مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام الجزء ١

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام11%

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 531

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 531 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 50169 / تحميل: 4070
الحجم الحجم الحجم
مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

٤٢ ـ أخبرنا أبو غالب بن البناء ، أنبأنا أبو الغنائم ابن المأمون ، أنبأنا أبو القاسم ابن حبابة ، أنبأنا أبو القاسم البغوى حدّثنى عمّى أنبأنا أبو نعيم ، أنبأنا عبد السلام ، عن يزيد بن أبى زياد ، قال : خرج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من بيت عائشة ، فمرّ على بيت فاطمة فسمع حسينا يبكى فقال لفاطمة : أى بنية ألم تعلمى أن بكاءه يؤذينى(١) .

٤٣ ـ قال ابن أبى الحديد روى ابن ديزيل عن يحيى ، عن يعلى بن عبيد الحنفى ، عن إسماعيل السدّى ، عن زيد بن أرقم ، قال : كنّا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو فى الحجرة يوحى إليه ، ونحن ننتظره حتّى اشتدّ الحرّ ، فجا ، على بن أبى طالب ومعه فاطمة وحسن وحسينعليهم‌السلام : فقعدوا فى ظلّ حائط ينتظرونه ، فلمّا خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، رآهم فأتاهم ووقفنا نحن مكاننا.

ثمّ جاء إلينا وهو يظلّهم بثوبه ، ممسكا بطرف الثوب ، وعلىّ ممسك بطرفه الآخر ؛ وهو يقول : اللهمّ إنّى أحبّهم ، فأحبّهم ؛ اللهمّ إنّى سلم لمن سالمهم ، وحرب لمن حاربهم. قال : فقال ذلك ثلاث مرّات(٢) .

٤٤ ـ عنه كان يمازح ابنى بنته مزاحا مشهورا ، وكان يأخذ الحسينعليه‌السلام ، فيجعله على بطنه ، وهوعليه‌السلام نائم على ظهره ويقول له : حزقّة ترقّ عين بقّة(٣)

٨ ـ باب فطرس الملك

١ ـ الصفّار حدّثنا أحمد بن موسى ، عن محمّد بن المعروف بغزال مولى حرب ابن زياد البجلى ، عن محمّد أبى جعفر الحمامى الكوفى ، عن الأزهر البطّيخى ، عن أبى

__________________

(١) ترجمة الامام الحسين : ١٣٢.

(٢) شرح النهج : ٣ / ٢٠٧.

(٣) شرح النهج : ٦ / ٣٣١.

١٠١

عبد اللهعليه‌السلام ، قال : إنّ الله عرض ولاية أمير المؤمنين فقبلها الملائكة واباها ملك يقال لها فطرس فكسر الله جناحه ، فلمّا ولد الحسين بن علىعليه‌السلام بعث الله جبرئيل فى سبعين ألف ملك إلى محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله يهنّئهم بولادته فمرّ بفطرس.

فقال له فطرس : يا جبرئيل الى أين تذهب قال بعثنى الله الى محمّد أهنّئهم بمولود ولد فى هذه الليلة فقال له فطرس احملنى معك وسل محمّدا يدعو لى فقال له جبرئيل اركب جناحى فركب جناحه فأتى محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله فدخل عليه وهنأه ، فقال له يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّ فطرس بينى وبينه أخوّة وسألنى أن أسألك أن تدعو الله له أن يردّ عليه جناحه فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لفطرس أتفعل قال نعم.

فعرض عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام فقبلها ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شأنك بالمهد فتمسّح به وتمرّغ فيه قال فمضى فطرس فمشى الى مهد الحسين ابن على ورسول الله يدعو له ، قال قال رسول الله فنظرت الى ريشه وانّه ليطلع ويجرى منه الدم ويطول حتّى لحق بجناحه الآخر وعرج مع جبرئيل الى السماء وصار الى موضعه(١) .

٢ ـ روى ابن شهرآشوب عن ابن عبّاس والصادقعليه‌السلام إنّ الحسينعليه‌السلام لمّا ولد أمر الله جبرئيل أن يهبط فى ألف من الملائكة فيهنّئ رسول الله من الله تعالى ومن جبرئيل قال : فهبط جبرئيل على جزيرة فى البحر فيها ملك يقال له فطرس فكان من الحملة فبعثه الله فى شيء فابطأ عليه فكسر جناحه وألقاه فى تلك الجزيرة فعبد الله سبع مائة عام حتّى ولد الحسينعليه‌السلام فقال الملك لجبرئيل أين تريد.

قال : إنّ اللهعزوجل أنعم على محمّد بنعمة فبعثت أهنئه من الله ومنّى فقال : يا جبرئيل احملنى معك ، لعلّ محمّدا يدعو لى قال : فحمله فلمّا ذحل جبرئيل على

__________________

(١) بصائر الدرجات : ٦٨.

١٠٢

النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله هنّأه من الله ومنه وأخبره بحال فطرس فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قل له يتمسّح بهذا المولود وعد الى مكانك.

قال : فتمسّح فطرس بالحسين وارتفع ، فقال يا رسول الله أما انّ أمّتك ستقتله وله علىّ مكافاة لا يزوره زائر إلّا أبلغته ، عنه ولا يسلّم مسلّم إلّا أبلغته سلامه ولا يصلّى عليه مصلّ إلّا أبلغته صلاته ثمّ ارتفع ، قال ابن عبّاس فالملك ليس يعرف فى الجنّة إلّا بأن يقال هذا مولى الحسين بن علىعليهما‌السلام (١) .

٣ ـ أبو جعفر المشهدى باسناده عن إبراهيم بن شعيب الميثمىّ ، قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : إنّ الحسين صلوات الله عليه لمّا ولد أمر الله تعالى جبرئيلعليه‌السلام أن يهبط فى ألف من الملائكة فيهنئ ، رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ببشارة من الله تعالى ومن جبرئيل ، قال : فهبط جبرئيلعليه‌السلام ، فمرّ على جزيرة فى البحر فيها ملك يقال له : فطرس وكان من الحملة ، بعثه الله تعالى فى شيء فابطأ عليه ، فكسر جناحيه وألقاه فى تلك الجزيرة.

فعبد الله تعالى فيها سبع مائة عام حتّى ولد الحسينعليه‌السلام ، فقال الملك لجبرئيل: يا جبرئيل ، اين تريد؟ قال : إنّ الله تعالى أنعم على محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله نعمة فبعثنى أهنّئه من اللهعزوجل ومنّى قال يا جبرئيل ، احملنى معك لعلّ محمّدا يدعو لى ، فحمله جبرئيل ، قال : فلمّا دخل جبرئيل على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله هنّأه من الله تعالى ومن نفسه ، وأخبره بحال فطرس.

فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : تمسّح بهذا المولود وعد إلى مكانك ، فتمسّح فطرس بالحسينعليه‌السلام وارتفع وقال : يا رسول الله ، أما انّ أمّتك ستقتله ، وله علىّ مكافاة الا يزور زائر إلّا أبلغته عنه ولا يسلّم عليه مسلّم إلّا بلّغته عنه ، سلامه ولا يصلّى عليه

__________________

(١) المناقب : ٢ / ١٩٧.

١٠٣

مصلّ إلّا أبلغته صلاته. ثمّ ارتفع(١) .

٤ ـ قال الراوندى : انّه لما ولد الحسينعليه‌السلام أمر الله تعالى جبرئيلعليه‌السلام ان يهبط فى ملاء من الملائكة فيهنّئ محمّدا فهبط فمرّ بجزيرة فيها ملك يقال له فطرس بعثه الله تعالى فى شيء فابطأ فكسر جناحه فألقاه فى تلك الجزيرة فعبد الله سبعمائة سنة قال فطرس لجبرئيل الى أين ، قال الى محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله قاله فاحملنى معك الى محمّد لعلّه يدعو لى.

فلمّا دخل جبرئيلعليه‌السلام وأخبر محمّدا بحال فطرس قال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قل له تمسح بهذا المولود جناحه فمسح فطرس فطرس بمهد الحسينعليه‌السلام فأعاد الله تعالى عليه فى الحال جناحه ثمّ ارتفع مع جبرئيل الى السماء فسمّى عتيق الحسين(٢) .

٩ ـ باب جوده وشجاعتهعليه‌السلام

١ ـ قال ابن شهرآشوب : انّه كان بين الحسينعليه‌السلام وبين الوليد بن عقبه منازعة فى ضيعة فتناول الحسين عمامة الوليد عن رأسه وشدّها فى عنقه وهو يومئذ وال على المدينة فقال مروان بالله ما رأيت كاليوم جرأة رجل على أميره فقال الوليد ، والله ما قلت هذا غضبا لى ولكنّك حسدتنى على حلمى عنه وإنّما كانت الضيعة له ، فقال الحسين الضّيعة لك يا وليد وقام(٣) .

٢ ـ عنه ، قيل له يوم الطفّ أنزل على حكم بنى عمّك قال : لا والله ، لا

__________________

(١) الثاقب فى المناقب : ٣٣٨.

(٢) الخرائج : ٢٣٠.

(٣) المناقب : ٢ / ١٩٣.

١٠٤

أعطيكم يدى إعطاء الذليل ولا افر فرار العبيد ، ثمّ نادى يا عباد الله إنّى عذت بربّى وربّكم من كلّ متكبّر لا يؤمن بيوم الحساب(١)

٣ ـ عنه قالعليه‌السلام موت فى عزّ خير من حيوة فى ذلّ ، وأنشأعليه‌السلام فى يوم قتل :

الموت خير من ركوب العار

والعار اولى من دخول النار

والله ما هذا وهذا جارى(٢)

٤ ـ روى المجلسى عن المناقب عن عمرو بن دينار قال : دخل الحسينعليه‌السلام على اسامة بن زيد وهو مريض ، وهو يقول : وا غمّاه ، فقال له الحسينعليه‌السلام : وما غمّك يا أخى؟ قال : دينى وهو ستّون ألف درهم ، فقال الحسين : هو علىّ قال : إنّى أخشى أن أموت ، فقال الحسين لن تموت حتّى أقضيها عنك ، قال : فقضاها قبل موته(٣) .

٥ ـ عنه كانعليه‌السلام يقول : شرّ خصال الملوك : الجبن من الأعداء والقسوة على الضعفاء والبخل عند الإعطاء(٤)

٦ ـ عنه عن كتاب أنس المجالس أنّ الفرزدق أتى الحسينعليه‌السلام لمّا أخرجه مروان من المدينة فأعطاهعليه‌السلام أربعمائة دينار ، فقيل له : إنّه شاعر فاسق منتهر ، فقالعليه‌السلام إنّ خير مالك ما وقيت به عرضك ، وقد أثاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كعب بن زهير ، وقال فى عبّاس بن مرداس : اقطع لسانه عنى(٥)

٧ ـ وفد اعرابى المدينة فسأل عن أكرم الناس بها ، فدلّ على الحسينعليه‌السلام فدخل المسجد فوجده مصلّيا فوقف بازائه وأنشأ :

__________________

(١) المناقب : ٢ / ٢٩٣.

(٢) المناقب : ٢ / ٢٩٣.

(٣) البحار : ٤٤ / ١٨٩.

(٤) المناقب : ٢ / ٢٩٣.

(٥) البحار : ٤٤ / ١٨٩.

١٠٥

لم يخب الآن من رجاك ومن

حرّك من دون بابك الحلقة

أنت جواد وأنت معتمد

أبوك قد كان قاتل الفسقة

لو لا الّذي كان من أوائلكم

كانت علينا الجحيم منطبقة

قال : فسلّم الحسين وقال : يا قنبر هل بقى من مال الحجاز شيء قال : نعم أربعة آلاف دينار ، فقال : هاتها قد جاء من هو أحقّ بها منّا ، ثمّ نزع برديه ولفّ الدنانير فيها وأخرج يده من شقّ الباب حياء من الأعرابى وأنشأ :

خذها فانّى إليك معتذر

واعلم بأنّى عليك ذو شفقة

لو كان فى سيرنا الغداة عصا

أمست سمانا عليك مندفقة

لكنّ ريب الزمان ذو غير

والكفّ منّى قليلة النفقة

قال : فأخذها الأعرابىّ وبكا فقال له : لعلّك استقللت ما أعطيناك ، قال : لا ، ولكن كيف يأكل التراب جودك ، وهو المروى عن الحسن بن علىعليهما‌السلام (١) .

٨ ـ روى المجلسى عن كشف الغمّة قال : وكتب إليه الحسنعليه‌السلام يلومه على إعطاء الشعراء فكتب إليه : أنت أعلم منّى بأنّ خير المال ما وقى به العرض(٢) .

٩ ـ الحافظ أبو نعيم : حدّثنا سليمان بن أحمد ، ثنا على بن عبد العزيز ، ثنا الزبير بن بكّار ، حدثني محمّد بن الحسن. قال : لمّا نزل القوم بالحسين وأيقن أنهم قاتلوه ، قام فى أصحابه خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : قد نزل من الأمر ما ترون ؛ وأنّ الدنيا قذ تغيّرت وتنكرت وأدبر معروفها وانشهرت ؛ حتّى لم يبق منها إلّا كصبابة الاناء الا خسيس عيش كالمرعى الوبيل ، ألا ترون الحقّ لا يعمل به ، والباطل لا يتناهى عنه ، ليرغب المؤمن فى لقاء الله وإنّى لا أرى الموت إلّا سعادة ،

__________________

(١) البحار : ٤٤ / ١٩٠.

(٢) البحار : ٤٤ / ١٩٥.

١٠٦

والحياة مع الظالمين إلّا حرما(١) .

١٠ ـ قال الاربلى : ولما رأى الحسينعليه‌السلام إصرارهم على باطلهم وظهور علائم الشقاء على أخلاقهم وفعائلهم ، وأنّ إبليس وجنوده قادوا فى أشطانهم ، وحبايلهم ، علم بسعادة من قتلوا وشقاوة قاتلهم ، وتحقّق أنّه قد طبع الله على قلوبهم فلا ينجح فيهم ، نصح ناصحهم ، ولا عذل عاذلهم ، فجدّ فى حربهم على بصيرة واجتهد ، وصبر صبر الكرام على تلك العدة وذلك العدد.

ويعزّ علىّ أن يجرى بذكره لسانى ، أو يسمح بسطره بنانى ، أو أتمثله فى خاطرى وجنانىّ ، فأنّى أحد لذكره ألما ، وأبكى لمصابه دمعا ودما ، واستشعر لمّا بلغ منه همّا وندما ، ولكن لا حيلة فيما جرى به القضاء والقدر ، وان ذممنا الورد فانا نحمد الصدر ، والله يجازى كلّا على فعله ولا يبعد الله الّا من كفر(٢) .

١١ ـ عنه قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد جاءته أم هانى يوم الفتح تشكوا أخاها عليّاعليه‌السلام لله درّ أبى طالب لو ولد الناس كلّهم كانوا شجعانا ، وكان علىعليه‌السلام يقول فى بعض حروبه : أملكوا عنّى هذين الغلامين فانى أنفس بهما عن القتل لئلّا ينقطع نسل رسول الله ، وقيل لمحمّد بن الحنفيّة رحمة الله عليه : أبوك يسمح بك فى الحرب ويشحّ بالحسن والحسينعليهما‌السلام ؟ فقال : هما عيناه وأنا يده ، والانسان يقى عينيه بيده(٣) .

١٢ ـ قال محمّد بن طلحة : وقد اشتهر النقل عنهعليه‌السلام انه كان يكرم الضعيف ويمنح الطالب ويصل الرّحم وينيل الفقير ، ويسعف السائل ويكسوا العارى ، ويشبع الجائع ويعطى الغارم ويشدّ من الضعيف ويشفق على اليتيم ويعين ذا الحاجة ، وقلّ

__________________

(١) حلية الاولياء : ٢ / ٣٩.

(٢) كشف الغمة : ٢ / ٢٢.

(٣) كشف الغمة : ٢ / ٢٥.

١٠٧

أن وصله مال الّا فرقه ونقل أنّ معاوية لما قدم مكّة وصله بمال كثير وثياب وافرة وكسوة وافية فردّ الجميع عليه ولم يقبله منه.

وهذه سجيّة الجواد وشنشنة الكريم ، وسمة ذى السماحة وصفة من قد حوى مكارم الاخلاق فافعاله المتلوة شاهدة له بصفة الكرم ، ناطقة بانّه متّصف بمحاسن الشيم وقد كان بالعبادة مقتديا بمن تقدّم حتّى نقل عنهعليه‌السلام أنه حجّ خمسا وعشرين حجّة الى الحرم وجنائبه تقاد معه وهو ماش على القدم(١) .

١٣ ـ الحافظ ابن عساكر : أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنبأنا أحمد بن عبد الملك ، أنبأنا علىّ بن محمّد بن على ، وعلىّ بن جعفر ، وعبد الرحمن بن محمّد بن بالوية قالا ، أنبأنا أبو العباس الأصمّ أنبأنا عبّاس بن محمّد ، أنبأنا يحيى أنبأنا الأصمعي قال : بلغنا عن ابن عون ، قال : كتب الحسن الى الحسين يعيب عليه إعطاء الشعراء قال : فكتب إليه الحسين : إنّ خير المال ما وقى به العرض.(٢)

١٠ ـ باب أنّهعليه‌السلام أحبّ أهل الأرض والسماء

١ ـ ابن شهرآشوب عن الرّضا عن آبائهعليهم‌السلام قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أحبّ أن ينظر إلى أهل السماء فلينظر الى الحسين(٣)

٢ ـ عنه الطبريان فى الولاية والمناقب والسّمعانى فى الفضائل بأسانيدهم عن إسماعيل بن رجاء وعمرو بن شعيب ، أنّه مرّ الحسينعليه‌السلام على عبد الله بن

__________________

(١) مطالب السؤل : ٧٣.

(٢) ترجمة الامام الحسين : ١٥٣.

(٣) المناقب : ٢ / ١٩٦.

١٠٨

عمرو بن العاص ، فقال عبد الله : من أحبّ أن ينظر إلى أحبّ أهل الأرض الى أهل السماء فلينظر الى هذا المجتاز وما كلمته منذ ليالى صفّين.

فاتى به أبو سعيد الخدرى الى الحسينعليه‌السلام فقال الحسين أتعلم انّى أحبّ أهل الارض الى أهل السماء ، وتقاتلنى وأبى يوم صفّين ، والله إنّ أبى لخير منّى فاستعذر وقال انّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لى اطع أباك ، فقال له الحسينعليه‌السلام أمّا سمعت قول الله تعالى «وإن جاهداك على أن تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما» وقول رسول الله إنّما الطاعة فى المعروف وقوله : لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق(١) .

٣ ـ قال الطبرسى : روى سلمان الفارسى قال : سمعت رسول الله وهو يقول : الحسن والحسين ابناى من أحبّهما أحبّنى ومن أحبّنى ومن أحبّنى أحبّه الله ومن أحبّه الله أدخله الجنة ومن أبغضهما أبغضنى ومن أبغضنى أبغضه الله ومن أبغضه الله أدخله النار على وجهه(٢) .

٤ ـ الحافظ ابن عساكر : أنبأنا محمّد بن سعد ، أنبأنا قبيصة بن عقبة ، أنبأنا يونس بن أبى إسحاق ، عن العيزار بن حريث قال : بينما عمرو بن العاص جالس فى ظل الكعبة إذ رأى الحسين بن على مقبلا فقال : هذا أحبّ أهل الأرض إلى أهل السماء اليوم. فقال أبو اسحاق : بلغنى أن رجلا جاء ، عمرو بن العاص وهو جالس فى ظل الكعبة فقال : علىّ رقبة من ولد إسماعيل. فقال : ما أعلمها إلّا الحسن والحسين(٣)

__________________

(١) المناقب : ٢ / ١٩٧.

(٢) اعلام الورى : ٢١٩.

(٣) ترجمة الامام الحسين : ١٤٨.

١٠٩

١١ ـ باب انّ الحسين منّى وأنا منه

١ ـ قال السيّد المرتضى : روى انّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله خرج مع أصحابه إلى طعام دعوا إليه ؛ فاذا بالحسينعليه‌السلام ، وهو صبىّ يلعب مع صبية فى السكّة ، فاستقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمام القوم ، فطفق الصبىّ يفرّ مرّة هاهنا ، ومرّة هاهنا ، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يضاحكه ، ثمّ أخذه ، فجعل احدى يديه تحت ذقنه ، والاخرى ، تحت فأس رأسه ، وأعتنقه ، فقبله وقال : أنا من حسين وحسين منّى ، أحبّ الله من أحبّ حسينا ، حسين سبط من الاسباط(١)

٢ ـ الترمذى : حدّثنا الحسن بن عرفة حدّثنا إسماعيل بن عياش عن عبد الله ابن عثمان بن خيثم عن سعيد بن راشد ، عن يعلى بن مرّة قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : حسين منّى وأنا من حسين ، أحبّ الله من أحبّ حسينا ، حسين سبط من الاسباط(٢) .

٣ ـ الحاكم النيشابوريّ حدثنا محمّد بن صالح بن هانى ، ثنا الحسين بن الفضل البجلى ثنا عفان ثنا وهيب ثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن سعيد بن أبى راشد ، عن يعلى العامرى أنّه خرج مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الى طعام دعوا له ، قال فاستقبل رسول الله امام القوم وحسين مع الغلمان يلعب فأراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يأخذه.

فطفق الصبىّ يفرّها هنا مرّة وهاهنا مرّة فجعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يضاحكه حتّى أخذه قال فوضع إحدى يديه تحت قفاه والاخرى تحت ذقنه فوضع فاه على

__________________

(١) أمالى المرتضى : ١ / ٢١٩.

(٢) صحيح الترمذى : ٥ / ٦٥٨.

١١٠

فيه ، يقبله فقال حسين منّى وأنا من حسين أحبّ الله من أحبّ حسينا حسين سبط من الاسباط هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه(١) .

٤ ـ عنه حدّثنى أبو بكر بن أحمد بن بالويه ، ثنا الحسن بن على بن شبيب المعمرى ، ثنا أبو عبيدة بن الفضيل بن عياض ، ثنا مالك بن سعيد بن الخمس ، ثنا هشام بن سعد ثنا نعيم بن عبد الله المجمر ، عن أبى هريرة قال ما رأيت الحسين بن علىّ إلّا فاضت عينى دموعا وذاك ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خرج يوما فوجدنى فى المسجد فأخذ بيدى واتّكأ علىّ فانطلقت معه حتّى جاء سوق بنى قينقاع.

قال : وما كلّمنى فطاف ونظر ثمّ رجع ورجعت معه فجلس فى المسجد واحتبى ، وقال لى ادع لى لكاع فاتى حسين يشتدّ حتّى وقع فى حجره ، ثمّ أدخل يده فى لحية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فجعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يفتح فم الحسين ، فيدخل فاه فى فيه ويقول : اللهمّ إنّى أحبّه فأحبه هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه(٢) .

٥ ـ الحافظ ابن عساكر أخبرنا أبو القاسم ابن الحسين ، أنبأنا أبو على ابن المذهب ، قال : أنبأنا أبو بكر ابن مالك ، أنبأنا عبد الله ، حدّثنى أبى أنبأنا عفان ، أنبأنا وهيب ، أنبأنا عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن سعيد بن أبى راشد ، عن يعلى العامرى أنّه خرج مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى طعام دعوا إليه ، قال : فاستقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

قال : عفان ، قال وهيب : فاستقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ امام القوم وحسين مع غلمان يلعب فأراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يأخذه قال : فطفق الصبىّ يفرّ هاهنا مرّة وهاهنا مرّة ، فجعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يضاحكه حتّى أخذه ، قال : فوضع إحدى يديه تحت قفاه ، والاخرى تحت ذقنه فوضع فاه على فيه فقبله ، قال : حسين

__________________

(١) المستدرك : ٣ / ١٧٧.

(٢) المستدرك : ٣ / ١٧٨.

١١١

منّى وأنا من حسين ، أحبّ الله من أحبّ حسينا ، حسين سبط من الاسباط(١) .

٦ ـ عنه أخبرنا أبو على الحدّاد فى كتابه وأخبرنى أبو مسعود عنه ـ أنبأنا أبو نعيم ، أنبأنا سليمان بن أحمد ، أنبأنا أبو بكر بن سهل ، أنبأنا عبد الله بن صالح حدثني معاوية بن صالح ، عن راشد بن سعد ، عن يعلى بن مرّة ، قال : خرجنا مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فدعينا الى طعام ، فاذا الحسين يلعب فى الطريق ، فاسرع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله امام القوم.

ثمّ بسط يديه فجعل الحسين يمر مرّة هاهنا ومرّة هاهنا فيضاحكه حتّى أخذه فجعل احدى يديه فى ذقنه والاخرى بين رأسه واذنيه ثمّ اعتنقه فقبّله فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : حسين منّى وأنا منه أحبّ الله من أحبّ الحسن والحسين سبط من الاسباط(٢)

٧ ـ عنه أخبرنا والدى الحافظ أبو القاسم علىّ بن الحسنرحمه‌الله قال : أخبرنا أبو عبد الله الخلّال ، أخبرنا أبو عثمان سعيد بن أحمد بن محمّد ، أنبأنا أبو الفضل عبيد الله بن محمّد الفامى ، أنبأنا أبو العبّاس محمّد بن إسحاق بن إبراهيم السرّاج ، أنبأنا إسحاق بن إبراهيم ، أنبأنا يحيى بن آدم ، أنبأنا ذرّ ، وابن عمر ، عن ابن جريح ، عن عبد الله بن أبى يزيد :

عن نافع بن جبير ، عن أبى هريرة ، قال : كنت مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فى سوق من أسواق المدينة ؛ فانصرف وانصرفت معه ، فقال : ادع الحسين بن على فجاء الحسين بن على يمشى فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بيده هكذا فقال الحسين بيده هكذا فالتزمه فقال : اللهمّ إنّى أحبّه فأحبّه وأحبّ من يحبّه قال أبو هريرة فما كان بعد أحد أحبّ

__________________

(١) ترجمة الامام الحسين : ٧٩.

(٢) ترجمة الامام الحسين : ٨٢.

١١٢

إلىّ من الحسين بن علىّ بعد ، ما قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما قال(١)

١٢ ـ باب ان الامامة فى ولدهعليه‌السلام

١ ـ علىّ بن إبراهيم فى قوله :( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً ) قال : الاحسان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ وقوله :( بِوالِدَيْهِ ) عنى الحسن والحسينعليهما‌السلام ثمّ عطف على الحسين فقال :( حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً ) وذلك انّ الله أخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبشّره بالحسينعليه‌السلام قبل حمله وأنّ الامامة تكون فى ولده إلى يوم القيامة ، ثمّ أخبره بما يصيبه من القتل والمصيبة فى نفسه وولده ثمّ عرفه بأن جعل الامامة فى عقبه(٢)

٢ ـ الصدوق : حدّثنا علىّ بن أحمد بن عبد الله بن أبى عبد الله البرقي رضى الله عنه قال : حدّثنى أبى ، عن جدّى أحمد بن أبى عبد الله البرقي ، عن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن أبى يعقوب البلخى ، قال : سألت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام فقلت له : لاى علة صارت الامامة فى ولد الحسينعليه‌السلام دون ولد الحسن؟ فقال : لانّ اللهعزوجل جعلها فى ولد الحسينعليه‌السلام ولم يجعلها فى ولد الحسين والله لا يسأل عمّا يفعل(٣) .

٣ ـ عنه حدّثنا علىّ بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقّاق رضى الله عنه قال : حدّثنا حمزة بن القاسم العلوى العبّاسى قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك الكوفىّ ، الفزارىّ قال : حدّثنا محمّد بن الحسين بن زيد الزيّات ، قال : حدّثنا محمّد بن

__________________

(١) ترجمة الامام الحسين : ٩٢.

(٢) تفسير القمى : ٢ / ٢٩٧.

(٣) عيون اخبار الرضا : ٢ / ٨٢.

١١٣

زياد الازدىّ ، عن المفضّل بن عمر ، عن الصادق جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، قال :

سألته عن قول اللهعزوجل :( وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ ) ما هذه الكلمات؟ قال : هى الكلمات الّتي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه ، وهو أنّه قال : يا ربّ أسألك بحقّ محمّد وعلىّ وفاطمة والحسن والحسين إلّا تبت علىّ فتاب الله عليه ، إنّه هو التوّاب الرّحيم ، فقلت له : يا ابن رسول الله فما يعنىعزوجل بقوله :( فَأَتَمَّهُنَّ ) ؟ قال : يعنى أتمّهنّ إلى القائمعليه‌السلام اثنا عشر إماما تسعة من ولد الحسينعليه‌السلام قال المفضّل : فقلت له : يا ابن رسول الله فأخبرنى عن قول اللهعزوجل :( وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) ؟ قال : يعنى بذلك الامامة جعلها الله فى عقب الحسين إلى يوم القيامة. قال : فقلت له : يا ابن رسول الله فكيف صارت الامامة فى ولد الحسين دون ولد الحسن وهما جميعا ولدا رسول الله وسبطاه وسيّدا شباب أهل الجنّة؟

فقالعليه‌السلام : إنّ موسى وهارون كانا نبيّين مرسلين أخوين فجعل الله النبوّة فى صلب هارون دون صلب موسى ولم يكن لأحد أن يقول : لم فعل الله ذلك؟ فانّ الامامة خلافة اللهعزوجل ليس لأحد أن يقول : لم جعلها الله فى صلب الحسين دون صلب الحسن لأنّ الله تبارك وتعالى هو الحكيم فى أفعاله لا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون(١)

٤ ـ عنه حدّثنا محمّد بن أحمد الشيبانى رضى الله عنه قال : حدّثنا محمّد بن أبى عبد الله الكوفى ، قال : حدّثنا موسى بن عمران النخعىّ ، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفليّ ، عن الحسن بن علىّ بن أبى حمزة ، عن أبيه ، عن أبى بصير ، قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ )

__________________

(١) معانى الاخبار : ١٢٦.

١١٤

قال : هى الامامة جعلها اللهعزوجل فى عقب الحسينعليه‌السلام باقية إلى يوم القيامة(١)

٥ ـ عنه أبىرحمه‌الله قال : حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميرى ، عن علىّ بن إسماعيل ، عن سعدان ، عن بعض رجاله ، عن أبى عبد اللهعليه‌السلام قال لما علقت فاطمةعليها‌السلام بالحسين صلوات الله عليه قال لها رسول الله يا فاطمة إنّ الله قد وهب لك غلاما اسمه الحسين يقتله امّتى قالت فلا حاجة لى فيه قال إنّ اللهعزوجل قد وعدني فيه أن يجعل الائمّة من ولده قالت قد رضيت يا رسول الله(٢)

٦ ـ عنه حدّثنا أحمد بن الحسنرحمه‌الله ، قال : حدّثنا أحمد بن يحيى ، قال : حدّثنا بكر بن عبد الله بن حبيب ، قال : حدّثنا تميم بن بهلول ، قال : حدّثنا علىّ بن حسان الواسطى عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمى ، قال قلت : لأبى عبد اللهعليه‌السلام جعلت فداك من أين جاء لولد الحسين الفضل على ولد الحسن وهما يجريان فى شرع واحد.

فقال : لا أريكم تأخذون به أنّ جبرئيلعليه‌السلام نزل على محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وما ولد الحسين بعد ، فقال له يولد لك غلام يقتله أمّتك من بعدك ، فقال : يا جبرئيل لا حاجة فيه فخاطبه ثلاثا ثمّ دعا عليا فقال له أنّ جبرئيلعليه‌السلام يخبرنى عن اللهعزوجل أنّه يولد لك غلام يقتله أمّتك من بعدك ، فقال لا حاجة لى فيه يا رسول الله فخاطب علياعليه‌السلام ثلاثا.

ثمّ قال : إنّه يكون فيه وفى ولده الامامة والوراثة والخزانة ، فارسل الى فاطمةعليها‌السلام إنّ الله يبشّرك بغلام يقتله امتى من بعدى فقالت فاطمة ليس لى حاجة فيه يا أبت فخاطبها ثلاثا ثمّ أرسل إليها لا بدّ أن يكون فيه الامامة والوراثة

__________________

(١) معانى الاخبار : ١٣١.

(٢) علل الشرائع : ١ / ١٩٥.

١١٥

والخزانة ، فقالت له رضيت عن اللهعزوجل فعلقت وحملت بالحسينعليه‌السلام فحملت ستّة أشهر ثمّ وضعته ولم يعش مولود قطّ لستة أشهر غير الحسين بن علىّعليهما‌السلام ، وعيسى بن مريمعليهما‌السلام .

فكفلته أمّ سلمة وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يأتيه فى كلّ يوم فيضع لسانه فى فم الحسينعليه‌السلام فيمصّه حتّى يروى فأنبت اللهعزوجل لحمه من لحم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يرضع من فاطمةعليها‌السلام ولا من غيرها لبنا قطّ.

فلمّا أنزل الله تبارك وتعالى فيه( وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ) فلو قال اصلح لى ذرّيتى كانوا كلّهم ائمة لكن خصّ هكذا(١)

٧ ـ عنه أبىرحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد وعبد الله ابنى محمود بن عيسى ، عن أبيهما ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن عبد الله بن مسكان ، عن عبد الرحيم القصير ، عن أبى جعفر قال سألته عن قول اللهعزوجل :( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ) فيمن نزلت.

قال : نزلت فى الامرة إنّ هذه الآية جرت فى الحسين بن على ، وفى ولد الحسين من بعده فنحن أولى بالأمر وبرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من المؤمنين والمهاجرين فقلت لولد جعفر فيهما نصيب قال لا قال فعددت عليه بطون بنى عبد المطّلب كلّ ذلك يقول : لا ونسيت ولد الحسن فدخلت عليه بعد ذلك فقلت هل لولد الحسن فيها نصيب فقال لا يا عبد الرحمن ما لمحمّدى فيها نصيب غيرنا(٢)

__________________

(١) علل الشرائع : ١ / ١٩٦.

(٢) علل الشرائع : ١ / ١٩٦.

١١٦

٨ ـ عنه أبىرحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن حماد بن عيسى ، عن عبد الأعلى بن أعين ، قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : إنّ اللهعزوجل خصّ عليّاعليه‌السلام بوصيّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وما يصيبه له ، فأقرّ الحسن والحسين له بذلك ، ثمّ وصيّته للحسن وتسليم الحسين للحسن ، ذلك حتّى أفضى الامر إلى الحسين لا ينازعه فيه أحد له من السابقة مثل ماله واستحقّها علىّ بن الحسين لقول اللهعزوجل ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ) فلا تكون بعد علىّ بن الحسين إلّا فى الاعقاب وأعقاب الاعقاب(١) .

٩ ـ عنه أبىرحمه‌الله قال : حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميرى ، عن إبراهيم ابن مهزيار ، عن علىّ بن مهزيار ، عن الحسن بن سعيد ، عن محمّد بن سنان ، عن أبى سلام ، عن سورة بن كليب ، عن أبى بصير ، عن أبى جعفرعليه‌السلام فى قول اللهعزوجل ( وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) قال فى عقب الحسينعليه‌السلام ، فلم يزل هذا الأمر منذ افضى الى الحسين ينتقل من ولد إلى ولد لا يرجع إلى أخ ولا عمّ ولا يتمّ بعلم أحد منهم إلّا وله ولد ، وإن عبد الله خرج من الدنيا ولا ولد له ولم يمكث بين ظهرانى أصحابه إلّا شهرا(٢) .

١٠ ـ عنه حدّثنا محمّد بن الحسن ، قال : حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد ، عن عبد الصمد بن بشير ، عن فضيل بن سكرة ، قال دخلت على أبى عبد اللهعليه‌السلام فقال يا فضيل ، أتدري فى أى شيء كنت انظر ، قبل؟ فقلت لا ، قال كنت أنظر فى كتاب فاطمةعليها‌السلام ، فليس ملك يملك

__________________

(١) علل الشرائع : ١ / ١٩٧.

(٢) علل الشرائع : ١ / ١٩٦.

١١٧

إلّا هو مكتوب باسمه واسم أبيه وما جدت لولد الحسن فيه شيئا(١) .

١١ ـ عنه أبىرحمه‌الله قال : حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليمانى ، عن أبى الطفيل ، عن أبى جعفرعليه‌السلام ، قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأمير المؤمنين : اكتب ما أملى عليك ، قال يا نبىّ الله وتخاف على النسيان.

فقال لست أخاف عليك النسيان وقد دعوت الله لك أن يحفظك ولا ينسيك ولكن اكتب لشركائك قال فقلت ومن شركائى يا نبىّ الله ، قال : الائمّة من ولدك ، بهم تسقى امتى الغيث وبهم يستجاب دعائهم ، وبهم يصرف الله عنهم البلاء وبهم تنزل الرحمة من السماء وهذا أوّلهم وأومى الى الحسن ، ثمّ أومى بيده إلى الحسين ثمّ قال الأئمّة من ولده(٢)

١٢ ـ عنه ابىرحمه‌الله ، قال : حدثنا محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن على بن محمد ، عن القسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقرى ، عن محمد بن يحيى عن الحسين الواسطى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن ابى فاختة عن أبى عبد الله ، قال : لا تكون الامامة فى أخوين بعد الحسن والحسين ، وهى جارية فى الاعقاب فى عقب الحسينعليه‌السلام (٣)

١٣ ـ عنه حدثنا على بن أحمد بن عبد الله البرقي ، عن أبيه عن جده ، عن أحمد ابن ابى عبد الله ، عن محمد بن عيسى ، عن محمد بن أبى يعقوب البلخى ، قال سئلت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام قلت له : لاى علة صارت الامامة ، فى ولد الحسين دون ولد الحسنعليهما‌السلام ، قال لان اللهعزوجل جعلها فى ولد الحسين ولم يجعلها فى ولد

__________________

(١) علل الشرائع : ١ / ١٩٧.

(٢) علل الشرائع : ١ / ١٩٧.

(٣) علل الشرائع : ١ / ١٩٨.

١١٨

الحسن ، والله لا يسأل عما يفعل(١) .

١٤ ـ عنه حدثنا ابراهيم بن هرون الميثمى ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن أبى الثلج قال : حدثنا عيسى بن مهران ، قال : حدثنا منذر الشراك ، قال : حدثنا إسماعيل ابن علية قال : أخبرنى أسلم بن ميسرة العجلى ، عن أنس بن مالك ، عن معاذ بن جبل أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ان اللهعزوجل خلقنى وعليّا وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق الدّنيا بسبعة آلاف عام ، قلت فاين كنتم يا رسول الله قال قدام العرش نسبح اللهعزوجل ونحمده ونقدسه ونمجده.

قلت على اىّ مثال قال : أشباح نور حتى اذا أراد اللهعزوجل ان يخلق صورنا صيرنا عمود نور ، ثم قذفنا فى صلب آدم ثم أخرجنا الى أصلاب الآباء وأرحام الأمهات ولا يصيبنا نجس الشرك ولا سفاح الكفر يسعد بنا قوم ويشقى بنا آخرون فلما صيرنا الى صلب عبد المطلب أخرج ذلك النور فشقه نصفين فجعل نصفه فى عبد الله ونصفه فى ابى طالب.

ثم أخرج النصف الذي لى الى آمنة والنصف الى فاطمة بنت أسد ، فأخرجتنى آمنة وأخرجت فاطمة عليا ثم أعادعزوجل العمود الىّ ، فخرجت منى فاطمة ثم أعادعزوجل العمود الى علىّ ، فخرج منه الحسن والحسينعليهما‌السلام ، يعنى من النصفين جميعا ، فما كان من نور على ، فصار فى ولد الحسن ، وما كان من نورى صار فى ولد الحسينعليه‌السلام ، فهو ينتقل فى الائمة من ولده الى يوم القيامة(٢) .

١٥ ـ عنه حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، قال : حدثنا أبو سعيد الحسن بن على السكرى قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن زكريا بن دينار الغلابى البصرى ، قال : حدثنا على بن حاتم ، قال : حدثنا الربيع بن عبد الله ، قال : وقع بينى وبين

__________________

(١) علل الشرائع : ١ / ١٩٨.

(٢) علل الشرائع : ١ / ١٩٨.

١١٩

عبد الله بن الحسن كلام فى الامامة ، فقال عبد الله بن الحسن : ان الامامة فى ولد الحسن والحسينعليهما‌السلام .

فقلت : بل هى فى ولد الحسين الى يوم القيامة ، دون ولد الحسن ، فقال لى : وكيف صارت فى ولد الحسين دون الحسن وهما سيدا شباب أهل الجنة ، وهما فى الفضل سواء الا أن للحسن على الحسين فضلا بالكبر ، وكان الواجب أن يكون الامامة اذن فى ولد الافضل ، فقلت له ان موسى وهارون كانا نبيين مرسلين وكان موسى أفضل من هارونعليهما‌السلام .

فجعل اللهعزوجل النبوة والخلافة فى ولد هارون دون ولد موسى ، وكذا لك جعل اللهعزوجل الامامة فى ولد الحسين دون ولد الحسن ليجرى فى هذه الامة سنة من قبلها من الامم ، حذو النعل بالنعل ، فما أجبت فى أمر موسى وهارونعليهما‌السلام بشيء فهو جوابى فى أمر الحسن والحسينعليهما‌السلام ، فانقطع ، ودخلت على الصادقعليه‌السلام ، فلما بصر بى ، قال لى : أحسنت يا ربيع فيما كلمت به عبد الله بن الحسن ثبّتك الله(١) .

١٦ ـ عنه حدثنا أبى : ومحمد بن الحسن رضى الله عنهما ، قالا : حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميرى ، جميعا : عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن الحسين بن ثوير ، أبى فاختة ، عن أبى عبد اللهعليه‌السلام ، قال : لا تكون الامامة فى أخوين بعد الحسن والحسينعليهما‌السلام ، أبدا ، انها جرت من على بن الحسينعليهما‌السلام ، كما قال الله جل جلاله :( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ) . ولا تكون بعد على بن الحسين الا فى الاعقاب وأعقاب الاعقاب(٢)

__________________

(١) علل الشرائع : ١ / ١٩٩.

(٢) كمال الدين : ٤١٤.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

للثوري وأبي حنيفة ومحمد بن الحسن(١) .

وكذا لا بأس بالممشق وهو المصبوغ بالمشق وهو المصبوغ بالمغرة ؛ لأنّه مصبوغ بطين لا بطيب ، وكذا المصبوغ بسائر الأصباغ سوى ما ذكرنا وإن كان السواد مكروهاً ؛ لأصالة الإِباحة إلّا ما ورد الشرع بتحريمه ، أو كان في معناه.

وأمّا المصبوغ بالرياحين فهو مبني على الرياحين في نفسها ، فما مُنع المـُحْرم من استعماله مُنع من المصبوغ به إذا ظهرت رائحته ، وإلّا فلا.

مسألة ٢٤١ : لو مات المـُحْرم ، لم يجز تغسيله بالكافور‌ - وهو إجماع - للأحاديث الدالّة عليه من طُرق العامّة(٢) والخاصّة :

روى محمّد بن مسلم - في الصحيح - عن الباقرعليه‌السلام : عن المـُحْرم إذا مات كيف يصنع به؟ قال : « يغطّى وجهه ، ويصنع به كما يصنع بالحلال غير أنّه لا يقربه طيباً »(٣) .

البحث الرابع : الادّهان‌

مسألة ٢٤٢ : الدهن ضربان : طيب وغير طيب.

فالطيب : البنفسج والورد والنيلوفر والبان(٤) وما في معناه ، ولا خلاف أنّ فيه الفدية على أيّ وجه استعمله.

____________________

(١) المغني ٣ : ٣٠٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣٣ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٢٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٨٥.

(٢) راجع : صحيح البخاري ٢ : ٩٦ و ٣ : ٢٢ ، وصحيح مسلم ٢ : ٨٦٥ / ٩٤ ، وسنن النسائي ٥ : ١٩٦ ، وسنن البيهقي ٥ : ٥٣ و ٧٠.

(٣) التهذيب ١ : ٣٣٠ / ٩٦٥ عن الإِمامين الباقر والصادقعليهما‌السلام ، وفيه : « لا يقرب طيباً ».

(٤) البان : ضرب من الشجر ، طيّب الزَّهْر ، واحدتها : بأنه ، ومنه دهن البان. لسان العرب ١٣ : ٦١ ، الصحاح ٥ : ٢٠٨١ « بون ».

٣٢١

وأمّا غير الطيب مثل الشيرج والزبد والسمن فيجوز أكله إجماعاً.

قال الشيخرحمه‌الله : ولا يجوز الادّهان به على وجه ، وأمّا وجوب الكفّارة بالادّهان فلَسْتُ أعرف به نصّاً ، والأصل براءة الذمّة.

ثم قال : وقد اختلف الناس على أربعة مذاهب :

فقال أبو حنيفة : فيه الفدية على كلّ حال إلّا أن يداوي به جرحه أو شقوق رجليه.

وقال الحسن بن صالح بن حي : لا فدية فيه بحال.

وقال الشافعي : فيه الفدية في الرأس واللحية ، ولا فدية فيما عداهما ؛ ( لما فيه من ترجيل الشعر وتزيينه ، والمـُحْرم منعوت بالشّعث المعتاد له.

ولو كان أقرع أو أصلع فدهن رأسه ، أو أمرد فدهن ذقنه ، فلا فدية عليه عنده ؛ إذ ليس فيه تزيين شعر.

ولو كان محلوق الرأس ، فوجهان.

ولو كان في رأسه شجّه فجعل الدهن في داخلها ، فلا شي‌ء عليه )(١) .

وقال مالك : إن دهن به ظاهر بدنه ، ففيه الفدية ، وإن كان في بواطن بدنه ، فلا فدية.

واستدلّ -رحمه‌الله - على مذهبه : بأصالة براءة الذمّة.

وبما رواه العامّة عن ابن عمر : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ادّهن - وهو مُحْرم - بزيت(٢) (٣) .

____________________

(١) ما بين القوسين ليس في الخلاف.

(٢) سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٣٠ / ٣٠٨٣ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٩٤ / ٩٦٢ ، مسند أحمد ٢ : ٥٩.

(٣) الخلاف ٢ : ٣٠٣ - ٣٠٤ ، المسألة ٩٠ ، وراجع : بدائع الصنائع ٢ : ١٩٠ ، والمبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٢٢ ، والهداية - للمرغيناني - ١ : ١٦٠ ، والوجيز ١ : ١٢٥ ، وفتح العزيز ٧ : ٤٦٢ ، والمهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٧ ، والمجموع ٧ : ٢٧٩ و ٢٨٢ ، والحاوي الكبير ٤ : ١٠٩ و ١١٠.

٣٢٢

إذا عرفت هذا ، فنقول : الدهن الطيب كدهن الورد والبنفسج والنيلوفر يحرم الادّهان به ، وبه قال الأوزاعي وأحمد(١) .

وكره مالك وأبو ثور وأصحاب الرأي الادّهان بدهن البنفسج(٢) .

وقال الشافعي : ليس بطيب(٣) .

وهو غلط ؛ لأنّه يتّخذ للطيب ، وتُقصد رائحته ، فكان طيباً ، كماء الورد.

وأمّا ما لا طيب فيه كالزيت والشيرج والسمن والشحم ودهن البان الساذج : فالمشهور عند علمائنا تحريم الادّهان به بعد الإِحرام اختياراً ، وذهب العامّة إلى جوازه.

قال ابن المنذر : أجمع عوام أهل العلم على أنّ للمُحْرم أن يدّهن بدنه بالشحم والزيت والسمن(٤) .

ونقل بعض العامّة جواز ذلك عن ابن عباس وأبي ذر والأسود بن يزيد وعطاء والضحّاك وغيرهم(٥) .

وقال عطاء ومالك والشافعي وأبو ثور وأحمد في رواية ، وأصحاب الرأي : لا يدّهن المـُحْرم رأسه بالزيت الذي يؤكل ؛ لأنّه يُزيل الشَّعَث ويُرجّل الشعر ويُحسّنه(٦) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٣٠٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٩.

(٢) المدوّنة الكبرى ١ : ٤٥٦ ، المغني ٣ : ٣٠٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٩.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٦ ، المجموع ٧ : ٢٧٨ ، فتح العزيز ٧ : ٤٥٨ ، المغني ٣ : ٣٠٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٩.

(٤) المغني ٣ : ٣٠٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٩٢ ، المجموع ٧ : ٢٨٣.

(٥) المغني ٣ : ٣٠٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٩٢.

(٦) المدوّنة الكبرى ١ : ٤٥٥ ، فتح العزيز ٧ : ٤٦٢ ، المجموع ٧ : ٢٧٩ و ٢٨٢ ، المغني ٣ : ٣٠٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٩٢ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٢٢ ، الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٦٠.

٣٢٣

وأجمعوا على إباحة استعماله في اليدين ، وإنّما الكراهة عندهم في الرأس خاصّة ؛ لأنّه محلّ الشعر(١) .

لنا : ما رواه العامّة عن ابن عمر أنّه صدع وهو مُحْرم ، فقالوا : ألا ندّهنك بالسمن؟ فقال : لا، قالوا : أليس تأكله؟ قال : ليس أكله كالادّهان به(٢) .

وعن مجاهد : إن تداوى به ، فعليه الكفّارة(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « ولا تمسّ شيئاً من الطيب ولا من الدهن في إحرامك »(٤) .

وقالعليه‌السلام : « وادّهن بما شئت من الدهن حيت تريد أن تحرم ، فإذا أحرمت فقد حرم عليك الدهن »(٥) .

ولو ادّهن بالدهن الطيب قبل الإِحرام ، فإن كانت رائحته تبقى إلى بعد الإِحرام ، فَعَل حراماً ، ولو ذهبت رائحته بعد الإِحرام أو ادّهن قبله بما ليس بطيب ، فإنّه جائز إجماعاً.

مسألة ٢٤٣ : لو اضطرّ إلى استعمال الأدهان الطيّبة حالة الإِحرام ، جاز له استعماله ، وتجب الفدية ؛ لما رواه الشيخ - في الصحيح - عن معاوية ابن عمّار : في مُحْرم كانت به قرحة فداواها بدهن بنفسج ، قال : « إن كان فعله بجهالة فعليه طعام مسكين ، وإن كان تعمّد فعليه دم شاة يهريقه »(٦) .

ويجوز استعمال ما ليس بطيب بعد الإِحرام اضطراراً إجماعاً ، ولا فدية ؛ لأصالة البراءة.

____________________

(١ - ٣) المغني ٣ : ٣٠٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٩٢.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٩٧ / ١٠٠٦ ، الاستبصار ٢ : ١٧٨ / ٥٩٠.

(٥) الكافي ٤ : ٣٢٩ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٣٠٣ / ١٠٣٢ ، الاستبصار ٢ : ١٨١ - ١٨٢ / ٦٠٣.

(٦) التهذيب ٥ : ٣٠٤ / ١٠٣٨.

٣٢٤

ولما رواه هشام بن سالم - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « إذا خرج بالمـُحْرم الخراج(١) أو الدمل فليُبطّه(٢) وليداوه بسمن أو زيت »(٣) .

البحث الخامس : الاكتحال بما فيه طيب‌

مسألة ٢٤٤ : أجمع علماؤنا على أنّه لا يجوز للمُحْرم أن يكتحل بكحل فيه طيب ، سواء كان رجلاً أو امرأة ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حرّم استعمال الطيب(٤) ، وهو قول كلّ من حرّم استعمال الطيب ، وتجب به الفدية كما قلنا في الطيب ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لا يكحل المـُحْرم عينيه بكُحْل فيه زعفران ، وليكحلها بكُحْل فارسي »(٥) .

إذا عرفت هذا ، فلا يجوز أن يكتحل للزينة ؛ لما رواه معاوية بن عمّار - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « لا بأس بأن تكتحل وأنت محرم بما لم يكن فيه طيب يوجد ريحه ، فأمّا للزينة فلا »(٦) .

مسألة ٢٤٥ : لا يجوز للمُحْرم أن يكتحل بالسواد ، سواء كان رجلاً أو امرأةً ، إلّا عند الضرورة ، ويجوز لهما أن يكتحلا بما عداه من الأكحال إلّا إذا‌

____________________

(١) الخراج : القروح. القاموس المحيط ١ : ١٨٥ « خرج ».

(٢) بطّ الجرح : شقّه. القاموس المحيط ٢ : ٣٥١ « بطّ ».

(٣) الفقيه ٢ : ٢٢٢ / ١٠٤٠ ، التهذيب ٥ : ٣٠٤ / ١٠٣٦.

(٤) انظر : صحيح مسلم ٢ : ٨٦٦ / ٩٩ ، وصحيح البخاري ٢ : ٩٦ و ٣ : ٢٢ ، وسنن النسائي ٥ : ١٩٦ ، وسنن البيهقي ٥ : ٧٠ ، ومسند أحمد ١ : ٢١٥ ، وفيها تصريح بتحريم الطيب للميّت المـُحْرم. فللمُحْرم الحيّ أولى كما ذكره ابنا قدامة في المغني ٣ : ٢٩٦ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٨٨.

(٥) التهذيب ٥ : ٣٠١ / ١٠٢٧.

(٦) الكافي ٤ : ٣٥٧ ذيل الحديث ٥ ، التهذيب ٥ : ٣٠٢ / ١٠٢٨.

٣٢٥

كان فيه طيب ، فإنّه لا يجوز على حال ، وبه قال الشافعي(١) .

وقال أبو حنيفة : يجوز الاكتحال بما فيه طيب(٢) .

وكره عطاء والحسن البصري ومجاهد الاكتحال بالإِثْمد(٣) .

وروي عن ابن عمر أنّه قال : يكتحل المـُحْرم بكلّ كُحْل ليس فيه طيب(٤) .

قال مالك : لا بأس أن يكتحل المـُحْرم من حَرٍّ يجده في عينيه بالإِثمد وغيره(٥) .

وعن أحمد أنّه قال : يكتحل المـُحْرم ما لم يُرْد به الزينة ، قيل له : الرجال والنساء ، قال : نعم(٦) .

لنا على المنع من الأسود كالإِثْمد وشبهه : ما رواه العامّة : أنّ عليّاًعليه‌السلام قدم من اليمن فوجد فاطمةعليها‌السلام ممّن حلّ ، فلبست ثياباً صبيغاً واكتحلت ، فأنكر ذلك عليها ، فقالت : ( أبي أمرني بهذا ) فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( صَدَقَتْ صَدَقَتْ )(٧) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « لا يكتحل الرجل والمرأة المـُحْرمان بالكُحْل الأسود إلّا من علّة »(٨) .

____________________

(١) مختصر المزني : ٦٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٢١ ، فتح العزيز ٧ : ٤٦٣ ، المجموع ٧ : ٣٥٣.

(٢) فتح العزيز ٧ : ٤٦٣.

(٣) المغني ٣ : ٣١٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣٢.

(٤) المغني ٣ : ٣١٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣٢ ، المجموع ٧ : ٣٥٤.

(٥) المدوّنة الكبرى ١ : ٤٥٧ ، المغني ٣ : ٣١٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣٢.

(٦) المغني ٣ : ٣١٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣٢.

(٧) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٨ / ١٢١٨ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٤ / ١٩٠٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٤ / ٣٠٧٤ ، سنن النسائي ٥ : ١٤٤ ، المغني ٣ : ٣١٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣٢.

(٨) التهذيب ٥ : ٣٠١ / ١٠٢٣.

٣٢٦

ولقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( الحاج أشعث أغبر )(١) وهو ينافي الاكتحال.

مسألة ٢٤٦ : لو اكتحل الرجل والمرأة بالإِثْمد أو الأسود ، فَعَلا محرّماً عند أكثر علمائنا(٢) ، ولا تجب به الفدية ، عملاً بأصالة البراءة السالم عن معارضٍ من نصٍّ أو غيره.

قال الشافعي : إن فَعَلا ، فلا أعلم عليهما فيه فدية بشي‌ء(٣) .

ولا خلاف في زوال التحريم مع الضرورة.

ولا يجوز الاكتحال بما فيه زينة ، لقول الصادقعليه‌السلام : « تكتحل المرأة [ المـُحرمة ](٤) بالكُحْل كلّه إلّا كحلاً أسود للزينة »(٥) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « لا تكتحل المرأة المـُحْرمة بالسواد ، إنّ السواد زينة »(٦) . وهو يدلّ على التعليل ، فيطّرد الحكم باطّرادها.

وقال الشافعي : يحرم الاكتحال بما فيه طيب - خلافاً لأبي حنيفة(٧) - وما لا طيب فيه يجوز الاكتحال به. نَقَله المزني(٨) .

وله قول آخر : إنّه يكره(٩) .

____________________

(١) أورده الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٣١٣ ذيل المسألة ١٠٦.

(٢) منهم : الشيخ المفيد في المقنعة : ٦٨ ، والشيخ الطوسي في النهاية : ٢٢٠ ، والمبسوط ١ : ٣٢١ ، وسلّار في المراسم : ١٠٦ ، وابن إدريس في السرائر : ١٢٨.

(٣) الْأُمّ ٢ : ١٥٠ ، المجموع ٧ : ٣٥٣ - ٣٥٤ ، المغني ٣ : ٣١٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣٢.

(٤) أضفناها من المصدر.

(٥) التهذيب ٥ : ٣٠١ / ١٠٢٤.

(٦) التهذيب ٥ : ٣٠١ / ١٠٢٥.

(٧) فتح العزيز ٧ : ٤٦٣.

(٨) فتح العزيز ٧ : ٤٦٣ ، مختصر المزني : ٦٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٢١ ، المجموع ٧ : ٣٥٣.

(٩) فتح العزيز ٧ : ٤٦٣ ، المجموع ٧ : ٣٥٣.

٣٢٧

وتوسّط آخرون من أصحابه : إن لم يكن فيه زينة كالتوتيا الأبيض ، لم يكره ، وإن كان فيه زينة كالإِثْمد ، كره ، إلّا لحاجة الرَّمَد(١) .

البحث السادس : النظر في المرآة‌

مسألة ٢٤٧ : اختلف علماؤنا في تحريم النظر في المرآة على المـُحرم ، فقال بعضهم بالتحريم(٢) ، وبعضهم بالكراهة(٣) .

واحتجّ الأوّل : بما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : ( المـُحْرم الأشعث الأغبر )(٤) .

وفي آخر : ( إنّ الله يباهي بأهل عرفة ملائكته فيقول : يا ملائكتي انظروا إلى عبادي قد أتوني شعثاً غبراً ضاحين )(٥) (٦) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه حمّاد - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « لا تنظر في المرآة للزينة »(٧) .

واحتجّ الآخرون : بأصالة الإِباحة.

وقال أحمد : لا ينظر في المرآة لإِزالة شعث أو تسوية شعر أو شي‌ء من‌

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٤٦٣ ، المجموع ٧ : ٣٥٣ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٢١.

(٢) كالشيخ المفيد في المقنعة : ٦٢ ، والشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٣٢١ ، والنهاية : ٢٢٠ ، وأبي الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ٢٠٣ ، وابن إدريس في السرائر : ١٢٨.

(٣) كالشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٣١٩ ، المسألة ١١٩ ، وابن حمزة في الوسيلة : ١٦٤ ، والمحقّق في المختصر النافع : ٨٥.

(٤) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٣٠٣ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٣٤.

(٥) أي : بارزين ، من قولك : ضحيت للشمس : إذا برزت لها. الصحاح ٦ : ٢٤٠٧ « ضحا ».

(٦) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٣٠٣ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٢٤ ، وفي سنن البيهقي ٥ : ٥٨ نحوه.

(٧) التهذيب ٥ : ٣٠٢ / ١٠٢٩ ، وفيه : « لا تنظر في المرآة وأنت مُحْرم فإنّها من الزينة ».

٣٢٨

الزينة ، فإن نظر لحاجة كمداواة جرح أو إزالة شعر ينبت في عينيه وغير ذلك ممّا أباح الشرع له فِعْلَه ، فلا بأس ، وعلى كلّ حال لا فدية فيه(١) .

البحث السابع : لُبْس الحُليّ للزينة‌

مسألة ٢٤٨ : لا يجوز للمرأة في حال الإِحرام لُبْس الحُليّ للزينة‌ وما لم تعتد لُبْسه في حال الإِحرام ؛ لقول الصادقعليه‌السلام في المـُحْرمة : « إنّها تلبس الحُليّ كلّه إلّا حُليّاً مشهوراً للزينة »(٢) .

وسأل يعقوبُ بن شعيب الصادقَعليه‌السلام عن المرأة تلبس الحُليّ ، قال : « تلبس المـَسَك والخلخالين »(٣) .

ومنع أحمد بن حنبل من الخلخال وما أشبهه من الحُليّ ، مثل : السوار والدُّمْلج(٤) .

وروي عن عطاء أنّه كان يكره للمُحْرمة الحرير والحُليّ(٥) .

وكرهه الثوري وأبو ثور(٦) .

وعن قتادة أنّه كان لا يرى بأساً أن تلبس المرأة الخاتم والقرط(٧) وهي محرمة ، وكره السوارين والدُّمْلجين والخلخالين(٨) .

وظاهر مذهب أحمد : الجواز ، وهو قول ابن عمر وعائشة وأصحاب الرأي ، لأنّ عائشة قالت : تلبس المـُحْرمة ما تلبس وهي حلال من خزّها وقزّها وحُليّها ، وعلى كلّ حال لا فدية فيه عند أحمد(٩) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٣٠٣ - ٣٠٤.

(٢) الفقيه ٢ : ٢٢٠ / ١٠١٦ ، التهذيب ٥ : ٧٥ - ٧٦ / ٢٤٩ ، الاستبصار ٢ : ٣١٠ / ١١٠٥.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٢٠ / ١٠١٩.

(٤ - ٦ ) المغني ٣ : ٣١٥ - ٣١٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣١ - ٣٣٢.

(٧) القرط : نوع من حُليّ الاُذن. لسان العرب ٧ : ٣٧٤ « قرط ».

(٨ و ٩ ) المغني ٣ : ٣١٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣٢.

٣٢٩

وأمّا لُبْس القُفّازين ففيه الفدية عنده(١) ، وكذا عندنا ؛ لأنّها لبست ما نُهيت عن لُبْسه في الإِحرام ، فلزمتها الفدية ، كالنقاب ، وقد قال الصادقعليه‌السلام : « تلبس المرأة المـُحْرمة الحُليّ كلّه إلّا القُرْط المشهور والقلادة المشهورة »(٢) .

مسألة ٢٤٩ : الحُليّ الذي تعتاد المرأة لُبْسه في الإِحلال يجوز لها لُبْسه في الإِحرام إذا لم تُظهره للزوج ؛ لما فيه من جذب الشهوة إلى إيقاع المنهيّ عنه.

ولما رواه عبد الرحمن بن الحجّاج - في الصحيح - أنّه سأل أبا الحسنعليه‌السلام : عن المرأة يكون عليها الحُليّ والخلخال والمسكة والقرطان من الذهب والورق تحرم فيه وهو عليها وقد كانت تلبسه في بيتها قبل حجّها أتنزعه إذا أحرمت أو تتركه على حاله؟ قال : « تحرم فيه وتلبسه من غير أن تظهره للرجال في مركبها ومسيرها »(٣) .

مسألة ٢٥٠ : لا يجوز للمُحْرم أن يلبس الخاتم للزينة ، ويستحب للسنّة ؛ لأنّ الروايات الدالّة على تحريم لُبْس الحُليّ للزينة والاكتحال بالسواد للزينة والنظر في المرآة للزينة دلّت بمفهومها على تعليل الحرمة بالزينة ، فتثبت في لُبْس الخاتم ؛ لوجود العلّة.

ولأنّ مسمعاً سأل الصادقعليه‌السلام : أيلبس المـُحْرم الخاتم؟ قال : « لا يلبسه للزينة »(٤) .

وأمّا استحبابه للسنّة : فلأنّ محمد بن إسماعيل قال : رأيت العبد‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٣١٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣٢.

(٢) الفقيه ٢ : ٢٢٠ / ١٠١٤.

(٣) الكافي ٤ : ٣٤٥ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٧٥ / ٢٤٨ ، الاستبصار ٢ : ٣١٠ / ١١٠٤.

(٤) التهذيب ٥ : ٧٣ / ٢٤٢ ، الاستبصار ٢ : ١٦٥ - ١٦٦ / ٥٤٤.

٣٣٠

الصالحعليه‌السلام وهو مُحْرم وعليه خاتم وهو يطوف طواف الفريضة(١) .

إذا عرفت هذا ، فإنّه يجوز للمرأة لُبْس الخاتم من الذهب ؛ للأصل.

ولأنّه يجوز لها لُبْسه حالة الإِحلال ، فيستصحب الحكم ما لم تقصد به الزينة.

ولما رواه عمّار عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « تلبس المـُحْرمة الخاتم من الذهب »(٢) .

إذا عرفت هذا ، فيجوز أن تلبس المرأة الحرير حالة الإِحرام على كراهية ، ولا يكره الذهب والخزّ ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس أن تُحْرم المرأة في الذهب والخزّ ، وليس يكره إلّا الحرير المحض »(٣) .

البحث الثامن : تغطية الرأس‌

مسألة ٢٥١ : يحرم على الرجل حالة الإِحرام تغطية رأسه اختيارا‌ً بإجماع العلماء ؛ لما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه نهى عن العمائم والبرانس(٤) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه زرارة - في الصحيح - عن الباقرعليه‌السلام ، قال : قلت له : الرجل المـُحْرم يريد أن ينام يغطّي وجهه من الذباب؟ قال : « نعم ولا يخمّر رأسه »(٥) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٧٣ / ٢٤١ ، الاستبصار ٢ : ١٦٥ / ٥٤٣.

(٢) التهذيب ٥ : ٧٦ / ٢٥٠.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٢٠ / ١٠٢٠.

(٤) الموطّأ ١ : ٣٢٥ / ٨ ، سنن أبي داود ٢ : ١٦٥ / ١٨٢٣ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٧٧ / ٢٩٢٩ ، سنن الترمذي ٣ : ١٩٤ - ١٩٥ / ٨٣٣ ، سنن النسائي ٥ : ١٣٢ و ١٣٣ ، سنن البيهقي ٥ : ٤٩.

(٥) التهذيب ٥ : ٣٠٧ / ١٠٥١ ، الاستبصار ٢ : ١٨٤ / ٦١٤.

٣٣١

إذا عرفت هذا ، فإنّه لا فرق بين أن يستر رأسه بمخيط ، كالقلنسوة ، أو بغير مخيط ، كالعمامة والإِزار والخرقة وكلّ ما يعدّ ساتراً ، وإذا ستر ، لزمه الفداء ؛ لأنّه باشر محظوراً ، كما لو حلق ، وإذا غطّى رأسه ، ألقى الغطاء واجباً ، وجدّد التلبية مستحبّاً.

ولو توسّد بوسادة فلا بأس ، وكذا لو توسّد بعمامة مكورة(١) ؛ لأنّ المتوسّد يطلق عليه عرفاً أنّه مكشوف الرأس.

ولا فرق في التحريم بين تغطية الرأس بالمعتاد ، كالعمامة والقلنسوة ، أو بغيره ، كالزنبيل والقرطاس ، أو خضب رأسه بحنّاء ، أو طيّنه بطين ، أو حمل على رأسه متاعاً أو مكتلاً أو طبقاً ونحوه عند علمائنا.

وذكر الشافعي عن عطاء أنّه لا بأس به ، ولم يعترض عليه(٢) .

وهو يُشعر بموافقته ؛ إذ من عادته الردّ على المذهب الذي لا يرتضيه.

وقال ابن المنذر وجماعة من الشافعية : إنّه نصّ في بعض كتبه على وجوب الفدية(٣) ، فبعض الشافعية قطع بالأول ولم يُثبت الثاني(٤) ، وبعضهم قال : إنّ في المسألة قولين(٥) .

ووافقنا أبو حنيفة(٦) على التحريم ووجوب الفدية ؛ لأنّه غطّى رأسه بما يستره ، فوجبت الفدية ، كغيره.

احتجّ الآخرون : بأنّه قصد نقل المتاع لا تغطية الرأس.

ولو ستر رأسه بيديه ، فلا شي‌ء عليه ؛ لأنّ الستر بما هو متّصل به لا يثبت له حكم الستر. وكذا لو وضع يديه على فرجه ، لم يجزئه في الستر.

____________________

(١) كَوْر العمامة : إدارتها على الرأس. لسان العرب ٥ : ١٥٥ « كور ».

(٢) فتح العزيز ٧ : ٤٣٥ ، المجموع ٧ : ٢٥٣.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ١٠٢ ، فتح العزيز ٧ : ٤٣٥ ، المجموع ٧ : ٢٥٣.

(٤ و ٥) فتح العزيز ٧ : ٤٣٥ ، المجموع ٧ : ٢٥٢ - ٢٥٣.

(٦) انظر : فتح العزيز ٧ : ٤٣٥.

٣٣٢

ولأنّ المـُحْرم مأمور بمسح رأسه ، وذلك يكون بوضع يده عليه.

وجوّز الحنابلة للمُحْرم أن يطلي رأسه بالعسل أو الصمغ ؛ ليجتمع الشعر ويتلبّد ، فلا يتخلّله الغبار ، ولا يصيبه الشَّعَث ، ولا يقع فيه الدبيب ؛ لما رواه ابن عمر ، قال : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يُهلّ ملبّداً(١) (٢) .

مسألة ٢٥٢ : يحرم عليه أن يرتمس في الماء بحيث يعلو الماء على رأسه‌ - وبه قال مالك(٣) - لأنّه مشتمل على تغطية الرأس.

ولما رواه عبد الله بن سنان - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « ولا ترتمس في ماء يدخل فيه رأسك »(٤) .

وفي الصحيح عن حريز عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « لا يرتمس المـُحرم في الماء »(٥) .

ويجوز أن يغسل رأسه ويفيض عليه الماء إجماعاً ؛ لأنّه لا يطلق عليه اسم التغطية ، وليس هو في معناها ، كالارتماس.

ولما رواه حريز - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « إذا اغتسل المـُحْرم من الجنابة صبّ على رأسه الماء يميّز الشعر بأنامله بعضه من بعض »(٦) .

وكذا يجوز للمُحْرم أن يدلك رأسه ويحكّه بيده ؛ لأنّ زرارة سأله عن المـُحْرم هل يحكّ رأسه أو يغسله بالماء؟ فقال : « يحكّ رأسه ما لم يتعمّد قتل دابّة »(٧) .

____________________

(١) سنن النسائي ٥ : ١٣٦.

(٢) المغني ٣ : ٣٠٩ - ٣١٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٧٨.

(٣) المنتقى - للباجي - ٢ : ١٩٥.

(٤) التهذيب ٥ : ٣٠٧ / ١٠٤٨.

(٥) الفقيه ٢ : ٢٢٦ / ١٠٦٤ ، التهذيب ٥ : ٣٠٧ / ١٠٤٩.

(٦) التهذيب ٥ : ٣١٣ - ٣١٤ / ١٠٨٠.

(٧) الكافي ٤ : ٣٦٦ / ٧ ، الفقيه ٢ : ٢٣٠ / ١٠٩٢.

٣٣٣

ولا يحلّ للمُحْرم أن يضع الطيب في رأسه بحيث يبقى إلى بعد الإِحرام ؛ لما تقدّم من تحريم استعمال الطيب.

وخالف فيه الجمهور(١) .

ولو خضب رأسه ، وجبت الفدية ، سواء كان الخضاب ثخيناً أو رقيقاً ؛ لأنّه ساتر ، وبه قال الشافعي(٢) .

وفصّل أصحابه بين الثخين والرقيق ، فأوجبوا الفدية في الأول دون الثاني(٣) .

وليس بمعتمد.

وكذا لو وضع عليه مرهماً له جرم يستر رأسه.

ولو طلى رأسه بعسل أو لبن ثخين فكذلك ، خلافاً للشافعي(٤) .

ولو طيّن رأسه ، وجبت الفدية عندنا.

وللشافعية وجهان كالوجهين فيما إذا طلى بالطين عورته وصلّى هل تجزئه؟(٥) .

مسألة ٢٥٣ : لا يشترط في وجوب الفدية استيعاب الرأس بالستر ، بل تجب الفدية بستر بعض الرأس كما تجب بستر جميعه ، لأنّ المنع من تغطية الجميع يقتضي المنع من تغطية بعضه ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( لا تخمّروا رأسه )(٦) والنهي عنه يُحرّم فِعْلَ بعضه.

____________________

(١) المغني ٣ : ٣١٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٧٩.

(٢) المغني ٣ : ٣٠٨ - ٣٠٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٧٦.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٤٣٦ - ٤٣٧ ، المجموع ٧ : ٢٥٣.

(٤) الحاوي الكبير ٤ : ١١٠.

(٥) فتح العزيز ٧ : ٤٣٦ ، المجموع ٧ : ٢٥٣.

(٦) صحيح البخاري ٢ : ٩٦ و ٣ : ٢٢ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٨٥ - ٦٨٦ / ٩٣ و ٩٤ و ٩٦ و ٩٨ و ٩٩ ، سنن النسائي ٥ : ١٩٦ و ١٩٧ ، سنن البيهقي ٥ : ٧٠ ، مسند أحمد ١ : ٢١٥.

٣٣٤

وكذلك لمـّا قال تعالى :( وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ ) (١) حرم حلق بعضه.

ولا فرق بين أن يكون ذلك لعذر أو لغير عذر ، فإنّ العذر لا يُسقط الفدية ، كما قال تعالى :( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ ) (٢) .

ولو افتقر إلى تعصيب الرأس بعصابة ، جاز عند الحاجة - وبه قال عطاء(٣) - لأنّه في محلّ الحاجة والضرورة ، وقد قال تعالى :( ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (٤) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « لا بأس أن يعصب المـُحْرم رأسه من الصداع »(٥) .

وسأل محمّدُ بن مسلم الصادقعليه‌السلام : عن المحرم يضع عصام(٦) القربة على رأسه إذا استقى ، فقال : « نعم »(٧) .

واختلفت العامّة في الاُذنين هل يحرم سترهما؟ فنصّ الشافعي على تسويغه(٨) .

ومنع أحمد منه(٩) ؛ لما روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : ( الاُذنان من الرأس )(١٠) .

____________________

(١ و ٢ ) البقرة : ١٩٦.

(٣) المغني ٣ : ٣٠٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٧٦.

(٤) الحج : ٧٨.

(٥) الكافي ٤ : ٣٥٩ / ١٠ ، التهذيب ٥ : ٣٠٨ - ٣٠٩ / ١٠٥٦.

(٦) العصام : رباط القِرْبة وسيرها الذي تُحمل به. الصحاح ٥ : ١٩٨٧ « عصم ».

(٧) الفقيه ٢ : ٢٢١ / ١٠٢٤.

(٨ و ٩ ) المغني ٣ : ٣٠٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٧٦.

(١٠) سنن أبي داود ١ : ٣٣ / ١٣٤ ، سنن الترمذي ١ : ٥٣ / ٣٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٥٢ / ٤٤٣ - ٤٤٥ ، سنن البيهقي ١ : ٦٦ و ٦٧ ، سنن الدار قطني ١ : ٩٧ / ١ - ٣ ، مسند أحمد ٥ : ٢٦٤ و ٢٦٨.

٣٣٥

ولو ستر بعض رأسه بيده ففي التحريم إشكال.

وجوّزه العامّة ؛ لأنّ الستر بما هو متّصل به لا يثبت له حكم الستر(١) .

وسأل سعيدُ الأعرج الصادقَعليه‌السلام عن المحرم يستتر من الشمس بعود أو بيده ، فقال : « لا ، إلّا من علّة »(٢) .

مسألة ٢٥٤ : لو غطّى رأسه ناسياً ، ألقى الغطاء وجوباً ، وجدّد التلبية استحباباً ، ولا شي‌ء عليه.

أمّا وجوب الإِلقاء : فلأنّ استدامة التغطية مع الذكر كابتدائها ؛ لما فيه من الترفّه ، بل هو في الاستدامة أقوى منه في الابتداء ، فإيجاب الفدية فيه أولى.

وأمّا استحباب التلبية : فلأنّ حريز بن عبد الله سأل الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - عن محرم غطّى رأسه ناسياً ، قال : « يُلقي القناع عن رأسه ، ويلبّي ، ولا شي‌ء عليه »(٣) .

وكذا لو غطّاه حال نومه ؛ لما رواه الحلبي - في الصحيح - أنّه سأل الصادقعليه‌السلام : عن المـُحْرم يغطّي رأسه ناسياً أو نائماً ، قال : « يلبّي إذا ذكر(٤) »(٥) .

ولأنّ التغطية تنافي الإِحرام ، لأنّها مُحرَّمة فيه ، فاستحبّ تجديد ما ينعقد به ، وهو التلبية.

مسألة ٢٥٥ : يجوز للمُحْرم تغطية وجهه‌ عند علمائنا أجمع - وبه قال عليعليه‌السلام ، وعمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقّاص‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٣٠٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٧٦.

(٢) الفقيه ٢ : ٢٢٧ / ١٠٦٩.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٠٧ / ١٠٥٠ ، الاستبصار ٢ : ١٨٤ / ٦١٣.

(٤) في النسخ الخطية والحجرية : « ركب » وما أثبتناه من المصدر.

(٥) الفقيه ٢ : ٢٢٧ / ١٠٧٠.

٣٣٦

وابن عباس وابن الزبير وزيد بن ثابت وجابر ومروان بن الحكم والقاسم وطاوس والثوري والشافعي وإسحاق وأحمد في إحدى الروايتين(١) - لما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : ( إحرام الرجل في رأسه ، وإحرام المرأة في وجهها )(٢) والتفصيل قاطع للشركة.

وعن ابن عباس : أنّ مُحْرماً وقصت به ناقته غداة عرفات ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( خمّروا وجهه ولا تخمّروا رأسه ، فإنّه يحشر يوم القيامة ملبّياً )(٣) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه زرارة - في الصحيح - قال : قلت لأبي جعفر الباقرعليه‌السلام : الرجل المـُحْرم يريد أن ينام يغطّي وجهه من الذباب؟ قال : « نعم ولا يخمّر رأسه »(٤) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « المـُحْرمة لا تتنقّب ، لأنّ إحرام المرأة في وجهها ، وإحرام الرجل في رأسه »(٥) .

وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد في الرواية الاُخرى : يحرم عليه تغطية وجهه ، كالمرأة ، لتساويهما في تحريم الطيب ، فكذا التغطية.

ولأنّه قد روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في المـُحْرم الذي وقصت به‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٣١٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٧٩ ، الْأُم ٧ : ٢٤١ ، المجموع ٧ : ٢٦٨ ، بداية المجتهد ١ : ٣٢٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٨٥ ، وليس في المصادر : عليعليه‌السلام .

(٢) سنن الدار قطني ٢ : ٢٩٤ / ٢٦٠ ، المغني ٣ : ٣١٠ - ٣١١ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٠.

(٣) سنن البيهقي ٣ : ٣٩٣.

(٤) التهذيب ٥ : ٣٠٧ / ١٠٥١ ، الاستبصار ٢ : ١٨٤ / ٦١٤.

(٥) الكافي ٤ : ٣٤٥ - ٣٤٦ / ٧ ، الفقيه ٢ : ٢١٩ / ١٠٠٩ ، وفيهما : عن الصادق عن أبيهعليهما‌السلام .

٣٣٧

ناقته : ( ولا تخمّروا وجهه ولا رأسه )(١) (٢) .

ويبطل القياس بلبْس القُفّازين ، والحديث ممنوع ، فإنّ المشهور فيه : ( ولا تخمّروا رأسه )(٣) .

مسألة ٢٥٦ : وإحرام المرأة في وجهها ، فيحرم عليها تغطية وجهها حال إحرامها ، كما يحرم على الرجل تغطية رأسه ، ولا نعلم فيه خلافاً - إلّا ما روي عن أسماء أنّها كانت تغطّي وجهها وهي مُحْرمة(٤) ، ويحتمل أنّها كانت تُغطّيه بالسدل عند الحاجة ، فلا يكون اختلافاً - لما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : ( إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها )(٥) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها»(٦) .

إذا عرفت هذا ، فقد اجتمع في حقّ المـُحْرمة فعلان لا يمكن فعل أحدهما إلاّ بفعل ما ينافي الآخر : ستر الرأس وكشف الوجه ، فالقدر اليسير من الوجه الذي يلي الرأس يجوز لها ستره ، إذ لا يمكن استيعاب الرأس بالستر إلّا بستر ذلك الجزء ، وهذا أولى من تسويغ كشف جزء من الرأس تبعا لكشف‌

____________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٨٦٦ / ٩٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٣٠ / ٣٠٨٤ ، سنن النسائي ٥ : ١٩٦.

(٢) المغني ٣ : ٣١٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٧٩ ، فتح العزيز ٧ : ٤٤٦ ، بداية المجتهد ١ : ٣٢٨ ، المجموع ٧ : ٢٦٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٨٥ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٩٩.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ٩٦ و ٣ : ٢٢ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٦٥ - ٨٦٧ / ٩٣ و ٩٤ و ٩٦ و ٩٩ و ١٠٠ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٩٣ و ٥ : ٧٠ ، سنن الدارمي ٢ : ٥٠ ، سنن النسائي ٥ : ١٩٥ - ١٩٧ ، المغني ٣ : ٣١١ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٠.

(٤) المغني ٣ : ٣١١ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٠.

(٥) سنن الدار قطني ٢ : ٢٩٤ / ٢٦٠ ، المغني ٣ : ٣١٠ - ٣١١ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٠.

(٦) الكافي ٤ : ٣٤٥ - ٣٤٦ / ٧ ، الفقيه ٢ : ٢١٩ / ١٠٠٩.

٣٣٨

جميع الوجه ، لأنّ الستر أحوط من الكشف.

ولأنّ المقصود إظهار شعار الإِحرام بالاحتراز عن التنقّب ، وستر الجزء المذكور لا يقدح فيه ، والرأس عورة كلّه ، فيُستر.

إذا ثبت هذا ، فإنّه يجوز لها أن تسدل ثوباً على وجهها فوق رأسها إلى طرف أنفها متجافياً عنه بخشبة وشبهها ، كما يجوز للرجل الاستظلال نازلاً ، عند علمائنا أجمع - وهو قول عامّة أهل العلم(١) - لما رواه العامّة عن عائشة ، قالت : كان الرُكْبان يمرّون بنا ونحن مُحْرمات مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإذا حاذَوْنا سدلت إحدانا جِلْبابها من رأسها على وجهها ، فإذا جاوزونا كشفناه(٢) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه حريز - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام قال : « المـُحْرمة تسدل الثوب على وجهها إلى الذقن »(٣) .

ولأنّ بالمرأة حاجة إلى ستر وجهها ، فلا يحرم عليها على الإِطلاق ، كالعورة.

ولا فرق بين أن تفعل ذلك لحاجة من دفع حَرٍّ أو بَرْدٍ أو فتنةٍ أو لغير حاجة.

قال الشيخرحمه‌الله : ينبغي أن يكون الثوب متجافياً عن وجهها بحيث لا يصيب البشرة ، فإن أصابها ثم زال أو أزالته بسرعة ، فلا شي‌ء عليها ، وإلّا وجب الدم(٤) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٣١١ - ٣١٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٩ ، فتح العزيز ٧ : ٤٤٩ ، المجموع ٧ : ٢٦٢ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٢٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٨٦ ، بداية المجتهد ١ :٣٢٧.

(٢) سنن أبي داود ٢ : ١٦٧ / ١٨٣٣ ، المغني ٣ : ٣١٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٩.

(٣) الفقيه ٢ : ٢١٩ / ١٠٠٧.

(٤) انظر : المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٢٠.

٣٣٩

ويشكل بأنّ السدل لا يكاد يسلم من إصابة البشرة ، ولو كان شرطاً ، لبيّن ؛ لأنّه موضع الحاجة.

مسألة ٢٥٧ : يحرم على المرأة النقاب حالة الإِحرام ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( ولا تتنقّب المرأة ولا تلبس القُفّازين )(١) .

ولقول الصادقعليه‌السلام : « إحرام المرأة في وجهها »(٢) .

ورواه العامّة أيضاً عن النبيعليه‌السلام (٣) .

وكذا يحرم عليها لُبْس البُرْقع ؛ لاشتماله على ستر الوجه.

ويجوز لها بعد الإِحلال أن تطوف متنقّبةً من غير كراهة له ؛ فإنّ المقتضي للمنع هو الإِحرام.

وكرهه عطاء ثم رجع عنه(٤) . وطافت عائشة متنقّبة(٥) .

مسألة ٢٥٨ : قد بيّنّا أنّه تجب الفدية بستر بعض الرأس كما تجب بستر جميعه.

وضبطه الشافعي بأن يكون المستور قدراً يقصد ستره لغرض من الأغراض ، كشدّ عصابة وإلصاق لصوقٍ لشجّةٍ ونحوها.

ثم قال : لو شدّ خيطاً على رأسه ، لم يضرّ ، ولا تجب الفدية ؛ لأنّ ذلك لا يمنع من تسميته حاسر الرأس(٦) .

وهو ينقض الضابط المذكور ؛ فإنّ شدّ المقدار الذي يحويه شدّ الخيط‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ١٩ ، سنن أبي داود ٢ : ١٦٥ / ١٨٢٥ ، سنن النسائي ٥ : ١٣٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٤٦.

(٢) الكافي ٤ : ٣٤٥ - ٣٤٦ / ٧ ، الفقيه ٢ : ٢١٩ / ١٠٠٩.

(٣) سنن الدار قطني ٢ : ٢٩٤ / ٢٦٠ ، المغني ٣ : ٣١٠ - ٣١١ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٠.

(٤) المغني ٣ : ٣١٢ - ٣١٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣٠.

(٥) المغني ٣ : ٣١٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣٠.

(٦) فتح العزيز ٧ : ٤٣٧ - ٤٣٨ ، المجموع ٧ : ٢٥٣.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531