فأجابه الحرّ : إنّي واللّه ما أدري ما هذه الكتب والرسل التي تذكر
فقال (عليه السّلام) لبعض أصحابه : (( يا عقبة بن سمعان ، اخرج الخرجين اللذين فيهما كتبهم إليّ ))
فأخرج خرجين مملوءين صحفاً ، فنُشرت بين يديه
ثمّ مضى الحسين (عليه السّلام) حتى انتهى إلى قصر بني مقاتل فنزل ، فإذا هو بفسطاط مضروب فقال : (( لمَنْ هذا ؟ ))
فقيل : لعبيد اللّه بن الحرّ الجعفي
فدعاه الحسين إلى الخروج معه فاستقاله عبيد اللّه ، فقال له الحسين (عليه السّلام) : (( فإن لم تكن تنصرنا فاتّقِ اللّه ، لا تكن ممّن يقاتلنا ؛ فواللّه لا يسمع داعيتنا أحد ثمّ لا ينصرنا إلاّ هلك ))
فقال له : أمّا هذا فلا يكون أبداً إن شاء اللّه
ثمّ سار (عليه السّلام) فخفق وهو على ظهر فرسه خفقه ، ثمّ انتبه وهو يقول : (( إنّا للّه وإنّا إليه راجعون ، والحمد للّه ربّ العالمين ))
ففعل ذلك مرّتين أو ثلاثاً ، فأقبل إليه ابنه علي بن الحسين (عليهما السّلام) فقال : مِمّ حمدت اللّه واسترجعت ؟
قال : (( يا بُني إنّي خفقت خفقة ، فعنَ لي فارس على فرس وهو يقول : القوم يسيرون والمنايا تسير إليهم ، فعلمت إنّها أنفسنا نُعيت إلينا ))
فقال له : يا أبتِ لا أراك اللّه سوءاً ، ألسنا على الحق ؟
قال : (( بلى واللّه الذي مرجع العباد إليه ))
فقال : فإنّنا إذاً ما نبالي أن نموت محقّين