زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

زاد المبلغ الى بيت الله الحرام0%

زاد المبلغ الى بيت الله الحرام مؤلف:
المحقق: معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 135

  • البداية
  • السابق
  • 135 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 12836 / تحميل: 1892
الحجم الحجم الحجم
زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
العربية

الكَعْبَةِ" - وهو بحذاء المستجار دون الركن اليمانيّ بقليل - "فابْسُطَ يَدَيْكَ على البيتِ، وَأَلْصِقَ بَطْنَكَ وَخَدَّكَ بِالْبَيْتِ، وَقُلْ: (اللَّهُمَّ البيتَ بيتُكَ وَالعبدُ عبدُك وهذا مكانُ العائذِ بِكَ مِنَ النّارِ) ثمّ أَقِرَّ لِرَبِّكَ بِما عَمِلْتَ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنِ يُقِرُّ لربِّهِ بذنوبِهِ في هذا المكانِ إلّا غفر اللهُ لَهُ إنْ شاءَ اللهَ..." إلى أن قال: "ثُمَّ تستجيرُ باللهِ مِنَ النّارِ، وتخَيّرُ لنفسِكَ منَ الدعاءِ، ثمّ استِلمِ الرَّكنَ اليمانيَّ، ثمّ ائت الحجرَ الأسودَ".

الملتزم:

عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "ما دَعا أحدٌ بشيء في هذا الملتزمِ إلّا استُجيبَ لَهُ".

وهو ما بين الحجر الأسود والباب، ويقال له: المدعى والمتعوَّذ.

وسمّي الملتزم لكون النّاس يلتزمون هذا المكان ويدعون عنده، وهو من المواطن التي يستجاب فيها الدعاء.

الحطيم

قال الفيروزآبادي: الحطم: الكسر. والحطيم: حجر الكعبة، أو جداره، أو ما بين الركن وزمزم والمقام، وزاد بعضهم الحجر

٨١

(بكسر الأوّل)، أو من المقام إلى الباب، أو ما بين الركن الأسود إلى الباب إلى المقام، حيث ينحطم النّاس للدعاء. وكانت الجأهليّة تتحالف هناك.

عن معاوية بن عمار سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الحطيم فقال: "هو ما بين الحجر الأسود وباب البيت وسألته لما سمّي الحطيم، فقال: لأنّ النّاس يحطم بعضهم بعضاً هناك".

مقام إبراهيمعليه‌السلام

وقال تعالى: ﴿وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مصلّى ﴾.

المراد من مقام إبراهيمعليه‌السلام هو ذلك المقام المعروف بهذا الاسم، الذي هو في المسجد الحرام. وهو عبارة عن الحجر الذي كان يقوم عليه لبناء البيت الحرام لمـّا ارتفع جداره، وقيل: وقف عليه حين أذّن للنّاس بالحجّ، ولقد كان من معجزات إبراهيمعليه‌السلام أن صار الحجر تحت

٨٢

قدميه رطباً فغاضت فيه قدماه، وقد بقي أثر قدميه ظاهراً فيه من ذلك العصر إلى يومنا هذا. والعرب تعرف ذلك في جأهليتها.

ولا بدَّ من كون صلاة الطواف خلف المقام ﴿وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مصلّى(١) .

بئر زمزم تاريخه وفضله

هذه البئر تقع جنوبيّ مقام إبراهيمعليه‌السلام ، وهي بئر قديمة العهد، ترجع إلى زمن إسماعيلعليه‌السلام . وأوّل من أظهر زمزم على وجه الأرض جبرئيلعليه‌السلام ، عند ظمأ إسماعيلعليه‌السلام سقياً من الله تعالى، وذلك عندما ترك إبراهيم الخليلعليه‌السلام زوجته هاجر وولده إسماعيل في مكان البيت، وكان ذلك المكان وادياً غير ذي زرع.

يستحبّ الشرب منه والصبّ على الرأس والظهر والبطن وليقل عند الشرب: "اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ عِلْماً نافِعاً ورِزْقاً واسِعاً وشفاءً من كُلِّ داءٍ وَسَقْمٍ".

وفي الرواية عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "ماءُ زمزمَ دواءٌ لِما شُرِبُ لَهُ".

الصفا والمروة

قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ(٢) .

____________________

١- البقرة: ١٢٥

٢- البقرة: ١٥٨

٨٣

أمّا المروة: فأصلها جبل قعيقعان وهو واقع في الجهة الشماليّة الشرقيّة من المسجد. والمروة مكان مرتفع عن الأرض مثل الصفا.

أمّا الصفا فهو قطعة من جبل أبي قبيس، وهو واقع في الجهة الجنوبية من المسجد الحرام على مقربة من بابه المسمّى ب- "باب الصفا".

الصفا والمروة: هما الجبلان المعروفان بالحرم وهما من الشعائر. والصفا، قطعة من جبل أبي قبيس والمسافة بين الصفا والمروة حوالي أربعمائة وخمسة أمتار (٤٠٥م)، وعرض المسعى عشرون متراً. ويوجد ما بين الصفا والمروة مسافة معينة بأضواء خضراء ما يقرب ٥٥ متراً، يستحبّ فيها الهرولة. وعلّل ذلك في بعض الأخبار، ليذلّ به الجبّارين والمتكبّرين. وعن جبل الصفا كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخاطب أهل مكّة بالدّعوة إلى الإسلام بقوله: "قولوا لا إله إلّا الله تفلحوا" وفيه نزلت الآية الكريمة ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ(١) .

____________________

١- الشعراء ٢١٤.

٨٤

مواقيت الحرم

والمواقيت ستّة:

١ - (ذو الحليفة) (مسجد الشجرة) (آبار عليّعليه‌السلام ) (مسجد الإحرام)

وهو ميقات أهل المدينة، ويبعد عن المدينة ثمانية كيلومترات تقريباً، وسمّي بمسجد الشجرة حيث كان بموضعه شجرة، كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينزل تحتها بذي الحليفة. وقد تمّ توسيعه وبناؤه على طراز حديث.

وفي هذا المكان آبار عليعليه‌السلام وهو المحيط الذي انشأ فيه الإمام عليعليه‌السلام ثلاثة وعشرين بئراً، فلذا سمّي ب- "آبار عليّ".

٢ - الجُحفة

كانت تعرف قديماً باسم (مهيَعة) وهو مأخوذ من هاعَ هَيعاً - وهيعاناً، بمعنى انبسط، ومن هاعَ هِياعاً بمعنى اتسع وانتشر.

ثمّ سمّيت بالجُحفة لأنّ السيل اجتحفها في قصّة "أخوة عاد".

٨٥

والجحفة من المواقيت الخمسة التي وقّتها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للنّاس. فعن ابن عباس: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقّت لأهل المدينة "ذا الخليفة"، ولأهل الشام "الجحفة"، ولأهل نجد "قرن المنازل"، ولأهل اليمن "يلملم".

٣ - وادي العقيق (ذات عرق).

وادي العقيق ميقات أهل العراق.

٤ - قرن المنازل

ميقات أهل نجد ولمن يأتي من الطائف.

٥ - يلملم

يلملم ميقات أهل اليمن.

٦ - فَخّ

وهو ميقات الأطفال وغير البالغين.

من المساجد في مكّة

مسجد البيعة

مسجد بأعلى مكّة عند سوق الغنم، "قرن المسقلة"، ويزعمون أنّه عنده بايع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم النّاس بمكّة يوم الفتح، وبعد ذلك بني المسجد وعرف بمسجد البيعة.

مسجد الشجرة

مسجد الشجرة بأعلى مكّة في خلف دار منارة البيضاء التي عند سطح الجبل مقابل الحجون.

٨٦

المساجد الواقعة على حدود الحرم

مسجد التنعيم:

التنعيم حدّ الحرم من جهة المدينة وهو في شمال مكّة الغربيّ، والمسافة بينه وبين باب العمرة ٦١٤٨ متراً.

وذكرنا سابقاً أنّ للحرم حدوداً يمنع تجاوزها باتجاه مكّة إلّا إذا كان محرماً، ومن حدود الحرم منطقة تسمى (التنعيم).

إنّما سمّي التنعيم لأنّ الجبل الذي عن يمينك إذا دخلت يقال له: ناعم، والذي عن يسارك منعم، والوادي نعمان.

وكلّ مكلّف يريد أن يأتي بعمرة بامكانه أن يأتي التنعيم ويحرم منه ويأتي بالعمرة. والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - كما ورد - أحرم للعمرة من هذا المكان.

مقابر مكّة المكرمة

مقبرة أبي طالب (جنّة المعلّى) أو (الحُجون) وتسمى مقابر قريش.

لمكّة المشرّفة مقابر عدّة منها: المقبرة المعروفة ب-(المُعلّاة) وهي مقبرة أهل مكّة، وبها قبور كثير من الصحابة. ويقال لها:

٨٧

المعلّى. وأبي طالب، وقريش، وبني هاشم وجنّة المعلّى.

وروي أنه مدفون بها أجداد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومنهم عبد المطّلب وعمّه أبو طالب وأمّ المؤمنين خديجة بنت خويلد، والقاسم ابن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

أشهر جبال مكّة

جبل حراء أو جبل النور وفيه غار حراء

جبل حراء بأعلى مكّة، ويقع على يسار الذاهب منها إلى منى، يرتفع (٦٣٤) متراً، وعامّة أهل مكّة يسمّونه (جبل النور) وهو معروف مشهور بأثره الخلف عن السلف، ويقصده النّاس بالزيارة وقمّته تشبه سنام الجمل أو كالقبّة الملساء، وفيه تلك الغار التي كانت مهبطاً لجبرائيل ومكاناً للوحي ونزول القرآن. وكانت قبل البعثة محلّا لاعتكاف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعبادته وتهجّده.

وكان يخلو بغار حراء فيتعبّد فيه، ويعتكف، وكانت السيّدة خديجةعليها‌السلام تأتيه بطعامه رغم صعوبة الطريق وخشونة الجبل.

٨٨

جبل ثور

جبل ثور، واقع من جهة المسفلة على طريق اليمن، وارتفاعه (٧٥٩) متراً. ويبعد هذا الجبل عن المسجد الحرام بثلاث كيلو مترات، وفي هذا الجبل الغار الذي اختفى فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع أبي بكر حينما قصد الهجرة إلى المدينة.

المشاعر

عرفات والمشعر الحرام ومنى وما فيها من آثار

عرفات:

إنّ عرفات منطقة تقع شرقيّ مكّة بحوالي ٢١ كم تقريباً، وهي سهل واسع محاط بقوس من الجبال يكوّن وتره وادي عرفة.

فمن الشمال الشرقيّ يشرف عليها جبل أسمر شامخ وهو (جبل سعد). ومن مطلع الشمس يشرف عليها جبل أشهب أقلُّ ارتفاعاً من سابقه.

وقد ورد ذكر عرفات في

٨٩

القرآن الكريم بقوله تعالى: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ(١) حيث أن الوقوف بعرفة ذو أهميّة كبيرة في الحجّ حيث ورد: "إِنَّ الحَجَّ عرفة" والوقوف فيها ركن من الأركان، حيث بتركه عمداً متعمّداً يبطل الحجّ. ويتحقّق الوقوف بعرفة بالوجود في أيّ جزء من أجزائها محرماً واقفاً أو راكباً أو مضطّجعاً، والوقوف الواجب من زوال يوم التاسع إلى الغروب ثمّ يفيض من عرفات إلى المزدلفة كما أشار إلى ذلك القرآن الكريم. وفيه بعض الأعمال والمستحبّات الخاصّة، وأشهرها دعاء الإمام الحسينعليه‌السلام يوم عرفة.

وجه التسمية بعرفات:

في رواية عن معاوية بن عمار سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن عرفات "لِمَ سمّيت عرفات"، فقال: "إنّ جِبرائيلَعليه‌السلام خَرَجَ بإبراهيمَعليه‌السلام يومَ عَرَفَةَ فَلَمّا زالتَ الشّمْسُ قالَ لَهُ جبرائيلُ: يا إبراهيمُ اعترِفْ بِذَنْبِكَ واعَرِفْ مناسِكَكَ، فَسُمِّيَتْ عرفاتَ لِقَوْلِ جبرائيلَ اعترِفْ فَاعْتَرَفَ".

وقيل لاعتراف النّاس بذنوبهم، أو لتعارفهم بعضهم ببعض، وقيل إنّ آدم وحواء تعارفا بها بعد نزولهما إلى الأرض.

جبل الرحمة

جبل عرفات على شكل قوس كبير يحيط بوادٍ متّسع يسمّى (عرفة)، وعلى طرف القوس من جهة الجنوب الطريق إلى

____________________

١- البقرة ١٩٨.

٩٠

الطائف، وفي طرفه من جهة الشمال لسان يبرز إلى الغرب يسمّى (جبل الرحمة)، وهو جبل صغير بالنسبة لما حوله من الجبال، ارتفاعه قريب من ٣٠ متراً وطوله ٣٠٠ متر، ويصعد إليه بمدارج كبيرة على شكل سلّم غير منتظم، وعلى يمين الصاعد على الجبل قريباً من منتصفه مستو طوله ١٥ متراً في عرض ١٠ أمتار، وبه مصلّى ذو قبلة يسمّى مسجد إبراهيمعليه‌السلام ، والباني له الوزير محمّد بن عليّ بن المنصور المعروف بالجواد الأصفهانيّ في سنة ٥٥٩ه.

مسجد نمرة

عرف هذا المسجد في عرفات بعدّة أسماء. حيث ورد في التاريخ باسم مسجد النبيّ إبراهيمعليه‌السلام ، أو باسم مسجد عرفة. وكان صغيراً يصلي فيه الحجّاج، ويعرف بمسجد النمرة.

إلّا أنّه في ظلّ التوسعة الأخيرة، بلغت مساحة مسجد النمرة ١٢٤٠٠٠ متر مربع.

المزدلفة أو المشعر الحرام

يقال لها المشعر الحرام بالاطلاق المجازيّ، وهو المسجد القائم في وسط المزدلفة. والمزدلفة هي الموضع الذي يؤمر الحاجّ بنزوله والمبيت فيه، بعد افاضته من عرفات ليلاً. وهو ما بين المأزمين إلى الحياض إلى وادي محسِّر، بحيث يبلغ طول المشعر الحرام ٤٣٧٠ متراً تقريباً.

٩١

وتعود تسميتها بالمزدلفة: إلى أنّها من الازدلاف بمعنى التقدّم والافاضة، كما جاء في حديث معاوية بن عمار عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "وَإِنَّما سُمِّيَتْ مُزْدَلِفَةِ لأَنّهُمْ ازْدَلَفوا إِلَيْها مِنْ عَرَفَاتَ".

١ - المأزمين:

وتلفظ بكسر الزاء وبالهمز "ويجوز التخفيف بالقلب ألفاً"، وهما جبلان بينهما مضيق يدلف إلى عرفات، وهو حدّ المزدلفة من الشرق.

٢ - حياض مُحَسِّر (وادي محسِّر)

محسِّر: على زنة اسم الفاعل وهو وادٍ صغير يمرّ بين منى ومزدلفة وليس منها، يأخذ من سفوح ثُبَيْر إلى الأثبرة الشرقيّة، ويدفع إلى عرفة مارّاً بالحسينيّة. ليس به زراعة ولا عمران، والمعروف منه ما يمرّ فيه الحاجّ على طريق بين منى ومزدلفة.

مسجد المشعر الحرام

وفي المزدلفة بجانب قزح مسجد صغير، مساحته ٨٠٠٠ متر مربع تقريباً. وكثير من الحجّاج يجتمعون عنده، ويؤدّون صلاة العشاء عملاً بالسنّة، لانّه يستحبّ أن تُصلّى صلاة العشاء في المزدلفة.

٩٢

مِنى

مِنى: بكسر الميم: سمّيت بذلك لما يمنى فيها من الماء.

وقيل: إنّها سمّيت كذلك، لما يمنى فيها من الدعاء.

وقيل: روي عن ابن عباس: "أنّ جبرائيلَعليه‌السلام لمـّا أرادَ أن يفارقَ آدمَعليه‌السلام قالَ لَهُ: تَمنَّ. قال: أتمنّى الجنّة، فَسُمِّيَتْ بِذلِكَ لأَمْنِيَتِهِ".

وقيل: لتمنّي إبراهيم فيها، أن يجعل الله مكان ابنه كبشاً يأمره بذبحه فدية له، فأعطاه الله مناه.

وهي أحد مشاعر الحجّ وأقربها إلى مكّة، ينزله الحاجّ يوم النحر وهو العاشر من ذي الحجّة.

يجب المبيت بمنى أيام التشريق إلّا لذوي الأعذار، ومن ترك مبيت ليلة، لزمه دم في هذه الأماكن الثلاثة. ومن الشعائر بمنى رمي الجمار.

رمي الجمرات (الرجم)

من الأعمال المهمّة التي يجب على الحاجّ أن يؤدّيها في أيّام التشريق، هي رمي الجمار في منى. وهي ثلاثة:

٩٣

١ - جمرة العقبة ٢ - والجمرة الوسطى ٣ - والجمرة الصغرى.

والأوّلى منها هي التي تلي مسجد الخيف، والوسطى التي بينها وبين جمرة العقبة الأخيرة جمرة العقبة. وهي أقرب الجمار إلى مكّة. والجمرة في اللغة هي الحصاة.

الأماكن التاريخيّة في منى

مسجد الخيف

والخيف: ما انحدر من غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء، ومنه سمّي مسجد الخيف من منى. يقع هذا المسجد العظيم بمنى، في الجهة الجنوبية على يسار القادم من عرفات، ويمين المقبل من مكّة. وهو مسجد واسع كبير، مستطيل الشكل. وفيه محراب في موضع خيمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجّة الوداع، وقد صلّى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمكانها الأوقات الخمسة: أوّلها الظهر، وآخرها الصبح، ثمّ رحل

٩٤

إلى عرفة يوم التاسع، ولهذا المسجد العظيم قدسيّة خاصّة.

وروي عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنّه قال: "صَلَّى في مَسْجِدِ الْخَيْفِ سَبْعُمائَةُ نَبِيٍّ".

٩٥

فضل المدينة

كفاها فخراً وفضلاً أنّها تضمّنت الجسد الطاهر لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو سيّد الخلق وخاتم الأنبياء وأفضلهم، وكفاها عزّاً وشرفاً ما ورد في فضلها ومنزلتها على لسان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ مكّة حرم الله حرَّمها إبراهيمعليه‌السلام وإنّ المدينة حرمي ما بين لابتيها لا يعضد شجرها... الخ. و لمـّا دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة قال:

"اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلينا المدينة كما حَبَّبْتَ إلينا مكّة أو أشدّ وبارك في صاعها ومُدِّها وانقل حمّاها وَوَبَاها إلى الجحفة".

٩٦

وروي أنّ الإمام الصادقعليه‌السلام ذكر الدجّال فقال: "ولا يبقى منها سهل إلّا وطئه إلّا مكّة والمدينة فإن على كل نقب من أنقابها ملكاً يحفظهما من الطاعون والدجّال".

وروي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال: "ما على الأرض بقعة أحبّ إليّ من أن يكون قبري بها". وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم "افتتحت القرى بالسيف وافتتحت المدينة بالقرآن".

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "لكلّ نبيٍّ حرم وحرمي المدينة".

المساجد المأثورة في المدينة المنوّرة

المسجد النبويّ الشريف

المسجد النبويّ هو المسجد الثاني الذي بناه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في السنة الأولى من الهجرة، والأوّل هو مسجد - قباء - وهي الواحة التي نزل فيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد الهجرة وأقام فيها عدّة أيام، بانتظار وصول عليعليه‌السلام بالفواطم وقد همَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ببناء مسجده الشريف بعد دخول المدينة، واختار المكان الذي بركت فيه الناقة ليكون مسجداً ومصلّى، فأمرصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتسوية الأرض وذلك بعد أن اشتراها من اليتيمين. ثمّ حفر أساسه ثلاثة أذرع تقريباً، وجعل له ثلاثة

٩٧

أبواب، باب في مؤخرة المسجد وباب الرحمة، والباب الذي كان يدخل منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى المسجد.

ثمّ إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنى لعليّعليه‌السلام حُجرة، وبنى أصحابه بجانب المسجد حُجراً سكنوها، وكانت أبوابها إلى المسجد فأمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (قبل معركة أحد) بسدّ هذه الأبواب إلّا باب عليّ، فبقي بابه إلى المسجد ليس له طريق غيره، وفتح الباقون أبواباً من غير جهة المسجد، وبما أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ترك باب عليّ مفتوحاً تكلّم في ذلك النّاس فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمخاطبتهم فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: "أَمّا بَعْدَ فَإِنِّي أَمَرْتُ بِسَدَ هذِهِ الأبِوابِ إلّا بابَ عَلِيٍّ، وَقالَ فيهِ قائِلُكُمْ وَإِنّي واللهِ ما سَدَدْتُ شَيْئاً وَلا فَتَحْتُهُ وَلكنِيَ أَمَرْتُ بِشَيْءٍ فَاتَّبَعْتُهُ".

الصفّة

لقد جعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مؤخرة المسجد مكاناً مظلّلاً، يعرف بالصفّة وكان الغرباء والمساكين يأوون إلى هذا المكان.

الروضة الشريفة

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "ما بَيْنَ قَبْري وَمِنْبَري رَوْضَةٌ مِنْ رِياضِ الجنّة". وروي عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضاً قوله: "إنّ منبري على تُرعةٍ من

٩٨

تُرع الجنّة". والترعة هي روضة تكون على المكان المرتفع خاصّة، وقيل درجة. ويبلغ طول الروضة الشريفة اثنين وعشرين متراً (٢٢م) تقريباً.

وهذه الروضة المباركة تشمل بيت السيّدة فاطمة الزهراء بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فيكون عرض الروضة المباركة ١٥ متراً.

المنبر

طلب بعض المسلمين من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أن يجعل له مجلساً يعرفه الغريب إذا أتاه، فبنوا له دكّة من طين، وكان إذا خطب فيهم ليعظهم ويرشدهم قد لا يُسمعُ صوته، أو لا يرى لكثرتهم، فاستأذنوه منه أن يتّخذوا له شيئاً ليقوم عليه إذا خطب بهم فوافق على ذلك.

وصار يخطب على منبر من طين. وقيل إنّ المنبر كان من الجذع، وقيل كان يستند على الجذع، وذلك قبل أن يتّخذ المنبر الذي من الخشب الذي صُنع من شجر في الغابة القريبة من المدينة، يعرف بشجر "الأثل" أو "الطرفاء".

ويتألّف المنبر الشريف من ثلاث درجات، كان يجلس النبيّ

٩٩

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الثالثة، ويضع قدميه المباركين على الدرجة الثانية.

وللمنبر رمانتان، يمسكهما الرسول بيديه الكريمتين إذا جلس، وكان ارتفاعه يوازي ١٠٤ سم، وعرض المقعد ٥٢ سم في ٥٢ سم.

وفي سنة ٩٩٨ه، ارسل السلطان العثمانيّ منبراً مصنوعاً من الرخام، أبدعوا في صنعه غاية الابداع، حتى صار أعجوبة من عجائب الدنيا في وقتهن، وهو الموجود الآن في المسجد النبويّ.

محراب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

لم تعرف المحاريب في المساجد، حتى أدخلها عمر بن عبد العزيز في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عمارة الوليد بن عبد الملك، سنة ٨٨ - ٩١، ففي زمان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن محرابٌ، وإنّما كان يصلّي في جنب الأسطوانة المخلّقة.

وعندما شبّ الحريق الثاني

١٠٠