شبهات وردود - الحلقة الرابعة الجزء ٤

شبهات وردود - الحلقة الرابعة0%

شبهات وردود - الحلقة الرابعة مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 218

  • البداية
  • السابق
  • 218 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 9220 / تحميل: 1730
الحجم الحجم الحجم
شبهات وردود - الحلقة الرابعة

شبهات وردود - الحلقة الرابعة الجزء 4

مؤلف:
العربية

ثم اننا لسنا حريصين على ان يغير أحمد الكاتب ولا أي شخص آخر رأيه إذ هي مسألة تخص الشخص نفسه.

( فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِر ) الغاشية/٢١-٢٢

( لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ الله يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ) البقرة/٢٧٢ ،

نعم نحن حريصون ان لا تبقى شبهاته وإثاراته وأسئلته وأسئلة غيره من دون جواب ، ومن الجدير ذكره ان هذه الشبهات ليست جديدة وبامكان أي شخص يرجع الى ماكتبه الشيخ الصدوق ( ت٣٨١ ) في مقدمة كتابه (اكمال الدين ) قبل الف سنة ليكتشف ان جل أسئلة الكاتب وشبهاته قد اثيرت منذ ذلك الوقت وأجاب عليها علماؤنا ، وإذا قرأها احمد الكاتب ولم يقتنع بها ليس معناه ان هذه الاجوبة غير صحيحة إذ ما أكثر من لم يقتنع بأدلة الانبياء بل ما أكثر من لم يقتنع بوجود الله الذي اتفق على وجوده المسلمون والمسيحيون واليهود وكثير ممن لم يؤمن بالانبياء.

صحيح ان احمد الكاتب كان شيعيا اثني عشريا ثم تخلى عن التشيع الاثني عشري وصار سنيا في مفهومه للتشيع وفي موقفه منه وكتب ما توصل اليه ونشره وأخذ يدعو إلى أفكاره وفي المقابل كان هناك العشرات من السنة وصاروا شيعة وكتبوا ما توصلوا اليه وأخذوا يدعون الناس الى التشيع انها عملية قائمة على قدم ساق وتبقى كذلك

١٦١

الى ما شاء الله وليس لنا ان نقف في قبالها فقد خلق الله تعالى البشر أحرارا في الفكر وكل إنسان مسؤول عن فكره ومواقفه.

سؤال١٤ :

ما هو أثر الايمان بالمهدي على العلاقة بين السنة والشيعة؟ وهل ذلك يوحد المسلمين ؟ أم يفرق بينهم ؟

جوابه :

الايمان بإمامة المهدي على التصور الشيعي فرع للايمان بالامامة الالهية الخاصة لاهل البيت (عليهم‌السلام ) القائمة على النص والعصمة والتحديد بإثني عشر ، وأدلة الشيعة في هذه القضية الكتاب والسنة وهم يرحبون بأي حوار حول المسالة يستهدف معرفة واقع القضية وهم الى جنب ذلك لا يكفِّرون أحدا من أهل القبلة ويرون المسلم من شهد الشهادتين فإذا قالهما عصم ماله ودمه ، فالمسلمون إذن في أمان من الشيعة بل هم أمة واحدة عندهم ماداموا في دائرة الشهادتين ، إن الحيف تاريخيا والى اليوم واقع على الشيعة حين يكفرهم البعض بسبب عقيدتهم التي تقوم على الكتاب والسنة.ولست أدري هل الذي يفِّرق المسلمين هو من يكفِّرهم ويبيح قتلهم ومالهم او من يرى ان المسلم من شهد الشهادتين فإذا قالها عصم ماله ودمه ؟شبهات وردود - الحلقة الرابعة

١٦٢

الفصل السابع

الرسائل المتبادلة بين المؤلف

وأحمد الكاتب

١٦٣

الرسالة الاولى

رسالة أحمد الكاتب بعد صدور الحلقة الثالثة من شبهات وردود ومقابلة قناة الجزيرة :

السيد سامي البدري المحترم

السلام عليكم ورحمة الله

قلتَ في الحلقة الثالثة انك سوف تجيب على القضايا الرئيسية التي لم تجب عليها في الحلقات الماضية ، وظللت تدور في القضايا الهامشية من الموضوع ، ولكنك لم تفعل بعد ، حيث لم تناقش موضوع ولادة الامام الثاني عشر ووجوده وتهربت من الموضوع كما لم تناقش موضوع الامامة.

ارجو منك الاجابة على سؤال لماذا تخلى الشيعة اليوم عن شروط الامامة من العصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية وقبلوا بشروط الزيدية كالفقه والعدالة وقيام الامامة على الانتخاب والشورى ، كما هوحاصل اليوم في ايران ( الجمهورية الاسلامية ) وكما اعرف انك تفرق بين الامامة والخلافة وتحاول ان تفسر الامامة بمعنى يختلف عن الحكم والخلافة ، فهل ستقوم في المستقبل بمناقشة الكتاب ( تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه )

١٦٤

وارجو منك ان لا تغتر بالمديح الذي كاله لك بعض المشايخ الذين لا يقرأون.

واعتقد انك قرأت رسالة وزير الثقافة والارشاد الايراني الى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي والحوزة بصورة عامة والتي نشرت في الصحافة الايرانية قبل اسبوع حول ضرورة الرد على الكتاب ، فهل قرأ الوزير نشراتك الثلاث ام لم يجد فيها شيئا جديا وغنيا.

والسلام عليكم

احمد الكاتب

٩-١٠-١٩٩٩

اقول :

وأَرفَقَ رسالته الانفة الذكر بنسخة من المقابلة التي اجرتها معه جريدة القدس العربي التي تصدر في لندن بعد مقابلته في برنامج بلا حدود نقتطع منه ما يرتبط بنا شخصيا.

القدس العربي : ( لا شك ان بحثك هذا ينطوي على أهمية قصوى وخطورة كبيرة في نفس الوقت ، فهل طرحته للنقاش مع علماء الشيعة؟ وما هو موقفهم منك؟ )

احمد الكاتب : أجريت البحث داخل الحوزة في إيران منذ عشرة أعوام وطرحته للنقاش مع عدد كبير من مراجع الدين والاساتذة والزملاء الافاضل ، وقد فوجئت بتوصل قسم كبير منهم الى النتائج التي توصلت اليها ( وان بعضهم كالشيخ ناصر مكارم شيرازي في كتابه

١٦٥

المهدي الثورة الكبرى ) يرفض أهم دليل على وجوده وهو الدليل الفلسفي ، ولكنهم لا يرون الوقت مناسبا لطرح الموضوع على عامة الناس ، كما فوجيء الكثير من العلماء بنتائج البحث ، وذلك لعدم وجود مادة للتاريخ الاسلامي او الشيعي في برامج الحوزة العلمية التي تقتصر على الفقه والاصول واللغة العربية والفلسفةواعتياد الغالبية العظمى من طلبة العلوم الدينية على التقليد في مجالات العقائد والتاريخ ، وقد وجهت قبل بضع سنوات دعوة الى أساتذة الحوزة العلمية في النجف وقم لعقد ندوة علمية لدراسة الموضوع ، أعلنت لهم قبل ان انشر البحث عن استعدادي للتراجع عن الموضوع والتصديق بوجود الامام المهدي لو قدموا لي أدلة علمية كافية ،

ولكن الجو السائد في الحوزة فيما يبدو يميل الى عدم البحث والاجتهاد في هذه القضية ورفض مناقشتها بدعوى انها من العقائد الاساسية ، وقد عبر السيد سامي البدري(١) من حوزة قم خلال برنامج ( بلا حدود ) الذي أذيع من قناة الجزيرة الفضائية بتاريخ ٤/٨/١٩٩٩ عن هذا الموقف بصراحة ، وقد أثار استغرابي لانه يتناقض مع إجماع الشيعة عبر التاريخ على ضرورة الايمان والالتزام بالعقائد الاساسية عن معرفة واجتهاد ويقين وعدم جواز التقليد ، فكيف يجوز لمن يدعي العلم التقليد ومنع الاخرين من الاجتهاد(٢) ؟

____________________

(١)لم أكن المتحدث وسيأتي بيانه بعد قليل.

(٢) القدس العربي - لندن/ العدد ٣٢٠٥ الجمعة ٢٧ آب - ١٥ جمادى الاولى ١٤٢٠.

١٦٦

جوابنا على رسالته الاولى

الى الاستاذ أحمد الكاتب هدانا الله وإياه لما يحبه ويرضاه :

السلام عليكم ورحمة الله.

أشكرك على رسالتك وسؤالك ، كما اشكرك أيضا على إرسالك لي مقابلتك المنشورة في جريدة القدس العربي - لندن/ العدد ٣٢٠٥ الجمعة ٢٧ آب - ١٥ جمادى الاولى ١٤٢٠.أعتذر عن تأخير الاجابة بسبب سفري.

١.اعترضتَ في رسالتك الاسبق ( وهي التي جعلتها مادة العدد الثاني عشر من نشرتك الشورى ) على منهجي معك في الرد وانصرافي إلى مناقشتك في الجزئيات ثم دعوتني في مقدمة الرسالة الى مواصلة البحث العلمي في الاصول قبل الفروع الجزئية.وقلتَ ان منهجنا هو التمسك بالكتاب والسنة والسير على هدي أهل البيت.وقد رحبتُ بعرضك وكتبتُ اليك جوابا نشرته في الحلقة الثالثة ١٤رجب ١٤١٨هج.

وقلتُ لك في جوابي لك ( فما رأيك ان نبدأ ببحث مسألة هل يوجد شهداء بعد الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) شهادتهم على الناس كشهادة الرسول وانهم ائمةهدى يؤخذ بقولهم وفعلهم وتقريرهم كما يؤخذ بقول الرسول وفعله وتقريره وان الناس ملزمون بالاخذ عنهم والاقتداء بهم والطاعة لهم وانهم موكلون الهيا بحفظ الرسالة بعد الرسول.؟ نبدأ اولا بذكر الايات القرآنية الكريمة ثم احاديث النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ثم احاديث اهل البيت (عليهم‌السلام ).

١٦٧

ارجو اعلامي ان كنت توافقني على ذلك.ومن المفيد قبل ذلك ان تبينالمصادر الحديثية المعتمدة لديك ).

ولم يصلني منك جواب خاص أو عام وقد مضى على ذلك سنتان.

٢.سألتني في رسالتك بعد صدور الحلقة الثالثة من ردي عليك بمدة بواسطة الانترنيت لماذا تخلى الشيعة اليوم عن شروط الامامة من العصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية وقبلوا بشروط الزيدية كالفقه والعدالة وقيام الامامة على الانتخاب والشورى ؟

أقول مصطلح الامامة استخدم بمعنيين :

المعنى الاول : معنى خاص ويراد به ان صاحبه حجة في قوله وفعله وتقريره حيا وميتا ، وليس من شك أن أول أئمة بهذا المعنى هو النبي ، ويرى الشيعة ان هذا المعنى للامامة استمر بعد النبي في إثني عشر من أهل بيته بوصية من النبي وبأمر من الله تعالى ، ويشترطون في هذا المعنى من الامامة العصمة والنص وحصرها في علي والحسن والحسين ثم في ذرية الحسين كما حصرت الامامة بعد إبراهيم في ذريته اسماعيل ثم اسحاق ثم يعقوب ثم حصرت في ذريته.

قال الله تعالى :

( وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَات فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) البقرة/١٢٤.

وقالى الله تعالى :

( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ

١٦٨

أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ) الانبياء/٧٢-٧٣.

وقال الله تعالى :

( أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمْ الله وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنْ الله وَمَا الله بِغَافِل عَمَّا تَعْمَلُونَ ) البقرة/١٤٠.

والاسباط في الاية هم يوسف وذريته المعصومون.

إنَّ إسماعيل وإسحاق ويعقوب والاسباط يهدون الناس الى سنة إبراهيم بأمر الله تعالى.

والدليل على حصر الامامة الخاصة بعد النبي في أهل البيت وبقاء الثاني عشر منهم إلى آخر الدنيا حديث المنزلة وحديث الثقلين وآية التطهير وحديث الكساء وحديث الائمة إثنا عشر ونص السابق من الائمة على لاحقه.

والشيعة المعاصرون شأنهم شأن الماضين من أسلافهم لم يتراجعوا عن اشتراط العصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية والحصر في اثني عشر في هذا المعنى من الامامة.

المعنى الثاني : للامامة معنى عام ويراد به منصب الحكومة وإقامة الحدود وهذا المعنى يعتقد الشيعة فيه انه للنبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ومن بعده للائمة الاثني عشر (عليهم‌السلام ) ولم يتراجع عن هذا القول أحد إلا أن يتراجع عن أصل التشيع ، أما في عصر الغيبة الكبرى فإن علماء الشيعة كانوا بين اتجاهين اتجاه يقول بتعطيل الحدود بعذر إن إقامتها خاصة بالمعصومين فقط ،

١٦٩

واتجاه يقول بجواز قيامها من قبل الفقهاء مع القدرة ولم يشترط أحد ممن يتبنى هذا الاتجاه في مقيمها أن يكون علويا حسينيا معصوما منصوصا عليه ودونك القائلين بهذا الاتجاه بدءا بأقدمهم الشيخ المفيد ( ت٤١٣ ) وانتهاء بالامام الخميني والشهيد الصدر وخلفائهما.

وفي ضوء ذلك يتضح أن السؤال خاطيء أساسا ومبني على الخلط بين قضيتين استخدم لفظ الامام للتعبير عنهما وهما

الاولى : قضية وجود حجج الهيين على الخلق بعد النبي شهداء على الناس كشهادة النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) والنبي شهيد عليهم كما في قوله تعالى( وَجَاهِدُوا فِي الله حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ. ) الحج/٧٨.

الثانية : وهي قضية من له حق الحكم في الاسلام وهذه القضية قد شخصتها الاية( إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ الله وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوْا النَّاسَ وَاخْشَوْنِي وَلَا تَشْتَرُوا بِ آيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ الله فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ ) المائدة/٤٤.

وباعتبار التقاء المعنيين في عصر الائمة الاثني عشر في شخصهم (عليهم‌السلام ) ، فهم حجج الله بعد النبي ، وحق الحكم منحصر بهم في زمان حضورهم بنص الاية ، اندمج المعنيان في مصطلح الامام وصار لدى الشيعة يدل على معنى ثالث يراد به كلا المعنيين وحصر مصداقه بعد النبي بالمعصومين الاثني عشر.

١٧٠

استهدف المتكلمون الاوائل للشيعة إثبات كلا المعنيين للامامة لهؤلاء الاثني عشر لا غير ، ولم يكونوا معنيين بمسألة الحكم كمسألة مستقلة.

ولست أدري لماذا هذا الاصرار من الاستاذ الكاتب على خلط المعنيين.

إن الموضوعية تقتضي بحث المعنيين كل على حدة لانهما يشيران الى قضيتين مختلفيتين هما :

القضية الاولى : هل يوجد مبيِّنون معصومون للدين بعد النبي يكون بيانهم للسنة النبوية وتفسير القرآن كبيان النبي مع كونهم ليسوا بانبياء ، ومن هم هؤلاء ؟وكم عددهم ؟.

القضية الثانية : من له أهلية وحق إقامة الحدود وتنفيذ الاحكام في المجتمع الاسلامي بدءا من زمن النبي ؟ هل كل مسلم كيفما اتفق ؟أم هم صنف معين من الناس له مواصفات خاصة وشروط خاصة ؟وهل يتصدى المؤهل كيفما اتفق أم لابد من طريقة خاصة ؟.

ومما لا شك فيه أن البحث الاول مقدم على البحث الثاني وأكثر خطورة منه.

لقد بحثنا القضيتين في الحلقة الثانية من ردودنا عليك الفصل الاولص١٦-٤٤.وفي الحلقة الثالثة في مواضع متعددة يرجى مراجعة ذلك.

٣.وزير الارشاد الايراني حفظه الله لم يكن مطلعا على ردودي عليك وقد وصله أخيرا.أما المديح الذي أشرتَ إليه فهو ليس مديحا وانما تأييد علمي من علماء معروفين بعلميِّتهم مسؤولين عن كلمتهم ،

١٧١

وهو يبعث على السرور لا الغرور ، وكذلك الحال مع كلمات القراء الكرام الذين عبروا عن مشاعرهم وانطباعاتهم التي تؤكد على فائدة ما كتبناه واعتزازهم به ونحن بدورنا نشكرهم على مبادرتهم في إظهار عواطفهم واعتزازهم.

٤.قولك في القدس العربي- لندن العدد ٣٢٠٥ ( ان الجو السائد في الحوزة فيما يبدو يميل إلى عدم البحث والاجتهاد في قضية ولادة المهدي ورفض مناقشتها بدعوى انها من العقائد الاساسية وقد عبَّر السيد سامي البدري من حوزة قم خلال برنامج ( بلا حدود ) الذي أذيع من قناة الجزيرة الفضائية يتاريخ ٤/٨ ١٩٩٩عن هذا الموقف بصراحة وقد أثار استغرابي لانه يتناقض مع إجماع الشيعة عبر التاريخ على ضرورة الايمان والالتزام بالعقائد الاساسية عن معرفة وإجتهاد ويقين وعدم جواز التقليد فكيف لمن يدعي العلم التقليد ومنع الاخرين عن الاحتهاد ).

أقول :

لو راجع الاستاذ الكاتب شريط المقابلة ودقق في صوت المتحدث لعرف ان المتحدث باسم السيد سامي البدري لم يكن شخصه وإنما هو شخص آخر ، وقد فوجئت شخصيا بذلك كما فوجيء الكثير من الاصدقاء ممن يميز صوتي وأُخبِرتُ فيما بعد بأن المتحدث هو فضيلة السيد حسين الكشميري(١) وقد أتصلت به للتأكد من ذلك /وبامكانك

____________________

(١) من أهل قم في مدينة قم.

١٧٢

الاتصال به شخصيا للتأكد أيضا/ وعاتبته على عدم تصحيح الاشتباه في أول المداخلة أو آخرها فاعتذر بالغفلة وعدم قصد ذلك وله عذره على كل حال ، وقد أخبرتُ مقدِّم برنامج ( بلا حدود ) بهذه الملابسة في اليوم الثاني وأرسلت له رسالة بالفاكس بذلك وكنت قد أرسلت له الحلقات الثلاث من ردودي عليك وكانت الحيادية منه تقتضي ان يشير اليها عندما ذكر اسمي كصاحب مداخلة وقد اعتذر عن ذلك بأنها وصلته بعد انتهاء المقابلة.

أما موقف علماء الشيعة من المسألة الاصولية العقائدية فهو كما ذكرتَ عن إجماعهم عبر التاريخ على ضرورة الايمان والالتزام بالعقائد الاساسية على أساس مواجهة الدليل مباشرة وعدم جواز التقليد فيها وهو من مفاخر متقدميهم ومعاصريهم وتلاميذهم.

أكرر شكري على مبادرتك ورسالتك والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

سامي البدري

٥شعبان / ١٤٢٠

الرسالة الثانية

وكان رد الاستاذ احمد الكاتب على رسالتنا الانفة الذكر ما يلي :

السيد سامي البدري المحترم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

طلبت مني في رسالتك الاخيرة عبر الانترنت المؤرخة ٦ شعبان

١٧٣

١٤٢٠ بحث موضوع وجود الشهداء بعد النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) الذين تعتبر شهادتهم كشهادة الرسول ويعتبر قولهم وفعلهم وتقريرهم كقول وفعل وتقرير الرسول ، وان نبدأ ببحث الايات والاحاديث الواردة حول الموضوع ، وطلبت مني كذلك التفريق بين معنيي الامامة الخاص الذي يعني - في نظرك - الحجية في القول والفعل ، واشتراط العصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية المنحصر في الائمة الاثني عشر ، والمعنى العام الذي تقول انه يشمل الحكومة واقامة الحدود ، وعدم الخلط بينهما.

وقلت ان الدليل على حصر الامامة الخاصة بعد النبي في أهل البيت وبقاء الثاني عشر منهم الى آخر الدنيا ، هو حديث المنزلة وحديث الثقلين وآية التطهير وحديث الكساء وحديث الائمة اثنا عشر ، ونص السابق من الائمة على اللاحق.

ورغم ذلك فقد أكدت ان المعنيين في مصطلح ( الامام ) اندمجا لدى الشيعة في معنى واحد ثالث ، وصار يراد به كلا المعنيين ، وحصر مصداقه بعد النبي بالمعصومين الاثني عشر ، وهذا ما يدل على انك تحاول التفريق بين معنى الامامة بصورة تعسفية خلافا لما تعارف عليه الشيعة الامامية ، واني لم اخلط بينهما ، وانما أنت الذي تفرق بينهما بدون ضرورة.

وعلى أي حال فان نظرية الامامة الالهية ذات الشعبتين التشريعية والتنفيذية المنحصرة في الائمة الاثني عشر ، حسب رأي الفرقة الاثني عشرية - والا فان الشيعة الاسماعيلية الامامية او الواقفية لا يؤمنون بحصر الائمة باثني عشر وقد يضيقون العدد او يفتحونه بلا حدود -

١٧٤

وسواء قلنا بحصر الامامة في اثني عشر او لم نقل فان نظرية الامامة هذه تعتمد في قيامها واستمرارها على ثبوت ولادة ووجود ابن للامام الحسن العسكري ، بغض النظر عن المناقشة في الاحاديث التي ذكرتها ( حديث المنزلة والثقلين والكساء والاثني عشرية وآية التطهير ) ومدى دلالتها وصحة سندها.فاذا استطعت ان تثبت ولادة ووجود الامام الثاني عشر بصورة علمية تاريخية ، فان نظرية الامامة او الاثني عشرية قد تصح ، اما اذا لم تستطع ان تثبت ذلك فان من العبث الحديث عن شىء لا وجود له في الخارج..

ولذا طلبت منك في رسالتي السابقة التي كتبتها قبل سنوات بعد صدور الجزأين الاولين من حلقاتك ان تبحث القضايا الرئيسية والجوهرية بدلا من ان تغوص في التفاصيل الجزئية والثانوية والهامشية ، ولا زلت اعتقد ان البحث في معنى الامامة هو موضوع ثانوي يأتي بعد موضوع إثبات وجود الامام الثاني عشر المفترض ، وكما قيل العرش ثم النقش.

وكأني بك تحاول ان تقفز عن هذا الموضوع الرئيسي المهم بتركيب بعض النظريات الكلية لكي تمهد الطريق نحو القول بفرضية وجود الامام الثاني عشر ( محمد بن الحسن العسكري ) وهو ما فعلهالمتكلمون السابقون في القرن الثالث الهجري الذين اصطدموا بالواقع وهو عدم وجود ولد للامام العسكري ، وبدلا من ان يستسلموا الى الحق ويعيدوا النظر في نظرياتهم الخيالية وتأويلاتهم التعسفية وأحاديثهم المزورة أصروا على الباطل وافترضوا وجود ولد للامام العسكري بالرغم

١٧٥

من نفي الامام ووصيته بأمواله الى أمه المسماة بـ ( حديث ) وعدم وصيته الى أحد من بعده بالامامة.

وهذا ما عنيت به من الدليل الفلسفي الوهمي الافتراضي الذي نسج اسطورة ( الامام المهدي محمد بن الحسن العسكري ).

ان إصرارك على بحث موضوع نظرية الامامة تبعا للاحاديث ( الضعيفة في المتن والسند ) التي ذكرتها ، بعد انهيار النظرية الاثني عشرية ، قد يجرك الى الانتقال الى الاسماعيلية او البهرة ، واذا أردت ان تعيد النظر في نظرية الامامة ككل فيمكنك ان تصل الى نظرية الشورى التي اعتقد انها النظرية السياسية لاهل البيت الذين لم يكونوا يدعون العصمة ولا النص ولا حصر الخلافة والامامة في سلالتهم.

واعتقد ان مشكلتك هي في ممارسة القياس المذموم والمرفوض من أهل البيت ، وتطبيق ما حدث في بني اسرائيل على الحالة الاسلامية ، وتفسير كلمة ( الاسباط ) التي تعني القبائل اليهودية الاثنتي عشرة ، بأوصياء النبي موسى ، الذين تقول انهم اثنا عشر ( بدون دليل ) والتوصل تبعا لذلك الى ضرورة وجود اثنا عشر وصيا للرسول الاعظم من أهل البيت.

ولست في حاجة الى اتهامك باتباع عبد الله بن سبأ الذي يقال انه نقل هذه الفكرة من اليهودية الى الاسلام ، وقال بكون الامام علي وصي النبي محمد كما كان يوشع وصيا للنبي موسى ، فأنت تقوم بنفسك بالبحث في الاسرائيليات وقد تعلمت اللغة العبرية وجئت الى لندن لكي تفتش في الكتب اليهودية التاريخية عما يدعم نظريتك ، علما بأن اليهود

١٧٦

الاوائل الذين مارسوا القياس بين اليهودية والاسلام لم يقولوا بأكثر من وصي واحد ، حيث لم تكن النظرية الاثني عشرية قد ولدت بعد ، ولم يكن الشيعة الامامية قد حددوا الائمة بعدد محدود قبل القرن الرابع الهجري.وقد طلبت منك مرارا ان تقوم بالتأكد من أحاديث الاثني عشرية وصحة نسبتها الى أهل البيت قبل ان تقوم بتأييدها من الاسرائيليات.

وفي الحقيقة اني عاتب عليك جدا وأشكوك الى الله ، إذ أراك تستخدم الحوار معي بصورة ملتوية ولاغراض سياسية وإعلامية علمها عند اللهوذلك لاني كنت المبادر الى دعوتك للحوار حول موضوع المهدي ، قبل ان انشره ، في سنة ١٩٩٢ وانتظرت مجيئك الى لندن عام ١٩٩٥ وألححت عليك باللقاء فكنت تتهرب مني وتشترط التسليم في البداية بالفصل بين معنيي الامامة الخاص والعام ، قلت لك لنجلس ونبحث ، فرفضت اللقاء ، وتوسلت اليك ان تدلني على مواضع الخطأ في كتابي ، فقلت انا لا أرد على كتاب غير مطبوع ، ثم نشرت ردودك قبل ان اطبع الكتاب ، ومع ذلك لم تناقش الموضوع الرئيسي فيه والذي يشكل حجر الزاوية في الفكر الامامي الاثني عشري وهو وجود وولادةالامام الثاني عشر ، ونبهتك الى ذلك في رسالتي السابقة فوعدت في الحلقة الثالثة ان تفعل في المستقبل ، ولم تقم بذلك حتى الان..ولا زلت تدور في الحواشي والجزئيات وتتهرب من مواجهة الموضوع الرئيسي.

أخي العزيز لماذا تضيع وقتك الثمين ووقت القراء ؟ أرجوك الاجابة

١٧٧

عن الاسئلة التالية

كيف تؤمن بوجود الامام الثاني عشر ( محمد بن الحسن العسكري ) ؟ عن طريق الادلة الفلسفية الكلامية والنظريات الكلية العامة؟ أم عن طريق الادلة التاريخية العلمية؟

ما هي تلك الادلة التاريخية؟ وهل بحثت الروايات المختلفة الواردة حول الموضوع ودرستها وقارنت بينها؟

هل هي روايات معتبرة لديك؟ وهل تثق برجالها؟ وهل هي مسندة؟ أم ليست الا إشاعات أسطورية مضحكة لا ترقى الى درجة أخبار الاحاد الضعيفة؟

وكما تعرف فقد بحثت كل هذه المواضيع في كتابي ( تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه ) بشكل مفصل ، فاذا كان لديك أي رد او نقاش في هذا الموضوع فتفضل به ، واذا كنت تسلم بما أقول وتعترف كبعض العلماء السابقين بالعجز عن إثبات وجود الامام الثاني عشر المفترض بالادلة التاريخية العلمية ، فلا تضيع وقتك ببحث ومناقشة الامور الثانوية التي لا تسمن ولا تغني من جوع..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحمد الكاتب

لندن ٧ شعبان ١٤٢٠/١٥ تشرين الثاني ١٩٩٩

ملحق للرسالة الثانية :

السيد سامي البدري المحترم

١٧٨

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تقول في هذه الرسالة بأنك لم تكن المتحدث في قناة الجزيرة وانما الذي كان هو السيد حسين الكشميري ، وقد راجعت شريط الفيديو وتعرفت على صوتك اكثر انك انت الذي كنت تتحدث ، كما سألت عددا من الاصدقاء وكان بعضهم من اصدقائك في لندن والمقربين اليك وهم يعرفون صوتك جيدا وكانوا يعلقون على الحوار الذي دار بيننا لمصلحتك.

وهل من المعقول ان يذيع مهندس البرنامج اسما من دون ان تتصل به او يتصل به احد ويخبره عن اسمه ؟ وكيف يعطي الكشميري اسمك لمهندس الصوت؟ ثم ان لهجتك وروحك في الحديث كانت متطابقة مع شخصيتك التي اعرفها حيث رفضت التصريح باسمي كما فعلت في نشرة شبهات وردود حيث كنت تقول صاحب النشرة.وقد سألك مقدم البرنامج عدة مرات وقال ياسامي ياسامي وقال انه يعرف انك تعرفني ، وكنت قد اتصلت به قبل المبرنامج وكما تعرف فان الاذاعة هي التي اتصلت بك وبالشيخ النعماني والشيخ الاصفي ، فكيف تقول ان المتحدث كان شخصا آخر؟

واذا كنت اشك بشىء فاني اشك برسالتك هذه التي قد يحررها شخص غيرك ولا يوجد فيها ما نعرفه منك من الصوت او الصورة وربما تكون قد وجدت الاجابة غير مناسبة وتحاول التهرب منها بالادعاء انها كانت لشخص غيرك ، وان هذا يثير الضحك لدى من يسمعه ، فأرجو ان تعلن بصراحة اذا كنت قد غيرت رأيك ، فان هذا

١٧٩

افضل او تقول انك تتفق مع الاجتهاد في الامور العقائدية والتاريخية ولا ترى مانعا من ذلك.

والسلام عليكم ورحمة الله

اخوك احمد الكاتب

جوابنا على رسالته الثانية :

قوله : طلبت مني في رسالتك الاخيرة عبر الانترنت المؤرخة ٦ شعبان ١٤٢٠ بحث موضوع وجود الشهداء بعد النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) الذين تعتبر شهادتهم كشهادة الرسول ويعتبر قولهم وفعلهم وتقريرهم كقول وفعل وتقرير الرسول ، وان نبدأ ببحث الايات والاحاديث الواردة حول الموضوع.

أقول :

عرضت عليك البحث في هذا الموضوع سنة ١٤١٨ في نشرة وكتاب شبهات وردود الحلقة الثالثة ولم تجبني لسنتين مضت عليه ثم ذكَّرتك به سنة ١٤٢٠ لما اجبتك على أول رسالة لك وجَّهتها الىَّ بالانترنيت.ومع ذلك لم تجبني الى بحث هذا الموضوع وحوَّلت البحث الى مسألة ولادة المهدي وقلت انه الموضوع الاهم.

قوله : سواء قلنا بحصر الامامة في اثني عشر او لم نقل فان نظرية الامامة هذه تعتمد في قيامها واستمرارها على ثبوت ولادة ووجود ابن للامام الحسن العسكري ، بغض النظر عن المناقشة في الاحاديث التي ذكرتها ( حديث المنزلة والثقلين والكساء والاثني عشرية وآية التطهير )

١٨٠