شبهات وردود - الحلقة الرابعة الجزء ٤

شبهات وردود - الحلقة الرابعة0%

شبهات وردود - الحلقة الرابعة مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 218

  • البداية
  • السابق
  • 218 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 9227 / تحميل: 1731
الحجم الحجم الحجم
شبهات وردود - الحلقة الرابعة

شبهات وردود - الحلقة الرابعة الجزء 4

مؤلف:
العربية

خوفا عليه.

وقالت الفرقة السابعة : ان الحسن بن علي توفي ولا عقب له والامام بعده جعفر بن علي اخوه واليه اوصى الحسن ومنه قبل جعفر الوصية وعنه صارت اليه الامامة ، وذهبوا في ذلك الى بعض مذاهب الفطحية في عبد الله وموسى ابنى جعفر.

وقالت الفرقة الثامنة : ان الامام جعفر بن علي وان امامته افضت اليه من قبل ابيه على بن محمد وان القول بامامة الحسن كان غلطاً وخطأ.

وقالت الفرقة التاسعة : بمثل مقال الفطحية الفقهاء منهم واهل النظر ، ان الحسن بن علي توفي وهو امام بوصية ابيه اليه ،.فالامام بعد الحسن بن علي جعفر اخوه لا يجوز غيره ، اذ لا ولد للحسن معروف.

وقالت الفرقة العاشرة : ان الامام كان محمد بن علي باشارة ابيه اليه ونصبه له اماما ونصه على اسمه وعينه.ثم بدا لله في قبضه اليه في حياة ابيه فاوصى محمد الى جعفر اخيه بأمر ابيه ووصاه ودفع الوصية والعلوم والسلاح الى غلام له يقال له نفيس كان في خدمة ابي الحسن ، وكان عنده ثقة امينا ودفع اليه الكتب والوصية ، وامره اذا حدث به حدثالموت ، ان يكون ذلك عنده حتى يحدث على ابيه ابي الحسن حدث الموت ، فيدفع ذلك كله حينئذ الى اخيه جعفر.

وقالت الفرقة الحادية عشرة : ان الحسن بن علي قد توفي وهو امام وخلف ابنا بالغا يقال له محمد ، وهو الامام من بعده وان الحسن بن

٢١

علي اشار اليه ، ودل عليه وامره بالاستتار في حياته مخافة عليه ، فهو مستتر خائف في تقية من عمه جعفر.

وقالت الفرقة الثانية عشرة : بمثل هذه المقالة في امامة الحسن بن علي وان له خلفاً ذكرا يقال له على ، وكذبوا القائلين بمحمد ، وزعموا انه لا ولد للحسن غير علي ، انه قد عرفه خاصة ابيه وشاهدوه ، وهي فرقة قليلة بناحية سواد الكوفة.

وقالت الفرقة الثالثة عشرة : ان للحسن بن علي ولد ولد بعده بثمانية اشهر وانه مستتر لا يعرف اسمه ولا مكانه.

وقالت الفرقة الرابعة عشرة : لا ولد للحسن بن علي اصلا لانا تبحرنا ذلك بكل وجه وفتشنا عنه سرا وعلانية ، وبحثنا عن خبره في حياة الحسن بكل سبب فلم نجده.ولكن هاهنا حبل قائم مشهور قد صح في سرية له وقد وقف على ذلك السلطان والعامة ، وصح عندهم ذلك وسيلد ذكرا اماما ، واحتجوا بالخبر الذي روى عن جعفر ان القائم يخفى على الناس حمله وولادته.

وقالت الفرقة الخامسة عشرة : نحن لا ندري ما نقول في ذلك وقد اشتبه علينا الامر فلسنا نعلم ان للحسن بن علي ولد ام لا ، ام أن الامامة صحت لجعفر ام لمحمد ، وقد كثر الاختلاف.الا انا نقول ان الحسن بن علي كان اماما مفترض الطاعة ثابت الامامة ، وقد توفى (عليه‌السلام ) وصحتوفاته ، والارض لا تخلو من حجة فنحن نتوقف ولا نقدم على القول بامامة احد بعده ، اذ لم يصح عندنا ان له خلفاً وخفي علينا امره ، حتى يصح لنا الامر ويتبين ، ونتمسك بالاول كما امرنا ، انه اذا هلك الامام ولم

٢٢

يعرف الذي بعده فتمسكوا بالاول حتى يتبين لكم الاخر )(١) .

أقول ويتضح من القراءة السريعة :

ان النصين يتفقان على مسألة تفرق أصحاب الحسن العسكري الى اربع عشرة فرقة وعدم ذكر حجم كل فرقة منها الامر الذي يجعل القارئ محقا أن يفترض ان هذه الفرق متكافئة عدديا ، وبالتالي يحكم ببساطة ان نسبة الفرقة الامامية هي نسبة واحد من اربعة عشر(٢) .

وتزداد أهمية وخطورة النتيجة حين نعلم ان النوبختي والاشعري القمي هما من علماء الشيعة المعاصرين لفترة الغيبة الصغرى فالاشعري القمي توفي سنة ٣٠١ هجرية والنوبختي توفي في حدود سنة ٣٢٠ هجرية.والمسألة بهذه الحدود قد يكون القارئ البسيط فيها معذوراً ، غير إنه إذا كان قارئا مثقفا له رأي فيما يقرأ أو كان باحثا يريد لبحثه ان يكتسب صفة العلمية والموضوعية أو كان مجددا يريد ان يواجه الملايين ليخطئها في ما لديها ويقدم لها معلومات جديدة ينبغي له القيام بعدة أمور قبل التصديق بالتصور الانف الذكر وهي :

١.عليه ان يفسر ظاهرة التشابه بين الكتابين وهل هما كتابان حقا ام هما كتاب واحد بعضهما اصل والاخر مهذب بشكل طفيف؟

٢.ان يقوم بتوثيق النسختين فهل المطبوع هو نسخة المؤلف او

____________________

(١) المقالات والفرق للاشعري القمي : ١٠١ - ١١٥.

(٢) ومع ان الحق لا يقاس بالكثرة العددية الا إن الكثرة هنا لها حساب خاص علينا ان نوليه أهمية ونتحقق منه.

٢٣

نسخة عنها او نسخة متأخرة جدا لا يعرف الاصل الذي استنسخت عنه ؟

٣.أن يقوم بتوثيق النص فيقارن بين النسخة التي بين يديه والمنقول عن الاصل في كتب أخرى في فترات أقدم من النسخة الخطية.

٤.ان يبحث عن مصادر أخرى في الموضوع نفسه فقد يجد ما يؤيد أو ما يعارض وعليه ان يعالج التعارض أو يرجح مصدرا على آخر بمرجحات مقبولة علميا.

ومن المؤسف ان الاستاذ الكاتب لم يقم بواحدة من تلك الامور في هذا المورد الخطير وبقي في إطار نسختي النوبختي والاشعري ليقرر الحقيقة فيقول : ( ان الفرقة الامامية هي شرذمة قليلة من بين اربع عشرة فرقة ) ثم يتدرج في الحكم الى ما نقلناه عنه آنفا.

لقد نبهناه في الحلقة الاولى يوم كتبنا ردا على ما نشره في نشرة الشورى الى قيام الباحثين ببحوث حول نسختي الاشعري والنوبختي وكونهما كتابا واحدا لمؤلف واحد هو النوبختي او الاشعري القمي.ومع ذلك لم يستفد من التنبيه ولم يتعرض لابحاث الباحثين سلباً أو إيحاباً وطبع كتابه وضمَّنه ما نشره في نشرته الشورى مكثراً من الاستشهاد فى كتابه بعبارات فرق الشيعة للنوبختي والمقالات والفرق للاشعري القمي إذ جاء فيه مايقرب من ( ٧٦ ) إحالة الى هذين المصدرين من أصل ( ٦٢٧ ) إحالة الى مصادر أخرى في القسم الاول والثاني من كتابه.

٢٤

ما نقله الشيخ المفيد عن كتاب فرق الشيعة :

مضافا الى ذلك لم يقارن بين ما نقله الشيخ المفيد عن النوبختي في كتابه الفصول المختارة من انقسام اصحاب الحسن العسكري(عليه‌السلام ) الى اربع عشرة فرقة والنص عند الشيخ المفيد كما يلي :

قال الشيخ المفيد ت٤١٣ في كتابه الفصول المختارة ( ولما توفي أبو محمد الحسن بن علي بن محمد (عليه‌السلام ) إفترق أصحابه بعده على ما حكاه أبو محمد الحسن بن موسى النوبختي بأربع عشرة فرقة ، فقال الجمهور منهم بإمامة القائم المنتظر (عليه‌السلام ) وأثبتوا ولادته وصححوا النص عليه وقالوا هو سمي رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ومهدي الانام )(١) .

ويتضح من هذا النص ان نسخة النوبختي المطبوعة قد أصابها التحريف حين لم يذكر فيها عبارة ( الجمهور منهم )(٢) .

____________________

(١) ثم ذكرالشيخ المفيد تلك الفرق وما نسب اليهامن قول وناقشه ثم عقب عليه بقوله : (وليس من هؤلاء الفرق التي ذكرناها فرقة موجودة في زماننا هذه وهو سنة ثلاث وسبعبن وثلاثمائة الا الامامية الاثنا عشرية القائلة بإمامة ابن الحسن المسمى باسم رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) القاطعة على حياته وبقائه الى وقت قيامه بالسيف حسبما شرحناه فما تقدم عنهم وهم أكثر فرق الشيعة عددا وعلماء ومتكلمون ونظار وصالحون وعباد ومتفقهة وأصحاب حديث وأدباء وشعراء ، وهم وجه الامامية ورؤساء جماعتهم والمعتمد عليهم في الديانة ومن سواهم منقرضون ولا يعلم أحد من جملة الاربع عشرة فرقة التي قدمنا ذكرها ظاهرا بمقالة ولا موجودا على هذا الوصف من ديانته وإنما الحاصل منهم حكاية عمن سلف وأراجيف بوجود قوم منهم لا تثبت).

(٢) نبهنا الى وقوع التحريف في نسخة فرق الشيعة بالمقارنة بين نصها ونص الشيخ المفيد عن النوبختي أخونا الحجة الشيخ عبد الله الدشتي جزاه الله خير الجزاء.

٢٥

ما ذكره الشيخ ابو سهل النوبختي :

أقول : ويؤكد وقوع هذا التحريف في النسخة المطبوعة لكتاب فرق الشيعة للنوبختي ما ذكره الشيخ ابو سهل اسماعيل بن علي النوبختي(١) وهو خال الحسن بن علي النوبختي صاحب فرق الشيعة.

قال أبو سهل في كتابه ( التنبيه في الامامة ) : ان الحسن(عليه‌السلام ) خلف جماعة من ثقاته ممن يروي عنه الحلال والحرام ويؤدي كتب شيعته واموالهم ويخرجون الجوابات وكانوا بموضع من الستر والعدالة بتعديله اياهم في حياته ، فلما مضى اجمعوا جميعاً على انه قد خلَّف ولدا هو الامام وامروا الناس ان لا يسألوا عن اسمه وان يستروا ذلك من اعدائه ، و طلبه السلطان اشد طلب ووكل بالدور والحبالى من جواري الحسن (عليه‌السلام )(٢) .

أقول : ومن البعيد جداً ان يكون ابن الاخت وهو معني بالامر غير مطلع على كتا ب خاله في الموضوع نفسه وهو شيخ متكلمي الشيعة في بغداد في وقته وإذا اطلع عليه وكان مخالفا له فمن البعيد ان لا يذكر رأيه.

____________________

(١) كان وجها من وجوه علماء الشيعة سنة٣٠٥ وحضر وفاة السفيرالثاني ووصيته الى الحسين بن روح ، وكان يترقب قسم من الشيعة ان يكون هو النائب بعد وفاة السفير الثاني لوجاهته وشدة اتصاله واختصاصه به وستأتي جملة أخرى من ترجمته.

(٢) أنظر إكمال الدين للشيخ الصدوق ص ٩٣.

٢٦

ما ذكره الشيخ الصدوق :

وقد اشار الى هذه الحقيقة ايضا الشيخ الصدوق في كتابه اكمال الدين ص ٤٥ ، قال : كل من سألنا من المخالفين عن القائم (عليه‌السلام ) ، لم يخل من ان يكون قائلاً بامامة الائمة الاحد عشر من آبائه (عليهم‌السلام ) او غير قائل بامامتهم.

فان كان قائلا بامامتهم لزمه القول بامامة الامام الثاني عشر لنصوص آبائه الائمة (عليهم‌السلام ) عليه باسمه ونسبه واجماع شيعتهم على القول بامامته وانه القائم الذي يظهر بعد غيبة طويلة فيملا الارض قسطاً وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً.

ما ذكره الذهبي :

مضافا الى ذلك فقد نص على حقيقة : ( ان المعتقدين بالمهدي بن الحسن العسكري هم جمهور أصحاب الامام الحسن العسكري وليس شرذمة ) الذهبي في كتابه ( سير اعلام النبلاء ) وابن حزم الاندلسي في كتابه ( الفصل ) والاشعري السني في كتابه مقالات الاسلاميين.

قال الذهبي ( ت٧٤٨ ) في سير أعلام النبلاء ج ١٣ /١١٩ - ١٢٢ نقل أبو محمد بن حزم أن الحسن ( بن علي بن محمد ) مات عن غير عقب.قال وثبت جمهور الرافضة على أن للحسن ابنا أخفاه.

٢٧

ما ذكره ابن حزم ت ٥٤٨ هجرية :

وقال ابن حزم ( ٤٨٤-٥٤٨هجرية ) في كتابه ( الفصل في الملل ) ج٤/٧٧ ( وقالت الروافض الامامة في علي وحده بالنص عليه ثم في الحسن ثم في الحسين وادعوا نصا آخر من النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) عليهما بعد أبيهما ثم علي ابن الحسين لقول الله عز وجل ( وأولوا الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ).قالوا فولد الحسين أحق من أخيه ثم محمد بن علي بن الحسين ثم جعفر بن علي ابن الحسين.وهذا مذهب جميع متكلميهم كهشام بن الحكم وهشام الجواليقي وداود الحواري وداود الرقي وعلي بن منصور وعلي بن هيثم وأبي علي السكاك تلميذ هشام بن الحكم ومحمد بن جعفر بن النعمان شيطان الطاق وأبي ملك الحضرمي وغيرهم.

ثم افترقت الرافضة بعد موت هؤلاء المذكورين وموت جعفر بن محمد فقالت طائفة بإمامة محمد بن إسماعيل بن جعفر.وقالت طائفة بإمامة ابنه محمد بن جعفر وهم قليلوقالت طائفة جعفر حي لم يمت.وقال جمهور الرافضة بإمامة ابنه موسى بن جعفر ثم علي ابن موسى ثم محمد بن علي بن موسى ثم علي بن محمد بن موسى ثم الحسن بن علي.ثم مات الحسن غير معقب فافترقوا فرقا وثبت جمهورهم على أنه ولد للحسن بن علي ولد فأخفاه وقيل بل ولد له بعد موته من جارية له اسمها صقيل وهو الاشهر وقال بعضهم بل من جارية له اسمها نرجس وقال بعضهم من جارية له اسمها سوسن ).

٢٨

وقال في ج٤/١٣٨ ( وقالت القطعية من الامامية الرافضة كلهم وهم جمهور الشيعة ومنهم المتكلمون والنظارون والعدد العظيم بان محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي ابن موسى بن جعفر بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب حي لم يمت ولا يموت حتى يخرج فيملاالارض عدلا كما ملئت جورا وهو عندهم المهدي المنتظر ، وبقول طائفة منهم ان مولد هذا الذي لم يخلق قط في سنة ستين ومائتين سنة موت ابيه وقالت طائفة منهم بل بعد موت ابيه بمدة وقالت طائفة منهم بل في حياة ابيه.وكل هذا هوس ولم يعقب الحسن المذكور ذكراً ولا انثى فهذا اول نُوك(١) الشيعة ومفتاح عظيماتهم واخفها وان كانت مهلكة(٢) ).

أقول : ذكر السيد هبة الدين الشهرستاني في مقدمة كتاب فرق الشيعة للنوبختي ان نسخة من فرق الشيعة للنوبختي كانت عند ابن حزم(٣) وهو قرينة ثالثة على ان النسخة المتداولة من كتاب فرق الشيعة

____________________

(١) النُّوك بالضم الحُمق ، والانْوك : الاحمق.

(٢) اقول : لئن لم يثق ابن حزم ونظراؤه بنقل جمهور الشيعة ان امامهم الحسن العسكري قد ولد له ولد نص عليه بالامامة.فقد وثق بقولهم آخرون من علماء السنة وأثبتوا أن للحسن العسكري خَلَف سماه محمدا ولقبه المهدي ومن هؤلاء : سبط بن الجوزي الحنبلي ت٦٤٥ في كتابه تذكرة الخواص / ٣٦٣ ، ومحمد بن طلحة الشافعي ت ٦٥٢ في مطالب السؤول ٢/ ٧٩ وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة /٢٨٧ وابن طولون ت٩٥٣ في كتابه الائمة الاثني عشر وغيرهم وقد عد المرجع المعاصر الشيخ الصافي في كتابه منتخب الاثر خمسا وستين عالما من علماء السنة ممن ذكر ذلك (انظر هامش ص ٣٢٢فما بعدها ).

(٣) فرق الشيعة للنوبختي ، مقدمة السيد هبة الدين الشهرستاني / زي.

٢٩

محرفة في هذا الموضع.

ما ذكره الاشعري السني في كتابه المؤلَّف سنة ٢٩٧ هجرية :

أقول : وهناك من هو أقدم من ابن حزم ممن قرر حقيقة ان جمهور اصحاب الحسن العسكري كانوا يؤمنون بان الحسن العسكري له ولد هو الامام الثاني عشر وهو المهدي المنتظر ، وهو مصدر مهم جدا لاينبغي لباحث أن يغفله وهو كتاب ( مقالات الاسلاميين ) لابي الحسن الاشعري السني ( ت ٣٢٤ هجرية ) وقد انتهى من تأليفه سنة ٢٩٧ هجرية ( أي بعد خمس وثلاثين سنة من وفاة الحسن العسكري ).

قال أبو الحسن الاشعري السني ( فالفرقة الاولى منهم وهم القطعية وانما سموا قطعية لانهم قطعوا على موت موسى بن جعفر بن محمد بن علي وهم جمهور الشيعة يزعمون ان النبي نص على امامة على بن أبي طالب واستخلفه بعده بعينه واسمه وان عليا نص على امامة ابنه الحسن بن على وان الحسن بن على نص على امامة اخيه الحسين بن على وان الحسين بن على نص على امامة ابنه على بن الحسين وان على بن الحسين نص على امامة ابنه محمد بن على وان محمد بن على نص على امامة ابنه جعفر بن محمد وان جعفر بن محمد نص على امامة ابنه موسى بن جعفر وان موسى بن جعفر نص على امامة ابنه على بن موسى وان على بن موسى نص على امامة ابنه محمد بن على بن موسى وان محمد بن على بن موسى نص على امامة ابنه الحسن بن على بن محمد بن على بن موسى وهو الذي كان بسامرا وان الحسن بن

٣٠

على نص على امامة ابنه محمد بن الحسن بن على وهو الغائب المنتظر عندهم الذي يدعون انه يظهر فيملا الارض عدلا بعد ان ملئت ظلما وجورا ).

ويتضح من ذلك كله في ضوء المصادر الشيعية والسنية القديمة : ان جمهور اصحاب الحسن العسكري وثُقاته وهم جمهور الشيعة آنذاك كانوا يقولون بالولد وكون ابيه الحسن ٧ قد نص على إمامته وانه المهدي الموعود طوال الغيبة الصغرى (أي القرن الثالث الهجري والربع الاول من القرن الرابع الهجري).

القضية الثانية :

قضية الحيرة في بدء الغيبة الكبرى

مما لا شك فيه ان قسما كبيرا من الشيعة عاشوا حيرة شاملة حين بلغهم خبرانقطاع النيابة الخاصة بعد وفاة النائب الرابع ، حيث لا يوجد مرجع معين من الامام المهدي (عليه‌السلام ) ينهض بأمورهم ، مع كثرة الشبهات التي أثارها الزيدية والمعتزلة وغيرهم ، وتصدى علماء الشيعة في تلك الفترة لرفع الحيرة التي نشأت بسبب ذلك وكتبوا كتبا خالدة منها : -

- كتاب ( الغيبة ) لمحمد بن ابراهيم النعماني ( ألفه بين سنة ٣٣٣ هجرية وسنة ٣٤٢هجرية).

- و ( الامامة والتبصرة من الحيرة ) لعلي بن بابويه ( ت ٣٢٩ )

- و ( إكمال الدين و إ تمام النعمة في إثبات الغيبة وكشف الحيرة )

٣١

لمحمد بن علي بن بابويه ( ت ٣٨٦ ).

- و ( الغيبة ) للشيخ الطوسي ( ت ٤٦٠ ).

- وغيرها.

قال علي بن بابويه في الامامة والتبصرة ص ٩ : ( رأيت كثيرا ممن صح عقده ، وثبتت على دين الله وطأته ، وظهرت في الله خشيته ، قد أحادته الغيبة ، وطال عليه الامد حتى دخلته الوحشة ،.فجمعت أخبارا تكشف الحيرة.)

وقال النعماني في كتاب الغيبة ص ٢٠ : ( أما بعد فإنا رأينا طوائف من العصابة المنسوبة إلى التشيع المنتمية إلى نبيهامحمد وآله صلى الله عليهم - ممن يقول بالامامة التي جعلها الله برحمته دين الحق ولسان الصدق وزينا لمن دخل فيها ونجاة وجمالا لمن كان من أهلها وفاز بذمتها وتمسك بعقدتها ووفى لها بشروطها من المواظبة على الصلوات وإيتاء الزكوات والمسابقة إلى الخيرات ، واجتناب الفواحش والمنكرات ، والتنزه عن سائر المحظورات ، ومراقبة الله تقدس ذكره في الملا والخلوات ، وتشغل القلوب وإتعاب الانفس والابدان في حيازة القربات - قد تفرقت كلمها ، وتشعبت مذاهبها ، واستهانت بفرائض الله عز وجل ، وحنت إلى محارم الله تعالى ، فطار بعضها علوا ، وانخفض بعضهاتقصيرا ، وشكوا جميعا إلا القليل في إمام زمانهم وولى أمرهم وحجة ربهم.للمحنة الواقعة بهذه الغيبة التي سبق من رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ذكرها ، وتقدم من أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) خبرها ، ونطق في المأثور من خطبه والمروي عنه من كلامه وحديثه بالتحذير من فتنتها ، وحمل أهل العلم

٣٢

والرواية عن الائمة من ولده : واحدا بعد واحد أخبارها حتى ما منهم أحد إلا وقد قدم القول فيها، ووجدنا الرواية قد أتت عن الصادقين (عليهم‌السلام ) بما أمروا به من وهب الله عزوجل له حظا من العلم وأوصله منه إلى ما لم يوصل إليه غيره من تبيين ما اشتبه على إخوانهم في الدين ، وإرشادهم في الحيرة إلى سواء السبيل ، وإخراجهم عن منزلة الشك إلى نور اليقين.فقصدت القربة إلى الله عزوجل بذكر ما جاء عن الائمة الصادقين الطاهرين (عليهم‌السلام ) من لدن أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) إلى آخر من روي عنه منهم في هذه الغيبة التي عمى عن حقيتها ونورها من أبعده الله عن العلم بها والهداية إلى ما اوتي عنهم (عليهم‌السلام ) فيها ما يصحح لاهل الحق حقيقة ما رووه ودانوا به ، وتؤكد حجتهم بوقوعها وبصدق ما آذنوا به منها.

وإذا تأمل من وهب الله تعالى له حسن الصورة وفتح مسامع قلبه ، ومنحه جودة القريحة وأتحفه بالفهم وصحة الرواية بما جاء عن الهداة الطاهرين صلوات الله عليهم على قديم الايام وحديثها من الروايات المتصلة فيها.عَلِمَ أن هذه الغيبة لو لم تكن ولم تحدث مع ذلك ومع ما روي على مر الدهور فيها لكان مذهب الامامة باطلا(١) لكن الله تبارك وتعالى صدَّق إنذار الائمة (عليهم‌السلام ) بها ، وصحح قولهم فيها في عصر بعد عصر ).

وقال محمد بن علي بن بابويه في كتابه ( إكمال الدين و إ تمام

____________________

(١) مراده ان خبر الغيبة متواتر عن الائمة (عليهم‌السلام ) فإذا لم تقع فإن معنى ذلك تخلف الاخبار عن الواقع وبالتالي يؤدي الى هدم التصديق المطلق بالاخبار الثابتة عن الائمة (عليهم‌السلام ).

٣٣

النعمة في إثبات الغيبة وكشف الحيرة ) ص ٢ : إن الذي دعاني إلى تأليف كتابي هذا أنى لما قضيت وطري من زيارة علي بن موسى الرضا صلوات الله عليه رجعت إلى نيسابور وأقمت بها ، فوجدت أكثر المختلفين إلىَّ من الشيعة قد حيرتهم الغيبة ، ودخلت عليهم في أمر القائم (عليه‌السلام ) الشبهة ، وعدلوا عن طريق التسليم إلى الاراء والمقائيس ، فجعلت أبذل مجهودي في إرشادهم إلى الحق وردهم إلى الصواب بالاخبار الواردة في ذلك عن النبي والائمة صلوات الله عليهم ، حتى ورد إلينا من بخارا شيخ من أهل الفضل والعلم والنباهة ببلد قم ، طال ما تمنيت لقاءه و اشتقت إلى مشاهدته لدينه وسديد رأيه واستقامة طريقته ، وهو الشيخ نجم الدين أبوسعيد محمد بن الحسن بن محمد بن أحمد بن على بن الصلت القمي.فبينا هو يحدثني ذات يوم إذ ذكر لي عن رجل قد لقيه ببخارا من كبار الفلاسفة والمنطقيين كلاما في القائم (عليه‌السلام ) قد حيره وشككه في أمره لطول غيبته وانقطاع أخباره ، فذكرت له فصولا في إثبات كونه (عليه‌السلام ) ورويت له أخبارا في غيبته عن النبي و الائمة (عليهم‌السلام )سكنت إليها نفسه ، وزال بها عن قلبه ما كان دخل عليه من الشك والارتياب والشبهة ، وتلقى ما سمعه من الاثار الصحيحة بالسمع والطاعة والقبول والتسليم ، وسألني أن أصنف ( له ) في هذا المعنى كتابا ،فأجبته إلى ملتمسه ووعدته جمع ما ابتغى إذا سهل الله لي العود إلى مستقري ووطني بالري.

فبينا أنا ذات ليلة أفكر فيما خلفت ورائي من أهل وولد وإخوان ونعمة إذ غلبني النوم فرأيت كأني بمكة أطوف حول بيت الله الحرام وأنا

٣٤

في الشوط السابع عند الحجر الاسود أستلمه وأقبله ، وأقول " أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة " فأرى مولانا القائم صاحب الزمان - صلوات الله عليه - واقفا بباب الكعبة، فأدنو منه على شغل قلب وتقسم فكر ، فعلم (عليه‌السلام ) ما في نفسي بتفرسه في وجهي ، فسلمت عليه فرد علي السلام ، ثم قال لي لم لا تصنف كتابا في الغيبة حتى تكفي ما قد همك ؟ فقلت له يا ابن رسول الله قد صنفت في الغيبة أشياء ، فقال (عليه‌السلام ) ليس على ذلك السبيل آمرك أن تصنف الان كتابا في الغيبة واذكر فيه غيبات الانبياء (عليهم‌السلام ).ثم مضى صلوات الله عليه.

فانتبهت فزعا إلى الدعاء والبكاء والبث والشكوى إلى وقت طلوع الفجر ، فلما أصبحت ابتدأت في تأليف هذا الكتاب ممتثلا لامر ولي الله وحجته، مستعينا بالله ومتوكلا عليه ومستغفرا من التقصير ، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ).

أقول :

أن السر في هذه الحيرة هو انقضاء الجيل الذي شاهد الامام (عليه‌السلام ) و تعامل معه حسيا ونشر أخباره بين الشيعة بشكل خاص ، وكون الغيبة ظاهرة جديدة لم يسبق لها مثيل في المجتمع الاسلامي مع وجود شبهات وتساؤلات من الخصوم.

وقد وفق العلماء المذكورون ونظراؤهم رحمهم الله جميعا في الاجابة على كل شبهة اثيرت حول الغيبة وما يرتبط بها حتى عادت الغيبة لدى الشيعة بمنزلة المشاهدة وصارت دليلا آخر على صدق إمامة

٣٥

أهل البيت (عليهم‌السلام ) وآية من آياتهم كما أشار النعماني الى ذلك.

وفي ضوء ما بيناه يتضح :

ان قول الاستاذ الكاتب : "اذا استثنينا شرذمة قليلة ، ان اجماع الشيعة في القرن الثالث والقرن الرابع كان قائماً على عدم الايمان بوجود ( محمد بن الحسن العسكري ) وقد ذكر ذلك عامة مؤرخي الشيعة كالنوبختي والاشعري والكليني والنعماني والصدوق والمفيد والطوسي ، الذي اطلقوا على ذلك العصر اسم ( عصر الحيرة ).( ٢٣٤-٢٣٥ ) "

لم يكن قد تحرّى فيه الامانة والدقة العلمية ، ولا استوعب المصادرالاساسية في مثل هذه القضية الخطيرة.

٣٦

الفصل الثاني

الامامة بعد الحسن والحسين (ع) لا تكون في أخوين

٣٧

قوله : وكان الدافع الرئيسي لهذا القول (أي ان للحسن العسكري ولد) هو التمسك بقانون (الوراثة العمودية) و(عدم جواز انتقال الامامة الى أخوين بعد الحسن والحسين) وبالرغم من أنه (أي القانون المذكور) كان قولا ضعيفا ولم يجمع الشيعة الامامية عليه في ذلك الوقت خلافا لما ادعى الطوسي بعد ذلك بمأتي عام

أقول : ان قانون الوراثة العمودية وعدم جواز انتقال الامامة الى أخوين بعد الحسن والحسين مما اتفق عليه جمهورالشيعة الامامية بعد الامام الصادق (عليه‌السلام ) في القرن الثاني والثالث وقد نقل هذه الحقيقة النوبختيان الخال وابن اخته والاشعري القمي في كتبهم قبل الشيخ الطوسي بأكثرمن مأة عام ، هذا مضافاً الى الروايات الصحيحة الواردة بذلك

٣٨

٣٩

نص الشبهة

قال : أن القول بـ ( عدم جواز انتقال الامامة الى أخوين بعد الحسن والحسين ووجوب استمرارها في الاعقاب ) قول ضعيف ولم يجمع الشيعة الامامية عليه في ذلك الوقت خلافا لما ادعى الطوسي بعد ذلك بمأتي عام.( ص١٨٩ ).

الرد على الشبهة

أقول : بل هو قول جمهور الشيعة الامامية والمشهور بل المتواتر بينهم قبل ولادة المهدي (عليه‌السلام ) كما نقله اسماعيل بن علي النوبختي في كتابه ( التنبيه في الامامة ) وابن أخته الحسن بن موسى النوبختي في كتابه فرق الشيعة والاشعري القمي في كتابه المقالات والفرق على فرض تعدد الكتابين المتداولين.

قول أبي سهل النوبختي :

قال اسماعيل بن علي النوبختي في كتاب التنبيه :

( وعلمنا بالاخبار المتواترة عن الائمة الصادقين (عليهم‌السلام ) ان الامامة لا تكون بعد كونها في الحسن والحسين (عليه‌السلام ) الا في ولد الامام ولا يكون

٤٠