الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء11%

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
ISBN: 964-465-169-3
الصفحات: 528

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء
  • البداية
  • السابق
  • 528 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 68984 / تحميل: 4508
الحجم الحجم الحجم
الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
ISBN: ٩٦٤-٤٦٥-١٦٩-٣
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

كان ينصب، و (لووا) بالتخفيف والتشديد، وهو ظاهر، والهمزة في (أستغفرت لهم) مفتوحة همزة قطع، وهمزة الوصل محذوفة، وقد وصلها قوم على أنه حذف حرف الاستفهام لدلالة أم عليه.

قوله تعالى (ليخرجن) يقرأ على تسمية الفاعل والتشديد، و (الاعز) فاعل و (الاذل) مفعول، ويقرأ على ترك التسمية والاذل على هذا حال، والالف واللام زائدة، أو يكون مفعول حال محذوفة: أى مشبها الاذل.

قوله تعالى (وأكون) بالنصب عطفا على ما قبله، وهو جواب الاستفهام، ويقرأ بالجزم حملا على المعنى، والمعنى: إن أخرتنى أكن، والله أعلم.

سورة التغابن

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (أبشر) هو مبتدأ، و (يهدوننا) الخبر، ويجوز أن يكون فاعلا أى أيهدينا بشر.

قوله تعالى (يوم يجمعكم) هو ظرف لخبير، وقيل لما دل عليه الكلام: أى تتفاوتون يوم يجمعكم، وقيل التقدير.

اذكروا يوم يجمعكم.

قوله تعالى (يهد قلبه) يقرأ بالهمز: أى يسكن قلبه.

قوله تعالى (خيرا لانفسكم) هو مثل قوله تعالى " انتهوا خيرا لكم " والله أعلم.

سورة الطلاق

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (إذا طلقتم) قيل التقدير: قل لامتك إذا طلقتم. وقيل الخطاب له صلى الله عليه وسلم ولغيره (لعدتهن) أى عند أول مايعتد لهن به وهو في قبل الطهر.

قوله تعالى (بالغ أمره) يقرأ بالتنوين والنصب وبالاضافة والجر، والاضافة غير محضة، ويقرأ بالتنوين والرفع على أنه فاعل بالغ، وقيل أمره مبتدأ، وبالغ خبره.

قوله تعالى (واللائى لم يحضن) هو مبتدأ، والخبر محذوف: أى فعدتهن كذلك، و (أجلهن) مبتدأ، و (أن يضعن) خبره، والجملة خبر أولات، ويجوز أن يكون أجلهن بدل

٢٦١

الاشتمال: أى وأجل أولات الاحمال.

قوله تعالى (أسكنوهن من حيث) من هاهنا لابتداء الغاية، والمعنى تسببوا في إسكانهن من الوجه الذى تسكنون، ودل عليه قوله تعالى (من وجدكم) والوجد الغنى، ويجوز فتحها وكسرها، ومن وجدكم بدل من " من حيث ".

قوله تعالى (رسولا) في نصبه أوجه: أحدها أن ينتصب بذكرا: أى أنزل إليكم أن ذكر رسولا. والثانى أن يكون بدلا من ذكرا، ويكون الرسول بمعنى الرسالة، و (يتلو) على هذا يجوز أن يكون نعتا، وأن يكون حالا من اسم الله تعالى.

والثالث أن يكون التقدير: ذكر أشرف رسول، أو ذكرا ذكر رسول، ويكون المراد بالذكر الشرف، وقد أقام المضاف إليه مقام المضاف.

والرابع أن ينتصب بفعل محذوف: أى وأرسل رسولا.

قوله تعالى (قد أحسن الله له) الجملة حال ثانية، أو حال من الضمير في خالدين.

قوله تعالى (مثلهن) من نصب عطفه: أى وخلق من الارض مثلهن، ومن رفع استأنفه، و (يتنزل) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون نعتا لما قبله، والله أعلم.

سورة التحريم

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (تبتغى) هو حال من الضمير في تحرم، ويجوز أن يكون مستأنفا وأصل (تحلة) تحللة، فأسكن الاول وأدغم (وإذ) في موضع نصب باذكر.

قوله تعالى (عرف بعضه) من شدد عداه إلى اثنين، والثانى محذوف: أى عرف بعضه بعض نسائه، ومن خفف فهو محمول على المجازاة لا على حقيقة العرفان لانه كان عارفا بالجميع، وهو كقوله تعالى " والله بما تعملون خبير " ونحوه: أى يجازيكم على أعمالكم.

قوله تعالى (إن تتوبا) جواب الشرط محذوف تقديره: فذلك واجب عليكما أو يتب الله عليكما، ودل على المحذوف (فقد صغت) لان إصغاء القلب إلى ذلك ذنب.

قوله تعالى (قلوبكما) إنما جمع، وهما اثنان لان لكل إنسان قلبا، وما ليس في الانسان منه إلا واحد جاز أن يجعل الاثنان فيه بلفظ الجمع، وجاز أن يجعل بلفظ التثنية، وقيل وجهه أن التثنية جمع.

٢٦٢

قوله تعالى (هو مولاه) مبتدأ وخبره خبر إن، ويجوز أن يكون هو فصلا، فأما (جبريل وصالح المؤمنين) ففيه وجهان: أحدهما هو مبتدأ، والخبر محذوف أو مواليه، أو يكون معطوفا على الضمير في مولاه أو على معنى الابتداء.

والثانى أن يكون مبتدأ (والملائكة) معطوفا عليه، و (ظهير) خبر الجميع، وهو واحد في معنى الجمع: أى ظهراء، و (مسلمات) نعت آخر وما بعده من الصفات كذلك، فأما الواو في قوله تعالى (وأبكارا) فلا بد منها، لان المعنى بعضهن ثيبات وبعضهن أبكار.

قوله تعالى (قوا) في هذا الفعل عينه لان فاء‌ه ولامه معلتان، فالواو حذفت في المضارع لوقوعها بين ياء مفتوحة وكسرة، والامر مبنى على المضارع.

قوله تعالى (لا يعصون الله) هو في موضع رفع على النعت.

قوله تعالى (توبة نصوحا) يقرأ بفتح النون، قيل هو مصدر، وقيل هو اسم فاعل: أى ناصحة على المجاز، ويقرأ بضمها وهو مصدر لا غير مثل القعود.

قوله تعالى (يقولون) يجوز أن يكون حالا، وأن يكون مستأنفا.

قوله تعالى (امرأة نوح وامرأة لوط) أى مثل امرأة نوح، وقد ذكر في يس وغيرها، و (كانتا) مستأنف، و (إذ قالت) العامل في إذ المثل، و (عندك) يجوز أن يكون ظرفا لابن، وأن يكون حالا من (بيتا).

قوله تعالى (ومريم) أى واذكر مريم، أو ومثل مريم، و (فيه) الهاء تعود على الفرج، والله أعلم.

سورة الملك

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (طباقا) واحدها طبقة، وقيل طبق، و (تفاوت) بالالف وضم الواو مصدر تفاوت، وتفوت بالتشديد مصدر تفوت وهما لغتان، و (كرتين) مصدر: أى رجعتين.

قوله تعالى (كفروا بربهم عذاب) بالرفع على الابتداء، والخبر للذين، ويقرأ بالنصب عطفا على عذاب السعير.

قوله تعالى (فسحقا) أى فالزمهم سحقا، أو فاسحقهم سحقا.

قوله تعالى (من خلق) من في موضع رفع فاعل يعلم، والمفعول محذوف أى ألا يعلم الخالق خلقه، وقيل الفاعل مضمر، ومن مفعول.

٢٦٣

قوله تعالى (النشور أأمنتم) يقرأ بتحقيق الهمزة على الاصل، وبقلبها واوا في الوصل لانضمام الراء قبلها، و (أن يخسف) و (أن يرسل) هما بدلان من بدل الاشتمال.

قوله تعالى (فوقهم صافات) يجوز أن يكون صافات حالا، وفوقهم ظرف لها، ويجوز أن يكون فوقهم حالا، وصافات حالا من الضمير في فوقهم (ويقبضن) معطوف على اسم الفاعل حملا على المعنى: أى يصففن ويقبضن: أى صافات وقابضات، و (ما يمسكهن إلا الرحمن) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا من الضمير في يقبضن، ومفعول يقبضن محذوف: أى أجنحتهن.

قوله تعالى (أمن) من مبتدأ، و (هذا) خبره، و (الذى) وصلته نعت لهذا أو عطف بيان، و (ينصركم) نعت جند محمول على اللفظ، ولو جمع على المعنى لجاز، و (مكبا) حال، و (على وجهه) توكيد، و (أهدى) خبر " من " وخبر " من " الثانية محذوف.

قوله تعالى (غورا) هو خبر أصبح أو حال إن جعلتها التامة وفيه بعد، والغور مصدر في معنى الغائر، ويقرأ " غورا " بالضم والهمز على فعول، وقلبت الواو همزة لانضمامها ضما لازما ووقوع الواو بعدها، والله أعلم.

سورة ن

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (ن والقلم) هو مثل " يس والقرآن " وقد ذكر.

قوله تعالى (بأيكم المفتون) فيه ثلاثة أوجه: أحدها الباء زائدة.

والثانى أن المفتون مصدر مثل المفعول والميسور: أى بأيكم الفتون: أى الجنون.

والثالث هى بمعنى في: أى في أى طائفة منكم الجنون.

قوله تعالى (لو تدهن فيدهنون) إنما أثبت النون لانه عطفه على تدهن ولم يجعله جواب التمنى، وفي بعض المصاحف بغير نون على الجواب.

قوله تعالى (أن كان) يقرأ بكسر الهمزة على الشرط، وبفتحها على أنها مصدرية، فجواب الشرط محذوف دل عليه (إذا تتلى) أى أن كان ذا مال يكفر، وإذا جعلته مصدرا كان التقدير: لان كان ذا مال يكفر، ولا يعمل فيه

تتلى ولا مال، لان ما بعد اذا لا يعمل فيما قبلها، و (مصبحين) حال من الفاعل في يصر منها لا في أقسموا، و (على حرد) يتعلق ب‍ (قادرين) وقادرين حال، وقيل خبر غدوا

٢٦٤

لانها حملت على أصبحوا.

قوله تعالى (عند ربهم) يجوز أن يكون ظرفا للاستقرار، وأن يكون حالا من (جنات).

قوله تعالى (بالغة) بالرفع نعت لايمان، وبالنصب على الحال، والعامل فيها الظرف الاول أو الثانى.

قوله تعالى (يوم يكشف) أى اذكر يوم يكشف، وقيل العامل فيه (خاشعة) ويقرأ " تكشف " أى شدة القيامة، وخاشعة حال من الضمير في يدعون، و (من يكذب) معطوف على المفعول أو مفعول معه.

سورة الحاقة

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (الحاقة) قيل هو خبر مبتدأ محذوف، وقيل مبتدأ ومابعده الخبر على ماذكر في الواقعة، و (ما) الثانية مبتدأ، و (أدراك) الخبر والجملة بعده في موضع نصب، و (الطاغية) مصدر كالعافية، وقيل اسم فاعل بمعنى الزائدة، و (سخرها) مستأنف أو صفة، و (حسوما) مصدر: أى قطعا لهم، وقيل هو جمع أى متتابعات، و (صرعى) حال، و (كأنهم) حال أخرى من الضمير في صرعى و (خاوية) على لغة من أنث النخل، و (باقية) نعت: أى حالة باقية، وقيل هو بمعنى بقية، و (من قبله) أى من تقدمه بالكفر، ومن قبله: أى من عنده، وفي جملته، و (بالخاطئة) أى جاء‌وا بالفعلة ذات الخطأ على النسب مثل تامر ولابن.

قوله تعالى (وتعيها) هو معطوف، أى ولتعيها، ومن سكن العين فر من الكسرة مثل فخذ، و (واحدة) توكيد لان النفخة لا تكون إلا واحدة، (وحملت الارض) بالتخفيف، وقرئ مشددا: أى حملت الاهوال، و (يومئذ) ظرف ل‍ (وقعت) و (يومئذ) ظرف ل‍ (واهية) و (هاؤم) اسم للفعل بمعنى خذوا، و (كتابيه) منصوب باقرء‌وا لا بهاؤم عند البصريين، وبهاؤم عند الكوفيين، و (راضية) على ثلاثة أوجه: أحدها هى بمعنى مرضية مثل دافق بمعنى مدفوق.

والثانى على النسب: أى ذات رضا مثل لابن وتامر.

والثالث هى على بابها، وكأن العيشة رضيت بمحلها وحصولها في مستحقها أو أنها لاحال أكمل من حالها فهو مجاز.

٢٦٥

قوله تعالى (ماأغنى عنى) يحتمل النفى والاستفهام، والهاء في هذه المواضع لبيان الحركة لتتفق رء‌وس الآى، و (الجحيم) منصوب بفعل محذوف، و (ذرعها سبعون) صفة لسلسلة، وفي تتعلق ب‍ (اسلكوه) ولم تمنع الفاء من ذلك، والتقدير ثم فاسلكوه، فثم لترتيب الخبر عن المقول قريبا من غير تراخ، والنون في (غسلين) زائدة لانه غسالة أهل النار، وقيل التقدير: ليس له حميم إلا من غسلين ولاطعام، وقيل الاستثناء من الطعام والشراب، لان الجميع يطعم بدليل قوله تعالى " ومن لم يطعمه " وأما خبر ليس هاهنا أوله، وأيهما كان خبرا فالآخر إما حال من حميم أو معمول الخبر، ولايكون اليوم خبرا لانه زمان، والاسم جثة، و (قليلا) قد ذكر في الاعراف، و (تنزيل) في يس، و (باليمين) متعلق بأخذنا أو حال من الفاعل، وقيل من المفعول.

قوله تعالى (فما منكم من أحد) من زائدة، وأحد مبتدأ، وفي الخبر وجهان: أحدهما (حاجزين) وجمع على معنى أحد، وجر على لفظ أحد، وقيل هو منصوب بما، ولم يعتد بمنكم فصلا، وأما منكم على هذا فحال من أحد، وقيل تبيين. والثانى الخبر منكم، وعن يتعلق بحاجزين، والهاء في إنه للقرآن العظيم.

سورة المعارج

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (سأل) يقرأ بالهمزة وبالالف وفيه ثلاثة أوجه: أحدها هى بدل من الهمزة على التخفيف.

والثانى هى بدل من الواو على لغة من قال: هما يتساولان.

والثالث هى من الياء من السيل، والسائل يبنى على الاوجه الثلاثة، والباء بمعنى عن وقيل هى على بابها: أى سال بالعذاب كما يسيل الوادى بالماء واللام تتعلق بواقع، وقيل هى صفة أخرى للعذاب، وقيل يسأل؟؟، وقيل التقدير، هو للكافرين، و (من) تتعلق بدافع: أى لا يدفع من جهة الله، وقيل تتعلق بواقع، ولم يمنع النفى ذلك لانه ليس فعل، و (ذى) صفة لله تعالى، و (تعرج) مستأنف، و (يوم تكون) بدل من قريب (ولايسأل) بفتح الياء: أى حميما عن حاله، ويقرأ بضمها والتقدير: عن حميم، و (يبصرونهم) مستأنف، وقيل حال وجمع الضمير على معنى الحميم، و (يود) مستأنف أو حال من ضمير المفعول أو المرفوع، و (لو) بمعنى أن.

٢٦٦

قوله تعالى (نزاعة) أى هى نزاعة، وقيل هى بدل من لظى، وقيل كلاهما خبر، وقيل خبر إن، وقيل لظى بدل من اسم إن، ونزاعة خبرها، وأما النصب فقيل هو حال من الضمير في (تدعو) مقدمة، وقيل هى حال مما دلت عليه لظى أى تتلظى نزاعة، وقيل هو حال من الضمير في لظى على أن تجعلها صفة غالبة مثل الحارث والعباس، وقيل التقدير: أعنى. وتدعو يجوز أن يكون حالا من الضمير في نزاعة إذا لم تعمله فيها، و (هلوعا) حال مقدرة، و (جزوعا) حال أخرى والعامل فيها هلوعا، وإذا ظرف لجزوعا، وكذلك (منوعا).

قوله تعالى (إلا المصلين) هو استثناء من الجنس، والمستثنى منه الانسان وهو جنس، فلذلك ساغ الاستثناء منه.

قوله تعالى (في جنات) هو ظرف ل‍ (مكرمون) ويجوز أن يكونا خبرين، و (مهطعين) حال من الذين كفروا، وكذلك (عزين) وقبلك معمول مهطعين وعزين جمع عزة، والمحذوف منه الواو، وقيل الياء، وهو من عزوته إلى أبيه وعزيته لان العزة الجماعة، وبعضهم منضم إلى بعض، كما أن المنسوب مضموم إلى المنسوب إليه.

وعن يتعلق بعزين: أى متفرقين عنهما، ويجوز أن يكون حالا.

قوله تعالى (يوم يخرجون) هو بدل من يومهم، أو على إضمار أعنى، و (سراعا) و (كأنهم) حالان، والنصب قد ذكر في المائدة (خاشعة) حال من يخرجون، والله أعلم.

سورة نوحعليه‌السلام

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (أن أنذر) يجوز أن تكون بمعنى أى، وأن تكون مصدرية، وقد ذكرت نظائره، و (طباقا) قد ذكر في الملك، و (نباتا) اسم للمصدر فيقع موقع إتبات؟؟؟ ونبت وتنبيت، وقيل التقدير: فنبتم نباتا، و (منها) يجوز أن يتعلق بتسلكوا، وأن يكون حالا، و (كبارا) بالتشديد والتخفيف بمعنى كبير، و (ودا) بالضم

والفتح لغتان، وأما (يغوث ويعوق) فلا ينصرفان لوزن الفعل والتعريف. وقد صرفهما قوم على أنهما نكرتان.

قوله تعالى (مما خطاياهم) " ما " زائدة. أى من أجل خطاياهم (أغرقوا) وأصل (ديارا) ديوار لانه فيعال من دار يدور ثم أدغم.

٢٦٧

سورة الجن

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (أوحى إلى) يقرأ أحى بغير واو وأصله وحى، يقال وحى وأوحى ثم قلبت الواو المضمومة همزة.

وما في هذه السورة من أن فبعضه مفتوح وبعضه مكسور، وفي بعضه اختلاف، فما كان معطوفا على أنه استمع فهو مفتوح لاغير لانها مصدرية. وموضعها رفع بأوحى، وماكان معطوفا على أنا سمعنا فهو مكسور لانه حكى بعد القول، وماصح أن يكون معطوفا على الهاء في به كان على قول الكوفيين على تقدير: وبأن ولا يجيزه البصريون لان حرف الجر يلزم إعادته عندهم هنا، فأما قوله تعالى " وأن المساجد لله " فالفتح على وجهين: أحدهما هو معطوف على أنه استمع فيكون قد أوحى والثانى أن يكون متعلقا بتدعو: أى فلا تشركوا مع الله أحدا لان المساجد له: أى مواضع السجود، وقيل هو جمع مسجد وهو مصدر، ومن كسر استأنف، وأما " وأنه لما قام " فيحتمل العطف على أنه استمع وعلى إنا سمعنا، و (شططا) نعت لمصدر محذوف: أى قولا شططا وكذلك (كذبا) أى قولا كذبا ويقرأ تقول بالتشديد، فيجوز أن يكون كذبا مفعولا ونعتا، و (رصدا) أى مرصدا أو ذا إرصاد، و (أشر) فاعلى فعل محذوف: أى أريد شر، و (قددا) جمع قدة مثل عدة وعدد. و (هربا) مصدر في موضع الحال.

قوله تعالى (وأن لو استقاموا) أن مخففة من الثقيلة ولو عرض كالسين وسوف وقيل " لو " بمعنى أن، وإن بمعنى اللام وليست لازمة كقوله تعالى " لئن لم ينته " وقال تعالى في موضع آخر " وإن لم ينتهوا " ذكره ابن فصال في البرهان، والهاء في (يدعوه) ضمير اسم الله: أى قام موحدا لله، و (لبدا) جمع لبدة، ويقرأ بضم اللام وفتح الباء مثل حطم وهو نعت للمبالغة، ويقرأ مشددا مثل صوم.

قوله تعالى (إلا بلاغا) هو من غير الجنس، و (من أضعف) قد ذكر أمثاله، و (من ارتضى) من استثناء من الجنس، وقيل هو مبتدأ والخبر (فإنه) و (رصدا) مفعول يسلك: أى ملائكة رصدا، و (عددا) مصدر، لان أحصى بمعنى عد، ويجوز أن يكون تمييزا، والله أعلم.

٢٦٨

سورة المزمل

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (المزمل) أصله المتزمل، فأبدلت التاء زايا وأدغمت، وقد قرئ بتشديد الميم وتخفيف الزاى، وفيه وجهان: أحدهما هو مضاعف، والمفعول محذوف: أى المزمل نفسه. والثانى هو مفتعل، فأبدلت الفاء ميما.

قوله تعالى (نصفه) فيه وجهان، أحدهما هو بدل من الليل بدل بعض من كل و (إلا قليلا) استثناء من نصفه.

والثانى هو بدل من قليلا، وهو أشبه بظاهر الآية، لانه قال تعالى " أو انقص منه أو زد عليه " والهاء فيهما للنصف، فلو كان الاستثناء من النصف لصار التقدير: قم نصف الليل إلا قليلا أو انقص منه قليلا: أى على الباقى، والقليل المستثنى غير مقدر، فالنقصان منه لايعقل.

قوله تعالى (أشد وطأ) بكسر الواو بمعنى مواطأة وبفتحها، وهو اسم للمصدر ووطأ على فعل، وهو مصدر وطئ وهو تمييز.

قوله تعالى (تبتيلا) مصدر على غير المصدر واقع موقع تبتل، وقيل المعنى بتل نفسك تبتيلا.

قوله تعالى (رب المشرق) يقرأ بالجر على البدل، وبالنصب على إضمار أعنى أو بدلا من اسم أو بفعل يفسره (فاتخذه) أى اتخذ رب المشرق، وبالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أو مبتدأ، ولاإله إلا هو الخبر.

قوله تعالى (والمكذبين) هو مفعول معه، وقيل هو معطوف، و (النعمة) بفتح النون التنعم، وبكسرها كثرة الخير.

قوله تعالى (ومهلهم قليلا) أى تمهيلا قليلا، أو زمانا قليلا.

قوله تعالى (يوم ترجف) هو ظرف للاستقرار في خبر إن، وقيل هو وصف لعذاب: أى واقعا يوم ترجف، وقيل هو ظرف لاليم. وأصل مهيل مهيول، فحذف الواو عند سيبويه وسكنت الياء، والياء عند الاخفش، وقلبت الواو ياء.

قوله تعالى (فعصى فرعون الرسول) إنما أعاده بالالف واللام ليعلم أنه الاول، فكأنه قال: فعصاه فرعون.

٢٦٩

قوله تعالى (يوم) هو مفعول تتقون، أى تتقون عذاب يوم، وقيل هو مفعول كفرتم: أى بيوم، و (يجعل الولدان) نعت اليوم، والعائد محذوف: أى فيه، و (منفطر) بغير تاء على النسب: أى ذات انفطار، وقيل ذكر حملا على معنى السقف، وقيل السماء تذكر وتؤنث.

قوله تعالى (ونصفه وثلثه) بالجر حملا على ثلثى، وبالنصب حملا على أدنى (وطائفة) معطوف على ضمير الفاعل، وجرى الفصل مجرى التوكيد.

قوله تعالى (أن سيكون) أن مخففة من الثقيلة، والسين عوض من تخفيفها وحذف اسمها، و (يبتغون) حال من الضمير في يضربون.

قوله تعالى (هو خيرا) هو فصل أو بدل أو تأكيد، وخبر المفعول الثانى.

سورة المدثر

بسم اللّه الرحمن الرحيم

(المدثر) كالمزمل، وقد ذكر.

قوله تعالى (تستكثر) بالرفع على أنه حال، وبالجزم على أنه جواب أو بدل، وبالنصب على تقدير لتستكثر، والتقدير في جعله جوابا: إنك أن لا تمنن بعملك أو بعطيتك تزدد من الثواب لسلامة ذلك عن الابطال بالمن على ماقال تعالى " لاتبطلوا صدقاتكم بالمن والاذى ".

قوله تعالى (فإذا نقر) " إذا " ظرف، وفي العامل فيه ثلاثة أوجه: أحدها هو مادل عليه (فذلك) لانه إشارة إلى النقر، و (يومئذ) بدل من إذا، وذلك مبتدأ، والخبر (يوم عسير) أى نقر يوم.

الثانى العامل فيه مادل عليه عسير: أى تعسير، ولايعمل فيه نفس عسير لان الصفة لا تعمل فيما قبلها.

والثالث يخرج على قول الاخفش، وهو أن يكون " إذا " مبتدأ، والخبر فذلك، والفاء زائدة،

فأما يومئذ فظرف لذلك، وقيل هو في موضع رفع بدل من ذلك، أو مبتدأ، ويوم عسير خبره، والجملة خبر ذلك، و (على) يتعلق بعسير أو هى نعت له، أو حال من الضمير الذى فيه، أو متعلق ب‍ (يسير) أو لما دل عليه.

٢٧٠

قوله تعالى (ومن خلقت) هو مفعول معه أو معطوف، و (وحيدا) حال من التاء في خلقت، أو من الهاء المحذوفة، أو من " من " أو من الياء في ذرنى.

قوله تعالى (لاتبقى) يجوز أن يكون حالا من سقر، والعامل فيها معنى التعظيم، وأن يكون مستأنفا: أى هى لا تبقى، و (لواحة) بالرفع: أى هى لواحة، وبالنصب مثل لا تبقى، أو حال من الضمير في أى الفعلين شئت.

قوله تعالى (جنود ربك) هو مفعول يلزم تقديمه ليعود الضمير إلى مذكور، و (أدبر) ودبر لغتان، ويقرأ إذ وإذا.

قوله تعالى (نذيرا) في نصبه أوجه: أحدها هو حال من الفاعل في قم في أول السورة.

والثانى من الضمير في فأنذر حال مؤكدة.

والثالث هو حال من الضمير في إحدى.

والرابع هو حال من نفس إحدى.

والخامس حال من الكبر أو من الضمير فيها.

والسادس حال من اسم إن.

والسابع أن نذيرا في معنى إنذار: أى فأنذر إنذارا أو إنها لاحدى الكبر لانذار البشر، وفي هذه الاقوال مالا نرتضيه ولكن حكيناها، والمختار أن يكون حالا مما دلت عليه الجملة تقديره: عظمت عليه نذيرا.

قوله تعالى (لمن شاء) هو بدل بإعادة الجار.

قوله تعالى (في جنات) يجوز أن يكون حالا من أصحاب اليمين، وأن يكون حالا من الضمير في يتساء‌لون.

قوله تعالى (لم نك من المصلين) هذه الجملة سدت مسد الفاعل، وهو جواب ماسلككم، و (معرضين) حال من الضمير في الجار، و (كأنهم) حال هى بدل من معرضين أو من الضمير فيه، و (مستنفرة) بالكسر نافرة، وبالفتح منفرة (فرت) حال، وقد معها مقدرة أو خبر آخر، و (منشرة) بالتشديد على التكثير، وبالتخفيف وسكون النون من أنشرت، إما بمعنى أمر بنشرها ومكن منه مثل ألحمتك عرض فلان، أو بمعنى منشورة مثل أحمدت الرجل: أو بمعنى أنشر الله الميت: أى أحياه، فكأنه أحيا مافيها بذكره، والهاء في إنه للقرآن أو للوعيد.

قوله تعالى (إلا أن يشاء الله) أى إلا وقت مشيئة الله عزوجل.

٢٧١

سورة القيامة

بسم اللّه الرحمن الرحيم

في (لا) وجهان: أحدهما هى زائدة كما زيدت في قوله تعالى " لئلا يعلم " والثانى ليست زائدة، وفي المعنى وجهان: أحدهما هى نفى للقسم بها كما نفى القسم بالنفس. والثانى أن لا رد لكلام مقدر، لانهم قالوا أنت مفتر على الله في قولك نبعث فقال لا، ثم ابتدأ، فقال: أقسم، وهذا كثير في الشعر، فإن واو العطف تأتى في مبادئ القصائد كثيرا يقدر هناك كلام يعطف عليه، وقرئ " لاقسم ".

وفي الكلام وجهان: أحدهما هى لام التوكيد دخلت على الفعل المضارع كقوله تعالى " وإن ربك ليحكم بينهم " وليست لام القسم. والثانى هى لام القسم ولم تصحبها النون اعتمادا على المعنى ولان خبر الله صدق، فجاز أن يأتى من غير توكيد، وقيل شبهت الجملة الفعلية بالجملة الاسمية كقوله تعالى " لعمرك إنهم لفى سكرتهم ".

قوله تعالى (قادرين) أى بل نجمعها، فقادرين حال من الفاعل، و (أمامه) ظرف: أى ليكفر فيما يستقبل، و (يسأل) تفسير ليفجر.

قوله تعالى (إلى ربك) هو خبر (المستقر) ويومئذ منصوب بفعل دل عليه المستقر، ولا يعمل فيه المستقر لانه مصدر بمعنى الاستقرار، والمعنى إليه المرجع.

قوله تعالى (بل الانسان) هو مبتدأ، و (بصيرة) خبره، وعلى يتعلق بالخبر وفي التأنيث وجهان: أحدهما هى داخلة للمبالغة: أى بصير على نفسه. والثانى هو على المعنى: أى هو حجة بصيرة على نفسه، ونسب الابصار إلى الحجة لما ذكر في بنى إسرائيل، وقيل بصيرة هنا مصدر، والتقدير: ذو بصيرة، ولايصح ذلك إلا على التبيين.

قوله تعالى (وجوه) هو مبتدأ، و (ناضرة) خبره، وجاز الابتداء بالنكرة لحصول الفائدة، ويومئذ ظرف للخبر، ويجوز أن يكون الخبر محذوفا: أى ثم وجوه وناضرة صفة، وأما (إلى) فتتعلق ب‍ (ناظرة) الاخيرة.

وقال بعض غلاة المعتزلة إلى هاهنا اسم بمعنى النعمة: أى منتظرة نعمة ربها، والمراد أصحاب الوجوه.

قوله تعالى (إذا بلغت) العامل في إذا معنى " إلى ربك يومئذ المساق " أى إذا بلغت الحلقوم رفعت إلى الله تعالى، و (التراقى) جمع ترقوة، وهى فعلوة وليست

٢٧٢

بتفعلة إذ ليس في الكلام ترق، و (من) مبتدأ، و (راق) خبره: أى من يرقيها ليبرئها: وقيل من يرفعها إلى الله عزوجل أملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب؟.

قوله تعالى (فلا صدق) لا بمعنى ما و (يتمطى) فيه وجهان: أحدهما الالف مبدلة من طاء، والاصل يتمطط: أى يتمدد في مشيه كبرا. والثانى هو بدل من واو والمعنى يمد مطاه: أى ظهره.

قوله تعالى (أولى لك) وزن أولى فيه قولان: أحدهما فعلى، والالف للالحاق لا للتأنيث. والثانى هو أفعل، وهو على القولين هنا علم، فلذلك لم ينون، ويدل عليه ماحكى عن أبى زيد في النوادر هى أولاة بالتاء غير مصروف، فعلى هذا يكون أولى مبتدأ ولك الخبر. والقول الثانى أنه اسم للفعل مبنى، ومعناه وليك شر بعد شر ولك تبيين، و (سدى) حال وألفه مبدلة من واو (يمنى) بالياء على أن الضمير للمنى، فيكون في موضع جر، ويجوز أن يكون للنطفة لان التأنيث غير حقيقى، والنطفة بمعنى الماء فيكون في موضع نصب كالقراء‌ة بالتاء، و (الذكر والانثى) بدل من الزوجين، و (يحيى) بالاظهار لاغير، لان الياء لو أدغمت للزم الجمع بين ساكنين لفظا وتقديرا، والله أعلم.

سورة الانسان

بسم اللّه الرحمن الرحيم

في (هل) وجهان: أحدهما هى بمعنى قد. والثانى هى استفهام على بابها والاستفهام هنا للتقرير أو التوبيخ، و (لم يكن شيئا) حال من الانسان، و (أمشاج) بدل أو صفة، وهو جمع مشيج، وجاز وصف الواحد بالجمع هنا لانه كان في الاصل متفرقا ثم جمع: أى نطفة أخلاط، و (نبتليه) حال من الانسان، أو من ضمير الفاعل.

قوله تعالى (إما شاكرا) إما هاهنا لتفصيل الاحوال، وشاكرا وكفورا حالان أى يناله في كلتا حالتيه.

قوله تعالى (سلاسل) القراء‌ة بترك التنوين، ونونه قوم أخرجوه على الاصل، وقرب ذلك عندهم شيئان: أحدهما إتباعه مابعده. والثانى أنهم وجدوا في الشعر مثل ذلك منونا في الفواصل، وإن هذا الجمع قد جمع كقول الراجز: * قد جرت الطير أيا منينا * قوله تعالى (من كأس) المفعول محذوف: أى خمرا أو ماء من كأس، وقيل " من " زائدة، و (كان مزاجها) نعت لكأس، وأما (عينا) ففي نصبها أوجه: أحدها هو بدل من موضع من

٢٧٣

كأس.

والثانى من كافور: أى ماء عين أو خمر عين.

والثالث بفعل محذوف: أى أعنى والرابع تقديره: أعطوا عينا.

والخامس يشربون عينا وقد فسره مابعده.

قوله تعالى (يشرب بها) قيل الباء زائدة، وقيل هى بمعنى " من " وقيل هو حال أى يشرب ممزوجا بها، والاولى أن يكون محمولا على المعنى، والمعنى يلتذ بها، و (يفجرونها) حال.

قوله تعالى (يوفون) هو مستأنف ألبتة.

قوله تعالى (متكئين فيها) يجوزأن يكون حالا من المفعول في جزاهم، وأن يكون صفة لجنة، و (لا يرون) يجوز أن يكون حالا من الضمير المرفوع في متكئين وأن يكون حالا أخرى، وأن يكون صفة لجنة، وأما (ودانية) ففيه أوجه: أحدها أن يكون معطوفا على لا يرون أو على متكئين، فيكون فيه من الوجوه ما في المعطوف عليه. والثانى أن يكون صفة لمحذوف تقديره: وجنة دانية، وقرئ ودانية بالرفع على أنه خبر، والمبتدأ (ظلالها) وحكى بالجر: أى في جنة دانية، وهو ضعيف لانه عطف على المجرور من غير إعادة الجار، وأما ظلالها فمبتدأ، وعليهم الخبر على قول من نصب دانية أو جره، لان دنا يتعدى بإلى، ويجوز أن يرتفع بدانية لان دنا وأشرف بمعنى، وأما (وذللت) فيجوز أن يكون حالا: أى وقد ذللت، وأن يكون مستأنفا.

قوله تعالى (قواريرا قوارير) يقرآن بالتنوين وبغير التنوين وقد ذكر، والاكثرون يقفون على الاول بالالف لانه رأس آية. وفي نصبه وجهان: أحدهما هو خبر كان والثانى حال، وكان تامة: أى كونت، وحسن التكرير لما اتصل به من بيان أصلها، ولولا التكرير لم يحسن أن يكون الاول رأس آية لشدة اتصال الصفة بالموصوف، و (قدروها) يجوز أن يكون نعتا لقوارير، وأن يكون مستأنفا، و (عينا) فيها من الوجوه ما تقدم في الاول والسلسبيل كلمة واحدة ووزنها فعليل(١) مثل إدريس.

_____________________

(١) قوله (ووزنها فعليل) أى لان الباء زائدة كما في البيضاوى اه‍. (*)

٢٧٤

قوله تعالى (عاليهم) فيه قولان: أحدهما هو فاعل، وانتصب على الحال من المجرور في عاليهم، و (ثياب سندس) مرفوع به: أى يطوف عليهم في حال علو السندس، ولم يؤنث عاليا لان تأنيث الثياب غير حقيقى والقول الثانى هو ظرف لان عاليهم جلودهم، وفي هذا القول ضعف، ويقرأ بسكون الياء إما على تخفيف المفتوح المنقوص، أو على الابتداء والخبر، ويقرأ " عاليتهم " بالتاء وهو ظاهر، و (خضر) بالجر صفة لسندس، وبالرفع لثياب (وإستبرق) بالجر عطفا على سندس، وبالرفع على ثياب.

قوله تعالى (أو كفورا) أو هنا على بابها عند سيبويه، وتفيد في النهى المنع من الجميع، لانك إذا قلت في الاباحة جالس الحسن أو ابن سيرين كان التقدير: جالس أحدهما، فإذا نهى قال لاتكلم زيدا أو عمرا، فالتقدير: لاتكلم أحدهما. فأيهما كلمه كان أحدهما فيكون ممنوعا منه، فكذلك في الآية، ويئول المنع إلى تقدير: فلا تطع منهما آثما ولا كفورا.

قوله تعالى (إلا أن يشاء الله) أى إلا وقت مشيئة الله أو إلا في حال مشيئة الله عزوجل (والظالمين) منصوب بفعل محذوف تقديره: ويعذب الظالمين، وفسره الفعل المذكور، وكان النصب أحسن لان المعطوف عليه قد عمل فيه الفعل وقرئ بالرفع على الابتداء، والله أعلم.

سورة المرسلات

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الواو الاولى للقسم، وما بعدها للعطف، ولذلك جاء‌ت الفاء، و (عرفا) مصدر في موضع الحال: أى متتابعة، يعنى الريح، وقيل المراد الملائكة فيكون التقدير بالعرف أو للعرف، و (عصفا) مصدر مؤكد، و (ذكرا) مفعول به، وفي (عذرا أو نذرا) وجهان: أحدهما مصدران يسكن أوسطهما ويضم. والثانى هما جمع عذير ونذير، فعلى الاول ينتصبان على المفعول له، أو على البدل من ذكرا، أو بذكرا، وعلى الثانى هما حالان من الضمير في الملقيات: أى معذرين ومنذرين.

قوله تعالى (إنما) " ما " هاهنا بمعنى الذى، والخبر (لواقع) ولا تكون " ما " مصدرية هنا ولا كافة.

قوله تعالى (فإذا النجوم) جواب إذا محذوف تقديره: بأن الامر أو فصل، ويقال لاى

٢٧٥

يوم، وجوابها العامل فيها، ولا يجوز أن يكون (طمست) جوابا لانه الفعل المفسر لمواقع النجوم الكلام لا يتم به، والتقدير: فإذا طمست النجوم ثم حذف الفعل استغناء عنه بما بعده.

وقال الكوفيون: الاسم بعد إذا مبتدأ، وهو بعيد لما في إذا من معنى الشرط المتقاضى بالفعل قوله تعالى (وقتت) بالواو على الاصل، لانه من الوقت، وقرئ بالتخفيف، ودل عليه قوله تعالى " كتابا موقوتا " وقرئ بالهمز لان الواو قد ضمت ضما لازما فهرب منها إلى الهمزة.

قوله تعالى (لاى يوم) أى يقال لهم، و (ليوم الفصل) تبيين لما قبله.

قوله تعالى (ويل) هو مبتدأ، و (يومئذ) نعت له أو ظرف له، و (للمكذبين) الخبر.

قوله تعالى (ثم نتبعهم) الجمهور على الرفع: أى ثم نحن نتبعهم، وليس بمعطوف لان العطف يوجب أن يكون المعنى أهلكنا المجرمين ثم أتبعناهم الآخرين في الهلاك، وليس كذلك لان إهلاك الآخرين لم يقع بعد، وقرئ بإسكان العين شاذا. وفيه وجهان: أحدهما هو على التخفيف لا على الجزم. والثانى هو مجزوم، والمعنى: ثم أتبعناهم الآخرين في الوعد بالاهلاك، أو أراد بالآخرين آخر من أهلك.

قوله تعالى (إلى قدر) هو في موضع الحال: أى مؤخرا إلى قدر، و (قدرنا) بالتخفيف أجود لقوله تعالى (فنعم القادرون) ولم يقل المقدرون، ومن شدد الفعل نبه على التكثير، واستغنى به عن التكثير بتشديد الاسم، والمخصوص بالمدح محذوف: أى فنعم القادرون نحن.

قوله تعالى (كفاتا) جمع كافت مثل صائم وصيام وقيل هو مصدر مثل كتاب وحساب، والتقدير: ذات كفت أى جمع، وأما (أحياء) ففيه وجهان،: أحدهما هو مفعول كفاتا. والثانى هو المفعول الثانى لجعلنا: أى جعلنا بعض الارض أحياء بالنبات، وكفاتا على هذا حال والتاء في فرات أصل.

قوله تعالى (لاظليل) نعت لظل، و (القصر) بسكون الصاد، وهو المشهور وهو المبنى، ويقرأ بفتحها وهو جمع قصرة وهى أصل النخلة والشجرة، و (جمالات) جمع جمالة وهو اسم الجمع مثل الزكارة والحجارة والضم لغة.

قوله تعالى (هذا) هو مبتدأ، و (يوم لاينطقون) خبره، ويقرأ بفتح الميم وهو نصب على الظرف: أى هذا المذكور في يوم لاينطقون. وأجاز الكوفيون أن يكون مرفوع الموضع

٢٧٦

مبنى اللفظ لاضافته إلى الجملة.

قوله تعالى (فيعتذرون) في رفعه وجهان: أحدهما هو نفى كالذى قبله: أى فلا يعتذرون. والثانى هو مستأنف: أى فهم يعتذرون فيكون المعنى أنهم لاينطقون نطقا ينفعهم: أى لاينطقون في بعض المواقف وينطقون في بعضها، وليس بجواب النفى، إذ لو كان كذلك لحذف النون.

قوله تعالى (قليلا) أى تمتعا أو زمانا، والله أعلم.

سورة التساؤل (عم)

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قد ذكرنا حذف ألف ما في الاستفهام، و (عن) متعلقة ب‍ (يتساء‌لون) فأما (عن) الثانية فبدل من الاولى، وألف الاستفهام التى ينبعى أن تعاد محذوفة، أو هى متعلقة بفعل آخر غير مستفهم عنه: أى يتساء‌لون عن النبأ (الذى) يحتمل الجر والنصب والرفع، و (أزواجا) حال: أى متجانسين متشابهين.

قوله تعالى (ألفافا) هو جمع لف مثل جذع وأجذاع، وقيل هو جمع لف ولف جمع لفاء.

قوله تعالى (يوم ينفخ) هو بدل من يوم الفصل أو من ميقات، أو هو منصوب بإضمار أعنى، و (أفواجا) حال.

قوله تعالى (للطاغين) يجوز أن يكون حالا من (مآبا) أى مرجعا للطاغين، وأن يكون صفة لمرصادا، وأن تتعلق اللام بنفس مرصادا، و (لابثين) حال من الضمير، في الطاغين حال مقدرة، و (أحقابا) معمول لابثين، وقيل معمول (لا يذوقون) ويراد أحقابا هنا الابد ولا يذوقون حال أخرى، أو حال من الضمير في لابثين، و (جزاء‌ا) مصدر. أى جوزوا جزاء بذلك، و (كذابا) بالتشديد مصدر كالتكذيب، وبالتخفيف مصدر كذب إذا تكرر منه الكذب، وهو في المعنى قريب من كذب (وكل شئ) منصوب بفعل محذوف، و (كتابا) حال: أى مكتوبا، ويجوز أن يكون مصدرا على المعنى، لان أحصيناه بمعنى كتبناه، و (حدائق) بدل من مفازا، و (لا يسمعون) حال من الضمير في خبر إن ويجوز أن يكون مستأنفا، و (عطاء) اسم للمصدر وهو بدل من جزاء و (رب السموات) بالرفع على الابتداء، وفي خبره وجهان: أحدهما (الرحمن) فيكون ما بعده خبرا آخر أو مستأنفا.

٢٧٧

والثانى الرحمن نعت، و (لا يملكون) الخبر، ويجوز أن يكون رب خبر مبتدأ محذوف: أى هو رب السموات، والرحمن وما بعده مبتدأ وخبر، ويقرأ " رب " والرحمن بالجر بدلا من ربك.

قوله تعالى (يوم يقوم) يجوز أن يكون ظرفا للايملكون ولخطابا (ولايتكلمون) (وصفا) حال قوله تعالى (يوم ينظر) أى عذاب يوم، فهو بدل، ويجوز أن يكون صفة لقريب، والله أعلم.

سورة والنازعات

بسم اللّه الرحمن الرحيم

(غرقا) مصدر على المعنى، لان النازع المغرق في نزع السهم أو في جذب الروح وهو مصدر محذوف الزيادة: أى إغراقا، و (أمرا) مفعول، وقيل حال: أى يدبرون مأمورات، و (يوم ترجف) مفعول: أى اذكر، ويجوز أن يكون ظرفا لما دل عليه راجفة أو خاشعة: أى يخاف يوم ترجف، و (تتبعها) مستأنف.

أو حال من الراجفة.

قوله تعالى (يقولون) أى يقول أصحاب القلوب والابصار.

قوله تعالى (اذهب) أى قال اذهب، وقيل التقدير: إن ذهب فحذف إن.

قوله تعالى (إلى أن تزكى) لما كان المعنى أدعوك جاء بإلى.

قوله تعالى (نكال الآخرة) في نصبه وجهان: أحدهما هو مفعول له. والثانى هو مصدر لان أخذه ونكل به هنا بمعنى. فأما جواب القسم فقيل هو (إن في ذلك لعبرة) وقيل هو محذوف تقديره: لتبعثن.

قوله تعالى (أم السماء) هو مبتدأ، والخبر محذوف: أى أم السماء أشد، و (بناها) مستأنف، وقيل حال من المحذوف (والارض) منصوب بفعل محذوف أى ودحا الارض، وكذلك (والجبال) أى وأرسى الجبال، و (متاعا) مفعول له أو مصدر.

قوله تعالى (فإذا جاء‌ت) العامل فيها جوابها، وهو معنى قوله تعالى " يوم يتذكر "

قوله تعالى (هى المأوى) أى هى المأوى له، لا بد من ذلك ليعود على " من " من الخبر ضمير، وكذلك (المأوأى) الثانى والهاء في (ضحاها) ضمير العشية مثل قولك في ليلة ويومها.

٢٧٨

سورة عبس

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (أن جاء‌ه) أى لان جاء‌ه.

قوله تعالى (فتنفعه) بالرفع عطفا على يذكر، وبالنصب على جواب التمنى في المعنى، ويقرأ، و (تصدى) يتفعل من الصدى وهو الصوت: أى لا يناديك إلا أجبته، ويجوز أن تكون الالف بدلا من دال، ويكون من الصدد، وهو الناحية والجانب، و (إنها) الضمير للموعظة، والضمير في الفعل للقرآن، و (في صحف) حال من الهاء، ويجوز أن يكون نعتا للتذكرة، وأن يكون التقدير: هو أو هى في صحف، وكذلك (بأيدى) و (من نطفة) متعلق بخلق الثانية. وماأكفره تعجب أو استفهام.

قوله تعالى (ثم السبيل) هو مفعول فعل محذوف: أى ثم يسر السبيل للانسان، ويجوز أن ينصب بأن مفعول ثان ليسره، والهاء للانسان: أى يسره السبيل: أى هداه له.

قوله تعالى (ما أمره) " ما " بمعنى الذى، والعائد محذوف: أى ماأمره به، والله أعلم.

قوله تعالى (أنا صببنا) بالكسر على الاستئناف، وبالفتح على البدل من طعامه أو على تقدير اللام (فإذا جاء‌ت الصاخة) مثل جاء‌ت الطامة، وقيل العامل في إذا معنى (لكل امرئ) والله أعلم.

سورة التكوير

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (إذا الشمس) أى إذا كورت الشمس، وجواب إذا (علمت نفس) و (الجوارى) صفة للخنس.

قوله تعالى (عند ذى العرش) يجوز أن يكون نعتا لرسول، وأن يكون نعتا لمكين، و (ثم) معمول مطاع، وقرئ بضم الثاء، والهاء في (رآه) لجبريل عليه السلام، و (بظنين) بالظاء: أى بمتهم، وبالضاد: أى ببخيل، وعلى تتعلق به على الوجهين.

قوله تعالى (فأين تذهبون) أى إلى أين، فحذف حرف الجر كما قالوا ذهبت الشام، ويجوز أن يحمل.

على المعنى كأنه قال: أين تؤمنون، و (لمن شاء) بدل بإعادة الجار، و (إلا أن يشاء الله) أى إلا وقت مشيئته، والله أعلم.

٢٧٩

سورة الانفطار

بسم اللّه الرحمن الرحيم

جواب (إذا علمت) و (ما غرك) استفهام لا غير، ولو كان تعجبا لقال ما أغرك. و (عدلك) بالتشديد قوم خلقك، وبالتخفيف على هذا المعنى، ويجوز أن يكون معناه صرفك على الخلقة المكروهة.

قوله تعالى (ماشاء) يجوز أن تكون " ما " زائدة، وأن تكون شرطية، وعلى الامرين الجملة نعت لصورة، والعائد محذوف: أى ركبك عليها، وفي تتعلق بركبك وقيل لا موضع للجملة لان في تتعلق بأحد الفعلين، فالجميع كلام واحد، وإنما تقدم الاستفهام عن ماهو حقه، و (كراما) نعت، و (يعلمون) كذلك، ويجوز أن يكون حالا: أى يكتبون عالمين.

قوله تعالى (يصلونها) يجوز أن يكون حالا من الضمير في الخبر، وأن يكون نعتا لجحيم.

قوله تعالى (يوم لا تملك) يقرأ بالرفع: أى هويوم، وبالنصب على تقدير أعنى يوم، وقيل التقدير: يجازون يوم، ودل عليه ذكر الدين، وقيل حقه الرفع،

ولكن فتح على حكم الظرف كقوله تعالى " ومنا دون ذلك " وعند الكوفيين هو مبنى على الفتح، والله أعلم.

سورة التطفيف

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (كالوهم) " في " هم وجهان: أحدهما هو ضمير مفعول متصل، والتقدير: كالوا لهم، وقيل هذا الفعل يتعدى بنفسه تارة وبالحرف أخرى، والمفعول هنا محذوف: أى كالوهم الطعام ونحو ذلك، وعلى هذا لايكتب كالواو وزنوا بالالف والوجه الثانى أنه ضمير منفصل مؤكد لضمير الفاعل، فعلى هذا يكتبان بالالف.

قوله تعالى (ألا يظن) الاصل لا النافية دخلت عليها همزة الاستفهام، وليست ألا التى للتنبيه، لان ما بعد تلك مثبت، وهاهنا هو منفى.

قوله تعالى (يوم يقوم الناس) هو بدل من موضع الجار والمجرور، وقيل التقدير: يبعثون يوم يقوم الناس، وقيل التقدير: أعنى، وقيل هو مبنى وحقه الجر أو الرفع، والنون في (سجين) أصل من السجن وهو الحبس، وقيل هو بدل من اللام.

٢٨٠

الإنتساب إلى النّبيّ

ليس من شك أنّ القربى من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليست بالشّيء اليسير ، ولكن ما هي هذه القربى؟. وبأي شيء ينال الإنسان شرفها؟. هل يناله لمجرد الإنتساب بالولادة إلى محمّد ، أو لا بدّ من شيء آخر؟.

الجواب :

أنّ من انتسب إلى رسول الله بالولادة أشبه بمن انتسب إلى الإسلام ، لنطقه بالشّهادتين فمن قال : لا إله إلّا الله ، محمّد رسول الله تصحّ نسبته شرعا إلى الإسلام ، ولو فعل ما فعل وكذا من ولدته فاطمة الزّهراءعليها‌السلام تصّح نسبته إلى محمّد واقعا ، ولغة ، وعرفا ، ولو كان بينه وبينه ألف واسطة وواسطة(١) .

ولكن إذا اعتبر الإسلام الشّهادتين أساسا وركنا من أركانه ، فليس معنى ذلك أنّ هذه هي حقيقة الإسلام ، وكفى ، وأنّه في واقعة لا يعدو الشّكل والكلام ، كيف؟. ولو كانت هذه حقيقته ، وهذا واقعه لإستوى عند الله سبحانه الأئمّة والمقلّدون ، والمجاهدون ، والمتخلفون ما داموا جميعا يشهدون لله بالوحدانية ، ولمحمّد بالرّسالة.

__________________

(١) وقيل : مع كثرة الواسطات تصّح النّسبة لغة ، لا عرفا ، لأنّه مع بعد الزّمن وطول السّلسلة تكون النّسبة إلى الجدّ الأوّل تماما كنسبة أبناء هذا الجيل ومن بعده إلى أبي البشر آدم.

٢٨١

أنّ المسلم منه العالم والجاهل ، ومنه العادل وغير العادل ، ومنه المجاهد والقاعد ، ولكلّ درجته ومرتبته عند الله سبحانه ، وأحكامه الخاصّة في هذه الحياة فالعالم يرجع إليه في معرفة الشّريعة وفصل الخصومات ، والعادل يؤتّم به في الصّلاة ، ويؤخذ بحديثه وشهادته ، والمجاهد يعطي الأفضليّة في كثير من الحقوق الماديّة والأدبيّة.

أجل ، هناك آثار وأحكام تعم الجميع بالسّواء ، وبدون استثناء ، فكلّ من قال : لا إله إلّا الله محمّد رسول الله حفظ ماله ودمه ، وجرت عليه أحكام الزّواج والمواريث ، وكان له ما للمسلمين ، وعليه ما عليهم في الشّؤون العامّة وكذلك من انتسب بالولادة من طريق الأب إلى هاشم منه الصّالح والطّالح ولكلّ درجته وأحكامه الخاصّة ، ويشترك الجميع في بعض الأحكام من أخذ الأخماس ، والنّذورات ، والأوقاف الخاصّة بالسّادات المنتسبين ، وحرمان المنتسب من الزّكاة إلّا من منتسب مثله(١) . هذا ما يمتاز به المنتسب على غيره يأخذ من أموال الأغنياء ما يسد به حاجته وكفى أمّا أن يفخر ويعتز ، أمّا أن يشمخ ويعلو لمجرد الإنتساب فلا.

وهنا سؤال يفرض نفسه ، وهو إذا كان الأمر كذلك ، فعلام أمر الله ورسوله بمودّة القربى وطاعتهم والتّمسك بحبلهم؟.

ونجد الجواب في خطبة خطبها الحسينعليه‌السلام في مكّة وهو متوجّه إلى العراق ،

__________________

(١) يقول الشّيعة : أنّ لله حقوقا في أموال الأغنياء تنفق على المعوزين ، وفي وجوه البر والصّالح العام ، ويقسمون هذه الحقوق على نوعين : نوع يسمّونه الزّكاة ، وآخر يسمّونه الخمس ، وللفقير المنتسب إلى هاشم من طريق الأب إن يأخذ من الخمس ، سواء أكان الغني الّذي يعطي الخمس منتسبا أو غير منتسب ، أمّا الزّكاة فليس للمنتسب أن يأخذ منها إلّا إذا كان المعطي لها منتسبا مثل الآخذ.

٢٨٢

فقد جاء فيها : «الحمد لله ما شاء الله ، ولا قوّة إلّا بالله ، وصلّى الله على رسوله ، خطّ الموت على ولد آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة ، وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف وخير لي مصرع أنا لاقيه ، كأنّي بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النّواويس ، وكربلاء فيملأنّ منّي أكراشا جوفا ، وأجربة سغبا ، لا محيص عن يوم خطّ بالقلم ، رضا الله رضانا أهل البيت نصبر على بلائه ويوفينا أجور الصّابرين ، لن تشذّ عن رسول الله لحمته بل هي مجموعة له في حظيرة القدس تقرّبهم عينه ، وينجز بهم وعده ، من كان باذلا فينا مهجته ، وموطّنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فإنّني راحل ، مصبحا إنّ شاء الله تعالى»(١) . فالقربى الّذين أمر الله بمودّتهم وطاعتهم هم أهل بيت الرّسول خاصّة ، وليس كلّ من انتسب إلى النّبيّ أو إلى جدّه هاشم بالولادة وأهل بيته هم الّذين لا يشذون عنه في قول أو فعل ، هم المثل الأكمل لشخص الرّسول وعلومه وأخلاقه ، وجميع مبادئه ، فإذا تكلموا نطقوا بلسانه ، وإذا فعلوا عبّروا عن رسالته ، ولا شيء أدل على ذلك من حديث الثّقلين الّذين أوجب التّمسك بهم ، تماما كما أوجب التّمسك بكتاب اللهعزوجل .

وهل لمنتسب ـ غير الأئمّة الأطهار ـ أن يدّعي ويقول تجب مودّتي وطاعتي على النّاس محتجّا بهذا الحديث وآية التّطهير وما إليهما؟

أنّ الّذين تجب طاعتهم ومودّتهم هم آل البيت الّذين حدّدهم سيّد الشّهداء بقوله : «رضا الله رضانا أهل البيت» ثمّ أومأ إلى سبب هذا الرّضا بقوله : «لن تشذّ عن رسول الله لحمته» فهم من الرّسول ، والرّسول منهم ، وهو لا يغضب ولا

__________________

(١) تقدّمت تخريجاته.

٢٨٣

يرضى إلّا لله فهم كذلك ، حيث لا شذوذ ولا انفصال.

وبالتالي ، فإنّ الإنتساب إلى النّبيّ بالإسم واللّفظ يصحّ لمجرد الولادة ، أمّا الإنتساب إليه بالرّوح فيبحث ـ أوّلا وقبل كلّ شيء ـ عن دلائله في النّوايا والأعمال الّتي ترضي الله سبحانه ، لا في سلسلة الآباء والأجداد.

٢٨٤

في بيت فاطمة

ولدت زينب الحوراء في بيت لا شيء فيه من الدّنيا وزخرفها ، وفيه من التّقى والصّلاح كلّ شيء رأت النّور في هذا البيت الطّاهر الّذي ضمّ أباها سيّد الوصيّين ، وأمّها سيّدة نساء العالمين(١) ، وأخويها ريحانتي رسول ربّ العالمين(٢) استقبل بيت فاطمة أبناءه الثّلاثة في ثلاث سنوات : الحسن سنة (٣ ه‍) ، والحسين سنة (٤ ه‍) ، وزينب سنة (٥ ه‍)(٣) .

__________________

(١) انظر ، مسند أحمد : ٥ / ٣٩١ ، و : ٣ / ٣ و ٦٢ و ٨٢ ، صحيح التّرمذي : ٢ / ٣٠٦ ، و : ٥ / ٣٢٦ باب ١١٠ ح ٣٨٧٠ ، كنز العمّال : ١٢ / ١١٢ و ٦ / ٢١٧ و ٢١٨ ، تأريخ دمشق : ٧ / ١٠٢.

(٢) هذه الكلمة مأخوذة من سورة الواقعة ٨٨ و ٨٩ :( فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ ) . ويشير إليها بقوله «من الدّنيا» فهو ريحانة رسول الله في الدّنيا في قبال ريحان الجنّة في الجنّة للمقّربين. انظر ، مطالب السّؤول في مناقب آل الرّسول : ٢٤٠ ، صحيح البخاري : ٢ / ١٨٨ ، و : ٤ / ٢١٧ ، سنن التّرمذي : ٥٣٩ ، خصائص النّسائي : ٢٦ ، الإستيعاب : ١ / ٣٨٥. صحيح التّرمذي : ٢ / ٣٠٦ ، ٥ / ٣٢٢ / ٣٨٥٩ ، البخاري في الأدب المفرد : ١٤ ، مسند أحمد : ٢ / ٨٥ و ٩٣ و ١١٤ و ١٥٣ ، مسند الطّيالسي : ٨ / ٢٦٠ ، حلية الأولياء : ٥ / ٧٠ ، و : ٣ / ٢٠١ ، خصائص النّسائي : ٣٧ ، فتح الباري في شرح البخاري : ٨ / ١٠٠ ، كنز العمّال : ٦ / ٢٢٠ ـ و ٢٢٢ ، و : ٧ / ١٠٩ و ١١٠ ، و : ١٢ / ١١٣ / ٣٤٢٥١ ، مجمع الزّوائد : ٩ / ١٨١ ، ذخائر العقبى : ٤١ ، مستدرك الصّحيحين : ٣ / ١٦٥ ، الرّياض النّضرة : ٢ / ٢٣٢ ، الصّواعق المحرقة : ١٩١ ب ١١ فصل ٣ ، مودّة القربى : ٣٤ ، ينابيع المودّة : ٢ / ٤٨ و ٣٧ و ٣٢٩ ، و : ٣ / ١٠ طبعة اسوة.

(٣) تقدّمت تخريجاته. وانظر ، السّيرة لابن إسحاق : ٢٢٦ ، صحيح البخاري : ٣ / ١٣٦٠ ح ٣٥٠٦ و : ـ

٢٨٥

وكان النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يصبر عن بيته هذا ، ولا يشغله عنه شاغل ، بخاصّة بعد أن نبتت فيه رياحينه فإذا دخله قبل هذا ، وشمّ ذاك ، وابتسم لتلك ودخله ذات يوم فأخذ الحسن وحمله ، فأخذ عليّ الحسين وحمله ، فأخذت فاطمة زينب وحملتها(١) ، فاهتزّت أركان البيت طربا لجو الصّفوة المختارة ، وابتهاج الرّسول بآله ، وابتهاجهم به وتدلنا هذه الظّاهرة وكثير غيرها أنّ محمّدا كان أكثر الأنبياء غبطة وسعادة بأهل بيته ، كما أنّه كان أشدّهم بلاء بقومه من أمثال أبي جهل ، وأبي سفيان.

ولدت الحوراء في هذا البيت ، حيث كان النّبيّ يبتهج ، وينعم فيه بالسّكينة والإطمئنان ، ورضعت من ثدي الطّهر ، من بضعة الرّسول الأعظم ، ودرجت مع أخويها سيّدي شباب أهل الجنّة(٢) ، وأخذت العلم عن أبيها باب مدينة العلم(٣) ،

__________________

ـ ٤ / ١٥٥٥ ح ٤٠١٦ و : ٥ / ٢٤ ، تهذيب الكمال : ١٤ / ٣٦٩ ، الاستيعاب : ١ / ٢٤٢ ، الطّبقات الكبرى : ٤ / ٣٩ ، الإصابة : ١ / ٤٨٧ ، تهذيب الأسماء : ١ / ١٥٥ ، التّرغيب والتّرهيب : ٢ / ٢٠٦ ح ٢١١٧ ، مجمع الزّوائد : ٩ / ٢٧٣ ، المعجم الكبير : ٢ / ١٠٧ ح ١٤٦٧ و : ١١ / ٣٦٢ ح ١٢٠٢٠ ، أنساب الأشراف : ٢ / ١٨٩ ، تأريخ اليعقوبي : ٢ / ٢١٣ ، تأريخ الطّبري : ٥ / ١٥٣.

(١) انظر ، بحار الأنوار : ١٠ / ٥٨. (منهقدس‌سره ).

(٢) تقدّمت تخريجاته.

(٣) لقد وصل إلينا حديث «أنا مدينة العلم وعليّ بابها» متواترا عن طريق الشّيعة ، والسّنّة كما صرح بذلك أكثر الفقهاء ، والعلماء ، وأصحاب الحديث ، والسّنن مع وجود بعض الإختلاف في اللّفظ. انظر ، تأريخ دمشق / ترجمة الإمام عليّعليه‌السلام : ٣ / ٤٦٧ ، والمناقب لابن المغازلي : ٨١ ، وصحيح التّرمذي : ٢ / ٢٩٩ ح ٣٨٠٧ ، سنن التّرمذي : ٥ / باب ٨٧ / ٣٠١ ، وأخرجه الطّبراني في المعجم الكبير : ٣ / ١٠٨ ، و : ١١ / ٥٥ / ١١٠٦١ عن ابن عبّاس ، الحاكم في المناقب : ٢٢٦ ، مستدرك الصّحيحين : ٣ / ١٢٦ و ١٢٧ و ١٢٩ ، أسنى المطالب للجزري : ٧٠ و ٧١ ، تأريخ بغداد : ١١ / ٢٠٤ و ٤٨ و ٤٩ و : ـ

٢٨٦

ثمّ خرجت من هذا البيت لتستقبل ما تخبئه لها الأيّام بصدر أوسع من الفضاء ، وقلب أثبت من الجبال الرّاسيات وليس هذا بغريب من السّيّدة الحوراء ما دام البيت الّذي نشأت فيه يتّجه بها إلى سبيل خاتم النّبيّين ، وسيّد المرسلين.

وقد روى الرّواة أنّ امرأة أصلها من الهند تسمّى فضّة كانت تختلف وتتردّد إلى بيت فاطمة تعينها على بعض الأعمال البيتية ، وأنّها أصبحت بعد ذلك من القانتات الصّالحات ، فكيف بمن كان من هذا البيت في الصّميم؟ وما يحكى عن فضّة هذه أنّها بقيت بعد سيّدتها فاطمة عشرين عاما لا تتكلم إلّا بالقرآن

__________________

ـ ٢ / ٣٧٧ و : ٤ / ٢٤٨ ، و : ٧ / ١٧٢ ، لسان الميزان لابن حجر : ١ / ١٩٧ تحت رقم ٦٢٠ ، الصّواعق المحرقة : ٧٣ و ١٢٠ و ١٢٢ / ٩ طبعة المحمّدية أورد الحديثين «أنا مدينة العلم ...» و «أنا دار الحكمة ...».

وانظر تهذيب التّهذيب : ٦ / ٣٢٠ ، و : ٧ / ٤٢٧ ، تذكرة الحفّاظ : ٤ / ٢٨ طبعة حيدر آباد ، الفردوس لأبي شجاع الدّيلمي : ١ / ٧٦ / ١٠٩ ، مودّة القربى : ٢٤ ، مصابيح السّنّة للبغوي : ٢ / ٢٧٥ ، الجامع الصّغير للسّيوطي : ١ / ٣٧٤ ح ٢٧٠٥ و ٢٧٠٤ طبعة مصطفى محمّد ، منتخب كنز العمّال بهامش مسند أحمد : ٥ / ٣٠ ، وكنز العمّال : ٦ / ١٥٢ و ١٥٦ ، و ١١ / ٦١٤ / ٣٢٩٧٩ ، و ٦٠٠ / ٣٢٨٨٩ ، و : ١٣ / ١٤٧ / ٣٦٤٦٢ و ٣٦٤٦٣ ، و : ١٥ / ١٢٩ / ٣٧٨ الطّبعة الثّانية ، الفتح الكبير للنّبهاني ، ١ / ٢٧٢ و ٢٧٦ ، البداية والنّهاية لابن كثير : ٧ / ٣٥٨ ، مجمع الزّوائد للهيثمي : ٩ / ١١٤ ، حلية الأولياء : ١ / ٦٤ و ٦٣ ، فرائد السّمطين : ١ / ٩٨ ، شواهد التّنزيل للحافظ الحسكاني : ١ / ٣٣٤ / ٤٥٩ و ٨١ / ١١٨ و ٨٢ / ١١٩ و ١٢٠ و ١٢١ طبعة أخرى ، الرّياض النّضرة : ٢ / ١٩٣ و ٢٥٥ الطّبعة الثّانية.

وراجع فضائل الخمسة : ٢ / ٢٤٨ و ٢٥٠ ، جامع الأصول : ٩ / ٤٧٣ / ٦٤٨٩ ، شرح النّهج لابن أبي الحديد : ٢ / ٢٣٦ طبعة بيروت ، و : ٧ / ٢١٩ طبعة مصر بتحقّيق محمّد أبو الفضل ، ميزان الإعتدال للذّهبي : ١ / ٤١٥ و ٤٣٦ تحت رقم ٤٢٩ ، و : ٢ / ٢١٥ ، و : ٣ / ١٨٢ ، و : ٤ / ٩٩ ، اسد الغابة : ٤ / ٢٢ ، تأريخ دمشق لابن عساكر الشّافعي / ترجمة الإمام علي عليه‌السلام : ٢ / ٤٥٩ / ٩٨٣ و ٤٦٤ و ٤٧٦ حديث ٩٨٤ و ٩٨٦ و ٩٩٧.

٢٨٧

قال صاحب البحار :

أنّ فضّة حجّت مع أربعة من أولادها ، وانقطعت في الطّريق عن القافلة ، فرآها رجل من عرب البادية ، وقبل أن يسلّم قال لها :

من أنت؟.

فتلت قوله تعالى :( وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) (١) .

فسلّم الرّجل ، وقال : ما تصنعين هنا؟.

فتلت :( وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ ) (٢) .

فقال : أمن الجنّ أنت أم الإنس؟.

فتلت :( يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ ) (٣) .

قال : أين تقصدين؟.

فتلت :( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ) (٤) .

قال : متى انقطعت عن القافلة؟.

فتلت :( وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ) (٥) .

قال : أتشتهين طعاما؟.

فتلت :( وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ ) (٦) .

__________________

(١) الزّخرف : ٨٩.

(٢) الزّمر : ٣٦.

(٣) الأعراف : ٣١.

(٤) آل عمران : ٩٧.

(٥) سورة ق : ٣٨.

(٦) الأنبياء : ٨.

٢٨٨

فاطعمها ، ثمّ قال لها : عجلي بالسّير معي.

فتلت :( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها ) (١) .

فقال : أردفك خلفي على النّاقلة؟

فتلت :( لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا ) (٢) .

فنزل وأركبها.

فتلت :( سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا ) (٣) .

وحين أدرك الرّكب قال لها : ألك أحد فيه؟.

فتلت :( وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ ) (٤) .( يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ ) (٥) .

( يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ ) (٦) .( يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ ) (٧) .

فصاح الرّجل بهذه الأسماء ، فأتى أربعة شباب ، فقال لها : من هؤلاء؟.

فتلت :( الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا ) (٨) ، ثمّ التفتت إلى أبنائها الأربعة ، وتلت( يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ) (٩) . فأعطوه بعض

__________________

(١) البقرة : ٢٨٦.

(٢) الأنبياء : ٢٢.

(٣) الزّخرف : ١٣.

(٤) آل عمران : ١٤٤.

(٥) مريم : ١٢.

(٦) القصص : ٣٠.

(٧) سورة ص : ٢٦.

(٨) الكهف : ٤٦.

(٩) القصص : ٢٦.

٢٨٩

الشّيء ، فاستقلته فضّة ، وتلت :( وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ ) (١) فزادوه.

وسأل الرّجل الشّباب الأربعة عن عادة أمّهم هذه؟

فقالوا : هذه فضّة جارية الزّهراء ، وما تكلمت إلّا بالقرآن منذ (٢٠) عاما(٢) .

بقيت زينب مع أمّها ست سنوات ، ويقول علماء النّفس التّربوي : أنّ الطّفل بعد أن يتم الثّالثة تبدأ مرحلة التّوافق بينه وبين بيئته ، والتّميّيز بين الألفاظ والمعاني ، وأنموّه العقلي في هذه السّن يتّجه بصاحبه إلى كشف ما يحيط به ممّا يرى ويسمع ، وأنّ هذا الكشف يترك آثارا تعمل عملها في نفس الطّفل إلى آخر يوم في حياته وكانت زينب ترى ـ في هذه المرحلة ـ أمّها فاطمة تقوم للصّلاة ، حتّى تتورم قدماها ، وتبيت على الطّوى هي وصغارها ، وتطعم الطّعام( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) (٣) ، وتلبس الثّياب الخلقه ، وتكسوا الفقراء جديد الملابس(٤) .

رآها سلمان الفارسي(٥) مرّة ، فبكى ، وقال : «أنّ قيصر وكسرى في السّندس

__________________

(١) البقرة : ٢٦١.

(٢) انظر ، بحار الأنوار : ١٠ / ٢٦. (منهقدس‌سره ). و : ٤٣ / ٨٦ ح ٨ ، مناقب آل أبي طالب : ٣ / ١٢١.

(٣) الإنسان : ٨.

(٤) انظر ، درّر السّمط في خبر السّبط : ٦١ ، شواهد التّنزيل : ٢ / ٣٣٢ و ٤٠٣ ، أسباب نزول الآيات ، الواحدي : ٢٩٦ ، زاد المسير : ١ / ٣٢١ ، الدّر المنثور : ٦ / ٣٩٩.

(٥) هو من نسل الملوك ، وجدّ آبائه «منوجهر» مؤسّس الدّولة الثّانية من دول الفرس القديمة ، ولكنّ سلمان يرفض الانتساب لغير الإسلام ، وكان يقول : أنا ابن الإسلام ، أعتقني الله بمحمّد ، ورفعني بمحمّد ، وأغناني بمحمّد ، وصلّى الله على محمّد وآل محمّد ، فهذا حسبي ونسبي. هو منوجهر بن محمّد بن تركانشاه ، أبو الفضل بن أبي الوفاء. انظر مختصر ابن الدّبيثي : ٣٥٠ ، العبر : ٤ / ٢٢٦ ، بغية ـ

٢٩٠

__________________

ـ الوعاة : ٣٩٩ ، ويظهر من بعض المؤرخين هو زراداشت ، كما يظهر من سؤالات حمزة للدّار قطني : ٥٠ ، فهرست منتخب الدّين : ١٥٢ و ٣٥١ ، ذيل تأريخ بغداد : ٢ / ٥١ ، تذكرة الحفاظ : ٢ / ٧٦٥ ، سير أعلام النّبلاء : ١ / ٥٥٥ ، ويظهر من ترجمته أنّه كان أديبا فاضلا صادقا ، حسن الطّريقة صدوقا. انظر المستفاد من ذيل تأريخ بغداد لابن الدّمياطي : ١ / ١٧٥ ، تأريخ ابن خلدون : ٤ / ٤٩٨ ، معجم الأدباء : ١٩ / ١٩٦.

وأقره محمّد على هذا الحسب والنّسب ، وقال : «سلمان منّا أهل البيت». وكان يقال له : سليمان المحمّدي ، وسلمان الخير ، وسلمان الحكمة والعلم ، وسلمان باك أي النّظيف في لغة الفرس ، والطّيّب ، والطّاهر ، وصاحب الكتابين : القرآن ، والإنجيل.

مكانته :

كان من رؤوس الصّحابة ، وأقطابهم علما ، وتقى ، وجهادا ، وكان عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الخليل الأثير ، قال ابن عبد البر في «الاستيعاب» : ٢ / ٥٦ طبعة سنة ١٩٣٩ م :

وروى أبو بردة عن أبيه عن النّبيّ أنّه قال : «أمرني ربّي بحبّ أربعة ، وأخبرني أنّه يحبّهم ، وهم عليّ ، وسلمان ، وأبوذرّ ، والمقداد». انظر ، سنن التّرمذي : ٥ / ٢٩٩ ح ٣٨٠٢ ، طبعة دار الفكر ، اسد الغابة : ٥ / ٢٥١ ح ٥٠٦٩ ، مسند أحمد : ٥ / ٣٥١ ، تأريخ الإسلام للذّهبي : ٢ / ٤٠٩ ، جامع الأصول لابن الأثير : ٨ / ٥٧٩ ح ٦٣٩٣ ، الصّواعق المحرقة : ١٢٢ ، تأريخ ابن عساكر : ٦ / ١٩٨ و : ٢١ / ٤٠٩ و : ٦٠ / ١٧٥ و : ٦٦ / ١٨٩ ، سنن ابن ماجه : ١ / ٥٣ ح ١٤٩ ، مجمع الزّوائد : ٩ / ١٥٥ ، المعجم الأوسط : ٧ / ١٥٦ ، كنز العمّال : ١١ / ٦٣٩ ح ٣٣١١١ ، فيض القدير شرح الجامع الصّغير : ٢ / ٢٧١ ح ١٦٩٢ ، تهذيب التّهذيب : ١ / ٢٨٦ طبع حيدر آباد الدّكن ، تهذيب الأسماء واللّغات : ٢ / ١١٢ طبع المنيرية بمصر ، كنى البخاريّ : ٣١ الرّقم «٢٧١» ، تهذيب الكمال : ١١ / ٢٥١ و : ٢٨ / ٤٥٦ و : ٣٣ / ٣٠٦ ، سير أعلام النّبلاء : ٢ / ٦١ ، الإصابة : ٦ / ١٦٦ ، مناقب الخوارزمي : ٧٥ ، مستدرك الحاكم : ٣ / ١٣٠ ، حلية الأولياء : ١ / ١٩٠ ، فضائل الصّحابة لأحمد بن حنبل : ٢ / ٦٨٩ ، سبل السّلام : ١١ / ٢٩١ ، ينابيع المودّة : ١ / ٣٧٥ و : ٢ / ٨٩ و : ٣ / ١٤٢.

وعن الإمام أمير المؤمنين أنّه قال : «أنا سابق العرب ، وسلمان سابق الفرس ، وصهيب سابق الرّوم ، وبلال سابق الحبش ، وخبّاب سابق النّبط». انظر ، المستدرك على الصّحيحين : ٣ / ٢٨٥ ، مجمع الزّوائد : ٩ / ٣٠٥ ، المصنّف لعبد الرّزاق الصّنعاني : ١١ / ٢٤٢ ح ٢٠٤٣٢ ، المعجم الصّغير : ١ / ١٠٤ ـ ،

٢٩١

__________________

ـ المعجم الأوسط : ٣ / ٢٤١ ، المعجم الكبير : ٨ / ٢٩ و : ٢٤ / ٤٣٥ ، تأريخ المدينة : ٢ / ٤٧٩ ، سبل السّلام : ١ / ٤٦٨ ، تقريب التّهذيب : ٢ / ٥٨٧ ، الإصابة : ٣ / ٣٦٥ ، اسد الغابة : ٣ / ٣١ ، سير أعلام النّبلاء : ١ / ٣٤٩ و : ٨ / ٥٣٠ ، ميزان الإعتدال : ١ / ٣٣٦ ، الكامل لابن عدي : ٢ / ٧٥ و : ٧ / ١٦٧ ، تأريخ دمشق : ١٠ / ٤٤٨ و : ٢٤ / ٢٢٠ ، الدّر المنثور : ٦ / ١٥٤ ، فيض القدير شرح الجامع الصّغير :٣ / ٥٧ ح ٢٦٩٥ و : ٤ / ١٧٧ ح ٤٧٩٣ ، كنز العمّال : ١١ / ٤٠٨ ح ٣١٩٠٩ و ٣٣١٣٣ و ٣٣٦٧٦ ، مسند الشّاميين : ٢ / ١١ ، الجامع الصّغير : ١ / ٤١٣ ح ٢٦٩٥ و : ٢ / ٦٦ ح ٤٧٩٣.

زوجته وأولاده :

تزوّج عربية توفيت في حياته ، فتزوّج عجمية ومات عنها. ذكر أنّه تزوّج مولاة له يقال لها بقيرة ، كوفية ثقة. انظر ، مسند أحمد : ٥ / ٤٣٩ ، مجمع الزّوائد : ٩ / ٣٤٤ ، سير أعلام النّبلاء : ١ / ٤٠٢ ، المصنّف لعبد الرّزاق الصّنعاني : ٨ / ١٨٢ ح ٢٥ ، الأدب المفرد : ٥٩ ح ٢٣٤ ، المعجم الكبير : ٦ / ٢١٥ ، الطّبقات الكبرى : ٤ / ٩٢ و ٩٤ ، التّأريخ الصّغير : ١ / ٩٧ ، معرفة الثّقات للعجلي : ٢ / ٤٤٩ ح ٢٣٢٥ ، إكمال الكمال : ٧ / ٣٦٢ ، تأريخ دمشق : ٢١ / ٤٥٧ ، سير أعلام النبلاء : ١ / ٥٥٣ ، حلية الأولياء : ١ / ٢٠٨.

له ستة أولاد : ثلاثة ذكور عبد الله وقد أعقب ، ومحمّدا أيضا أعقب ، ومن نسله علماء وشعراء ، وكثير ، ولا يعرف له عقب ، وثلاث بنات : واحدة كانت بأصفهان ، ولها عقب ، واثنتان كانتا بمصر. روي أنّ سلمان خطب إلى عمر بن الخطّاب ، فكره عبد الله بن عمر ذلك ، فقال له عمرو بن العاص : أنا أكفيك ، فلقى عمرو بن العاص سلمان الفارسي ، فقال : ليهنئك يا سلمان ، فقال : وما هو؟ فقال : تواضع لك أمير المؤمنين ، فقال سلمان : لمثلي يقال هذا؟ والله لا نكحتها أبدا.

انظر ، المبسوط للسّرخسي : ٥ / ٢٣ ، البحر الزّخّار : ٤ / ٨٠ ، سلمان المحمّدي للشّيخ عبد الواحد المظفر الطّبعة الحيدرية سنة ١٣٧١ ه‍ ، سبل السّلام : ٣ / ١٣٠ ، تأريخ الخميس : ١ / ٣٥١ ، السّنن الكبرى : ٧ / ٢٧٣ ، التّأريخ الصّغير للبخاري : ١ / ٩٧.

وفاته :

انتقل إلى ربّه سنة (٣٥ ه‍) ، ودفن في البلدة المعروفة بسلمان باك على ضفاف دجلة الشّرقي ، وتبعد ثلاثة فراسخ من بغداد ، ويؤم قبره الشّريف ألوف الزّائرين من كلّ فجّ.

انظر ، الاستيعاب : ٢ / ٥٣ ـ ٥٩ ، الإصابة : ٢ / ٦٠ ، الطّبريّ : ٢ / ٤٤٣ ، ابن هشام : ٤ / ٣٣٥ ، مسند ـ

٢٩٢

والحرير ، وابنة محمّد في ثياب باليلة»(١) وروي أنّه كان عند عليّ وفاطمة جلد كبش. ولذا قال الإمام عليّعليه‌السلام : «لقد تزوّجت فاطمة ومالي ولها فراش غير جلد كبش ننام عليه باللّيل ، ونعلف عليه النّاضح(٢) بالنّهار ، ومالي ولها خادم غيرها»(٣) أمّا صدقها فقد نقل صاحب الإستيعاب في ترجمتها عن عائشة أنّها قالت : «ما رأيت أحدا كان أصدق لهجة من فاطمة إلّا أن يكون والدهاصلى‌الله‌عليه‌وآله »(٤) . وبكلمة أنّ زينب رأت جدّها الرّسول ممثلا في أمّها فاطمة

__________________

ـ أحمد : ١ / ٥٥ ، الرّياض النّضرة : ١ / ١٦٧ ، تأريخ الخميس : ١ / ١٨٨ ، ابن الأثير : ٢ / ١٢٦ ، ابن كثير : ٥ / ٢٤٥ ، تأريخ اليعقوبي : ٢ / ١٠٣ ، اسد الغابة : ٣ / ٢٢٢.

(١) انظر ، غاية المرام في رجال البخاري إلى سيّد الأنام : ٢٧٩ ، نفس الرّحمن في فضائل سلمان : ٥١٩.

(٢) النّواضح : البعير ، أو الثّور ، أو الحمار ، الّتي يستقى عليها ، واحدها ناضح. انظر ، لسان العرب : ٢ / ٦١٩ ، الغريب لابن سلّام : ٣ / ٢٥٧ ، مختار الصّحاح : ١ / ٢٧٧.

(٣) انظر ، صفوة الصّفوة : ٢ / ١٠ ، الزّهد لهنّاد : ٢ / ٣٨٧ ح ٧٥٣ ، الطّبقات الكبرى : ٨ / ٢٢ ، كتاب السّنن : ١ / ١٩٦ ح ٦٠١.

(٤) مع أنّ أبا بكر والد عائشة طلب البينة من الصّدّيقة الزّهراء على أنّها تملك فدكا «منهقدس‌سره ».

انظر ، صحيح البخاريّ : ١٢ / ٧ ، صحيح مسلم كتاب الجهاد رقم «٥١ و ٥٣ و ٥٤ و ٥٦» ، مسند أحمد : ١ / ٤ و ٦ ، عن عائشة إشارة إلى المحاورة الّتي دارت بين فاطمة الزّهراء البتول عليها‌السلام وبين أبي بكر حيث قال : إنّي سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث ، ما تركناه فهو صدقة!!

وقد علّق الإمام يحيى بن الحسين الهادي في كتابه «تثبيت الإمامة» ، تحقيق العلّامة السّيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي في : ٢٩ ما نصّه : «ولو سألنا جميع من نقل من أصحاب محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله : هل روى أحد منكم عن أحد من أصحاب محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه سمع من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مثل ما قال أبو بكر؟

لقالوا : أللهمّ ، لا.

ثمّ جاءت ـ من بعد ذلك ـ أسانيد كثيرة قد جمعها الجهّال لحبّ التّكثّر بما لا ينفع : عن عائشة ، وعن ابن عمر ، فنظرنا عند ذلك إلى أصل هذه الأحاديث الّتي أسندوها إلى عائشة عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإذا عائشة تقول : سمعت أبا بكر ، وابن عمر يقول : سمعت أبا بكر يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّا معاشر الأنبياء ـ

٢٩٣

بجميع صفاته ومزاياه ، وتجلّت هذه الحقيقة فيما قالته ، وهي ترثي والدتها. «يا أبتاه يا رسول الله! الآن حقّا فقدناك فقدا لا لقاء بعده»(١) .

وقد انعكست صفات الزّهراء في نفس ابنتها زينب ، وظهرت جلية واضحة

__________________

ـ لا نورّث ما تركناه فهو صدقة.

وإذا هذه الأسانيد المختلفة ترجع إلى أصل واحد ، ولم يوجد أحد من أصحاب محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله يشهد بمثل شهادة أبي بكر في الميراث!.

فدفع أبو بكر فاطمةعليها‌السلام عن ميراثها بهذا الخبر الّذي أسند إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . وهذا الخبر ينقض كتاب الله ، وحكمه في عباده!.

فويل لمن يهم أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ينقض ما جاء به محكما عن الله عزوجل.

وقد كان في كلام فاطمةعليها‌السلام لأبي بكر بيان لمن خاف الله سبحانه وتعالى : أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي ، لقد جئت شيئا فريّا!!؟؟ ثمّ انصرفت عنه.

ومن أعجب العجائب : أنّ جميع هذه الأمّة أجمعت : أنّ من ادّعى لنفسه ، أو دعوى له فيها حقّ أنّه «خصم» ، شهادته لا تقبل ، حتّى يشهد له على ذلك شاهدان عدلان لا دعوى لهما ما شهدا فيه.

وأجمعوا أيضا : أنّ الإمام لا يحكم لنفسه بحقّه دون أن يشهد له به غيره.

ثمّ النّاس على ذلك إلى يومنا هذا ، لا تقبل شهادة الرّجل لنفسه ، ولا يحكم لأحد على أحد في دعوى يدّعيها عليه إلّا بشاهدين عدلين غير فاطمة عليها‌السلام ، فإنّه حكم عليها خلاف ما حكم به على جميع الخلق ، وانتزع من يدها ما كانت تملكه ، وتحوزه ـ من ميراث أبيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومالها من فدك المعروف بها ، ولها بلا شهود! إلّا بما ادّعى أبو بكر لنفسه ، وللمسلمين من الصّدقة عليهم بأموال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فكان أبو بكر المدعي لنفسه ، ولأصحابه أموال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فيا للعجب من قبضه ما ليس بيده ، ولا شهود له ، ولا بيّنة!؟ وطلبه الشّهود ، والبيّنة من فاطمةعليها‌السلام على ما هو بيدها ، ولها!

وقد أجمعت الأمّة على أنّ من كان في يده شيء ، فهو أحقّ به حتّى يستحقّ بالبيّنة العادلة ، فقلب أبو بكر الحجّة عليها في ما كان في يدها! وإنّما تجب عليه هو ولى أصحابه في ما ادّعاه له ، ولهم. فحكم على فاطمة عليها‌السلام بما لم يحكم به على أحد من المسلمين ، وطلب منها البيّنة على ما في يدها ، ومنعت ميراث أبيها. وشهد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه لم يورّثها! والله تعالى قد ورّث الولد من والده ، نبيّا كان أو غيره.

(١) انظر ، روضة الواعظين : ١٥٢.

٢٩٤

في زهدها ، وعبادتها ، وصبرها ، وجرأتها. قال الرّواة : «أنّ زينب بنت أمير المؤمنين لم تدّخر شيئا من يومها لغدها ، وأنّها كانت تقضي عامّة لياليها بالتّهجد وتلاوة القرآن ، حتّى ليلة العاشر من المحرّم ، وهي اللّيلة الّتي قتل الحسين في صبيحتها ، وليلة الحادي عشر ، حيث كان أخوها الحسين وأولاده وأصحابه صرعى مجزّرين كالأضاحي ، حتّى في هذه الحال لم تدع صلاة اللّيل والتّعبد والتّهجد أمّا صبرها وشجاعتها ، فسنتكلم عنهما مفصلا في الصّفحات الآتية.

٢٩٥
٢٩٦

جعفر الطّيّار

بيت أبي طالب

أنّ من نعم الله وفضله على الإنسانيّة أن أرسل محمّدا رحمة للعالمين ، وأن من بالغ حكمته وتدبيره تبارك وتعالى أن عزّز محمّدا ورسالته ببيت عمّه أبي طالب ، ولو بعث الله محمّدا إلى صناديد قريش وعتاتهم ، ولا ظهير له من قومه كأبي طالب ، وزوّجته وأولاده لكانت حال الرّسول كحال جيش يقاتل بدون عناد وسلاح ومن قبل قال الجاحدون لنّبيهم شعيب :( وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ ) (١) .

ولو لا بيت أبي طالب لكان مصير محمّد كمصير زكريا ، ويحيى وغيرهما من الأنبياء الّذين قتلهم الإسرائيليون قبل أن تنمو رسالتهم ، وتنتشر وقف أبو طالب بجانب ابن أخيه محمّد ، وأعلن أنّه سيمنع عنه كلّ من تحدّثه نفسه بالإساءة إليه ، والنّيل منه ، وأوقفت زوّجته فاطمة بنت أسد نفسها لخدمته منذ اليوم الأوّل الّذي مات فيه جدّه عبد المطّلب ، وسارع عليّ ، وجعفر إلى تصديقه ونصرته ، ومهما تقوّل المتقوّلون ، وتأوّل المتأوّلون فلا يسمعهم إلّا الإعتراف بأنّ بيت أبي طالب كان أوّل نواة في حقل الإسلام ، وأوّل قوّة دعمت الإسلام ونبيّ

__________________

(١) هود : ٩١.

٢٩٧

الإسلام ، لقد تحدّى رسول الله صناديد قريش ، فسبّ آلهتهم ، وسفّه أحلامهم ، ولعن الطّغاة والأغنياء الّذين يكنزون المال ، ولا ينفقونه على الفقراء ولا جزاء عندهم لمن فعل هذا أو دون هذا إلّا القتل ، ولكن من يجرؤ على رسول الله ، وبيت أبي طالب بالمرصاد؟.

وسبقت منّا الإشارة إلى أبي طالب وزوّجته ، والآن تتحدّث بشيء من التّفصيل عن جعفر الطّيّار ، لأنّه أبو عبد الله زوّج السّيّدة الحوراء.

إسلامه :

لم يسبق جعفر بن أبي طالب إلى الإسلام إلّا خديجة زوّجة الرّسول ، وأخوه عليّ ، فكان جعفر ثالث المسلمين والمصلّين(١)

ومضى أمد غير قصير ، ولا أحد يعبد الله سبحانه سوى محمّد ، وعليّ ،

__________________

(١) حديث يحيى بن عفيف الكندي روي بطرق متعدّدة ، وبصور مختلفة ، ولكن من خلال تتبّع المصادر التّأريخية والحديثية ، والرّوائية نجدها تؤدّي نفس المعنى ، والمضمون بل بعضها يتطابق تماما في اللّفظ. انظر ، مجمع الزّوائد : ٩ / ١٠٣ و ٢٢٢ ، لسان الميزان : ١ / ٣٩٥ ، الكامل لابن عدي : ١ / ١٤٢ و ١٥٠ ، و : ٢ / ٥٧ ، تأريخ دمشق لابن عساكر ترجمة الإمام عليّعليه‌السلام : ١ / ٥٧ / ٩٣ و ٩٥ ، الطّبقات الكبرى لابن سعد : ٨ / ١٧ و ١٠ الطّبعة الأولى بيروت في ترجمة خديجة ، معجم الصّحابة : ٥ / ١٣٥ ، تأريخ الطّبري : ٢ / ٣١٢ ، وفي طبعة أخرى : ٥٦ و ٥٧ ، وفي الطّبعة الأولى : ١١٦٢ ، مستدرك الصّحيحين : ٣ / ١٨٣ ، الإصابة لابن حجر : ٤ / ٢٤٨ القسم الأوّل ، الإستيعاب لابن عبد البرّ : ٢ / ٤٥٨ و ٥١١ ، كنز العمّال : ٦ / ٣٩١ ، و : ٧ / ٥٦ ، حلية الأولياء : ٢ / ٢٤٥ ، مسند أحمد بن حنبل : ١ / ٢٩٠ و ٢٠٩ ، وفي طبعة أخرى ، و : ٢٥ / ٢٦ ، و : ٤ / ٤٢٨ و ٤٢٩ و ٤٤٠ ، المناقب لأحمد بن حنبل : ٢٥ و ١٨ ، شواهد التّنزيل للحاكم الحسكاني : ١ / ١١٣ / ١٢٥ تحقيق المحمودي ، مناقب الخوارزمي : ١٩٨ الفصل ١٧ ، النّسائي في الخصائص : ٤٤ ح ٥ ، و : ٣ وفي طبعة أخرى ، طرز الوفا في فضائل آل المصطفى : ٣١٦ ، بتحقّيقنا.

٢٩٨

وخديجة ، وجعفر ، فكان النّبيّ يتقدّمهم للصّلاة ، ويقف عليّ عن يمينه ، وجعفر عن يساره ، وخديجة خلفه وروي أنّ أبا طالب رأى النّبيّ ، وعليّا يصلّيان ، فأمر ولده جعفر أن ينضم إليهما(١) ، ووصف جعفر بأنّه صلّى إلى القبلتين ، وهاجر الهجرتين ، وصاحب الجناحين(٢) .

أخلاقه :

قال رسول الله لجعفر : «أشبهت خلقي وخلقي ، وكان يكنيه أبا المساكين ، لأنّه خير النّاس لهم(٣) . وعن أبي هريرة أنّه قال : «كنت أسأل الرّجل من أصحاب رسول الله عن الآية من القرآن ، أنا أعلم بها منه ، ما أسأله إلّا ليطعمني شيئا وكنت إذا سألت جعفر بن أبي طالب لم يجبني ، حتّى يذهب بي إلى منزله ، فيطعمني ، ثمّ يجيبني»(٤) .

وروي عن جعفر أنّه كان يقول : «ما شربت خمرا قطّ ، لأنّي علمت إن شربتها زال عقلي ، وما كذبب قطّ ؛ لأنّ الكذب ينقص المروءة ، وما زنيت قطّ ، لأنّي خفت إنّي إذا عملت عمل بي ، وما عبدت صنما قطّ ، لأنّي علمت أنّه لا يضرّ ولا

__________________

(١) تقدّمت تخريجاته.

(٢) القبلتان هما بيت المقدّس ، والكعبة ، والهجرتان ، إلى الحبشة ، والمدينة ، والجناحان إشارة إلى حديث : «أنّ الله أبدل جعفرا عن يديه بجناحين يطير بهما بالجنّة». وفي بعض المؤلّفات وبايع البيعتين ، وهو اشتباه ، لأنّ بيعة الرّضوان والشّجرة كانت في الحديبيّة ، وكان جعفر غائبا عنها. (منهقدس‌سره ).

(٣) تقدّمت تخريجاته.

(٤) انظر ، سنن التّرمذي : ٥ / ٦٥٥ ح ٣٧٦٦ ، فتح الباري : ٧ / ٧٦ و : ١١ / / ٢٨٤ ، التّرغيب والتّرهيب : ٤ / ١٠٧ ح ٥٠٠١.

٢٩٩

ينفع»(١) .

منزلته عند الله ورسوله :

في نهج البلاغة أنّ الإمام أرسل كتابا لمعاوية جاء فيه :

«ألا ترى ـ الخطاب لمعاوية ـ غير مخبر لك ، ولكن بنعمة الله أحدّث أنّ قوما استشهدوا في سبيل الله تعالى من المهاجرين والأنصار ، ولكلّ فضل ، حتّى إذا استشهد شهيدنا ـ الحمزة ـ قيل : سيّد الشّهداء ، وخصّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بسبعين تكبيرة عند صلاته عليه! أولا ترى أنّ قوما قطّعت أيديهم في سبيل الله ـ ولكلّ فضل ـ حتّى إذا فعل بواحدنا ـ جعفر ـ ما فعل بواحدهم ، قيل : «الطّيّار في الجنّة وذو الجناحين»! ولو لا ما نهى الله عنه من تزكية المرء نفسه ، لذكر ذاكر فضائل جمّة. تعرفها قلوب المؤمنين ، ولا تمجّها آذان السّامعين»(٢) .

أجل ، لا ينفر من أريج المسك إلّا الجعل ، ولا يعمي نور الشّمس إلّا عيون الخفافيش ، ولا يجد طعم العسل مرّا إلّا ذوو الأسقام والأمراض.

وفي الحديث أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «إنّ الله اختارني في ثلاثة من أهل بيتي ، أنا سيّد الثلاثة ، اختارني ، وعليّا ، وجعفرا ، وحمزة»(٣) . وفي الجزء الثّاني من «الإستيعاب» ترجمة جعفر بن أبي طالب أنّ النّبيّ قال : «دخلت البارحة الجنّة

__________________

(١) انظر ، من لا يحضره الفقيه : ٤ / ٣٩٧ ح ٥٨٤٧ ، أمالي الصّدوق : ١٣٣ ، روضة الواعظين : ٢٥٩ ، الإصابة : ١ / ٢٣٧ رقم «١١٦٦» ، الإستيعاب : ١ / ٢١٠ ، اسد الغابة : ١ / ٣٤١ رقم «٧٥٩».

(٢) انظر ، نهج البلاغة : الرّسالة «٢٨».

(٣) انظر ، كنز العمّال : ١٣ / ٦٤٢ ح ٣٧٦٢٦ ، مناقب أمير المؤمنين لمحمّد بن سليمان الكوفي : ١ / ١٢٩ ، البيان والتّعريف : ١ / ٦ ، شواهد التّنزيل : ٢ / ٤٨.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528