تنزيه القران عن المطاعن

تنزيه القران عن المطاعن0%

تنزيه القران عن المطاعن مؤلف:
الناشر: دار النهضة الحديثة
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 501

تنزيه القران عن المطاعن

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: عماد الدين أبي الحسن عبد الجبّار بن أحمد
الناشر: دار النهضة الحديثة
تصنيف: الصفحات: 501
المشاهدات: 66316
تحميل: 2078

توضيحات:

تنزيه القران عن المطاعن
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 501 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 66316 / تحميل: 2078
الحجم الحجم الحجم
تنزيه القران عن المطاعن

تنزيه القران عن المطاعن

مؤلف:
الناشر: دار النهضة الحديثة
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الوجه قال تعالى( وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ ) فكنّى تعالى عن ذلك بهذين الحرفين اللذين يجمعان كل المنافع. ثمّ بيّن تعالى ان منهم أمة مقتصدة وهم الذين أسلموا وسلكوا طريق الحق من قبل فنبّه بذلك على ان كل أهل الكتاب ليسوا بالصفة التي ذكرها.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ ) معلوم انه إذا لم يبلغ الرسالة فما فائدة التكرار. وجوابنا أنّ المراد بقوله بلغ ما أنزل اليك من ربك هو القرآن. وبيّن انه ان لم يبلغ القرآن لا يكون قد بلغ الرسالة أجمع فليس ذلك بتكرار بل هو تنبيه على ان في جملة ما حمل من الرسالة ما لا ينطق القرآن به ومتى لم يبلغ القرآن لم يتم ابلاغ الرسالة أجمع، فالفائدة في ذلك عظيمة ولذلك قال تعالى بعده( وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) فأزال عن قلبه الخوف من ابلاغ كل الرسالة وعلى هذا الوجه نقول ان الرسول صلّى الله عليه وسلم لا يجوز أن يكتم شيئا من الشرائع ولا ان يغير. وبين بأنه تزال عنه سائر الموانع في ذلك.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) كيف يصح ذلك فكأنه قال ان الذين آمنوا من آمن منهم. وجوابنا أنّ قوله تعالى( مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ ) يرجع إلى الذين هادوا إلى الصابئين والنصارى دون المؤمنين فالكلام مستقيم، فكأنه قال ان الذين آمنوا ومن آمن من اليهود والنصارى والصابئين وعمل صالحا وبعد فلو رجع إلى الكل لكان المراد الايمان في المستقبل فكأنه قال ان الذين آمنوا من ثبت على ايمانه في المستقبل واستمر عليه وعمل صالحا فيستقيم الكلام.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ أَفَلا يَتُوبُونَ إلى اللهِ )

١٢١

كيف يصح ذلك ومعلوم من حالهم انهم ماتوا ولم يمسهم من العذاب ما ذكره تعالى. وجوابنا أنّه أخبر عن المستقبل ولم يذكر الله ان ذلك يمسهم في الدنيا. فالمراد انه يمسهم ان ثبتوا على الكفر العذاب الأليم في الآخرة وان تابوا أزال ذلك عنهم وقد قيل أنّ المراد بذلك ما ينالهم من الذل والجزية وغيرهما لان ذلك صغار وعذاب.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ ) ما الفائدة في ذلك. وجوابنا أنّه بيّن بذلك أنه رسوله لا معبود ولا إله لان من جاز ذلك عليه واحتاج إلى الطعام لا يجوز أن يكون إلها معبودا. فبيّن بذلك بطلان قول النصارى ولذلك قال بعده( انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) ثمّ قال بعده أيضا( قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً ) ثمّ قال بعده( قُلْ يا أهل الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ ) وكل ذلك يبين صحة ما قلنا وعظم تعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقوله جل وعز( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ ) إلى آخر الآيات ثمّ عظم اثم من يتولى أعداء الله بقوله جل وعز( تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ ) ثمّ قال تعالى( وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ ) فدل بكل ذلك على ما يجب من تولي المؤمنين ومعاداة الكافرين والفاسقين.

١٢٢

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ ) كيف يصح ذلك وما يستحقه من الاثم في اليمين أو في الحنث لا يزول بذلك. وجوابنا أنّ لهذه الكفارة حظا في التكفير وان لم يزل الكل فلذلك سمي بهذا الاسم لا انه إذا فعلها لاجل يمينه وحنثه زال كل عقابه بل خففه فلذلك يحتاج إلى التوبة ليقطع بها على زوال العقوبة لان قدر تأثير الكفارة غير معلوم وقد يقال ان ذلك كفارة لا لانها تكفر الاثم، وعلى هذا الوجه يكون كفارة في عظم الامور ويكون كفارة فيما هو طاعة أيضا.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللهُ عَنْها وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ ) كيف يصح المنع من المسألة والتكفير وهي تعرف بحال ما سأل عنه السائل. وجوابنا أنّ المسألة في باب الدين تعرف الحق لا ينكر وليس هذا هو المراد بل المراد المسألة على وجه التعنت لقوله تعالى( وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً ) الآيات فان ما جرى هذا المجرى يقبح وربما عظم حتّى بلغ حد الكفر إذا اقترن به القدح في النبوّة وبين تعالى بقوله( ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ ) وبقوله( وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ ) ان كل ذلك من فعلهم ولو كان ما فعل العبد مخلوقا من جهة الله لـما صح ذلك وبين بقوله( وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا ) ان تقليد الآباء وغيرهم في باب الدين جرم عظيم.

١٢٣

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتُمْ ) ان ذلك يوجب أن يتشاغل المرء بنفسه ولا يفكر في حال غيره فيأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر. وجوابنا أنّ الأثر المروى عن ابي بكر الصديق في ذلك هو الجواب، فانه قال سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول ان الناس إذا رأو الظالم ولم يأخذوا على يديه يوشك أن يعمهم الله بعقاب. فبين ان منع الغير من الظلم والمنكر من الواجبات على من يتمكن فيضره إذا لم يمنعه والمراد بذلك ان أحدا لا يؤخذ بذنب غيره واذا لم يؤخذ فكيف يؤاخذ الله تعالى بما يخلقه فيه فيوجبه.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا ) كيف يصح منهم هذا القول وقد علموا بما ذا أجابهم من دعوة إلى الدين من الأمم. وجوابنا أنّ المراد لا علم لنا إلّا ما أنت يا ربّ به أعلم ولذلك قال بعده( إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ) ويحتمل أنهم قالوا لا علم لنا بباطن أمورهم لأنهم انما يعلمون الظاهر والله تعالى هو العالم بباطن ما فعلوه.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ ) كيف يجوز من الحواريين أن يحملوا قدرة الله تعالى على ذلك. وجوابنا انهم ذكروا الاستطاعة وأرادوا نفس الفعل ولذلك( قالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها ) ولذلك صار جواب قولهم أنّ عيسى7 قال( اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ ) ولو كان مرادهم القدرة فقط ما كان لذلك معنى. ويحتمل أن يكون المراد انزال مائدة تكون مصلحة للكل لأن ذلك ربما لم يدخل تحت القدرة كما نقول في باب الألطاف ولذلك قال تعالى بعده( إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ

١٢٤

مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ ) .

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ ) كيف يصح ذلك وعيسى لم يقل ذلك للناس وكيف يصح أن يقول( وَإِذْ قالَ اللهُ ) وذلك يخبر به عن الماضي ولم يتقدم ذلك منه تعالى في الدنيا. وجوابنا أنّ ذلك من الله تعالى على وجه التوبيخ والتقريع لمن قال ذلك، وقد يجوز من الحكيم أن يخاطب بذلك متهما بفعل ليكون ردعا وتوبيخا لمن فعل والله تعالى عالم بالأمور، ولا يصح الاستفهام عليه فالمراد ما ذكرنا فقد كان فيهم من يزعم ان عيسى صلّى الله عليه وسلم أمرهم بأن يتخذوهما إلهين فيعبدوهما ويطيعوهما كطاعة المرء لله ولذلك قال بعده( إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ) وقد قيل ان هذا القول وقع منه تعالى في مخاطبة عيسى7 قبل يوم القيامة عند ما رفعه إلى السماء فلذلك قال تعالى( وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ) وقيل أيضا واذ قال يستعمل في المستقبل اذ قدر فيه تقدير الماضي كقوله تعالى( وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ ) لـما قدر فيه تقدير الماضي ولذلك قال تعالى بعده( ما قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ) .

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) أليس ذلك من قول عيسى صلّى الله عليه وسلم يدل على انه كان لا يعرف انه تعالى يعذب الكفار لا محالة. وجوابنا أنّ المراد تفويض أمرهم إلى الله وأنه يفعل بهم ما يريد مما يكون عدلا وحكمة ويحتمل أن يكون المراد بقوله( إِنْ تُعَذِّبْهُمْ ) من استمر على كفره وبقوله( وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ ) من آمن.

١٢٥
١٢٦

سورة الأنعام

[ مسألة ] وربما سألوا عن قوله تعالى( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ) كيف يصح ذلك في الجميع وقد بين في غير موضع انه خلقهم من نطفة. وجوابنا أنّ المراد أصل الخلقة في آدم لانه خلق من طين على ما ذكره تعالى فلما كان الكل يرجع في خلقهم إلى آدم صح أن يقول تعالى خلقكم من طين.

[ مسألة ] وربما قالوا في قوله تعالى( ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ) أليس ذلك يدل على أن للانسان أجلين وأنتم تمنعون من ذلك. وجوابنا أنّ أجل الانسان في الحياة هو وقت حياته وأجله في الموت هو وقت موته فاذا كان موته لا يقع إلّا في وقت واحد في الدنيا كان مقتولا أو غير مقتول فأجله واحد والمراد بذلك، ثمّ قضى أجلا في الدنيا لانها دار الفناء وأجل مسمى عنده وهو أوقات حياتهم في الآخرة التي لا انقطاع لها بين ذلك، أن الآخرة دار البقاء ولذلك قال بعده( ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ ) فانما وقع ذلك منهم في باب الاعادة في الآخرة.

[ مسألة ] وربما قالوا في قوله تعالى( وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ ) كيف يصح أن يكون في مكانين وكيف يصح مكان لله تعالى وقد كان موجودا ولا مكان أصلا. وجوابنا أنّ المراد أنه في السموات والارض بأن يعلمهما ويحفظهما ويدبرهما وقد بيّن ذلك تعالى بقوله من بعد( يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ ) .

١٢٧

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ ) ان الكذب يكون قبيحا وأهل الآخرة ملجئون إلى ان لا يقع منهم القبيح.

فالمراد بذلك( ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ ) أي في الدنيا لانهم كانوا يحسبون انهم بخلاف ذلك ثمّ قال( انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ ) أي في دار الدنيا لانهم أخبروا عن أنفسهم بنفي الشرك وهم كانوا مشركين في الحقيقة. فالكذب انما وقع منهم في الدنيا وأخبروا في الآخرة عن أحوالهم في الدنيا ومثل ذلك يكون فتنة في الآخرة عليهم لانهم يخبرون بما ليس بعذر، فلا ينفعهم ذلك ولذلك قال تعالى بعده( وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ ) يعني ذهب ذلك عنهم وظنوا خلافه.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً ) كيف يصح ذلك وقد أمرهم بهذا الاستماع، فكيف يمنعهم بالوقر والكن. وجوابنا أنّ ذلك تمثيل لا تحقيق من حيث لم يسمعوا ما أمروا فصاروا بمنزلة من في آذانه وقر ولم ينتفعوا بما فهموا فصاروا كمن في قلبه كن. وقد قيل أنّ المراد بذلك انهم كانوا يؤذون رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا قرأ القرآن فحجبوا عن استماعه من حيث كان المعلوم انهم لا ينتفعون به ولذلك قال بعده( وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها ) وبين الله تعالى بعد اقامة الحجة ان الحجب مانعة عن معرفة كثير من الآيات إذا كان المعلوم ان يكذّب ولا ينتفع به ولذلك قال تعالى بعده( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا ) وذمهم بذلك ولو كان المنع وقع منه لـما صح أن يذمهم على منعهم منه.

١٢٨

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) ثمّ قال تعالى( وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ ) كيف يصح ذلك. وجوابنا انهم تمنوا الرد إلى دار الدنيا والتمني لا يقع فيه الكذب وجد الأمر على ما تمنى أم لم يوجد، وإنّما يقع الكذب في الاخبار فمعنى قوله( وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ ) انهم بمنزلة من يكذب من حيث لو ردوا لعادوا. فان قيل أتقولون بجواز ردهم إلى الدنيا حتّى يقال لو ردوا لعادوا لـما نهوا عنه ( قيل ) اما من اضطره الله تعالى إلى معرفته عند المعاينة أو بعدها فلا جائز ان يكلفه بعد ذلك لكنه لـما كان يجوز أن يرد من دون هذا الاضطرار جاز أن يتمنى ذلك وجاز أن يخبر تعالى عن حالهم بما وصفه على وجه التقدير.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أو سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ ) ما فائدة ذلك. وجوابنا شدة محبته صلّى الله عليه وسلم لإيمانهم وقبولهم كان يوجب أن يغتم باعراضهم ويكبر ذلك عليه فبين تعالى أن ذلك ليس في طوقه وهو متعلق باختيارهم فلو فعل ما فعل لم يجد منهم الانقياد ولذلك قال تعالى بعده( وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ ) والمراد لو شاء أن يلجئهم إلى ذلك الفعل لكنه تعالى أراد ايمانهم اختيارا لينتفعوا بالثواب. ثمّ بين تعالى بقوله( إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ) من ينتفعون بقبولهم( ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ) فيجازيهم على ما فعلوا.

[ مسألة ] وربما قالوا في قوله تعالى( وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ

تنزيه القرآن (٩)

١٢٩

آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) ما الفائدة في ذلك. وجوابنا أنّه تعالى بيّن أن ما يلتمسونه من الآيات مقدور لله تعالى لكنهم لا يعلمون ان ذلك بمنزلة ما قد أظهره من الآيات في انهم لا يؤمنون عنده.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ) أليس يوجب ذلك ان كل حي مكلف. وجوابنا أنّ المراد بقوله أمم جماعة فكأنه قال ما من دابة ولا طائر إلّا وهم جماعة من الجنس الواحد فأما أن يريد بذلك انهم مكلفون فمحال لأنا إذا كنا نعلم ان الصبيّ قبل البلوغ لا يكلف لفقد العقل فالبهائم والطير أولى بذلك.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ) كيف يصح ذلك ونحن نعلم انه ليس في القرآن بيان أشياء كثيرة. وجوابنا أنّ المراد الشيء الذي يحتاج اليه في باب الدين لأنه الذي إذا لم يبينه تعالى يكون مفرطا، اذ المفرط يكون مفرطا بأن لا يبين ما يجب بيانه وجميع أمور الدين قد بينه الله تعالى في القرآن إما مجملا وإما مفصلا ولذلك قال تعالى بعده( وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ ) نبه بذلك على انهم بمنزلة من هذه حاله لعدو لهم عما يجب أن يتبعوه.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ ) كيف يصح أن يذكر أشياء ويجمع ثمّ يوحد بقوله يأتيكم به. وجوابنا أنّ المراد يأتيكم بما تقدم ذكره وقد يصح في ذلك أن يوحد كما قد يصح أن يجمع. وبين تعالى بذلك انه آتاهم هذه الآيات من سمع وبصر

١٣٠

وقلب لينتفعوا بها فلما لم ينتفعوا بها فكأنها مفقودة ولذلك قال بعده( انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ ) موبخا لهم على عدو لهم.

[ مسألة ] وربما سألوا في قوله تعالى( وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ ) كيف يصح أن ينهاه عن ذلك مع وصفه لهم بالعبادة والخشية. وجوابنا أنّه صلّى الله عليه وسلم ربما كان يقدم الأكابر من العرب محبة منه لإيمانهم وتألفا لهم فأدبه الله تعالى بهذه الآية في المؤمنين لئلا يقدم غيرهم عليهم ولذلك قال تعالى بعده( وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ) نبه بذلك على ان المقدم هو من يعلمه الله تعالى عابدا شاكرا ثمّ قال تعالى لنبيه صلّى الله عليه وسلم( وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ) فأمره بأن يحييهم ويعرفهم عظم منزلتهم.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ) كيف يصح أن يؤاخذ من عمل السوء ولا يعرفه. وجوابنا أنّ كل عامل السوء والمعصية يوصف بأنه عمله بجهالة وان كان عالما به والمراد بذلك أنه عمل ذلك على غير ما يقتضيه عقله فان الذي يوجبه العقل التحرز من ذلك ؛ وعلى هذا الوجه يوصف كل من يقدم على المعاصي بأنه جاهل ولا يراد بذلك الاعتقاد الذي هو جهل فلذلك قال تعالى( ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ ) ما فائدة ذلك والله عليم بكل شيء. وجوابنا أنّه تعالى كتب في اللوح المحفوظ ما سيحدث من الامور. لكن تستدل الملائكة متى

١٣١

وجدته على علمه وقدرته وهذا كما يحاسب يوم القيامة ويوكل الحفظة بالمكلف لاحصاء ما يأتيه ويفعله ليكون مصلحة له في الدنيا وتبكيتا له في الآخرة.

[ مسألة ] وربما قالوا في قوله تعالى( وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ ) أنه يدل على جواز المكان له. وجوابنا أنّ المراد فوقهم في القدرة والقهر لا في المكان ولذلك قال بعده( وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً ) إلى غير ذلك مما يدل على قدرته.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( حَتَّى إذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا ) فجمع وقال في موضع آخر( قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ ) فوحد وذلك مناقضة. وجوابنا أنّ ملك الموت هو الموكل بقبض الأرواح وله جمع عظيم من الملائكة يأمرهم بذلك فلا مناقضة في هذا الباب.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( ثُمَّ رُدُّوا إلى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ ) كيف يصح والمكان مستحيل عليه. وجوابنا أنّ المراد ردوا إلى حيث لا مالك ولا حاكم إلّا هو وقد تقدم نظائر ذلك.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( مَوْلاهُمُ الْحَقِّ ) كيف يصح ذلك وليس يثبت مولى باطل فيتميز مولى الحق عنه. وجوابنا أنّ المراد( ثُمَّ رُدُّوا إلى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ ) أنه الذي خلقهم فأحياهم وبلغهم هذا الحد ولا يجوز أن يشاركه غيره في ذلك وهذا هو المراد ولذلك قال بعده( أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ ) فانه إذا جعل المكلف بهذه الأوصاف جازاه في الآخرة بحسب ذلك.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ ) أما يدل ذلك على انه تعالى أرسل إلى الجن رسلا منهم كما أرسل إلى الانس. وجوابنا أنّ قوله( مِنْكُمْ ) لا يدل

١٣٢

على المشاركة في انه من الجن بل قد يجوز أن يريد المشاركة في أنه من المكلفين العقلاء الذين يصلحون لذلك.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) أن هذا يدل على المنع من النظر في الأدلة. وجوابنا أنّ المراد خوضهم في الآيات على وجه الرد والوقيعة كما كان كثير منهم يفعله وكيف يصح ذلك وقد بعث صلّى الله عليه وسلم بالآيات في الدعاء اليه.

[ مسألة ] وربما قالوا في قوله تعالى( فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي ) أليس ذلك كفرا من قائله فكيف يجوز ذلك على ابراهيم. وجوابنا أنّ ذلك في حال النظر ذكر على وجه الاستدلال لا على وجه الخبر ولذلك قال بعده( فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ) فاستدل بحركته وغيبته على انه ليس برب وكذلك قال في الشمس والقمر وقال في آخره( إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) فعرفه تعالى استدلالا بالسماوات والأرض كما نقل عنه الاستدلال على الله تعالى وقد قيل أنّ المراد بقوله هذا ربي على وجه الاستفهام والنظر ومثل ذلك قد يتفق من المستدل.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( أَتُحاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدانِ وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً ) وان ذلك يدل على انه تعالى يجوز أن يشاء الشرك. وجوابنا أنّ المراد إلّا أن يشاء ربي شيئا مما أخافه، فرجع الاستثناء إلى أسباب الخوف لا إلى الشرك. ولذلك قال بعده( وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ ) وقال بعده أيضا « فأي الفريقين أحق بالأمن » فنبه بذلك على انه لا يخاف إلّا ما يكون من قبل

١٣٣

الله تعالى دون ما يتوهم للاصنام ثمّ قال بعده( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ ) فبين ان الأمن في الآخرة والاهتداء إلى الثواب انما يحصل لمن يتحرز من الظلم وكل المعاصي تعد في الظلم ولذلك قال تعالى( إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) ثمّ بيّن قوله تعالى( وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ ) إلى آخره ذكر الانبياء ثمّ قال بعده( ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ ) فبيّن أن الحجة على توحيد الله واحدة في الانبياء وغيرهم. ثمّ قال من بعد( وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ) فبيّن أن الشرك يحبط كل هذه الطاعات ثمّ قال( أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ ) فنبه بذلك ان الدلالة واحدة.

[ مسألة ] وربما سألوا عن قوله تعالى( وَمِنْ آبائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوانِهِمْ وَاجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) أليس ذلك دلالة على أنه خصهم بالهدى. وجوابنا ما تقدم من أنهم لـما قبلوا خصهم بالذكر.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ ) كيف يصح وليس في الناس من يجعل لله شريكا من الجن. وجوابنا أنّ المراد انهم جعلوا الملائكة شركاء الجن من حيث اتفقوا في انهم لا يرون. وقيل ان ابليس يعبده كثير من الناس كالشريك لله على ما يحكى عن بعض المجوس.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) وعن قوله تعالى( اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) وقالوا يدل ذلك على صحة قول المجبرة. وجوابنا عن ذلك ان المراد وخلق كل شيء مما يوصف بأنه مخلوق لان كل ذلك من قبل الله تعالى وهذا كقول القائل

١٣٤

أكلت كل شيء يريد مما صح كونه مأكولا فلا يدل على ما قالوه وقد أجيب عنه بأن المراد التكثير والمبالغة لا أنه عموم في الحقيقة كقوله تعالى( يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ ) وقوله( وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ) وذلك مذهب العرب في المبالغة وبين ذلك قوله( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ) فبيّن حسن ما خلق فلا يصح أن يضاف اليه شيء من القبائح وقيل أيضا ان المراد قدر الأشياء لا أنه أوجدها وأحدثها فما هو من فعله قد قدره وما ليس من فعله قدره أيضا بأن بيّن أحواله وذلك كقوله تعالى( إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ ) والمراد الأخبار عن حالها، فأما دلالة قوله عز وجل( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ ) على أنه تعالى لا يجوز أن يرى بالأبصار فبيّن وذلك مشروح في الكتب وأما قوله تعالى( وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) فالمراد به لطيف الفعال لان اللطف عليه في ذاته يستحيل كما يستحيل عليه الصغر تعالى الله عن ذلك، وقوله تعالى من بعد( وَلَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكُوا ) فالمراد به لو شاء أن يمنعهم ويحول بينهم وبين الاختيار لـما وقع الشرك منهم ويحتمل ولو شاء ان يلجئهم إلى خلاف الشرك لـما أشركوا ومن عظيم آداب القرآن قوله تعالى( وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ) فنهاهم عن سب آلهتهم لئلا يقع منهم ذكره تعالى بما لا يليق به على وجه المقابلة لأن من ظن أنه إذا سب آلهتهم وقع منهم ذلك يكون قد أغراهم بهذه المعصية.

[ مسألة ] وربما قالوا في قوله تعالى( كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ) أليس ذلك يدل على انه تعالى قد زين عمل الكفار والعصاة وذلك بخلاف قولكم وقول المسلمين. وجوابنا أنّ المراد به ما ألزمهم تعالى من العمل وشرعه لهم وليس المراد ما وقع منهم وعلى هذا الوجه يقول الوالد للولد قد زينت لك العمل الذي رسمته لك فخالفتني فيسمى ما لم يقع منه عملا من حيث الامر والالزام وبين ذلك قوله تعالى من بعد( ثُمَّ إلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ

١٣٥

فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ) على وجه الدفع لهم عن الكفر وغيره فكيف يصح أن يكون مع ذلك مزينا لـما فعلوه وقد بيّن تعالى في غير موضع أن الشيطان هو المزين لعملهم وقد قيل أنّ المراد زينا أعمالهم من حيث ميل الطبع والشهوة وأمرناهم مع ذلك بالمخالفة والجواب الأوّل أبين.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ ) ان ذلك يدل على انه تعالى يخلق في قلوبهم الكفر والايمان قالوا ويقوي ذلك قوله( وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) .

وجوابنا ان المراد بذلك أنه يجعلهم كذلك في الآخرة فتقلب أفئدتهم وأبصارهم في النار تنكيلا لهم وأما قوله( وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) فالمراد أنه يخلي بينهم وبين ما اختاروه فلا يمنعهم كما نقول فيمن بصرناه برشده فلم يقبل قد تركناه ورأيه لأنا لم نكره ذلك منه وبين صحة ذلك قوله تعالى من بعد( وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا ) فنبه بذلك على انهم خلاهم لعلمه بسوء فعالهم وانهم لا يعدلون إلى الطريقة المثلى ومعنى قوله( ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ ) ان يلجئهم إلى الايمان لكن ذلك لا ينفع وإنّما ينتفعون بما يفعلونه اختيارا فيستحقون به الثواب.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها ) وان ذلك يدل على أن مكرهم بكفرهم من قبله تعالى. وجوابنا أنّ المراد بينا ذلك من حالهم كما يقال في الحاكم انه جعل الشاهد مزورا إذا بيّن ذلك من حاله ويقال ان المعتزلة جعلت المشبهة كفارا لـما بينوا ذلك من حالهم كما يقال ان الحنفي جعل الوتر واجبا لـما ذهب هذا المذهب فأما قوله تعالى( لِيَمْكُرُوا فِيها ) فالمراد

١٣٦

أنه جعلهم في كل قرية وأمرهم بالطاعة وعاقبتهم هذا المكر وهذا كقوله تعالى( فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً ) وإنّما التقطوه لغير ذلك لكن لـما كان مآل أمرهم إلى العداوة كما يقال خلقت الدنيا للفناء لـما كان ذلك عاقبتها ولذلك قال تعالى( وَما يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنْفُسِهِمْ ) فذمهم على ذلك.

[ مسألة ] وربما سألوا عن قوله تعالى( فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً ) كيف يصح ذلك عندكم وأنتم تقولون أراد من الكل الهدى وكيف يصح ذلك ونحن نعلم ان الكافر لا يكون ضيق الصدر بكفره بل ربما يكون أشرح بما هو عليه من المؤمن. وجوابنا أنّ المراد فمن يرد الله أن يهديه بزيادات الهدى كقوله تعالى( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً ) لشرح صدره للاسلام لان زيادات الهدى أحد ما يقوي صدر المؤمن على ايمانه وقوله( وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ ) أي عن هذه الزيادات من حيث يعلم انه لا ينتفع يجعل صدره ضيقا حرجا فتضطرب عليه اعتقاداته الفاسدة إذا فكر فيها. وهذا يدل على قولنا في العدل إنه تعالى يفعل بالمؤمن ما يكون أقرب إلى ثباته على الايمان من شرح الصدر بزيادات الادلة ويفعل بالكافر ما يكون أقرب إلى ان يقلع عن الكفر من ضيق الصدر والا فقد هدى الجميع بالأدلة وأزاح لهم العلة حتّى لم يؤتوا إلّا من قبل انفسهم وكل كافر إذا فتشت عنه متى نوظر وكلم يضيق صدره بما هو عليه من الكفر عند ايراد الادلة عليه لكنه يكابر ظاهرا ويوهم انه على بصيرة ولذلك قال تعالى من بعد( كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ ) .

[ مسألة ] وربما سئل عن قوله تعالى( وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً ) كيف يصح منه تعالى ان يوليهم مع ظلمهم أو ليس قد قال

١٣٧

في سورة البقرة( لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) . وجوابنا أنّ ذلك شبيه بقوله تعالى( وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ ) فالله تعالى يقوي الظالم على غيره من الظلمة ليدفعه عن الظلم ولو لا ظلمه لكان لا يمكنه من ذلك وذلك ليس مخالفا لقوله تعالى( لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) اذ المراد بذلك النبوة.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) أما يدل ذلك على جواز المكان لله تعالى. وجوابنا أنّ هذه الاضافة إضافة إعظام وإكرام كما يقال ان لزيد قدرا عظيما عند عمرو لا يراد به المكان ولذلك قال تعالى بعده( وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ) .

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلاَّ ما شاءَ اللهُ ) أو ليس في ذلك دلالة على أن في الجن والانس الكفار من لا يخلد في النار. وجوابنا أنّ المراد ما شاء الله ممن لا يبقى على كفره ولأنه تعالى( قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها ) ومن الجائز ان يؤمن بعضهم فقال( إِلاَّ ما شاءَ اللهُ ) .

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ ) أليس يدل ذلك على وجوب حق يوم الحصاد خاصة. وجوابنا في ذلك انه قد روى وجوب هذا الحق من قبل وانه نسخ بالعشر والزكاة وروى أيضا ان المراد به نفس العشر لانه يدخل تحت قوله وآتوا حقه يوم حصاده، والتوقيت بذلك الوقت انما دل به على الايجاب والكلام في كيفية اخراجه يرجع فيه إلى دليل الشرع.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ ) ثمّ قال في آخره( ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ ) كيف يصح ان يجازيهم على بغيهم بتحريم ما يحرمه ولهم في اجتناب ذلك المحرم

١٣٨

ثواب فيصير من هذا الوجه نعمة فكيف يصح أن يكون عقوبة. وجوابنا أنّ المراد جزيناهم على بغيهم بتحريم ذلك عليهم من حيث نعلم ان جزاء البغي لا يكون ما يؤدي إلى النفع والى الثواب وذكر بعده ما بيّن به من وجوه أنه تعالى لا يريد الشرك والكفر فقال( سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ ) وهذا مقالة المجبرة فقال تعالى( كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) والمراد كذب الرسل الذين دعوهم إلى خلافه وهو قولنا انه تعالى لا يشاء الشرك ولا سائر القبائح ثمّ قال( حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا ) وهو العذاب. والعذاب لا يذاق إلّا على القول القبيح ثمّ قال( هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا ) ولا يقال ذلك إلّا للمبطل ثمّ قال( إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ ) ولا يقال ذلك للمحق ثمّ قال( وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ ) والمراد تقدرون ما يكون كذبا أو في حكم الكذب كما قال تعالى( قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ) ثمّ قال بعده( قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ ) عاطفا على ما تقدم ثمّ قال( وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ ) بين به انه انما أراد خلاف الشرك منهم اختيارا ليفوزوا بثوابه ولو شاء ان يهديهم لهداهم اجمع. ثمّ انه تعالى عهد إلى عباده بعهد جامع ووصاهم به فقال( قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً ) ومن تأمل هذه الآيات وعمل بها اغنته عن كل دليل ثمّ قال في آخره( وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) فبين ان كل ما تقدم ذكره من وصاياه جل وعز لعباده والوصايا في الشاهد يجب القيام بحقها فوصية الله تعالى أولى بذلك خصوصا وإنّما وصاهم بذلك لحظهم ولما يعود عليهم من النفع.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ

١٣٩

عَشْرُ أَمْثالِها ) كيف يصح ذلك في كل الحسنات. وجوابنا أنّه قد قيل في ذلك ان المراد به التفضل الزائد على الثواب فمنّ الله تعالى بذلك في كل حسنة ترغيبا في الطاعة وقيل فيه أيضا إن المراد فله عشر أمثالها في أنها حسنة وان كان الواحد من ذلك ثوابا عظيما والثاني تفضل وهو دون ذلك الثواب فاذا تأولناه على هذا الوجه زال القدح.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أوّل الْمُسْلِمِينَ ) كيف يصح ذلك مع تقدم اسلام سائر الانبياء وأممهم. وجوابنا أنّ المراد بذلك وأنا أوّل المسلمين من قومي لأنه قد تقدم قوله( قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) ومعلوم أنه صلّى الله عليه وسلم كان أوّل من أسلم بذلك من أمته وقوله تعالى( وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ) دليل بيّن في أن الفعل للعبد وأنه لا يؤاخذ بما يكون من فعل غيره وأن قول من يزعم أن أطفال المشركين يعاقبون بذنوب آبائهم خطأ عظيم ومعنى قوله( ثُمَّ إلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ ) ان اليه المرجع خاصة دون غيره لا كما قد عهد في الدنيا أن غير الله قد يرجع اليه في الامور ولذلك قال تعالى( فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) ولو كان المراد الرجوع إلى المكان لم يصح هذا القول ولم يكن فيه فائدة.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ ) بعد ذكر القرآن وهذا يوجب أنه آتاه الكتاب بعد القرآن وذلك لا يصح. وجوابنا أنّ لفظة ثمّ ربما دخلت لفظا لا معنى ويكون المراد ترتيب الاعراب والاخبار كما يقال علمت فلانا العلم ثمّ ربيته فيكون قصده اعلام انعامه عليه لا ترتيب ذلك فكأنه قال ثمّ نعلمك يا محمد انا أتينا موسى الكتاب.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ

١٤٠