الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء7%

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
ISBN: 964-465-169-3
الصفحات: 528

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء
  • البداية
  • السابق
  • 528 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 68939 / تحميل: 4503
الحجم الحجم الحجم
الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
ISBN: ٩٦٤-٤٦٥-١٦٩-٣
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

وصدق الكاتب «أنّ السّيّدة زينب رمز لشيء عميق الدّلالة» ولكن من أي نوع هذا الشّيء العميق؟ وهل كشف عنه الباحثون والمؤرّخون؟

لقد تكلّم العلماء والأدباء قديما وحديثا حول شخصية السّيّدة ، واتّفقوا على بسالتها وعلمها وقوّة صبرها وإيمانها وعقلها ، وعلى عظمة الدّور الّذي قامت به في كربلاء وحاول كثيرون أن يشرحوا هذا الدّور ، ويفسّروا لنا وللأجيال السّر الكامن في ذهابها مع أخيها إلى كربلاء ورأى بعضهم أنّ الغاية من وجودها مع أخيها أن تبث دعوة الحقّ ، وتعلن سرّ نهضة الحسين ، وتبلّغ حجّته للملأ ، وتبين مساويء الأمويّين ، وتؤلّب النّاس على الطّغاة البغاة بالمواعظ والخطب ، كما فعلت في الكوفة والشّام ، وفي الطّريق إليهما منتهزة الفرص ، لإنجاز مهمّة أخيها سيّد الشّهداء.

وليس من شك أنّها أدّت هذه المهمّة على أكمل وجه بخاصّة في مجلس يزيد وابن مرجانة ، فلقد عرفت كلّا منهما بمكانة من الخزي والعار ، وفضحتهما لدى الأشهاد ، ولعنتهما كما لعنت كلّ الّذين يغدرون ويفجرون ؛ وقد ذكرنا ذلك في غير مكان من هذا الكتاب بعنوان : «خروج الحسين بأهله إلى كربلاء» ولكن هل هذا وحده هو الشّيء العميق الّذي ترمز إليه السّيّدة زينب؟ كلّا ، فأنّ معه شيئا آخر أعمق وأبعد من هذا بكثير ، أنّه الإحتفاظ بالدّين ، والإبقاء على شريعة سيّد المرسلين ، أنّ هذا الشّيء العميق يعود إلى أبيها أمير المؤمنين ، وعلومه الّتي تلقّاها عن أخيه وابن عمّه خاتم الرّسل وجدّ السّيّدة زينب ، وإليك القصّة من أوّلها :

قال الشّيخ محمود أبو ريّة خريج الأزهر في كتاب «أضواء على السّنّة

١٨١

المحمّديّة» :

«ولد عليّ قبل البعثة بنحو عشر سنين ، وتربى في حجر النبيّ ، وعاش تحت كنفه قبل البعثة ، وظلّ معه إلى أن انتقل إلى الرّفيق الأعلى ، ولم يفارقه أبدا لا في سفر ولا في حضر ـ وهو ابن عمّه ، وزوّج ابنته فاطمة الزّهراء ـ وشهد المشاهد كلّها سوى تبوك ، فقد استخلفه النّبيّ فيها على المدينة ، فقال : يا رسول الله! أتخلفني في الصّبيان ، والنّساء؟

فقال الرّسول : «أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبّي بعدي»(١) .

ولمّا قال معاوية لسعد بن أبي وقّاص ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟

قال له : أما ما ذكرت ثلاثا قالهنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأنّ تكون واحدة منهنّ أحبّ إليّ من حمر النّعم ، فلن أسبّه(٢) ، ثمّ ذكر له هذه الثّلاث ، وهي حديث : «أنت منّي

__________________

(١) انظر ، الصّواعق المحرقة لابن حجر : ٢٩ ، صحيح البخاريّ : ٢ / ٢٠٠ و ٣٢٤ ، و : ٤ / ٢٠٨ ، و : ١٤ / ٢٤٥ / ٣٤٧٠ ، و : ١٦ / ٢١٧ / ٤١١٥ بشرح الكرماني. صحيح مسلم في فضائل عليّ : ٣٢٤ ، المستدرك للحاكم النّيسابوري : ٣ / ١٠٩ ، مسند ابن ماجه : ١ / ٢٨ ، مسند الإمام أحمد : ١ / ١٧٥ و ١٧٧ و ١٧٩ و ١٨٢ و ٣٣١ و ٣٦٩ ، كنز العمّال : ٦ / ١٥٢ ح ٢٥٠٤ ، الإصابة لابن حجر : ٤ / ٥٦٨ ، وينابيع المودّة للقندوزي : ٢ / ٥٨.

(٢) انظر ، مستدرك الصّحيحين : ١ / ١٢١ ، طبعة حيدر آباد سنة ١٣٢٤ ه‍ ، كفاية الطّالب : ٨٢ و ٨٣ ، فرائد السّمطين : ١ / ٣٠٢ و ٣٠٣ ح ٢٤١ ، مروج الذّهب : ٢ / ٤٣٥ ، الصّواعق المحرقة : ٧٤ طبعة الميمنية و : ١٢١ المحمّدية بتفاوت ، ذخائر العقبى : ٦٦ ، المناقب للخوارزمي : ١٣٧ ح ١٥٤ ، خصائص النّسائي : ٢٤ ، كنز العمّال : ٦ / ٤٠١ ، ومشكاة المصابيح : ٥٦٥ و ٣ / ١٧٢٢ ح ٦٠٩٢ طبعة أخرى ، وتأريخ الخلفاء : ٦٧ ، والرّياض النّضرة : ٢ / ١٦٦ بألفاظ متقاربة ، فضائل الخمسة من الصّحاح السّتة : ٢ / ٢٢٣ ، الفضائل لأحمد : ٢ / ٥٩٤ ح ١٠١١ ، جمع الزّوائد : ٩ / ١٣٠ ، منتخب كنز ـ

١٨٢

بمنزلة هرون من موسى»(١) ، وحديث : «لأعطين الرّاية إلى رجل يحبّه الله ورسوله»(٢) ، وحديث المباهلة. وقال له النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من كنت مولاه فعليّ مولاة»(٣) . وهو حديث متواتر مشهور.

وقال ابن تيميّة : عليّ أفضل أهل البيت ، وأفضل بني هاشم بعد النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد ثبت عن النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه أدار كساه على عليّ ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، وقال : «أللهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا»(٤) .

ومغازيه الّتي شهدها مع رسول الله ، وقاتل فيها كانت تسعة : «بدر ، وأحد ، والخندق ، وخيبر ، وفتح مكّة ، ويوم حنين ، وغيرها»(٥) ، وثبت في الصّحيح أنّ النّبيّ قال: «لأعطينّ هذه الرّاية رجلا يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ،

__________________

ـ العمّال بهامش مسند أحمد : ٥ / ٣٠ ، ينابيع المودّة : ١ / ١٥٢ ، و : ٢ / ١٠٢ و ٢٧٤ و ٢٧٧ طبعة اسوة ، الجامع الصّغير : ٢ / ٦٠٨ ح ٨٧٣٦ ، مودّة القربى : ١٥.

(١) تقدّمت تخريجاته.

(٢) انظر ، صحيح البخاريّ بشرح الكرماني : ١٦ / ٩٨ / ٣٩٣٥ ، و : ٥ / ٢٢ و ٢٣ ، عمدة القاري في شرح صحيح البخاريّ للعيني : ٤ / ٧٣ و ٢٠٨ و : ١٢ / ١٩٠ ح ٢٧٤٤ ، و ٢٠٧ ح ٢٧٧١ ، و : ١٦ / ٢١٦ ، الصّواعق المحرقة : ٨٧ ، والسّيوطي في تأريخه : ٦٦ ، ومنتخب كنز العمّال هامش مسند أحمد : ٥ / ٣٩. صحيح مسلم : ٢ / ٤٤٨ / ٢٤٠٤ و ٤٤٩ / ٢٤٠٥ ، الكامل لابن الأثير : ٢ / ٢١٦.

(٣) تقدّمت تخريجاته.

(٤) انظر ، فتاوى ابن تيميّة : ١ / ٢٥٠. (منهقدس‌سره ).

(٥) انظر ، السّيرة النّبويّة لابن هشام : ٥ / ٧٨ ، فتح الباري : ٧ / ٢٨٠ ، تحفة الأحوذي : ٥ / ٢٦٣ ، شرح الزّرقاني : ٢ / ٥٣٢ ، تفسير القرطبي : ٤ / ١٩١ و ٢١٤ ، مسند أبي عوانة : ٤ / ٣٦٥ ، الكامل لابن الأثير : ٢ / ١١٦ ، السّيرة الحلبية بهامش السّيرة النّبويّة : ٢ / ١٤٣ ، تأريخ دمشق : ١ / ١٤٣ / ٣٠٢ ، تفسير ابن كثير : ٤ / ٣٧٠ ، صحيح البخاري : ٤ / ١٥١٦ ح ٣٩٠٦ ، المستدرك على الصّحيحين :

٣ / ٥٩٤ ح ٦٢٠٣ ، مجمع الزّوائد : ٦ / ١٤٢.

١٨٣

يفتح الله على يديه». فأعطاها عليّا(١) .

هذا هو عليّ رضى الله عنه الّذي لو كان قد حفظ كلّ يوم عن النّبيّ ، وهو الفطن اللّبيب الذّكي ربيب النّبي حديثا واحدا ، وقد قضى معه رشيدا أكثر من ثلث قرن ، لبلغ ما كان يجب أن يرويه حوالي (١٢) ألف حديث على الأقل ، هذا إذا روى حديثا واحدا في كلّ يوم ، فما بالك لو كان قد روى كلّ ما سمعه(٢) ، ولقد كان له حقّ في روايتها ولا يستطيع أحد أن يماري فيها ، ولكن لم يصح عنه كما جاء بكتاب الفصل إلّا نحو خمسين حديثا لم يحمل البخاري ، ومسلم إلّا نحو عشرين حديثا ، هذا كلام أبي ريّة في كتابه «أضواء على السّنّة المحمّديّة»(٣) .

وقال الشّيخ محمّد أبو زهرة وهو من كبّار شيوخ الأزهر ، والمؤلّفين المعروفين ، قال في كتاب «الإمام الصّادق» :(٤)

«يجب علينا أن نقرّر هنا أنّ فقه عليّ وفتاوية وأقضيته لم ترو في كتب السّنّة وكان أكثر الصّحابة اتّصالا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقد رافق الرّسول ، وهو صبي قبل أن يبعث ، واستمر معه إلى أن قبض الله تعالى رسوله إليه ، ولذا كان يجب أن يذكر له في كتب السّنّة أضعاف ما هو مذكور فيها.

وإذا كان لنا أن نتعرف السّبب الّذي من أجله اختفى عن جمهور المسلمين

__________________

(١) انظر ، فتاوى ابن تيميّة : ١ / ٣١٠. (منهقدس‌سره ).

(٢) نعم ، لقد روى كلّ ما سمعه من النّبيّ ، ولكن لأولاده وذرّيّته ورواه ذرّيّته للنّاس على لسان محمّد الباقر ، وجعفر الصّادق ، كما سيتّضح ذلك فتابع القراءة لتتأكد من هذه الحقيقة.

(٣) انظر ، أضواء على السّنّة المحمّديّة» : ٢٠٤ طبعة (١٩٥٨ م). (منهقدس‌سره ).

(٤) هذا الكتاب أكبر موسوعة علميّة عن الإمام الصّادق ، وبيان عظمته عند الله سبحانه ، وسموه في أخلاقه ، وخير مصدر للعلماء ، ومرشد لمن يجهل مقام الصّادق خاصّة وأهل البيت عامّة. (منهقدس‌سره ).

١٨٤

بعض مرويات عليّ وفقهه ، فإنّا نقول : أنّه لا بدّ أن يكون الحكم الأموي أثّر في إختفاء كثير من آثار عليّ في القضاء والإفتاء ، لأنّه ليس من المعقول أن يلعنون عليّا فوق المنابر ، وأن يتركوا العلماء يتحدّثون بعلمه ، وينقلون فتاويه وأقواله للنّاس وخصوصّا ما كان يتّصل منها بأساس الحكم الإسلامي.

ولكن هل كان إختفاء أكثر آثار عليّ رضى الله عنه ، وعدم شهرتها بين جماهير المسلمين سبيلا لإندثارها وذهابها في لجّة التّأريخ إلى حيث لا يعلم بها أحد ...!! أنّ عليّا رضي الله عنه قد استشهد ، وقد ترك وراءه من ذرّيّته أبرارا أطهارا كانوا أئمّة في علم الإسلام ، وكانوا ممّن يقتدى بهم ، ترك ولديه في فاطمة الحسن ، والحسين ، وترك روّاد الفكر محمّد ابن الحنفيّة ، فأودعهم عنه ذلك العلم ، وقد قال ابن عبّاس : «ما انتفعت بكلام بعد كلام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كانتفاعي بكتاب كتبه إليّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه(١) . وقام أولئك الأبناء بالمحافظة على تراث أبيهم الفكري ، وهو إمام الهدى ، فحفظوه من الضّياع ، وقد انتقل معهم إلى المدينة لمّا انتقلوا إليها بعد استشهاده رضي الله عنه برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبذلك تنتهي إلى أنّ البيت العلوي فيه علم الرّواية كاملة عن عليّ رضى الله عنه ، رووا عنه ما رواه عن الرّسول كاملا ، أو قريبا من الكمال ، واستكنوا بهذا العلم المشرق في ركن من البيت الكريم»(٢) .

وإذا عطفت هذا القول للشّيخ أبي زهرة على قول الشّيخ أبي ريّة السّابق ، فإنّك واصل حتما إلى اليقين بأنّ علم محمّد عند عليّ ، وعلم عليّ عند أبنائه ،

__________________

(١) انظر ، شرح نهج البلاغة لمحمّد عبده : ٣ / ٢٠ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ١٥ / ١٤٠.

(٢) انظر ، الإمام الصّادق : ١٦٢ مطبعة أحمد عليّ مخيبر. (منهقدس‌سره ).

١٨٥

وهم الّذين نشروه وأذاعوه على النّاس.

نقلنا أقوال هذين الشّيخين الجليلين من شيوخ الأزهر باللّفظ لا بالمعنى ، نقلناهما بالحرف الواحد مع أرقام الصّفحات وهي تقدّم الأدلّة على حقيقة لا ترد ولا تقبل التّشكيك.

عليّ بن أبي طالب الّذي لازم النّبيّ منذ طفولته(١) إلى آخر يوم من أيّام الرّسول لا يروى عنه إلّا خمسون حديثا!! عليّ الّذي تربى في حجر الرّسول ، وكان منه بالمنزلة الخصّيصة ، كما قال الإمام يصف نفسه : «وما وجد لي كذبة في قول ، ولا خطلة في فعل ، ولقد قرن الله بهصلى‌الله‌عليه‌وآله من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ، ومحاسن أخلاق العالم ليله ، ونهاره ، ولقد كنت أتّبعه اتّباع الفصيل أثر أمّه ، يرفع لي في كلّ يوم من أخلاقه علما ، ويأمرني بالإقتداء به»(٢) . لا يروي عن النّبيّ إلّا خمسين حديثا ، وأبو هريرة الّذي لم يصحب النّبيّ إلّا نحو ثلاث سنوات ، لا يراه فيها إلّا قليلا ، والحين بعد الحين ، يروي عنه (٥٣٧٤) حديثا(٣) ! ولو أخذنا بهذا القياس لوجب أن

__________________

(١) قال أمير المؤمنين في خطبته المعروفة بالقاصعة : «وقد علمتم موضعي من رسول الله ـصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ بالقرابة القريبة ، والمنزلة الخصيصة. وضعني في حجره وأنا ولد يضمّني إلى صدره ، ويكنفني في فراشه ، ويمسّني جسده ، ويشمّني عرفه. وكان يمضغ الشّيء ثمّ يلقمنيه ، وما وجد لي كذبة في قول ، ولا خطلة في فعل». انظر ، نهج البلاغة : الخطبة (١٩٢» ، الكامل في التأريخ : ٢ / ٥٨ ، تأريخ الطّبري : ٢ / ٥٧ ، الإصابة : ٢ / ٥٠١.

(٢) انظر ، نهج البلاغة : الخطبة (١٩٢).

(٣) انظر ، هدي السّاري : ٤٧٧ ، قال : وله في البخاري «٤٤٦» حديثا ، جوامع السّيرة : ٢٧٦ ، مسند الإمام أحمد ، بتحقّيق أحمد محمّد شاكر : ١٢ / ٨٢ ، مسند ابن راهويه : ١ / ٨ ، أضواء على السّنّة المحمّديّة : ٢٢٤.

١٨٦

يروي الإمام (١٨٢١٦) حديثا ، لأنّه لازم النّبيّ رشيدا أكثر من ثلث قرن.

ومن هنا تعلم أنّ السّر الوحيد لقلّة الرّواية عن الإمام عليّ هو ما أشار إليه الشّيخ أبو زهرة ، هو عداء الأمويّين وموقفهم من الإمام ، وممّن يذكره بخير ، فقد عاقبوا من يروي منقبة من مناقبه ، أو ينقل حديثا عنه ، وتتبعوا تلاميذه وخاصّته في كلّ مكان ، كميثم التّمار ، وعمر بن الحمق ، ورشيد الهجري ، وحجر بن عدي ، وكميل بن زياد وغيرهم وغيرهم ، وقتلوهم الواحد بعد الآخر ، ونكلّوا بهم شرّ تنكيل ، كي لا يتسرب عن طريقهم أثر من آثار عليّ.

أجل ، لقد بذل الأمويون أقصى الجهود ، واستعملوا التّقتيل والتّنكيل ، وسلكوا جميع السّبل ، ليقضوا القضاء الأخير على كلّ أثر يتّصل بعليّ من قريب أو بعيد إلّا السّب واللّعن ، أنّ الأمويّين يعلمون حقّ العلم أنّ عليّا أخو رسول الله ووصيه ، ووارث علمه ، وأمينه على شرعه حجّته البالغة على النّاس أجمعين ، ويعلم الأمويون أيضا أنّهم ملعونون في كتاب الله ، وعلى لسان نبيّه ، فالإمساك عن عليّ وآثاره معناه القضاء على حكمهم ، لأنّ آثار عليّ هي آثار محمّد الّذي نصّ على أنّ الخلافة محرّمة على الأمويّين ، لذا لعنوا الإمام على المنابر ، وقتلوا خاصّته ، كي لا يروا شيئا عنه ، ولكن :( يَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ) (١) ؛ فلقد أودع الإمام علوم الرّسول ذرّيّته وأولاده ، كما قال الشّيخ أبو زهرة ، ووصلت إلينا عن طريق آله وذرّيّته.

ولم تخف هذه الحقيقة على الأمويّين ، فحاولوا القضاء على ذرّيّة عليّ ، وأن لا يبقوا من نسله حيّا ، ليمحوا كل أثر من الوجود ، وأصدق شاهد على ذلك قول

__________________

(١) التّوبة : ٣٢.

١٨٧

شمر بن ذي الجوشن : «قد صدر أمر الأمير عبيد الله أن أقتل جميع أولاد الحسين». قال هذا حين شهر سيفه ليقتل الإمام زين العابدين ، وقد دفعه عنه حميد بن مسلم وعمر بن سعد ، وقالت عمّته الحوراء لمّا همّ بقتله : والله لا يقتل حتّى أقتل»(١) . وفي هذا نجد التّفسير الصّحيح لقتل الطّفل الرّضيع وغيره من أولاد أهل البيتعليهم‌السلام .

قتل الأمويون سيّدي شباب أهل الجنّة الحسن ، والحسين ، وقتلوا أبناء الحسين ، ولم ينج منهم إلّا الإمام زين العابدين ، والفضل الأوّل في نجاته من القتل للسّيّدة زينب ، دفعت عنه شمرا في كربلاء ، وابن زياد في الكوفة ، حيث أمر بقتله ، فتعلقت به السّيّدة ، واعتنقته قائلة : والله لا أفارقه ، فإن قتلته فاقتلني معه ، فنظر ابن مرجانه إليهما ساعة ، ثمّ قال : «عجبا للرّحم! والله إنّي لأظنّها ودّت أنّي قتلتها معه ، دعوه ، فأنّي أراه لما به»(٢) . أي يراه مريضا.

كلّا ، ليست المسألة مسألة رحم ، وكفى ، ولا مسألة حبّ وعطف فقط ، أنّها أعمق وأبعد من ذلك التّفكير ، أنّها الخوف على دين الله وعلوم رسول الله من الضّياع ، لقد استماتت السّيّدة دون الإمام زين العابدين ، لأنّه حلقة الإتّصال بين الحسين وبين الإمامين الباقر والصّادق اللّذين أشاعا وأذاعا علوم محمّد وعليّ.

كان علم الرّسول عند عليّ ، وعلم عليّ عند ولديه الحسن والحسين ، وعلم الحسين عند زين العابدين ، ومنه إلى ولده الباقر وحفيده الصّادق ظ ، وهكذا انتقلت علوم الرّسول من إمام إلى إمام حتّى ذهب الأمويون ، وزال حكمهم ، ولم

__________________

(١) انظر ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٣٥٠ ، البداية والنّهاية : ٨ / ٢١١ ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ٢٠٦.

(٢) انظر ، تأريخ الطّبري : ٣ / ٣٣٧ ، الإرشاد : ٢ / ١١٧ ، مثير الأحزان : ٧٢ ، البداية والنّهاية : ٨ / ٢١١.

١٨٨

يبق له عين ولا أثر في عهد الصّادقين حيث انتشرت علومهما في كلّ مكان ، ولم يكن من سبيل إلى بثّ هذه العلوم في عهد الأمويّين ، ويؤكّد هذه الحقيقة أنّ الحسين لمّا توجه إلى العراق دفع إلى أمّ سلمة الوصيّة والكتب ، وقال لها : إذا أتاك أكبر ولدي ، فادفعيها إليه ، وبعد أن قتل الحسين أتى زين العابدين إلى أمّ سلمة ، فدفعت إليه كلّ شيء أعطاها الحسين(١) .

فالإمام زين العابدين هو حلقة الإتّصال بين أبيه وجدّه وبين ولديه الصّادقين ، ولو فقدت هذه الحلقة لم يكن لعلوم عليّ خبر ولا أثر ، ولخسر الدّين والإسلام أعظم ثماره وأثمن كنوزه ، ولهذا وقفت السّيّدة موقفها مع الّذين حاولوا قتل الإمام زين العابدين ، وكان لها أكرم يد وأفضلها رمزا لشيء عميق الدّلالة» كما قال محرّر مجلّة «الغد» ولكنّه لم يدرك نوع هذا السّر على حقيقته ، وكفاه معرفة أن يدرك ، ولو على سبيل الإجمال ، أنّ السّيّدة زينب رمز لشيء عميق الدّلالة.

وقد يتساءل : إذا كانت الغاية الأولى والأخيرة هي المحافظة على الإمام زين

__________________

(١) انظر ، إثبات الوصيّة للمسعودي : ١٤٣ و ٢٢٧ و ٢٣٠ ، الكافي : ١ / ٤٤٢ / ٣ ، الإختصاص للشّيخ المفيد : ٢١٠ ، إكمال الدّين : ٣١١ / ١ ، و : ١ / ٢٣٦ ح ٥٣ طبعة آخر ، فرائد السّمطين للجويني : ٢ / ١٣٦ ح ٤٣٢ ـ ٤٣٥ و ٣١٩ ح ٥٧١ و ١٣٢ ح ٤٣١ ، ألقاب الرّسول وعترتهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ١٧٠ ، أمالي الشّيخ الطّوسي : ١ / ١٧ ، عيون أخبار الرّضا : ١ / ٤٠ ح ١ ، و : ٢ / ٢٣٧ ح ٢٢ ، كتاب الغيبة للنّعماني : ٦٢ و ٦٦ ، كتاب الغيبة للطة وسي : ١٤٣ ح ١٠٨ و ١٩٥ ح ١٥٩ ، الإرشاد : ٢ / ١٣٨ ، غاية المرام : ٧٤٣ ح ٥٧ ، العمدة لابن البطريق : ٤١٦ ، سنن أبي داود : ٣ / ٣٠٩ ح ٤٢٧٩ ، صحيح البخاري : ٨ / ١٠٤ ، و : ٩ / ٨١ ، صحيح مسلم : ٦ / ٤ ، و : ٢ / ١٨٣ و ١٨٤ / ١٨٢٢ ، سنن التّرمذي : ٣ / ٣٤٠ باب ٤٠ / ٢٣٢٣ ، مودّة القربى : ٢٩ ، كتاب سليم بن قيس : ٢٣ ح ٧ ، كفاية الأثر : ١٩ ، مسند أحمد : ١ / ٣٩٨ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٤ / ١٧٢ ، مختصر البصائر : ٣٩ ، معاني الأخبار : ٣٥ ، أمالي الصّدوق : ١٢٤ ح ١٣.

١٨٩

العابدين فلماذا صحبه الحسين معه إلى كربلاء؟ ولماذا لم يبقه في حرم جدّه الرّسول؟

والجواب : أنّ المدينة كانت تحت سيطرة الأمويّين ، وكان فيها مروان ابن الحكم الّذي أشار على الوليد بقتل الحسين ، فكيف يأمن الحسين على أهله ، وهم بين أيدي الطّغاة ، وفي حكم أشدّ النّاس لؤما وعداءا للحسين ولكلّ من يمتّ إليه بسبب أو نسب.

وقد اسلفنا أنّ الأمويّين أصدروا أمرهم بقتل أولاد الحسين حتّى الطّفل الرّضيع ، فهل يعفون ويصفحون عن خليفته وأكبر أولاده ووارث علمه؟! وهل للأمويّين هدف من قتل الحسين وأولاده وأصحاب أبيه وأصحابه إلّا القضاء على كلّ أثر لأبي الحسين وجدّ الحسين؟!.

ومرّة ثانية نقول مع محرّر المجلّة : «أنّ السّيّدة زينب رمز لشيء عميق الدّلالة». أنّها لكلمة بالغة ، ما أنطق بها الكاتب إلّا الحقّ ، وإلّا عظمة السّيّدة ، أنّها لكلمة تحمل من المعاني ما تضيق عنها المجلّدات ؛ وكلّ مآثر أهل البيت الطّاهر لا تتّسع لها الكتب والأسفار.

١٩٠

الإمام الصّادقعليه‌السلام

في هذه السّنّة (١٣٨٠ ه‍) ظهر في الرّياض عاصمة المملكة السّعوديّة مجلّة تحمل اسم «راية الإسلام» ، وصاحب الإمتياز اسمه الشّيخ عبد اللّطيف بن إبراهيم آل الشّيخ. ورئيس التّحرير الشّيخ صالح بن محمّد بن لحيدان ، والمدير الشّيخ عليّ بن حمد الصّالحي(١) . «ثلاثة ليس ليس لهم شبيه» باعوا أنفسهم للشّيطان ، وقبضوا الثّمن كاملا ، فجرى منهم مجرى الدّم في العروق ، وما خالفوا له قولا ، ولا عصوا له أمرا حتّى أصاب منهم كل ما يبتغي ، وحتّى أصبحوا له نصيبا مفروضا ، وأطوع له من بنانه ، يديره كيف شاء ، ومتى أراد ، فإذا تكلموا فبلسانه ، وإذا كتبوا فبقلمه ، وإذا فكّروا فبوحي منه يفكرون ، وإذا فعلوا فبأمره يعملون.

وفي ربيع الآخر سنة (١٣٨٠ ه‍) صدرت الأوامر لهؤلاء «الثّلاثة» من سيّدهم «أبي مرّة» أن يكتبوا في مجلّته «راية الشّيطان» مقالا وضع لهم تصاميمه ، ورسم معالمه ، ثمّ أوحى إليهم أن يقيموا عليها أركانه وبنيانه ، فنشروا مقالا في العدد الخامس بعنوان «خطاب موجّه لشيخ الجامع الأزهر» ، وقّعوه

__________________

(١) كان من نتيجة الرّدود والإحتجاجات الّتي قام بها علماء جبل عامل ، وأهل القطيف ، والبحرين أن طرد المسؤولون في السّعوديّة الشّيخ الصّالحي من إدارة المجلّة. (منهقدس‌سره ).

١٩١

باسم «إبراهيم الجبهان». وهذي هي الأسّس الّتي أوحى بها إبليس إلى شيوخه ، واحتواها مقال آله ورجاله.

١ ـ التّهجم على شيخ الأزهر بألفاظ السّفاهة والجهالة ؛ لأنّه ناصر دعوة التّقريب بين المذاهب الإسلاميّة ، وهذه الدّعوة ترضي الله الّذي قال :( وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا ) (١) ، وتغضب سيّدهم إبليس الّذي يفرّق بين المرء وزوّجه ، ويبث التّعصب ، والشّقاق بين العباد.

٢ ـ نعت الإمام الصّادقعليه‌السلام بما يهتزّ له العرش ، ويقوم له الكون بما فيه ، افتروا على عظمته لا لشيء إلّا لأنّه إمام العلم والدّين ، وقائد الخير والحقّ ، وحرب على الشّرك والمشركين ، وعزّ للإسلام والمسلمين ، وإلّا ، لأنّه مهجة الرّسول النّاطق بلسانه ، والحافظ لشريعته وتعاليمه.

٣ ـ تكفير الشّيعة بعامّة ، والإماميّة منهم بخاصّة ، والتّحريض على قتلهم وإبادتهم ، لأنّهم يعبدون الله مخلصين له الدّين ، لا يوالون فاجرا ، ولا يهادنون جائرا ، ولا يساومون مستعمرا.

هذي هي الأسّس الّتي رسمها الشّيطان لشيوخه ، وبنوا عليها بنيانه في مجلّته ، فتصدى لهم علماء جبل عامل في لبنان الّذين كانوا وما زالوا الرّكن الرّكين للإسلام ، والحصن للتّشيّع ومباديء أهل البيت الكرام ، فاحتجوا لدى المسؤلين في السّعوديّة ، وفي سفارتها ببيروت ، ونشروا الرّدود في المجلّات والجرائد ، كما قام أهل القطيف ، والبحرين بواجبهم في هذه السّبيل ، وهدموا ما بناه شيوخ مجلّة الشّيطان ونقضوا ما دبروا ، وعليه تآمروا ، حتّى اضطروهم

__________________

(١) الأنفال : ٤٦.

١٩٢

مرغمين إلى أن يكتبوا في العدد السّابع من هذه المجلّة مقالا ضافيا عن الإمام الصّادق وعظمته عند الله والنّاس ، فاقرّوا بالحقّ بعد أن جحدوا ، وأكذبوا أنفسهم بأنفسهم. وممّا جاء في المقال المذكور :

«نحن الآن بصدد علم من أعلام الإسلام ، وسيّد من سادات المسلمين ، لم يكن أميرا ولا ملكا ، ولم يكن قائدا ولا خليفة ، ولكنّه أسمى من ذلك وأجل ، أنّه عالم من خيار علماء المسلمين ، وخيرة بني هاشم ، أنّه من سلالة آل بيت الرّسول الّذي نكن لهم كلّ حبّ واحترام ، والّذين لا يحصل إيمان أحد إلّا وقلبه عامر بحبّ رسول الله وآله ، فآل البيت عند أهل السّنّة مكرمون محترمون معترف لهم فضلهم وقربهم من الرّسول ، وحبّهم دين وصلاح ، والتّرضي عنهم مبدأ يسير المسلمون عليه ، وصاحبنا من أفضل أهل البيت ، ولم يأت بعده أفضل ولا أتقى منه ، فهو الإمام الّذي اتّفق المسلمون على اختلاف طوائفهم وتعدد مذاهبهم على إمامته وورعه وتقواه ، وأثنوا عليه ومدحوه ، لفضله وزهده ، وعلمه ، وقرابته من رسول الله ونشر العلم ، وأخذ عنه خلق كثير ، وروى عنه سادة الأمّة وخيارها أمثال سفيان الثّوري ، وابن عيّنية ، وسلمان بن بلال ، والدّراوردي ، وابن حازم ، وأبو حنيفة ، ومالك وقال أبو حاتم : «لا يسأل عن مثله»(١) . وقال عمر بن المقداد : «كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمّد علمت أنّه من سلالة النّبيّين»(٢) ،

__________________

(١) انظر ، الجرح والتّعديل : ٢ / ٤٨٧ رقم «١٩٨٧» ، ميزان الإعتدال في نقد الرّجال : ٢ / ١٤٤ رقم «١٥٢١» ، تهذيب التّهذيب : ٢ / ٨٨ رقم «١٥٦» ، تهذيب الكمال : ٥ / ٧٨.

(٢) انظر ، تهذيب التّهذيب : ٢ / ١٠٤ ، حلية الأولياء : ٣ / ١٩٣ ، تذكرة الخواصّ : ٣٤٢ ، ينابيع المودّة : ٣ / ١٦٠ ، مناقب آل أبي طالب : ٣ / ٣٧٣.

١٩٣

وأثنى عليه شيخ الإسلام ابن تيميّة(١) في منهاج السّنّة ، وقال عنه : «أنّه من خيار أهل الفضل والدّين»(٢) ، وأشاد بفضله. وقال السّخاوي : «كان من سادات أهل البيت فقها ، وعلما ، وفضلا ، وجودا ، يصلح للخلافة بسؤدده ، وفضله ، وعلمه ، وشرفه ..»(٣) .

وقال عنه أبو حنيفة : «ما رأيت أفقه منه»(٤) .

وقال عنه مالك : «اختلفت إليه زمانا ، فما كنت أراه إلّا مصلّيا أو صائما ، وما رأيته يحدّث إلّا على طهارة»(٥) .

هذا ما قالته المجلّة في عددها السّابع بعد أن نشرت ما نشرته في العدد الخامس ، وهكذا أنكر أبو سفيان نبوّة محمّد ، وقاد الجيوش لحربه في بدر ، واحد ، والخندق ، ثمّ آمن به حين جاء نصر الله والفتح!

كتبت ردّا على مجلّة الشّيوخ الثّلاثة نشرته العرفان في عدد تشرين الثّاني سنة (١٩٦٠ م) ، ثمّ نشر في كراسة مستقلة.

ورغب إليّ بعض الإخوان الأفاضل أن أكتب كلمة حول كتاب جديد ، اسمه

__________________

(١) ابن تيميّة الحجّة الكبرى والقدوة العظمى عند الوهابيّين. (منهقدس‌سره ).

(٢) انظر ، منهاج السّنّة : ٤ / ٢٠٩.

(٣) انظر ، القول البديع في الصّلاة على الحبيب الشّفيع ، للحافظ السّخاوي : ١١٣ ، رجال مسلم : ١ / ١٢٠ رقم «٢٢١» ، سير أعلام النّبلاء : ١٣ / ١٢٠ ، شرح الأخبار : ٣ / ٢٩١ ، مناقب آل أبي طالب : ٣ / ٣٧٢.

(٤) انظر ، تهذيب الكمال : ٥ / ٧٩ ، الكامل في التّأريخ : ٢ / ١٣٢ ، جامع مسانيد أبي حنيفة : ١ / ٢٢٢ ، مناقب آل أبي طالب : ٣ / ٣٧٨ ، سير أعلام النّبلاء : ٦ / ٢٥٧.

(٥) انظر ، تهذيب الكمال : ٥ / ٧٨ ، تذكرة الحفّاظ : ١ / ١٦٦ ، سير أعلام النّبلاء : ٦ / ٢٥٧ ، الكامل في التّأريخ : ٢ / ١٣٣.

١٩٤

«الإمام الصّادق» لفضيلة الأستاذ العالم الشّيخ محمّد «أبو زهرة» ، وفي نفس الوقت طلب منّي الأستاذ نزار أن أكتب للعرفان مقالا مستقلا عن الإمام الصّادقعليه‌السلام ، لا أتعرض فيه لكتاب أبي زهرة ، لا تأيّيدا ولا تفنيدا ، وحجّته في تبرير هذا الشّرط أن يعرف أصحاب مجلّة الشّيطان على آيّة عظمة تجرأوا ، ومن أيّة قداسة نالوا ، فيأتي المقال ردّا ضمنيّا بعد الرّد الصّريح.

وما دامت هذي هي الغاية الأولى والأخيرة من هذا المقال(١) ، فإنّي أنقل للقرّاء ما ذكره الشّيخ أبو زهرة من النّعوت والأوصاف الّتي وصف بها الإمام الصّادق في كتابه المذكور ، هذا مع العلم بأنّ صاحب الكتاب أزهري ، بل من شيوخ الأزهر الكبّار ، والمؤلّفين المكثرين ، والباحثين المعروفين ، وقد بلغت صفحات الكتاب (٥٦٨) بالقطع الكبير ، وكلّها أو جلّها أرقام وشواهد على إمامة الصّادق في الدّين والعلوم ، وعلو منزلته في الفضائل ومكارم الأخلاق كاملة دون استثناء.

وقد اقتبست من مجموع صفحات الكتاب وسطوره كلمتي التالية مشيرا في آخرها إلى بعض الملاحظات. وسلفا أقول : أنّها لم تف بالغاية من عظمة الإمام الصّادق الّتي صورها الشّيخ في كتابه ، فلقد أبرز من شخصيّة الإمام ما لا يفي به إلّا كتاب ضخم في حجم كتابه الحافل ، وليس من شكّ أنّ إيمانه بقوى شخصيّة

__________________

(١) لم يكن من قصدي إدراج هذا المقال هنا ، بل كان العزم على نشره في العرفان ، وكفى ، ولكن رغب إليّ أكثر من واحد أن أنشره في كراسة على حدة ، وجاءتني رسائل بذلك من بعش الإخوان في البحرين بعد أن علموا به ، فرأيت أن أنشره هنا وفي العرفان ، لأنّ رسالتي أن تعم مناقب الآل الكرام كلّ مكان وزمان ، وأن تتردّد على كلّ لسان ، وفي كلّ صحيفة وكتاب ، هذا بالإضافة إلى أنّي عرّفت كتابي هذا في المقدّمة «بأنّ فيه ذكرا لآل الرّسول ، ولا شيء أكثر من ذلك». (منهقدس‌سره ).

١٩٥

الإمام وغزارتها قد اسعفاه وأمدّاه بتلك الصّحفات الطّوال ، وعكسا في نفسه وعقله سطورها وكلماتها.

استمع إلى المؤلّف ، وهو يقول في أوّل صفحة من مقدّمة الكتاب : كتبنا عن سبعة من الأئمّة الكرام ، وتأخرنا في الكتابة عن الإمام الصّادق تهيّبا لمقامه.

ثمّ أنّ الشّيخ الفاضل يوافق الإماميّة الإثني عشريّة عن علم وإيمان بكلّ ما يعتقدونه بالإمام الصّادق ، ولا يخالفهم إلّا في أمرين : الأوّل في وجوب العصمة له ، والثّاني في أنّه إمام سياسي ، كما أنّه إمام ديني بالنّص من إمام عن إمام إلى أن ينتهي النّص إلى الرّسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله . أنّ الشّيخ أبا زهرة يعتقد بإمامة الصّادق في الدّين والعلوم ، وأنّه الفصل والفارق بين الحقّ والباطل ، كما جاء في : ١٨٤ ، ولكنّه يختلف عن الإماميّة بالإتّجاه ، وقد بين ذلك صراحة في : ٧٤ حيث قال ما نصّه بالحرف الواحد :

«ندرس الإمام الصّادق بنظرنا وتفكيرنا وباتّجاهنا ، ولسنا بصدد تقرير ما يراه الّذين حملوا اسم الجعفريّة فقط ، ولا ضير في أن يختلف نظرنا إلى الإمام عن نظرهم ما دامت النّتيجة هي بيان شأن الإمام ، وبيان علو قدره ، وقد اعلوه بنظرهم ، ونعليه بنظرنا ، والغاية واحدة ، وحسبه شرفا أنّه يصل إلى أعلى مراتب الرّفعة باتّجاهنا واتّجاههم ، ونظرنا ونظرهم».

والآن ، وبعد هذا التّمهيد تعالوا معي لنرى إلى هذه الشّرارة من القبس الّذي آتانا به فضيلة المؤلّف من نور الإمام الصّادق وهديه :

١٩٦

نسبه :

ينتهي نسبه إلى سيف الله المسلول ، وفارس الإسلام عليّ بن أبي طالب ، وقد نال فوق هذا كلّه أكبر شرف في الإسلام بعد العمل الصّالح ، وهو من عترة النّبيّ الطّاهرة(١) .

وصفه الجسمي :

كان ربعة ليس بالطّويل ولا بالقصير ، أبيض الوجه أزهر ، له لمعان كأنّه سراج ، أسود الشّعر أجعده ، أشم الأنف ، وقد انحسر الشّعر عن جبينه فبدا مزهرا ، على خدّه خال أسود ، ولمّا تقدّم في السّن زاده الشّيب بهاء ووقارا وجلالا وهيبة(٢) .

تسميّته بالصّادق :

قال ابن خلّكان في كتاب وفيّات الأعيان : «لقّب بالصّادق لصدق مقالته»(٣) . وقال أبو زهرة : «ومن يكون أصدق قولا ممّن لقّبه الخصوم

__________________

(١) انظر ، كشف الغمّة : ٢ / ١٥٥ و ١٦١ و ١٨٧ ، عمدة الطّالب : ١٩٥ ، مطالب السّؤول : ٨١ ، وفيات الأعيان : ١ / ٢٩١ ، صفوة الصّفوة : ٢ / ٦١ ، الإرشاد للشّيخ المفيد : ٣٠٤ ، و : ٢ / ١٧٩ طبعة آخر ، الكافي : ١ / ٤٧٢ ، البحار : ٤٧ / ١ ح ١ ، و ٤ ح ١٢ ، و ٦ ح ١٧ ، دلائل الإمامة : ١١١ ، تذكرة الحفّاظ : ١ / ١٦٦ ، كفاية الطّالب : ٤٥٥ ، الفصول المهمّة : ٢ / ٢٣٧ ، بتحقّيقنا.

(٢) انظر ، الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة لابن الصّباغ المالكي : ٢ / ٢٣٨ ، بتحقيقنا) ، المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ٤٠٠ ، نور الأبصار للشّبلنجي : ٢ / ٨٨ ، بتحقّيقنا.

(٣) انظر ، الجامع الصّغير : ١ / ٢٣٨ ح ٣٩٨ ، التّمهيد لابن عبد البر : ٢ / ٦٦ ، تحفة الأحوذي : ١ / ١١٥ ، فيض القدير : ٣ / ٢٢٩ ، لسان الميزان : ٧ / ١٩٠ رقم «٢٥٢٦» ، تقريب التّهذيب : ١ / ١٤١ رقم «٩٥٠».

١٩٧

والأولياء ، والتأريخ كلّه بالصّادق ، وهو الإمام أبو عبد الله رضي الله عنه(١) وعن آبائه الأكرمين الأبرار الأطهار. ومن الأئمّة من اختلف فيه النّاس بين موال غالي في ولايته ، وخصم غالى في خصومته ، والإمام الصّادق أجمع العلماء على فضله ، وإذا غالى كثيرون في محبّته ، فإنّه لم يكن العكس بالنّسبة إلى الإمام الصّادق ، حيث لم يغال في عداوته أحد ، بل لم يعاده أحد(٢) .

صفاته النّفسيّة :

أمّا صفاته النّفسيّة والعقليّة فقد علا بها على أهل الأرض ، وأنّى لأهل الأرض أن يسامتوا أهل السّماء؟! سمو في الغاية ، تجرد في الحقّ ، ورياضة للنّفس ، وانصراف إلى العلم ، والعبادة ، وابتعاد عن الدّنيا ومآربها ، وبصيرة تبدّد الظّلمات ، وإخلاص لا يفوته إخلاص ، لأنّه من معدنه ، من شجرة النّبوّة ، وإذا لم يكن الإخلاص في عترة النّبيّ ، وأحفاد عليّ ففيمن يكون؟! فلقد توارث أحفاد عليّ الإخلاص خلفا عن سلف ، وفرعا من أصل ، فكانوا يحبّون لله ، ويبغضون لله ويعتبرون ذلك من أصول الإيمان وظواهر اليقين.

والصّادق مصداق لقوله تعالى :( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا ) (٣) ، وهو من أولياء الله الّذين قال فيهم :( أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ

__________________

(١) انظر ، تأريخ الخشّاب : ١٨٨ ، مقصد الرّاغب : ١٥٦ ، تأريخ أهل البيتعليهم‌السلام : ١٣٨ ، الهداية الكبرى: ٢٤٧ ، دلائل الإمامة : ١١٢ ، المعارف : ٢١٥ ، كفاية الطّالب : ٤٥٥.

(٢) انظر ، الإمام الصّادق ، أبو زهرة : ٣٦ ، الهداية الكبرى : ٢٤٧.

(٣) فاطر : ٣٢.

١٩٨

وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (١) ، وهو من الّذين عناهم جدّه الرّسول بقوله : «أنّ الله يحبّ ذا البصر النّافذ عند ورود الشّبهات ، ويحب ذا العقل الكامل عند حلول المشكلات»(٢) . ومن غير الصّادق يبدد الشّبهات بعقله النّير ، وبصيرته الهادية المرشدة؟!.

وكان عليّ بي أبي طالب من أسخى الصّحابة ، بل من أسخى العرب ، وقد كان أحفاده كذلك من بعده ، فزين العابدين كان يحمل الطّعام ليلا ليوزعه على بيوت ما عرفت خصاصتها إلّا من بعده(٣) ، فلم يكن غريبا أن يكون الإمام الصّادق النّابت في ذلك البيت الكريم سخيّا جوادا ، فقد يعطي حتّى لا يبقي لعياله شيئا.

وكان حليما لا يقابل الإساءة بمثلها ، بل يقابلها بالّتي هي أحسن عملا بقوله تعالى :( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) (٤) .

أمّا الشّجاعة فقد كانت ملازمة لذرّيّة عليّ ، وهي فيهم كالجبلّة ، لا يهابون الموت ، وبخاصّة من يكونون في مثل حال أبي عبد الله الصّادق الّذي عمر الإيمان قلبه ، وانصرف عن الأهواء والشّهوات ، واستولى عليه خوف الله تعالى وحده ، ومن عمر قلبه بالإيمان لا يخاف أحدا إلّا الله.

وكان ذا فراسة قوّية جعلته ذا إحساس قوي يدرك به مغبة الأمور ، والفراسة من أخلاق المؤمنين ، كما أنّ الله سبحانه قد أضفى عليه جلالا ونورا من نوره ،

__________________

(١) يونس : ٦٢.

(٢) انظر ، البداية والنّهاية : ١ / ٣٦٢ ، مسند الشّهاب : ٢ / ١٥٢ ح ١٠٨٠.

(٣) انظر ، تأريخ دمشق : ٣٦ / ١٥١ ، تأريخ اليعقوبي : ٣ / ٤٥ ، البداية والنّهاية : ٩ / ١٠٥ ، مختصر تأريخ دمشق : ١٧ / ٢٣٨ ، حلية الأولياء : ٣ / ١٣٦.

(٤) المؤمنون : ٩٦.

١٩٩

وذلك لكثرة عبادته وصمته عن اللّغو ، وقد راع أبا حنيفة منظر الإمام الصّادق ، واعتراه من الهيبة له ما لم يعتره من الهيبة للمنصور صاحب الطّول والحول والقوّة ، والتقى به ابن أبي العوجاء ، وهو من دعاة الزّنادقة فارتاع ، ولم يحر جوابا ، فتعجب الصّادق من أمره ، وقال له : مالك؟! فقال : ما ينطق لساني بين يديك ، فإنّي شاهدت العلماء ، وناظرت المتكلمين ، فما داخلني قطّ مثل ما داخلني من هيبتك(١) !

هذه بعض صفاته النّفسيّة ، وببعضها يعلو على الرّجال ، ويرتفع إلى أعلى المراتب ، فكيف وقد تحلّى بهذه الصّفات وغيرها(٢) ؟!

علومه :

انصرف الإمام الصّادق بكلّه إلى العلم ، فلم يشغل نفسه بشيء سواه ، وكان مخلصا لله في إحياء العلم ونشره ، يرشد الضّال ، ويهدي إلى الحقّ ، ويردّ الشّبهات ، ويدفع الزّيغ ، ويعمل على تنقية عقائد المسلمين ممّا اعترى بعضها من الإنحراف ، ويبث روح التّسامح ، ويمنع الطّائفيّة ، فكان بذلك الإمام الصّادق حقّا ، وحفيد الإمام عليّ ، وسيّد العترة الطّاهرة.

وكان يدرس علم الكون ، وما اشتمل عليه ، ومن تلاميذه الكيمائي الشّهير جابر بن حيّان(٣) ، تلقى عنده علم الكيمياء ، ووضع فيه رسائل ، طبع منها

__________________

(١) انظر ، بحار الأنوار : ٣ / ٤٦.

(٢) انظر ، الإمام الصّادق ، الشّيخ أبو زهرة : ٣٦.

(٣) جابر بن حيّان بن عبد الله الكوفي ، أبو موسى : فيلسوف كيميائي ، كان يعرف بالصّوفي. من أهل ـ

٢٠٠

خمسمئة رسالة في ألمانيا قبل ثلاثمئة سنة ، وهي موجودة في مكتبة الدّولة ببرلين ، وفي مكتبة باريس ؛ وممّا قاله الأستاذ أبو زهرة :

«أنّ الإمام جعفرا كان قوّة فكريّة في هذا العصر ، فلم يكتف بالدّراسات الإسلاميّة ، وعلوم القرآن ، والسّنّة ، والعقيدة ، بل اتّجه إلى دراسة الكون وأسراره ، ثمّ حلّق بعقله الجبّار في سماء الأفلاك ، ومدارات الشّمس ، والقمر ، والنّجوم ، وبذلك علم مقدار نعمة الله على عبيده وقد عني عناية كبرى بدراسة

__________________

ـ الكوفة ، وأصله من خراسان. اتّصل بالبرامكة ، وانقطع إلى أحدهم جعفر بن يحيى. وتوفّي بطوس. له تصانيف كثيرة قيل : عددها (٢٣٢) كتابا ، وقيل : بلغت خمسمئة. ضاع أكثرها ، وترجم بعض ما بقي منها إلى اللّاتينيّة. وممّا بين أيدينا من كتبه ـ أو الكتب المنسوبة إليه ـ (مجموع رسائل) نحو ألف صفحة ، و (أسرار الكيمياء) و (علم الهيئة) و (أصول الكيمياء) و (المكتسب) مع شرح بالفارسيّة للجلدكي ، وكتاب في (السّموم) و (تصحيحات كتب أفلاطون) و (الخمائر) و (الرّحمة) وكتاب (الخواصّ) الكبير المعروف بالمقالات الكبرى والرّسائل السّبعين ، و (الرّياض) و (صندوق الحكمة) و (العهد) في الكيمياء. وأكثر هذه المخطوطات رسائل. ولجابر شهرة كبيرة عند الإفرنج بما نقلوه ، من كتبه ، في بدء يقظتهم العلميّة. قال برتلو (لجابر في الكيمياء ما لأرسطو طاليس قبله في المنطق ، وهو أوّل من استخرج حامض الكبريتيك وسمّاه زيت الزّاج ، وأوّل من اكتشف الصّودا الكاوية ، وأوّل من استحضر ماء الذّهب ، وينسب إليه استحضار مركبات أخرى مثل كربونات البوتاسيوم وكربونات الصوديوم. وقد درس خصائص مركبات الزّئبق واستحضرها) وقال لوبون (تتألّف من كتب جابر موسوعة علمية تحتوي على خلاصة ما وصل إليه علم الكيمياء عند العرب في عصره). وقد اشتملت كتبه على بيان مركبات كيماويّة كانت مجهولة قبله. وهو أوّل من وصف أعمال التّقطير والتّبلور والتّذويب والتّحويل إلخ.

انظر ، فهرست ابن النّديم : ١ / ٣٥٤ ، أخبار الحكماء : ١١١ ، المقتطف : ١ / ١٢٣ ، معجم المطبوعات : ٦٦٤ ، الفهرس التّمهيدي : ٥١٢ ـ ٥٢٠ ، اكتفاء القنوع : ٢١٣ و ٢١٤.

كان في جملة البرامكة ومنقطعا إلى جعفر ابن يحيى. وفي الذّريعة : ٢ / ٥٥ نصّا جديدا ، له قيمته ، وهو رواية أبي الرّبيع سليمان بن موسى بن أبي هشام عن أبيه موسى ، في صدر كتاب (الرّحمة) لجابر ، قال : (لمّا توفّي جابر بطوس سنة المئتين من الهجرة وجد هذا الكتاب تحت رأسه).

٢٠١

النّفس الإنسانيّة ، وإذا كان التّأريخ يقرّر أنّ سقراط قد أنزل الفلسفة من السّماء إلى الإنسان ، فإنّ الإمام الصّادق قد درس السّماء ، والأرض ، والإنسان ، وشرائع الأديان»(١) .

وكان في علم الإسلام كلّه الإمام الّذي يرجع إليه ، وله في الفقه القدح المعلّى ، فهو أعلم النّاس بإختلاف الفقهاء ، يعلم الفقه العراقي ومناهجه ، وفقه المدينة وارتباطه بأدلّته وآثاره ، واعتبره أبو حنيفة أستاذه في الفقه ، فقد سئل أبو حنيفة : من أين جاء لك هذا الفقه؟

فقال : «كنت في معدن العلم ، ولزمت شيخا من شيوخه»(٢) ، وهو يقصد بمعدن العلم الإمام الصّادق.

وهيأ له أبو حنيفة أربعين مسألة بطلب من المنصور ، فأجاب عنها الإمام بما عند العراقيّين ، وما عند الحجازيّين ، وما ارتآه الإمام ؛ فقال أبو حنيفة : أعلم النّاس أعلمهم بإختلاف النّاس»(٣) . وأخذ عنه مالك ، ويحيى ، ابن سعيد الأنصاري ، وسفيان الثّوري ، وغيرهم كثير(٤) .

وروى عنه أصحاب السّنن : أبو داود ، والتّرمذي ، والنّسائي ، وابن ماجه ،

__________________

(١) انظر ، الإمام الصّادق ، الشّيخ أبو زهرة : ١٠١. (منهقدس‌سره ).

(٢) انظر ، تهذيب الكمال : ٥ / ٧٩ ، الكامل في التّأريخ : ٢ / ١٣٢ ، جامع مسانيد أبي حنيفة : ١ / ٢٢٢ ، مناقب آل أبي طالب : ٣ / ٣٧٨ ، سير أعلام النّبلاء : ٦ / ٢٥٧.

(٣) انظر ، مناقب أبي حنيفة (للموفق) : ١ / ١٧٢ ، جامع أسانيد أبي حنيفة : ١ / ٢٢٢ ، تذكرة الحفّاظ : ١ / ١٥٧.

(٤) انظر ، تهذيب الكمال : ٥ / ٧٨ ، تذكرة الحفّاظ : ١ / ١٦٦ ، سير أعلام النّبلاء : ٦ / ٢٥٧ ، الكامل في التّأريخ : ٢ / ١٣٣ ، الإمام الصّادق ، أبو زهرة : ٢٢ طبعة اولى ، انظر ، ترجمة هؤلاء في سير أعلام النّبلاء : ٦ / ١٥ ، تذكرة الحفّاظ للذّهبي : ١ / ١٣٧ ، الجرح والتّعديل : ٩ / ١٤٧ ، لسان الميزان : ٤ / ٣٨٠ ، شذرات الذّهب : ١ / ٢١٢ ، الثّقات : ٥ / ٥٢١.

٢٠٢

والدّار قطني ، ومسلم ، وكثيرون غير هؤلاء من جمهور السّنّة. وقال الشّيخ أبو زهرة : «أنّ العلوم الّتي أخذها عليّ عن النّبيّ أودعها ذرّيّته ، وهم أذاعوها على النّاس حين اتيحت لهم الفرصة. وهذا عين ما تقوله الإماميّة في علوم أهل البيت دون زيادة ، وقد كرّروه وأكدوه في كتب العقائد والحديث ، والفقه والتّفسير ، ونظمه أحد شعرائهم(١) :

إذا شئت أن تبغي لنفسك مذهبا

ينجيك يوم البعث من لهب النّار

فدع عنك قول الشّافعي ومالك

وأحمد والمروي عن كعب أحبار

ووال أناسا نقلهم وحديثهم

روى جدّنا عن جبرئيل عن الباري

وبهذا يتبيّن معنا أنّ قول الشّيخ : «أنّ الإماميّة يقولون : أنّ علم الإمام جعفر إلهامي وليس بكسبي»(٢) ، من سهو القلم ، ونسبة بلا مصدر ، وإذا كان الإماميّة لا ينسبون علم النّبيّ إلى الإلهام بل إلى جبريل عن الله جلّ شأنه ؛ فكيف ينسبون علم أبنائه إلى الإلهام؟ وهناك ملاحظات أخرى على الكتاب :

«منها» : «أنّ المؤلّف لا يستطيع أن يقبل روايات الكليني صاحب الكافي ، لأنّ بعض رواياته لا يقول بصحتها كبّار علماء الإثنى عشريّة ، كالمرتضى والطّوسي»(٣) .

ونجيب فضيلة الشّيخ : بأنّ التّشكيك في بعض روايات الكافي لا يستدعي طرح رواياته كلّها. وقد شكّك كثير من الحفّاظ ببعض الرّواة الّذين اعتمد عليهم البخاري في صحيحه ، ومع ذلك لم يطرح أهل السّنّة كل ما في البخاري.

__________________

(١) انظر ، عولي اللّئالي : ١ / ٣٠١ ، الصّراط المستقيم : ٣ / ٢٠٧.

(٢) انظر ، الإمام الصّادق ، الشّيخ أبو زهرة : ٧٠.

(٣) انظر ، الإمام الصّادق ، الشّيخ أبو زهرة : ٣٦.

٢٠٣

نقل صاحب كتاب «أضواء على السّنّة المحمّديّة» : أنّ الحفّاظ ضعّفوا من رجال البخاري ثمانين رجلا ، ومن رجال مسلم مئة وستين ، وبالرّغم من هذا فهما من الصّحاح عند السّنّة ، وإذا جاز لنا أن نطرح جميع روايات الكليني لحديث واحد ، أو أحاديث في موضوع من الموضوعات يجوز لنا ، والحال هذه ، أن نطرح جميع روايات البخاري ، ومسلم»(١) .

هذا ، وقد رجّح البخاري صدق راو ، ورجّح مسلم كذبه ، كعكرمة مولى ابن عبّاس(٢) ومع ذلك يعتبر أهل السّنّة كلا من كتاب البخاري ومسلم صحيحا ، وبديهة أنّ الشّيء الواحد لا يتّصف بصفة ونقيضها في آن واحد.

«ومنها» : «أنّ النّبيّ كان يجتهد ، وكان في إجتهاده عرضة للخطأ بل ثبت أنّه قد أخطأ وعلّمه ربّه الصّواب»(٣) .

إنّ خطأ الأنبياء في الأحكام محال بحكم العقل ؛ لأنّ وقوع الخطأ منهم مناف لحكمة البعثة المقصود منها إرشاد الخلق إلى الحقّ ، أنّ قول النّبيّ دليل قاطع لرفع الخطأ ، فإذا أخطأ انتفت عنه صفة الدّلالة ، وبالتالي تنتفي عنه صفة النّبوّة والرّسالة(٤) .

__________________

(١) انظر ، أضواء على السّنّة المحمّديّة : ٢٧٥ طبعة دار التّأليف سنة (١٩٥٨ م). (منهقدس‌سره ).

(٢) جاء في كتب السّنّة أنّ عكرمة هذا الّذي صدّقه البخاري وعمل بحديثه قد ملأ الدّنيا كذبا ، وأنّه كان يرى رأي الخوارج ، ويقبل جوائز الأمراء ، وجاء في كتب السّنّة أيضا أنّ أبا هريرة كذّبه عليّ ، وعمر ، وعائشة ، ومع ذلك روى عنه البخاري ، ومسلم. (منهقدس‌سره ).

(٣) انظر ، الإمام الصّادق ، الشّيخ أبو زهرة : ٧٣.

(٤) انظر ، كتابنا «الإجتهاد والتّقليد بداية وتطوّرا ، محاولة لفهم جديد ، على الصّعيد الأصوليّ المقارن».

٢٠٤

الحسين عمره ، وأولاده ، والشّهداء من أهله

مولده :

ولد الحسينعليه‌السلام في شعبان سنة «٣ ه‍»(١) ، وولد أخوه الحسن في رمضان سنة «٢ ه‍»(٢) ، وحين وضعته فاطمة قالت لأبيه : سمه.

قال : ما كنت لأسبق باسمه رسول الله.

وحين رآه النّبيّ قال للإمام : هل سميّته؟.

فقال : ما كنت لأسبقك باسمه.

فقال النّبيّ : وما كنت لأسبق ربّيعزوجل .

فأوحى الله أن سمه الحسين(٣) .

__________________

(١) انظر ، الإرشاد للشّيخ المفيد : ٢ / ٢٧ مؤسّسة آل البيتعليهم‌السلام ، المقاتل : ٨٤ ، كشف الغمّة : ٢ / ٢١٥ ، معالم العترة النّبويّة للجنابذي (مخطوط) : ورق ٦٣ ، التّهذيب : ٦ / ٤١ ب ١٥ ، تهذيب تأريخ دمشق لابن عساكر : ٤ / ٣١١ ، تهذيب التّهذيب : ٢ / ٣٤٥ ، العقد الفريد : ٤ / ٣٧٦ ، تأريخ الطّبري : ٦ / ١٩٤ ، مروج الذّهب : ٢ / ٦٢ ، البداية والنّهاية : ٨ / ٨٨ ، اسد الغابة : ٢ / ٢٢ ، ابن الأثير : ٤ / ٨ ، الإصابة : ٢ / ١٤ ، تأريخ بغداد : ١ / ٢٤١ ، تهذيب الأسماء : ١ / ١٦٣ ، مجمع الزّوائد : ٩ / ١٩٤.

(٢) انظر ، دلائل الإمامة : ٦٠ ، تذكرة الخواصّ : ٢٠١ ، تهذيب تأريخ دمشق : ٤ / ١٩٩ ، مطالب السّؤول:٦٤ ، الإصابة : ١ / ٣٢٨ ، الإستيعاب : ١ / ٣٦٨ ، تأريخ الخلفاء : ٧٣.

(٣) انظر ، ذخائر العقبى : ٢١٢٠ ، مسند أبي داود الطّيالسي : ١ / ١٩ ، الإصابة : ٨ / ١١٧ ، مجمع الزّوائد : ـ

٢٠٥

عمره الشّريف :

أقام مع جدّه ست سنوات ، ومع أبيه ثلاثين ، ومع أخيه الحسن بعد وفاة أبيه عشرا ، وبقي بعد أخيه عشرا(١) ، فكان عمره الشّريف ، (٥٦ ، وقيل ٥٧)(٢) .

أولاده :

له عشرة أولاد (٦) ذكور و (٤) أناث(٣) .

١ ـ عليّ الأكبر(٤) ،

__________________

ـ ٩ / ١٧٤ ، تأريخ الخميس : ١ / ٤٧٠ ، معاني الأخبار : ٥٧ ح ٦ ، علل الشّرائع : ١٣٨ / ٧ و ٥ ، أمالي الصّدوق : ١١٦ / ٣ ، عيون أخبار الرّضا : ٢ / ٢٤ / ٥ ، صحيفة الرّضا : ١٦ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ١٨٩ ، اسد الغابة : ٢ / ١١ ، تأريخ الخلفاء للسّيوطي : ١٨٨ ، نهاية الإرب : ١٨ / ٢١٣ ، الإستيعاب بهامش الإصابة : ١ / ٣٦٨ ، تهذيب التّهذيب : ٢ / ٢٩٦ ، مسند زيد : ٤٦٨.

(١) انظر ، إعلام الورى : ٢١٤ بلفظ «سبع سنين» ، كشف الغمّة : ٢ / ١٧٠ ، الإرشاد للشّيخ المفيد : ٢ / ١٣٣ بلفظ «سبع سنين» ، الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة لابن الصّباغ المالكي : ٢ / ١٧٤ ، بتحقيقنا ، النّعيم المقيم لعترة النّبأ العظيم : ٢٨٨ ، بتحقّيقنا.

(٢) انظر ، مقاتل الطّالبيّين : ٨٤ ، الإرشاد : ٢ / ١٣٣ ، المعارف : ٢١٣ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ٢٣١ ، كشف الغمّة : ٢ / ١٧٠ ، تأريخ اان الخشّاب : ٢ / ٢١٦ ، الإتحاف بحبّ الأشراف الشّيخ عبد الله بن محمّد بن عامر الشّبراوي : ١٨٧ ، بتحقّيقنا. بالإضافة إلى المصادر السّابقة.

(٣) انظر ، بغية الطّالب في ذكر أولاد عليّ بن أبي طالب ، السّيّد محمّد بن طاهر بن حسين بن أبي الغيث الحسيني المعروف بابن بحر اليمني المتوفّى عام (١٠٨٦ ه‍). مخطوط. الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة : ٢ / ١٧٥ بتحقّيقنا ، مطالب السّؤول في مناقب آل الرّسول : النّسخة المخطوطة في مكتبة آية الله العظمى السّيّد المرعشي النّجفي : ورق ١٢٤ ، وزبدة المقال في فضائل الآل (مخطوط) : ورق ١٣٥.

(٤) يكنى أبا الحسن ، ويلقّب بالأكبر ، لأنّه الأكبر على الأصح ، وهو أوّل من قتل بالطّفّ من بني هاشم بعد أنصار الحسينعليه‌السلام قتله مرّة بن منقذ بن النّعمان العبدي ، ثمّ اللّيثي ، وكان له من العمر بضع عشرة ـ

٢٠٦

وأمّه ليلى بنت أبي مرّة الثّقفي(١) ، وأمّها ميمونة بنت أبي سفيان ، وأخت معاوية ، فعليّ الأكبر ، ابن بنت عمّة يزيد ، ويزيد ابن خال أمّ عليّ الأكبر(٢) . وناداه رجل يوم الطّفّ من عسكر ابن سعد ، وقال له : أنّ لك مع يزيد رحما ، فإن شئت آمنّاك ، فقال له : ويّلك لقرابة رسول الله أحقّ بالرّعاية.

وقال معاوية يوما لجلسائه : «من أحقّ النّاس بهذا الأمر؟

فقالوا له : أنت.

قال : كلّا ، أولى النّاس به عليّ بن الحسين ، جدّه رسول الله ، وفيه شجاعة بني

__________________

ـ سنة كما يقول الشّيخ المفيد في الإرشاد : ٢ / ١٠٦ و ١٠٧ ، وفي مقتل المقرّم : ٢٥٥ عمره سبع وعشرون سنة ، وفي مناقب آل أبي طالب : ٤ / ١٠٩ «كان عمره «٢٥» سنة.

انظر ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ١٦١ ـ ١٦٤ ، إبصار العين في أنصار الحسين : ٢١ طبعة النّجف ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٣٤٠ ، و : ٦ / ٢٥٦ طبعة آخر ، المعارف لابن قتيبة : ٢١٣ و ٢١٤ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٤ / ١٠٩ ، و : ٢ / ٢٢٢ طبعة إيران ، مقاتل الطّالبيّين : ٥٥ و ٥٦ ، و : ٨٤ طبعة آخر ، البحار : ٤٥ / ٤٢ و ٤٣ ، ابن الأثير في الكامل : ٤ / ٣٠ ، الأخبار الطّوال : ٢٥٤ ، مقتل العوالم : ٩٥ ، تأريخ الطّبري : ٦ / ٦٢٥ ، الفصول المهمّة لابن الصّباغ المالكي : ٢ / ١٦٨ ، بتحقّيقنا ، الإتحاف بحبّ الأشراف للشّبراوي : ١٨٥. بتحقّيقنا.

(١) يكنى أبا الحسن ، ويلقّب بالأكبر ، لأنّه الأكبر على الأصح ، وهو أوّل من قتل بالطّف من بني هاشم بعد أنصار الحسينعليه‌السلام قتله مرّة بن منقذ بن النّعمان العبدي ، ثمّ اللّيثي ، وكان له من العمر بضع عشرة سنة كما يقول الشّيخ المفيد في الإرشاد : ٢ / ١٠٦ و ١٠٧ ، وفي مقتل المقرّم : ٢٥٥ عمره سبع وعشرون سنة.

انظر ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ١٦١ ـ ١٦٤ ، إبصار العين : ٢١ طبعة النّجف ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٣٤٠ ، و : ٦ / ٢٥٦ ، المعارف : ٢١٣ و ٢١٤ ، مقاتل الطّالبيّين : ٥٥ و ٥٦ ، الكامل لابن الأثير : ٤ / ٣٠ ، والأخبار الطّوال : ٢٥٤ ، تأريخ الطّبري : ٦ / ٦٢٥.

(٢) انظر ، مروج الذّهب للمسعودي : ٢ / ٩١. انظر ، مقتل الحسين للخوارزمي : ٢ / ٣٠ و ٣١. مقاتل الطّالبيّين : ٥٥ و ٥٦ ، و : ٨٤ طبعة آخر. تأريخ الطّبري : ٤ / ٣٥٨ و : ٦ / ٦٢٥.

٢٠٧

هاشم ، وسخاء بني اميّة ، وزهو ثقيف»(١) .

٢ ـ عليّ الأصغر ، وهو الإمام زين العابدين عليه السلام(٢) ، وأمّه شاه زنان(٣) بنت كسرى يزدجرد ملك الفرس ، ومعنى شاه زنان بالعربيّة ملكة النّساء ، ونسل الحسين كلّه من الإمام زين العابدين(٤) .

٣ ـ عليّ الأوسط(٥) .

٤ ـ جعفر ، مات في حياة أبيه ، ولا بقية له(٦) .

٥ ـ محمّد(٧) .

٦ ـ عبد الله الرّضيع الّذي جاءه سهم ، فذبحه ، وهو في حجر أبيه(٨) .

__________________

(١) انظر ، البداية والنّهاية : ٨ / ٢٠١ ، تأريخ دمشق : ٤١ / ٣٦٢ ، شرح الأخبار : ٣ / ١٥٤ ، تأريخ خليفة بن خيّاط : ١٧٩ ، المنتخب من ذيل المذيل : ٢٤ ، ترجمة الإمام الحسين لابن عساكر : ٣٣١.

(٢) انظر ، الصّواعق المحرقة : ٢٠٠ ، تهذيب التّهذيب للعسقلاني : ٧ / ٣٠٦ ، شذرات الذّهب : ١ / ١٠٤ ، أخبار الدّول : ١٠٩ ، مطالب السّؤول : ٢ / ٤١ ، تأريخ الأئمّة لابن أبي ثلج : ٤.

(٣) انظر ، الإرشاد : ٢ / ١٣٧ ، دلائل الإمامة للطّبري : ٨١ ، الأخبار الطّوال : ١٤١ ، وفيّات الأعيان : ٢ / ٤٢٩ ، صفوة الصّفوة لابن الجوزي : ٢ / ٥٢ ، نهاية الإرب : ٢١ / ٣٢٤.

(٤) شاه زنان بفتح الشّين المعجمة ، وكسر الهاء ، وفتح الزّاي والنّون الثّانية بعد الألف. كلمة فارسيّة معناها : ملكة النّساء ، وهي بنت يزدجرد بفتح الياء المثناة من تحت ، وسكون الزّاي ، وفتح الدّال المهملة ، وكسر الجيم ودال مهملة بعد الرّاء السّاكنة ، ولد أنو شروان العادل ملك الفرس. انظر ، الأخبار الطّوال : ١٤١ ، فتوح البلدان للبلاذري : ٣٢٢ ، طبعة مصر ، مرآة الجنان : ١ / ١٩٠.

(٥) انظر ، مناقب آل أبي طالب : ٣ / ٢٣١.

(٦) انظر ، الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة لابن الصّباغ المالكي : ٢ / ١٧٥ ، بتحقيقنا) ، نور الأبصار للشّبلنجي : ٢ / ٥٦ ، بتحقّيقنا.

(٧) تقدّمت ترجمته.

(٨) تقدّمت ترجمته.

٢٠٨

الشّهداء من أقاربه :

استشهد من أقارب الحسين اثنان من ولده ، وهما عليّ الابن الأكبر(١) . والطّفل الرّضيع(٢) .

وتسعة من اخوته أبناء عليّ ، وهم العبّاس ، وجعفر ، وعثمان ، وعبد الله ، ومحمّد ، وأبو بكر ، وعمر ، وعون ، ومحمّد الأوسط(٣) .

وأربعة من ولد الحسن وهم : القاسم ، وعبد الله ، وأبو بكر ، وأحمد ؛ وسبي مع النّساء ثلاثة من ولد الحسن ، الحسن بن الحسن المثنى ، وعمرو ، وزيد ؛ وحارب الحسن المثنى مع عمّه الحسين حتّى قطعت يده ، وأثّخن بالجراح ، ولم يقتل(٤) .

__________________

(١) تقدمت استخراجها.

(٢) تقدّمت ترجمتهما.

(٣) تقدّمت ترجمتهم. انظر ، بغية الطّالب في ذكر أولاد عليّ بن أبي طالب ، السّيّد محمّد بن طاهر بن حسين بن أبي الغيث الحسيني المعروف بابن بحر اليمني المتوفّى عام (١٠٨٦ ه‍). مخلوط. الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة : ٢ / ١٧٥ بتحقيقنا.

(٤) انظر ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٣٤٢ ، و : ٦ / ٢٥٩ ، مقاتل الطّالبيّين ، : ٥٦ و ٥٨ و ١٢٨ ، المسعودي في ينابيعه : ٣ / ٧٧ ، الفصول المهمّة لابن الصّباغ المالكي : ٢ / ٦٩ ، بتحقّيقنا ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ١٧٤ ، الإرشاد للشّيخ المفيد : ٢ / ١٠٩ ، ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي : ٣ / ١٧ طبعة اسوة ، معجم رجال الحديث : ١٥ / ١٧ رقم «٩٥١٣» و : ٢٢ / ٧٠ رقم «١٤٠٠٠» ، شرح الأخبار : ٣ / ١٧٩ ، الكامل في التّأريخ : ٢ / ٥٧١ و : ٤ / ٩٢ ، ذخائر العقبى : ١١٧ ، أمالي الشّيخ الصّدوق : ٢٢٦ ، روضة الواعظين : ١٨٨ ، الأخبار الطّوال : ٢٥٧ ، مثير الأحزان : ٥٢ و ٥٥ ، الكامل في التّأريخ : ٤ / ٧٥ ، اللهوف في قتلى الطّفوف : ٥١ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ١٩٢ ، الأخبار الطّوال : ٣ / ١٩٦ ، ٢ / ٥٧١ ، البداية والنّهاية : ٨ / ٢٠٣ ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ١٩٣ ، جواهر المطالب في مناقب الإمام عليّ : ٢ / ٢٨٨ ، إقبال الأعمال : ٣ / ٧٥ و ٣٤٣.

٢٠٩

واستشهد ثلاثة من أولاد زينب بنت أمير المؤمنين ، وهم عون ، ومحمّد ، وعبيد الله(١) ، وأبوهم عبد الله بن جعفر(٢) .

وواحد من ولد جعفر بن أبي طالب ، وهو عون أخو عبد الله ابن جعفر.

وثلاثة عشر من ولد عقيل بن أبي طالب ، وهم مسلم بن عقيل ، وعبد الله ابن مسلم بن عقيل ، ومحمّد بن مسلم بن عقيل ، ومحمّد بن سعيد بن عقيل ، وعبد الله الأصغر بن عقيل ، وعبد الله الأكبر بن عقيل ، وموسى بن عقيل ، وعليّ بن عقيل ، وأحمد بن عقيل ، وجعفر بن عقيل ، وعبد الرّحمن بن عقيل(٣) ، وصبيّان من ولد

__________________

(١) انظر ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ١٦٧ و ٢٣٩ ، إبصار العين في أنصار الحسين : ٤٠ طبعة النّجف ، المناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ٢٢٠ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ٢ / ٢٧ ، تأريخ الطّبري : ٦ / ٢٥٦ و ٢٦٩ ، و : ٤ / ٣٤١ طبعة آخر ، مقاتل الطّالبيّين : ٦١ ، الإرشاد للشّيخ المفيد : ٢ / ٦٨ و ١٠٧ و ١٢٥ ، المعارف لابن قتيبة : ٢٠٧. وأمّه الخوصاء ، وأمّها هند بنت سالم بن ثعلبة. انظر ، الفصول المهمّة لابن الصّباغ المالكي : ٢ / ١٧٠ ، بتحقّيقنا.

(٢) انظر ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٣٤١ و : ٦ / ٢٥٦ ، مقاتل الطّالبيّين : ٦٠ ، مروج الذّهب : ٣ / ٩٢ و ٣٣٣ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ٢ / ٢٧ ، إبصار العين في أنصار الحسين : ٣٩ طبعة النّجف ، المعارف لابن قتيبة : ٢٠٦ ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ٧٣ ، تأريخ الطّبري : ٦ / ٢٥٦. وفي الفصول المهمّة لابن الصّباغ المالكي : ٢ / ١٧٠ ، بتحقّيقنا ، «عون» أمّه جمانة ، وقد قتله عبد الله بن قطنة الطّائي النّبهاني. وقيل «قطبة» بدل «قطنة» كما ورد في مقتل الحسين لأبي مخنف : ١٦٥ ـ ١٦٦ و ٢٣٨ ، الفتوح لابن أعثم : ٣ / ١٢٧ ، جمهرة أنساب العرب : ٦١ وزاد «وهو عون الأصغر» ، الإمامة والسّياسة لابن قتيبة : ٢ / ١٢ ، البحار : ١٠١ / ٢٤٣ ، تأريخ الطّبري : ٦ / ٢٥٦ ، و : ٤ / ٣٤١ طبعة آخر ، المناقب لابن شهر آشوب : ٤ / ١٠٦ ، و : ٢ / ٢٢٠ طبعة آخر ، مقاتل الطّالبيّين : ٦٠ ، و : ١٢٢ طبعة آخر ، و : ٩٥ طبعة آخر ، منتهى الآمال للمحدّث القمي : ١ / ٦٧٨ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ٢ / ٢٧ ، الإرشاد للشّيخ المفيد : ٢ / ٦٨ ، وفي ص ١٠٧ بلفظ : وحمل عليه عبد الله بن قطبة الطّائي وانظر : ١٢٥ أيضا ، ينابيع المودّة : ٣ / ٧٣ طبعة اسوة.

(٣) انظر ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ١٦٨ و ٢٤٠ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ٢٥٤ ، تأريخ ـ

٢١٠

عقيل كانا مع السّبايا ، وهربا من الخوف والذّعر ، فأتيا دار رجل طائي فلجآ إليه ، ولمّا علم أنّهما من سبايا الحسين وبقايا أهل البيت قتلهما ، وجاء برأسيهما إلى ابن زياد يطلب الجائزة. فقال له ابن زياد : جائزتك القتل. وأمر به فقتل ، فمجموع الّذين استشهدوا من نسل أبي طالب (٣٢) ما عدا الحسينعليه‌السلام (١) .

مطلّقة الحسين وزوّجة يزيد :

قال في نفس المهموم : «أنّ هند بنت عبد الله بن عامر كانت تحت الحسين : فطلّقها ، وتزوّجت يزيد ، وحين دخل السّبايا على يزيد في الشّام حسرت هند عن رأسها ، وشقّت الثّياب ، ودخلت على يزيد في مجلسه تندب وتصيح ، وقالت : يا يزيد أرأس ابن فاطمة بنت رسول الله مصلوب!(٢)

__________________

ـ الطّبري : ٦ / ٢٥٦ و ٢٦٩ ، و : ٤ / ٣٥٩ طبعة آخر ، مقاتل الطّالبيّين : ٦٨ ، الإرشاد للشّيخ المفيد :٢ / ٦٨ و ١٠٧ و ١٢٥ ، المعارف لابن قتيبة : ٢٠٧ ، معجم رجال الحديث : ٥ / ٥٠ رقم «٢٢٠١» ، لواعج الأشجان : ١٧٢ ، الفتوح لابن أعثم : ٥ / ٢٠٢ ، البداية والنّهاية : ٨ / ٢٠١ ، الكامل في التّأريخ : ٤ / ٧٣ ، شرح الأخبار : ٣ / ٢٣٨ ، أنساب الأشراف : ١٩٣ ، إقبال الأعمال : ٣ / ٧٦ و ٣٤٣ ، الفصول المهمّة لابن الصّباغ المالكي : ٢ / ١٧٠ ، بتحقّيقنا.

(١) انظر ، مجمع الزّوائد : ٩ / ١٩٨ ، المعجم الكبير : ٣ / ١١٨ ، سير أعلام النّبلاء : ٣ / ٣٢٠ ، تهذيب الكمال : ٢ / ٣٠٥ و : ٦ / ٤٣١ ، صفوة الصّفوة : ١ / ٣٠٩ ، الإستيعاب : ١ / ٣٩٦ ، الإصابة : ٥ / ٨ ، تأريخ خليفة : ٢٣٥.

(٢) انظر ، تأريخ دمشق : ٦٢ / ٨٥ ، تأريخ الطّبري : ٣ / ٣٤١ ، جواهر المطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب لابن الدّمشقي : ٢ / ٢٩٣ ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ٢١٢ و ٢١٩ ، مختصر تأريخ دمشق :٢٦ / ١٥١ طبعة دار الفكر.

٢١١
٢١٢

يزيد

هو يزيد بن معاوية(١) ، وينسب معاوية إلى أربعة رجال عمر بن مسافر ، وعمارة بن الوليد ، والعبّاس بن عبد المطّلب ، ورجل أسود يدعى الصّباح(٢) ،

__________________

(١) يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي : ثاني ملوك الدّولة الأمويّة في الشّام.

انظر ، تأريخ الطّبري : حوادث سنة ٦٤ ، تأريخ الخميس : ٢ / ٣٠٠ ، منهاج السّنّة : ٢ / ٢٣٧ ـ ٢٤٥ ، الكامل في التّأريخ : ٤ / ٤٩ ، مختصر تأريخ العرب : ٧١ ـ ٧٦ ، البدء والتّأريخ : ٦ / ٦ ـ ١٦.

(٢) معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن اميّة بن عبد شمس ، وامّه هند بنت عتبة بن ربيعة ، تزوّجت هند أوّلا الفاكه بن المغيرة المخزومي فقتل عنها بالغميصاء ـ كما جاء في نسب قريش : ٣٠٠ ـ موضع قرب مكّة ، ثمّ تزوّجت حفص بن المغيرة فمات عنها ، ثمّ تزوّجت أبا سفيان. وكانت في زمن الفاكه متّهمة بالزّنا كما يذكر صاحب العقد الفريد : ٦ / ٨٦ ـ ٨٧ ، والأغاني : ٩ / ٥٣ ، وكانت ممّن تذكر في مكّة بفجور ، وعهر كما ذكر ابن أبي الحديد في شرح النّهج : ١ / ٣٣٦ تحقّيق محمّد أبو الفضل ، ربيع الأبرار للزّمخشري : ٢ / ٥٤٨.

دخل أبو سفيان في الإسلام ، غير أنّ المذسلمين لم ينسوا مواقفه منهم فكانوا لا ينظرون إليه ولا يقاعدونه كما جاء في صحيح مسلم : ٧ / ١٧١ وهو القائل : يا بني أميّة تلقّفوها تلقّف الكرة ، فو الّذي يحلف به أبذو سفيان ما زلت أرجوها لكم ولتصيرنّ إلى صبيانكم وراثة ذكر ذلك صاحب مروج الذّهب بهامش ابن الأثير : ٥ / ١٦٥ ـ ١٦٦. وأضاف صاحب كتاب الأغاني : ٦ / ٣٥٥ ، والإستيعاب : ٦٩٠ ، والنّزاع والتّخاصم للمقريزي : ٢٠ طبعة النّجف ، وغيرهم قوله : فو الله ما من جنّة ولا نار ، فصاح به عثمان : «قم عنّي ، فعل الله بك وفعل».

ومعاوية هذا أسلم بعد الفتح ، وقال فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :لا أشبع الله بطنه. كما ذكره صاحب أنساب ـ

٢١٣

وكانت هند جدّة يزيد مغرمة بحبّ السّود ، وما نسب معاوية أحد ممّن يعرف حالها إلى أبي سفيان ، لأنّها وضعته بعد زوّاجها منه بثلاثة أشهر ، وهند هذه هي الّتي أكلت كبد الحمزة عمّ الرّسول ، حتّى أصبح لفظ «آكلة الأكباد» علما لها(١) .

وأمّ يزيد هي ميسون بنت عبد الرّحمن بن بجدل الكلبي ، مكّنت عبدا لأبيها من نفسها ، وحملت بيزيد(٢) .

__________________

ـ الأشراف : ١ / ٥٣٢ ، صحيح مسلم : ٨ / ٢٧ ، شرح النّهج لابن أبي الحديد : ١ / ٣٦٥ ، مسند الطّيالسي : ح ٢٧٤٦ ، وابن كثير : ٨ / ١١٩ ، وقال فيهصلى‌الله‌عليه‌وآله : في قصّة زوّاج المهاجرة الّتي استشارت النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عندما خطبها : أمّا معاوية فصعلوك. كما جاء في صحيح مسلم : ٤ / ١٩٥ ، مسند الطّيالسي : ٢٢٨ / ١٦٤٥ ، وسنن ابن ماجه : ح ١٨٦٩. وقال فيهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند ما نظر إلى أبي سفيان وهو راكب ، ومعاوية وأخوه أحدهما قائد والآخر سائق : أللهمّ العن القائد والسّائق والرّاكب. انظر ، الطّبريّ في تأريخه : ٤ / ٢٠٢ ، و : ١١ / ٣٥٧ ، وسبط ابن الجوزي في التّذكرة : ١١٥ ، ووقعة صفّين : ٢٤٧ ، والزّبير بن بكّار في المفاخرات برواية ابن أبي الحديد عنه في شرح النّهج : ٢ / ١٠٣ ، سير أعلام النّبلاء : ١ / ٢٣٧ ، ومسند أحمد : ٤ / ٤٢١ ، والمعجم الكبير : ١ / ٤٢٧ ، العقد الفريد : ٤ / ٣٤٥ ، الاستيعاب : ٤١٢ ، واسد الغابة : ٣ / ١٠٦ ، وتهذيب ابن عساكر : ١٠ / ٩٣ و : ٧ / ٢٠٦ ، والإصابة : ٢ / ٢٦٠ ، مروج الذّهب بهامش ابن الأثير : ٥ / ١٦٥ ـ ١٦٦ ، والنّزاع والتّخاصم للمقريزي : ٢٠ طبعة النّجف ، أنساب الأشراف : ١ / ٥٣٢ ، وصحيح مسلم : ٤ : / ١٩٥ ، ومسند الطّيّالسي : ح ٢٧٤٦ ، وابن كثير : ٨ / ١١٩ ، : ٤ / ١٩٥ ، وسنن ابن ماجه : ح ١٨٦٩ ، الآحاد والمثاني : ١ / ٣٧١ و : ٦ / ٩٨ ح ٣٣١٣ ، المعجم الأوسط : ٧ / ٤٨ ، مسند الشّاميّين : ١ / ٢٥٧ ح ٤٤٤ و ٤٤٥ ، الجامع الصّغير : ١ / ٤٣١ ح ٨١١ ، كنز العمّال : ٤ / ٣٠١ ح ١٠٥٩٨ وص : ٤٥٥ ح ١١٣٥٧ و : ١١ / ١٢٤ ح ٣٠٨٧٩ ، فيض القدير شرح الجامع الصّغير : ٣ / ١٠٩ ح ٢٨١١ ، تهذيب الكمال : ٣٥ / ٣٤٢ ، صحيح البخاريّ : ٣ / ٢٣٢ و : ٤ / ٥١ ، البداية والنّهاية : ٦ / ٢٤٨.

(١) تقدّم إستخراج ذلك.

(٢) إنّ ميسون ابنة بجدل الكلبية لمّا زوّجت معاوية بن أبي سفيان ، ونقلت إلى دمشق وأسكنت قصرا من قصور الخلافة ، حنّت ذات يوم إلى البادية فأنشأت هذه الأبيات. انظر ، خزانة الأدب : ٨ / ٥٠٣ ، ـ

٢١٤

وجدّه أبو سفيان أعدى أعداء الله ورسوله ، وهو الّذي قاد الحرب ضدّ الإسلام ، والقرآن في بدر ، واحد ، والأحزاب(١) .

ولادته وشكله :

ولد سنة (٢٥ ه‍) ، وكان رفيع الصّوت ، شديد السّمرة ، بدينا ، كثير اللّحم ، كثير الشّعر ، مجدّرا اصيب في صغره بالجدري بقيت آثارها إلى آخر عمره(٢) .

__________________

ـ تأريخ دمشق : ٦٥ / ٣٩٩ و : ٧٠ / ١٣٣ ، حاشية الصّبان على الأشموني : ٣ / ٣١٣ الشّاهد (٨٢٧) ، تفسير القرطبي : ٦ / ٢١٨ و : ١٥ / ٢٧٢ ، الأعلام : ٧ / ٣٣٩ ، لسان العرب : ١٣ / ٤٠٨ ، شرح الرّضيّ على الكافية : ٤ / ٥٣ ، بلاغات النّساء لابن طيفور : ١١٨ ، ولكنّه نسب الأبيات إلى زوجة يزيد بن هبيرة المحاربي أوّل أمير ولّي اليمامة لعبد الملك بن مروان فتزوّج امرأة من ولد طلبة بن قيس بن عاصم المنقري ، فقالت هذه الأبيات.

للبس عباءة وتقر عيني

أحبّ إليّ من لبس الشّفوف

وبيت تخفق الأرواح فيه

أحبّ إليّ من قصر منيف

وكلب ينبح الطّرق عني

أحبّ إليّ من هر ألوف

(١) انظر ، كنز العمّال : ١٣ / ١١٢ الطّبعة الثّانية ، و : ١٥ / ١٤٦ ، و : ٦ / ٢٢٣ الطّبعة الأولى ، تأريخ دمشق : ٢ / ٢٢٩ ح ٣٦٧ و ٣٢٧ ح ٨٣١ ، مجمع الزّوائد : ٩ / ١١٨ و ١٧٩ و ١٨٩ الفضائل لأحمد بن حنبل : ح ٢٣١ ، المستدرك للحاكم : ٣ / ١٣٩ ، و : ٤ / ٤٦٤ ، تأريخ بغداد : ١٢ / ٣٩٨ ، و : ٧ / ٢٧٩ ، المناقب للخوارزمي : ٢٦ ، ينابيع المودّة : ٥٣ و ١٣٥ ، سنن البيهقيّ : ٤ / ٧٠ ، سنن ابن ماجه : ٢ / ٥١٨ ، دلائل النّبوّة للبيهقي في ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام من تأريخ دمشق : ح ٦٢٢ و ٦١٢ ـ ٦١٤ و ٦٢٦ ـ ٦٣٠ ، المعجم الكبير للطّبراني حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : ١٢٢ ح ٤٥ و ٤٨ و ٩٥ ، كفاية الطّالب : ٢٧٩ ، أعلام النّبوّة للماوردي : ٨٣ باب ١٢ ، نظم درر السّمطين : ٢١٥ ، البداية والنّهاية لابن كثير : ٦ / ٢٣٠ ، و : ٨ / ١٩٩ ، الرّوض النّضير : ١ / ٨٩ و ٩٢ و ٩٣ ، و : ٣ / ٢٤ ، مروج الذّهب : ٢ / ٢٩٨ ، اسد الغابة : ١ / ٢٠٨ ، حلية الأولياء : ٣ / ١٣٥ ، تفسير الرّازي : ٩ / ٥٠ و ٦٧.

(٢) انظر ، تأريخ بغداد : ١٠ / ٢٨٧ ، تأريخ دمشق : ٣٧ / ١١٨ و : ٦٥ / ٣٩٧ ، تأريخ الإسلام للذّهبي : ـ

٢١٥

مهنته :

عداوة الله ورسوله ، وقتل العترة الطّاهرة ، وسبي الحرائر(١) ، وذبح الأطفال ، ونكح الأمّهات ، والبنات ، والأخوات(٢) والصّيد ، شرب الخمر ، واللّعب بالكلاب والقرود(٣) . قال عبد الله بن حنظلة : «والله ما خرجنا على يزيد حتّى خفنا أن

__________________

ـ ١ / ٢٦٧ ، سمو المعنى في سمو الذّات : ٥٩ ، المناقب والمثالب للقاضي النّعمان المغربي : ٧١ ، جواهر المطالب في مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب : ٢ / ١٤٣ ، أنساب الأشراف : ٢ / ٢ ، مروج الذّهب : ٣ / ٧٤ ، البداية والنّهاية : ٨ / ٢٣٩ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٢٠ / ١٣٣ ، الأخبار الطّوال : ٢٦٥ ، النّزاع والتّخاصم : ٥٦.

(١) انظر ، وفاء الوفاء : ١ / ١٣١ ، ينابيع المودّة : ٣ / ٣٥ ، تأريخ الطّبري : ٣ / ٣٥٨ ، الأخبار الطّوال : ٢٦٥ ، فتح الباري : ١٣ / ٧٠ ، تأريخ خليفة بن خيّاط : ١٨٣ ، تأريخ مدينة دمشق : ٥٨ / ١٠٥.

(٢) انظر ، العروبة للخالصي : ٨٦ نقلا عن رسالة «تجويز لعن يزيد» لابن الجوزي ، وأبو الشّهداء للعقّاد : ٦٠ طبعة دار الهلال. (منهقدس‌سره ).

(٣) انظر ، الفرق بين الفرق للبغدادي : ٢٥ ، الإمامة والسّيّاسة لابن قتيبة : ١ / ١٥٢ ، الكامل في التّأريخ :

٤ / ٥١. قال الإمام الحسين عليه‌السلام مخاطبا الوليد : «إنّا أهل بيت النّبوّة ، ومعدن الرّسالة ، ومختلف الملائكة ، بنا فتح الله ، وبنا ختم ، ويزيد فاسق ، فاجر ، شارب الخمر ، قاتل النّفس المحترمة ، معلن بالفسق والفجور ، ومثلي لا يبايع مثله». انظر ، مقتل الحسين للخوارزمي : ١ / ١٨٤ وزاد فيه : والله لو رام ذلك أحد لسقيت الأرض من دمه قبل ذلك ، فإن شئت ذلك فرم أنت ضرب عنقي إن كنت صادقا ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٢٥١ ، تذكرة الخواصّ لسبط ابن الجوزي : ٢٢٩ طبعة إيران ، الآداب السّلطانيّة للفخري : ٨٨ ، الكامل في التّأريخ لابن الأثير : ٤ / ٧٥ ، تأريخ ابن عساكر : ٧ / ٤٠٧ ، أنساب الأشراف : ٥ / ١٢٩ ، الفتوح : ٣ / ١٤ ، وكان يقال له ـ أي مروان ـ ولولده : بنو الزّرقاء ، يقول ذلك من يريد ذمّهم وعيبهم ، وهي الزّرقاء بنت موهب جدّة مروان بن الحكم لأبيه ، وكانت من ذوات الرّايات الّتي يستدلّ بها على بيوت البغاء ، فلهذا كانوا يذمّون بها. وقال البلاذري في أنساب الأشراف : ٥ / ١٢٦ اسمها مارية ابنة موهب وكان قينا.

انظر ، تذكرة الخواصّ : ٢٢٩ ، تأريخ ابن عساكر : ٧ / ٤٠٧ ، تأريخ الطّبري : ٨ / ١٦ ، تفسير من آية ـ

٢١٦

نرمى بالحجارة من السّماء ، إنّ رجلا ينكح الأمّهات ، والبنات ، والأخوات ، ويشرب الخمر ، ويدع الصّلاة ، والله لو لم يكن معي أحد من النّاس لأبليت لله فيه بلاء حسنا»(١) .

حكمه ومشاريعه :

تولّى الحكم بعد أبيه في رجب سنة (٦٠ ه‍)(٢) ، أمّا مشاريع دولته. ففي السّنة الأولى من حكمه قتل الحسين وأولاده وأصحابه(٣) ، وسبي نساءه ، وفي السّنة الثّانية أباح مدينة الرّسول ثلاثة أيّام(٤) ، وقتل من المهاجرين ، والأنصار ،

__________________

ـ ١٣ سورة القلم في قوله :( عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ ) وانظر ، كنز العمّال للمتقي الهندي : ١ / ١٥٦ ، روح المعاني للآلوسي : ٢٩ / ٢٨ ، الإمامة والسّياسة : ١ / ٢٢٧.

(١) انظر ، تأريخ دمشق : ٢٧ / ٤٢٩ ، تأريخ الإسلام : ٢ / ٣٥٦ ، تأريخ اليعقوبي : ٢ / ٢٥٠ ، الطّبقات الكبرى : ٥ / ٦٦ ، ينابيع المودّة : ٣ / ٣٢.

(٢) انظر ، الفتوح لابن أعثم : ٢ / ٣٧٨ ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٢٣٩ ، مروج الذّهب : ٣ / ٣ ، تأريخ خليفة : ٢٢٦ ، الإستيعاب لابن عبد البرّ القرطبي : ترجمة «٤٩٧٧» ، اسد الغابة : ترجمة «٤٩٧٧» ، الإصابة : ترجمة «٨٠٧٤» ، مآثر الإناقة : ١ / ١٠٩ ، الكامل في التّأريخ : ٢ / ٥٢٤.

(٣) انظر ، اسد الغابة : ٢ / ٢١ ، البداية والنّهاية : ٨ / ٢١٦ ، المقاتل : ٤٣ ، أنساب الأشراف : ١ / ٤٠٤ ، ابن أبي الحديد في شرح النّهج : ٤ / ١١ و ١٧ ، ابن كثير : ٨ / ٤١ ، تأريخ الخلفاء : ١٣٨ ، الإصابة ترجمة الحسن ، ابن قتيبة : ١٥٠ ، الصّواعق : ٨١ ، المسعودي في مروج الذّهب بهامش الكامل : ٢ / ٣٥٣ ، ٦ / ٥٥ ، تهذيب تأريخ دمشق لابن عساكر : ٤ / ٢٢٦ ، تأريخ اليعقوبي : ٢ / ٢٢٥ ، ابن الأثير : ٢ / ١٩٧ ، ابن شحنة بهامش ابن الأثير : ١١ / ١٣٢ ، تأريخ الدّول الإسلاميّة : ١ / ٥٣ ، تذكرة الخواصّ : ٦٢ ، تأريخ أبي الفداء : ١ / ١٩٤ ، الإستيعاب : ١ / ٣٨٩ ، تأريخ الخلفاء للسّيوطي : ٧٤ ، مستدرك الحاكم : ٣ / ١٧٦ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ١٩١ ، كشف الغمّة : ١ / ٥٨٤.

(٤) انظر ، تأريخ الخلفاء : ١٩٥ ، تأريخ الطّبري : ٥ / ٤٩١ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ـ

٢١٧

والتّابعين عشرة آلاف سوى النّساء ، والصّبيان(١) ، واستحل أعراض النّساء حتّى ولدت ألف عذراء لا يعرف لمواليدهن أب(٢) ، وفي هذه الوقعة المعروفة بوقعة

__________________

ـ ٣ / ٢٥٩ ، حواشي الشّرواني : ٦ / ٤٢٠ ، نيل الأوطار : ٧ / ٣٤٢ ، مروج الذّهب : ٣ / ٦٩ ، الكامل في التّأريخ : ٣ / ٦٣ ، أنساب الأشراف : ٥ / ٤٢ ، الإستيعاب بهامش الإصابة : ١ / ٢٥٨ ، تأريخ ابن كثير : ٢ / ٢٢١ ، الإصابة : ٣ / ٤٧٣ ، وفاء الوفا : ١ / ١٢٥ ـ ١٣٧ طبعة بيروت الثّالثة ، تأريخ الخميس : ٢ / ٣٠٢ ، تأريخ خليفة : ٢٣٦ ، تأريخ دمشق : ٤٣ / ٣٣١.

(١) انظر ، الإمامة والسّيّاسة لابن قتيبة : ١ / ١٥٢ ، الكامل : ٤ / ٥١. الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة لابن الصّباغ المالكي : ٢ / ٢٢٤ ، بتحقيقنا. أباح فيها يزيد المدينة المنوّرة ثلاثة أيّام ، ثمّ يأتي ابن عمر ويوجه جرائم يزيد حينما قال مخاطبا عبد الله بن مطيع : «سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجّة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة ...». انظر ، صحيح مسلم : ٦ / ٢٢. فهل تقبل هذه المدرسة ـ مدرسة الخلافة ـ أن يكون خليفتها يزيد بن معاوية الّذي قتل سبط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وريحانته في كربلاء ، وأباح المدينة ثلاثة أيّام ، ورمى الكعبة بالمنجنيق ، و... و...؟ وكتب معاوية العهد إلى ابنه يزيد وجعل له الخلافة من بعده وقال : «... إنّي من أجلك آثرت الدّنيا على الآخرة ، ودفعت حقّ عليّ بن أبي طالب ، وحملت الوزر على ظهري ، وإنّي لخائف أن لا تقبل وصيتي ، فتقتل خيار قومك ، ثمّ تعدّو على حرمة ربّك فتقتلهم بغير الحقّ ، ثمّ يأتيك اليوم بغتة ، فلا دنيا تصيب ، ولا آخرة تحبّ ، يا بنيّ إنّي جعلت هذا مطمعا لك ، ولولدك من بعدك وكن حازما صارما فإنّي كفيتك الجدّ ، والتّرحال ولقد وطّأت لك يا بني البلاد ، وذلّلت لك رقاب العرب الصّعاب ومهدّت لك الملك من بعدي تمهيدا ...».

انظر ، نصّ الكلام في الفتوح : ٣ / ٣٥٣ و ٣٥٤ و ٣٥٥ و ٣٥٦ و ٣٥٧ ، تأريخ الطّبريّ : ٦ / ١٧٩ و ١٨٠ بإختلاف بسيط ، الإصابة : ٤ / ١٦٩ ، تهذيب التّهذيب : ٦ / ١٧٤ ، المقتل للخوارزميّ : ١ / ١٧ ، البيان والتّبيين : ٢ / ١٠٧ ، الكامل لابن الأثير : ٤ / ٤ ، مع إختلاف في بعض الألفاظ.

(٢) انظر ، مروج الذّهب : ٣ / ٧٩. وأباح المدينة. انظر ، تأريخ الخلفاء : ٢٠٩. وحاصر عبد الملك مكّة ، وهدم الكعبة ، وأطلق يد الحجّاج في دماء المسلمين ، وبعبد الملك اقتدى أولاده ، وأحفاده ، وزادوا عليه أضعافا مضاعفة. انظر ، الإمامة والسّياسة : ٢ / ٣٢ ، مروج الذّهب للمسعودي : ٣ / ١٧٥ ، العقد الفريد : ٣ / ٢١٤. ويقول صاحب مروج الذّهب ، وصاحب العقد الفريد في أقوال النّاس في الحجّاج : ـ

٢١٨

الحرّة دخل رجل من عسكر يزيد على امرأة نفساء من نساء الأنصار ، وفي حجرها طفل رضيع فقال لها : هل من مال؟ قالت : لا والله ما تركوا لنا شيئا.

فقال لها : اعطيني وإلّا قتلتك ، وهذا الطّفل.

قالت : أنّه ولد ابن أبي كبشة الأنصاري صاحب رسول الله. فلم يكترث ، وأخذ برجل الصّبي ، وفمه في ثدي أمّه ، وجذبه من حجرها ، وضرب به الحائط ، فانتثر دماغه على الأرض(١) .

وفي السّنة الثّالثة رمى يزيد الكعبة بالمنجنيق ، وقذفها بالحجارة ، وأحرقها بالنّار(٢) .

وفاته :

مات سنة (٦٤ ه‍) بذات الجنب «السّل» لإدمانه الشّراب ، وإفراطه في الملذّات ، بات ذات ليلة سكرانا ، فأصبح ميتّا متغيّرا كأنّه مطلي بالقار. وقيل :

__________________

ـ (احصي من قتلهم الحجّاج صبرا سواء من قتل في حروبه فكانوا (١٢٠) ألفا ، وكان في حبسه (٥٠) ألف رجلا ، و (٣٠) ألف إمرأة ستة عشر منهن عاريات ، وكان يطعم المساجين كما يقول ابن الجوزي في تأريخه ، الخبز ممزوجا بالرّماد). وجاء في العقد الفريد أيضا على لسان عمر بن العزيز : (لو جاء النّاس يوم القيامة بفساقهم ، وجئنا بالحجّاج لزدنا عليهم).

(١) انظر ، الإمامة والسّياسة لابن قتيبة : ١ / ٢٣٨.

(٢) انظر ، فتح الباري : ٣ / ٤٥٥ و : ٨ / ٣٢٧ ، المستدرك على الصّحيحين : ٣ / ٦٣٦ ، التّمهيد لابن عبد البر : ١٦ / ١٤٣ ، شرح الزّرقاني : ٢ / ٣٩٧ و : ٣ / ١٥٩ ، تهذيب الأسماء : ١ / ٢٣٧ ، سبل السّلام : ٤ / ٥٤ ، المحلى : ١١ / ٩٦ و ١١٦ ، نصب الرّاية : ٣ / ٣٨٢ ، تهذيب التّهذيب : ٢ / ١٨٥ و ٣٣٨ و : ٥ / ١٨٨ ، عون المعبود : ١٢ / ١٦٦ ، سير أعلام النّبلاء : ٤ / ٣٤٣ و : ٢٢ / ٢١٨ ، أخبار مكّة : ٢ / ٣٦٠ ، تعجيل المنفعة : ١ / ٤٥٢.

٢١٩

طارد غزالا ، فوقع عن الفرس ، ودق عنقه. مات في حوارين(١) ، ونقل إلى دمشق ، ودفن بمقبرة الباب الصّغير ، وقبره الأنّ مزبلة ، وفي عهد العبّاسيّين نبش قبره ، فوجد فيه خطّ أسود ممتد من أوله إلى آخره(٢) .

قال بعض المؤلّفين : لمّا رأى الشّيطان يزيد بن معاوية تعوذ منه ، وقال : ما كنت احسب أنّ في الكون من هو أشقى منّي ، حتّى رأيت يزيد! ولكن يزيد عند مروان بن الحكم يستسقي الغمام بوجهه(٣) ! وفي كلّ عصر يزيد ، ومروان ، وليس في الدّنيا إلّا حسين واحد.

ويسوس أمر المسلمين مولّه

رجس وتصرعه الطّلا فيعربد

ويقوم باسم الدّين فيهم آمرا

من لم يطب في النّاس منه المولد

ومن العجائب أن يسود مذمم

جمّ العيوب وأن ينحّى السّيّد

يزيد والمستعمرون :

اكتشف المستشرقون يزيد بن معاوية ، وهم ينقبون عن العورات في تأريخ المسلمين ، فطاروا به فرحا ، كأنّهم اهتدوا إلى آبار غنيّة بالبترول وأخذوا

__________________

(١) حوارين بلدة بين دمشق وحمص ، ولا يزال فيها آثار رومانيّة تنبيء عن قصر فخم كان يرتاده يزيد ، وأهلها إلى الآن يطلقون عليه اسم قصر يزيد. (منهقدس‌سره ).

(٢) انظر ، تأريخ دمشق لابن عساكر : ٤٩ / ٣٦٧ و : ٥٧ / ٣٠٨ ، قبر يزيد بن معاوية في قرية قريبة من حوارين تبعد مرحلتين من تدمر. انظر ، معجم البلدان : ٢ / ٣١٥ ، تأريخ خليفة بن خيّاط : ١٩٦ ، ابن الأثير : ٤ / ٩ ، تأريخ اليعقوبي : ٢ / ٢٥١ ، وقيل : لم يعرف له قبر ، كنز العمّال : ٦ / ٦٣١ ، البداية والنّهاية : ٨ / ١٠.

(٣) تقدّمت تخريجاته.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528