الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء11%

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
ISBN: 964-465-169-3
الصفحات: 528

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء
  • البداية
  • السابق
  • 528 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 68955 / تحميل: 4504
الحجم الحجم الحجم
الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
ISBN: ٩٦٤-٤٦٥-١٦٩-٣
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

قوله تعالى (قربات) هو مفعول ثان ليتخذ و (عند الله) صفة لقربات أو ظرف ليتخذ أو لقربات (وصلوات الرسول) معطوف على ماينفق تقديره: وصلوات الرسول قربات، و (قربة) بسكون الراء وقرئ بضمها على الاتباع.

قوله تعالى (والسابقون) يجوز أن يكون معطوف على قوله " من يؤمن " تقديره: ومنهم السابقون، ويجوز أن يكون مبتدأ، وفى الخبر ثلاثة أوجه: أحدها (الاولون) والمعنى: والسابقون إلى الهجرة الاولون من أهل الملة، أو والسابقون إلى الجنة الاولون إلى الهجرة.

والثانى الخبر (من المهاجرين والانصار) والمعنى فيه الاعلام بأن السابقين من هذه الامة هم من المهاجرين والانصار.

والثالث أن الخبر (رضى الله عنهم) ويقرأ والانصار بالرفع على أن يكون معطوفا على السابقون، أو أن يكون مبتدأ والخبر رضى الله عنهم، وذلك على الوجهين الاولين.

وبإحسان حال من ضمير الفاعل في اتبعوهم (تجرى تحتها) ومن تحتها، والمعنى فيهما واضح.

قوله تعالى (وممن) من بمعنى الذى، و (منافقون) مبتدأ وما قبله الخبر، و (مردوا) صفة لمبتدأ محذوف تقديره: ومن أهل المدينة قوم مردوا، وقيل مردوا صفة لمنافقون، وقد فصل بينهما، ومن أهل المدينة خبر مبتدأ محذوف تقديره: من أهل المدينة قوم كذلك (لاتعلمهم) صفة أخرى مثل مردوا، وتعلمهم بمعنى تعرفهم، فهى تتعدى إلى مفعول واحد.

قوله تعالى (وآخرون اعترفوا) هو معطوف على منافقون، ويجوز أن يكون مبتدأ، واعترفوا صفته، و (خلطوا) خبره (وآخر سيئا) معطوف على عملا، ولو كان بالباء جاز أن تقول خلطت الحنطة والشعير، وخلطت الحنطة بالشعير، (عسى الله) الجملة مستأنفة، وقيل خلطوا حال، وقد معه مرادة: أى اعترفوا بذنوبهم قد خلطوا، وعسى الله خبر المبتدأ.

قوله تعالى (خذ من أموالهم) يجوز أن تكون من متعلقة بخذ، وأن تكون حالا من (صدقة تطهرهم) في موضع نصب صفة لصدقة، ويجوز أن يكون مستأنفا والتاء للخطاب: أى تطهرهم أنت (وتزكيهم) التاء للخطاب لا غير لقوله (بها) ويجوز أن يكون " تطهرهم وتزكيهم بها " في موضع نصب صفة لصدقة مع قولنا إن التاء فيهما للخطاب، لان قوله

٢١

تطهرهم تقديره: بها، ودل عليه بها الثانية، وإذا كان فيهما ضمير الصدقة جاز أن يكون صفة لها، ويجوز أن تكون الجملة حالا من ضمير الفاعل في خذ.

قوله تعالى (إن صلاتك) يقرأ بالافراد والجمع وهما ظاهران، و (سكن) بمعنى مسكون إليها، فلذلك لم يؤنثه، وهو مثل القبض بمعنى المقبوض.

قوله تعالى (هو يقبل) هو مبتدأ، ويقبل الخبر. ولايجوز أن يكون هو فصلا، لان يقبل ليس معرفة ولا قريب منها.

قوله تعالى (وآخرون مرجون) هو معطوف على وآخرون اعترفوا. ومرجون بالهمز على الاصل ويغير همز وقد ذكر أصله في الاعراف (إما يعذبهم وإما يتوب عليهم) إما هاهنا للشك والشك راجع إلى المخلوق، وإذا كانت إما للشك جاز أن يليها الاسم، وجاز أن يليها الفعل، فإن كانت للتخيير ووقع الفعل بعدها كانت معه أن كقوله: أما أن تلقى، وقد ذكر.

قوله تعالى (والذين اتخذوا) يقرأ بالواو. وفيه وجهان: أحدهما هو معطوف على وآخرون مرجون: أى ومنهم الذين اتخذوا. والثانى هو مبتدأ، والخبر: أفمن أسس بنيانه: أى منهم فحذف العائد للعلم به، ويقرأ بغير واو وهو مبتدأ، والخبر أفمن أسس على ماتقدم (ضرارا) يجوز أن يكون مفعولا ثانيا لاتخذوا وكذلك مابعده وهذه المصادر كلها واقعة موضع اسم الفاعل: أى مضرا ومفترقا، ويجوز أن تكون كلها مفعولا له.

قوله تعالى (لمسجد) اللام لام الابتداء، وقيل جواب قسم محذوف. و (أسس) نعت له، و (من أل) يتعلق بأسس، والتقدير عند بعض البصريين من تأسيس أول يوم، لانهم يرون أن " من " لاتدخل على الزمان، وإنما ذلك لمنذ وهذا ضعيف هاهنا لان التأسيس المقدر ليس بمكان حتى تكون " من " لابتداء غايته ويدل على جواز دخول " من " على الزمان ماجاء في القرآن من دخولها على قبل التى يراد بها الزمان، وهو كثير في القرآن وغيره والخبر (أحق أن تقوم) و (فيه) الاولى تتعلق بتقوم، والتاء لخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (فيه رجال) فيه ثلاثة أوجه: أحدها هو صفة لمسجد جاء‌ت بعد الخبر. والثانى أن الجملة حال من الهاء في فيه الاولى. والعامل فيه تقوم. والثالث هى مستأنفة.

٢٢

قوله تعالى (على تقوى) يجوز أن يكون في موضع الحال من الضمير في أسس أى على قصد التقوى، والتقدير: قاصدا ببنيانه التقوى، ويجوز أن يكون مفعولا لاسس (جرف) بالضم والاسكان وهما لغتان: وفى (هار) وجهان: أحدهما أصله هور أو هير على فعل، فلما تحرك حرف العلة، وانفتح ماقبله قلب ألفا وهذا يعرف بالنصب(١) والرفع والجر مثل قولهم كبش صاف: أى صوف، ويوم راح: أى روح.

والثانى أن يكون أصله هاورا أو هايرا، ثم أخرت عين الكلمة فصارت بعد الراء وقلبت الواو ياء لانكسار ماقبلها، ثم حذفت لسكونها وسكون التنوين، فوزنه بعد القلب قالع، وبعد الحذف قال، وعين الكلمة واو أو ياء يقال تهور البناء وتهير (فانهار به) به هنا حال: أى فانهار وهو معه.

_____________________

(١) (قوله وهذا يعرف بالنصب الخ) الاولى تأخيره بعد قوله والثانى أن يكون إلى تمام التصريف اه‍ مصححه. (*)

٢٣

قوله تعالى (بأن لهم الجنة) الباء هنا للمقابلة. والتقدير: باستحقاقهم الجنة (يقاتلون) مستأنف (فيقتلون ويقتلون) هو مثل الذى في آخر آل عمران في وجوه القراء‌ة (وعدا) مصدر: أى وعدهم بذلك وعدا، و (حقا) صفته.

قوله تعالى (التائبون) يقرأ بالرفع: أى هم التائبون، ويجوز أن يكون مبتدأ، والخبر (الآمرون بالمعروف) ومابعده وهو ضعيف، ويقرأ بالياء على إضمار أعنى أو أمدح، ويجوز أن يكون مجرورا صفة للمؤمنين، (والناهون عن المنكر) إنما دخلت الواو في الصفة الثامنة إيذانا بأن السبعة عندهم عدد تام، ولذلك قالوا سبع في ثمانية: أى سبع أذرع في ثمانية أشبار، وإنما دلت الواو على ذلك لان الواو تؤذن بأن مابعدها غير ماقبلها، ولذلك دخلت في باب عطف النسق.

قوله تعالى (من بعد ماكاد يزيغ قلوب فريق منهم) في فاعل كاد ثلاثة أوجه: أحدها ضمير الشأن، والجملة بعده في موضع نصب. والثانى فاعله مضمر تقديره: من بعد ماكاد القوم، والعائد على هذا الضمير في منهم. والثالث فاعلها القلوب، ويزيغ في نية التأخير، وفيه ضمير فاعل، وإنما يحسن ذلك على القراء‌ة بالتاء، فأما على القراء‌ة بالياء فيضعف أصل هذا التقدير، وقد بيناه في قوله " ماكاد يصنع فرعون ".

قوله تعالى (وعلى الثلاثة) إن شئت عطفته على النبى صلى الله عليه وسلم: أى تاب على النبى وعلى الثلاثة، وإن شئت على عليهم: أى ثم تاب عليهم وعلى الثلاثة (لا ملجأ من الله) خبر " لا " من الله (إلا إليه) استثناء مثل لاإله إلا الله.

قوله تعالى (موطئا) يجوز أن يكون مكانا فيكون مفعولا به، وأن يكون مصدرا مثل الموعد.

قوله تعالى (فرقة منهم) يجوز أن يكون منهم صفة لفرقة، وأن يكون حالا من (طائفة).

قوله تعالى (غلظة) يقرأ بكسر الغين وفتحها وضمها وكلها لغات.

قوله تعالى (هل يراكم) تقديره: يقولون هل يراكم.

قوله تعالى (عزيز عليه) فيه وجهان: أحدهما هو صفة لرسول، ومامصدرية موضعها رفع بعزيز.

والثانى أن (ماعنتم) مبتدأ، وعزيز عليه خبر مقدم، والجملة صفة لرسول (بالمؤمنين) يتعلق ب‍ (رء‌وف).

٢٤

سورة يونسعليه‌السلام

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قد تقدم القول على الحروف المقطعة في أول البقرة والاعراف، ويقاس الباقى عليهما، و (الحكيم) بمعنى المحكم، وقيل هو بمعنى الحاكم.

قوله تعالى (أكان للناس عجبا أن أوحينا) اسم كان، وخبرها عجبا، وللناس حال من عجب، لان التقدير: أكان عجبا للناس، وقيل هو متعلق بكان، وقيل هو يتعلق بعجب على التبيين، وقيل عجب هنا بمعنى معجب، والمصدر إذا وقع موقع اسم مفعول أو فاعل جاز أن يتقدم معموله عليه كاسم المفعول (أن أنذر الناس) يجوز أن تكون أن مصدرية، فيكون موضعها نصبا بأوحينا، وأن تكون بمعنى أى فلا يكون لها موضع.

قوله تعالى (يدبر الامر) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون خبرا ثانيا، وأن يكون حالا.

قوله تعالى (وعد الله) هو منصوب على المصدر بفعل دل عليه الكلام، وهو قوله " إليه مرجعكم " لان هذا وعد منه سبحانه بالبعث، و (حقا) مصدر آخر تقديره: حق ذلك حقا (أنه يبدأ) الجمهور على كسر الهمزة على الاستئناف، وقرئ بفتحها، والتقدير: حق أنه يبدأ فهو فاعل، ويجوز أن يكون التقدير لانه يبدأ وماضى يبدأ بدأ، وفيه لغة أبدأ (بما كانوا) في موضع رفع صفة أخرى لعذاب، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف.

قوله تعالى (جعل الشمس ضياء) مفعولان، ويجوز أن يكون ضياء حالا، وجعل بمعنى خلق، والتقدير: ذات ضياء، وقيل الشمس هى الضياء، والياء منقلبة عن واو لقولك ضوء، والهمزة أصل، ويقرأ بهمزتين بينهما ألف، والوجه فيه أن يكون أخر الياء وقدم الهمزة، فلما وقعت الياء ظرفا بعد ألف زائدة قلبت همزة عند قوم، وعند آخرين قلبت ألفا، ثم قلبت الالف همزة لئلا يجتمع ألفان (والقمر نورا) أى ذا نور، وقيل المصدر بمعنى فاعل: أى منيرا (وقدره منازل) أى وقدر له فحذف حرف الجر، وقيل التقدير: قدره ذا منازل، وقدر على هذا متعدية إلى مفعولين لان معناه جعل وصير، ويجوز أن يكون قدر متعديا إلى واحد بمعنى خلق ومنازل، حال: أى منتقلا.

٢٥

قوله تعالى (إن الذين لايرجون) خبر إن (أولئك مأواهم النار) فأولئك مبتدأ ومأواهم مبتدأ ثان، والنار خبره، والجملة خبر أولئك (بما كانوا) الباء متعلقة بفعل محذوف دل عليه الكلام: أى جوزوا بما كانوا يكسبون.

قوله تعالى (تجرى من تحتهم) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا من ضمير المفعول في يهديهم والمعنى يهديهم في الجنة إلى مراداتهم في هذه الحال (في جنات) يجوز أن يتعلق بتجرى، وأن يكون حالا من الانهار، وأن يكون متعلقا بيهدى، وأن يكون حالا من ضمير المفعول في يهدى، وأن يكون خبرا ثانيا لان.

قوله تعالى (دعواهم) مبتدأ (سبحانك) منصوب على المصدر، وهو تفسير الدعوى لان المعنى: قولهم سبحانك اللهم، و (فيها) متعلق بتحية (أن الحمد) أن مخففة من الثقيلة، ويقرأ أن بتشديد النون وهى مصدرية، والتقدير: آخر دعواهم حمد الله.

قوله تعالى (الشر) هو مفعول يعجل، و (استعجالهم) تقديره: تعجيلا مثل استعجالهم، فحذف المصدر وصفته المضافة، وأقام المضاف إليه مقامهما.

وقال بعضهم: هو منصوب على تقدير حذف حرف الجر: أى كاستعجالهم، وهو بعيد، إذ لو جاز ذلك لجاز زيد غلام عمرو: أى كغلام عمرو، وبهذا ضعفه جماعة، وليس بتضعيف صحيح إذ ليس في المثال الذى ذكر فعل يتعدى بنفسه عند حذف الجار، وفى الآية فعل يصح فيه ذلك وهو قوله " يعجل " (فنذر) هو معطوف على فعل محذوف تقديره: ولكن نمهلهم فنذر، ولايجوز أن يكون معطوفا على يعجل إذ لو كان كذلك لدخل في الامتناع الذى تقتضيه لو، وليس كذلك لان التعجيل لم يقع، وتركهم في طغيانهم وقع.

قوله تعالى (لجنبه) في موضع الحال: أى دعانا مضجعا ومثله (قاعدا أو قائما) وقيل العامل في هذه الاحوال مس، وهو ضعيف لامرين: أحدهما أن الحال على هذا واقعة بعد جواب " إذا " وليس بالوجه، والثانى أن المعنى كثرة دعائه في كل أحواله، لا على أن الضر يصيبه في كل أحواله. وعليه جاء‌ت آيات كثيرة في القرآن (كأن لم يدعنا) في موضع الحال من الفاعل في مر (إلى ضر) أى إلى كشف ضر، واللام في " لجنبه " على أصلها عند البصريين، والتقدير دعانا ملقيا لجنبه.

٢٦

قوله تعالى (من قبلكم) متعلق بأهلكنا وليس بحال من القرون لانه زمان. و (جاء‌تهم رسلهم) يجوز أن يكون حالا: أى وقد جاء‌تهم، ويجوز أن يكون معطوفا على ظلموا.

قوله تعالى (لننظر) يقرأ في الشاذ بنون واحدة وتشديد الظاء، ووجهها أن النون الثانية قلبت ظاء وأدغمت.

قوله تعالى (ولا أدراكم به) هو فعل ماض من دريت، والتقدير: لو شاء الله لما أعلمكم بالقرآن ويقرأ: ولادراكم به على الاثبات.

والمعنى: ولو شاء الله لاعلمكم به بلا واسطة، ويقرأ في الشاذ " ولا أدرأكم به " بالهمزة مكان الالف، قيل هى لغة لبعض العرب يقلبون الالف المبدلة من ياء همزة، وقيل هو غلط لان قارئها ظن أنه من الدرء وهو الدفع، وقيل ليس بغلط، والمعنى: ولو شاء الله لدفعكم عن الايمان به (عمرا) ينتصب نصب الظروف: أى مقدار عمر أو مدة عمر.

قوله تعالى (مالا يضرهم) " ما " بمعنى الذى، ويراد بها الاصنام، ولهذا قال تعالى (هؤلاء شفعاؤنا) فجمع حملا على معنى " ما ".

قوله تعالى (وإذا أذقنا) جواب " إذا " الاولى (إذا) الثانية. والثانية للمفاجأة والعامل في الثانية الاستقرار الذى في (لهم) وقيل " اذا " الثانية زمانية أيضا، والثانية ومابعدها جواب الاولى.

قوله تعالى (يسيركم) يقرأ بالسين من السير، وينشركم من النشر: أى يصرفكم ويبثكم (وجرين بهم) ضمير الغائب، وهو رجوع من الخطاب إلى الغيبة، ولو قال بكم لكان موافقا لكنتم، وكذلك (فرحوا) ومابعده (جاء‌تها) الضمير للفلك، وقيل للريح.

قوله تعالى (إذا هم) هو جواب لما، وهى للمفاجأة كالتى يجاب بها الشرط (بغيكم) مبتدأ، وفى الخبر وجهان: أحدهما (على أنفسكم) وعلى متعلقة بمحذوف. أى كائن لا بالمصدر، لان الخبر لايتعلق بالمبتدأ ف‍ (متاع) على هذا خبر مبتدأ محذوف: أى هومتاع أو خبر بعد خبر.

والثانى أن الخبر متاع، وعلى أنفسكم متعلق بالمصدر، ويقرأ متاع بالنصب، فعلى هذا على أنفسكم خبر المبتدأ، ومتاع منصوب على المصدر: أى يمتعكم بذلك متاع، وقيل هو مفعول به، والعامل فيه بغيكم، ويكون البغى هنا بمعنى الطلب: أى طلبكم على أنفسكم

٢٧

متاع الحياة الدنيا، فعلى هذا على أنفسكم ليس بخبر، لان المصدر لايعمل فيما بعد خبره، بل على أنفسكم

متعلق بالمصدر، والخبر محذوف تقديره: طلبكم متاع الحياة الدنيا ضلال ونحو ذلك ويقرأ متاع بالجر على أنه نعت للانفس، والتقدير: ذوات متاع، ويجوز أن يكون المصدر بمعنى اسم الفاعل، أى ممتعات الدنيا، ويضعف أن يكون بدلا إذ قد أمكن أن يجعل صفة.

قوله تعالى (فاختلط به نبات الارض) الباء للسبب: أى اختلط النبات بسبب اتصال الماء به، وقيل المعنى خالطه نبات الارض، أى اتصل به فرباه، و (مما يأكل) حال من النبات (وازينت) أصله تزينت، ثم عمل فيه ماذكرنا في " ادارأتم فيها " ويقرأ بفتح الهمزة وسكون الزاى وياء مفتوحة بعدها خفيفة النون والياء: أى صارت ذات زينة كقولك: أجرب الرجل إذا صار ذا إبل جربى، وصحح الياء، والقياس أن تقلب ألفا، ولكن جاء مصححا كما جاء استحوذ، ويقرأ و " ازيأنت " بزاى ساكنة خفيفة بعدها ياء مفتوحة بعدها همزة بعدها نون مشددة والاصل وازيانت مثل احمارت ولكن حرك الالف فانقلبت همزة كما ذكرنا في الضالين (تغن بالامس) قرئ في الشاذ " تتغن " بتاء‌ين وهو في القراء‌ة المشهورة والامس هنا يراد به للزمان الماضى لاحقيقة أمس الذى قبل يومك، وإذا أريد به ذلك كان معربا. وكان بلا ألف ولام ولاإضافة نكرة.

قوله تعالى (ولايرهق وجوههم) الجملة مستأنفة، ويجوز أن يكون حالا، والعامل فيها الاستقرار في الذين: أى استقرت لهم الحسنى مضمونا لهم السلامة ونحو ذلك، ولايجوز أن يكون معطوفا على الحسنى لان الفعل إذا عطف على المصدر احتاج إلى أن ذكرا أو تقديرا، وإن غير مقدرة لان الفعل مرفوع.

قوله تعالى (والذين كسبوا) مبتدأ، وفى الخبر وجهان: أحدهما هو قوله " مالهم من الله من عاصم " أو قوله " كأنما أغشيت " أو قوله " أولئك أصحاب " ويكون (جزاء سيئة بمثلها) معترضا بين المبتدأ وخبره.

والثانى الخبر جزاء سيئة، وجزاء مبتدأ. وفى خبره وجهان، أحدهما بمثلها والباء زائدة كقوله: وجزاء سيئة سيئة مثلها، ويجوز أن تكون غير زائدة، والتقدير: جزاء سيئة مقدر بمثلها. والثانى أن تكون الباء متعلقة بجزاء والخبر محذوف: أى وجزاء سيئة بمثلها واقع (وترهقهم ذلة) قيل هو معطوف على كسبوا، وهو ضعيف لان المستقبل لايعطف على

٢٨

الماضى، وإن قيل هو بمعنى الماضى فضعيف أيضا، وقيل الجملة حال (قطعا) يقرأ بفتح الطاء وهو جمع قطعة، وهو مفعول ثان لاغشيت، و (من الليل) صفة لقطع، و (مظلما) حال من الليل، وقيل من قطعا أو صفة لقطعا وذكره لان القطع في معنى الكثير، ويقرأ بسكون الطاء فعلى هذا يكون مظلما صفة لقطع، أو حالا منه أو حالا من الضمير في من، أو حالا من الليل.

قوله تعالى (مكانكم) هو ظرف مبنى لوقوعه موقع الامر: أى الزموا، وفيه ضمير فاعل، و (أنتم) توكيد له والكاف والميم في موضع جر عند قوم، وعند آخرين الكاف للخطاب لاموضع لها كالكاف في إياكم (وشركاؤكم) عطف على الفاعل (فزيلنا) عين الكلمة واوا لانه من زال يزول، وإنما قلبت ياء لان وزن الكلمة فيعل: أى زيولنا مثل بيطر وبيقر فلما اجتمعت الياء والواو على الشرط المعروف قلبت ياء، وقيل هو من زلت الشئ أزيله، فعينه على هذا ياء، فيحتمل على هذا أن تكون فعلنا وفيعلنا.

قوله تعالى (هنالك تبلوا) يقرأ بالباء: أى تختبر عملها، ويقرأ بالتاء: أى تتبع، أو تقرأ في الصحيفة.

قوله تعالى (أنهم لايؤمنون) أن وماعملت فيه في موضع رفع بدلا من كلمة، أو خبر مبتدأ محذوف، أو في موضع نصب: أى لانهم أو في موضع جر على إعمال اللام محذوفة.

قوله تعالى (أمن لايهدى) فيها قراء‌ات قد ذكرنا مثلها في قوله " يخطف أبصارهم " ووجهناها هناك، وأما (إلا أن يهدى) فهو مثل قوله " إلا أن يصدقوا " وقد ذكر في النساء، وله نظائر قد ذكرت أيضا (فمالكم) مبتدأ وخبره: أى أى شئ لكم في الاشراك، و (كيف تحكمون) مستأنف: أى كيف تحكمون بأن له شريكا.

قوله تعالى (لايغنى من الحق شيئا) في موضع المصدر: أى إغناء، ويجوز أن يكون مفعولا ليغنى، ومن الحق حال منه.

قوله تعالى (وماكان هذا القرآن) هذا اسم كان، والقرآن نعت له أو عطف بيان، و (أن يفترى) فيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه خبر كان: أى وماكان القرآن افتراء، والمصدر هنا بمعنى المفعول. أى مفترى.

والثانى التقدير: ماكان القرآن ذا افتراء.

٢٩

والثالث أن " أن " خبر كان محذوف، والتقدير: ماكان هذا القرآن ممكنا أن يفترى، وقيل التقدير: لان يفترى، و (تصديق) مفعول له: أى ولكن أنزل للتصديق، وقيل التقدير: ولكن كان التصديق الذى: أى مصدق الذى

(وتفصيل الكتاب) مثل تصديق (لاريب فيه) يجوز أن يكون حالا من الكتاب والكتاب مفعول في المعنى، ويجوز أن يكون مستأنفا (من رب العالمين) يجوز أن يكون حالا أخرى، وأن يكون متعلقا بالمحذوف: أى ولكن أنزل من رب العالمين.

قوله تعالى (كيف كان) كيف خبر كان، و (عاقبة) اسمها.

قوله تعالى (من يستمعون إليك) الجمع محمول على معنى " من " والافراد في قوله تعالى (من ينظر) محمول على لفظها.

قوله تعالى (لايظلم الناس شيئا) يجوز أن يكون مفعولا: أى لاينقصهم شيئا، وأن يكون في موضع المصدر.

قوله تعالى (كأن لم يلبثوا) الكلام كله في موضع الحال، والعامل فيه يحشرهم وكأن هاهنا مخففة من الثقيلة، واسمها محذوف: أى كأنهم، و (ساعة) ظرف ليلبثوا، و (من النهار) نعت لساعة، وقيل كأن لم صفة اليوم، والعائد محذوف أى لم يلبثوا قبله، وقيل هو نعت لمصدر محذوف: أى حشرا كأن لم يلبثوا قبله، والعامل في يوم اذكر (يتعارفون) حال أخرى، والعامل فيها يحشرهم، وهى حال مقدرة. لان التعارف لايكون حال (قد خسر) يجوز أن يكون مستأنفا ويجوز أن يكون التقدير: يقولون قد خسر، والمحذوف حال من الضمير في يتعارفون.

قوله تعالى (ثم الله شهيد) ثم هاهنا غير مقتضية ترتيبا في المعنى، وإنما رتبت الاخبار بعضها على بعض كقولك: زيد عالم ثم هو كريم.

قوله تعالى (ماذا يستعجل) قد ذكرنا في ماذا في البقرة عند قوله تعالى " ماذا ينفقون " قولين، وهما مقولان هاهنا، وقيل فيها قول ثالث وهو أن تكون " ماذا " اسما واحدا مبتدأ، ويستعجل منه الخبر، وقد ضعف ذلك من حيث إن الخبر هاهنا جملة من فعل وفاعل، ولاضمير فيه يعود على المبتدأ، ورد هذا للقول بأن العائد الهاء في منه فهو كقولك: زيد أخذت منه درهما.

٣٠

قوله تعالى (آلآن) فيها كلام قد ذكر مثله في البقرة، والناصب لها محذوف تقديره: آمنتم الآن.

قوله تعالى (أحق هو) مبتدأ وهو مرفوع به، ويجوز أن يكون هو مبتدأ، وأحق الخبر، وموضع الجملة نصب بيستنبئونك، و (إى) بمعنى نعم.

قوله تعالى (وأسروا الندامة) مستأنف، وهو حكاية مايكون في الآخرة. وقيل هو بمعنى المستقبل. وقيل قد كان ذلك في الدنيا.

قوله تعالى (وشفاء) هو مصدر في معنى الفاعل: أى وشاف، وقيل هو في معنى المفعول: أى المشفى به.

قوله تعالى (فبذلك) الفاء الاولى مرتبطة بما قبلها، والثانية بفعل محذوف تقديره: فليعجبوا بذلك فليفرحوا، كقولهم: زيدا فاضربه: أى تعمد زيدا فاضربه، وقيل الفاء الاولى زائدة، والجمهور على الياء وهو أمر للغائب، وهو رجوع من الخطاب إلى الغيبة، ويقرأ بالتاء على الخطاب كالذى قبله.

قوله تعالى (أرأيتم) قد ذكر في الانعام (آلله) مثل آلذكرين، وقد ذكر في الانعام.

قوله تعالى (في شأن) خبر كان (وما تتلوا) ما نافية، و (منه) أى من الشأن، أى من أجله، و (من قرآن) مفعول تتلو، ومن زائدة (إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون) ظرف لشهودا (من مثقال) في موضع رفع بيعزب، ويعزب بضم الزاى وكسرها لغتان وقد قرئ بهما (ولاأصغر. ولاأكبر) بفتح الراء في موضع جر صفة لذرة أو لمثقال على اللفظ، ويقرآن بالرفع حملا على موضع من مثقال، والذى في سبأ يذكر في موضعه إن شاء الله تعالى (إلا في كتاب) أى إلا هو في كتاب، والاستثناء منقطع.

قوله تعالى (الذين آمنوا) يجوز أن يكون مبتدأ، وخبره (لهم البشرى) ويجوز أن يكون خبرا ثانيا، لان أو خبر ابتداء محذوف: أى هم الذين، ويجوز أن يكون منصوبا بإضمار أعنى، أو صفة لاولياء بعد الخبر، وقيل يجوز أن يكون في موضع جر بدلا من الهاء والميم في عليهم.

قوله تعالى (في الحياء الدنيا) يجوز أن تتعلق في بالبشرى، وأن يكون حالا منها، والعامل الاستقرار، و (لاتبديل) مستأنف.

قوله تعالى (إن العزة) هو مستأنف، والوقف على ماقبله.

٣١

قوله تعالى (وما يتبع) فيه وجهان: أحدهما هى نافية، ومفعول يتبع محذوف دل عليه قوله " إن يتبعون إلا الظن" و (شركاء) مفعول يدعون، ولايجوز أن يكون مفعول يتبعون، لان المعنى يصير إلى أنهم لم يتبعوا شركاء وليس كذلك. والوجه الثانى أن تكون " ما " استفهاما في موضع نصب بيتبع.

قوله تعالى (إن عندكم من سلطان) إن هاهنا بمعنى " ما " لا غير، (بهذا) يتعلق بسلطان أو نعت له.

قوله تعالى (متاع في الدنيا) خبر مبتدأ محذوف تقديره افتراؤهم أو حياتهم أو تقلبهم ونحو ذلك.

قوله تعالى (إذ قال لقومه) " إذ " ظرف، والعامل فيه نبأ، ويجوز أن يكون حالا (فعلى الله) الفاء جواب الشرط، والفاء في (فاجمعوا) عاطفة على الجواب، وأجمعوا بقطع الهمزة من قولك أجمعت على الامر إذا عزمت عليه، إلا أنه حذف حرف الجر فوصل الفعل بنفسه، وقيل هو متعد بنفسه في الاصل، ومنه قول الحرث: أجمعوا أمرهم بليل فلما * أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء وأما (شركاء‌كم) فالجمهور على النصب، وفيه أوجه: أحدها هو معطوف على أمركم تقديره: وأمر شركائكم، فأقام المضاف إليه مقام المضاف.

والثانى هو مفعول معه تقديره: مع شركائكم.

والثالث هو منصوب بفعل محذوف: أى وأجمعوا شركاء‌كم، وقيل التقدير: وادعوا شركاء‌كم، ويقرأ بالرفع وهو معطوف على الضمير في أجمعوا، ويقرأ فاجمعوا بوصل الهمزة وفتح الميم، والتقدير ذوى أمركم، لانك تقول جمعت القوم وأجمعت الامر، ولاتقول جمعت الامر على هذا المعنى وقيل لاحذف فيه لان المراد بالجمع هنا ضم بعض أمورهم إلى بعض (ثم اقضوا إلى) يقرأ بالقاف والضاد من قضيت الامر، والمعنى: أقضوا ماعزمتم عليه من الايقاع بى، ويقرأ بفتح الهمزة والفاء والضاد، والمصدر منه الافضاء، والمعنى: صلوا إلى ولام الكلمة واو، يقال فضا المكان يفضوا إذا اتسع.

قوله تعالى (من بعده) الهاء تعود على نوح عليه السلام (فما كانوا) الواو ضمير القوم، والضمير في (كذبوا) يعود على قوم نوح، والهاء في (به) لنوح، والمعنى: فما كان قوم الرسل الذين بعد نوح ليؤمنوا بالذى كذب به قوم نوح: أى بمثله، ويجوز أن تكون الهاء

٣٢

لنوح، ولايكون فيه حذف، والمعنى: فما كان قوم الرسل الذين بعد نوح ليؤمنوا بنوحعليه‌السلام .

قوله تعالى (أتقولون للحق لما جاء‌كم) المحكى بيقول محذوف: أى أتقولون له هو سحر ! ثم استأنف فقال (أسحر هذا) وسحر خبر مقدم، وهذا مبتدأ.

قوله تعالى (الكبرياء في الارض) هو اسم كان، ولكم خبرها، وفى الارض ظرف للكبرياء منصوب بها، أو بكان، أو بالاستقرار في لكم، ويجوز أن يكون حالا من الكبرياء، أو من الضمير في لكم.

قوله تعالى (ماجئتم به السحر) يقرأ بالاستفهام فعلى هذا تكون " ما " استفهاما، وفى موضعها وجهان: أحدهما نصب بفعل محذوف موضعه بعد ماتقديره: أى شئ أتيتم به وجئتم به يفسر المحذوف، فعلى هذا في قوله السحر وجهان، أحدهما هو خبر مبتدأ محذوف: أى هو السحر. والثانى أن يكون الخبر محذوفا: أى السحر هو، والثانى موضعها رفع بالابتداء وجئتم به الخبر، والسحر فيه وجهان: أحدهما ماتقدم من الوجهين.

والثانى هو بدل من موضع " ما " كما تقول ماعندك أدينار أم درهم؟ ويقرأ على لفظ الخبر وفيه وجهان: أحدهما استفهام أيضا في المعنى، وحذفت الهمزة للعلم بها. والثانى هو خبر في المعنى، فعلى هذا تكون " ما " بمعنى الذى. وجئتم به صلتها، والسحر خبرها، ويجوز أن تكون " ما " استفهاما، والسحر خبر مبتدأ محذوف.

قوله تعالى (وملئهم) فيما يعود الهاء والميم إليه أوجه: أحدها هو عائد على الذرية، ولم تؤنث لان الذرية قوم فهو مذكر في المعنى. والثانى هو عائد على القوم والثالث يعود على فرعون، وإنما جمع لوجهين: أحدهما أن فرعون لما كان عظيما عندهم عاد الضمير إليه بلفظ الجمع، كما يقول العظيم نحن نأمر.

والثانى أن فرعون صار اسما لاتباعه، كما أن ثمود اسم للقبيلة كلها، وقيل الضمير يعود على محذوف تقديره من آل فرعون وملائهم: أى ملا الآل، وهذا عندنا غلط لان المحذوف لايعود إليه ضمير، إذ لو جاز ذلك لجاز أن تقول زيد قاموا، وأنت تريد غلمان زيد قاموا (أن يفتنهم) هو في موضع جر بدلا من فرعون تقديره: على خوف فتنة من فرعون، ويجوز أن يكون في موضع نصب بخوف: أى على خوف فتنة فرعون.

قوله تعالى (أن تبوآ) يجوز أن تكون أن المفسرة ولايكون لها موضع من الاعراب، وأن

٣٣

تكون مصدرية فتكون في موضع نصب بأوحينا، والجمهور على تحقيق الهمزة، ومنهم من جعلها ياء وهى مبدلة من الهمزة تخفيفا (لقومكما) فيه وجهان: أحدهما اللام غير زائدة، والتقدير: أتخذ لقومكما بيوتا، فعلى هذا يجوز أن يكون لقومكما أحد مفعولى تبوآ، وأن يكون حالا من البيوت.

والثانى اللام زائدة، والتقدير: بوئا قومكما بيوتا: أى أنزلاهم، وتفعل وفعل بمعنى مثل علقها وتعلقها، فأما قوله بمصر يجوز أن يتعلق بتبوآ، وأن يكون حالا من البيوت،

وأن يكون حالا من قومكما، وأن يكون حالا من ضمير الفاعل في تبوآ وفيه ضعف (واجعلوا. وأقيموا) إنما جمع فيهما، لانه أراد موسى وهارون صلوات الله عليهما وقومهما، وأفرد في قوله (وبشر) لانه أراد موسى عليه السلام وحده، إذ كان هو الرسول وهارون وزيرا له، فموسى عليه السلام هو الاصل.

قوله تعالى (فلايؤمنوا) في موضعه وجهان: أحدهما النصب وفيه وجهان: أحدهما هو معطوف على ليضلوا، والثانى هو جواب الدعاء في قوله اطمس واشدد. والقول الثانى موضعه جزم، لان معناه الدعاء كما تقول لاتعذبنى.

قوله تعالى (ولاتتبعان) يقرأ بتشديد النون، والنون للتوكيد، والفعل مبنى معها، والنون التى تدخل للرفع لاوجه لها هاهنا لان الفعل هنا غير معرب، ويقرأ بتخفيف النون وكسرها.

وفيه وجهان: أحدهما أنه نهى أيضا، وحذف النون الاولى من الثقيلة تخفيفا، ولم تحذف الثانية لانه لو حذفها لحذف نونا محركة واحتاج إلى تحريك الساكنة، وحذف الساكنة أقل تغيرا. والوجه الثانى أن الفعل معرب مرفوع وفيه وجهان: أحدهما هو خبر في معنى النهى كما ذكرنا في قوله " لاتعبدون إلا الله " والثانى هو في موضع الحال، والتقدير: فاستقيما غير متبعين.

قوله تعالى (وجاوزنا ببنى إسرائيل) الباء للتعدية مثل الهمزة كقولك: أجزت الرجال البحر (بغيا وعدوا) مفعول من أجله، أو مصدر في موضع الحال.

قوله تعالى (آلآن) العامل فيه محذوف تقديره: أتؤمن الآن.

قوله تعالى (ببدنك) في موضع الحال: أى عاريا، وقيل بجسدك لاروح فيه، وقيل بدرعك.

٣٤

قوله تعالى (مبوأ صدق) يجوز أن يكون مصدرا، وأن يكون مكانا.

قوله تعالى (إلا قوم يونس) هو منصوب على الاستثناء المنقطع، لان المستثنى منه القرية وليست من جنس القوم، وقيل هو متصل لان التقدير: فلولا كان أهل قرية، ولو كان قد قرئ بالرفع لكانت إلا فيه بمنزلة غير فيكون صفة.

قوله تعالى (ماذا في السموات) هو استفهام في موضع رفع بالابتداء. والسموات الخبر وانظروا معلقة عن العمل، ويجوز أن تكون بمعنى الذى، وقد تقدم أصل ذلك (وماتغنى) يجوز أن تكون استفهاما في موضع نصب، وأن تكون نفيا.

قوله تعالى (كذلك حقا) فيه ثلاثة أوجه: أحدها أن كذلك في موضع نصب صفة لمصدر محذوف: أى إنجاء كذلك وحقا بدل منه. والثانى أن يكونا منصوبين

بينجى التى بعدهما. والثالث أن يكون كذلك للاولى وحقا للثانية، ويجوز أن يكون، كذلك خبر المبتدأ: أى الامر كذلك، وحقا منصوب بما بعدها.

قوله تعالى (وأن أقم وجهك) قد ذكر في الانعام مثله.

سورة هودعليه‌السلام

بسم اللّه الرحمن الرحيم

إن جعلت هودا اسما للسورة لم تصرفه للتعريف والتأنيث، ويجوز صرفه لسكون أوسطه عند قوم، وعند آخرين لايجوز صرفه بحال لانه من تسمية المؤنث بالمذكر، وإن جعلته للنبى عليه السلام صرفته.

قوله تعالى (كتاب) أى هذا كتاب، ويجوز أن يكون خبر " الر " أى " الر " وأشباهها كتاب (ثم فصلت) الجمهور على الضم والتشديد، ويقرأ بالتخفيف وتسمية الفاعل، والمعنى: ثم فرقت كقوله " فلما فصل طالوت " أى فارق (من لدن) يجوز أن يكون صفة، أى كائن من لدن، ويجوز أن يكون مفعولا، والعامل فيه فصلت، وبنيت لدن وإن أضيفت، لان علة بنائها خروجها عن نظيرها، لان لدن بمعنى عند، ولكن هى مخصوصة بملاصقة الشئ وشدة مقاربته، وعند ليست كذلك بل هى للقريب ومابعد عنه وبمعنى الملك.

قوله تعالى (أن لاتعبدوا) في " أن " ثلاثة أوجه: أحدها هى مخففة من الثقيلة.

٣٥

والثانى أنها الناصبة للفعل، وعلى الوجهين موضعها رفع تقديره هى أن لاتعبدوا، ويجوز أن يكون التقدير: بأن لاتعبدوا، فيكون موضعها جرا أو نصبا على ماحكينا من الخلاف.

والوجه الثالث أن تكون " أن " بمعنى أى، فلا يكون لها موضع، ولاتعبدوا نهى، و (منه) أى من الله، والتقدير: نذير كائن منه، فلما قدمه صار حالا، ويجوز أن يتعلق بنذير، ويكون التقدير: إننى لكم نذير من أجل عذابه.

قوله تعالى (وأن استغفروا) " أن " معطوفة على " أن " الاولى، وهى مثلها مما؟؟ ذكر (وإن تولوا) أى يتولوا.

قوله تعالى (يثنون) الجمهور على فتح الياء وضم النون، وماضيه ثنى، ويقرأ كذلك إلا أنه بضم الياء وماضيه أثنى، ولا يعرف في اللغة إلا أن يقال معناه عرضوها للاثناء، كما تقول أبعت الفرس إذا عرضته للبيع.

ويقرأ بالياء مفتوحة وسكون الثاء ونون مفتوحة وبعدها همزة مضمومة بعدها نون مفتوحة مشددة مثل يقرء‌ون، وهو من ثنيت، إلا أنه قلب الياء واوا لانضمامها ثم همزها لانضمامها، ويقرأ يثنونى مثل يعشوشب وهو يفعوعل من ثنيت، والصدور فاعل.

ويقرأ كذلك إلا أنه بحذف الياء الاخيرة تخفيفا لطول الكلمة.

ويقرأ بفتح الياء والنون وهمزة مكسورة بعدها نون مرفوعة مشددة، وأصل الكلمة يفعوعل من الثنى، إلا أنه أبدل الواو المكسورة همزة، كما أبدلت في وسادة فقالوا إسادة، وقيل أصلها يفعال مثل يحمار، فأبدلت الالف همزة كما قالوا ابياض (ألا حين) العامل في الظرف محذوف: أى ألا حين يستغشون ثيابهم يستخفون، ويجوز أن يكون ظرفا ليعلم.

قوله تعالى (مستقرها ومستودعها) مكانان، ويجوزأن يكونا مصدرين كما قال الشاعر * ألم تعلم مسرحى القوافى * أى تسرحى.

قوله تعالى (ولئن) اللام لتوطئة القسم، والقسم محذوف وجوابه (ليقولن) ومثله " ولئن أذقنا " وجواب القسم " إنه ليئوس " وسد القسم وجوابه مسد جواب الشرط.

قوله تعالى (ألا يوم يأتيهم) يوم ظرف ل‍ (مصروفا) أى لايصرف عنهم يوم يأتيهم، وهذا يدل على جواز تقديم خبر ليس عليها. وقال بعضهم: العامل فيه محذوف دل عليه الكلام: أى لايصرف عنهم العذاب يوم يأتيهم، واسم ليس مضمر فيها: أى ليس العذاب مصروفا.

٣٦

قوله تعالى (لفرح) يقرأ بكسر الراء وضمها وهما لغتان، مثل يقظ ويقظ وحذر وحذر.

قوله تعالى (إلا الذين صبروا) في موضع نصب وهو استثناء متصل، والمستثنى منه الانسان وقيل هو منفصل، وقيل هو في موضع رفع على الابتداء، و (أولئك لهم مغفرة) خبره.

قوله تعالى (وضائق به صدرك) صدرك مرفوع بضائق لانه معتمد على المبتدإ وقيل هو مبتدإ وضائق خبر مقدم، وجاء ضائق على فاعل من ضاق يضيق (أن يقولوا) أى مخافة أن يقولوا، وقيل لان يقولوا: أى لان قالوا فهو بمعنى الماضى.

قوله تعالى (وباطل) خبر مقدم، و (ماكانوا) المبتدإ والعائد محذوف: أى يعملونه، وقرئ باطلا بالنصب، والعامل فيه يعملون، ومازائدة.

قوله تعالى (أفمن كان) في موضع رفع بالابتداء والخبر محذوف تقديره: أفمن كان على هذه الاشياء كغيره (ويتلوه) في الهاء عدة أوجه: أحدها يرجع على " من " وهو النبى صلى الله عليه وسلم، والتقدير: ويتلو محمدا: أى صدق محمد (شاهد منه) أى لسانه، وقيل الشاهد جبريل عليه السلام، والهاء في منه لله، وفى (من قبله) للنبى، و (كتاب موسى) معطوف على الشاهد، وقيل الشاهد الانجيل، والمعنى أن التوراة والانجيل يتلوان محمدا صلى الله عليه وسلم في التصديق، وقد فصل بين حرف العطف والمعطوف بقوله " من قبله " أى وكتاب موسىعليه‌السلام من قبله.

والوجه الثانى أن الهاء للقرآن: أى ويتلو القرآن شاهد من محمد صلى الله عليه وسلم وهو لسانه، وقيل جبريلعليه‌السلام .

والثالث أنها تعود على البيان الذى دلت عليه البينة، وقيل تمام الكلام عند قوله منه ومن قبله كتاب موسىعليه‌السلام ابتداء وخبر، و (إماما ورحمة) حالان، وقرئ كتاب موسى بالنصب: أى ويتلو كتاب موسى (في مرية) يقرأ بالكسر والضم وهما لغتان.

قوله تعالى (يضاعف لهم) مستأنف (ماكانوا) في " ما " ثلاثة أوجه: أحدها هى بمعنى الذى، والمعنى: يضاعف لهم بما كانوا، فلما حذف الحرف نصب. والثانى هى مصدرية، والتقدير: مدة ماكانوا يستطيعون. والثالث هى نافية أى من شدة بغضهم له لم يستطيعوا الاصغاء إليه.

٣٧

قوله تعالى (لاجرم) فيه أربعة أقوال: أحدها أن " لا " رد لكلام ماض: أى ليس الامر كما زعموا، وجرم فعل وفاعله مضمر فيه، و (أنهم في الآخرة) في موضع نصب، والتقدير: كسبهم قولهم خسرانهم في الآخرة.

والقول الثانى أن لاجرم كلمتان ركبتا وصارتا بمعنى حقا، وأن في موضع رفع بأنه فاعل لحق: أى حق خسرانهم.

والثالث أن المعنى لامحالة خسرانهم، فيكون في موضع رفع أيضا، وقيل في موضع نصب أو جر إذ التقدير: لامحالة في خسرانهم.

والرابع أن المعنى لامنع من أنهم خسروا فهو في الاعراب كالذى قبله.

قوله تعالى (مثل الفريقين) مبتدأ، والخبر (كالاعمى) والتقدير: كمثل الاعمى، وأحد الفريقين الاعمى والاصم والآخر البصير والسميع (مثلا) تمييز.

قوله تعالى (إنى لكم) يقرأ بكسر الهمزة على تقدير: فقال إنى، وبفتحها على تقدير: بأنى، وهو في موضع نصب: أى أرسلناه بالانذار: أى منذرا.

قوله تعالى (أن لاتعبدوا) هو مثل الذى في أول السورة.

قوله تعالى (مانراك) يجوز أن يكون من رؤية العين، وتكون الجملة بعدها في موضع الحال، وقد معه مرادة، ويجوز أن يكون من رؤية القلب، فتكون الجملة في موضع المفعول الثانى.

والاراذل جمع أرذال، وأرذال جمع رذل، وقيل الواحد أرذل والجمع أراذل، وجمع على هذه الزنة وإن كان وصفا لانه غلب فصار كالاسماء ومعنى غلبته أنه لايكاد يذكر الموصوف معه، وهومثل الابطح والابرق (بادى الرأى) يقرأ بهمزة بعد الدال، وهو من بدأ يبدأ إذا فعل الشئ أولا، ويقرأ بياء مفتوحة.

وفيه وجهان: أحدهما أن الهمزة أبدلت ياء لانكسار ماقبلها. والثانى أنه من بدا يبدو إذا ظهر، وبادى هنا ظرف، وجاء على فاعل كما جاء على فعيل نحو قريب وبعيد، وهو مصدر مثل العافية والعاقبة، وفى العامل فيه أربعة أوجه: أحدها نراك أى فيما يظهر لنا من الرأى، أو في أول رأينا.

فإن قيل، ماقبل " إلا " إذا تم لايعمل فيما بعدها كقولك: ماأعطيت أحدا إلا زيدا دينارا، لان إلا تعدى الفعل ولاتعديه إلا إلى واحد كالواو في باب المفعول معه، قيل: جاز

٣٨

ذلك هنا لان بادى ظرف أو كالظرف، مثل جهد رأيى أنك ذاهب: أى في جهد رأيى، والظروف يتسع فيها.

والوجه الثانى أن العامل فيه اتبعك: أى اتبعوك في أول الرأى أو فيما ظهر منه من غير أن يبحثوا.

والوجه الثالث أنه من تمام أراذلنا: أى الاراذل في رأينا.

والرابع أن العامل فيه محذوف: أى يقول ذاك في بادى الرأى به، والرأى مهموز وغير مهموز.

قوله تعالى (رحمة من عنده) يجوز أن تكون من متعلقة بالفعل، وأن تكون من نعت الرحمة (فعميت) أى خفيت (عليكم) لانكم لم تنظروا فيها حق النظر وقيل المعنى عميتم عنها كقولهم: أدخلت الخاتم في أصبعى، ويقرأ بالتشديد والضم: أى أبهمت عليكم عقوبة لكم، و (أنلزمكموها) الماضى منه ألزمت، وهو متعد إلى مفعولين، ودخلت الواو هنا تتمة للميم، وهو الاصل في ميم الجمع، وقرئ بإسكان الميم الاولى فرارا من توالى الحركات.

قوله تعالى (تزدرى) الدال بدل من التاء، وأصلها تزترى وهو يفتعل من زريت، وأبدلت دالا لتجانس الزاى في الجهر، والتاء مهموسة فلم تجتمع مع الزاى.

قوله تعالى (قد جادلتنا) الجمهور على إثبات الالف، وكذلك (جدالنا) وقرئ " جدلتنا " فأكثرت جدلنا بغير ألف فيهما، وهو بمعنى غلبتنا بالجدل.

قوله تعالى (إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله) حكم الشرط إذا دخل على الشرط أن يكون الشرط الثانى والجواب جوابا للشرط الاول كقولك إن أتيتنى إن كلمتنى أكرمتك، فقولك إن كلمتنى أكرمتك جواب إن أتيتنى، وإذا كان كذلك صار الشرط الاول في الذكر مؤخرا في المعنى حتى لو أتاه ثم كلمه لم يجب الاكراه، ولكن إن كلمه ثم أتاه وجب إكرامه، وعلة ذلك أن الجواب صار معوقا بالشرط الثانى، وقد جاء في القرآن منه.

قوله تعالى " إن وهبت نفسها للنبى إن أراد النبى ".

قوله تعالى (فعلى إجرامى) يقرأ بكسر الهمزة وهو مصدر أجرم، وفيه لغة أخرى " جرم " ويفتح الهمزة وهو جمع جرم.

٣٩

قوله تعالى (إنه لن يؤمن) يقرأ بفتح الهمزة، وإنه في موضع رفع بأوحى ويقرأ بكسرها، والتقدير: قيل إنه، والمرفوع بأوحى.

قوله تعالى (إلى نوح إلا من قد آمن) استثناء من غير الجنس في المعنى، وهو فاعل لن يؤمن.

قوله تعالى (بأعيننا) في موضع الحال من ضمير الفاعل في اصنع: أى محفوظا.

قوله تعالى (من كل زوجين اثنين) يقرأ كل بالاضافة، وفيه وجهان: أحدهما أن مفعول احمل اثنين تقديره: احمل فيها اثنين من كل زوج، فمن على هذا حال لانها صفة للنكرة قدمت عليها. والثانى أن " من " زائدة والمفعول " كل " واثنين توكيد، وهذا على قول الاخفش، ويقرأ " من كل " بالتنوين، فعلى هذا مفعول احمل زوجين، واثنين توكيد له، ومن على هذا يجوز أن تتعلق باحمل، وأن تكون حالا.

والتقدير: من كل شئ أو صنف (وأهلك) معطوف على المفعول، و (إلا من سبق) استثناء متصل (ومن آمن) مفعول احمل أيضا.

قوله تعالى (بسم الله مجراها) مجراها مبتدأ، وبسم الله خبره، والجملة حال مقدرة، وصاحبها الواو في اركبوا، ويجوز أن ترفع مجراها بسم الله على أن تكون بسم الله حالا من الواو في اركبوا، ويجوز أن تكون الجملة حالا من الهاء تقديره: اركبوا فيها وجريانها بسم الله: وهى مقدرة أيضا، قيل مجراها ومرساها ظرفا مكان

وبسم الله حال من الواو: أى مسمين موضع جريانها، ويجوز أن يكون زمانا: أى وقت جريانها، ويقرأ بضم الميم فيهما، وهو مصدر أجريت مجرى، وبفتحهما، وهو مصدر جريت ورسيت، ويقرأ بضم الميم وكسر الراء والسين وياء بعدهما، وهو صفة لاسم الله عزوجل.

قوله تعالى (وهى تجرى بهم) يجوز أن تكون الجملة حالا من الضمير في بسم الله، أى جريانها بسم الله، وهى تجرى بهم، ويجوز أن تكون مستأنفة، وبهم حال من الضمير في تجرى: أى وهم فيها (نوح ابنه) الجمهور على ضم الهاء، وهو الاصل، وقرئ بإسكانها على إجراء الوصل مجرى الوقف، ويقرأ ابنها يعنى ابن امرأته، كأنه توهم إضافته إليها دونه لقوله " إنه ليس من أهلك " ويقرأ بفتح الهاء من غير ألف وحذف الالف تخفيفا، والفتحة تدل عليها، ومثله " ياأبت " فيمن فتح، ويقرأ " ابناه " على الترئى ليس بندبة، ولان

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

لحظات في نور أمّ هاشم(١)

هي ابنة الإمام عليّ كرّم الله وجهه ، ابنة السّيّدة فاطمة بنت الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وشقيقة السّبطين النّيرين الحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة ، رضي الله عنهم أجمعين(٢) .

كانت رضي الله عنها من خيرة نساء بيت النّبوّة ، اتّخذت طوال حياتها تقوى الله بضاعة لها ، ولسانها لا يفتر عن ذكر الله ، عرفت بكريمة الدّارسين ، وحسبت عند أهل العزم بأمّ العزائم ، وعند أهل الجود والكرم بأمّ هاشم ، وهي صاحبة الشّورى طوال حياتها.

ولدت رضي الله عنها سنة خمس من الهجرة النّبوّيّة ، فسرّ لمولدها أهل بيت النّبوّة ، ونشأت نشأة حسنة كاملة فاضلة ، تربّت على مائدة الطّهر والشّرف والإباء وعزّة النّفس ، محوطة بكتاب الله الكريم وسنّة جدّها العظيم ، وكانت رضوان الله عليها على جانب عظيم من الجود والكرم ، تزوّجت رضي الله عنها بابن عمّها الإمام عبد الله بن جعفر الطّيّار ، وأعقبت منه محمّدا ، وعليّا ، وعبّاسا

__________________

(١) انظر ، جريدة الجمهورية المصرية (٣ / ١ / ١٩٧٣ م). (منهقدس‌سره ).

(٢) تقدّمت تخريجاته.

٣٨١

تستكثر شيئا في سبيل الله وطاعته ، حتّى قتل أخيها ، وذبح أبنائها ، والسّير بها مسبيّة من بلد إلى بلد لقد قدم إبراهيم على ذبح ولده إسماعيل طاعة لله ، واستسلم الولد مختارا للذّبح امتثالا لأمر الله وهكذا سيّدة الطّفّ استسلمت لقضاء الله ، ورضيت به ، ولم تستكثر وتستعظم ما حلّ بها ، تماما كما استسلم إبراهيم وإسماعيل لأمر الله وإرادته.

شأن أهل البيت

ارتحل ابن سعد بجيشه من كربلاء في زوال اليوم الحادي عشر من المحرّم ، ومعه نساء الحسين وصبيته وجواريه ، وبعض نساء أصحابه الّذين استشهدوا معه ، وكانت النّساء عشرين امرأة ، والإمام زين العابدين ، وولده الإمام الباقر ، وكان له من العمر سنتان وشهور ، وثلاثة من أبناء الإمام الحسن ، وهم الحسن المعروف بالمثنى ، وزيد ، وعمر ، وطلبت النّسوة من جيش الطّغاة أن يمروا بهنّ على القتلى وحين نظرنّ إلى جسد الحسين صحنّ وبكينّ ، لطمنّ الخدود ، فاشتدّت الحال على الإمام السّجّاد ، وجاد بنفسه ، وقد انهكه المرض ، فقالت له سيّدة الطّفّ :

«مالي أراك تجود بنفسك يا بقيّة جدّي وأبي واخوتي؟ فو الله أنّ هذا لعهد من الله إلى جدّك وأبيك أنّ قبر أبيك سيكون علما لا يدرس أثره ، ولا يمحى رسمه على كرور اللّيالي والأيّام ، وليجتهد أئمّة الكفر ، وأشياع الضّلال في محوه وتطميسه ، فلا يزداد أثره إلّا علّوا»(١) .

__________________

(١) انظر ، كامل الزّيارات لابن قولوية : ٤٤٥ ، العوالم : ٣٦٢ ، البحار : ٢٨ / ٥٧ و : ٤٥ / ١٧٩.

٣٨٢

وإذا أخذت الإمام الرّقة والرّحمة على أبيه ، وهو على حاله تلك ، فقد حزن وبكى النّبيّ على ولده إبراهيم ، حتّى قال له بعض أصحابه :

ما هذا يا رسول الله؟.

فقال : أنّها الرّحمة الّتي جعلها في بني آدم ، وإنّما يرحم الله من عباده الرّحماء ثمّ قال: تدمع العين ، ويحزن القلب فلا نقول ما يسخط الرّب ؛ ولو لا أنّه قول صادق ، ووعد جامع ، وسبيل نأتيه ، وأنّ آخرنا سيتبع أوّلنا ؛ لوجدنا عليك أشدّ من وجدنا بك ، وإنّا عليك يا إبراهيم لمحزونون»(١) .

وآل الرّسول هم أهل بيت النّبوّة والرّحمة ، يحزنون رحمة ، ويبكون رقّة ، ولا يقولون ما يسخط الرّب ، بل يرضون بقضائه ، ويستسلمون لمشيئته ؛ وقد جاء في مناجاة الإمام السّجّاد : «أللهمّ سهّل علينا ما نستصعب من حكمك وألهمنا الإنقياد لما أوردت علينا من مشيّتك حتّى لا نحبّ تأخير ما عجّلت ، ولا تعجيل ما أخّرت ، ولا نكره ما أحببت ، ولا نتخيّر ما كرهت واختم لنا بالّتي هي أحمد عاقبة ، وأكرم مصيرا ، إنّك تفيد الكريمة ، وتعطي الجسميّة ، وتفعل ما تريد ، وأنت على كلّ شيء قدير»(٢) . وبهذا ، بحسن العاقبة والمصير ، بشّرت السّيّدة ابن أخيها الإمام ، رغم ما هما عليه من الأسر والسّبي.

لقد تألّبت قريش على رسول الله ، واتّفقت على تكذيبه وإيذائه ، والقضاء

__________________

(١) انظر ، صحيح البخاري : ٢ / ٨٤ و ٨٥ ، كنز العمّال : ح ٤٠٤٧٩ ، السّنن الكبرى للبيهقي : ٤ / ٦٩ ، دعائم الإسلام : ١ / ٢٢٤ ، بدائع الصّنائع : ١ / ٣١٠ ، المغني : ٢ / ٤١١ ، المحلّى : ٥ / ١٤٦ ، مسند أحمد : ٣ / ١٩٤ ، صحيح مسلم : ٧ / ٧٦ ، سنن ابن ماجه : ١ / ٥٠٧ ، سنن أبي داود : ٢ / ٦٤ ، مسند أبي يعلى : ٦ / ٤٣ ، المصنّف : ٣ / ٢٦٧ ، الإحكام للإمام يحيى الهادي : ١٥٠ ، ذخائر العقبى : ١ / ٢٢٤.

(٢) انظر ، الصّحيفة السّجاديّة : ٤٢٢ ، الدّعاء الثّالث والثّلاثون ، دعاؤه في الإستخارة. بتحقّيقنا.

٣٨٣

على دعوته بكلّ وسيلة فأغرت به سفهاءها ، يرشقونه بالأحجار ، ويضعون في طريقه ر الأشواك ، ويلقون عليه الأوساخ ، وهو في الصّلاة ، وعذّبت أتباعه ، حتّى الموت ، وكان لا يملك دفاعا عنهم ولا عن نفسه ، ومع ذلك كلّه يقول لأنصار دين الله : «سترثون أرض الملوك والجبابرة وتأخذون أموالهم ، وتفترشون نساءهم»(١) .

وقالت سيّدة الطّفّ ، وهي أسيرة مسبيّة ، ورجالها جثث بلا رؤوس ، قالت : (المستقبل لذكرنا ، والعظمة لرجالنا ، والحياة لآثارنا ، والعلو لأعتابنا ، والولاء لنا وحدنا ، وجابهت يزيد بهذه الحقيقة ، وهو في عرشه ، وهي أسيرة في مجلسه ، وصرخت فيه قائلة : فكد كيدك ، واسع سعيك ، وناصب جهدك ، فو الله لا تمحو ذكرنا ، ولا تمّيت وحينا ، ولا يدحض عنك عارها ، وهل رأيك إلّا فند ، وأيّامك إلّا عدد ، وجمعك إلّا بدد)(٢) .

وصدقت نبوءة السّيّدة ، فولاؤهم تدين به الملايّين ، وتعاليمهم تدرّس في الجامعات ، والمدارس من مئات السّنين ، ومناقبهم تعلن على المنابر ليل نهار ، وقبورهم ، كالأعلام على رؤوس الجبال ، يحجّ إليها النّاس من كلّ فجّ عميق.

أنّ الأمويّين والعبّاسيّين ، ومعهم الإنس ، والجنّ لا يستطيعون أن يمحوا ذكر أهل البيت إلّا إذا استطاعوا أن يطفئوا نور الله ، واسم محمّد ابن عبد الله ، ويأبى الله إلّا أن يتمّ نوره بمحمّد وأهل بيت محمّد ، ولو كره المشركون.

__________________

(١) انظر ، قريب من هذا في الكامل لابن الأثير : ٢ / ٥٧ ، ذخائر العقبى : ١٤٧ ، الإستيعاب : ٣ / ١٠٩٥ ـ ١٠٩٦ ، ميزان الإعتدال : ١ / ٢٢٣ ـ ٢٢٤ ، مجمع الزّوائد : ٩ / ١٠٣.

(٢) تقدّمت تخريجاته.

٣٨٤

تكريت

عن كتاب «المنتخب» أنّ عبيد الله بن زياد دعا شمر بن ذي الجوشن ، وشبث ابن ربعي ، وعمرو بن الحجّاج ، وضم إليهم ألف فارس ، وأمرهم بإيصال السّبايا والرّؤوس إلى الشّام(١) .

وقال أبو مخنف ، مرّ هؤلاء في طريقهم بمدينة تكريت ، وكان فيها عدد من النّصارى ، فلمّا حاولوا أن يدخلوها إجتمع القسيسون والرّهبان في الكنائس ، وضربوا النّواقيس حزنا على الحسين ، وقالوا : إنّا نبرأ من قوم قتلوا ابن بنت نبيّهم ، فلم يجرؤوا على دخول المدينة ، وباتوا ليلتهم في البريّة.

وهكذا كانوا يقابلون بالجفاء والإعراض كلّما مرّوا بدير من الأديرة ، أو بلد من بلدان النّصارى(٢) .

لينا

وحين دخلوا مدينة «لينا» ، وكانت عامرة بالنّاس ، تظاهر أهلها رجالا ونساء ، وشيبا وشبانا ، وهتفوا بالصّلاة على الحسين وجدّه وأبيه ، ولعن الأمويّين وأشياعهم وأتباعهم ، وصرخوا في وجوه الطّغاة : يا قتلة أولاد الأنبياء اخرجوا من بلدنا.

جهينة

وأرادوا الدّخول إلى «جهينة» فبلغهم أنّ أهلها تجمعوا وتحالفوا على قتالهم

__________________

(١) انظر ، المنتخب للطّريحي : ٣١١ ، و : ٣٠٥ طبعة آخر. (منهقدس‌سره ).

(٢) انظر ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ١١٣. (منهقدس‌سره ).

٣٨٥

إذا وطئوا أرض بلدهم ، فعدلوا عنها ، ولم يدخلوها.

معرة النّعمان

ودخلوا معرّة النّعمان فاستقبلهم أهلها بالتّرحاب ، وقدّموا لهم الطّعام والشّراب ، والمعرّة هذه هي بلدة الشّاعر الشّهير أبي العلاء الّذي قال :

أليس قريشكم قتلت حسينا

وصار على خلافتكم يزيد

وقال(١) :

وعلى الأفق من دماء الشّهيدي

ن عليّ ونجله شاهدان

كفر طاب

وأتوا حصن «كفر طاب» ، فأغلق أهلها الأبواب في وجوهم ، فطلبوا منهم الماء. فقال أهل الحصن : والله لا نسقيكم قطرة ، وأنتم منعتم الحسين وأصحابه من الماء.

حمص

ولمّا دخلوا حمص تظاهر أهلها ، وهتفوا : أكفرا بعد إيمان ، وضلالا بعد هدى؟ وقتلوا منهم رشقا بالحجارة (٢٦) فارسا.

بطبك

قال صاحب كتاب «الدّمعة السّاكبة» : حين دخل جيش الشّرك إلى بعلبك ،

__________________

(١) انظر ، ديوان المعرّي : ١٢٦ ، سقط الزّند : ١ / ٤٤١ ، دررّ السّمط في خبر السّبط : ٩٣.

٣٨٦

ومعهم السّبايا والأطفال ، زيّنت المدينة ، ونشرت الأعلام ، ودقّت الدّفوف ، وضربت البوقات ، وقدّموا للطّغاة الطّعام ، والشّراب ، والحلوى(١) .

__________________

(١) انظر ، الدّمعة السّاكبة في المصيبة الرّاتبة ، والمناقب الثّاقبة ، والمثالب العائبة ، محمّد باقر بن عبد الكريم الدّمشقي : ٤ / ٢٢١.

٣٨٧
٣٨٨

أدب الشّيعة

الشّيخ عبد الحسيب طه حميدة عالم مصري من علماء الأزهر ومدرّس في كلّية اللّغة العربيّة. ألّف كتابا اسماه «أدب الشّيعة إلى نهاية القرن الثّاني الهجري». أثبت فيه بالأرقام أنّ أدب الشّيعة صميم في عروبته ، عنيف في ثورته ، وأنّه قد تظاهرت على إبرازه العاطفة ، والإحساس ، والعقيدة ، وأنّه لذلك كان جديرا بالحياة ، وأنّ الشّيعة قد تعرضوا للأذى في سبيل عقيدتهم وحرّيّتهم ، فلم يزدادوا إلّا تمسكا بالحرّيّة والعقيدة.

وكشف المؤلّف عن أسرار وجهات في أدب الشّيعة لم يسبقه أحد إلى شرحها وتبسيطها ـ فيما أعلم ـ وجرى قلمه بالعلم والحقّ في كلّ ما سطّره عن حقيقة هذا الأدب وأغراضه وصلته بالحياة ، كمحاربته للظّلم والطّغيان ، ولكنّه ـ يا للأسف ـ قد انحرف به القلم عن غير قصد إلى الأخطاء والأغلاط ، وهو يتحدث عن عقيدة الشّيعة ، وخلط بين الفرق المحقّة النّاجية ، وبين الفرق المغالية البائدة ، فكان في حديثه هذا كغيره من الّذين نسبوا إلى الشّيعة أشياء لا يعلمونها ، والّذي أوقع الشّيخ في الخلط والإشتباه اعتماده على «ولهوسن» و «دوزي» ، و «فان فلوتن» وغيرهم من المستشرقين والمفترين(١) ، وكان عليه أن يعتمد على كتب

__________________

(١) انظر ، الفصل الثّالث من كتاب «أدب الشّيعة» بخاصّة : ٧٥ الطّبعة الأولى. (منهقدس‌سره ).

٣٨٩

العقائد عند الشّيعة أنفسهم ، ككتاب شرح التّجريد للعلّامة الحلّيّ ، وأوائل المقالات للمفيد ، والعقائد للصّدوق ، ومع الشّيعة الإماميّة للمؤلّف ، وغيره كثير.

ومهما يكن ، فنحن نحيي المؤلّف ، ونمنح ثقتنا الكاملة ، وتقديرنا البالغ لكلّ ما جاء في الكتاب ، ما عدا الفصل الثّالث ، وما يتّصل به من نسبة الغلو ، والرّجعة ، والتّناسخ ، والسّبئيّة(١) وما إلى ذاك ، إلى عقيدة الشّيعة بوجه عامّ ، نقول هذا مع الإعتراف بأنّ المؤلّف لم يتعمّد الإساءة إلى الشّيعة ، كيف؟ وقد اعترف لهم بالفضل في أشياء كثيرة وإنّما نلاحظ عليه اعتماده في حديثه عن عقيدة التّشيّع على غبي جاهل ، أو دسّاس خائن ، وإهماله المصادر الشّيعيّة الصّحيحة.

ومهما يكن ، فإنّ الغرض من هذا الفصل أن نذكر فيه مقتطفات من أقوال المؤلّف ، تصور أدب الشّيعة ، والأهداف الّتي يرمي إليها ، بخاصّة فيما يتعلق بحادثة كربلاء ، قال :

«أنّ أدب الشّيعة أخذ من لغة الآباء لغته وألفاظه ، ومن القرآن والحديث أسلوبه وحججه ، ومن عقليات العراق وحضارته معانيه وأخيلته ، ثمّ استخدم ذلك في أغراضه الشّيعيّة : حبّ آل الرّسول ، والإخلاص لقرابته ، والإحتجاج لحقّهم في الخلافة ، ومنافحة خصومهم من أمويّين وزبيريّين ، وخوارج وعبّاسيّين ، ورثاء قتلاهم ، ومدح عقيدتهم.

وكانت حادثة كربلاء الملطّخة بدماء الحسين وآل بيت الرّسول حدّا فاصلا بين طورين من أطوار هذا الأدب الخصب ، كان حبّا صادقا ، ومدحا خالصا ،

__________________

(١) ألّف السّيّد مرتضى العسكري كتابا أسماه «عبد الله بن سبأ» عرض فيه الأدلّة القاطعة على أنّ ابن سبأ اسطورة لا وجود له أبدا. (منهقدس‌سره ).

٣٩٠

وموازنة جريئة ، وحجاجا عربيّا صريحا ، مؤسّسا على نظرة العربي الّذي هذّبه الإسلام للرّياسة ، وبيت الرّياسة ، فأسبق النّاس إلى الإسلام ، وأمسهم رحما بالرّسول ، وأشدّهم جهادا للعدوّ وبلاء في نصرة الدّين ، أحقّ النّاس بخلافة المسلمين وزعامتهم ، وذلك كلّه قد إجتمع لعليّ ابن أبي طالب ، لفضله ، وسبقه ر ، وقرابته ، وجهاده.

كانت حادثة كربلاء ، تلك الحادثة المروّعة المشئومة ، فاتحة طور جديد من أطوار هذا الأدب الشّيعي كما كانت ذات أثر عميق في النّفوس الإسلاميّة ، والعقائد الشّيعيّة ، والحياة السّياسيّة ؛ والواقع أنّ قتل الحسين على هذه الصّورة الغادرة ، والحسين هو من هو دينا ومكانة بين المسلمين لا بدّ أن يلهب المشاعر ، ويرهف الأحاسيس ، ويطلق الألسن ، ويترك في النّفس الإسلاميّة أثرا حزينا داميا ، ويجمع القلوب حول هذا البيت المنكوب.

نعم. ولا بدّ أن ينكر النّاس هذا التّنكيل الجائر ، والتّمثيل الشّائن بعترة الرّسول ، وسلالته ، وفلذّات كبده ، وقرّة عينه ، ويروا فيه إذاية له ، وكفرانا بحقّه ، وتعرضا لغضبه(١) :

ماذا تقولون إن قال النّبيّ لكم

ماذا فعلتم وأنتم آخر الأمم

بعترتي وبأهلي بعد مفتقدي

منهم اسارى وقتلى ضرّجوا بدم

__________________

(١) اختلف في نسبت هذه الأبيات ، انظر ، الفتوح لابن أعثم : ٣ / ١٥٣ ، مروج الذّهب : ٢ / ٩٤ ، ذخائر العقبى : ١٥٠ ، اللهوف لابن طاووس : ٩٦ ، الكامل لابن الأثير : ٤ / ٣٦ ، الآثار الباقية للبيروني : ٣٢٩ ، تأريخ الطّبري : ٦ / ٢٦٨ ، و : ٤ / ٣٥٧ طبعة آخر ، عيون الأخبار لابن قتيبة : ١ / ٢١٢ ، مجمع الزّوائد للهيثمي : ٩ / ٢٠٠ ، كفاية الطّالب في مناقب عليّ بن أبي طالب للحافظ محمّد بن يوسف الكنجي الشّافعي : ٤٤١ ، تأريخ ابن عساكر : ٤ / ٣٤٢ ، ذخائر العقبى لأحمد بن عبد الله الطّبري : ١٥٠.

٣٩١

ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم

أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي

فبهذا وأمثاله قامت النّائحات في العواصم الإسلاميّة يندبنّ الحسين ، ويبكينّ مصرعه ، وبهذا وأمثاله انطلقت الألسن الشّاعرة ترثي ابن بنت الرّسول ، وتصور أسف النّبيّ في قبره ، وحزنه على سبطه ، واحتجاجه على أمّته ، وتلقي على بني حرب سوء فعلهم ، وقبح ضلالتهم ، وجور سلطانهم ، وتسجل ، في صراحة وعنف ، مروقهم عن الدّين وإنتهاكهم لحرم الله.

وهال النّاس هذا الحادث الجلل ، حتّى الأمويّين أنفسهم ، فأقضّ المضاجع ، وأذهل العقول ، وارتسم في الأذهان ، وصار شغل الجماهير ، وحديث النّوادي.

ومكث النّاس شهرين أو ثلاثة كأنّما تلطّخ الحوائط بالدّماء ساعة تطلع الشّمس ، حتّى ترتفع ، ورأى من حمل رأس الحسين نورا يسطع مثل العمود إلى الرّأس وطيرا بيضاء ترفرف حوله ، ورأى ابن عبّاس النّبيّ في اللّيلة الّتي قتل فيها الحسين ، وبيده قارورة ، وهو يجمع فيها دماء. فسأله : ما هذا يا رسول الله؟

قال : دماء الحسين وأصحابه أرفعها إلى الله تعالى.

وأمثال هذا كثير ، نراه في الطّبري ، وابن الأثير ، والأغاني ، والعقد الفريد ، وصبح الأعشى(١) .

ومهما يكن من شيء ، فقد صبغت حادثة الحسين ، ولا تزال تصبغ أدب الشّيعة بالحزن العميق ، والرّثاء النّائح ، والمدح المبتهل ، والعصبية الحاقدة ، وأمدته بمدد زاخر من المعاني والأخيلة والعواطف ، فعززت مادته ، واتّسع

__________________

(١) وابن حجر ، والثّعلبي ، وأبو نعيم ، وسبط ابن الجوزي ، والبيهقي ، وابن سيرين ، وابن القفطي ، والتّرمذي ، وغيرهم. (منهقدس‌سره ).

٣٩٢

مجال القول فيه ، وغدونا أمام أدب تبعثه عاطفتان بارزتان : عاطفة الحزن ، وعاطفة الغضب ، تصدره الأولى حزينا باكيا ، وتبعثه الثّانية قويّا ثائرا.

والعاطفة أقوى دعائم الأدب ، فإذا أثيرت وهاجت ، وكان بجانبها لسان طلق ، وبيان ناصع ، ونفس شاعرة متوثبة ، فهناك الأدب الحي ، والقول السّاحر ، وكذلك كان الشّيعة. تجمعت لهم كلّ عناصر الأدب : لسان وعاطفة ، وفواجع من شأنها أن تستنزف الدّم ، وتذيب القلب ، وتنطق الأخرس ، فقالوا ، وبكوا : قالوا في الحقّ وطلبه ، والإرث وغصبه.

وبكوا على حقّ ضاع ، ودام أريق ، وحرمات انتهكت ، وبيوت دمّرت ، وجثث كريمة على الله والنّاس مثّل بها أبشع تمثيل ، وافتتان أموي أثيم في الفتك بالطّالبيّين وشيعتهم ، فقتل ، وصلب ، وإحراق ، وتذرية ، وهم يقابلون ذلك بالشّجاعة ، والصّبر ، والإحتساب.

وكانت القصائد الباكية ، والخطب الرّائعة ، والأقوال الدّامية(١) صدى لهذه الدّماء المسفوحة ، والجثث المطروحة ، تبعث ذكرها في كلّ قلب حزنا ، فيبعث الحزن أدبا ، يصور الآلآم ، ويعلن الفضائل ، ويستميل القلوب ، ويسجل العقائد ، ويشرح القضية الشّيعيّة ، ويحتج لها في صراحة وعنف ، فيتناولها من أطرافها ، متفننا في كلّ ذلك ، فمفاضلة جريئة ، ومعارضة شديدة ، ومناقشة فقهية ، ودعاية حزبيّة».

نقلنا هذه المقتطفات ، وهي قليل من كثير :

أوّلا : لأنّها تتّصل اتّصالا وثيقا بموضوع الكتاب.

__________________

(١) والمؤلّفات الّتي ملأت المكاتب في الفضائل والمناقب.

٣٩٣

ثانيا : لأنّها من شيخ أزهري.

ثالثا : لننبّه إلى هذا الكتاب القيم الّذي لم يؤلّف مثله في موضوعه ، والّذي يجب أن يقرأه كلّ عالم ، وكاتب ، وطالب والغريب أن يكون مجهولا لدى كثير من الشّيعة ، وهو فيهم ولهم ، وقد مضى على تأليفه أكثر من ست سنوات.

وإذا دلّ جهلنا بهذا الكتاب وما إليه على كلّ شيء فإنّما يدل على أننا بعيدون عن الحياة كلّ البعد ، بعيدون ، حتّى عن تأريخنا ، وأنفسنا وواقعنا لقد أدرنا ظهورنا إلى المطابع ، وما تخرجه من كتب وصحف ، تصور حياة النّاس ، كلّ النّاس ، واستقبلنا بوجوهنا المادّة ، فلا نفكّر إلّا بها ، ولا نفتح أعيننا إلّا عليها ، ولا نمد أيدينا إلّا إليها ، ولا نستطعم شيئا سواها ، ومن أجلها نبغض ونحب ، ونقف على الأبواب نطبّل ونزمّر للزّعماء وأبناء الدّنيا. ومع ذلك أعلم النّاس ، وأحسن النّاس ، وأشرف من في الكون

٣٩٤

قبر السّيّدة

انتقلت السّيّدة إلى جوار ربّها ورحمته في (١٥ رجب سنة ٦٥ ه‍». فعاشت بعد أخيها الحسين (٤ سنوات و ٦ أشهر ، و ٥ أيّام). وقيل : أنّها أوّل من لحق به من أهل بيته(١) .

واختلفوا في قبرها على ثلاثة أقوال(٢) :

القول الأوّل : أنّها دفنت في مدينة جدّها رسول الله ، ومال إلى ذلك المرحوم السّيّد محسن الأمين ، مستدلا بأنّه قد ثبت دخولها إلى المدينة ، ولم يثبت خروجها ، فنبقي ما كان على ما كان وكأنّه عليه الرّحمة يتمسك بالإستصحاب لإثبات دفنها بالمدينة وبديهة أنّ الأخذ بالإستصحاب هنا لا

__________________

(١) انظر ، السّيرة لابن إسحاق : ٢٢٦ ، صحيح البخاريّ : ٣ / ١٣٦٠ ح ٣٥٠٦ و : ٤ / ١٥٥٥ ح ٤٠١٦ و : ٥ / ٢٤ ، تهذيب الكمال : ١٤ / ٣٦٩ ، الاستيعاب : ١ / ٢٤٢ ، الطّبقات الكبرى : ٤ / ٣٩ ، الإصابة : ١ / ٤٨٧ ، تهذيب الأسماء : ١ / ١٥٥ ، التّرغيب والتّرهيب : ٢ / ٢٠٦ ح ٢١١٧ ، مجمع الزّوائد : ٩ / ٢٧٣ ، المعجم الكبير : ٢ / ١٠٧ ح ١٤٦٧ و : ١١ / ٣٦٢ ح ١٢٠٢٠ ، أنساب الأشراف : ٢ / ١٨٩ ، تأريخ اليعقوبي : ٢ / ٢١٣ ، تأريخ الطّبري : ٥ / ١٥٣.

(٢) انظر ، أنساب الأشراف : ٢ / ١٨٩ ، تأريخ اليعقوبي : ٢ / ٢١٣ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ٣٥٨ ، تأريخ الطّبري : ٥ / ١٥٣ ، و : ٤ / ١١٨ طبعة أخرى ، الكامل في التّأريخ : ٣ / ٣٩٧ ، و : ٤ / ٢٧٢ ، الإصابة : ٣ / ٤٧١ ، لسان الميزان : ١ / ٢٦٨ ، ميزان الإعتدال : ١ / ١٣٩ ، مقاتل الطّالبيّين : ٢٥ و ٨٦.

٣٩٥

يعتمد على أساس(١) .

لأنّ موضوع الإستصحاب أن نعلم بوجود الشّيء ، ثمّ نشك في ارتفاعه ، بحيث يكون المعلوم هو المشكوك بالذات. كما لو فرض أن علمنا بدفن الجثمان الشّريف في المدينة قطعا ، ثمّ شكّكنا : هل نقل إلى بلد آخر ، أو بقي حيث كان. فنستحصب. ونبقي ما كان على ما كان. لإتحاد الموضوع. أمّا إذا علمنا بدخولها إلى المدينة. ثمّ شكّكنا في محل قبرها فلا يمكن الإستصحاب بحال. لأنّ الدّخول إلى المدينة شزيء ، والقبر شيء آخر وإثبات اللّازم بإستصحاب الملزوم باطل. كما تقرّر في علم الأصول.

ثمّ لو كان قبرها في المدينة لعرف واشتهر. وكان مزارا للمؤمنين كغيره من قبور الصّالحات والصّالحين.

القول الثّاني : أنّها دفنت في قرية بضواحي دمشق. أي في المقام المعروف بقبر السّت ولم ينقل هذا القول عن أحد من ثقاب المنقدمين.

القول الثّالث : أنّها دفنت في مصر. ونقل هذا عن جماعة منهم العبيدلي ، وابن عساكر الدّمشقي ، وابن طولون ، وغيرهم(٢) .

__________________

(١) انظر ، أعيان الشّيعة : ٣٣ / ٢٧٠. (منهقدس‌سره ). انظر ، تأريخ المدارس : ٢ / ٣٤١ ، محاسن الشّام : ٢٢١ ، رحلة الشّام : ١٣ ، الرّوض الغنّاء في دمشق الفيحاء : ١٣١ ، منتخبات لتواريخ دمشق : ٣ / ٤٢٦.

(٢) انظر ، مشارق الأنوار في آل البيت الأخيار ، لعبد الرّحمن بن حسن بن عمر الأجهوري : ٢٦٠ ، الإشراف على فضل الأشراف ، إبراهيم الحسنيّ الشّافعيّ السّمهوديّ المدنيّ : ١٨٦ ، بتحقّيقنا ، أنساب الأشراف : ٢ / ١٨٩ ، تأريخ اليعقوبي : ٢ / ٢١٣ ، تأريخ الطّبري : ٥ / ١٥٣ ، و : ٤ / ١١٨ طبعة أخرى ، الكامل في التّأريخ : ٣ / ٣٩٧ ، و : ٤ / ٢٧٢ ، الإصابة : ٣ / ٤٧١ ، لسان الميزان : ١ / ٢٦٨ ، ميزان الإعتدال : ١ / ١٣٩ ، مقاتل الطّالبيّين : ٢٥ و ٨٦.

٣٩٦

ويلاحظ أنّ علماءنا الّذين عليهم الإعتماد ، كالكليني ، والصّدوق ، والمفيد ، والطّوسي ، والحلّي لم يتعرضوا لمكان قبرها ، حتّى نرجّح بقولهم كلّا أو بعضا أحد الأقوال الثّلاثة ، فلم يبق إلّا الشّهرة بين النّاس. ولكن الشّهرة عند أهل الشّام تعارضها الشّهرة عند أهل مصر.

وهكذا لا يمكن الجزم بشيء وليس من شكّ أنّ زيارة المشهد المشهور بالشّام ، والجامع المعروف بمصر بقصد التّقرب إلى الله سبحانه تعظيما لأهل البيت الّذين قرّبهم الله ، ورفع درجاتهم ومنازلهم ، حسنة وراجحة ، لأنّ الغرض إعلان الفضائل ، وتعظيم الشّعائر ، والمكان وسيلة لا غاية ، وقد جاء في الحديث : «نيّة المرء خير من عمله»(١) .

__________________

(١) انظر ، تأويل مختلف الحديث : ١ / ١٤٨ و ١٤٩ ، اصول الكافي : ٢ / ٦٩ ح ٢ ، المحاسن : ١ / ٢٦٠ ح ٣١٥ ، أمالي الطّوسي : ٢ / ٦٩ ، فيض القدير شرح الجامع الصّغير : ٦ / ٣٧٩ ، هدية العارفين : ١ / ١٥٦.

٣٩٧
٣٩٨

مقالات في أهل البيت

٣٩٩
٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528