بن الحسن العسكري).

أقول : هذه دعوى غير صحيحة والعكس هو الصحيح فإن القائلين بوجود وولادة ومهدوية محمد بن الحسن (عليه‌السلام ) هم جمهور أصحاب الحسن العسكري وقد نقل هذه الحقيقة الاشعري السني (ت٣٢٤) في كتابه مقالات الاسلاميين الذي انتهى من تأليفه سنة ٢٩٧ هجرية وكذلك ابن حزم (ت٥٤٨) في كتابه (الفصل في الملل والاهواء والنحل) وكلاهما من علماء السنة المعنيين بالفرق الاسلامية وكان الثاني ممن عُني بالردّ على الشيعة هذا بالاضافة الى ما ذكره الشيخ ابو سهل النوبختي والشيخ الصدوق والشيخ المفيد.

٧

٨

نص الشبهة

قوله : انقسم الشيعة بعد وفاة الحسن العسكري الى أربعة عشرة فرقة...ولم يقل بوجود وولادة وإمامة ومهدوية ( محمد بن الحسن ) إلا فرقة واحدة ( شرذمة قليلة ) من تلك الفرق الاربعة عشر ( ص٢٣٤-٢٣٥ ).

وقوله : وقد كان القول بوجود ولد ( للحسن العسكري ) قولا سريا باطنيا قال به بعض اصحاب الامام العسكري بعد وفاته.ولم يكن الامر اضحاً وبديهيا ومجمعاً عليه بين الشيعة في ذلك الوقت ، حيث كان جو من الحيرة والغموض حول مسألة الخلف يلف الشيعة ، ويعصف بهم بشدة.

وقوله : وقد كتب عدد من العلماء المعاصرين لتلك الفترة كتبا تناقش موضوع الحيرة وسبل الخروج منها ، ومنهم الشيخ علي بن بابويه الصدوق الذي كتب كتابا اسماه ( الامامة والتبصرة من الحيرة ).

وقد امتدت هذه الحيرة الى منتصف القرن الرابع الهجري حيث اشار الشيخ محمد بن علي الصدوق في مقدمة كتابه ( اكمال الدين ) الى حالة الحيرة التي عصفت بالشيعة وقال ( وجدت اكثر المختلفين الي من الشيعة قد حيرتهم الغيبة ، ودخلت عليهم في امر القائم الشبهة )...

٩

وقال محمد بن ابي زينب النعماني في كتابه ( الغيبة ) يصف حالة الحيرة التي عمت الشيعة في ذلك الوقت ( ان الجمهور منهم يقول في ( الخلف ) اين هو ؟ واين يكون واين يكون هذا ؟ والى متى يغيب ؟ وكم يعيش ؟ هذا وله الان نيف وثمانون سنة؟ فمنهم من يذهب الى انه ميت ومنهم من ينكر ولادته ويجحد وجوده ويستهزئ بالمصدق به ، ومنهم من يستبعد المدة ويستطيل الامد ) يقول ( أي حيرة اعظم من هذه الحيرة التي اخرجت من هذا الامر الخلق الكثير والجم الغفير؟ ولم يبق ممن كان فيه الا النزر اليسير ، وذلك لشك الناس ).

ان دعاوى الاجماع والتواتر والاستفاضة التي يدعيها البعض على احاديث وجود وولادة ومهدوية الامام الثاني عشر ( محمد بن الحسن العسكري ) لم يكن لها وجود في ذلك الزمان.

من هنا يمكننا القول ، اذا استثنينا شرذمة قليلة ، ان اجماع الشيعة في القرن الثالث والقرن الرابع كان قائماً على عدم الايمان بوجود ( محمد بن الحسن العسكري ) ، وقد ذكر ذلك عامة مؤرخي الشيعة كالنوبختي والاشعري والكليني والنعماني والصدوق والمفيد والطوسي ، الذي اطلقوا على ذلك العصر اسم ( عصر الحيرة ).( ٢٣٤-٢٣٥ ).

الرد على الشبهة

أقول : هناك قضيتان خلط الاستاذ الكاتب في الحديث عنهما وذكر المصادر فيهما على انهما قضية واحدة :

الاولى : قضية تفرق أصحاب الامام الحسن العسكري من بعد

١٠

وفاته الى أربع عشرة فرقة أحداها الفرقة الامامية.ومستنده في ذلك هو ما جاء في كتاب فرق الشيعة للنوبختي والمقالات والفرق للاشعري القمي.

الثانية : قضية الحيرة التي أصابت الشيعة بسبب انقطاع السفارة الخاصة وبدء الغيبة الكبرى.وقد اشار اليها بعبارات صريحة ، النعماني وعلي بن بابويه وابنه محمد بن علي بن بابويه والطوسي والشيخ المفيد ، غير أن الاستاذ الكاتب لوى عنق هذه الكلمات زورا وبهتانا ليجعلها تصب في القضية الاولى تضليلا للقارئ وزيادة في التعتيم على الحقيقة ، وفيما يلي خلاصة عن هاتين القضيتين.

القضية الاولى :

قضية تفرق أصحاب الامام الحسن العسكري(عليه‌السلام )

أقول من المفيد جدا ان نستعرض ما جاء في كتاب ( فرق الشيعة ) للنوبختي وكتاب ( المقالات والفرق ) للاشعري القمي.

قال النوبختي في فرق الشيعة :

«ولد الحسن بن علي (عليه‌السلام ) في شهر ربيع الاخر اثنتين وثلاثين ومأتين وتوفي بسر من رأى يوم الجمعة لثمان ليال خلون من شهر ربيع الاول سنة ستين ومأتين ودفن في داره البيت الذي دفن فيه ابوه وهو ابن ثمان وعشرين سنة وصلى عليه ابو عيسى بن المتوكل وكانت امامته خمس سنين وثمانية اشهر وخمسة ايام وتوفي ولم يُرَ له اثر ولم

١١

يعرف له ولد ظاهر فاقتسم ما ظهر من ميراثه اخوه جعفر وامه وهي ام ولد يقال ها عسفان ثم سماها ابو الحسن حديثاً.

فافترق اصحابه بعده اربع عشرة فرقة

فرقة منها قالت : ان ( الحسن بن علي ) حي لم يمت وانما غاب وهو القائم ولا يجوز ان يموت ولا ولد له ظاهرا لان الارض لا تخلو من امام وقد ثبتت امامته والرواية قائمة ان للقائم غيبتين...

وقالت الفرقة الثانية : ان الحسن بن علي مات وعاش بعد موته وهو القائم المهدي.لانا روينا ان معنى القائم هو ان يقوم من بعد الموت ويقوم ولا ولد له ولو كان لصح موته ولا رجوع لان الامامة كانت تثبت لخلفه...

وقالت الفرقة الثالثة : ان ( الحسن بن علي ) توفي والامام بعده اخوه ( جعفر ) واليه اوصى الحسن ومنه قبل الامامة وعنه صارت اليه.

وقالت الفرقة الرابعة : ان الامام بعد الحسن ( جعفر ) وان الامامة صارت اليه من قبل ابيه لا من قبل اخيه محمد ولا من قبل الحسن ولم يكن اماماً ولا الحسن ايضا.

واما الفرقة الخامسة : فانها رجعت الى القول بامامة ( محمد بن علي ) المتوفى في حياة ابيه وزعمت ان الحسن وجعفراً ادعيا ما لم يكن لهما.

وقالت الفرقة السابعة : بل ولد للحسن ولد بعده بثمانية اشهر.

وقالت الفرقة الثامنة : انه لا ولد للحسن اصلاً لانا قد امتحنا ذلك وطلبناه بكل وجه فلم نجده.ولكن هناك حبل قائم قد صح في سرية

١٢

له وستلد ذكراً اماما متى ما ولدت فانه لا يجوز ان يمضي الامام ولا خلف له فتبطل الامامة وتخلو الارض من الحجة.

وقالت الفرقة التاسعة : ان الحسن بن علي قد صحت وفاة ابيه وجده وسائر آبائه (عليهم‌السلام ) فكما صحت وفاته بالخبر الذي لا يكذب مثله فكذلك صح انه لا امام بعد الحسن وذلك جائز في العقول والتعارف كما جاز ان تنقطع النبوة.والارض اليوم بلا حجة الا ان يشاء الله فيبعث القائم من آل محمد (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) فيحي الارض بعد موتها كما بعث محمداُ (صلى‌الله‌عليه‌وآله )على حين فترة من الرسل.

وقالت الفرقة العاشرة : ان ابا جعفر محمد بن علي الميت في حياة ابيه كان الامام بوصية من ابيه اليه واشارته ودلالته ونصه على اسمه وعينه.اوصى الى غلام لابيه صغير كان في خدمته يقال له ( نفيس ) وكان ثقة امينا عنده ودفع اليه الكتب والعلوم والسلاح وما تحتاج اليه الامة واوصاه اذا حدث بأبيه حدث الموت يؤدي ذلك كله الى اخيه جعفر.

وقالت الفرقة الحادية عشرة : لما سئلوا عن ذلك وقيل لهم ما تقولون في الامام اهو جعفر ام غيره قالوا لا ندري ما نقول في ذلك اهو من ولد الحسن ام من اخوته فقد اشتبه علينا الامر انا نقول ان الحسن بن علي كان اماماً وقد توفي وان الارض لا تخلوا من حجة ونتوقف ولا نقدم على شىء حتى يصح لنا الامر ويتبين.

وقالت الفرقة الثانية عشرة : وهم ( الامامية ) ليس القول كما قال هؤلاء كلهم بل لله عز وجل في الارض حجة من ولد الحسن بن علي

١٣

وامر الله بالغ وهو وصي لابيه على المنهاج الاول والسنن الماضية.

ولا تكون الامامة في اخوين بعد الحسن والحسين (صلى‌الله‌عليه‌وآله ).

ولا يجوز ذلك ولا تكون الا في عقب الحسن بن علي الى ان ينقضي الخلق متصلا ذلك ما اتصلت امور الله تعالى.

ولو كان في الارض رجلان لكان احدهما الحجة ولو مات احدهما لكان الاخر الحجة ما دام امر الله ونهيه قائمين في خلقه.

ولا يجوز ان تكون الامامة في عقب من لم تثبت له امامة ولم تلزم العباد به حجة ممن مات في حياة ابيه ولا في ولده ،...

وهذا الذي ذكرناه هو المأثور عن الصادقين الذي لا تدافع له بين هذه العصابة ولا شك فيه لصحة مخرجه وقوة اسبابه وجودة اسناده.

ولا يجوز ان تخلو الارض من حجة ولو خلت ساعة لساخت الارض ومن عليها ولا يجوز شىء من مقالات هذه الفرق كلها.

فنحن مستسلمون بالماضي وامامته مقرون بوفاته معترفون بأن له خلفاً قائماً من صلبه وان خلفه هو الامام من بعده حتى يظهر ويعلن امره كما ظهر وعلن امر من مضى قبله من آبائه ويأذن الله في ذلك ، اذ الامر لله يفعل ما يشاء ويأمر بما يريد من ظهوره وخفائه كما قال امير المؤمنين (عليه‌السلام ) ( اللهم انك لا تخلي الارض من حجة لك على خلقك ظاهرا معروفا او خائفا مغمورا كيلا تبطل حجتك وبيناتك ).

وبذلك أُمِرنا ، وبه جاءت الاخبار الصحيحة عن الائمة الماضين لانه ليس للعباد ان يبحثوا عن امور الله ويقضوا بلا علم لهم ويطلبوا آثار ما ستر عنهم ولا يجوز ذكر اسمه ولا السؤال عن مكانه حتى يؤمر

١٤

بذلك اذ هو (عليه‌السلام ) مغمور خائف مستور بستر الله تعالى وليس علينا البحث عن امره بل البحث عن ذلك وطلبه محرم لا يحل ولا يجوز لان في اظهار ما ستر عنا وكشفه اباحة دمه ودمائنا وفي ستر ذلك والسكوت عنه حقنهما وصيانتهما ولا يجوز لنا ولا لاحد من المؤمنين ان يختاروا اماما برأي واختيار وانما يقيمه الله لنا ويختاره ويظهره اذا شاء لانه اعلم بتدبيره في خلقه واعرف بمصلحتهم والامام (عليه‌السلام ) اعرف بنفسه وزمانه منا ، وقد قال ابو عبد الله الصادق (عليه‌السلام ) وهو ظاهر الامر معروف المكان لا ينكر نسبه ولا تخفى ولادته وذكره شايع مشهور في الخاص والعام من سماني باسمي فعليه لعنة الله ، ولقد كان الرجل من شيعته يتلقاه فيحيد عنه وروي عنه ان رجلا من شيعته لقيه في الطريق فحاد عنه وترك السلام عليه فشكره على ذلك وحمده وقال له لكن فلاناً لقيني فسلم علي ما احسن وذمه على ذلك واقدم عليه بالمكروه.فكيف يجوز في زماننا هذا مع شدة الطلب وجور السلطان وقلة رعايته لحقوق امثالهم مع ما لقي (عليه‌السلام ) من صالح بن وصيف وحبسه.وقد رويت اخبار كثيرة : ( ان القائم تخفى على الناس ولادته ) و ( يخمل ذكره ولا يعرف ) الا انه لا يقوم حتى يظهر ويعرف انه امام ابن امام ووصي ابن وصي يؤتم به قبل ان يقوم ومع ذلك فانه لابد من ان يعلم امره ثقاته وثقات ابيه وان قلوا.فهذا سبيل الامامة والمنهاج الواضح اللاحب الذي لم تزل الشيعة الامامية الصحيحة التشيع عليه.

وقالت الفرقة الثالثة عشرة : مثل مقالة الفطحية الفقهاء منهم واهل الورع والعبادة مثل ( عبد الله بن بكير بن اعين ) ونظرائه فزعموا ان

١٥

( الحسن بن علي ) توفي وانه كان الامام بعد ابيه وان ( جعفر بن علي ) الامام بعده.فهؤلاء ( الفطحية الخلص ) الذي يجيزون الامامة في اخوين اذا لم يكن للاكبر منهما خلف ولدا»(١) .

وقال الاشعري القمي في (المقالات والفرق) :

( و لد الحسن بن علي في شهر ربيع الاخر سنة اثنتين وثلثين ومائتين ، وتوفي بسر من رأى يوم الجعمعة لثمان ليال خلون من شهر ربيع الاخر سنة ستين ومائتين ، ودفن في داره في البيت الذي دفن فيه ابوه ، وهو ابن ثمان و عشرين سنة ، وصلى عليه ابو عيسى بن المتوكل ، وكانت امامته خمس سنين وثمانية اشهر وخمسة ايام ، وتوفي ولم ير له خلف ولم يعرف له ولد ظاهر ، فاقتسم ما ظهر من ميراثه اخوه جعفر وامه وهي ام ولد كان يقال لها عسفان ثم سماها ابوه ( حديثا ) ، فافترق اصحابه من بعده خمس عشرة فرقة.

ففرقة منها وهي المعروفة بالامامية قالت : لله في ارضه بعد مضي الحسن بن علي حجة على عباده وخليفة في بلاده ، قائم بامره من ولد الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا ، آمرٌ ناه مبلغ عن آبائه مودَع عن اسلافه ما استودعوه من علوم الله وكتبه واحكامه وفرائضه وسننه ، عالم بما يحتاج اليه الخلق من امر دينهم ومصالح دنياهم خلف لابيه ، ووصي له ، قائم بالامر بعده ، هاد للامة مهدي على المنهاج الاول

____________________

(١) فرق الشيعة للنوبختي ص ١٠٨-١١٢.

١٦

والسنن الماضية من الائمة الجارية ، فيمن مضى منهم القائمة فيمن بقى منهم ، الى ان تقوم الساعة من وتيرة الاعقاب ، ونظام الولادة ، ولا ينتقل ولا يزول عن حالها ، ولا يكون الامامة ولا يعود في اخوين بعد الحسن والحسين ، ولا يجوز ذلك ولا يكون الا في عقب الحسن بن علي بن محمد الى فناء الخلق وانقطاع امر الله ونهيه ورفعه التكليف عن عباده ، متصل ذلك ما اتصلت امور الله ، ولو كان في الارض رجلان كان احدهما الحجة ، ولو مات احدهما لكان الباقي منهما الحجة ، ما اتصل امر الله ودام نهيه في عباده ، وما كان تكليفه قائماً في خلقه.

و لا يجوز ان تكون الامامة في عقب من يموت في حياة ابيه ، ولا في وصىّ له من اخ ولا غيره ، اذا لم تثبت للميت في حياه ابيه في نفسه امامةولم يلزم العباد به حجة.

وذلك ان المأثور عن الائمة الصادقين مما لا دفع بين هذه العصابة من الشيعة الامامية ، ولا شك فيه عندهم ولا ارتياب ، ولم يزل اجماعهم عليه لصحة مخرج الاخبار المروية فيه وقوة اسبابها ، وجودة اسانيدها وثقة ناقليها.

ان الامامة لا تعود في اخوين إلى قيام الساعة بعد حسن وحسين.

ولا يكون ذلك ولا يجوز ان تخلو الارض من حجة من عقب الامام الماضي قبله ولو خلت ساعة لساخت الارض ومن عليها.

فنحن متمسكون بامامة الحسن بن علي ، مقرون بوفاته موقنون مؤمنون بأن له خلفا من صلبه، متدينون بذلك ، وانه الامام من بعد ابيه الحسن بن علي ، وانه في هذه الحالة مستتر خائف مغمور مأمور بذلك ،

١٧

حتى يأذن الله عز وجل له فيظهر ويعلن امره ، كظهور من مضى قبله من آبائه اذ الامر لله تبارك وتعالى يفعل ما يشاء ويأمر بما يريد من ظهور وخفاء ونطق وصموت.هذا مع القول المشهور من امير المؤمنين ( ان الله لا يخلى الارض من حجة له على خلقه ظاهراً معروفا او خافيا مغموراً لكي لا يبطل حجته وبيناته ).

وبذلك جاءت الاخبار الصحيحة المشهورة عن الائمة (عليهم‌السلام ) ، وليس على العباد ان يبحثوا عن امور الله ويقفوا اثر مالا علم لهم به ويطلبوا اظهار ما ستره الله عليهم وغيبه عنهم.ولا البحث عن اسمه وموضعه ، ولا السؤال عن امره ومكانه حتى يؤمروا بذلك اذ هو (عليه‌السلام ) غائب خائف مغمور مستور بستر الله.بل البحث عن امره وطلب مكانه والسؤال عن حاله وامره محرم لا يحل ولا يسع لان في طلب ذلك واظهار ما ستره الله عنا و كشفه واعلان امره والتنويه باسمه معصية لله ، والعون على سفك دمه (عليه‌السلام ) ودماء شيعته وانتهاك حرمته ، اعاذ الله من ذلك كل مؤمن ومؤمنة برحمته وفي ستر امره والسكوت عن ذكره.ولا يجوز لنا ولا لا حد من الخلق ان يختار اماماً برأيه.وانما اختيار الحجج والائمة الى الله عز وجل واقامتهم اليه فهو يقيمهم ويختارهم ويخفيهم واذا شاء اقامتهم فيظهرهم ويعلن امرهم اذا اراد ، ويستره اذا شاء فلا يبديه ، لانه تبارك وتعالى اعلم بتدبيره في خلقه واعرف بمصلحتهم والامام اعلم بامور نفسه وزمانه وحوادث امور الله منا ، وقد قال ابو عبد الله جعفر بن محمد وهو ظاهر الامر معروف المكان مشهور الولادة والذكر لاينكر نسبه شائع اسمه وذكره امره في الخاص والعام من

١٨

سماني باسمي فعليه لعنة الله ، وقد كان الرجل من اوليائه وشيعته يلقاه في الطريق فيحيد عنه ولا يسلم عليه تقية ، فإذا لقيه ابو عبد الله شكره على فعله وصوب له ما كان منه ، وحمده عليه وذم من تعرف اليه وسلم عليه ، واقدم عليه بالمكروه من الكلام.هذا كله لشدة التستر من الاعداء ولوجوب فرض استعمال التقية فكيف يجوز في زماننا هذا ترك استعمال ذلك مع شدة الطلب وضيق الامر وجور السلطان عليهم ، وقلة رعايته لحقوق امثالهم ومع ما لقى في الماضي ابو الحسن من المتوكل وشدته عليه وما حل بابي محمد وهذه ا لعصابة من صالح بن وصيف لعنه الله وحبسه اياه ، وامره بقتله وحبسه له ولاهل بيته ، وطلب الشيعة وما نالهم منه من الاذى والتعنت ، تسمية من لم يظهر له خبر ولم يعرف له اسم مشهور وخفيت ولادته.

وقد رويت الاخبار الكثيرة الصحيحة ( ان القائم تخفى على الناس ولادته ) و ( يخمل ذكره ) و ( لا يعرف اسمه ) و ( لا يعلم مكانه ) ( حتى يظهر ) ويؤتم به قبل قيامه.ولا بد مع هذا الذي ذكرناه ووصفنا استتاره وخفاء من ان يعلم امره وثقاته وثقاة ابيه وان قلوا.فهذه سبيل الامامة وهذا المنهاج الواضح ، والغرض الواجب اللازم الذي لم يزل عليه الاجماع من الشيعة الامامية المهتدية رحمة الله عليها ، وعلى ذلك كان اجماعنا الى يوم مضى الحسن بن علي رضوان الله عليه.

وقالت الفرقة الثانية : ان الحسن بن علي حي لم يمت ، وانما غاب وهو القائم.ولا يجوز ان يموت الامام ولا ولد له ، ولا خلف معروفظاهروالارض لا تخلو من امام ولا حجة لله ، ولا يلزم الخلق الا امامة

١٩

من ثبتت له الوصية والحسن بن علي فقد ثبتت وصيته بالامامة واشار ابوه اليه بالامامة ولا يحوز ان تخلو الارض ساعة من حجة وامام على الخلق فهذه غيبة له وسيظهر حتى يعرف ظهوره ثم يغيبه غيبة اخرى وهو القائم.

وقالت الفرقة الثالثة : ان الحسن بن علي مات وحي بعد موته و هو القائم.

وقالت الفرقة الرابعة : ان الحسن بن علي قد صحت وفاته كما صحت وفاة آبائه بتواطؤ الاخبار التي لا يجوز تكذيب مثلها ، وكثرة المشاهدين لموته وتواتر ذلك عن الموالي له والعدو ، وهذا ما لا يجب الارتياب فيه ، وصح بمثل هذه الاسباب انه لاخلف له ، فلما صح عندنا الوجهان ثبت انه لا امام بعد الحسن بن علي ، وان الامامة انقطعت وذلك جائز في المعقول والقياس والتعارف ، كما جاز ان تنقطع النبوة بعد محمد (صلى‌الله‌عليه‌وآله ).و هذه الفرقة لا توجب قيام القائم ولا خروج مهدي ، وتذهب في ذلك الى بعض معاني البداء.

وقالت الفرقة الخامسة : ان الحسن بن علي قد مات وصح موته وانقطعت الامامة الى وقت يبعث الله فيه قائما من آل محمد ممن قد مضى ، ان شاء بعث الحسن بن علي وان شاء بعث غيره من آبائه.

وقال الفرقة السادسة : ان الحسن وجعفرا لم يكونا امامين فان الامام كان محمد الميت في حياة ابيه ، وان اباهما لم يوص الى واحد منهما ولا اشار اليه بامامة ، وانما ادعيا ما لم يكن لهما بحق ،.وادعوا ان لمحمد بن علي خلفا ذكراً.وقال بعضهم انه حي لم يمت وان اباه غيبه وستره

٢٠