شبهات وردود - الحلقة الرابعة الجزء ٤

شبهات وردود - الحلقة الرابعة0%

شبهات وردود - الحلقة الرابعة مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 218

  • البداية
  • السابق
  • 218 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 9223 / تحميل: 1731
الحجم الحجم الحجم
شبهات وردود - الحلقة الرابعة

شبهات وردود - الحلقة الرابعة الجزء 4

مؤلف:
العربية

كلامه في الغيبة :

ونقول : يا أبا الحسن - هداك الله - هذا حجة الله على الجن والانس ومن لا تثبت حجته على الخلق إلا بعد الدعاء والبيان محمد(صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وآله قد أخفى شخصه في الغار حتى لم يعلم بمكانه ممن احتج الله عليهم به إلا خمسة نفر(١) .

فان قلت : إن تلك غيبة بعد ظهوره وبعد أن قام على فراشه من يقوم مقامه.

قلت لك : لسنا نحتج عليك في حال ظهوره ولا استخلافه لمن يقوم مقامه من هذا في قبيل ولا دبير(٢) وإنما نقول لك : أليس تثبت

____________________

(١) المراد بالخمسة : على بن أبي طالب ، وأبوبكر ، وعبد الله بن اريقط الليثى ، واسماء بنت أبي بكر ، وعامر بن فهيرة.والقصة كما في اعلام الورى هكذا : بقى رسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في الغار ثلاثة أيام ، ثم اذن الله له في الهجرة وقال : يا محمد اخرج عن مكة فليس لك بها ناصر بعد أبى طالب.فخرج رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وأقبل راع لبعض قريش يقال له ابن اريقط فدعا رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وقال : يا ابن اريقط أئتمنك على دمى ؟ قال إذاً احرسك وأحفظك ولا أدل عليك ، فأين تريد يا محمد ؟ قال : يثرب ، قالوالله لاسلكن بك مسلكا لايهتدى اليه أحد ، قال له رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : ائت عليا وبشره بان الله قد أذن لى في الهجرة فيهيء لي زادا وراحلة.وقال أبوبكر : ائت اسماء بنتي وقل لها : تهيء لي زادا وراحلتين ، وأعلم عامر بن فهيرة أمرنا - وكان من موالى أبى بكر وقد كان أسلم - قل له : ائتنا بالزاد والراحلتين ، فجاء ابن اريقط إلى على وأخبره بذلك فبعث على بن أبي طالب (عليه‌السلام ) إلى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بزاد و راحلة ، وبعث ابن فهيرة بزاد وراحلتين.وخرج رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) من الغار وأخذ به ابن اريقط على طريق نخلة بين الجبال فلم يرجعوا إلى الطريق الا بقديد.

(٢) القبيل ما اقبلت به إلى صدرك.والدبير ما أدبرت به عن صدرك ، ويقال : فلان ما يعرف قبيلا ولا دبيرا.والمراد ما أقبلت به المرأة من غزلها وما أدبرت.وهذا الكلام تعريض لابن بشار يعنى أنه لا يدرى ما يقول ولسنا نحتج عليه في هذا الامر.

١٢١

حجته في نفسه في حال غيبته على من لم يعلم بمكانه لعلة من العلل فلا بد من أن تقول : نعم ، قلنا : ونثبت حجة الامام وإن كان غائبا لعلة اخرى وإلا فما الفرق ؟

ثم نقول : وهذا أيضا لم يغب حتى ملا آباؤه (عليهم‌السلام ) آذان شيعتهم بأن غيبته تكون ، وعرَّفوهم كيف يعملون عند غيبته.

فان قلت في ولادته ، فهذا موسى (عليه‌السلام ) مع شدة طلب فرعون إياه وما فعل بالنساء والاولاد لمكانه حتى أذن الله في ظهوره ، وقد قال الرضا (عليه‌السلام ) في وصفه : " بأبى و امي شبيهي وسمي جدي وشبيه موسى بن عمران.

وحجة اخرى نقول لك : يا أبا الحسن أتقر أن الشيعة قدروت في الغيبة أخبارا ؟ فان قال : لا ، أوجدناه الاخبار ، وإن قال : نعم ، قلنا له فكيف تكون حالة الناس إذا غاب إمامهم فكيف تلزمهم الحجة في وقت غيبته ، فان قال : يقيم من يقوم مقامه ، فليس يقوم عندنا وعندكم مقام الامام إلا الامام ، وإذا كان إماما قائما فلاغيبة وإن احتج بشيء آخر في تلك الغيبة فهو بعينه حجتنا في وقتنا لا فرق فيه ولافصل.

كلام في فساد امر جعفر :

ومن الدليل على فساد أمر جعفر : موالاته وتزكيته فارس بن حاتم - لعنه الله -(١) وقد برىء منه أبوه ، وشاع ذلك في الامصار حتى وقف

____________________

(١) هو فارس بن حاتم بن ماهويه القزوينى نزيل العسكر من اصحاب الرضا (عليه‌السلام ) غال ملعون أهدر أبوالحسن العسكري (عليه‌السلام ) دمه وضمن لمن يقتله الجنة فقتله جنيد.راجع منهج المقال ص ٢٥٧.

١٢٢

عليه الاعداء فضلا عن الاولياء.

ومن الدليل على فساد أمره استعانته بمن استعان في طلب الميراث من أم الحسن (عليه‌السلام ) وقد أجمعت الشيعة أن آباءه (عليهم‌السلام ) أجمعوا أن الاخ لا يرث مع الام.

ومن الدليل على فساد أمره قوله : إنى إمام بعد أخي محمد ، فليت شعري متى تثبت إمامة أخيه وقد مات قبل أبيه حتى تثبت إمامة خليفته ، ويا عجبا إذا كان محمد يستخلف ويقيم إماما بعده وأبوه حي قائم وهو الحجة والامام فما يصنع أبوه ، و متى جرت هذه السنة في الائمة وأولادهم حتى نقبلها منكم ، فدلونا على ما يوجب إمامة محمد حتى إذا ثبتت قبلنا إمامة خليفته.والحمد لله الذي جعل الحق مؤيدا والباطل مهتوكا ضعيفا زاهقا.

فأما ما حكى عن ابن أبى غانم (رحمه‌الله ) فلم يرد الرجل بقوله عندنا يثبت إمامة جعفر ، وإنما أراد أن يعلم السائل أن أهل هذه البيت لم يفنوا حتى لا يوجد منهم أحدا.

رد على كلماته الاخرى :

قوله : " وكل مطاع معبود " فهو خطأ عظيم لانا لا نعرف معبوداً إلا الله ونحن نطيع رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ولا نعبده.

رد على خاتمة كتابه :

وأما قوله : نختم الان هذا الكتاب بأن نقول : إنما نناظر ونخاطب من قد سبق منه الاجماع بأنه لا بد من إمام قائم من أهل هذا البيت تجب به حجة الله - إلى قوله - وصح أن في ذلك البيت سراجا ، ولا

١٢٣

حاجة بنا إلى دخوله.

فنحن - وفقك الله - لا نخالفه وأنه لا بد من إمام قائم من أهل هذا البيت تجب به حجة الله وإنما نخالفه في كيفية قيامه وظهوره وغيبته.

وأما ما مثَّل به من البيت والسراج فهو مُنى ، وقد قيل : إن المنى رأس أموال المفاليس.

ولكنا نضرب مثلا على الحقيقة لا نميل فيه على خصم ولا نحيف فيه على ضد ، بل نقصد فيه الصواب.

فنقول : كنا ومن خالفنا قد أجمعنا على أن فلانا مضى وله ولدان وله دار وأن الدار يستحقها منهما من قدر على أن يحمل باحدى يديه ألف رطل وأن الدار لا تزال في يدي عقب الحامل(١) إلى يوم القيامة ، ونعلم أن أحدهما يحمل والاخر يعجز.

ثم احتجنا أن نعلم من الحامل منهما فقصدنا مكانهما لمعرفة ذلك فعاق عنهما عائق منع عن مشاهدتهما.

غير أنا رأينا جماعات كثيرة في بلدان نائية متباعدة بعضها عن بعض يشهدون أنهم رأوا أن الاكبر منهما قد حمل ذلك ،

ووجدنا جماعة يسيرة في موضع واحد يشهدون أن الاصغر منهما فعل ذلك ، ولم نجد لهذه الجماعة خاصة يأتوا بها ،

فلم يجز في حكم النظر وحفيظة الانصاف وما جرت به العادة وصحت به التجربة رد شهادة تلك الجماعات وقبول شهادة هذه الجماعة و التهمة تلحق هؤلاء وتبعد عن أولئك.

____________________

(١) يعنى اولاده وأحفاده.

١٢٤

فان قال خصومنا : فما تقولون في شهادة سلمان وأبى ذر وعمار والمقداد لامير المؤمنين (عليه‌السلام ) ، وشهادة تلك الجماعات وأولئك الخلق لغيره أيهما كان أصوب ؟

قلنا لهم : لامير المؤمنين (عليه‌السلام ) وأصحابه امور خص بها وخصوا بها دون من بازائهم ، فان أوجدتمونا مثل ذلك أو ما يقاربه لكم فأنتم المحقون : أو لها أن أعداءه كانوا يقرون بفضله وطهارته وعلمه ، وقد روينا ورووا له معنا أنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) خبر " أن الله يوالي من يواليه ويعادي من يعاديه " فوجب لهذا أن يتبع دون غيره ، والثاني أن أعداءه لم يقولوا له : نحن نشهد أن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أشار إلى فلان بالامامة ونصبه حجة للخلق وإنما نصبوه لهم على جهة الاختيار كما قد بلغك ، والثالث أن أعداءه كانوا يشهدون على أحد أصحاب أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) أنه لا يكذب لقوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : " ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر " فكانت شهادته وحده أفضل من شهادتهم ، والرابع أن أعداءه قد نقلوا ما نقله أولياؤه مما تجب به الحجة وذهبوا عنه بفساد التأويل ، والخامس أن أعداءه رووا في الحسن والحسين أنهما سيدا شباب أهل الجنة ، ورووا أيضا أنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قال : " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعدهمن النار " فلما شهدا لابيهما بذلك وصح أنهما من أهل الجنة بشهادة الرسول وجب تصديقهما لانهما لو كذبا في هذا لم يكونا من أهل الجنة وكانا من أهل النار وحاشا لهما الزكيين الطيبين الصادقين ، فليوجدنا أصحاب جعفر خاصة هي لهم دون خصومهم حتى يقبل ذلك ، وإلا فلا معنى لترك خبر متواتر لا تهمة في نقله ولا على ناقليه وقبول خبر لا

١٢٥

يؤمن على ناقليه تهمة التواطؤ عليه ، ولا خاصة معهم يثبتون بها ولن يفعل ذلك إلا تائه حيران.

دعاؤه للخصم بالهداية :

فتأمل - أسعدك الله - في النظر فيما كتبت به إليك مما ينظر به الناظر لدينه ، المفكر في معاده المتأمل بعين الخيفة والحذار إلى عواقب الكفر والجحود موفقا إن شاء الله تعالى أطال الله بقاءك وأعزك وأيدك وثبتك و جعلك من أهل الحق وهداك له وأعاذك من أن تكون من الذين ضل سعيهم في الحيوة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.ومن الذين يستزلهم الشيطان بخدعه و غروره وإملائه وتسويله وأجرى لك أجمل ما عودك.

استدلال آخر :

قال الشيخ الصدوق : وقال غيره ( أي غير ابن قبة ) من مشايخ الامامية :

إن عامة مخالفينا قد سألونا في هذا الباب عن مسائل ويجب عليهم أن يعلموا أن القول بغيبة صاحب الزمان (عليه‌السلام ) مبني على القول بإمامة آبائه (عليهم‌السلام ) ، والقول بأمامة آبائه (عليهم‌السلام ) مبني على القول بتصديق محمد (صلى‌الله‌عليه‌وآله )وإمامته ، وذلك أن هذا باب شرعي وليس بعقلي محض والكلام في الشرعيات مبني على الكتاب والسنة كما قال الله عزوجل : " فإن تنازعتم في شيء ( يعني في الشرعيات ) فردوه إلى الله وإلى الرسول " فمتى شهد لنا الكتاب والسنة وحجة العقل فقولنا هو المجتبى.

١٢٦

ونقول : إن جميع طبقات الزيدية و الامامية قد اتفقوا على أن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قال : " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وهما الخليفتان من بعدي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " وتلقوا هذا الحديث بالقبول.

فوجب : أن الكتاب لا يزال معه من العترة من يعرف التنزيل والتأويل علما يقينيا يخبر عن مراد الله عزوجل كما كان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يخبر عن المراد ولا يكون معرفته بتأويل الكتاب استنباطا ولا استخراجا كما لم تكن معرفة الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بذلك استخراجا ولا استنباطا ولا استدلالا ولا على ما تجوز عليه اللغة وتجري عليه المخاطبة ، بل يخبر عن مراد الله ويبين عن الله بيانا تقوم بقوله الحجة على الناس كذلك يجب أن يكون معرفة عترة الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بالكتاب على يقين ومعرفة وبصيرة.

قال الله عزوجل في صفة رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : " قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني " فأتباعه من أهله وذريته وعترته هم الذين يخبرون عن الله عزوجل مراده من كتابه على يقين ومعرفة وبصيرة ، ومتى لم يكن المخبر عن الله عزوجل مراده ظاهرا مكشوفا فانه يجب علينا أن نعتقد أن الكتاب لا يخلو من مقرون به من عترة الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يعرف التأويل والتنزيل إذ الحديث يوجب ذلك(١) .

____________________

(١) كمال الدين وتمام النعمة ص ٦٣.

١٢٧

كلمتنا حول منهج اثبات وجود الامام المهدي (عليه‌السلام ) :

أقول : إن الايمان بوجود ولد للحسن العسكري هو المهدي الذي بشر به النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وأنه غاب غيبة صغرى باشر فيها توجيه شيعته من خلال النواب الاربعة دامت سبعبن سنة تقريبا ثم غيبة كبرى استمرت الى اليوم وفيها أرجع شيعته الى الفقهاء العدول رواة حديث آبائه (عليهم‌السلام )يتوقف على التصديق بقضيتين :

القضية الاولى :

أصل معتقد الامامة الالهية عند الشيعة ويتمثل بالوصية والعصمة وأن المهدي الذي بشَّر به النبي هو من أهل البيت ومن ولد فاطمة (عليها‌السلام ) وأن الائمة بعد النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) اثنا عشر يُعرَفون بالنص والوصية من النبي ثم نص السابق على اللاحق ، وأن الامامة بعد الحسن هي للحسين ثم في تسعة من ذريته وانها لا تعود بعد الحسن والحسين في أخوين بل هي في ولد الامام السابق بوصية وتعريف منه.

القضية الثانية :

الايمان بأن الشيعة الاثني عشرية هم الذين حملواعن الائمة الاحد عشر فقههم وأحاديثهم وتاريخهم الخاص ومن ثم قبول تشخيص علماء الشيعة الاثني عشرية لحواريي أئمتهم وحملة علومهم وثقاة الرواة عنهم.

وسر الاحتياج للقضية الاولى هو : أن الايمان بكون محمد بن

١٢٨

الحسن العسكري الغائب هو الامام الثاني عشر بنص من ابيه انما هو فرع لها وليس قضية مستقلة عنها أو في عرضها.

وسر الاحتياج للقضية الثانية هو : أن الشيعة رووا عن الائمة كثيرا من الامور التي انفردوا بها عن غيرهم ومنها ما رووه عنهم (عليهم‌السلام ) : بأن الثاني عشر منهم سيغيب غيبة كبرى وتطول أيامه ومنها ما أخبر به الحسن العسكري خواصه وحوارييه بوجود ولد له هو الامام من بعده وهو المهدي الموعود وغير ذلك ، ثم إن الشيعة اجتمعت كلمة جمهورهم وغالبيتهم في عصر الغيبة الصغرى على الايمان بمحمد بن الحسن العسكري وبغيبته وانتظار ظهوره والوقوف عند امامته.

وفي ضوء هاتين القضيتين يصبح البحث حول وجود ولد للحسن العسكري وكونه الامام الثاني عشر وهو الغائب المنتظر موضوعيا ومنتجا ، أما إذا ألغينا التصديق بالقضيتين الانفتي الذكر فإن الطريق لاثبات الغائب المنتظر محمد بن الحسن العسكري سيكون مسدودا تماما.

والذي صنعه الاستاذ الكاتب اللاري في كتابه هو ردُّه لكلا القضيتين :

أما القضية الاولى : ( وهي أصل المعتقد الشيعي بالوصية والعصمة والاثني عشرية ) فانتهى فيها بزعمه الى :

- أن الوصية التي يقول بها الشيعة فكرة ادخلها الى التشيع عبد الله بن سبأ في النصف الاول من القرن الاول الهجري.

- وأن العصمة فكرة مستحدثة في الفكر الشيعي ظهرت في القرن

١٢٩

الثاني الهجري تأثرا بالفكر الاموي.

- وانتهى بزعمه أيضا الى ضعف الاحاديث التي تحدد الائمة بعد النبي بإثني عشر ، فضلا عن تضعيف روايات النص على الامام اللاحق من الامام السابق.

وأما القضية الثانية : ( وهي وثاقة الشيعة فيما يروون عن أئمتهم ) فانتهى فيها الى :

- اتهام الشيعة الاوائل القائلين بالوصية المشابهة لوصية موسى لهارون أو وصية موسى ليوشع بانهم تلقوا الفكرة من عبد الله بن سبأ اليهودي الذي أسلم على عهد عثمان.

- واتهام متكلمي الشيعة الاوائل أمثال أبي بصير ليث بن البختري المرادي الكوفي(١) وحمران بن أعين الشيباني الكوفي(٢) و هشام بن الحكم(٣) وعلي بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم التمار(٤) ومحمد بن الخليل السكاك صاحب هشام ومؤمن الطاق وهشام بن سالم وغيرهمبأنهم أدخلوا فكرة العصمة والنص إلى التشيع.

- ثم اتهم مراجعهم الاوائل النواب الاربعة في عصر الغيبة الصغرى بانتحال ولد للحسن العسكري كذبا والقول بغيبته وانتظاره.

- ثم اتهم الذين جاءوا بعدهم أمثال ابن شاذان والشيخ الكليني

____________________

(١) من خواص الامام الباقر والصادق (صلى‌الله‌عليه‌وآله ).

(٢) من خواص الامام الباقر والامام الصادق (صلى‌الله‌عليه‌وآله ).

(٣) تلميذ الامام الصادق وأحد خواص الامام الكاظم.

(٤) قال النجاشي : كوفي سكن البصرة من أصحاب الكاظم والرضا من وجوه المتكلمين من أصحابنا كلم أبا الهذيل والنظام.

١٣٠

والشيخ الصدوق وابو سهل النوبختي وابن قبة و الشيخ المفيد والشريف المرتضى والطوسي وغيرهم من أعلام الشيعة الاثني عشرية الى اليوم كرَّسوا النهج التحريفي للتشيع المتمثل بالوصية والعصمة والقول بوجود ولد للحسن العسكري وحصر الائمة بإثني عشر والقول بالغيبة.

أقول :

والمنهج العلمي يقتضي البحث في القضية الاولى و الاستدلال على مفرداتها الاساسية ( الوصية و النص والعصمة والاثني عشرية ) ، فإذا تم الدليل عليها من الكتاب والسنة يرتفع الاتهام عن قدماء الشيعة بكونهم استوردوا فكرة الوصية من عبد الله بن سبأ او أدخلوا فكرة العصمة وغيرها ، وتعود لروايتهم عن أخبار أئمتهم وخصوصيات تاريخهم الحجية والاعتبار كما هو الحال في إعتبار رواية قدماء مذهب المالكي أو الحنبلي والشافعي أو الحنفي عن خصوصيات ائمتهم وأخبارهم(١) .

ومن الجدير ذكره ان اتهام الشيخ الكاتب اللاري لقدماء الشيعة شبيه باتهام عامر الشعبي وخلفائه لخواص أصحاب علي (عليه‌السلام ) وصفوتهم كالاصبغ بن نباتة(٢) والحارث الاعور الهمداني(٣) ورشيد الهجري

____________________

(١) وقد مر علينا في البحوث السابقة ان جمهور شيعة الحسن العسكري قد اثبتوا له الولد والوصية لهذا الولد من ابيه بالامامة وكونه المهدي الموعود.

(٢) قال ابن سعد : روى عن علي وكان من أصحابه وكان صاحب شرط علي.وقا ل نصر بن مزاحم : كان الاصبغ بن نباتة شيخا عابدا وكان من ذخائر علي ممن بايعه على الموت وكان علي يضن به عن الحرب والقتال (وقعة صفين /٥٠٣).قال البزار أكثر أحاديثه عن علي لا يروي عن غيره.قال بن عدي : والاصبغ بن نباتة لم أخرِّج له ها هنا شيئا لان عامة ما يروي عن علي لا يتابعه عليه أحد.

(٣) فال ابن عبد البر : وأظن الشعبي عوقب لقوله في الحارث الهمداني (حدثني الحارث وكان أحد الكذابين) ولم يبن من الحارث كذب وإنما نقم عليه إفراطه في حب علي وتفضيله على غيره ومن هاهنا والله أعلم كذبه الشعبي لان الشعبي يذهب الى تفضيل ابي بكر والى انه اول من اسلم (جامع بيان العلم ص ٤٤٥.

١٣١

وحبة العرني ونظراءهم حين قالوا عنهم انهم ليسوا يساوون شيئا فيما ينفردون به من رواية ومن ثم اهملوا جل تراثهم الذي رووه عن علي (عليه‌السلام ) ودونوه في صحف.

١٣٢

الفصل الخامس

الضرورة التي تفرض الايمان بأنَّ المهدي الموعود

هو ابن الامام الحسن العسكري (عليه‌السلام )

١٣٣

١٣٤

سؤاله

ماهي المشكلة في الايمان بولادة الامام المهدي في المستقبل وعندما يأذن الله؟ لماذا الاصرار على ولادته في الماضي السحيق وبقائه على قيد الحياة بصورة غير طبيعية ؟(١) .

جوابنا

إن الامر الذي يفرض الايمان بولادة المهدي الموعود في الماضي السحيق وكونه الثاني عشر من الائمة والتاسع من ذرية الحسين هو صحة اطروحة التشيع الامامي الاثني عشري وصحة إمامة آباء المهدي (عليه‌السلام ) فلو لم تصح إمامة آبائه (عليهم‌السلام ) لم تصح إمامته ، ثم الدليل القاطع تاريخيا على ولادته ونص ابيه عليه وممارسته وظيفته كإمام بعد وفاة ابيه كما مرت الاشارة الى ذلك من خلال البحوث السايقة.

أما الامر الذي يفرض الايمان ببقاء المهدي على قيد الحياة بصورة غير طبييعة فهو النقل المتواتر للشيعة عن الائمة (عليهم‌السلام ) بان الثاني عشر منهم له غيبة طويلة ، مضافا الى سبق تجارب مماثلة في الامم السابقة

____________________

(١) كان هذا السؤال ضمن اسئلته التي عرضها في موقع اسلام ٢١ على الانترنيت.

١٣٥

قص القرآن علينا خبرها كقصة غيبة عيسى وقصة طول عمر نوح وقد شاء الله تعالى ان يتكرر ما جرى في الامم السابقة في امة النبي الخاتم ان يكون عمره كعمر نوح وغيبة كغيبة عيسى(١) .

وإضافة الى هذا النقل المتواتر عن المعصومين الذي يفرض علينا

____________________

(١) نبه القرآن على ظواهر خاصة مضت في الامم السابقة انها سيجري نظيرها في الاخرين ، ونموذج ذلك ما جاء في سورة الصافات حيث ذكر الله تعالى اربعة انبياء بظواهر متميزة في سيرتهم وهم ١.نوح وأبطاء نزول العذاب الذي أنذر به وطول عمره ، ٢.رجعة ارميا.٣.قصة ابراهيم واسماعيل ٣.قصة موسى وهارون.ثم ذكر عنهم القرآن انه ابقى ذكرهم في أمة محمد (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) كما في قوله تعالى :( وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ (٧٧) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الاخِرِينَ (٧٨) سَلاَمٌ عَلَى نُوح فِي الْعَالَمِينَ (٧٩) ) الصافات/٧٧-٧٩.وقوله تعالى :( وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (١١٤).وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الاخِرِينَ (١١٩) سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (١٢٠) ) الصافات/١١٤-١٢٠.وقال تعالى( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْح عَظِيم (١٠٧) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الاخِرِينَ (١٠٨) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (١٠٩) ) الصافات/١٠٧-١٠٩.( وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣).وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الاخِرِينَ (١٢٩) ) الصافات/١٢٣-١٢٩.و (الاخِرين ) مصطلح قرآني اراد به القرآن الامم المحجوجة بالقرآن ، وقوله تركنا عليه أي ابقينا ذكره وإذا كان المراد هو الذكر العام فإن غير هؤلاء الانبياء قد ذكر ايضا إذن مراده الذكر الخاص وهو ان يكون لذكرهم خصوصية في هذه الامة لاثبات أمر مشابه يحصل يستنكره البعض أو يستغربه ، فتجيء التجربة النبوية السابقة لترفع الغرابة او لتثبت الامر الذي يستنكر ، من قبيل الاستغراب من العمر الطويل للمهدي وبطء نزول العذاب الذي أنذر به النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) فتأتي قصة نوح شاهدا ، أو من قبيل حصر الامامة بعد النبي في إثني عشر من أهل بيته فتأتي قصة ابراهيم واسماعيل ورفع القواعد من البيت وابتلائه بذبح ولده وابتلاء الولد بطاعة ابيه ثم مكافأة الولد بان جعل الله في ذريته النبي محمد وإثني عشر إماما وتكون القصة خير شاهد على صحة أمر الاثني عشرية ، أو من قبيل منزلة علي من النبي وجعل الامامة فيه وفي ذريته فتجيء قصة منزلة هارون من موسى وجعل الامامة في هارون وذريته.أو من قبيل الاعتقاد برجعة علي (عليه‌السلام ) في آخر الزمان فتجيء قصة رجعة ارميا حيث اماته الله مأة عام ثم بعثه وهو ايليا المذكور هنا وقد فصلنا ذلك في كتابنا (امامة أهل البيت في القرآن الكريم ) نرجو ان نوفق لانجازه ونشره.

١٣٦

الايمان بولادة المهدي فهناك أمر مهم متفق على وقوعه في آخر الزمان ينبه على صحة الاطروحة الشيعية للمهدي الموعود وكفاءتها في تحقيق الاهداف المرجوة وعدم كفاءة الاطروحة السنية للمهدي الموعود في تحقيق ذلكويتمثل هذا الامر بظهور عيسى في آخر الزمان وفيما يلي عرض موجز لهذه القضية :

إن التصور القرآني عن عيسى يفيد ان الله تعالى بعثه مبشرا بالنبي الموعود( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَىَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُول يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ) الصف/٦ ، ويؤكد التصور القرآني ان التبشير بالنبي محمد (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لم يبدأ بعيسى بل مارسه الانبياء جميعا.

ومما لا شك فيه هو ان احد ابرز الاهداف من المجيء الثاني لعيسى هو إقامة الشهادة للنبي المكي ودعوة المسيحيين والنصارى للاسلام.وسواء افترضنا ان عيسى سوف يظهر قبل المهدي للتمهيد لظهوره أو يظهر بعد ظهوره مؤيدا للمهدي في مواجهته للمسيحيين واليهود لاتمام الحجة عليهم قبل وقوع العذاب الالهي الشامل الموعود على المكذبين منهم فإن ظهور عيسى سوف يكون بحاجة الى استيعاب علمي وقياديمن قبل المهدي الموعود باعتباره يقوم شاهدا له وللرسالة التي يرفع شعارها وكتابها وتابعا له.

والمهدي على التصور السني لن يكون قادرا على استيعاب المسيح بل هو غير قادر على استيعاب طوائف المسلمين.

١٣٧

لن يكون قادرا على استيعاب المسيح لان المسيح نبي ورسول معصوم ومؤيد الهيا بالمعجزات ومثله لا يمكن ان يستوعبه انسان غير مؤيد بالمعجزات والعصمة والعلم التام.

ولن يكون قادرا على استيعاب الامة المسلمة بلا تأييد الهي بالمعجزة والعصمة والعلم التام لوجود مشكلات اساسية :

منها : مشكلة إثبات كونه المهدي الموعود ، فهو من دون التأييد الالهي الخاص لن يكون قادرا على كسب القناعة الموضوعية التامة من الاخرين.

ومنها : مشكلة إقناع علماء زمانه بالخضوع لارائه في الجرح والتعديل وتخريج الحديث والاستنباط منه فهو على أكثر تقدير مجتهد كباقي المجتهدين يجوز للعوام ان يرجعوا اليه ويخضعوا لافكاره اما المجتهدون الاخرون فلا يوجد أي مبرر للخضوع لفهمه اما تخريجه للحديث وأراؤه في الجرح والتعديل فستكون المشكلة فيها أعظم لو تجاوز فيها ائمة الجرح والحديث التاريخيين كالبخاري وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهم.

ومنها : مشكلة النظام السياسي الذي يسمح له ان يشكل تجمعه الحركي إذ الانبياء مع التأييد الالهي لم يسلموا من الاستضعاف فكيفبالمهدي غير المؤيد.

ومنها : مشكلة الشيعة الذين لن يؤمنوا بمثل مهدي غير معصوم وغير منصوص عليه ولم يكن ابنا للحسن العسكري (عليه‌السلام ) وليس هو الا مهديهم.

١٣٨

وقد يقول قائل : بأننا نفترض ان المهدي بالتصور السني مؤيد بالمعجزة والعلم التام والعصمة.

قلنا : ان هذا الافتراض سيجعل من المهدي على الاطروحة السنية نبيا لاننا افترضنا ان علمه علم تام لم يستمد من معلم بشري ، وليس من شك ان هذا الفرض سوف يكون خلاف القرآن الذي نص على ان محمدا خاتم النبيين.

وهذا بخلاف المهدي على التصور الشيعي فهو ليس نبيا بل هو عالم مطهر معصوم وارث لتراث جده عن طريق آبائه ملهم بذلك العلم الموروث معرَّف بالنص عليه من قبل ابيه المعرَّف من قبل آبائه المعصومين حتى ينتهي الامر الى النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) الذي عرَّف بهم جميعا وبعلي في الغدير خاصة وقد وجدت مثل هذه الحالة /أي حالة عالم مطهر وارث للعلم ملهم به وليس بني/ في الامم السابقة وقص القرآن علينا خبرها(١) .

____________________

(١) من قبيل قصة طالوت فهو عالم اصطفاه الله تعالى وجعله وارثا لتراث آل هارون العلمي بالوصية من النبي السابق ثم كان علمه بالتراث علما الهاميا وليس مجرد قراءة من الكتب التي بين يديه قال تعالى( أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِىّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ الله قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ الله وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَالله عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٢٤٦) وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ الله قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنْ الْمَالِ قَالَ إِنَّ الله اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَالله يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَالله وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٢٤٧) وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لايَةً لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٤٨) ) البقرة/٢٤٦-٢٤٨.

١٣٩

إذن لابد من مهدي مؤيد بالعلم والعصمة والمعجزة وليس بنبي وليس هو إلا المهدي على الطرح الشيعي الذي يستوعب ما عجز عنه المهدي على الطرح السني.

يستوعب المهدي على التصور الشيعي ظاهرة المسيح لان هذا المهدي كان قد بشر به عيسى كما بشر بجده النبي(صلى‌الله‌عليه‌وآله ) و ابيه علي (عليه‌السلام )(١) ، وهو معصوم وارث لتراث النبوة الخاتمة الذي كتبه علي(عليه‌السلام ) بيده وأملاه النبي(صلى‌الله‌عليه‌وآله ) عليه ووارث ايضاً لتراث النبوات الاسرائيلية الذي اجتمع عند عيسى ومنه انتقل عبر آخر اوصيائه الى آباء النبي ثم الى ابي طالب ثم الى النبي ثم الى علي والائمة من ذريته(٢) .مضافا الى ذلك هو ملهَم بهذا العلم كما أُلهِم آباؤه من قبل ، مضافا الى ذلك هو مؤيد بالخوارق التكوينية كما كان وصي سليمان آصف مؤيد بها(٣) ولم يكن نبيا بل كان وصيا وارثا للعلم وكذلك

____________________

(١) بحثنا ذلك في كتابنا امامة اهل البيت في الكتب المقدسة نرجو ان نوفق لاكماله ونشره.

(٢) انظر كتابنا السيرة النبوية مطبوع /٦٦.

(٣) هو المذكور في قوله تعالى :( قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣٨) قَالَ عِفْريتٌ مِنْ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِىٌّ أَمِينٌ (٣٩) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِىٌّ كَرِيمٌ (٤٠) ) النمل/٣٨-٤٠ ، قال القرطبي في تفسيره ج ١٣ ص ٢٠٤ : (قال الذى عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ) أكثر المفسرين على أن الذي عنده علم من الكتاب آصف بن برخيا وهو من بنى إسرائيل ، وكان صدّيقا يحفظ اسم الله الاعظم الذى إذا سئل به أعطى ، وإذا دعى به أجاب.وقال السهيلى : الذى عنده علم من الكتاب هو آصف ابن برخيا ابن خالة سليمان ، قال القرطبي وقيل : هو سليمان نفسه ، ولا يصح في سياق الكلام مثل هذا التأويل).

١٤٠