زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

زاد المبلغ الى بيت الله الحرام0%

زاد المبلغ الى بيت الله الحرام مؤلف:
المحقق: معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 135

  • البداية
  • السابق
  • 135 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 12840 / تحميل: 1893
الحجم الحجم الحجم
زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
العربية

سلسلة زاد المبلغ

زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

١

الكتاب: زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

إعداد: معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني

الطبعة: الاول، تشرين١، ٢٠٠٩م ١٤٣٠ه

جميع حقوق الطبع محفوظة ©

٢

٣

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، وأشرف الصلاة وأزكى السلام على رسول الرحمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى أهل بيته الطيّبين الطاهرين.

يعتبر موسم الحجّ من أهمّ المواسم العباديّة والروحيّة، التي يسعى فيها الإنسان المسلم لعتق رقبته وغفران ذنوبه، من خلال وفادته على الله - تبارك وتعالى - لأداء فريضة الحجّ، كما أنّ هذه الأيّام المباركة، فرصة جليلة وعظيمة، لنشر وتبليغ المفاهيم الدينيّة والأخلاقيّة. ومن هنا فإنّ المركز الإسلاميّ للتبليغ، عمد إلى نشر اصدار جديد تحت عنوان: "زاد المبلِّغ إلى بيت الله الحرام"، ليكون زاداً للإخوة العلماء والمبلّغين، الذين نذروا أنفسهم لخدمة حجّاج بيت الله الحرام وتعليمهم شرائط وأحكام هذه الفريضة، ودلالة مناسكها الثقافيّة والتربويّة.

وهذا الاصدار يقع ضمن سلسلة زاد المبلّغ والذي نأمل أن يلقى استحسان الأخوة المبلّغين من خلال الموضوعات التي تضمّنها وليساهم في ايجاد المادّة المناسبة والخطاب الثقافيّ الملائم لأجواء هذه الفريضة المباركة.

وقد اعتمدنا في هذا الاصدار تصديره برواية الشبليّ المرويّة عن الإمام السجّادعليه‌السلام ، ورواية معراج السعادة، لما تتضمّانه من معانٍ سامية في فهم فريضة الحجّ، ثمّ يلي هاتين الروايتين أربعة عشرة محاضرة، تتمحور حول دلالات المناسك والشعائر التي تُؤَدَّى في هذه الفريضة. وأفردنا ملحقاً موجزاً، لبعض الأماكن المقدّسة في مكّة والمدينة، والتي قد يسأل عنها المبلّغ في رحلات الحج، واختتمنا الكتاب بدعاء عرفة المستحبّ قراءته يوم عرفة، ونظراً لأهميّته وما يحتويه من مفاهيم ثقافيّة مهمّة.

وختاماً، نسأل الله أن يوفقنا وإيّاكم للعمل الصالح، وأن يتقبّل أعمالنا وأعمالكم، بأحسن القبول شاكرين للاخوة جميعاً، تعاونهم واهتمامهم، إنّه سميع مجيب.

المركز الإسلامي للتبليغ

٤

٥

رواية الشبلي:

الأبعاد والآداب المعنوية للحج

إنّ فريضة الحجّ معينٌ غنيٌ بالأبعاد والآداب المعنويّة والروحيّة، وللإطلالة على هذه الأبعاد المفضية إلى أسرارها، نورد روايتين تسلّطان الضوء عليها، بادئين بروايةٍ عن الإمام زين العابدينعليه‌السلام المعروفة برواية الشبليّ، وهي التالية:

نقل السيّد عبد الله سبط المحدّث الجزائريّ في "شرح النخبة": وجدت في عدّة مواضع، أوثقها بخطّ بعض المشايخ الذين عاصرناهم مرسلاً، أنّه لمـّا رجع مولانا زين العابدينعليه‌السلام من الحجّ استقبله الشبليّ، فقالعليه‌السلام له: حججت يا شبليّ؟ قال: نعم يا ابن رسول الله، فقالعليه‌السلام : أنزلت الميقات، وتجرّدت عن مخيط الثياب، واغتسلت؟ قال: نعم، قالعليه‌السلام : فحين نزلت الميقات، نويت أنّك خلعت ثوب المعصية، ولبست ثوب الطاعة؟ قال: لا، قال: فحين تجرّدت عن مخيط ثيابك،

٦

نويت أنّك تجرّدت من الرياء والنفاق والدخول في الشبهات؟ قال: لا، قال: فحين اغتسلت، نويت أنّك اغتسلت من الخطايا والذنوب؟

قال: لا، قال: فما نزلت الميقات، ولا تجرّدت عن مخيط الثياب، ولا اغتسلت!

ثمّ قالعليه‌السلام : "تنظّفت، وأحرمت، وعقدت بالحجّ؟ قال: نعم، قال: فحين تنظّفت، وأحرمت، وعقدت الحج نويت أنّك تنظّفت بنورة التوبة الخالصة لله تعالى؟ قال:لا، قال: فحين أحرمت، نويت أنّك حرّمت على نفسك كلّ محرّم حرّمه الله - عزّ وجلّ -؟ قال: لا، قال: فحين عقدت الحجّ، نويت أنّك قد حللت كلّ عقد لغير الله؟ قال: لا، قال لهعليه‌السلام : ما تنظّفت، ولا أحرمت، ولا عقدت الحجّ!

قال لهعليه‌السلام : أَدَخَلْتَ الميقات، وصلّيت ركعتي الإحرام، ولبّيت؟ قال: نعم، قال: فحين دخلت الميقات، نويت أنّك بنيّة الزيارة؟ قال: لا، قال: فحين صلّيت الركعتين، نويت أنّك تقرّبت إلى الله بخير الأعمال من الصلاة، وأكبر حسنات العباد؟ قال: لا، قال: فحين لبّيت نويت أنّك نطقت لله سبحانه بكلّ طاعة وصمت عن كلّ معصية؟ قال: لا، قال لهعليه‌السلام : ما دخلت الميقات، ولا صلّيت، ولا لبّيت!

ثمّ قال لهعليه‌السلام : أدخلت الحرم، ورأيت الكعبة، وصلّيت؟ قال: نعم، قالعليه‌السلام : فحين دخلت الحرم نويت أنّك حرّمت على

٧

نفسك كلّ غيبة تستغيبها المسلمين من أهل ملّة الإسلام؟ قال: لا، قال: فحين وصلت مكّة، نويت بقلبك أنّك قصدت الله؟ قال: لا، قالعليه‌السلام : فما دخلت الحرم، ولا رأيت الكعبة، ولا صلّيت!

ثمّ قالعليه‌السلام : طِفْتَ بالبيت، ومسَسْتَ الأركان، وسَعَيْتَ؟ قال: نعم، قال: فحين سعيت، نويت أنّك هربت إلى الله، وعرف منك ذلك علّام الغيوب؟ قال: لا، قالعليه‌السلام : فما طفت بالبيت، ولا مسست الأركان، ولا سعيت!

ثمّ قال لهعليه‌السلام : صافحت الحجر، ووقفت بمقام إبراهيمعليه‌السلام ، وصلّيت به ركعتين؟ قال: نعم، فصاحعليه‌السلام صيحة كاد يفارق الدنيا، ثمّ قال: آهٍ آهٍ، من صافح الحجر الأسود فقد صافح الله تعالى، فانظر يا مسكين لا تضيِّع أجر ما عَظَمَ حرّمته، وتنقض المصافحة بالمخالفة، وقَبْضُ الحرام نظيرُ أهل الآثام.

ثمّ قالعليه‌السلام : نويت حين وقفت عند مقام إبراهيمعليه‌السلام ، أنّك وقفت على كلَّ طاعة، وتخلّفت عن كلّ معصية؟ قال: لا، قال: فحين صلّيت فيه ركعتين نويت أنّك صلّيت بصلاة إبراهيمعليه‌السلام وأرغمت بصلاتك أنف الشيطان؟ قال: لا، قال له: فما صافحت الحجر الأسود، ولا وقفت عند المقام، ولا صلّيت فيه ركعتين!

ثمّ قالعليه‌السلام له: أَشْرَفْتَ على بئرِ زمزم، وشرِبتَ من مائها؟ قال: نعم، قال: نويت أنّك أشرفت على الطاعة، وغضضت

٨

طرفك عن المعصية؟ قال: لا، قالعليه‌السلام : فما أشرفت عليها، ولا شربت من مائها! ثمّ قالعليه‌السلام له: أسعيت بين الصفا والمروة، ومشيت وتردّدت بينهما؟ قال: نعم، قال له: نويت أنّك بين الرجاء والخوف؟ قال: لا، قال: فما سعيت، ولا مشيت، ولا تردّدت بين الصفا والمروة! ثمّ قال: أَخَرَجْتَ إلى مِنى؟ قال: نعم، قال: نويت أنّك آمنت النّاس من لسانك، وقلبك، ويدك؟ قال: لا، قال: فما خرجت إلى مِنى!

(ثمّ) قال له: أوقفت الوقفة بِعَرَفة، وَطَلْعت جبل الرّحمة، وعرفت وادي نَمِرَة، ودعوت الله سبحانه عند المَيْلِ والجَمَرَات؟ قال: نعم. قال: هل عرفت بموقفك بعرفة معرفة الله سبحانه أمر المعارف والعلوم، وعرفت قبض الله على صحيفتك واطّلاعه على سريرتك وقلبك؟ قال: لا، قالعليه‌السلام : نويت بطلوعك جبل الرحمة أنّ الله يرحم كلّ مؤمن ومؤمنة، ويتولّى كلّ مسلم ومسلمة؟ قال: لا، قال: فنويت عند نَمِرَة أنّك لا تأمر حتى تأتمر، ولا تزجر حتى تنزجِر؟ قال: لا، قال: عندما وقفت عند العلم والنمرات، نويت أنّها شاهدة لك على الطاعات، حافظة لك مع الحفظة، بأمر ربّ السماوات؟ قال: لا، قال: فما وقفت بعرفة، ولا طلعت جبل الرحمة، ولا عرفت نمرة، ولا دعوت، ولا وقفت عند النمرات!

ثمّ قالعليه‌السلام : مررت بين العلمين، وصلّيت قبل مرورك

٩

ركعتين، ومشيت بمزدلِفة، ولقطت فيها الحصى، ومررت بالمِشْعَرِ الحرام؟ قال: نعم، قال: فحين صلّيت ركعتين، نويت أنّها صلاة شكر في ليلة عشر، تنفي كلّ عسر وتيسِّر كلّ يسر؟ قال: لا، قال: فعندما مشيت بين العلَمين ولم تعدل عنهما يميناً وشمالاً، نويت أن لا تعدل عن دين الحقّ يميناً وشمالاً، لا بقلبك، ولا بلسانك، ولا بِجَوارِحِك؟ قال: لا، قال: فعندما مشيت بمزدلِفة، ولقطت منها الحصى، نويت أنّك رفعت عنك كلّ معصية وجهل، وثَبَتَّ كَلّ علم وعمل؟ قال: لا، قال: فعندما مررت بالمشعر الحرام، نويت أنّك أشعرت قلبك إشعار أهل التقوى، والخوف لله - عزّ وجلّ -؟ قال: لا، قال: فما مررت بالعلمين، ولا صلّيت ركعتين، ولا مشيت بالمزدلفة، ولا رفعت منها الحصى، ولا مررت بالمشعر الحرام!

ثمَّ قالعليه‌السلام له: وصلت منى، ورميت الجمرة، وحلقت رأسك، وذبحت هديك، وصلّيت في مسجد الخيف، ورجعت إلى مكّة، وطفت طواف الإفاضَة؟ قال: نعم، قال: فنويت عندما وصلت مِنى، ورميت الجمار، أنّك بلغت إلى مطلبك، وقد قضى ربّك لك كلّ حاجتك؟ قال: لا، قال: فعندما رميت الجمار، نويت أنّك رميت عدوّك إبليس، وغضبته بتمام حجّك النفيس؟ قال: لا، قال: فعندما حلقت رأسك، نويت أنّك تطهّرت من الأدناس ومن تبعة بني آدم وخرجت من الذنوب،

١٠

كما ولدتك أمّك؟ قال: لا، قال: فعندما صلّيت في مسجد الخيف، نويت أنّك لا تخاف إلّا الله - عزّ وجلّ - وذنبك ولا ترجو إلّا رحمة الله تعالى؟ قال: لا، قال: فعندما ذبحت هديك نويت أنّك ذبحت حنجرة الطمع بما تمسّكت به من حقيقة الورع، وأنّك اتبعت سنّة إبراهيمعليه‌السلام بذبح ولده، وثمرة فؤاده، وريحان قلبه، وأحييت سنّته، لمن بعده وقربه إلى الله تعالى لمن خلفه؟ قال: لا، قال: فعندما رجعت إلى مكّة، وطفت طواف الإفاضة، نويت أنّك أفضت من رحمة الله تعالى، ورجعت إلى طاعته وتمسّكت بودِّه، وأدَّيت فرائِضه، وتقرَّبت إلى الله تعالى؟ قال: لا، قال له زين العابدينعليه‌السلام : فّما وصلت مِنى، ولا رميت الجِمار، ولا حَلَقْتَ رأسك، ولا أدَّيت نُسكَكَ، ولا صلَّيت في مسجد الخيف، ولا طفت طواف الإفاضة، ولا تقرّبت، ارجع فإنّك لم تحجّ!

فَطَفِقَ الشّبليّ يبكي على ما فرّطه في حجّه، وما زال يتعلّم حتّى حجّ من قابل بمعرفة ويقين(١) .

____________________

١- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة - محمّد الريشهري - ص ٢٦٠ - ٢٦٤

١١

والرواية الثانية، هي المنسوبة للإمام جعفر بن محمّد الصادقعليه‌السلام ، وهي التالية:

- إذا أردت الحجّ، فجرّد قلبك لله تعالى من كلّ شاغل، وحجاب كلّ حاجب، وفوّض أمورك كلّها إلى خالقك، وتوكّل عليه في جميع ما يظهر من حركاتك وسكناتك، وسلّم لقضائه وحكمه وقدره، ودع الدنيا والراحة والخلق، وأخرج من حقوق تلزمك من جهة المخلوقين، ولا تعتمد على زادك وراحِلتِك، وأصحابك، وقوّتك وشبابك ومالك، مخافة أن يصيروا لك عدوّاً ووَبالاً، فإنَّ من ادَّعى رضا الله واعتمد على شيء، صيّره عليه عدوّاً ووَبالا، لِيعلم أنَّه ليس له قوّة، ولا حيلة، ولا لأحدٍ إلّا بعِصمة الله وتوفيقه، واستعدّ استعدادَ من لا يرجو الرجوع، وأحسن الصحبة، وراعِ أوقات فرائض الله وسنن نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وما يجب عليك من الأدب والاحتمال، والصبر والشكر، والشفقة والسخاء، وإيثار الزاد على دوام الأوقات.

ثمّ اغسِل بماء التوبة الخالصة ذنوبك، وأَلبس كسوة الصدق والصفاء والخضوع والخشوع، وأَحْرِم من كلّ شيء يمنعُك عن ذكر الله، ويحجبُك عن طاعته، ولبِّ بمعنى إجابةٍ صافية زاكية لله - عزّ وجلّ - في دعوتك له، متمسّكاً بعروته الوثقى. وَطُفْ بقلبك مع الملائكة حول العرش، كطوافك مع المسلمين بنفسك حول البيت. وهرول هرولة من هواك وتَبَرِّيَاً من جميع

١٢

حولك وقوّتك، فاخْرُج من غفلتك وزلّاتك، بخروجك إلى مِنى، ولا تتمنّ ما لا يحلّ لك، ولا تستحقّه. واعترف بالخطايا بعرفات، وجدّد عهدك عند الله بوحدانيّته. وتقرّب إلى الله ذا ثقة بمزدلِفة، واصعَد بروحك إلى الملأ الأعلى بصعودك إلى الجبل. واذبح حُنْجُرَتَيْ الهوى والطمع عند الذبيحة.

وارمِ الشهوات والخساسة، والدناءة والذميمة، عند رَمْيِ الجمرات. واحلُقِ العيوب الظاهرة والباطنة بحلق رأسك. وادخل في أمان الله وكنفه وسَتْرِه وكَلاءَتِه، من متابعة مُرادِكَ بدخولكِ الحرم، وَزُرِ البيت متحقِّقاً، لتعظيم صاحبه ومعرفة جلاله وسلطانه، واستلِم الحَجَرَ رِضىً بِقِسْمَتِهِ وخضوعاً لعزّته. وودِّع ما سواه بطواف الوَداع. وصفِّ روحك، وسرَّك للقاء الله يوم تلقاه بوقوفك على الصفا. وكن ذا مروّةٍ من الله تَقِ أوصافك عند المروة، واستقِم على شروط حجّك هذا ووفاء عهدك، الذي عاهدت به مع ربّك، وأوجبته إلى يوم القيامة(١) .

____________________

١- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة - محمّد الريشهري - ص ٢٥٨ - ٢٦٠

١٣

المحاضرة الأولى:

فضل فريضة الحجّ وثوابها

عن الإمام الباقرعليه‌السلام : "بُنِيَ الإسلامُ على خمسٍ: الصلاةُ، والصومُ، والزكاة، والحجُّ والولاية".

الهدف:

التعريف بمكانة هذه الفريضة، وبيان أهمّيتها ومكانتها في الدين، وفضلها والثواب المترتّب على أدائها.

تصدير الموضوع:

قال تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَلِلّهِ عَلَى النّاس حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ(١) .

____________________

١- آل عمران، ٩٧.

١٤

إنّ الله تعالى جعل فريضة الحجّ في مقابل الكفر في إشارة إلى عظمة هذه الفريضة، وأنّها جوهر الإيمان ومَجْمَعُ العبادات.

محاور الموضوع:

الحجّ أحد أركان الدين

عن الإمام الباقرعليه‌السلام : "بُنِيَ الإسلامُ على خمسٍ: الصلاةُ، والصومُ، والزكاة، والحجُّ والولاية"(١) .

وعن السيّدة الزهراءعليها‌السلام : "وجُعِلَ الحجُّ تشييداً للدّينِ"(٢) .

إنّ فريضة الحجّ هي الفريضة الوحيدة، التي أراها الله تعالى لرسوله رؤيةً، حيث مثّلها الملك الأمين جبرائيل تمثيلاً، قال تعالى: ﴿وَأَرِنا مناسِكَنا(٣) .

فضيلة الحجّ وآثاره

إنّ للحجّ فضائل وآثار، نذكر منها:

- إكرام الحاجّ بالمغفرة: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : "الحاجُّ والمعتمرِ وَفْدُ اللهِ، وحقٌ على الله تعالى، أنّ يُكْرِمَ وفدَه، ويَحْبوهُ بالمغفرةِ"(٤) .

____________________

١- جامع أحاديث الشيعة، ج١، ص١٢٧.

٢- الموسوعة الفقهيّة الميسّرة، الشيخ الانصاري، ج١، ص٢٩.

٣- البقرة، ١٢٨.

٤- جامع أحاديث الشيعة، السيّد البروجردي، ج١٠، ص٤٤٧.

١٥

- سعادة الدنيا والآخرة: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "من أراد دنيا وآخرة، فَلْيَؤُمَّ هذا البيت، ما أتاه عبد فسأل الله دنياً، إلّا أعطاه منها أو سأل آخرة إلّا ادّخر له منها، أيّها النّاس عليكم بالحجّ والعمرة فتابعوا بينهما، فإنّهما يغسلانِ الذنوبَ، كما يغسلُ الماءُ الدَّرَنَ، وينفيانِ الفقرَ كما تنفي النارُ خَبَثَ الحديدِ"(١) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "عليكم بحجِّ البيتِ فَأَدْمِنوهُ، فإنَّ في إدمانِكُمُ الحجَّ دفعُ مكارِهِ الدّنيا عَنْكُمْ وأَهْوالُ يومِ القيامةِ"(٢) .

- تسكين القلوب: فعن الإمام الباقرعليه‌السلام : "الحجُّ تسكينُ القلوبَ"(٣) .

- عدم الفقر: وعنهعليه‌السلام أنّه قال: "الحجّ ينفي الفقر"(٤) .

- استجابة الدعاء: وفي موضع آخر، قالعليه‌السلام : "الحاجّ والمعتمرُ، وفدُ الله، إن سألوهُ أعطاهُم، وإن دعَوْهُ أجابَهُم، وإن شفعُوا شفَّعَهُمْ، وإن سكتوُا ابتَدَأَهُم، ويُعَوَّضونَ بالدِّرهَمِ ألفَ ألفَ دِرْهَمٍ"(٥) .

- صحّة البدن وسعة الرزق: عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "كان عليّ بن الحسين يقول: حجُّوا واعتمرُوا، تصحُّ أجسامُكم وتتّسعُ أرزاقُكم، ويَصْلُحُ إيمانُكم، وتَكْفُوا مؤونةُ النّاس ومؤونةَ عيالاتِكُم"(٦) .

____________________

١- جامع أحاديث الشيعة، السيّد البروجردي، ج١٠، ص١٥٦.

٢- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة، الريشهري، ص١٥٤.

٣- ميزان الحكمة، الريشهري، ج١، ص٥٣٤.

٤- ميزان الحكمة، الريشهري، ج١، ص٥٣٥.

٥- موسوعة أحاديث أهل البيت، الشيخ النجفي، ج٧، ص٣١٣.

٦- جامع أحاديث الشيعة، السيّد البروجردي، ج١٠، ص١٥٧.

١٦

- ترك الحجّ لا يعادَل بمال: "رُوِيَ أنّ إعرابيّاً التقى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال له: يا رسول الله، إنّي خرجت أريد الحجّ ففاتَني، وأنا رجل ميِّلٌ (أي ذو مال وفير)، فمَرْنِي أن أصنع في مالي ما أبلغ به مثل أجر الحاجّ، قال: فالتفت إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: أَنْظُرْ إِلى أبي قبيسٍ (جبل عالٍ في مكّة) فَلَوْ أَنَّ أَبا قبيسٍ لَكَ ذَهبةٌ حَمراءُ أَنْفَقْتَهُ في سبيلِ اللهِ، ما بَلَغْتَ ما يبلغُ الحاجُّ......"(١) .

- عدم المناظرة: عن الإمام عليّعليه‌السلام : "والله الله في بيتِ ربِّكم، لا تُخْلوه ما بقيتم، فإنَّه إن تُرِكَ لم تُناظَروا". ومعنى عدم المناظرة أنّ الله لا يُمْهِلْهُم قبل نزول العقوبة الإلهيَّة(٢) .

- خير من الدنيا: فقد ورد في الحديث الشريف: "حجّةٌ مقبولةٌ خيرٌ من الدنيا وما فيها"(٣) .

____________________

١- التهذيب، ج١، ص٤٤٧.

٢- الوسائل، ج٨، ص١٥.

٣- جامع أحاديث الشيعة، السيّد البروردي، ج١٠، ص١٥١.

١٧

المحاضرة الثانية:

آداب وأعمال المسجد الحرام

قال تعالى:

﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ

الهدف:

بيان مكانة مكّة، وبعض الأماكن المقدّسة فيها، وفضيلة الأعمال التي تستحبّ فيها، والثواب المترتّب عليها.

تصدير الموضوع:

قال تعالى: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ(١) .

____________________

١- آل عمران، ٩٦.

١٨

محاور الموضوع:

الأعمال المستحبّة في مكّة

١- الإكثار من ذكر الله وقراءة القرآن: فعن الإمام السجّادعليه‌السلام : "إنَّ تسبيحةَ بِمكّة يعدل خراج العراقين ينفق في سبيل الله"(١) .

٢- ختم القرآن: فقد ورد عن الإمام السجّادعليه‌السلام : "من خَتَمَ القرآنَ بمكّة، لم يَمُتْ حتّى يَرَى رسولَ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويرى مَنْزِلُه في الجنّة"(٢) .

٣- الشرب من ماء زمزم: فقد ورد في رواية الشلبيّ: ثمّ قالعليه‌السلام له: "أَشْرَفَتَ على بِئْرِ زمزمَ، وشربْتَ من مائِها؟ قال: نعم، قال: نَوَيْتَ أنّك أَشْرَفْتَ على الطّاعَةِ، وغَضَضْتَ طَرْفَك عن المعصِيةِ؟ قالَ: لا، قالعليه‌السلام : "فَما أشرفْتَ عَلَيها، ولا شَرِبْتَ من مائِها"(٣) .

ورُوي أنّه من ارتوى من ماء زمزم أحدث الله له به شفاء، وصرف عنه داء، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يستهدي ماء زمزم وهو بالمدينة(٤) .

٤- الإكثار من النظر الى الكعبة: فعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :"أنّ النظرّ إلى الكعبةِ حبّاً لَهَا يهدِمُ الخطايا هدماً"(٥) .

____________________

١- المحاسن، ج١، ص٦٨-٦٩.

٢- المحاسن، ج١، ص٦٨-٦٩.

٣- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة، ص٢٦٢.

٤- منتهى المطلب، العلّامة الحلّي، ج٢، ص٦٤٥.

٥- المحاسن، ج١، ص٦٨-٦٩.

١٩

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "من أيسرَ ما ينظر إلى الكعبة أن يعطيه اللهُ بكلِّ نظرةٍ حسنةً، ومحَا عنه سيّئةً، ورفعَ لهُ درجةً"(١) .

٥- الطواف حول الكعبة ثلاثمائة وخمس وستين مرّة، فإن لم يقدر فعشر كلّ يوم، فإن لم يقدر فإثنين وخمسين طوافا مدة بقائه في مكّة.

٦- أن يدعو عند دخوله الحرم بقوله: "اللَّهمَ إنّك قلْتَ من دخَلَه كانَ آمناً، فآمنيّ مِنْ عذابِ النار".

وعند خروجه يستحبّ أن يكبّر ثلاثاً، ويقول: "اللَّهمّ لا تُجْهِدْ بلاءَنا، ربَّنا ولا تُشَمِّت بنا أعداءنا، فإنّك أنتَ الضارُّ النافعُ"(٢) .

٧- يستحبّ أن يصلّي في كلّ زاوية من زوايا البيت المقدّس ففي الحديث: "الساجدُ بمكّة كالمتشحطِّ بدمِهِ في سبيلِ اللهِ"(٣) .

أماكن مباركة في مكّة:

في مكّة ستّ بقاع مباركة، على المرء أن لا يغفل عنها:

١- الحجر الأسود: ويستحبّ التبرّك به، وتقبيله، لما ورد عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "أنّ الحجرَ الأسود يمين اللهَ في أرضِهِ، يصافحُ بها خلْقَهُ، كما يصافِحُ الرجلُ أخاهُ"(٤) .

____________________

١- المحاسن، ج١، ص٦٩.

٢- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة،ص٨٣.

٣- المحاسن، ج١، ص٦٨-٦٩.

٤- المحاسن، ج١، ص٦٥.

٢٠