الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء7%

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
ISBN: 964-465-169-3
الصفحات: 528

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء
  • البداية
  • السابق
  • 528 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 68942 / تحميل: 4503
الحجم الحجم الحجم
الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
ISBN: ٩٦٤-٤٦٥-١٦٩-٣
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

الرّأس الشّريف علوم القرآن الكريم ، والرّسول العظيم.

أيهدى إلى الشّامات رأس ابن فاطم

ويقرعه بالخيزرانة كاشحه

وتسبى كريمات النّبيّ حواسرا

تفادي الجوا من ثكلها وتراوحه

يلوح لها رأس الحسين على القنا

فتبكي وينهاها عن الصّبر لائحه

٤١
٤٢

رضا الله رضانا أهل البيت

من كلام سيّد الشّهداء أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام :

«اللهمّ اجعلني أخشاك كأنّي أراك واجمعني عليك بخدمة توصلني إليك ، وكيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك؟! أيكون لغيرك من الظّهور ما ليس لك حتّى يكون المظهر لك؟! متى غبت حتّى تحتاج إلى دليل يدل عليك؟! عميّت عين لا تراك عليها رقيبا ، وخسرت صفقة عبد لم يجعل له من حبّك نصيبا»(١) .

هكذا عرف الله سبحانه أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام . عرفوه حتّى كأنّهم يرونه وجها لوجه ، وحتّى كأنّهم يسمعون أوامره ، ونواهيه رأسا وبلا واسطة ، لقد فتح الله لهم أبواب العلوم بربوبيته وعظمته ، وأضاء لهم طرق الإخلاص له في توحيده وطاعته ، وشرّفهم بالفضائل على جميع خلقه ، فما نطقوا إلّا بكلمة الله ، وما عملوا إلّا بما يرضي الله ، وما قطعوا أمرا ، إلّا بأمر من الله. لمّا عزم الحسين على الخروج إلى العراق قام خطيبا ، وقال :

«الحمد لله ما شاء الله ، ولا قوّة إلّا بالله ، وصلّى الله على رسوله ، خطّ الموت على ولد آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة ، وما أولهني إلى أسلافي اشتياق

__________________

(١) انظر ، كتاب الإقبال لابن طاوس : ٣٤٩ ، من دعاء الحسين يوم عرفة.

٤٣

يعقوب إلى يوسف وخير لي مصرع أنا لاقيه ، كأنّي بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النّواويس ، وكربلاء فيملأنّ منّي أكراشا جوفا ، وأجربة سغبا ، لا محيص عن يوم خطّ بالقلم ، رضا الله رضانا أهل البيت نصبر على بلائه ويوفينا أجور الصّابرين ، لن تشذّ عن رسول الله لحمته بل هي مجموعة له في حظيرة القدس تقرّ بهم عينه ، وينجز بهم وعده ، من كان باذلا فينا مهجته ، وموطّنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فإنّني راحل ، مصبحا إنّ شاء الله تعالى»(١) .

قيل للإمام الصّادقعليه‌السلام : «بأي شيء يعلم المؤمن أنّه مؤمن؟

قال : بالتّسليم والرّضا فيما ورد عليه من السّرور أو السّخط»(٢) .

إذن لا يقاس المؤمن المخلص بالإعتقادات والعبادات ، وإنّما يقاس إيمانه وإخلاصه بالتّسليم لأمر الله ، وطيب نفسه بما يرضي الله ، ولو كان قرضا بالمقاريض ، ونشرا بالمناشير.

قال أمير المؤمنين : «أوحى الله إلى داود : تريد ، وأريد ، ولا يكون إلّا ما أريد ، فإن أسلمت لما أريد أعطيت ما تريد ، وإن لم تسلم لما أريد أتعبتك فيما تريد ، ثمّ لا يكون إلّا ما أريد»(٣) .

وقال : «... ولا تسخط الله برضا أحد من خلقه ، فإنّ في الله خلفا من غيره ، وليس من الله خلف في غيره ...»(٤) .

__________________

(١) انظر ، شرح الأخبار ، القاضي النّعمان المغربي : ١٤٦ ، كشف الغمّة : ٢ / ٢٣٩ ، اللهوف في قتلى الطّفوف : ٢٥.

(٢) انظر ، اصول الكافي : ٢ / ٦٢ ح ١٢.

(٣) انظر ، توحيد الصّدوق : ٣٣٧.

(٤) انظر ، نهج البلاغة : من كتاب لهعليه‌السلام تحت رقم (٢٧).

٤٤

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من طلب رضا مخلوق بسخط الخالق سلّط الله عليه ذلك المخلوق»(١) .

وأوضح مثال على هذه الحقيقة جزاء ابن زياد لابن سعد. قاتل هذا الحسينعليه‌السلام طمعا في ملك الرّي ، فحرمه من الملك ، ثمّ سلّط الله عليه المختار(٢) فذبحه على فراشه ، وحرمه الحياة.( فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ) (٣) .

ولبى أصحاب الحسين نداءه ، ورحلوا معه ، وبذلوا مهجهم دونه طلبا لمرضاة الله ، ورغبة بلقائه وثوابه ، فلقد كان حنظلة بن أسعد الشّبامي(٤) يوم الطّفّ يقف بين يدي الحسين يقيه السّهام ، والرّماح ، والسّيوف بوجهه ونحره ، وينادي يا قوم! إنّي أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب ، مثل قوم نوح ، وعاد ، وثمود ، والّذين من بعدهم :( وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ ) (٥) ،( وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ ) (٦) . يا قوم لا تقتلوا حسينا :( فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَقَدْ خابَ مَنِ

__________________

(١) انظر ، تحف العقول : ٥٢.

(٢) انظر ، تأريخ الطّبري ، «ثورة المختار» : ٤ / ٤٨٧ ـ ٥٧٧ و : ٧ / ١٤٦ ، الفرق بين الفرق : ٣١ ـ ٣٧ ، الكامل لابن الأثير : ٤ / ٨٢ ـ ١٠٨ ، الحور العين : ١٨٢ ، الأخبار الطّوال : ٢٨٢ ـ ٣٠٠ ، أخبار اليمن : ٣٢ ، الفاطميون في مصر : ٣٤ ـ ٣٨.

(٣) الرّوم : ٤٧.

(٤) الشّبامي : شبام بطن من همدان ، من القحطانية (يمن ، عرب الجنوب) كوفي.

(٥) غافر : ٣١.

(٦) غافر : ٣٠ ـ ٣٢.

٤٥

افْتَرى ) (١) .

ثمّ قال حنظلة : السّلام عليك يا أبا عبد الله ، صلّى الله عليك وعلى أهل بيتك ، وعرّف بيننا وبينك في جنته ، وقاتل حتّى قتل رضوان الله عليه(٢) ، وكان من الّذين عناهم الله بقوله تعالى :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ ) (٣) .

__________________

(١) طه : ٦١.

(٢) انظر ، تأريخ الطّبري : ٥ / ٤٤٣ ، مقتل الحسين : ٢ / ٢٤.

(٣) البقرة : ٢٠٧.

٤٦

روح النّبيّ والوصيّ

قال عبد الله بن عمّار ، وقد شهد معركة الطّفّ : «ما رأيت مكثورا قطّ ، قتل ولده وأهل بيته ، وأصحابه أربط جأشا من الحسين ، وإن كانت الرّجال لتشدّ عليه ، فيشدّ عليها بسيفه ، فتنكشف عنه إنكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذّئب ، وكان يحمل فيهم ، وقد تكاملوا ثلاثين ألفا ، فينهزمون بين يديه ، كأنّهم الجراد المنتشر ثمّ يرجع إلى مركزه ، وهو يقول : «لا حوّل ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم»(١) .

لقد دهش هذا الرّاوي من شجاعة الحسين ، ومضي عزمه ، وذهل ، وهو ينظر إليه ، وقد شدّ على ثلاثين ألفا(٢) فتنكشف عنه إنكشاف المعزى إذا شدّ عليها اللّيث ، لقد دهش وذهل ، وما درى أنّه ابن عليّ القائل : «والله لو تظاهرت العرب

__________________

(١) انظر ، تأريخ بغداد : ٣ / ٣٣٤ ، شرح الأخبار : ٢ / ١٦٤ ، اللهوف في قتلى الطّفوف : ٤٩ و ٧٠ ، المجدي في أنساب الطّالبيّين : ١٢ ، البداية والنّهاية : ٨ / ٢٠٤ ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ١٩٤ ، ترجمة الإمام الحسين لابن عساكر : ٣٣٣.

(٢) نعتقد أنّ عدد الجيش الأموي في كربلاء يتجاوز الأربعة آلآف ، وهو العدد الّذي يبدو مقبولا لدى المؤرّخين. فقد ورد على لسان الطّرمّاح بن عديّ في كلامه مع الحسين حين لقي الحسين في عذيب الهجانات ، قوله : «... وقد رأيت قبل خروجي من الكوفة إليك بيوم ظهر الكوفة وفيه من النّاس ما لم تر عيناي في صعيد واحد جمعا أكثر منه ، فسألت عنهم ، فقيل : اجتمعوا ليعرضوا ، ثمّ يسرحون إلى الحسين انظر ، الطّبري : ٥ / ٤٠٦. وتذكر كتب المقتل عدّة روايات في عدد أفراد الجيش الأموي ، أقربها إلى تمثيل الحقيقة في نظرنا أنّ العدد يتراوح بين عشرين وثلاثين ألفا.

٤٧

على قتالي لما ولّيت عنها ، ولو أمكنت الفرص من رقابها لسارعت إليها»(١) . وتعجب الرّاوي من صبر الحسين وإيمانه ، ونسي أنّه ابن من خاطب الله بقوله : «اللهمّ أنّك تعلم لو أنّي أعلم أنّ رضاك في أن أضع ظبّة سيفي في بطني ، ثمّ انحني عليه حتّى يخرج من ظهري لفعلت»(٢) .

أنّ أهل البيت لا يقيمون وزنا لشيء في هذه الحياة ، ولا يكترثون ، ولو ملئت الأرض عليهم خيلا ، ورجالا ، ويصبرون على التّضحية بالنّفس ، والنّساء ، والأطفال ، ويطيقون كلّ حمل إلّا سخط الله وغضبه ، فإنّهم يفرون منه ، ويعجزون عنه ، ولا يستطيعون الصّبر على اليسير منه ، مهما تكن الظّروف.

وهنا تبرز خصائص الإمامة ، والعصمة(٣) ، ونجد السّر الّذي يميّز أهل البيت عن غيرهم من النّاس الّذين يصعب عليهم كلّ شيء إلّا معصية الله ، فإنّها أهون عندهم من التّنفس ، وشرب الماء ، أنّ الحسين بشر يأكل الطّعام ، ويمشي في الأسواق ، ولكنّه يحمل صفة تجعله فوق النّاس أجمعين ، وقد أشار النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى هذه الصّفة بقوله : «حسين منّي ، وأنا من حسين»(٤) ، ومحمّد من نور الله ،

__________________

(١) انظر ، نهج البلاغة : الرّسالة «٢٥».

(٢) انظر ، تأريخ الطّبري : ١ / ٣٣١٧ و : ٤ / ٢٢ و : ٥ / ٣٨ ، في عنوان «مقتل عمّار ....» ، المعيار الموازنة : ١٣٦ ، وقعة صفّين لنصر : ٣٢٠ ، سير أعلام النّبلاء : ٦ / ٦٥ ، الإصابة : ٤ / ٧٦٩.

(٣) استدل علماء الشّيعة على عصمة الإمام بأنّ الغاية من وجوده إرشاد النّاس إلى الحقّ ، وردعهم عن الباطل ، فلو أخطأ أو عصى لكان كمن يزيل القذارة بمثلها ، ولإفتقر الإمام إلى آخر ، ويتسلسل ، وهذا دليل نظري ، أمّا الدّليل العملي الملموس على عصمة عليّ وأولاده الأئمّة فسيرتهم وتضحياتهم في سبيل الحقّ ، والعدالة ، وكفى بموقف الحسين دليلا قاطعا ، وبرهانا ساطعا على عصمته. (منهقدس‌سره ).

(٤) انظر صحيح التّرمذي : ١٣ / ١٩٥ ، و : ٥ / ٦٥٦ / ٣٧٧٥ ، و : ٢ / ٣٠٧ ، سنن ابن ماجه : ١ / ٥١ ح ـ

٤٨

فالحسين ، إذن من نور الله ، وقد علّق الأستاذ العلايلي على هذا الحديث : «بأنّه يفيد الإمتزاج ، والإتحاد»(١) .

قال الأستاذ العقّاد في كتاب «أبو الشّهداء» :

«ظل الحسين على حضور ذهنه ، وثبات جأشه في تلك المحنة المتراكمة الّتي تعصف بالصّبر ، وتطيش بالألباب وهو جهد عظيم لا تحتويه طاقة اللّحم والدّم. فإنّه رضى الله عنه كان يقاسي جهد العطش ، والجوع ، والسّهر ، ونزف الجراح ، ومتابعة القتال ، ويلقي باله إلى حركات القوم ومكائدهم ، ويدبّر لرهطه ما يحبطون به تلك الحركات ، ويتّقون به تلك المكائد ، ثمّ يحمل بلاءه وبلاءهم. ويتكاثر عليه وقر الأسى لحظة بعد لحظة ، كلّما فجع بشهيد من شهدائهم. ولا يزال كلّما أصيب عزيز حمله إلى جانب إخوانه ، وفيهم رمق ينازعهم وينازعونه ، وينسون في حشرجة الصّدور ما فيهم فيطلبون الماء ، ويحزّ طلبهم في قلبه كلّما أعياه الجواب ، ويرجع إلى ذخيرة بأسه ، فيستمد من هذه الآلام الكاوية عزما يناهض به الموت ، ويعرض به عن الحياة ويقول في أثر كلّ صريع : «لا خير في العيش بعدك»(٢) .

__________________

ـ ١٤٤ ، مسند أحمد : ٤ / ١٧٢ ، المستدرك على الصّحيحين : ٣ / ١٧٧ ، تهذيب الكمال : ٧١ ، اسد الغابة : ٢ / ١٩ ، و : ٥ / ١٣٠ ، تيسير الوصول : ٣ / ٢٧٦ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ١ / ١٤٦ ، البخاري في الأدب المفرد : ح ٣٤٦ ، كنز العمّال : ٦ / ٢٢١ ، و : ١٦ / ٢٧٠ ، و : ١٣ / ١٠١ و ١٠٥ و ١٠٦ ، و : ١٢ / ١٢٩ ح ٣٤٣٢٨ ، و : ٧ / ١٠٧ ، المعجم الكبير للطّبراني : ٣ / ٣٢.

(١) انظر ، سمو المعنى في سمو الذّات : ٧٨ طبعة (١٩٣٩ م).

(٢) انظر ، كتاب «أبو الشّهداء الحسين بن عليّ» : ١٧٦ ، طبعة القاهرة.

٤٩

«لا حوّل ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم»(١) .

يمس أحدنا الخطب مسّا خفيفا فيملاء الدّنيا صراخا وعويلا ، ويمتحنه الله بنقص من المال أو الأهل ، فيخرج من عقله ودينه ، ويجرأ على خالقه بألفاظ تصم منها المسامع ، وتخرس لها الألسن. وتنهال السّهام ، والسّيوف ، والرّماح على الحسين ، ويتفجّر جسده الشّريف بالدّماء ، ويتساقط القتلى من أولاده ، وأصحابه بالعشرات ، وهو ينظر إليهم ، ثمّ لا يزيد على قول : «لا حوّل ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم» ، أجل ، لقد قال حين سقط على الأرض مخاطبا ربّه ، وهو يسلّمه النّفس الأخير :

«أللهمّ أنّك قريب إذا دعيت ، محيط بما خلقت ، قابل التّوبة لمن تاب إليك ، قادر على ما أردت أدعوك محتاجا ، وأرغب إليك فقيرا ، وأفزغ إليك خائفا»(٢) .

أنت خائف من ربّك يا أبا عبد الله ، وغيرك في أمان من عقابه!. ومن أي شيء تخاف! من ظلمك وطغيانك وما ظلم أحد في الكون كما ظلمت أو من تهاونك بأمر الله ، وكنت تصلّي له في اليوم واللّيلة ألف ركعة!. أو من سكوتك عن حكّام الجور ، وترك الأمر بالمعروف. وما ضحى أحد في هذه السّبيل كما ضحيت! أو تخشى جبنك وخورك ، وقد لا قيت ثلاثين ألفا بصدرك ، وقلبك ، وكنت عنوانا لصبر الأنبياء ، ومثال الشّجاعة ، والإباء لكلّ جيل كان ويكون!

__________________

(١) انظر ، تأريخ بغداد : ٣ / ٣٣٤ ، شرح الأخبار : ٢ / ١٦٤ ، اللهوف في قتلى الطّفوف : ٤٩ و ٧٠ ، المجدي في أنساب الطّالبيّين : ١٢ ، البداية والنّهاية : ٨ / ٢٠٤ ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ١٩٤ ، ترجمة الإمام الحسين لابن عساكر : ٣٣٣.

(٢) انظر ، مصباح المتهجّد : ٨٢٧ ، إقبال الأعمال : ٣ / ٣٠٤.

٥٠

إذا ماذا أراد الحسين بقوله : «وأفزع إليك خائفا»(١) . أنّه أراد أن يقول لله سبحانه : على الرّغم من كلّ ما حلّ بي يا إلهي فأنا طيّب النّفس ، صابر على امتحانك وبلائك ، راض بحكمك وقضائك ، وما أنا بمتألم ولا متبرم ، لأنّه لا مطمح لي إلّا رضاك ، فإن تألمت وخفت من شيء فإنّما أخاف أن تمنعني حبّك وقربك.

وهنا يقف العقل حائرا ومتسائلا : هل في الكون أعظم ، وأكبر منزلة عند الله من الحسين؟؟ هل ضحى أحد في سبيل الله ، والحقّ كما ضحى الحسين ، وهل وجد من هو في عمقه ورحابته؟! ولو ابتلي أحد بما ابتلي به الحسين لوجدنا وجها للموازنة والمقارنة. لقد سمعنا بمن ضحى بنفسه ، أو بماله ، أو بأولاده ، أمّا من ضحى بكلّ هذه مجتمعة ، أمّا من ذبح أطفاله الصّغار والكبار ، وقتل جميع أهل بيته وأصحابه ، وسبيت نساؤه ، واحرقت دياره ، ونهبت أمواله ، ورفع رأسه على الرّمح ، ووطأت الخيل صدره وظهره ، أمّا كلّ هذه مجتمعة فلم تكن لأحد غير الحسين ، ولن تكون أبدا! وبالتالي ، فإنّنا نتساءل : هل في الكون أعظم من الحسين؟ ونحن نؤمن بأنّه الصّورة الكاملة لعظمة جدّه محمّد ، وأبيه عليّ.

__________________

(١) انظر ، المصدر السّابق.

٥١
٥٢

خروج الإمام بأهله

قامت المرأة بدور هام في وقعة الطّفّ ، وكان لها أبعد الأثر في الكشف عن مخازي الأمويّين ، وانهيار حكمهم ، وتألّب النّاس عليهم ، فمن النّساء من دفعت بابنها أو زوّجها إلى القتل بين يدي الحسين تقربا إلى الله ، والرّسول ، كما فعلت أمّ وهب وزوّجته ، ومنهنّ من حملنّ السّلاح للدّفاع عن نساء النّبيّ وأطفاله ، ومنهنّ من تظاهرنّ ضدّ حكّام الجور الّذين قتلوا ابن بنت رسول الله ، ورشقنّ جيش الطّغاة بالحجارة هاتفات بسب يزيد وابن زياد.

أرسل الحسين رسولا إلى زهير بن القين ليأتيه ، ولمّا دخل عليه الرّسول وجده مع قومه يتغذون ، وحين أبلغه رسالة الحسين طرح على كلّ إنسان ما في يده ، وجمد حتّى كأنّ على رأسه الطّير ، فالتفتت امرأة زهير ، وقالت : يا سبحان الله! أيبعث إليك ابن رسول الله ، ثمّ لا تأتيه؟! فذهب زهير إلى الحسين ، وما لبث أن جاء مستبشرا مشرق الوجه ، وقال : قد عزمت على صحبة الحسين لأفديه بنفسي ، واقيه بروحي ، ثمّ التفت إلى زوّجته ، وقال لها : أنت طالق ، إلحقي بأهلك ، فإنّي لا أحبّ أن يصيبك بسببي إلّا خير ، وأعطاها ما لها ، وسلّمها إلى بعض أهلها. فقامت إليه ، وبكت وودعته قائلة : «كان الله عونا ومعينا لك ، خار

٥٣

الله لك ، أسألك أن تذكرني يوم القيامة عند جدّ الحسين»(١) .

لقد دفعت هذه الحرّة المصونة المؤمنة بزوّجها إلى سعادة الدّارين ونالت الدّرجات العلى عند الله والنّاس ، فما زال اسمها يعلن على المنابر ويدوّن في الكتب مقرونا بالحمد والثّناء إلى يوم يبعثون ، وهي في الآخرة مع جدّ الحسين وأبيه وأمّه ، وحسن أولئك رفيقا ، وهكذا المرأة العاقلة المؤمنة تدفع بزوّجها إلى الخير ، وتردعه عن الشّر ما استطاعت إلى ذلك سبيلا.

وكانت امرأة من بني بكر بن وائل مع زوّجها في أصحاب عمر بن سعد ، فلمّا رأت القوم قد اقتحموا على أطفال الحسين ، ونساؤه هاربات حاسرات ، يستغثنّ ويندبنّ ، ولا مغيث ، اسودّ الكون في وجهها ، وفار الدّم في قلبها وعروقها ، وأخذت سيفا ، وأقبلت نحو الفسطاط منادية : يا آل بكر أتسلب بنات رسول الله؟! لا حكم إلا لله! يا لثارات رسول الله! فأخذها زوّجها ، وردها إلى رحله(٢) .

وليس من شك أنّ ثورة هذه السّيّدة النّبيلة قد بعثت الإستياء والنّقمة على الأمويّين ، وملأت النّفوس عليهم وعلى سلطانهم حقدا وغيظا ، وكلّ ما حدث في كربلاء ، وفي الكوفة ، وفي مسير السّبايا إلى الشّام كان من أجدى الدّعايات وأنفعها ضدّ الأمويّين.

أمر ابن زياد أن يطاف بالرّأس الشّريف في أزقّة الكوفة يهدد به كلّ من تحدّثه

__________________

(١) انظر ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٢٩٨ ، مقتل الحسينعليه‌السلام ، لأبي مخنف : ٧٤ و ١١٣ ، روضة الواعظين : ١٧٨ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ٢ / ٤ ، و : ٤ / ٣٢٠ ، إعلام الورى : ١ / ٤٥٧ ، الإرشاد للشّيخ المفيد : ٢ / ٩٥ ، مناقب آل أبي طالب : ٣ / ٢٥٠ ، البداية والنّهاية : ٨ / ١٩٣ ، الأخبار الطّوال : ٢٥٦ ، تأريخ الطّبري : ٥ / ٣٩٦ ـ ٣٩٧.

(٢) انظر ، اللهوف في قتلى الطّفوف : ٧٨.

٥٤

نفسه بالخروج عن طاعته ، وطاعة أسياده ، فكان هذا التّطوّف خير وسيلة لنشر الدّعوة العلوية ، ومبدأ التّشيّع لأهل البيت ، ولعن من شايع ، وبايع ، وتابع على قتل الحسين ، وسلام الله على السّيّدة الحوراء حيث قالت ليزيد : «فو الله ما فريت إلّا جلدك ، وما حززت إلّا لحمك»(١) .

وبعد الطّواف بالرّأس أرسله ابن زياد وسائر الرّؤوس إلى يزيد مع أبي بردة ، وطارق بن ضبّان في جماعة من أهل الكوفة ، ثمّ أمر بنساء الحسين وصبيانه فشدّوا بالحبال على أقتاب الجمال مكشوفات الوجوه ، ومعهم الإمام زين العابدين قد وضعت الأغلال في عنقه ، وسرّح بهم ابن زياد مع مخفر بن ثعلبة وشمر بن ذي الجوشن(٢) ، فأسرعا حتّى لحقا بالقوم الّذين معهم الرّؤوس ، وكانوا إذا مرّوا ببلد استقبلهم أهله بالمظاهرات ، والهتافات المعادية ، ورشقتهم النّساء والأطفال بالحجارة يصرخون بهم : يا فجرة ، يا قتلة أولاد الأنبياء.

سبوا الأطفال ، والنّساء ، وطافوا بهنّ وبالرّؤوس ليقضوا على مبدأ عليّ وأبناء عليّ ، فكان السّبي ، والتّطوّاف ، ضربة مميتة لهم ولسطانهم ، ووسيلة حقّقت الغاية الّتي أرادها الحسين من نهضته ، فلقد أثار السّبي الأحزان ، والأشجان في كلّ نفس ، وزاد من فجائع الواقعة المؤلمة ، وكشف أسرار الأمويّين للقاصي والدّاني ، وظهرت قبائحهم ومخازيهم للعالم والجاهل ، واستبان للمسلمين في

__________________

(١) انظر ، الإحتجاج : ٢ / ٣٦ ، مثير الأحزان لابن نما : ٨١ ، مقتل الحسين لأبي مخنف الأزدي : ٢٢٧. (٢) انظر ، الكامل لابن الأثير : ٤ / ٩٢ ، ميزان الإعتدال : ١ / ٤٤٩ ، لسان الميزان : ٣ / ١٥٢ ، تأريخ علماء الأندلس : ١ / ١٦٦ ، جمهرة الأنساب : ٢٧٠ ، اللّباب : ٢ / ٦٩ ، المحبّر : ٣٠١ ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٣٤٩ و : ٥ / ٤٥٥ ـ ٤٥٦ ، مثير الأحزان : ٦٥ ، اللهوف في قتلى الطّفوف : ٦٠ ، الإرشاد للشّيخ المفيد : ٢ / ١٦٣ ، الأخبار الطّوال : ٢٥٩ ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ٢٠٤.

٥٥

كلّ مكان وزمان إلّا الأمويّين أعدى أعداء الإسلام يبطنون الكفر ، ويظهرون الإيمان رياء ونفاقا.

وبذلك نجد الجواب عن هذا السّؤال : لماذا صحب الحسين معه النّساء والأطفال إلى كربلاء؟! وما كان أغناه عن تعرضهم للسّبي والتّنكيل؟!.

لقد صحبهم معه الحسين ليطوفوا بهم في البلدان ، ويراهم كلّ إنسان مكشّفات الوجوه ، يقولون للنّاس ـ وفي أيديهم الأغلال والسّلاسل ـ : «أيّها النّاس انظروا ما فعلت أميّة الّتي تدّعي الإسلام بآل نبّيكم».

نقل عن السّبط ابن الجوزي عن جدّه أنّه قال : «ليس العجب أن يقتل ابن زياد حسينا ، وإنّما العجب كل العجب أن يضرب يزيد ثناياه بالقضيب ، ويحمل نساءه ، سبايا على أقتاب الجمال! ...»(١) . لقد رأى النّاس في السّبايا من الفجيعة أكثر ممّا رأوا في قتل الحسين ، وهذا بعينه ما أراده الحسين من الخروج بالنّساء والصّبيان ، ولو لم يخرج بهنّ لما حصل السّبي والتّنكيل ، وبالتالي لم يتحقّق الهدف الّذي آراه الحسين من نهضته ، وهو إنهيار دولة الظّلم ، والطّغيان.

ولو افترض أن السّيّدة زينب بقيت في المدينة ، وقتل أخوها في كربلاء فماذا تصنع؟! وأي عمل تستطيع القيام به غير البكاء وإقامة العزاء؟!.

وهل ترضى لنفسها ، أو يرضى لها مسلم أن تركب جملا مكشوفة الوجه

__________________

(١) انظر ، تذكرة الخواصّ : ١٤٨ طبعة لكنهو ، صورة الأرض لابن حوقل : ١٦١ ، الكامل لابن الأثير : ٤ / ٣٥ ، مروج الذّهب للمسعودي : ٢ / ٩١ ، والعقد الفريد : ٢ / ٣١٣ ، أعلام النّساء : ١ / ٥٠٤ ، ومجمع الزّوائد : ٩ / ١٩٨ ، الشّعر والشّعراء : ١٥١ ، الأشباه والنّظائر : ٤ ، الأغاني : ١٢ / ١٢٠ ، الفتوح لابن أعثم : ٥ / ٢٤١ ، شرح مقامات الحريري : ١ / ١٩٣ ، البداية والنّهاية : ٨ / ١٩٧ ، الطّبري في تأريخه : ٦ / ٢٦٧ ، و : ٤ / ٣٥٢ ، الآثار الباقية للبيروني : ٣٣١ طبعة اوفسيت ، قريب منه.

٥٦

تنتقل من بلد إلى بلد تؤلّب النّاس على يزيد ، وابن زياد؟! وهل كان يتسنى لها الدّخول على ابن زياد في قصر الإمارة ، وتقول له في حشد من النّاس : «الحمد لله الّذي أكرمنا بنّبيه محمّد ، وطهرنا من الرّجس تطهيرا ، إنّما يفتضح الفاسق ، ويكذّب الفاجر ، وهو غيرنا والحمد لله»(١) ؟! وهل كان بإمكانها أن تدخل على يزيد في مجلسه وسلطانه ، وتلقي تلك الخطب الّتي أعلنت بها فسقه ، وفجوره ، ولعن آبائه ، وأجداده على رؤوس الأشهاد؟!.

أنّ السّيّدة زينب لا تخرج من بيتها مختارة ، ولا يرضى المسلمون لها بالخروج مهما كان السّبب ، حتّى ولو قطّع النّاس يزيد بأسنانهم ، ولكن الأمويّين هم الّذين أخرجوها ، وهم الّذين ساروا بها ، وهم الّذين أدخلوها في مجالسهم ، ومهدوا لها طريق سبّهم ولعنهم ، والدّعاية ضدّهم وضدّ سلطانهم.

ومرّة ثانية نقول : هذه هي المصلحة في خروج الحسين بنسائه وأطفاله إلى كربلاء ، وما كان لأحد أن يدركها في بدء الأمر إلّا الحسين وأخته زينب ، عهد إلى الحسين من أبيه عليّ عن جدّه محمّد عن جبريل عن ربّ العالمين. سرّ لا يعلمه إلّا الله ، ومن ارتضاه لعلمه ورسالته.

__________________

(١) انظر ، الإرشاد : ٢ / ١١٥ ، إعلام الورى بأعلام الهدى : ١ / ٤٧١ ، ينابيع المودّة لذوي القربى : ٣ / ٨٧.

٥٧
٥٨

ما ذنب أهل البيت

سؤال ردّدته الأجيال منذ القديم ، ويردّده الآن كلّ إنسان ، وسيبقى خالدا إلى آخر يوم لا يقطعه مرور الزّمن ، ولا تحول دونه الحوادث وإن عظمت.

سؤال نظمه الشّعراء في آلاف القصائد ، ودونه الكتّاب في مئات الكتب ، وأعلنه الخطباء على المنابر في كلّ جزء من أحزاء المعمورة.

سؤال ردّده المؤمن والجاحد ، والكبير والصّغير حتّى الأطفال.

سؤال كبير في معناه ، صغير في مبناه يعبّر عنه بكلمتين فقط ، وهذا هو :

ما ذنب أهل البيت

حتّى منهم أخلوا ربوعه

تركوهم شتّى مصا

ئبهم وأجمعها فظيعه

فمغيّب كالبدر تر

تقب الورى شوقا طلوعه

ومكابد للسّم قد

سقيت حشاشته نقيعه

ومضرج بالسّيف آ

ثر عزّه وأبى خضوعه

ومصفّد لله سلّم

أمر ما قاسى جميعه

وسليبة باتت بأفعى

الهمّ مهجتها لسيعه

ومرّة ثانية

ما ذنب أهل البيت حتّى منهم أخلوا ربوعه؟!.

٥٩

وأي ذنب أعظم من ذنب الحرّة الطّاهرة عند الفاجرات العاهرات؟! وأي جرم أكبر من جرم الأمين المجاهد في سبيل الله عند الخونة الّذين باعوا دينهم وضمائرهم للشّيطان؟! وأي إساءة تعادل إساءة المحقّ عند المبطلين؟! وأي عداء أقوى من عداء الجهلة السّفهاء للعالم الشّريف؟!.

ألا يكفي أهل البيت من الذّنوب أن يشهد القرآن بقداستهم وتطهيرهم ، وأن تعلن الإذاعات في شرق الأرض وغربها في كلّ يوم ، وفي كلّ صباح ومساء :( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (١) ؟! ألّا يكفي

__________________

(١) لا بدّ لنا من تحديد معنى (الأهل) لغة واصطلاحا ـ كما وردت في كتاب الله ، وأحاديث رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقواميس اللّغة العربيّة ، وذلك لقطع الطّريق على المتلاعبين ، وإلقاء الحجة على الآخرين ، وليكن تحديدنا على نحو الإستعراض السّريع.

فالأهل في اللّغة : أهل الرّجل ، عشيرته ، وذو وقرباه ، جمعه : أهلون ، وأهلات ، وأهل. يأهل ويأهل أهولا وتأهل واتّهل : اتّخذ أهلا.

وأهل الأمر : ولاته ، وللبيت سكّانه ، وللمذهب من يدين به ، وللرّجل زوّجته كأهلته ، وللنّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أزواجه ، وبناته ، وصهره عليّعليه‌السلام أو نساؤه ، والرّجال الّذين هم آله ، ولكلّ نبيّ أمّته ، ومكان آهل ، له أهل ومأهول ، فيه أهل (انظر القاموس المحيط للفيروز آبادي).

وذكر في المعجم الوسيط تعريفا آخر للأهل : الأهل : الأقارب ، والعشيرة ، والزّوجة ، وأهل الشّيء : أصحابه ، وأهل الدّار ونحوها : سكّانها.

وذكر الرّازي صاحب مختارات الصّحاح معنى الأهل فقال : من الأهالة ، والأهالة لغة : الودك والمستأهل هو الّذي يأخذ الأهالة ، والودك دسم اللّحم ، والبيت عيال الرّجل والأهل ، والأرقاب ، والعشيرة ، والزّوجة ، وأهل الشّيء أصحابه ، وأهل الدّار سكّانها.

إذن ، كلمة «أهل» عند ما تطلق فإنّها تحتمل عدّة معان ، فربّما تعني : الزّوجة فقط ، أو الأولاد فقط ، أو الزّوجة والأولاد معا ، أو الأرقاب والعشيرة ، إلى غير ذلك. ولذا نجد كلّ واحدة من هذه المعاني قد وردت في القرآن الكريم ، حيث قال تعالى : ( فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ ـ

٦٠

__________________

ـجانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ) القصص : ٢٩.

فأهل موسى عليه‌السلام في الآية الكريمة هي الزّوجة الّتي خرج بها عائدا من مدين إلى مصر ، وليس يصحبه أحد سواها ، فلا تنصرف كلمة «أهله» إلى معنى آخر. (انظر تفسير السّيّد عبد الله شبّر : ٣٧٣ الطّبعة الثّالثة دار إحياء التّراث).

وقال تعالى : ( قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) يوسف : ٢٥.

والأهل هنا أيضا تعني الزّوجة ، وهي زوّجة عزيز مصر لا غير.

وأمّا قوله تعالى : ( إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ ) العنكبوت : ٣٣ ، وقوله تعالى :

( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها ) . طه : ١٣٢. فكلمة «الأهل» في الآيتين الشّريفتين تعني الأسرة المكوّنة من الزّوجين ، والأولاد ، ومتعلّقي الرّجال ، على الرّغم من استثناء زوّجة لوط عليه‌السلام فنالها العذاب.

وأمّا قوله تعالى : ( وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ) هود : ٤٥ و ٤٦ ، فكلمة «الأهل» هنا تعني اسرة الرّجل السّالكين لدربه ، والسّائرين على خطّه ، ولذا خرج ابنه عن الأسرة ، ولذا لم يعد أحد أبنائه ، لأنّه خرج عن خطّ أبيه عليه‌السلام . وكان نوح عليه‌السلام يحمل زوّجه وأولاده وزوّجات أولاده. (لا حظ تفسير الآية في كتب التّفسير وخاصّة تفسير الجلالين).

أمّا قوله تعالى : ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها ) النّساء : ٣٥.

وقوله تعالى : ( وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها ) يوسف : ٢٦ ، فكلمة «الأهل» في الآية الأولى تعني أقارب وعشيرة الزّوجين. أمّا في الآية الثّانية فتعني أقارب وعشيرة إمرأة عزيز مصر. (لا حظ تفسير الآية في كتب التّفسير وخاصّة تفسير الجلالين ، ولا حظ تفسير الميزان : ١٢ / ١٤٢).

وأمّا قوله تعالى : ( فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ ) الأنبياء : ٨٤ ، فكلمة «أهل» في الآية هنا تشير إلى أبناء النّبيّ أيوب عليه‌السلام بعد كشف الضّرّ عنه.

أمّا قوله تعالى : ( وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ) فاطر : ٤٣ ، وقوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ) النّساء : ٥٨ ، وقوله تعالى : ( قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها ) الكهف : ٧١ ، ـ

٦١

__________________

ـ فكلمة «أهل» في هذه الآيات الشّريفة تعني أصحاب الشّيء أو أصحاب العمل.

والخلاصة : أنّ كلمة «أهل» قد وردت في القرآن الكريم (٥٤) مرّة (انظر المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم لمحمّد فؤاد عبد الباقي).

أمّا كلمة «بيت» الّتي وردت في مواطن عديدة من كتاب الله تعالى وسنّة نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أيضا حملت عدّة معان ، منها : المسجد الحرام. ومنها : البيت النّسبي ، ومنها : البيت المادّي المعدّ للسكن ، وغير ذلك. فقد وردت بمعنى المسجد الحرام (١٥) مرّة ؛ (انظر ، البقرة : ١٢٥ و ١٢٧ و ١٥١ ، الأنفال : ٢٥ ، هود : ٧٣ ، الحجّ : ٢٦ و ٢٩ و ٣٣ ، آل عمران : ٩٦ و ٩٧ ، المائدة : ٢ و ٩٧ ، الأحزاب : ٣٣ ، الطّور : ٤ ، إبراهيم : ٢٧) لأنّها من الألفاظ المشتركة.

أمّا إذا أضفنا كلمة «البيت» إلى الأهل فقد وردت في القرآن الكريم مرّتين كما في قوله تعالى :( رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ) هود : ٧٣. وقوله تعالى :( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ) الأحزاب : ٣٣.

أمّا كلمة «أهل البيت» في السّنّة المطهّرة فكثيرة الورود ، ولا يمكن لنا استعراضها ، لإستلزام ذلك مراجعة قوله ، وفعله ، وتقريرهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهذا ممّا لا يمكن حصره.

وبما أنّ المدلول الحقيقي لهذا المصطلح الجليل قد تعرّض لحملة من التّزوير ، والتّشويه ، وهو مدار بحثنا فيقتضي التّنويه عمّا ورد عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله على سبيل الإجمال لا التّفصيل. فقد ورد عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن طريق أهل السّنّة والشّيعة ما يقارب الثّمانين ، روى منها أهل السّنّة ما يقرب من أربعين حديثا. وروى أهل الشّيعة أكثر من ثلاثين طريقا (راجع تفسير الميزان : ١٦ / ٣٢٩). وعلى الرّغم من ذلك فقد تمخّض عن إهمال القرينة قيام عدّة آراء ومذاهب كلّ منها تزعم سلامة الإتّجاه والتّفسير لهذا المصطلح.

فمنهم من يقول : إنّ أهل البيت الّذين عنتهم آية التّطهير هم : بنو هاشم ـ أي بنو عبد المطّلب جميعا ـ

ومنهم من قال : إنّهم مؤمنو بني هاشم وعبد المطّلب دون سائر أبنائهما (انظر ، روح المعاني للآلوسي : ٢٤ / ١٤).

ومنهم من يقول : إنّهم العبّاس بن عبد المطّلب وأبناؤه (انظر ، المصدر السّابق).

ومنهم من يقول : هم الّذين حرموا من الصّدقة : آل عليّ ، وآل عقيل ، وآل جعفر ، وآل العبّاس (انظر ، تفسير الخازن : ٥ / ٢٥٩).

ومنهم من يقول : هم نسآء النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعليّ ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين : (انظر ، تفسير الخازن : ـ

٦٢

__________________

ـ ٥ / ٢٥٩ ، تفسير الكشّاف : ٣ / ٦٢٦ ، فتح القدير للشّوكاني : ٤ / ٢٧٨ و ٢٨٠).

ومنهم من يقول : هم نسآء النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله خاصّة ، حتّى أنّ عكرمة كان يقول : من شاء باهلته بأنّها نزلت بأزوّاج الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ولسنا بصدد مناقشة هذه الأقوال ، ولكن نذكّر القارىء الكريم بأنّ عكرمة بن عبد الله يرى رأي نجدة الحروريّ وهو من أشدّ الخوارج بغضا لعليّ بن أبي طالبعليه‌السلام . ويرى أيضا كفر جميع المسلمين من غير الخوارج. وهو القائل في موسم الحجّ : وددت أنّ بيدي حربة فأعترض بها من شهد الموسم يمينا وشمالا. وهو القائل أيضا عند ما وقف على باب المسجد الحرام : ما فيه إلّا كافر.

ومن مفاهيمه الإعتقادية : إنّما أنزل الله متشابه القرآن ليضلّ به. وقد اشتهر بكذبه ووضعه للحديث ابن عبّاس ، وابن مسعود ، ولذا وصفه يحيى بن سعيد الأنصاري بأنّه كذّاب. (انظر ، ترجمة عكرمة في ميزان الإعتدال للذّهبي : والمعارف لابن قتيبة : ٤٥٥ الطّبعة الأولى قم منشورات الشّريف الرّضي ، طبقات ابن سعد). أفيصحّ بعد هذا أن نأخذ بحديث يرويه؟!

أمّا الرّاوي الثّاني بعد عكرمة فهو مقاتل بن سليمان البلخي الأزديّ الخراساني ، كان مفسّرا للقرآن الكريم على طريقته الخاصّة ، حتّى قال فيه ابن المبارك : ما أحسن تفسيره لو كان ثقة. (انظر ، ميزان الإعتدال للذّهبي : ٤ / ١٧٣ الطّبعة الأولى بيروت ، تهذيب العمّال في اسماء الرّجال للحافظ الخزرجي الأنصاري). وكان من غلاة المجسّمة يشبّه الخالق بالمخلوقين ، حتّى قال أبو حنيفة : أفرط جهم في نفي التّشبيه حتّى قال : إنّه تعالى ليس بشيء ، وأفرط مقاتل في الإثبات حتّى جعله مثل خلقه. (انظر ، المصدر السّابق). وقال النّسائي : والكذّابون المعروفون بوضع الحديث : ابن أبي يحيى بالمدينة ، والواقدي ببغداد ، ومقاتل بن سليمان. (ميزان الإعتدال : ٣ / ٥٦٢ في ترجمة محمّد بن سعيد المصلوب). وكان مقاتل على مذهب المرجئة. (الفصل لابن حزم : ٤ / ٢٠٥) ، ويأخذ عن اليهود ، والنّصارى ويغرّر بالمسلمين ، حتّى قال فيه الذّهبي : كان مقاتل دجّالا جسورا. (انظر ، ميزان الإعتدال : ٣ / ٥٦٢).

عود على بدء : كيف يفسّر عكرمة أو مقاتل بأنّ الآية نزلت في نسآء النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله خاصّة مع أنّ المراد من الرّجس هو مطلق الذّنب؟! وهذا يلزم إذهاب الرّجس عنهنّ وبالتّالي لا يصحّ أن يقال : ( يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ) الأحزاب : ٣٢ ، ولما صحّ قوله تعالى : ( يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً ) الأحزاب : ٣٠.

٦٣

__________________

ـ وكيف يفسّران إيذاء هنّ لهصلى‌الله‌عليه‌وآله مع إذهاب الرّجس عنهنّ؟! حيث ذكر البخاريّ : إنّ النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله هجر عائشة ، وحفصة شهرا كاملا ، وذلك بسبب إفشاء حفصة الحديث الّذي أسرّة لها إلى عائشة ، فقالت للنّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّك أقسمت أن لا تدخل علينا شهرا. (انظر ، صحيح البخاريّ : ٣ / ٣٤). وفي رواية أنس: قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «آليت منهنّ شهرا». (انظر ، نفس المصدر السّابق). وها هو ابن عبّاس يقول : لم أزل حريصا على أن أسأل عمر بن الخطّاب عن المرأتين من أزوّاج النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله اللّتين قال الله تعالى فيهما :( إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما ) التّحريم : ٤. حتّى حجّ وحججت معه حتّى قال ابن عبّاس : فقلت للخليفة : من المرأتان؟ فقال عمر بن الخطّاب : وا عجبا لك يا ابن العبّاس! هما عائشة وحفصة. (انظر ، لمصدر السّابق : ٧ / ٢٨ ـ ٢٩ ، و : ٣ / ١٣٣). وها هي عائشة وتعقّبها للنّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ما فقدته في ليالي نوبتها ، وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله لها : «ما لك يا عائشة! أغرت؟ فقالت : ومالي أن لا يغار مثلي على مثلك؟! فقال لهاصلى‌الله‌عليه‌وآله : أفأخذك شيطانك؟! (انظر ، مسند أحمد : ٦ / ١١٥ ، تفسير الطّبريّ : ٢٨ / ١٠١ ، طبقات ابن سعد : ٨ / ١٣٥ طبعة أوربا ، وصحيح البخاريّ : ٣ / ١٣٧ ، و : ٤ / ٢٢ ، صحيح مسلم كتاب الطّلاق ح ٣١ ـ ٣٤).

وكيف يفسّران قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً ) الأحزاب : ٥٧ ، وقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) التّوبة : ٦١ ، وقوله تعالى : ( عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ ) التّحريم : ٥ ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأمّ سلمة عند ما سألته : يا رسول الله ألست من أهل البيت؟ قال : أنت إلى خير إنّك من أزوّاج النّبيّ. وما قال : إنّك من أهل البيت؟! (انظر ، شواهد التّنزيل للحاكم الحسكاني : ٢ / ١٢٤ تحقّيق الشّيخ المحمودي نقلا عن كتاب معجم الشّيوخ : ٢ / الورق ٧ من المصوّرة ، تفسير الطّبريّ : ٢٢ / ٧).

أمّا المدلول الحقيقي لأهل البيت بعد تخصيص هذا التّعميم وتقييد الإطلاق في الآية الكريمة من خلال القرينة الّتي ترافق الإستعمال ، وكذلك من خلال الأحاديث النّبويّة المحدّدة للمراد من أهل البيت في آية التّطهير ، وهي ما أجمعت عليه الأمّة من خلال كتب الحديث المعتبرة أو كتب التّفسير فإنّه يظهر لنا أنّ هذه الآية نزلت في خمسة ، وهم : محمّد ، وعليّ ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين :. ومصادر تلك الأحاديث غير محصورة ، ولكن نشير إلى ما هو متداول ومنشور منها :

١ ـ روت أمّ المؤمنين أمّ سلمة بشأن نزول هذه الآية : ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ ـ

٦٤

__________________

ـالْبَيْتِ ) قالت : إنّها نزلت في بيتي ، وفي البيت سبعة : جبريل ، وميكال ، وعليّ ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين رضي الله عنهم وأنا على باب البيت ، قلت : يا رسول الله ، ألست من أهل البيت؟ قال : إنّك إلى خير ، إنّك إلى خير! إنّك من أزوّاج النّبيّ. (انظر ، الدّر المنثور للسّيوطي : ٤ / ١٩٨ ، ومشكل الآثار : ١ / ٢٣٣ ، ورواية أخرى في سنن التّرمذي : ١٣ / ٢٤٨ ، ومسند أحمد : ٦ / ٣٠٦ ، اسد الغابة : ٤ / ٢٩ ، وتهذيب التّهذيب : ٢ / ٢٩٧).

٢ ـ وروى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال : لمّا نظر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الرّحمة هابطة قال : ادعوا لي ، ادعوا لي ، فقالت صفيّه بنت حيي بن أخطب زوّج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من يا رسول الله؟ قال : أهل بيتي : عليّا ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين. (انظر ، مستدرك الصّحيحين : ٣ / ١٤٧ ، صحيح مسلم : ٥ / ١٥٤ ، مسند أحمد : ١ / ٩ ، سنن البيهقيّ : ٦ / ٣٠٠). فجيء بهم ، فألقى عليهم النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كساءه ، ثمّ رفع يديه ، ثمّ قال : أللهمّ هؤلاء آلي فصلّ على محمّد وآل محمّد. فنزل قول الله عزوجل :( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ) .

٣ ـ وروت أمّ المؤمنين عائشة بشأن نزول هذه الآية قالت : خرج رسول الله غداة وعليه مرط مرحّل من شعر أسود ، فجاء الحسن بن عليّ فأدخله ، ثمّ جاء الحسين فدخل معه ، ثمّ جاءت فاطمة فأدخلها ، ثمّ جاء عليّ فأدخله. (انظر ، مستدرك الصّحيحين : ٣ / ١٤٧ طبعة حيدر آباد ، تفسير الطّبريّ : ٢٢ / ٥ طبعة بولاق) ، ثمّ قال :( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) .

٤ ـ وعن أنس بن مالك قال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يمرّ بباب فاطمة ستة أشهر كلّما خرج إلى صلاة الفجر يقول : الصّلاة يا أهل البيت ، ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) . (انظر ، المصادر السّابقة ، وتفسير ابن كثير : ٣ / ٤٨٣ ، والدّر المنثور ، ٥ / ١٩٩ ، ومسند الطّيّالسي : ٨ / ٢٧٤).

فهؤلاء أهل بيت النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّ ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين : كما جاء في النّقل المتواتر الّذي لا يقبل اللّبس ، وكما هو معروف من أحوال النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وسيرته معهم.

ونظرا لكثرة المصادر التّأريخية ، والحديثية ، والتّفسيرية نكتفي بذكرها فقط دون تدوين الواقعة.

أوّلا : بدء بالسّيّدة عائشة زوّجة النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله واعترافها بأنّ أهل البيت هم : عليّ ، وفاطمة ، والحسن والحسين عليهم‌السلام ، وهي خارجة عنهم ، أي لم تشملها الآية.

٦٥

__________________

ـ انظر ، صحيح مسلم باب فضائل أهل البيت : ٢ / ٢٦٨ طبعة عيسى الحلبي بمصر ، و : ١٥ / ١٩٤ طبعة مصر أيضا بشرح النّووي ، فتح البيان لصدّيق حسن خان : ٧ / ٣٦٥ ، فتح القدير للشّوكاني : ٤ / ٢٧٩ ، شواهد التّنزيل للحسكاني الحنفي : ٢ / ٥٦ ح ٦٧٦ ـ ٦٨٤ تحقّيق الشّيخ المحمودي ، المستدرك للحاكم : ٣ / ١٤٧ ، الدّر المنثور للسّيوطي : ٥ / ١٩٨ ، كفاية الطّالب للحافظ الكنجي الشّافعي : ٥٤ و ٣٧٣ و ٣٧٤ طبعة الحيدرية ، نظم درّر السّمطين للزّرندي الحنفي : ١٣٣.

وثانيا : اعتراف أمّ المؤمنين أمّ سلمة زوّج النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بأنّ أهل البيت هم : عليّ ، وفاطمة ، والحسن والحسين عليهم‌السلام ، وهي خارجة عنهم.

انظر ، شواهد التّنزيل للحسكاني الحنفي : ٢ / ٣٩ ح ٦٥٩ و ٧٠٦ و ٧٠٧ ـ ٧١٠ و ٧١٣ و ٧١٤ و ٧١٧ و ٧٢٠ و ٧٢٢ و ٧٢٤ و ٧٢٥ و ٧٢٦ و ٧٢٩ و ٧٣١ و ٧٣٧ و ٧٣٨ و ٧٤٠ و ٧٤٧ و ٧٤٨ و ٧٥٢ و ٧٥٥ و ٧٥٧ ـ ٧٦١ و ٧٦٤ و ٧٦٥ و ٧٦٨ ، الرّياض النّضرة لمحبّ الدّين الطّبريّ الشّافعي : ٢ / ٢٤٨ الطّبعة الثّانية ، مطالب السّؤول لابن طلحة الشّافعي : ١ / ١٩ طبعة النّجف ، سنن التّرمذي : ٥ / ٣٢٧ ح ٣٢٠٥ ، صحيح التّرمذي : ٥ / ٣١ ح ٣٢٥٨ و ٣٢٨ ح ٣٨٧٥ و ٣٦١ ح ٣٩٦٣.

وانظر ، فتح البيان لصدّيق حسن خان : ٧ / ٣٦٤ ، فتح القدير للشّوكاني : ٤ / ٢٧٩ ، مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب لابن المغازلي الشّافعي : ٣٠٣ ح ٣٤٧ و ٣٤٩ ، تفسير ابن كثير : ٣ / ٤٨٤ ، الدّر المنثور للسّيوطي : ٥ / ١٩٨ ، نظم درّر السّمطين للزّرندي الحنفي : ٢٣٨ ، كفاية الطّالب للحافظ الكنجي الشّافعي : ٣٧٢ طبعة الحيدرية ، ينابيع المودّة للحافظ القندوزي الحنفي : ١٠٧ و ٢٢٨ و ٢٣٠ و ٢٩٤ طبعة اسلامبول ، اسد الغابة لابن الأثير : ٢ / ١٢ ، و : ٣ / ٤١٣ ، و : ٤ / ٢٩ ، السّيرة النّبويّة بهامش السّيرة الحلبية : ٣ / ٣٣٠ طبعة البهية بمصر ، تفسير الطّبريّ : ٢٢ / ٧ ، إسعاف الرّاغبين بهامش نور الأبصار : ٩٧ طبعة عثمانيّة.

وثالثا : اختصاص أهل البيت بعليّ ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين عليهم‌السلام من خلال قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أللهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا. وقريب منه ألفاظ أخرى كما ورد عن جابر بن عبد الله : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله دعا عليّا ، وابنيه وفاطمة ، فألبسهم من ثوبه ، ثمّ قال : أللهمّ هؤلاء أهلي ، هؤلاء أهلي.

انظر ، شواهد التّنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي : ٢ / ٢٨ تحقّيق الشّيخ المحمودي ح ٦٤٧ ـ ٦٤٩ و ٦٥٤ و ٦٥٩ و ٦٧٠ و ٦٧٢ و ٦٧٣ و ٦٧٥ و ٦٨٢ و ٦٨٤ و ٦٨٦ و ٦٨٩ و ٦٩١ ـ ٦٩٣ و ٧١٨ ـ

٦٦

__________________

ـ ٧٢٢ و ٧٢٤ و ٧٢٦ و ٧٣١ و ٧٣٢ و ٧٣٤ و ٧٣٧ ـ ٧٤١ و ٧٤٣ و ٧٥٤ و ٧٥٨ ـ ٧٦١ و ٧٦٥ و ٧٦٨ ، فرائد السّمطين : ١ / ٣١٦ ح ٢٥٠ و ٣٦٨ ح ٢٩٦ ، و : ٢ / ١٤ ح ٣٦٠ ، الرّياض النّضرة لمحبّ الدّين الطّبريّ الشّافعي : ٢ / ٢٤٨ الطّبعة الثّانية ، السّيرة الحلبية للحلبي الشّافعي : ٣ / ٢١٢ طبعة البهية بمصر ، صحيح التّرمذي : ٥ / ٣١ ح ٣٢٥٨ و ٣٢٨ ح ٣٨٧٥ و ٣٦١ ح ٣٩٦٣ ، صحيح مسلم باب فضائل عليّ بن أبي طالب : ١٥ / ١٧٦ طبعة مصر بشرح النّووي.

وانظر أيضا ، مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب لابن المغازلي الشّافعي : ٣٠٢ ح ٣٤٦ ـ ٣٥٠ ، مطالب السّؤول لابن طلحة الشّافعي : ١ / ١٩ طبعة النّجف ، المناقب للخوارزمي الحنفي : ٦٠ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ١ / ٧٥ ، خصائص أمير المؤمنين للنّسائي : ٤ و ١٦ طبعة القاهرة وص ٤٦ بتحقّيق الشّيخ المحمودي ، المستدرك على الصّحيحين للحاكم : ٢ / ١٥٠ و ٤١٦ ، و : ٣ / ١٠٨ و ١٤٦.

وانظر كذلك ، السّيرة النّبويّة لزين دحلان بهامش السّيرة الحلبية : ٣ / ٣٣٠ طبعة البهية بمصر ، فتح البيان لصدّيق حسن خان : ٧ / ٣٦٤ ، فتح القدير للشّوكاني : ٤ / ٢٧٩ ، الدّر المنثور للسّيوطي : ٥ / ١٩٨ ، تفسير ابن كثير : ٣ / ٤٨٣ ، مجمع الزّوائد : ٧ / ٩١ ، تأريخ الخلفاء للسّيوطي : ١٦٩ ، ينابيع المودّة للحافظ القندوزي الحنفي : ١٠٧ و ١٠٨ و ١٩٤ و ٢٢٨ ـ ٢٣٠ و ٢٤٤ و ٢٨١ و ٢٩٤ طبعة اسلامبول ، مسند أحمد : ١ / ١٨٥ ، و : ٣ / ٢٥٩ ، و : ٦ / ٢٩٨ طبعة الميمنية بمصر ، مشكاة المصابيح للعمري : ٣ / ٢٥٤ تأريخ ابن عساكر الشّافعي : ١ / ٢١ ح ٣ وص ١٨٤ و ٢٤٩ و ٢٧١ ـ ٢٧٣ ، تفسير الفخر الرّازي : ٢ / ٧٠٠ ، اسد الغابة لابن الأثير : ٢ / ١٢ ، و : ٣ / ٤١٣ ، و : ٤ / ٢٦ ، و : ٥ / ٦٦ و ١٧٤ و ٥٢١ و ٥٨٩.

وراجع منتخب كنز العمّال بهامش مسند أحمد : ٥ / ٥٣ ، مصابيح السّنّة للبغوي الشّافعي : ٢ / ٢٧٨ طبعة محمّد عليّ صبيح ، المعجم الصّغير للطّبراني : ١ / ٦٥ ، نظم درّر السّمطين للزّرندي الحنفي : ١٣٣ و ٢٣٨ و ٢٣٩ ، معالم التّنزيل للبغوي الشّافعي مطبوع بهامش تفسير الخازن : ٥ / ٢١٣ ، الصّواعق المحرقة لابن حجر : ١١٩ و ١٤١ ـ ١٤٣ و ٢٢٧ طبعة المحمّدية ، تفسير الخازن : ٥ / ٢١٣ ، مرآة الجنان لليافعي : ١ / ١٠٩ ، التّأريخ الكبير للبخاري : ١ / ق ٢ / ٦٩ رقم ١٧١٩ و ٢١٧٤ طبعة سنة ١٣٨٢ ه‍. أسباب النّزول للواحدي : ٢٠٣ ، الإتحاف للشّبراوي الشّافعي : ٥ ، الاسيعاب لابن عبد البرّ بهامش الإصابة : ٣ / ٣٧ طبعة السّعادة ، كفاية الطّالب للحافظ الكنجي الشّافعي : ٥٤ و ١٤٢ و ١٤٤ و ٢٤٢ طبعة الحيدرية.

٦٧

__________________

ـ ورابعا : اختصاص أهل البيت بعليّ ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين : وذلك من خلال أقوالهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند ما يخرج للصلاة ، ويمرّ بباب عليّ وفاطمة عليهما‌السلام ، كرواية أنس بن مالك قال : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يمرّ بباب فاطمة ستة أشهر ، فإذا خرج إلى صلاة الفجر يقول : الصّلاة يا أهل البيت ،( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) .

انظر ، شواهد التّنزيل للحسكاني الحنفي : ٢ / ١٨ ح ٦٣٧ ـ ٦٤٠ و ٦٤٤ و ٦٩٥ و ٦٩٦ و ٧٧٣ تحقّيق الشّيخ المحمودي ، مطالب السّؤول لابن طلحة الشّافعي : ١ / ١٩ ، صحيح التّرمذي : ٥ / ٣ ح ٣٢٥٩ ، مسند أحمد : ٣ / ٢٥٩ و ٢٨٥ طبعة الميمنية بمصر ، منتخب كنز العمّال بهامش مسند أحمد : ٥ / ٩٦ ، الدّر المنثور للسّيوطي : ٥ / ١٩٩ ، تفسير الطّبريّ : ٢٢ / ٦ ، مجمع الزّوائد للهيثمي الشّافعي : ٩ / ١٦٨ ، تفسير ابن كثير : ٣ / ٤٨٣ و ٤٨٤ ، المستدرك للحاكم : ٣ / ١٥٨ ، ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي : ١٩٣ و ٢٣٠ طبعة اسلامبول ، فتح البيان لصدّيق حسن خان : ٧ / ٣٦٥ طبعة القاهرة ، أنساب الأشراف للبلاذري : ٢ / ١٠٤ ح ٣٨ ، اسد الغابة لابن الأثير : ٥ / ٥٢١.

وخامسا : اختصاص أهل البيت بعليّ ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين عليهم‌السلام من خلال سبب النّزول ، وما قالهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيهم كحديث أمّ سلمة : إنّ النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان في بيتها ، على منامة له ، عليه كساء خيبري ، فجاءت فاطمة ببرمة فيها خزيرة ، فقال : ادعي زوّجك وابنيك ، فدعتهم ، فبينّما هم يأكلون إذ نزلت على النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) . فأخذ النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بفضلة الكساء فغشّاهم إيّاها ، ثمّ قال : أللهمّ هؤلاء أهل بيتي وحامّتي فأذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا. قالها النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاث مرّات. قالت أمّ سلمة : فأدخلت رأسي في البيت ، فقلت : وأنا معكم يا رسول الله؟ قال : إنّك إلى خير.

انظر ، شواهد التّنزيل للحاكم الحسكاني : ٢ / ١٣ ح ٦٣٧ ـ ٦٤١ و ٦٤٤ و ٦٤٨ ـ ٦٥٣ و ٦٥٦ ـ ٦٦١ و ٦٦٣ ـ ٦٦٨ و ٦٧١ ـ ٦٧٣ و ٦٧٥ و ٦٧٨ و ٦٨٠ و ٦٨١ و ٦٨٦ و ٦٨٩ و ٦٩٠ و ٦٩١ و ٦٩٤ و ٧٠٧ و ٧١٠ و ٧١٣ و ٧١٤ و ٧١٧ و ٧١٨ و ٧٢٩ و ٧٤٠ و ٧٥١ و ٧٥٤ ـ ٧٦٢ و ٧٦٤ و ٧٦٥ و ٧٦٧ و ٧٦٩ و ٧٧٠ و ٧٧٤ طبعة وزارة الثّقافة والإرشاد الإسلامي ، صحيح مسلم : فضائل أهل البيت ٢ / ٣٦٨ طبعة عيسى الحلبي ، صحيح التّرمذي : ٥ / ٣٠ ح ٣٢٥٨ ، و : ٥ / ٣٢٨ ح ٣٨٧٥ طبعة دار الفكر ، مسند أحمد : ١ / ٣٣٠ طبعة الميمنية بمصر ، فرائد السّمطين للحمويني الشّافعي : ١ / ٣١٦ ح ٢٥٠ ، و : ٢ / ٩ ح ٣٥٦ و ٣٦٢ و ٣٦٤ ، إسعاف الرّاغبين للصبّان بهامش نور الأبصار : ١٠٤ و ١٠٥ ـ

٦٨

أهل البيت جرما أن يقول عنهم الرّسول الأعظم : «مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق»(١) ؟! وماذا أبقى إذن إلى غيرهم؟ ألا يكفي

__________________

ـ و ١٠٦ طبعة السّعيدية ، فتح القدير للشّوكاني : ٤ / ٢٧٩.

وانظر كذلك ، نور الأبصار للشّبلنجي : ١٠٢ طبعة السّعيدية ، فتح البيان لصدّيق حسن خان : ٧ / ٣٦٣ ـ ٣٦٥ ، الرّياض النّضرة لمحبّ الدّين الطّبريّ الشّافعي : ٢ / ٢٤٨ الطّبعة الثّانية ، فضائل الخمسة : ١ / ٢٢٤ ـ ٢٤٣ ، ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي : ١٠٧ و ١٠٨ و ٢٢٨ ـ ٢٣٠ و ٢٤٤ و ٢٦٠ و ٢٩٤ طبعة اسلامبول. العقد الفريد لابن عبد ربّه المالكي : ٤ / ٣١١ طبعة لجنة التّأليف والنّشر بمصر ، الاسيعاب لابن عبد البرّ بهامش الإصابة : ٣ / ٣٧ طبعة السّعادة ، خصائص أمير المؤمنين للنسّائي الشّافعي : ٧٢ تحقّيق الشّيخ المحمودي ، منتخب كنز العمّال بهامش مسند أحمد بن حنبل : ٥ / ٩٦. وانظر أيضا ، السّيرة النّبويّة لزين دحلان بهامش السّيرة الحلبية : ٣ / ٣٢٩ و ٣٣٠ طبعة البهية بمصر ، كفاية الطّالب للحافظ الكنجي الشّافعي : ٥٤ و ٣٧٢ ـ ٣٧٥ ، اسد الغابة في معرفة الصّحابة لابن الأثير الشّافعي : ٢ / ١٢ ـ ٢٠ ، و : ٣ / ٤١٣ ، و : ٥ / ٥٢١ و ٥٨٩ ، أسباب النّزول للواحدي : ٢٠٣ طبعة الحلبي بمصر ، الصّواعق المحرقة لابن حجر الشّافعي : ٨٥ و ١٣٧ طبعة الميمنية بمصر ، الإتقان في علوم القرآن للسّيوطي : ٤ / ٢٤٠ مطبعة المشهد الحسيني بمصر ، التّسهيل لعلوم التّنزيل للكلبي : ٣ / ١٣٧ ، التّفسير المنير لمعالم التّنزيل للجاوي : ٢ / ١٨٣ ، أحكام القرآن للجصّاص : ٥ / ٢٣٠ طبعة عبد الرّحمان محمّد ، مناقب عليّ بن أبي طالب لابن المغازلي الشّافعي : ٣٠١ ح ٣٤٥ و ٣٤٨ ـ ٣٥١. وراجع مصابيح السّنّة للبغوي الشّافعي : ٢ / ٢٧٨ طبعة محمّد عليّ صبيح ، رواية عن عمرو بن يزيد عن مكحول وفيها قال جبريل : وأنا منكم يا محمّد ، مجمع البيان : ٧ ـ ٨ : ٣٥٦ و ٣٥٧ طبعة إحياء التّراث العربي بيروت ، تفسير الشّوكاني : ٤ / ٢٨٠ ، المستدرك للحاكم : ٣ / ١٤٦ ، تفسير جامع البيان : ١ / ٢٩٦ دار المعرفة ، تفسير النّيسابوري : ٢٢ / ١٠ ، تفسير الطّبريّ : ٢٢ / ٦ و ٧ و ٢٨ طبعة مصر ، الدّر المنثور للسّيوطي : ٥ / ١٩٨ و ١٩٩ ، مشكاة المصابيح للعمري : ٣ / ٢٥٤ ، الكشّاف للزّمخشري : ١ / ١٩٣ طبعة مصطفى محمّد ، تفسير القرطبي : ١٤ / ١٨٢ الطّبعة الأولى بالقاهرة ، تفسير ابن كثير : ٣ / ٤٨٣ ـ ٤٨٥ و ٤٩١ الطّبعة الثّانية بمصر ، تذكرة الخواصّ للسّبط بن الجوزي الحنفي : ٢٣٣ ، مطالب السّؤول لابن طلحة الشّافعي : ١ / ١٩ و ٢٠ طبعة دار الكتب في النّجف ، أحكام القرآن لابن عربي : ٢ / ١٦٦ طبعة مصر.

(١) انظر ، مستدرك الصّحيحين : ٢ / ٣٤٣ ، طبعة حيدرآباد سنة ١٣٢٤ ه‍. وفي رواية : كمثل ، وفي

٦٩

عليّ من الذّنوب والعيوب أن يقول النّبيّ :

«أنا مدينه العلم ، وعليّ بابها»(١) . وأن يقول له : «أنت أخي في الدّنيا

__________________

ـ ورواية اخرى : عن البزّار عن ابن عبّاس وعن ابن الزّبير. وللحاكم عن أبي ذّرّ مثلها.

وعن عليّ عليه‌السلام : ومن تعلّق بها فاز ، ومن تخلّف عنها زجّ في النّار. (ذخائر العقبى : ٢٠). وفي رواية عن عليّ عليه‌السلام : ومن تخلّف عنها اولج ـ يعني دخل ـ. مودّة القربى : ١٣ ، كنز العمّال : ١٢ / ١٠٠ / ٣٤١٨٠ ، و : ١٦ / ١٥٣ ، و : ١٢ / ٩٥ فضل أهل البيت ح ٣٤١٥١ ، وانظر جمع الفوائد : مناقب أهل البيت وأصهاره : ٢ / ٢٣٦ ، القول المبين في فضائل أهل البيت المطهرين : ، محمّد بن عبد الله سليمان العزيّ : ٢٩ ، مجمع الزّوائد : ٩ / ١٦٨ ، المعجم الكبير للطّبراني : ٣ / ٤٥ / ٢٦٣٦ ، منتخب كنز العمّال بهامش أحمد : ٥ / ٩٢ ، الفضائل لأحمد : ٢ / ٧٨٥ / ١٤٠٢ ، الجامع الصّغير : ٢ / ٥٣٣ / ٨١٦٢ ، حلية الألياء لأبي نعيم : ٤ / ٣٠٦ ، تأريخ بغداد للخطيب : ١٢ / ١٩ ، مجمع الزّوائد للهيثمي : ٩ / ١٦٨ ، فرائد السّمطين : ٢ / ٢٤٢ / ٥١٦ ، و : ٢ / ٢٤٧ ، جواهر العقدين : ٢ / ١٩٠ ، المناقب لابن المغازلي : ١٣٢ / ١٧٣ ـ ١٧٧ ، شواهد التّنزيل : ١ / ٣٦١ ، الدّر المنثور : ١ / ٧١ ، مناقب آل أبي طالب : ٣ / ٣٩ ، بلوغ الأرب وكنوز الذّهب في معرفة المذهب : ٧٣ ، من هم الزّيديّة : ١١٨ ، كتاب الأصول : ٤٢ ، الأمالي لأبي طالب : ١٠٥.

(١) لقد وصل إلينا الحديث متواترا عن طريق الشّيعة ، والسّنّة كما صرح بذلك أكثر الفقهاء ، والعلماء ، وأصحاب الحديث ، والسّنن مع وجود بعض الإختلاف في اللّفظ. انظر ، تأريخ دمشق / ترجمة الإمام عليعليه‌السلام : ٣ / ٤٦٧ ، والمناقب لابن المغازلي : ٨١ ، وصحيح التّرمذي : ٢ / ٢٩٩ ح ٣٨٠٧ ، سنن التّرمذي : ٥ / باب ٨٧ / ٣٠١ ، وأخرجه الطّبراني في المعجم الكبير : ٣ / ١٠٨ ، و : ١١ / ٥٥ / ١١٠٦١ عن ابن عبّاس ، الحاكم في المناقب : ٢٢٦ ، مستدرك الصّحيحين : ٣ / ١٢٦ و ١٢٧ و ١٢٩ ، أسنى المطالب للجزري : ٧٠ و ٧١ ، تأريخ بغداد : ١١ / ٢٠٤ و ٤٨ و ٤٩ و : ٢ / ٣٧٧ و : ٤ / ٢٤٨ ، و : ٧ / ١٧٢ ، لسان الميزان لابن حجر : ١ / ١٩٧ تحت رقم ٦٢٠ ، الصّواعق المحرقة : ٧٣ و ١٢٠ و ١٢٢ / ٩ طبعة المحمّدية أورد الحديثين «أنا مدينة العلم ...» و «أنا دار الحكمة ...».

وانظر تهذيب التّهذيب : ٦ / ٣٢٠ ، و : ٧ / ٤٢٧ ، تذكرة الحفّاظ : ٤ / ٢٨ طبعة حيدر آباد ، الفردوس لأبي شجاع الدّيلمي : ١ / ٧٦ / ١٠٩ ، مودّة القربى : ٢٤ ، مصابيح السّنّة للبغوي : ٢ / ٢٧٥ ، الجامع الصّغير للسّيوطي : ١ / ٣٧٤ ح ٢٧٠٥ و ٢٧٠٤ طبعة مصطفى محمّد ، منتخب كنز العمّال بهامش مسند ـ

٧٠

والآخرة»(١) «من كنت مولاه فعليّ مولاه»(٢) . ولم يقل هذا في حقّ أحد

__________________

ـ أحمد : ٥ / ٣٠ ، وكنز العمّال : ٦ / ١٥٢ و ١٥٦ ، و ١١ / ٦١٤ / ٣٢٩٧٩ ، و ٦٠٠ / ٣٢٨٨٩ ، و : ١٣ / ١٤٧ / ٣٦٤٦٢ و ٣٦٤٦٣ ، و : ١٥ / ١٢٩ / ٣٧٨ الطّبعة الثّانية ، الفتح الكبير للنّبهاني : ١ / ٢٧٢ و ٢٧٦ ، البداية والنّهاية لابن كثير : ٧ / ٣٥٨ ، مجمع الزّوائد للهيثمي : ٩ / ١١٤ ، حلية الأولياء : ١ / ٦٤ و ٦٣ ، فرائد السّمطين : ١ / ٩٨ ، شواهد التّنزيل للحافظ الحسكاني : ١ / ٣٣٤ / ٤٥٩ و ٨١ / ١١٨ و ٨٢ / ١١٩ و ١٢٠ و ١٢١ طبعة أخرى ، الرّياض النّضرة : ٢ / ١٩٣ و ٢٥٥ الطّبعة الثّانية.

وراجع فضائل الخمسة : ٢ / ٢٤٨ و ٢٥٠ ، جامع الأصول : ٩ / ٤٧٣ / ٦٤٨٩ ، شرح النّهج لابن أبي الحديد : ٢ / ٢٣٦ طبعة بيروت ، و : ٧ / ٢١٩ طبعة مصر بتحقّيق محمّد أبو الفضل ، ميزان الإعتدال للذّهبي : ١ / ٤١٥ و ٤٣٦ تحت رقم ٤٢٩ ، و : ٢ / ٢١٥ ، و : ٣ / ١٨٢ ، و : ٤ / ٩٩ ، اسد الغابة : ٤ / ٢٢ ، تأريخ دمشق لابن عساكر الشّافعي / ترجمة الإمام علي عليه‌السلام : ٢ / ٤٥٩ / ٩٨٣ و ٤٦٤ و ٤٧٦ حديث ٩٨٤ و ٩٨٦ و ٩٩٧.

(١) انظر ، سنن التّرمذي : ٥ / ٢٠ ح ٣٨٠٤ ، صحيح البخاريّ : ٢ / ٢٩٩ ، و : ٥ / ٣٠٠ / ٣٨٠٤ و ٦٣٦ / ٣٧٢٠ ، جامع التّرمذي : ٢ / ٢١٣ ، مستدرك الحاكم : ٣ / ١٤ ، تيسير الوصول : ٣ / ٢٧١ ، مشكاة المصابيح هامش المرقاة : ٥ / ٥٦٩ الطّبعة الثّانية ، الرّياض النّضرة : ٢ / ١٦٧ و ٢١٢ ، تأريخ مدينة دمشق : ١ / ١٠٩ ح ١٤٩ ، الاسيعاب بهامش الإصابة : ٣ / ٣٥ ، مسند أحمد : ١ / ٢٣٠.

(٢) لم يكتف الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله بأبداء التّوجيهات ، وإصدار التّحذيرات ، بل اتّخذ إلى جانب ذلك مواقف عملية من أجل صيانة وحدة الأمّة ويأتي في مقدّمة تلك المواقف موقفه بشأن الإمامة والخلافة من بعده ، فأنّ المتتبع لسيرة الرّسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يجد فيها اهتماما بشيء كالإهتمام بخلافة الإمام عليّعليه‌السلام من بعده بنصوص لا يبلغها الحصر والإحصاء بعضها في الإشادة بالإمام ، وبيان فضله ومنزلته ومزايا شخصيته ، وبعضها الآخر في تعيينه خليفة ، وإماما للمسلمين من بعده ، وأهمّ وأبرز تلك المواقف موقفه يوم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله في آخر حجّة حجّها إلى بيت الله الحرام في مكّة المكّرمة ، والّتي تسمّى بحجّة الوداع. «أيّ بلد هذا ، أليست بالبلدة الحرام»؟.

قلنا : بلى يا رسول الله!.

قال : «إنّي أوشك أن أدعى فأجيب ..».

قالوا : نشهد أنّك بلّغت ونصحت فجزاك الله خيرا ؛ ـ

٧١

__________________

ـ قال : «أليس تشهدون أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله ....؟».

قالوا : بلى نشهد ذلك.

قال : «أللهمّ اشهد».

ثمّ قال : «ألا تسمعون؟».

قالوا : نعم.

قال : «يا أيّها النّاس إنّي فرط ، وأنتم واردون عليّ الحوض ...». انظر ، الأمالي الخميسيّة : ١ / ١٥٦ ، مجمع الزّوائد : ٩ / ١٦٢ ، مستدرك الحاكم : ٣ / ١٠٩ ، ابن كثير : ٥ / ٢٠٩.

ثمّ قال : «ألستم تعلمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟».

قالوا : بلى يا رسول الله! انظر ، مسند أحمد : ١ / ١١٨ ، سنن ابن ماجه : ١ / ٤٣ ح ١١٦ ، ابن كثير : ٥ / ٢٠٩.

قال : «ألستم تعلمون ـ أو تشهدون ـ أنّي أولى بكلّ مؤمن من نفسه؟».

قالوا : بلى يا رسول الله. انظر ، مسند أحمد : ٤ / ٢٨١ و ٣٦٨ و ٣٧٠ ، ابن كثير : ٥ / ٢٠٩ و ٢١٢.

ثمّ أخذ بيد عليّ بن أبي طالب بضبعيه فرفعها حتّى نظر النّاس إلى بياض إبطيهما.

انظر ، الأمالي لأبي طالب : ٣٥ ، أمالي المؤيد بالله : ١٠٤ ، مستدرك الحاكم الحسكاني : ١ / ١٩٠ و ١٩٣ ، كتاب الأصول : ٣٨ ـ ٣٩.

ثمّ قال :

«أيّها النّاس! الله مولاي وأنا مولاكم ؛ فمن كنت مولاه ، فهذا عليّ مولاه. اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأحبّ من أحبّه ، وأبغض من أبغضه».

ثمّ قال : «اللهمّ اشهد». انظر ، مسند أحمد : ١ / ١١٨ و ١١٩ و : ٤ / ٢٨١ ، تذكرة الخواص للسّبط الجوزي الحنفي : ٣٠ ، السّيرة الحلبية : ٣ / ٢٥٧ ، السّيرة النّبوّية لزيني دحلان بهامش الحلبية : ٣ / ٣. انظر ، مسند أحمد : ١ / ١١٨ ، بلوغ الأرب وكنوز الذّهب في معرفة المذهب : ١٣٢ ، كتاب الأصول : ٣٨ ـ ٣٩ ، الأمالي لأبي طالب : ٣٣ ، أمالي المؤيد بالله : ٩٠ ، مجمع الزّوائد : ٩ / ١٠٤ و ١٠٥ و ١٠٧ ، شواهد التّنزيل : ١ / ١٩٣ ، تأريخ ابن كثير : ٥ / ٢١٠. انظر ، شواهد التّنزيل للحسكاني : ١ / ١٩١ ، تأريخ ابن كثير : ٥ / ٢١٠.

ثمّ لم يتفرّقا ـ رسول الله وعليّ ـ حتّى نزلت هذه الآية : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ ـ

٧٢

سوى عليّ. ألا يكفي عليّ عيبا أن يقول عنه سيّد الرّسل حين برز عمرو بن ودّ : «برز الإيمان كلّه إلى الشّرك كلّه»(١) ؟! أمّا ذنب عليّ الّذي لا كفّارة له أبدا فهو

__________________

ـنِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) . المائدة : ٣.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

«الله أكبر على إكمال الدّين ، وإتمام النّعمة ، ورضا الرّبّ برسالتي ، وبالولاية لعليّ من بعدي. ثمّ قال : «من كنت مولاه فعليّ مولاه ، أللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله».

(١) فقد روى المؤرّخون في مبارزة عليّعليه‌السلام يوم الخندق ، وأنّها أفضل من أعمال الأمّة إلى يوم القيامة بألفاظ مختلفة تؤدّي إلى نفس المعنى. فقد روى صاحب المستدرك عن سفيان الثّوري أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال ذلك لعليّعليه‌السلام يوم الخندق. ورواه الخطيب البغدادي في تأريخ ه : ١٣ / ١٩ عن إسحاق بن بشر القرشيّ. وذكره الفخر الرّازي في تفسيره الكبير : ٣٢ / ٣١ ، وفي ذيل تفسير سورة القدر ورد بلفظ :لمبارزة عليّ عليه‌السلام مع عمرو بن عبد ودّ أفضل من عمل أمّتي إلى يوم القيامة. وذكر ابن أبي الحديد في شرح النّهج أيضا : ١٩ / ٦١ أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال حين برز عليّ عليه‌السلام لعمرو بن عبدودّ : برز الإيمان كلّه إلى الشّرك كلّه. وقال الإيجي في شرح المواقف : ٦١٧ قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لضربة عليّ يوم الخندق أفضل من عبادة الثّقلين. وفي السّيرة الحلبية بهامش السّيرة النّبويّة : ٢ / ٣٢٠ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : قتل عليّ لعمرو بن عبدودّ أفضل من عبادة الثّقلين.

وقال الفخر الرّازي في نهاية العقول في دراية الاصول : ١١٤ أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لضربة عليّ يوم الخندق أفضل من عبادة الثّقلين ، تأريخ دمشق ترجمة الإمام عليّ عليه‌السلام : ١ / ١٥٥ ، وفرائد السّمطين : ١ / ٢٥٥ ح ١٩٧ ، وهامش تأريخ دمشق : ١٥٥ ، وشواهد التّنزيل : ٢ / ١٤ ح ٦٣٦ ، والمناقب للخوارزمي : ١٦٩ ح ٢٠٢ و ٥٨ الفصل ٩ ، في كتاب المواقف : ٣ / ٢٧٦ ، وهداية المرتاب : ١٤٨ ، وكنز العمّال : ٦ / ١٥٨ الطّبعة الأولى ، شرح المختار قال ابن أبي الحديد في (٢٣٠) في باب قصار كلام أمير المؤمنين من نهج البلاغة : ٥ / ٥١٣ تعدل أعمال المهاجرين والأنصار وطاعاتهم كلّها ، الدّر المنثور : ٥ / ١٩٢.

وها هو عليه‌السلام يقول : نشدتكم الله ، أفيكم أحد يوم عبر عمرو بن عبدودّ الخندق وكاع عنه جميع النّاس فقتله غيري؟ قالوا : أللهمّ لا. (انظر ، تأريخ بغداد : ١٣ / ١٩ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ٤٥ ، ـ

٧٣

أن يسأل الله النّاس غدا عن ولايته ومتابعته ، كما يسألون عن الإيمان بالله ، والرّسول ، واليوم الآخر ، قال ابن حجر ، وهو من علماء السّنّة في كتابه الصّواعق المحرقة : أنّ قوله تعالى :( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) (١) ، نزلت في عليّ ، وأنّ

__________________

ـ تلخيص المستدرك : ٣ / ٣٢). ويوم الخندق لمّا سكت كلّ منهم ولم يجب طلب عمرو بن عبد ودّ العامري. وكادت تكون هزيمة نكراء لو لم ينهض بها عليّ بن أبي طالب ، وبهذا قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : برز الإيمان كلّه إلى الشّرك كلّه.

وبهذا وذاك تذهب أدراج الرّياح إيرادات ، وإشكالات ، وتبريرات ابن تيمية حين قال كما ورد في السّيرة الحلبية ومعها هامش السّيرة النّبويّة : ٢ / ٣٢٠ : إنّها أي ضربة عليّ يوم الخندق أفضل من عبادة الثّقلين ـ من الأحاديث الموضوعة الّتي لم ترد في شيء من الكتب الّتي يعتمد عليها ولا بسند ضعيف ، وكيف يكون قتل كافر أفضل من عبادة الثّقلين الإنس والجنّ ومنهم الأنبياء؟! ثمّ قال : بل إنّ عمرو بن عبدودّ هذا لم يعرف له ذكر إلّا في هذه الغزوة.

والجواب نحن لسنا بصدد هذا الكلام ومناقشته بل نورد ما قاله العلّامة برهان الدّين الحلبي الشّافعي في نفس كتابه السّيرة الحلبية وفي نفس الجزء والصّفحة : إنّ عمرو بن عبد ودّ هذا لم يعرف له ذكر إلّا في هذه الغزوة ، قيل وليس له أصل ، وكان عمرو بن عبدودّ قد قاتل يوم بدر حتّى أثبتته الجراحة فلم يشهد يوم أحد ، فلمّا كان يوم الخندق خرج معلّما وأنّه نذر لا يمسّ رأسه دهنا حتّى يقتل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وقوله «كيف يكون قتل كافر أفضل من عبادة الثّقلين» فيه نظر لأنّ قتل هذا كان فيه نصرة للدّين وخذلان الكافرين وقال الشّيخ المظفر في دلائل الصّدق : ٢ / ٤٠٢ : لمبارزة عليّ لعمرو أفضل من فكان هو السّبب في بقاء الإيمان واستمراره وهو السّبب في تمكين المؤمنين من عبادتهم إلى يوم الدّين ، لكن هذا ببركة النّبيّ الحميد ودعوته وجهاده في الدّين وانظر أيضا المعيار والموازنة : ٩١ ، حياة الحيوان الكبرى للدّميري : ١ / ٢٣٨ طبعة مصر عام ١٣٠٦ ه‍ ، المطبعة المشرفية ، عليّ بن أبي طالب بقية النّبوّة : ١٤٥ طبع مصر عام ١٣٨٦ ه‍ ، مطبعة السّنّة المحمّدية ، الإمام عليّ أسد الله ورسوله : ٢٨ ، الإمام عليّ رجل الإسلام المخلّد لعبد المجيد لطفي : ٧٥ ، خاتم النّبيين لمحمّد أبو زهره : ٢ / ٩٣٨.

(١) الصّافّات : ٢٤.

٧٤

النّاس مسئولون عن ولايته(١) . هذي هي عيوب الإمام ، وهذي هي ذنوب أبنائهعليهم‌السلام !

قال الإمام أحمد بن حنبل لمّا سئل عن معاوية : «أنّ قوما أبغضوا عليّا ، فتطلبوا له عيبا فلم يجدوه ، فعمدوا إلى رجل قد ناصبه العداوة ، فأطروه كيدا لعليّ»(٢) .

أجل ، أنّهم لم يجدوا. ولن يجدوا عيبا واحدا للإمام ، ولو حرصوا كلّ الحرص ، ولكن هذا لا يمنعهم من الإفتراءات والأكاذيب ، كما لم يمنعهم مقام الرّسالة عمّا نسبوه إلى النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من أن هوى إمرأة زيد ابن حارثة ، وأنّه لم يزل بها حتّى استخلصها لنفسه. واقرأ معي هذه الفرية لتعرف جرائمهم على الله والرّسول :

كان هاشم المرقال(٣) بطلا شجاعا ، ومؤمنا صادقا ، وكان من أفاضل أصحاب النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وصاحب لواء الإمام يوم صفّين قاتل قتالا شديدا حتّى قتل في نصرة

__________________

(١) انظر ، الصّواعق المحرقة لابن حجر : ٩٠ طبعة الميمنيّة بمصر و : ١٤٧ طبعة المحمّديّة ، نظم درّر السّمطين : ١٠٩ ، شواهد التّنزيل : ٢ / ٧٨٥ ـ ٧٨٩ ، كفاية الطّالب : ٢٤٧ طبعة الحيدريّة و ١٠٥ طبعة الغري ، فرائد السّمطين : ١ / ٧٩ ، تذكرة الخواصّ : ١٧.

(٢) انظر ، النّصائح الكافية لمحمّد بن عقيل : ٢٢.

(٣) طعنه الحرث بن المنذر في بطنه فسقط على الأرض ، وقد رأى عبيد الله بن عمر صريعا إلى جانبه ، فجشى حتّى دنا منه وعضّ على ثدييه حتّى تبيّنت فيه أنيابه ، ثمّ مات هاشم ، وهو على صدر عبيد الله. (منه قدس‌سره». انظر ، تأريخ الطّبري : ٦ / ٢٤ ، وقعة صفّين : ٣٥٦ ، اسد الغابة : ٥ / ٤٩ ، المستدرك : ٣ / ٣٩٦ ، الإصابة : ٣ / ٥٩٣ ، الإستيعاب بهامش الإصابة : ٣ / ٦١٦ ، تأريخ الخطيب البغدادي : ١ / ١٩٦ ، البداية والنّهاية : ٧ / ١٩٦ ، مروج الذّهب : ٢ / ٣٨٥ ، الفتوح لابن أعثم : ٢ / ٤٣٧ ، الأخبار الطّوال : ١٦٧.

٧٥

الإمام في اليوم الّذي استشهد فيه عمّار بن ياسر ، وفي ذات يوم رأى شابّا يخرج من عسكر الشّام يضرب عسكر الإمام بسيفه ضزرب المستميت ، ومن غير وعي ، فأتاه وكلّمه بهدوء ، وقال له : يا هذا! أنّك تقف موقفا غريبا ، أنت مسئول عنه غدا. فقال له الشّاب : لقد قيل لي : أنّ صاحبكم لا يصلّي! فقال له هاشم : أنّهم خدعوك ، فعليّ ولد في الكعبة ، وأوّل من صلّى مع الرّسول إلى القبلة ، وقاتل معاوية وأباه من أجل الصّلاة ، ولو رأيت عسكر عليّ في ظلام اللّيل لرأيت التّهجد ، والتّضرع ، والصّلوات ، وتلاوة القرآن ، فاقتنع الشّاب ، وترك القتال(١) .

__________________

(١) انظر ، هذه القصّة في تأريخ الطّبري : ٣ / ٩٤ ، ووقعة صفّين : ٤٠٢ طبعة مصر ، الكامل في التّأريخ :

٣ / ١٣٥ ، المعيار والموازنة : ١٦٠ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٢٧٨.

وهو هاشم بن عتبة بن أبي وقّاص الزّهري ، الملقّب بالمرقال ، وكان مع عليّ عليه‌السلام يوم صفّين ، ومن أشجع النّاس ، وكان أعور ، وهو القائل :

أعور يبغي أهله محلّا

قد عالج الحياة حتّى ملّا

لا بدّ أن يغلّ أو يغلّا

وقيل هكذا ترتيب الأبيات كما ورد في مروج الذّهب : ٢ / ٢٢ ، والطّبريّ : ٦ / ٢٢.

قد أكثروا لومي وما أقلّا

إنّي شريت النّفس لن أعتلّا

أعور يبغي نفسه محلّا

لا بدّ أن يغلّ أو يغلّا

قد عالج الحياة حتّى ملّا

أشدّهم بذي الكعوب شلّا

وفي الطّبريّ : ٦ / ٢٤ : يتلّهم بذي الكعوب تلّا.

فقتل من القوم تسعة نفر أو عشرة وحمل عليه الحارث بن المنذر التّنوخي فطعنه فسقط ؛ ، وقد رثاه الإمام عليّ عليه‌السلام فقال كما ذكر نصر بن مزاحم في وقعة صفّين : ٣٥٦.

جزى الله خيرا عصبة أسلمية

صباح الوجوه صرّعوا حول هاشم

ولكن ما أن سقط هاشم ؛ فأخذ رايته ابنه عبد الله بن هاشم وخطب خطبة عظيمة وقال فيها : إنّ هاشما كان عبدا من عباد الله الّذين قدّر أرزاقهم ، وكتب آثارهم ، وأحصى اعمالهم ، وقضى آجالهم ، فدعاه ـ

٧٦

وقال الشّمر أو من هو على شاكلته ، قال للحسين ، وهو يصلّي في قلب المعركة قبل مصرعه ، صلّ يا حسين ، إنّ صلاتك لا تقبل»(١) . الله أكبر! لا يقبل الله صلاة الحسين ، ويقبل من الشّمر قتل الحسين! وقال ابن زياد حين بلغه قتل الحسين : الحمد لله الّذي قتل حسينا ، ونصر أمير المؤمنين يزيد»(٢) ! وعند ما أوتي بمسلم بن عقيل لابن زياد ، وكان قد آلمه العطش من أثر القتال ، فرأى قلّة ماء فطلب أن يسقوه منها ، فقال له باهلي : «لا تذوق منها قطرة حتّى تذوق الحميم في نار جهنّم»(٣) ، وكان يزيد ينكث ثنايا الحسين بقضيب مكتوب عليه : «لا إله إلّا الله محمّد رسول الله»(٤) ، وسجد معاوية شكرا لله بعد أن قتل الحسن بالسّم(٥) ، وهكذا يدلسون ويموهون ، ليثق بهم السّذّج البسطاء ، ويثنوا المخلصين عن طريق الحقّ ، والجهاد في سبيله ؛ ولكنّ الله ، وهو أحكم الحاكمين ، قد فضحهم إلى يوم يبعثون ، وعاملهم بخلاف قصدهم ، أمّا

__________________

ـ ربّه الّذي لا يعصى فأجابه ولهاشم المرقال مواقف كثيرة ذكرها ابن نصر في وقعة صفّين : ٩٢ و ١٥٤ و ١٩٣ و ٢٠٥ و ٢٠٨ و ٢١٤ و ٢٥٨ و ٣٢٦ و ٣٢٨ و ٣٣٥ و ٣٤٠ و ٣٤٦ و ٣٤٨ و ٣٥٣ و ٣٥٩ و ٣٨٤ و ٤٠١ ـ ٤٠٥ و ٤٢٦ و ٤٢٨ و ٤٣١ و ٤٥٥.

انظر ترجمته في اسد الغابة : ٥ / ٤٩ ، والمستدرك : ٣ / ٣٩٦ ، وتأريخ الطّبريّ : ٥ / ٤٤ ، الإصابة: ٣ / ٥٩٣ ، الاستيعاب بهامش الإصابة : ٣ / ٦١٦ ، وتأريخ الخطيب البغدادي : ١ / ١٩٦.

(١) انظر ، ينابيع المودّة : ٣ / ٧١ طبعة اسوة.

(٢) انظر ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٣٥١ ، جواهر المطالب في مناقب أمير المؤمنين عليّ : ٢ / ٢٩٢.

(٣) انظر ، تأريخ الطّبريّ : ٤ / ٢٨١ ـ ٢٨٢.

(٤) انظر ، اسد الغابة : ٢ / ٢١ ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٣٤٩ ، مناقب التّرمذي : ٥ / ٦٦٠ ح ٣٧٨٠.

(٥) انظر ، مروج الذّهب : ٢ / ٣٠٥ ، الإستيعاب : ١ / ٣٧٤ ، كفاية الطّالب : ٢٦٨ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ١ / ١٤١ الفتوح لابن أعثم : ٢ / ٣٢٣ هامش رقم «٣».

٧٧

المخلصون فلم يكترثوا.

يزري الجبان بسيف عن

تر والبخيل بجود حاتم

ومهما تكن الدّعايات ، والإفتراءات فلا تستطيع الصّمود أمام الحقيقة ، أمام عظمة الإمام وأبناء الإمام. فهذه المحافل في كلّ مكان ، وهذه الدّموع الجارية أنهرا على الحسين ، وهذه الأصوات المدويّة بالصّلاة عليهم ، واللّعنة على أعدائهم وقاتليهم ، وهذه القباب الذّهبية الّتي تناطح السّحاب ، وهذه الوفود الّتي تؤمّها من كلّ حدب وصوب ، كلّ هذه وما إليها إن هي إلّا صواعق ، وقنابل تنهال على أعداء أهل البيت ، وأناشيد الخلود يردّدها الدّهر إلى يوم يبعثون.

أجل ، لقد قتل الحسين ، وغرق جسمه الشّريف في بحر من دمائه ، أمّا روحه وذكراه ، أمّا مبدأه وعمله ففي بحر من عطر ونور.

إن يبق ملقى بلا دفن فإنّ له

قبرا بأحشاء من والاه محفورا

٧٨

ما هذا البكاء

لك عندي ما عشت يا ابن رسول

الله حزن يفي بحقّ ودادي

ناظر بالدّموع غير بخيل

وحشي بالسّلو غير جواد

هذا هو شعار الشّيعة : قلب حزين ، وطرف دامع على مصاب أهل البيتعليهم‌السلام .

وقال قائل : ألا يجد الشّيعة سبيلا يعبّرون به عن ولائهم لأهل البيت غير البكاء والدّموع؟!.

قلت : أجل : نعبّر أيضا عن ولائنا لهم بالصّلوات إلى مقاماتهم المقدّسة ، والتّبرك بأضرحتهم ، وبشدّ الرّحال إلى مقاماتهم المقدّسة ، والتّبرك بأضرحتهم الشّريفة.

قال : تعيشون في عصر الذّرّة والكواكب ، ثمّ تبكون على من مات من مئات السّنين ، وتشدّون الرّحال إلى الأحجار والصّخور؟!.

قلت : أمّا البكاء على الحسينعليه‌السلام فليس بكاء على من مات ، كما يفهمها الجاهلون ، ولا هو بكاء الذّل والإنكسار ، وإنّما هو احتجاج صارخ على الباطل وأهله ، أنّه صواعق تنهال على رؤوس الطّغاة الظّالمين في كلّ زمان ومكان ، أنّه تعبير صادق عن الإخلاص للحقّ ، والنّقمة على الجور ، أنّه تعظيم للتّضحية والفداء ، والحقّ والواجب ، والشّجاعة على الموت ، وإكبار للأنفة من الضّيم ،

٧٩

والصّبر في المحنة ، والشّدائد. أنّ الّذين ينشدون في محافل التّعزية :

لا تطهر الأرض من رجس العدى أبدا

ما لم يسل فوقها سيل الدّم العرم(١)

لا يبكون بكاء الذّل والضّعف ، بل ينظمون نشيد الحماسة من دموعهم ، ويردّدون هتاف الحقّ والعدل من الحسرات والزّفرات.

أمّا زيارات الأماكن المقدّسة ، أمّا الصّخور والأحجار فليست الهدف ، والغاية ، ولو كانت هي القصد لكان في هذه الجبال الشّامخات غنى عن مشقّة السّفر والتّرحال ، أنّ المقصود بالذّات هو صاحب المقام ، أمّا الأحجار فلها شرف الإنتساب ، تماما كالأحجار الّتي بني منها البيت الحرام ، ومسجد الرّسول ، وسائر المعابد ، وكجلد القرآن الكريم(٢) . وقد رأينا كيف تحتفظ الشّعوب والدّول ببيوت الأدباء الكبار ، كشكسبير ، ولامرتين ، وهوغو وغيرهم ، وتحيطها بهالة من التّقديس والتّعظيم. ولو عرض للبيع ساعة أو حذاء أو أي شيء ينسب لعظيم قديم لبذل في سبيله أغلى الأثمان ، وما ذاك إلّا لشرف الإنتساب.

جاء في التّأريخ أنّه حين أتي برأس الحسين إلى يزيد كان يتّخذ مجالس الشّرب ، والرّأس الشّريف بين يده ، فصادف أن دخل عليه رسول ملك الرّوم ،

__________________

(١) انظر ، ديوان سيّد حيدر الحلّي (قدس‌سره) من قصيدة في رياض المدح والثّناء : ٥٥.

(٢) حكم الفقهاء بتحريم تنجيس المساجد أرضها ، وحيطانها ، وحصيرها ، وفرشها ، وأوجبوا إزالة النّجاسة ، وقالوا : بتحريم مس كتابة القرآن الكريم إلّا مع الوضوء ، وقال الشّافعيّة : لا يجوز مس جلده أيضا ، حتّى ولو انفصل عنه ، ولا مس علّاقته ما دام القرآن معلّقا بها. (منهقدس‌سره ).

انظر ، السّنن الكبرى للبيهقي : ١ / ٨٧ ، تنوير الحوالك : ١ / ٣٠٣ ، سنن الدّار قطني : ١ / ١٢١ ، أحكام القرآن للجصّاص : ٥ / ٣٠٠ ، تفسير الثّعالبي : ٤ / ٣٥٧ ، المطالب العالية : ١ / ٢٨.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528