زبدة التفاسير الجزء ١

زبدة التفاسير0%

زبدة التفاسير مؤلف:
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
تصنيف: تفسير القرآن
ISBN: 964-7777-03-7
الصفحات: 639

زبدة التفاسير

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: فتح الله بن شكر الله الشريف الكاشاني
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
تصنيف: ISBN: 964-7777-03-7
الصفحات: 639
المشاهدات: 7831
تحميل: 2127


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 639 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 7831 / تحميل: 2127
الحجم الحجم الحجم
زبدة التفاسير

زبدة التفاسير الجزء 1

مؤلف:
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
ISBN: 964-7777-03-7
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

أو تعبّدا واستكانة. ويجوز أن يتعلّق بمحذوف، تقديره: ما وعدتنا منزلا على رسلك، أو محمولا عليهم. وقيل: معناه: على ألسنة رسلك.

( وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ ) بأن تعصمنا ـ بتوفيقك إيّانا ـ عمّا يقتضي الخزي( إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ ) بإثابة المؤمن، وإجابة الداعي.

عن ابن عبّاس: الميعاد البعث بعد الموت.

وهذا القول منهم على وجه الانقطاع إلى الله، والتضرّع إليه والتعبّد، كما قال:( رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِ ) (١) . وهو من باب اللجأ إلى الله والخضوع. وكما كان الأنبياءعليهم‌السلام يستغفرون مع علمهم أنّهم معصومون، يقصدون بذلك التذلّل لربّهم، والتضرّع واللجأ الّذي هو سيماء العبوديّة.

وتكرير «ربّنا» للمبالغة في الابتهال، والدلالة على استقلال المطالب وعلوّ شأنها.

روي عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه قال: «من حزنه أمر فقال خمس مرّات: ربّنا، أنجاه الله ممّا يخاف، وأعطاه ما أراد، وقرأ هذه الآيات».

روي الثعلبي في تفسيره بإسناده عن محمد بن الحنفيّة، عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام : «أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا قام من الليل يتسوّك ثم ينظر إلى السماء ثم يقول:( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ ) إلى قوله:( عَذابَ النَّارِ ) .

وعن ابن عمر: قلت لعائشة: أخبريني بأعجب ما رأيت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فبكت وأطالت، ثم قالت: كلّ أمره عجب، أتاني في ليلتي فدخل في لحافي حتى ألصق جلده بجلدي، ثم قال: يا عائشة هل لك أن تأذنين لي الليلة في عبادة ربّي؟

فقلت: يا رسول الله إنّي لأحبّ قربك وأحبّ هواك، قد أذنت لك.

__________________

(١) الأنبياء: ١١٢.

٦٢١

فقام إلى قربة من ماء في البيت، فتوضّأ ولم يكثر صبّ الماء، ثم قام يصلّي، فقرأ من القرآن، وجعل يبكي حتى بلغ الدموع جفونه، ثم جلس فحمد الله وأثنى عليه، وجعل يبكي، ثم رفع يديه فجعل يبكي، حتى رأيت دموعه قد بلّت الأرض. فأتاه بلال يؤذنه بصلاة الغداة، فرآه يبكي، فقال: يا رسول الله أتبكي وقد غفر الله ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر؟

فقال: يا بلال أفلا أكون عبدا شكورا؟ ثم قال: ومالي لا أبكي وقد أنزل الله عليّ في هذه الليلة:( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) . ثم قال: ويل لمن قرأها ولم يتفكّر فيها.

وقد اشتهرت الرواية عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه لـمّا نزلت هذه الآيات قال: «ويل لمن لاكها بين فكّيه ولم يتأمّل ما فيها». وفي رواية: ولم يتأمّلها.

وورد عن الأئمّة من آل محمد صلوات الله عليه وعليهم الأمر بقراءة هذه الآيات الخمس وقت القيام بالليل للصلاة، وفي الضجعة بعد ركعتي الفجر.

وروي محمد بن عليّ بن محبوب، عن العبّاس بن معروف، عن عبد الله بن المغيرة، عن معاوية بن وهب، قال: «سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام ـ وذكر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ قال: كان يؤتى بطهور فيخمّر عند رأسه، ويوضع سواكه تحت فراشه، ثمّ ينام ما شاء الله، فإذا استيقظ جلس ثمّ قلّب بصره إلى السماء وتلا الآيات من آل عمران:( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) الآيات، ثم يستاك ويتطهّر، ثم يقوم إلى المسجد فيركع أربع ركعات على قدر قراءته، ركوعه وسجوده على قدر ركوعه، فيركع حتى يقال: متى يرفع رأسه؟ ويسجد حتى يقال: متى يرفع رأسه؟ ثم يعود إلى فراشه فينام ما شاء الله، ثمّ يستيقظ فيجلس فيتلو الآيات من آل عمران ويقلّب بصره في السماء، ثمّ يستاك ويتطهّر ويقوم إلى المسجد فيوتر ويصلّي الركعتين، ثمّ يخرج إلى الصّلاة».

٦٢٢

( فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ (١٩٥) )

ولـمّا ذكر دعوة المؤمنين أخبر بإجابتها فقال:( فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ ) مطلوبهم. وهو أخصّ من: أجاب. ويعدّى بنفسه وباللام. يقال: استجاب له واستجابه( أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ ) أي: بأنّي لا أضيع( مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى ) بيان عامل( بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ) لأنّ الذكر من الأنثى والأنثى من الذكر، أو لأنّهما من أصل واحد، أو لفرط الاتّصال والاتّحاد، أو للاجتماع والاتّفاق في الدين. وهي جملة معترضة بيّن بها شركة النساء مع الرجال فيما وعد للعمّال. روي أنّ أمّ سلمة قالت: يا رسول الله إنّي اسمع أنّ الله يذكر الرجال في الهجرة ولا يذكر النساء! فنزلت هذه الآية.

وقوله:( فَالَّذِينَ هاجَرُوا ) تفصيل لأعمال العمّال وما أعدّ لهم من الثواب على سبيل المدح والتعظيم. والمعنى: فالّذين هاجروا الشرك أو الأوطان والعشائر للدين( وَأُخْرِجُوا ) وأخرجهم الكفّار( مِنْ دِيارِهِمْ ) الّتي ولدوا فيها ونشأوا( وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي ) يريد سبيل الدين. يعني: بسبب إيمانهم ومن أجله( وَقاتَلُوا ) الكفّار( وَقُتِلُوا ) في الجهاد.

وقرأ حمزة والكسائي بالعكس، لأنّ الواو لا توجب ترتيبا، فالمعطوف بالواو

٦٢٣

يجوز أن يكون أوّلا في المعنى وإن تأخّر في اللفظ. والثاني أفضل، فإنّ القتل المفهوم من «قتلوا» أفضل من القتال، فقدّم الأفضل في قراءتهما. أو لأنّ المراد: لـمّا قتل منهم قوم قاتل الباقون ولم يضعفوا. وشدّد ابن كثير وابن عامر «قتّلوا» للتكثير.

( لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ ) لأمحونّها( وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ) أي: من تحت أبنيتها وقصورها( ثَواباً ) أي: لأثيبنّهم بذلك إثابة( مِنْ عِنْدِ اللهِ ) تفضّلا منه، فهو مصدر مؤكّد( وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ ) حسن الجزاء على الطاعات ما لا يبلغه وصف واصف، ولا يدركه نعت ناعت، ممّا لا عين رأت، ولا اذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. و «عنده» مثل: يختصّ به وبقدرته وفضله، لا يثيبه غيره، ولا يقدر عليه، كما يقول الرجل: عندي ما تريد، يريد اختصاصه به وإن لم يكن بحضرته.

( لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ (١٩٦) مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٩٧) لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ (١٩٨) )

روي أنّ مشركي العرب كانوا يتّجرون ويتنعّمون بها، فقال بعض المسلمين: إنّ أعداء الله في العيش الوسيع والرزق الرغيد، وقد هلكنا من الجوع، فنزلت:( لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ ) . الخطاب للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والمراد أمّته، أو تثبيته

٦٢٤

على ما كان عليه، لقوله:( فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ ) (١) ، أو لكلّ أحد. والنهي في المعنى للمخاطب، وإنّما جعل للتقلّب تنزيلا للسبب منزلة المسبّب مبالغة.

والمعنى: لا تنظر إلى ما الكفرة عليه من السعة وإصابة حظوظ الدنيا، ولا تغترّ بظاهر ما ترى من تبسّطهم في مكاسبهم ومتاجرهم ومزارعهم.

( مَتاعٌ قَلِيلٌ ) خبر مبتدأ محذوف، أي: تقلّبهم متاع قليل في جنب ما فاتهم من نعيم الآخرة، أو في جنب ما أعدّ الله للمؤمنين من الثواب، أو هو قليل في نفسه، لزواله ونقصانه. وفي الحديث: «ما الدنيا في الآخرة إلّا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه في اليمّ. فلينظر بم يرجع».

( ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ ) أي: ما مهّدوا لأنفسهم.

ثمّ أعلم الله سبحانه أنّ من أراد الله واتّقاه فله الجنّة، فقال:( لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ ) لفظ «لكن» للاستدراك، فيكون بخلاف المعنى المتقدّم. فمعناه: ليس للكفّار عاقبة خير، إنّما هي للمتّقين المؤمنين الّذين اتّقوا ربّهم بفعل الطاعات وترك المعاصي.( لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللهِ ) . النزل والنزل ما يعدّ للنازل من طعام وشراب وصلة. وانتصابه على الحال من «جنّات»، والعامل فيها الظرف. وقيل: إنّه مصدر مؤكّد، والتقدير: أنزلوها نزلا.

( وَما عِنْدَ اللهِ ) لكثرته ودوامه( خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ ) ممّا يتقلّب فيه الفجّار، لقلّته وسرعة زواله.

عن ابن مسعود أنّه قال: ما من نفس برّة أو فاجرة إلّا والموت خير لها من الحياة. فأمّا الأبرار فقد قال الله تعالى:( وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ ) . وأمّا الفجّار فقد قال الله تعالى:( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ ) (٢) . وإنّما يكون الموت خيرا للنفس الفاجرة إذا كانت تدوم على فجورها.

__________________

(١) القلم: ٨.

(٢) آل عمران: ١٧٨.

٦٢٥

( وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (١٩٩) )

روي عن ابن عبّاس وجابر بن عبد الله أنّه لـمّا مات النجاشي ملك الحبشة ـ واسمه أصحمة، وهو بالعربيّة: عطيّة ـ نعاه جبرئيل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في اليوم الّذي مات فيه.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اخرجوا فصلّوا على أخ لكم مات بغير أرضكم.

قالوا: ومن؟

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : النجاشي.

فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى البقيع، وكشف له من المدينة إلى أرض الحبشة، فأبصر سرير النجاشي وصلّى عليه.

فقال المنافقون: انظروا إلى هذا يصلّي على علج(١) نصرانيّ حبشيّ لم يره قطّ، وليس على دينه، فنزلت:( وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ ) . وإنّما دخلت اللام على الاسم للفصل بينه وبين «إن» بالظرف.

( وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ ) من القرآن( وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ ) من الكتابين( خاشِعِينَ لِلَّهِ ) مستكينين بالطاعة. وهو حال من فاعل «يؤمن». وجمعه باعتبار المعنى.( لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً ) لا يأخذون عوضا يسيرا على تحريف الكتاب، كما يفعله المحرّفون من أحبارهم.

__________________

(١) العلج: الرجل الضّخم القويّ من كفّار العجم، أو الكافر عموما.

٦٢٦

( أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) ما خصّ بهم من الأجر ووعدوه في قوله تعالى:( أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ ) (١) .( إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ ) لعلمه بالأعمال وما يستوجبه كلّ عامل من الجزاء، واستغنائه عن التأمّل والاحتياط. والمراد أنّ الأجر الموعود سريع الوصول، فإنّ سرعة الحساب تستدعي سرعة الجزاء.

قيل: نزلت هذه الآية في ابن سلام ومن آمن معه. وقيل: في أربعين من نجران، واثنين وثلاثين من الحبشة، وثمانية من الروم، كانوا على دين عيسىعليه‌السلام فأسلموا.

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢٠٠) )

ولـمّا حكى الله تعالى أحوال المؤمنين والكافرين فيما تقدّم، حثّ بعد ذلك على الصبر على الطاعة ولزوم الدين والجهاد في سبيل الله، فقال:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا ) على مشاق الطاعات، وما يصيبكم من الشدائد، وعن معاصيه( وَصابِرُوا ) وغالبوا أعداء الله بالصبر على شدائد الحرب، وأعدى عدوّكم في الصبر على مخالفة الهوى. وتخصيصه بعد الأمر بالصبر مطلقا لشدّته وصعوبته.( وَرابِطُوا ) أبدانكم وخيولكم في الثغور مترصّدين للغزو، وأنفسكم على الطاعة، كما قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من الرباط انتظار الصلاة بعد الصلاة». ولهذا روي عن عليٍّعليه‌السلام معناه: «انتظروا الصلاة واحدة بعد واحدة».

__________________

(١) القصص: ٥٤.

٦٢٧

وروي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه سئل عن أفضل الأعمال فقال: «إسباغ الوضوء في السبرات(١) ، ونقل الأقدام إلى الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط».

وما روي عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه قال: «معناه: اصبروا على المصائب، وصابروا على عدوّكم، ورابطوا عدوّكم» قريب من القول الأوّل.

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من رابط يوما وليلة في سبيل الله تعالى كان كعدل صيام شهر رمضان وقيامه، لا يفطر، ولا ينفتل عن صلاته إلّا لحاجة».

( وَاتَّقُوا اللهَ ) بالتبرّي عن القبائح والمعاصي، أو عمّا سواه( لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) لكي تفلحوا وتفوزوا غاية الفلاح والفوز ببقاء الأبد. وأصل الفلاح البقاء، أي: تفلحوا بنعيم الأبد، أو الفوز بنيل المقامات الثلاثة، وهي: الصبر على مضض الطاعات، ومصابرة النفس في رفض العادات، ومرابطة السرّ على جناب الحقّ لترصّد الواردات، المعبّر عنها بالشريعة والطريقة والحقيقة.

فهذه الآية تتناول جماع ما يتناول التكليف، فإنّ قوله: «اصبروا» يتناول لزوم العبادات وتجنّب المحرّمات. و «صابروا» يتناول ما يتّصل بالغير، كمجاهدة الجنّ والإنس، وما هو أعظم منها من جهاد النفس. و «رابطوا» يدخل فيه الدفاع عن المسلمين والذبّ عن الدين. و «اتّقوا الله» يتناول الانتهاء عن جميع المناهي والزواجر، والائتمار بجميع الأوامر، ولذلك تبع ذلك الفلاح والنجاح.

تمّ تفسير الزهراوين بعون خالق الثقلين، وبالله التوفيق، وحسبنا الله، ونعم المولى ونعم النصير.

__________________

(١) السبرات جمع السبرة، وهي: الغداة الباردة.

٦٢٨

فهرس الموضوعات

الموضوع

الصفحة

مقدمة التحقيق ٥

التفسير في اللغة ٥

التفسير في الاصطلاح ٦

مناهج التفسير ٩

من يفسر القرآن؟ ١١

ترجمة المؤلّف ١٤

إسمه ١٤

ولادته ونشأته ١٤

الاطراء والثناء عليه ١٤

مشائخه وتلاميذه ١٦

مؤلّفاته وآثاره القيمة ١٦

وفاته ومدفنه ١٩

التعريف بالكتاب ١٩

النسخة المعتمدة في التحقيق ٢٠

منهج التحقيق ٢١

شكر وتقدير ٢١

مقدمة المؤلف ٥

المقدمة الأولى: في عدد آي القرآن، والفائدة في معرفتها ٧

٦٢٩

المقدمة الثانية: في ذكر أسامي القراء المشهورين في الأمصار ٨

المقدمة الثالثة: في أن القرآن كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله مجموعا مؤلفا مرتبا على ما هو عليه الآن ١٠

المقدمة الخامسة: في ذكر بعض ما جاء من الأخبار المشهورة في فضل القرآن وأهله ١١

سورة الفاتحة (١)

الآية: ١ ـ ٧ ١٥

سورة البقرة (٢)

الآية: ١ ـ ٣ ٣٥

الآية: ٤ ـ ٥ ٤٧

الآية: ٦ ـ ٧ ٥٠

الآية: ٨ ـ ١٦ ٥٧

الآية: ١٧ ـ ١٨ ٦٩

الآية: ١٩ ـ ٢٠ ٧٣

الآية: ٢١ ـ ٢٢ ٧٩

الآية: ٢٣ ـ ٢٤ ٨٦

الآية: ٢٥ ٩٢

الآية: ٢٦ ٩٨

الآية: ٢٧ ١٠٤

الآية: ٢٨ ـ ٢٩ ١٠٦

الآية: ٣٠ ١١١

الآية: ٣١ ـ ٣٣ ١١٦

٦٣٠

الآية: ٣٤ ١٢٠

الآية: ٣٥ ـ ٣٧ ١٢٥

الآية: ٣٨ ـ ٣٩ ١٣١

الآية: ٤٠ ـ ٤٢ ١٣٣

الآية: ٤٣ ـ ٤٤ ١٣٩

الآية: ٤٥ ـ ٤٧ ١٤٠

الآية: ٤٨ ١٤٣

الآية: ٤٩ ـ ٥٢ ١٤٤

الآية: ٥٣ ـ ٥٩ ١٤٩

الآية: ٦٠ ١٥٥

الآية: ٦١ ١٥٧

الآية: ٦٢ ١٦٠

الآية: ٦٣ ـ ٦٦ ١٦٢

الآية: ٦٧ ـ ٧١ ١٦٤

الآية: ٧٢ ـ ٧٣ ١٦٩

الآية: ٧٤ ١٧٠

الآية: ٧٥ ـ ٧٨ ١٧٢

الآية: ٧٩ ـ ٨٢ ١٧٥

الآية: ٨٣ ١٧٨

الآية: ٨٤ ـ ٨٦ ١٨١

الآية: ٨٧ ١٨٤

الآية: ٨٨ ١٨٧

الآية: ٨٩ ـ ٩١ ١٨٨

الآية: ٩٢ ـ ٩٣ ١٩١

٦٣١

الآية: ٩٤ ـ ٩٦ ١٩٣

الآية: ٩٧ ـ ٩٨ ١٩٦

الآية: ٩٩ ـ ١٠٣ ١٩٩

الآية: ١٠٤ ـ ١٠٥ ٢٠٦

الآية: ١٠٦ ٢٠٨

الآية: ١٠٧ ـ ١٠٨ ٢٠٩

الآية: ١٠٩ ـ ١١٠ ٢١١

الآية: ١١١ ـ ١١٢ ٢١٣

الآية: ١١٣ ٢١٥

الآية: ١١٤ ـ ١١٥ ٢١٦

الآية: ١١٦ ـ ١١٧ ٢١٨

الآية: ١١٨ ـ ١٢١ ٢٢٠

الآية: ١٢٢ ـ ١٢٣ ٢٢٣

الآية: ١٢٤ ٢٢٤

الآية: ١٢٥ ٢٢٨

الآية: ١٢٧ ـ ١٢٩ ٢٣٧

الآية: ١٣٠ ـ ١٣١ ٢٤١

الآية: ١٣٢ ـ ١٣٤ ٢٤٣

الآية: ١٣٥ ـ ١٣٦ ٢٤٦

الآية: ١٣٧ ـ ١٣٨ ٢٤٨

الآية: ١٣٩ ـ ١٤١ ٢٥١

الآية: ١٤٢ ٢٥٣

الآية: ١٤٣ ٢٥٤

٦٣٢

الآية: ١٤٤ ـ ١٤٦ ٢٥٨

الآية: ١٤٧ ـ ١٥٢ ٢٦١

الآية: ١٥٣ ـ ١٥٤ ٢٦٥

الآية: ١٥٥ ـ ١٥٧ ٢٦٧

الآية: ١٥٨ ٢٧٠

الآية: ١٥٩ ـ ١٦٠ ٢٧١

الآية: ١٦١ ـ ١٦٢ ٢٧٢

الآية: ١٦٣ ٢٧٣

الآية: ١٦٤ ٢٧٤

الآية: ١٦٥ ـ ١٦٧ ٢٧٨

الآية: ١٦٨ ـ ١٦٩ ٢٨١

الآية: ١٧٠ ـ ١٧١ ٢٨٣

الآية: ١٧٢ ـ ١٧٣ ٢٨٤

الآية: ١٧٤ ـ ١٧٦ ٢٨٦

الآية: ١٧٧ ٢٨٧

الآية: ١٧٨ ـ ١٧٩ ٢٩١

الآية: ١٨٠ ـ ١٨٢ ٢٩٥

الآية: ١٨٣ ـ ١٨٤ ٢٩٧

الآية: ١٨٥ ٣٠٠

الآية: ١٨٦ ٣٠٤

الآية: ١٨٧ ٣٠٧

الآية: ١٨٨ ٣١٠

الآية: ١٨٩ ٣١١

الآية: ١٩٠ ـ ١٩٤ ٣١٤

٦٣٣

الآية: ١٩٥ ٣١٧

الآية: ١٩٦ ـ ١٩٧ ٣١٩

الآية: ١٩٨ ـ ١٩٩ ٣٢٥

الآية: ٢٠٠ ـ ٢٠٣ ٣٢٩

الآية: ٢٠٤ ـ ٢٠٦ ٣٣٢

الآية: ٢٠٧ ٣٣٤

الآية: ٢٠٨ ـ ٢١٠ ٣٣٥

الآية: ٢١١ ـ ٢١٢ ٣٣٧

الآية: ٢١٣ ٣٣٨

الآية: ٢١٤ ٣٤٠

الآية: ٢١٥ ٣٤١

الآية: ٢١٦ ٣٤٢

الآية: ٢١٧ ٣٤٣

الآية: ٢١٨ ٣٤٥

الآية: ٢١٩ ـ ٢٢٠ ٣٤٦

الآية: ٢٢١ ٣٥١

الآية: ٢٢٢ ٣٥٣

الآية: ٢٢٣ ٣٥٥

الآية: ٢٢٤ ـ ٢٢٧ ٣٥٦

الآية: ٢٢٨ ٣٥٩

الآية: ٢٢٩ ـ ٢٣٠ ٣٦٢

الآية: ٢٣١ ٣٦٧

الآية: ٢٣٢ ٣٦٨

الآية: ٢٣٣ ٣٧٠

٦٣٤

الآية: ٢٣٤ ٣٧٣

الآية: ٢٣٥ ٣٧٤

الآية: ٢٣٦ ٣٧٦

الآية: ٢٣٧ ٣٧٩

الآية: ٢٣٨ ـ ٢٣٩ ٣٨٠

الآية: ٢٤٠ ٣٨٢

الآية: ٢٤١ ـ ٢٤٢ ٣٨٣

الآية: ٢٤٣ ـ ٢٤٥ ٣٨٤

الآية: ٢٤٦ ـ ٢٥١ ٣٨٨

الآية: ٢٥٢ ـ ٢٥٣ ٣٩٧

الآية: ٢٥٤ ٣٩٩

الآية: ٢٥٥ ـ ٢٥٧ ٤٠١

الآية: ٢٥٨ ـ ٢٥٩ ٤١٠

الآية: ٢٦٠ ٤١٤

الآية: ٢٦١ ـ ٢٦٦ ٤١٦

الآية: ٢٦٧ ـ ٢٧٢ ٤٢٢

الآية: ٢٧٣ ـ ٢٧٤ ٤٢٦

الآية: ٢٧٥ ـ ٢٧٦ ٤٢٨

الآية: ٢٧٧ ـ ٢٨١ ٤٣١

الآية: ٢٨٢ ٤٣٣

الآية: ٢٨٣ ٤٣٨

الآية: ٢٨٤ ٤٣٩

الآية: ٢٨٥ ٤٤٠

الآية: ٢٨٦ ٤٤٢

٦٣٥

سورة آل عمران (٣)

الآية: ١ ـ ٤ ٤٤٥

الآية: ٥ ـ ٦ ٤٤٩

الآية: ٧ ٤٥٠

الآية: ٨ ـ ٩ ٤٥٢

الآية: ١٠ ـ ١٣ ٤٥٤

الآية: ١٤ ٤٥٦

الآية: ١٥ ـ ١٧ ٤٥٨

الآية: ١٨ ـ ١٩ ٤٦٠

الآية: ٢٠ ٤٦٢

الآية: ٢١ ـ ٢٢ ٤٦٣

الآية: ٢٣ ـ ٢٥ ٤٦٤

الآية: ٢٦ ـ ٢٧ ٤٦٧

الآية: ٢٨ ٤٧٠

الآية: ٢٩ ـ ٣٠ ٤٧١

الآية: ٣١ ـ ٣٢ ٤٧٣

الآية: ٣٣ ـ ٤١ ٤٧٤

الآية: ٤٢ ـ ٤٣ ٤٨٢

الآية: ٤٤ ـ ٥١ ٤٨٤

الآية: ٥٢ ـ ٥٨ ٤٩١

الآية: ٥٩ ٤٩٥

الآية: ٦٠ ـ ٦٣ ٤٩٦

الآية: ٦٤ ٥٠٢

الآية: ٦٥ ـ ٦٨ ٥٠٤

الآية: ٦٩ ـ ٧١ ٥٠٦

٦٣٦

الآية: ٧٢ ـ ٧٤ ٥٠٧

الآية: ٧٥ ـ ٧٦ ٥٠٩

الآية: ٧٧ ـ ٧٨ ٥١١

الآية: ٧٩ ـ ٨٠ ٥١٣

الآية: ٨١ ـ ٨٩ ٥١٥

الآية: ٩٠ ـ ٩٢ ٥٢٠

الآية: ٩٣ ـ ٩٥ ٥٢٢

الآية: ٩٦ ـ ٩٧ ٥٢٥

الآية: ٩٨ ـ ٩٩ ٥٣٠

الآية: ١٠٠ ـ ١٠١ ٥٣١

الآية: ١٠٢ ـ ١٠٣ ٥٣٢

الآية: ١٠٤ ـ ١٠٩ ٥٣٥

الآية: ١١٠ ٥٣٩

الآية: ١١١ ـ ١١٢ ٥٤١

الآية: ١١٣ ـ ١١٥ ٥٤٢

الآية: ١١٦ ـ ١١٧ ٥٤٥

الآية: ١١٨ ـ ١٢٠ ٥٤٦

الآية: ١٢١ ٥٤٩

الآية: ١٢٢ ـ ١٢٩ ٥٥٤

الآية: ١٣٠ ـ ١٣٦ ٥٥٨

الآية: ١٣٧ ـ ١٣٨ ٥٦٤

الآية: ١٣٩ ـ ١٤١ ٥٦٥

الآية: ١٤٢ ـ ١٤٨ ٥٦٨

الآية: ١٤٩ ـ ١٥٢ ٥٧٣

الآية: ١٥٣ ٥٧٧

٦٣٧

الآية: ١٥٤ ـ ١٥٥ ٥٧٨

الآية: ١٥٦ ٥٨٢

الآية: ١٥٧ ـ ١٥٨ ٥٨٣

الآية: ١٥٩ ـ ١٦٠ ٥٨٤

الآية: ١٦١ ـ ١٦٣ ٥٨٦

الآية: ١٦٤ ٥٨٨

الآية: ١٦٥ ـ ١٦٨ ٥٨٩

الآية: ١٦٩ ـ ١٧١ ٥٩٢

الآية: ١٧٢ ـ ١٧٤ ٥٩٧

الآية: ١٧٥ ٦٠٠

الآية: ١٧٦ ـ ١٧٨ ٦٠١

الآية: ١٧٩ ٦٠٥

الآية: ١٨٠ ٦٠٦

الآية: ١٨١ ـ ١٨٢ ٦٠٨

الآية: ١٨٣ ـ ١٨٤ ٦١٠

الآية: ١٨٥ ٦١١

الآية: ١٨٦ ٦١٢

الآية: ١٨٧ ٦١٣

الآية: ١٨٨ ـ ١٨٩ ٦١٥

الآية: ١٩٠ ٦١٦

الآية: ١٩١ ـ ١٩٤ ٦١٧

الآية: ١٩٥ ٦٢٣

الآية: ١٩٦ ـ ١٩٨ ٦٢٤

الآية: ١٩٩ ٦٢٦

الآية: ٢٠٠ ٦٢٧

٦٣٨

الفهرس

فاتحة الكتاب ١٥

سورة البقرة ٣٥

سورة آل عمران ٤٤٥

فهرس الموضوعات ٦٢٩

٦٣٩