شبهات وردود - الحلقة الرابعة الجزء ٤

شبهات وردود - الحلقة الرابعة0%

شبهات وردود - الحلقة الرابعة مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 218

  • البداية
  • السابق
  • 218 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 9218 / تحميل: 1729
الحجم الحجم الحجم
شبهات وردود - الحلقة الرابعة

شبهات وردود - الحلقة الرابعة الجزء 4

مؤلف:
العربية

علي قال يقتل أربعة نفر بالشام كلهم ولد خليفة رجل من بني مروان ورجل من آل أبي سفيان قال فيظهر السفياني على المروانيين فيقتلهم ثم يتبع بني مروان فيقتلهم ثم يقبل على أهل المشرق وبني العباس حتى يدخل الكوفة(١) .

وعنه عن سعيد أبي عثمان عن جابر عن أبي جعفر قال إذا ظهر الابقع مع قوم ذوي أجسام فتكون بينهم ملحمة عظيمة ثم يظهر الاخوص السفياني الملعون فيقاتلها جميعا فيظهر عليهما جميعا ثم يسير إليهم منصور اليماني من صنعاء بجنوده وله فورة شديدة يستقتل الناس قتل الجاهلية فيلتقي هو والاخوص وراياتهم صفر وثيابهم ملونة فيكون بينهما قتال شديد ثم يظهر الاخوص السفياني عليه ثم يظهر الروم وخروج إلى الشام ثم يظهر الاخوص ثم يظهر الكندي في شارة حسنة فإذا بلغ تل سما فأقبل ثم يسير إلى العراق وترفع قبل ذلك ثنتا عشرةراية بالكوفة معروفة منسوبة ويقتل بالكوفة رجل من ولد الحسن أو الحسين يدعو إلى أبيه ويظهر رجل من الموالي فإذا استبان أمره وأسرف في القتل قتله السفياني(٢) .

وعنه سعيد أبي عثمان عن جابر عن أبي جعفر قال يخرج شاب من بني هاشم بكفه اليمنى خال من خراسان برايات سود بين يديه شعيب بن صالح يقاتل أصحاب السفياني فيهزمهم(٣) .

____________________

(١) كتاب الفتن ص ١٧١.

(٢) كتاب الفتن ص ١٧٤.

(٣) كتاب الفتن ص ١٧٤.

١٠١

وعنه عن سعيد أبي عثمان عن جابر عن أبي جعفر قال تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان الكوفة فإذا ظهر المهدي بمكة بعث إليه بالبيعة(١) .

وعنه قال حدثنا سعيد أبو عثمان عن جابر عن أبي جعفر قال يبث السفياني جنوده في ألافاق بعد دخوله الكوفة وبغداد فيبلغه فرعه من وراء النهر(٢) من أهل خراسان فتقبل أهل المشرق عليهم قتلا ويذهب نجيهم فإذا بلغه ذلك بعث جيشا عظيما إلى اصطخر(٣) عليهم رجل من بني أمية فتكون لهم وقعة بقومس ووقعة بدولات(٤) الري ووقعة بتخوم زرنج(٥) فعند ذلك يأمر السفياني بقتل أهل الكوفة وأهل المدينة عند ذلك تقبل الرايات السود من خراسان على جميع الناس شاب من بني هاشم بكفه اليمنى خال يسهل الله أمره وطريقه ثم تكون له وقعة بتخوم خراسان ويسير الهاشمي في طريق الري فيسرح رجل من بني تميم من الموال يقال له شعيب بن صالح إلى أصطخر إلى الاموي فيلتقي هو والمهدي والهاشمي ببيضاء اصطخر فتكون بينهما ملحمة عظيمة عليهم رجل من بني عدي فيظهر الله أنصاره وجنوده ثم تكون وقعة بالمدائن بعد وقعتي الري وفي عاقرقوفا وقعة صيلمية يخبر عنها كل ناج ثم

____________________

(١) كتاب الفتن ص ١٩٠.

(٢) كورة واسعة تشتمل على مدن وقرى ومزارع وهي في ذيل جبال طبرستان.معجم البدان.

(٣) من أقدم مدن الفرس وأول دار لملكهم.معجم البلدان.

(٤) في (بدولاب) والري الان ضاحية لمدينة طهران.

(٥) زربخ هي قصبة سجستان.معجم البلدان.

١٠٢

يكون بعدها ذبح عظيم ببابل ووقعة في أرض من أرض نصيبين ثم يخرج على الاخوص قوم من سوادهم وهم العصب عامتهم من الكوفة والبصرة حتى يستنقذوا ما في أيديه من سبي كوفان(١) .

وعنه سعيد أبو عثمان عن جابر عن أبي جعفر قال تنزل الرايات السود التي تقبل من خراسان الكوفة فإذا ظهر المهدي بمكة بعث بالبيعة إلى المهدي(٢) .

خروج المهدي في مكة :

نعيم بن حماد المروزي عن سعيد أبو أبي عثمان عن جابر عن أبي جعفر قال ثم يظهر المهدي بمكة عند العشاء ومعه راية رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وقميصه وسيفه وعلامات ونور وبيان فإذا صلى العشاء نادى بأعلى صوته يقول أذكركم الله أيها الناس ومقامكم بين يدي ربكم فقد اتخذ الحجة وبعث الانبياء وأنزل الكتاب وأمركم أن لا تشركوا به شيئا وأن تحافظوا على طاعته وطاعة رسوله وأن تحيوا ما أحيا القرآن وتميتوا ماأمات وتكونوا أعوانا على الهدى ووزرا على التقوى فإن الدنيا قد دنا فناؤها وزوالها وأذنت بالوداع فإني أدعوكم إلى الله وإلى رسوله والعمل بكتابه وإماتة الباطل وإحياء سنته فيظهر في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدة أهل بدر على غير ميعاد قزعا كقزع الخريف رهبان بالليل أسد بالنهار فيفتح الله للمهدي أرض الحجاز ويستخرج من كان في السجن

____________________

(١) كتاب الفتن ص ١٩٢.

(٢) كتاب الفتن ص ١٩٨.

١٠٣

من بني هاشم وتنزل الرايات السود الكوفة فيبعث بالبيعة إلى المهدي ويبعث المهدي جنوده في الافاق ويميت الجور وأهله وتستقيم له البلدان ويفتح الله على يديه القسطنطينية(١) .

وعنه عن غير واحد عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن رجل عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال المهدي الذي ينزل عليه عيسى بن مريم ويصلي خلفه(٢) .

الدجال :

نعيم بن حماد المروزي عن ضمرة ثنا عبد الله بن شوذب عن أبي التياح عن خالد بن سبيع عن حذيفة بن اليمان (رضي‌الله‌عنه ) قال سمعت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يقول ( يخرج الدجال ثم عيسى بن مريم (عليه‌السلام ) )(٣) .

وعنه عن سفيان عن واصل الاحدب عن أبي وائل قال أكثر تبع الدجال اليهود(٤) .

الباقر (عليه‌السلام ) يخبر بعذاب القذف والخسف :

نعيم بن حماد المروزي عن عبد الله بن موسى عن أبي جعفر عن الربيع بن أنس عن أبي العاليه عن أبي بن كعب (رضي‌الله‌عنه ) في قوله تعالى ( هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم ) الاية قال هي أربع وكلهن

____________________

(١) كتاب الفتن ص ٢١٣.

(٢) كتاب الفتن ص ٢٣٠.

(٣) كتاب الفتن ص ٣٢٥.

(٤) كتاب الفتن ص ٣٣٣.

١٠٤

عذاب فجاء بمستقر اثنتين بعد وفاة رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بخمس وعشرين سنة فألبسوا شيعا وأذيق بعضهم بأس بعض وبقيت إثنتان وهما لا بد واقعتان الخسف والقذف(١) .

أقول :

ومن خلال المقارنة بين التراث الروائي المهدوي الشيعي السائد في القرن الثاني الهجري والربع الاول من القرن الثالث مع التراث الروائي المهدوي السني في الفترة نفسها نلاحظ أمرين :

أولا :

يؤكد كلا التراثين على ان المهدي هو من ذرية النبي من فاطمة من ذرية الحسين.وان عيسى يصلي خلف المهدي وانه آخر الائمة الاثني عشر الذي بشر بهم النبي مع أختلافهم في تشخيص بقية الائمة.ويذكر كلاهما ملاحم مشتركة تسبق الظهور كظهور السفياني والخراساني وشعيب بن صالح وحرب عالمية تطيح بثلثي الناس وغير ذلك.

ثانيا :

ينفرد التراث الشيعي بتشخيص المهدي(عليه‌السلام ) بكونه السادس من ذرية الصادق (عليه‌السلام ) ثم الخامس من ذرية الكاظم ثم الرابع من ذرية الرضا (عليه‌السلام ) ، وينفرد ايضا بذكر الغيبتين.

____________________

(١) كتاب الفتن ص ٣٧٥.

١٠٥

ويتضح من البحث ان إدعاء الاستاذ الكاتب :

( الروايات الواردة حول الغيبة والغائب لا تتحدث عن غائب بالتحديد.ولا تتحدث عن أمر قبل وقوعه حتى يكون ذلك إعجازا ودليلا على صحة الغيبة.وإن تحديد هوية الامام المهدي بالثاني عشر من إئمة أهل البيت قد حدث في وقت متأخر بعد وفاة الامام الحسن العسكري بفترة طويلة إي في بداية القرن الرابع الهجري ).

لم يكن مطابقا لما عليه واقع تراث أهل البيت (عليهم‌السلام ) الذي رواه عنهم شيعتهم قبل ولادة المهدي (عليه‌السلام ) وغيبته وقد عرضنا للقاريء الكريم طرفا من كتاب الحسن بن محبوب المتوفى سنة ٢٢٤ وكتب ثلاثة عشر مصنفاً ممن عاصره من مصنفي الشيعة وقاربه في تاريخ وفاته إذ ذكرت هذه الكتب خصوصيات عن المهدي الموعود تجعل من هويته واضحة مضافا الى ما أخبرت به من وقوع غيبته الصغرى والكبرى.

أما قوله : ( ان كانت هوية المهدي قد تحددت من قبل منذ زمان رسول الله (ص) أو الائمة الاحد عشر السابقين لما اختلف المسلمون ولا الشيعة ولا الامامية ولا شيعة الحسن العسكري في تحديد هوية المهدي)

فجوابه : ان النصوص ووضوح مطلبها غير مانعة من الاختلاف أو الانحراف ، ولا يوجد أوضح من وجود الله تعالى وقد اختلف الناس فيه تعالى بين ملحد ومؤمن ، ولا أوضح من معجزة عيسى في اتباع

١٠٦

موسى (عليه‌السلام ) وامته وقد اختلفوا فمنهم من آمن بعيسى ومنهم من كذب به بل سعى لقتلهوهكذا لم يُروَ حديث عن النبي كما روي حديث الغدير في تواتره ووضوح دلالته ومع ذلك قوتل علي (عليه‌السلام ) من قبل المسلمين الذين سمعوا حديث الغدير ولعن من قبل الكثير منهم.

١٠٧

الفصل الرابع

استدلال متكلمي الشيعة في الغيبة الصغرى

على وجود الامام المهدي (عليه‌السلام )

١٠٨

١٠٩

سلك متكلمو الشيعة في فترة الغيبة الصغرى طريقين لاثبات وجود الامام المهدي (عليه‌السلام ) :

الطريق الاول :

طريق الاستدلال بحديث الثقلين وحديث الائمة من بعدي إثنا عشر وغيرهما من الاحاديث والاصول الثابتة عن النبي(صلى‌الله‌عليه‌وآله ) والائمة(عليهم‌السلام )حيث يفرض الايمان بها الايمان ان لا يموت الامام الحسن العسكري (عليه‌السلام ) دون ان يخلف ولدا يكون هو الامام من بعده وهو المهدي الموعود ويكون صاحب عمر طويل جدا.وهذا الدليل يسمى تسامحا بالدليل العقلي وسماه الكاتب بالدليل الفلسفي!

الطريق الثاني :

إعتماد إخبار جمهور أصحاب الامام الحسن العسكري (عليه‌السلام ) بوجود ولد للامام الحسن العسكري (عليه‌السلام ) وانه (عليه‌السلام ) نص على ولده بالامامة واخبر أنه المهدي الموعود.وهذا الدليل هو الدليل التاريخي وهو الدليل المعتمد عادة لاثبات أي قضية تاريخية.

وفيما يلي نموذج لثلاثة منهم ننقلها من كتاب إكمال الدين للشيخ الصدوق :

١١٠

استدلال أبي سهل النوبختي(١) :

قال ابو سهل اسماعيل بن علي النوبختي في آخر كتاب التنبيه :

"وقد سألونا فقالوا : ابن الحسن لم يظهر ظهوراً تاماً للخاصة والعامة فمن اين علمتم وجوده في العالم؟ وهل رأيتموه او اخبرتكم جماعة قد تواترت اخبارها انها شاهدته وعاينته؟

فيقال لهم :

ان امر الدين كله بالاستدلال يعلم ، فنحن عرفنا الله عز وجل بالادلة ولم نشاهده ، وعرفنا نبوته وصدقه بالاستدلال ، وعرفنا انه استخلف علي بن ابي طالب (عليه‌السلام ) بالاستدلال وعرفنا أن النبي (عليه‌السلام ) وسائر الائمة (عليهم‌السلام ) بعده عالمون بالكتاب والسنة ولا يجوز عليهم في شىء من ذلك الغلط ولا النسيان ولا تعمد الكذب بالاستدلال ،

وكذلك عرفنا ان الحسن بن علي (عليه‌السلام ) امام مفترض الطاعة.

وعلمنا بالاخبار المتواترة عن الائمة الصادقين (عليه‌السلام ) ان الامامة لا تكون بعد كونها في الحسن والحسين (عليه‌السلام ) الا في ولد الامام ولا يكون في اخ ولا قرابة ،

فوجب من ذلك ان الامام لا يمضي الا ان يخلف من ولده اماما.

____________________

(١) قال ابن النديم في الفهرست : أبو سهل إسماعيل بن علي بن نوبخت من كبار الشيعةوقال ابن حجر في لسان الميزان كان من وجوه المتكلمين ثم ذكر كتبه ، وقال : أخذ عنه أبو عبد الله بن النعمان المعروف بالمفيد شيخ الشيعة في زمانه وغيره.أقول وهو خال النوبختي صاحب فرق الشيعة وقد مر شيء من ترجمته سابقاً.

١١١

فلما صحت امامة الحسن (عليه‌السلام ) وصحت وفاته ثبت انه قد خلف من ولده اماماً ،

هذا وجه الدلالة عليه.

ووجه آخر وهو :

ان الحسن(عليه‌السلام ) خلف جماعة من ثقاته ممن يروي عنه الحلال والحرام ويؤدي كتب شيعته واموالهم ويخرجون الجوابات وكانوا بموضع من الستر والعدالة بتعديله اياهم في حياته ، فلما مضى اجمعوا جميعاً على انه قد خلّف ولداً هو الامام وامروا الناس ان لا يسألوا عن اسمه وان يستروا ذلك من اعدائه ، و طلبه السلطان اشد طلب ووكل بالدور والحبالى من جواري الحسن (عليه‌السلام ).

ثم كانت كتب ابنه الخلف بعده تخرج الى الشيعة بالامر والنهي على ايدي رجال ابيه الثقات اكثر من عشرين سنة.

ثم انقطعت المكاتبة ومضى اكثر رجال الحسن (عليه‌السلام ) الذين كانوا شهدوا بأمر الامام بعده وبقي منهم رجل واحد قد اجمعوا على عدالته وثقته فأمر الناس بالكتمان وان لا يذيعوا شيئا من امر الامام ، وانقطعت المكاتبة.

فصح لنا ثبات عين الامام بما ذكرت من الدليل ،

وبما وصفتُ عن اصحاب الحسن (عليه‌السلام ) ورجاله ونقلهم خبره ،

وصحة غيبته بالاخبار المشهورة في غيبة الامام (عليه‌السلام ) وان له غيبتين احديهما اشد من الاخرى.

ومذهبنا في غيبة الامام في هذا الوقت لا يشبه مذهب الممطورة

١١٢

في موسى(١) بن جعفر لان موسى مات ظاهراً ورآه الناس ميتاً ودفن دفناً مكشوفا ومضى لموته اكثر من مائة سنة وخمسين سنة لا يدعي احد انه يراه ولا يكاتبه ولا يراسله ، ودعواهم انه حي فيه اكذاب الحواس التي شاهدته ميتاً وقد قام بعده عدة ائمة فأتوا من العلوم بمثل ما اتى به موسى وليس في دعوانا هذه غيبة الامام اكذاب للحس ولا محال ولا دعوى تنكرها العقول ولا تخرج من العادات وله الى هذا الوقت من يدَّعي من شيعته الثقات المستورين انه باب اليه وسبب يؤدي عنه الى شيعته امره ونهيه ولم تطل المدة في الغيبة طولاً يخرج من عادات من غاب ،

فالتصديق بالاخبار يوجب :

اعتقاد امامة ابن الحسن (عليه‌السلام ) على ما شرحت.

وانه قد غاب كما جاءت الاخبار في الغيبة فانها جاءت مشهورة متواترة وكانت الشيعة تتوقعها وتترجاها كما ترجو بعد هذا من قيام القائم (عليه‌السلام ) بالحق واظهار العدل.

ونسأل الله عز وجل توفيقا وصبرا جميلاً برحمته(٢) .

رد ابن قبة (ت قبل سنة ٣١٩) على ابن بشار :

قال الشيخ الصدوق (رحمه‌الله ) : وقد تكلم علينا أبوالحسن علي بن أحمد بن بشار في الغيبة وأجابه أبوجعفر محمد بن عبد الرحمن بن قبة

____________________

(١) هم الواقفية وهو لقب غلب عليها.

(٢) كمال الدين للصدوق ص ٩٢.

١١٣

الرازي(١) وكان من كلام على بن أحمد بن بشار علينا في ذلك أن قال في كتابه :

كلام ابن بشار :

( أقول : إن كل المبطلين أغنياء عن تثبيت إنية من يدعون له ، وبه يتمسكون ، وعليه يعكفون ، ويعطفون لوجود أعيانهم وثبات إنياتهم وهؤلاء ( يعني أصحابنا ) فقراء إلى ما قد غني عنه كل مبطل سلف من تثبيت إنية من يدعون له وجوب الطاعة ، فقد افتقروا إلى ما قد غني عنه سائر المبطلين واختلفوا بخاصة ازدادوا بها بطلانا وانحطوا بها عن سائر المبطلين ، لان الزيادة من الباطل تحط والزيادة من الخير تعلو ، والحمد لله رب العالمين.

وأقول قولا تعلم فيه الزيادة على الانصاف منا وإن كان ذلك غير واجب علينا.

____________________

(١) محمد بن عبد الرحمن بن قبة أبو جعفر الرازي - بالقاف المكسورة وفتح الباء الموحدة من متكلمي الامامية وحذاقهم وكان أولا معتزليا ثم انتقل الى القول بالامامة وحسنت بصيرته وله كتب في الامامة ، قال ابوالحسين السوسنجردي مضيت الى ابي القاسم البلخي ببلخ بعد زيارة الرضا (عليه‌السلام ) بطوس فسلمت عليه وكان عارفا بي ومعي كتاب ابي جعفر بن قبة في الامامة المعروف بالانصاف فوقف عليه ونقضه بـ (المسترشد في الامامة ) فعدت الى الري فدفعت الكتاب الى ابن قبة فنقضه بـ (المستثبت في الامامة) فحملته الى ابي القاسم فنقضه بنقض المستثبت فعدت الى الري فوجدت ابا جعفر قد مات (رحمه‌الله ).(قاموس الرجال للعلامة التستري(رحمه‌الله )).أقول توفي ابو القاسم البلخي سنة ٣١٩ هجرية.وفي فهرست النجاشي بترجمة الحسن بن موسى النوبختي ذكر للنوبختي هذا كتابين باسم ( جواباته لابي حعفر بن قبة ) والظاهر ذلك منه على ابن قبة قبل ان يستبصر.

١١٤

أقول : إنه معلوم أنه ليس كل مدع ومدعى له بمحق ، وإن كل سائل لمدع تصحيح دعواه بمنصف وهؤلاء القوم ادعوا أن لهم من قد صح عندهم أمره ووجب له على الناس الانقياد والتسليم وقد قدمنا أنه ليس كل مدع ومدعى له بواجب له التسليم ، ونحن نسلم لهؤلاء القوم الدعوى ونقر على أنفسنا بالابطال - وإن كان ذلك في غاية المحال - بعد أن يوجدونا إنية المدعى له ولانسألهم تثبيت الدعوى ، فان كان معلوما أن في هذا أكثر من الانصاف فقد وفينا بما قلنا(١) ، فان قدروا عليه فقد أبطلوا ، و إن عجزوا عنه فقد وضح ما قلناه من زيادة عجزهم عن تثبيت ما يدعون على عجز كل مبطل عن تثبيت دعواه.وأنهم مختصون من كل نوع من الباطل بخاصة يزدادون بها انحطاطا عن المبطلين أجمعين لقدرة كل مبطل سلف على تثبيت دعواه إنية من يدعون له وعجز هؤلاء عما قدر عليه كل مبطل إلا ما يرجعون إليه من قولهم " إنه لابد ممن تجب به حجة الله عزوجل " وأجل لابد من وجوده فضلا عن كونه ، فأوجدونا الانية من دون إيجاد الدعوى.

ولقد خبرت عن أبي جعفر بن أبى غانم أنه قال لبعض من سأله فقال : بم تحاج الذين كنت تقول ويقولون : إنه لابد من شخص قائم من أهل هذا البيت ؟ قال له : أقول لهم : هذا جعفر.

فيا عجبا أيخصم الناس بمن ليس هو بمخصوم(٢) .

____________________

(١) هو غير علي بن أبى غانم الذى عنونه منتجب الدين بل هو رجل آخر لم أعثر على عنوانه في كتب الرجال.

(٢) لما كان جواب أبي جعفر ابن أبي غانم للمعترض : " أقول انه جعفر ".تعجب منه ابن بشار لان جعفر ليس بقابل أن يخاصم فيه أو لم يكن موردا لها.

١١٥

وقد كان شيخ في هذه الناحية (رحمه‌الله ) يقول : قد وسمت هؤلاء باللابدية أي أنه لامرجع لهم ولا معتمد إلا إلى أنه لابد من أن يكون هذا الذي ( ليس ) في الكاينات ، فوسمهم من أجل ذلك ، و نحن نسميهم بها أي أنهم دون كل من له بد يعكف عليه إذ كان أهل الاصنام التى أحدها البد قد عكفوا على موجود وإن كان باطلا ، وهم قد تعلقوا بعدم ليس وباطل محض وهم اللابدية حقا ، أي لابد لهم يعكفون عليه إذ كان كل مطاع معبود ، وقد وضح ما قلنا من اختصاصهم من كل نوع الباطل بخاصة يزدادون بها انحطاطا و الحمد لله.

ثم قال : نختم الان هذا الكتاب بأن نقول : إنما نناظر ونخاطب من قد سبق منه الاجماع على أنه لابد من إمام قائم من أهل هذا البيت تجب به حجة الله ويسد به فقر الخلق وفاقتهم ومن لم يجتمع معنا على ذلك فقد خرج من النظر في كتابنا فضلا عن مطالبتنا به ونقول لكل من اجتمع معنا على هذا الاصل من الذي قدمنا في هذا الموضع : كنا وإياكم قد أجمعنا على أنه لايخلو أحد من بيوت هذه الدار من سراج زاهر ، فدخلنا الدار فلم نجد فيها إلا بيتا واحدا فقد وجب وصح أن في ذلك البيت سراجا.والحمد لله رب العالمين.

رد ابن قبة:

فأجابه أبو جعفر محمد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي بأن قال :

إنا نقول : - وبالله التوفيق : - ليس الاسراف في الادعاء والتقول

١١٦

على الخصوم مما يثبت بهما حجة ، ولو كان ذلك كذلك لارتفع الحجاج بين المختلفين واعتمد كل واحد على إضافة مايخطر بباله من سوء القول إلى مخالفه وعلى ضد هذا بني الحجاج ووضع النظر والانصاف أولى ما يعامل به أهل الدين وليس قول أبي الحسن ليس لنا ملجأ نرجع إليه ولا قيما نعطف عليه ولا سندا نتمسك بقوله حجة لان دعواه هذا مجرد من البرهانوالدعوى إذا انفردت عن البرهان كانت غير مقبول عند ذوي العقول والالباب.

ولسنا نعجز عن أن نقول :

بلى ، لنا - والحمد لله - من نرجع إليه ونقف عند أمره ومن كان ثبتت حجته وظهرت أدلته ،

فان قلت : فأين ذلك ؟ دلونا عليه.

قلنا : كيف تحبون أن ندلكم عليه ؟ أتسألوننا أن نأمره أن يركب ويصير إليكم ويعرض نفسه عليكم ؟ أو تسألونا أن نبني له دارا ونحوله إليها ونعلم بذلك أهل الشرق والغرب ؟ فان رمتم ذلك فلسنا نقدر عليه ولا ذلك بواجب عليه.

فان قلتم : من أي وجه تلزمنا حجته وتجب علينا طاعته ؟

قلنا : إنا نقر أنه لا بد من رجل من ولد أبي الحسن علي بن محمد العسكرى (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) تجب به حجة الله دللناكم على ذلك حتى نضطركم إليه إن أنصفتم من أنفسكم ،

وأول ما يجب علينا وعليكم أن لا نتجاوز ما قد رضي به أهل النظر واستعملوه ورأوا أن من حاد عن ذلك فقد ترك سبيل العلماء ، وهو أنا لا

١١٧

نتكلم في فرع لم يثبت أصله وهذا الرجل الذي تجحدون وجوده فانما يثبت له الحق بعد أبيه وأنتم قوم لا تخالفونا في وجود أبيه فلا معنى لترك النظر في حق أبيه والاشتغال بالنظر معكم في وجوده فانه إذا ثبت الحق لابيه ، فهذا ثابت ضرورة عند ذلك باقراركم ، وإن بطل أن يكون الحق لابيه فقد آل الامر إلى ما تقولون وقد أبطلنا ، وهيهات لن يزداد الحق إلا قوة ولا الباطل إلا وهنا ، وإن زخرفه المبطلون.

الدليل على صحة امر الامام الحسن العسكري (عليه‌السلام ) :

والدليل على صحة أمر أبيه أنا وإياكم مجمعون على أنه لا بد من رجل من ولد أبي الحسن ( علي الهادي ع) تثبت به حجة الله وينقطع به عذر الخلق وإن ذلك الرجل تلزم حجته من نأى عنه من أهل الاسلام كما تلزم من شاهده وعاينه ونحن وأكثر الخلق ممن قد لزمتنا الحجة من غير مشاهدة فننظر في الوجه الذي لزمتنا منه الحجة ما هي ؟

ثم ننظر من أولى من الرجلين اللذين لا عَقِب لابي - الحسن غيرهما فأيهما كان أولى فهو الحجة والامام ولا حاجة بنا إلى التطويل ،

ثم نظرنا من أي وجه تلزم الحجة من نأى عن الرسل والائمة (عليهم‌السلام ) فاذا ذلك بالاخبار التي توجب الحجة وتزول عن ناقليها تهمة التواطؤ عليها والاجماع على تخرصها ووضعها.

ثم فحصنا عن الحال فوجدنا فريقين ناقلين :

يزعم أحدهما أن الماضي (عليه‌السلام ) نص على الحسن (عليه‌السلام ) وأشار إليه ويروون مع الوصية وما له من خاصة الكبر أدلة يذكرونها وعلما يثبتونه.

ووجدنا الفريق الاخر يروون مثل ذلك لجعفر لا يقول غيرهذا

١١٨

( ثم ) نظرنا :

فاذا الناقل لاخبار جعفر جماعة يسيرة والجماعة اليسيرة يجوز عليها التواطؤ والتلاقي والتراسل فوقع نقلهم موقع شبهة لا موقع حجة وحجج الله لا تثبت بالشبهات.

ونظرنا في نقل الفريق الاخر فوجدناهم جماعات متباعدي الديار والاقطار ، مختلفي الهمم والاراء متغايرين ، فالكذب لا يجوز عليهم لنأي بعضهم عن بعض ولا التواطؤ ولا التراسل والاجتماع على تخرص خبر ووضعه ، فعلمنا أن النقل الصحيح هو نقلهم وأن المحق هؤلاء ، ولانه إن بطل ما قد نقله هؤلاء على ما وصفنا من شأنهم لم يصح خبر في الارض وبطلت الاخبار كلها.

فتأمل - وفقك الله - في الفريقين فانك تجدهم كما وصفت ، وفي بطلان الاخبار هدم الاسلام وفي تصحيحها تصحيح خبرنا ، وفي ذلك دليل على صحة أمرنا ، والحمد لله رب العالمين.

ثم رأيت الجعفرية ( أي الذي يقولون بإمامة جعفر الكذاب ) تختلف في إمامة جعفر من أي وجه تجب ؟ فقال قوم : بعد أخيه محمد ، وقال قوم : بعد أخيه الحسن ، وقال قوم : بعد أبيه.

لا بد من رجل من ولد الامام الحسن العسكري (عليه‌السلام ) :

ورأيناهم لا يتجاوزون ذلك ورأينا أسلافهم وأسلافنا قدرووا قبل الحادث ما يدل على إمامة الحسن وهو ما روي عن أبي عبد الله (عليه‌السلام )قال : " إذا توالت ثلاثة أسماء : محمد وعلي والحسن فالرابع القائم " وغير ذلك من الروايات وهذه وحدها توجب الامامة للحسن ، وليس إلا

١١٩

الحسن وجعفر.فاذا لم تثبت لجعفر حجة على من شاهده في أيام الحسن والامام ثابت الحجة على من رآه ومن لم يره فهو الحسن اضطرارا ، وإذا ثبت الحسن (عليه‌السلام ) وجعفر عندكم مبرء تبرأ منه والامام لا يتبرأ من الامام والحسن قد مضى ولا بد عندنا وعندكم من رجل من ولد الحسن (عليه‌السلام ) تثبت به حجة الله ، فقد وجب بالاضطرار للحسن ولد قائم (عليه‌السلام ).

وقل يا أبا جعفر - أسعدك الله - لابي الحسن أعزه الله ( أي ابن بشار ) : يقول محمد بن عبد الرحمن قد أوجدناك إنية المدعى له فأين المهرب ؟ هل تقر على نفسك بالابطال كما ضمنت أو يمنعك الهوى من ذلك فتكون كما قال الله تعالى : " وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم ".

فأما ما وسم به أهل الحق من اللابدية لقولهم : " لا بد ممن تجب به حجة الله " :

فيا عجبا فلا يقول أبو الحسن لا بد ممن تجب به حجة الله ؟ وكيف لا يقول وقد قال عند حكايته عنا وتعييره إيانا : " أجل لا بد من وجوده فضلا عن كونه " فان كان يقول ذلك فهو وأصحابه من اللابدية وإنما وسم نفسه وعاب ، وإن كان لا يقول ذلك فقد كفينا مؤونة تنظيره ومثله بالبيت والسراجوكذا يكون حال من عاند أولياء الله يعيب نفسه من حيث يرى أنه يعيب خصمه ، والحمد لله المؤيد للحق بأدلته.

ونحن نسمي هؤلاء بالبُدِّية إذ كانوا عبدة البُدّ قد عكفوا على ما لا يسمع ولا يبصر ولايغني عنهم شيئا.وهكذا هؤلاء.

١٢٠