مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام الجزء ١

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام11%

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 531

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 531 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 50129 / تحميل: 4068
الحجم الحجم الحجم
مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

مطلقاً.

( الثاني ) قوله: « وإني قائد الناس طرّاً إلى الاسلام من عرب وعجم » فيه دلالة واضحة على أنهعليه‌السلام هو السبب في إسلام جميع الناس من عرب وعجم، فهو إذن أفضلهم مطلقاً.

( الثالث ) قوله: « وقاتل كل صنديد رئيس وجبار من الكفار ضخم » فيه دلالة على أفضليته، لأن من عمدة أسباب قوة الدين قتل الكفار والمعاندين، وهوعليه‌السلام قاتلهم باعتراف جميع المخالفين.

( الرابع ) قوله: « وفي القرآن ألزمهم ولائي وأوجب طاعتي فرضاً بعزم » فيه دلالة صريحة على وجوب اتّباعه وأطاعته والانقياد له، فهوعليه‌السلام إمام الأمة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأمرٍ من الله تعالى من القرآن الكريم، لأن من وجبت طاعته فهو الامام كما اعترف بذلك ( الدهلوي ).

( الخامس ) قوله: « فمن منكم يعادلني بسهمي وإسلامي وسابقتي ورحمي؟ » فيه دلالة صريحة على أفضليتهعليه‌السلام .

ثم إن استماع كبار الصحابة لهذه الأشعار - كما في رواية الواحدي - وتقريرهم لما قالهعليه‌السلام من أقوى الشواهد على ما نذهب إليه من دلالة حديث الغدير على الإِمامة، وبذلك تذهب تأويلات أتباع أولئك الأصحاب أدراج الرياح.

ترجمة الميبدي شارح ديوان الامام

والحسين الميبدي من مشاهير علماء أهل السنة، قد أطروه وأثنوا عليه الثناء البالغ في كتبهم، كما لا يخفى على من راجعها. وممن أثنى عليه: غياث الدين المدعو بخواند أمير في تاريخه ( حبيب السير ). كما نقل عن شرحه للديوان: محمود ابن سليمان الكفوي في طبقاته للحنفية المسمى بـ ( كتائب أعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار ).

٣٢١

وفي ( كشف الظنون ): « ديوان علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وقد شرحه حسين بن معين الدين الميبدي اليزدي المتوفى سنة ٨٧٠ بالفارسية ».

* * *

٣٢٢

(٦)

نزول قوله تعالى:

سأل سائل بعذابٍ واقع

٣٢٣

٣٢٤

ونزل قوله تعالى:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) بحق ( الحارث بن نعمان ) الذي قال ما قال بعد ما سمع كلام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في غدير خم.

وهذا دليل قطعي آخر على دلالة حديث الغدير على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام .

ذكر من روى ذلك

وقد روى حديث نزول الآية المباركة في هذا الشأن جماعة كبيرة من أكابر أعلام أهل السنة وهم:

١ - أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري.

٢ - شمس الدين سبط ابن الجوزي.

٣ - إبراهيم بن عبد الله اليمني الوصابي. ؛

٤ - محمّد بن يوسف الزرندي المدني.

٥ - شهاب الدين بن شمس الدين الدولت آبادي.

٦ - نور الدين علي بن عبد الله السمهودي.

٣٢٥

٧ - نور الدين علي بن محمّد بن الصبّاغ.

٨ - عطاء الله بن فضل الله المحدّث الشيرازي.

٩ - شمس الدين عبد الرءوف المنّاوي.

١٠ - شيخ بن عبد الله العيدروس.

١١ - محمود بن محمّد الشيخاني القادري المدني.

١٢ - نور الدين علي بن إبراهيم الحلبي.

١٣ - أحمد بن الفضل باكثير المكي.

١٤ - محمّد محبوب عالم.

١٥ - محمّد صدر عالم.

١٦ - محمّد بن إسماعيل بن صلاح الأمير.

١٧ - أحمد بن عبد القادر العجيلي.

١٨ - السيد مؤمن بن حسن الشبلنجي.

(١)

رواية الثعلبي

قال أبو إسحاق الثعلبي: « سئل سفيان بن عيينة عن قول الله عز وجل:( سَأَلَ سائِلٌ ) فيمن نزلت؟ فقال: لقد سألتني عن مسألة ما سألني عنها أحد قبلك.

حدثني أبي عن جعفر بن محمّد عن آبائه: لمـّا كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بغدير خم، نادى الناس فاجتمعوا، فأخذ بيد علي بن أبي طالب فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فشاع ذلك وطار في البلاد، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري، فأتى رسول الله على ناقة حتى أتى الأبطح، فنزل عن ناقته فأناخها

٣٢٦

وعقلها، ثم أتى النبي وهو في ملأ من أصحابه فقال:

يا محمد! أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلّا الله وأنك رسول الله، فقبلناه منك. وأمرتنا أن نصلّي خمساً، فقبلناه منك، وأمرتنا بالزكاة فقبلناه، وأمرتنا أن نصوم شهر رمضان فقبلناه منك، وأمرتنا بالحج فقبلناه. ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضّلته علينا وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه!! فهذا شيء منك أم من الله عزّ وجلّ؟!

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والذي لا إله إلّا هو إنّ هذا من الله.

فولّى الحارث بن النعمان يريد راحلته وهو يقول: اللهم إنْ كان ما يقوله محمّد حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم.

فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله. وأنزل الله عز وجل:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) »(١) .

ترجمة أبي إسحاق الثعلبي

١ - ياقوت الحموي: بترجمة الواحدي: « وقال أبو الحسن الواحدي في مقدمة البسيط: وأظنني لم آل جهداً في إحكام أصول هذا العلم [ على ] حسب ما يليق بزماننا [ بزمننا ] هذا وتسعه سنو عمري على قلة أعدادها، فقد وفق الله [ تعالى ] وله الحمد حتى اقتبست كلّما احتجت إليه فيه هذا الباب في مظانه وأخذته من معادنه.

أما اللغة فقد درستها على الشيخ أبي الفضل أحمد بن محمّد بن عبد الله بن يوسف العروضيرحمه‌الله حتى عاتبني شيخيرحمه‌الله يوماً وقال: إنك لم تبق ديواناً من الشعر إلّا قضيت حقه، أما آن لك أن تتفرّغ لتفسير كتاب الله

____________________

(١). تفسير الثعلبي - مخطوط.

٣٢٧

العزيز، تقرأه على هذا الرجل الذي يأتيه البعداء من أقاصي البلاد وتتركه أنت على قرب ما بيننا من الجوار - يعني الأستاذ الامام أحمد بن محمّد بن ابراهيم الثعلبي -؟!

فقلت: يا أبت إنما أتدرّج بهذا إلى ذلك الذي تريد، وإذا المرء أحكم الأدب بجدٍ وتعبٍ رمى في غرض التفسير من كثب. ثم لم أغبّ زيارته يوماً من الأيام حتى حال بيننا قدر الحمام

ثم فرغت للاستاذ أبي اسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبيرحمه‌الله ، وكان خير العلماء بل بحرهم، ونجم الفضلاء بل بدرهم، وزين الأئمة بل فخرهم، وأوحد الأئمة بل صدرهم. وله التفسير الملقّب بالكشف والبيان عن تفسير القرآن، الذي رفعت به المطايا في السهل والأوعار، وسارت به الفلك في البحار، وهبّ هبوب الريح في الأقطار، وسار مسير الشمس في كلّ بلدة، وهب هبوب الريح في البر والبحر، وأصفقت عليه كافة الأمة على اختلاف نحلهم، وأقروا بالفضيلة في تصنيفه ما لم يسبق إلى مثله، فمن أدركه وصحبه علم أنه كان منقطع القرين، ومن لم يدركه فلينظر في مصنفاته ليستدل لها أنه كان بحراً لا ينزف وغمراً لا يسبر، وقرأت عليه من مصنفاته أكثر من خمسمائة جزء، منها تفسيره الكبير، وكتابه المعنون بالكامل في علم القرآن وغيرهما »(١) .

ترجمة العروضي مادح الثعلبي

وأبو الفضل العروضي الذي نقل عنه الواحدي مدحه للثعلبي من كبار مشايخ علماء أهل السنة في اللغة والأدب، وقد ترجموا له في معاجم الرجال:

قالجلال الدين السيوطي: « أحمد بن محمّد بن عبد الله بن يوسف بن محمد النهشلي، الأديب، أبو الفضل العروضي الصفار الشافعي. قال عبد الغافر: هو

____________________

(١). معجم الأدباء ١٢ / ٢٦٢.

٣٢٨

شيخ أهل الأدب في عصره، حدّث عن الأصم وأبي منصور الأزهري والطبقة. وتخرّج به جماعة من الأئمة منهم الواحدي. وقال الثعالبي: إمام في الأدب، خنّق التسعين في خدمة الكتب، وأنفق عمره على مطالعة العلوم وتدريس مؤدبي نيسابوري. ولد سنة ٣٣٤ ومات بعد سنة ٤١٦ »(١) .

٢ - ابن خلكان: « أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي. النيسابوري، المفسر المشهور، كان أوحد أهل زمانه في علم التفسير. وصنف التفسير الكبير الذي فاق غيره من التفاسير، وله كتاب العرائس في قصص الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وغير ذلك. ذكره السمعاني وقال: يقال له الثعلبي والثعالبي، وهو لقب له وليس بنسب قاله بعض العلماء.

وقال أبو القاسم القشيري: رأيت رب العزة عز وجل في المنام وهو يخاطبني وأخاطبه، فكان في أثناء ذلك أن قال الرب تعالى اسمه: أقبل الرجل الصالح. فالتفتّ فإذا أحمد الثعلبي مقبل.

وذكره عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي في كتاب سياق تاريخ نيسابور وأثنى عليه وقال: هو صحيح النقل موثوق به، حدّث عن أبي طاهر بن خزيمة، والامام أبي بكر بن مهران المقري، وكان كثير الحديث كثير الشيوخ، توفي سنة ٤٢٧، وقال غيره: توفي في محرم سنة ٤٢٧. وقال غيره: توفي يوم الأربعاء لسبع بقين من المحرم سنة ٤٣٧ رحمه الله تعالى »(٢) .

٣ - الذهبي: « وفيها توفي أبو إسحاق الثعلبي وكان حافظاً واعظاً، رأساً في التفسير والعربية، متين الديانة، توفي في المحرم »(٣) .

٤ - ابن الوردي: « صحيح النقل، روى عن جماعة »(٤) .

____________________

(١). بغية الوعاة ١ / ٣٦٩.

(٢). وفيات الأعيان ١ / ٦١ - ٦٢.

(٣). العبر - حوادث ٤٢٧.

(٤). تتمة المختصر حوادث ٤٢٧.

٣٢٩

٥ - الصفدي: « روى عن جماعة، وكان حافظاً عالماً بارعاً في العربية موثقاً » ثم ذكر منام القشيري وكلام عبد الغافر المذكورين(١) .

٦ - اليافعي: « المفسّر المشهور، وكان حافظاً واعظاً رأساً في التفسير والعربية والدين والديانة، فاق تفسيره الكبير سائر التفاسير »(٢) .

٧ - ابن الشحنة: « كان واحد زمانه في علم التفسير، وله كتاب العرائس في قصص الأنبياء وهو صحيح النقل »(٣) .

٨ - ابن قاضي شهبة: « أخذ عنه أبو الحسن الواحدي، روى عن أبي القاسم القشيري قال الذهبي: وكان حافظاً رأساً في التفسير والعربية متين الديانة »(٤) .

٩ - السيوطي: « كان كبيراً إماماً حافظاً للغة بارعاً في العربية »(٥)

١٠ - وذكره ولي الله الدهلوي - الذي عدّه ولده ( الدهلوي ) آية من آيات الله ومعجزة من المعاجز النبوية، وطالما استند إلى أقواله، ووصفه الفاضل رشيد الدين خان الدهلوي بـ « عمدة المحدثين وقدوة العارفين » ووصفه المولوي حيدر علي الفيض آبادي بـ « خاتم العارفين وقاصم المخالفين، سيد المحدّثين سند المتكلّمين، حجة الله على العالمين » في كلام له في ( إزالة الخفاء ) في بيان كون الخلفاء الراشدين وسائط بين النبي والأمة - ذكر أبا إسحاق الثعلبي من جملة علماء التفسير الذين كانوا وسائط في حفظ الدين المبين، وإيصال الشريعة المطهّرة، إلى الأمة، وإن القرون المتأخرة أخذت علم التفسير منهم.

وذكر أن الثعلبي إمام المفسرين ومقتداهم، كما أن أبا حنيفة إمام الحنفية،

____________________

(١). الوافي بالوفيات ٨ / ٣٣ وفيه السهلي.

(٢). مرآة الجنان حوادث سنة ٤٢٧.

(٣). روض المناظر حوادث ٤٢٧.

(٤). طبقات الشافعية ١ / ٢٠٧.

(٥). بغية الوعاة ١ / ٣٥٦.

٣٣٠

والشافعي إمام الشافعية وأن ما ذكره الثعلبي في تفسيره مأخوذ من السلف الصالح لأهل السنة، وأنه بمنزلة اللوح، وكأنه اللوح المحفوظ من المحو والإثبات والمصون من تطرّق الأغلاط والشبهات إليه، إلى غير ذلك من الأوصاف الحميدة التي ذكرها للثعلبي وتفسيره.

رواية القوم لتفسير الثعلبي

وتفسير الثعلبي من الكتب المعروفة المعتمدة لدى القوم، وهم يروونه بأسانيدهم عن مؤلفه، وينقلون عنه رواياته ويعتمدون اليها، فقد ذكره عز الدين ابن الأثير في الفصل الذي ذكر فيه أسانيد الكتب التي خرّج منها الأحاديث في صدر تلك الكتب حيث قال: « فصل نذكر فيه أسانيد الكتب التي خرجت منها الأحاديث وغيرها، وتركت ذكرها في الكتاب لئلّا يطول الاسناد، ولا أذكر في أثناء الكتاب إلّا اسم المصنف وما بعده فليعلم ذلك:

تفسير القرآن المجيد لأبي إسحاق الثعلبي. أخبرنا به أبو العباس أحمد بن عثمان بن أبي علي بن مهدي الزرزاري الشيخ الصالح رحمه الله تعالى قال: أخبرنا الرئيس مسعود بن الحسن بن القاسم الاصبهاني وأبو عبد الله الحسن بن العباس الرستمي قالا: أخبرنا أحمد بن خلف الشيرازي قال: أنبأنا أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي بجميع كتاب الكشف والبيان في تفسير القرآن، سمعت عليه من أول الكتاب الى آخر سورة النساء. وأما من أول سورة المائدة الى آخر الكتاب فانه حصل لي بعضه سماعاً وبعضه اجازة واختلط السماع بالاجازة، فأنا أقول فيه أخبرنا به إجازة ان لم يكن سماعاً، فاذا قلت أخبرنا أحمد باسناده إلى الثعلبي فهو بهذا الاسناد »(١) .

ثم إنه ذكر أسانيد الكتب الأخرى ومنها الصحاح والمسانيد.

____________________

(١). أسد الغابة ١ / ٨.

٣٣١

وقال أبو محمّد بن محمّد الأمير في ( رسالة أسانيده ): « تفسير الثعلبي وسائر مؤلفاته بسند صاحب المنح من طريق ابن البخاري عن منصور بن عبد المنعم وعبد الله بن عمر الصفار والمؤيد بن محمّد الطريثيثي كلهم عن أبي محمّد العباس بن محمّد بن أبي منصور الطوسي عن أبي سعيد بن محمّد عن أبي اسحاق أحمد بن محمد النيسابوري الثعلبي وهو لقب وليس بنسب توفي سنة ٤٢٧».

اعتماد القوم على تفسير الثعلبي

ولقد كثر نقل علماء القوم عن تفسير الثعلبي وغيره من مؤلفاته واستشهادهم برواياته واعتمادهم عليها، ونحن نذكر موارد من ذلك من باب التمثيل:

قال القرطبي بتفسير قوله تعالى:( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ ) : « ذكر الثعلبي وغيره: أن عائشة رضي الله عنها كانت إذا قرأت هذه الآية تبكي حتى تبلّ خمارها. وذكر أن سودة قيل لها: لم لا تحجّين ولا تعتمرين كما تفعل أخواتك؟ فقالت: قد حججت واعتمرت، وأمرني الله أن أقرّ في بيتي. قال الراوي: فو الله ما خرجت من باب حجرتها حتى أخرجت جنازتها، رضوان الله عليها»(١) .

وفيه بتفسير( وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى ) : « وقال الثعلبي: واسم أم موسى: لوخا بنت هاند بن لاوي بن يعقوب »(٢) .

وقال النووي بترجمة آدمعليه‌السلام : « قال الامام أبو إسحاق الثعلبي في قول الله عزّ وجلّ إخباراً عن إبليس( خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ) قال الحكماء: أخطأ عدو الله في تفضيله النار على الطين، لأن الطين أفضل منه من أوجه »(٣) .

____________________

(١). تفسير القرطبي ١٤ / ١٨٠ - ١٨١.

(٢). المصدر نفسه ١٣ / ٢٥٠.

(٣). تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٩٦.

٣٣٢

وقد نقل عنه النووي في مواضع أخر مع وصفه بـ « الامام ».

وقال كمال الدين الدميري: « وقال محمّد الباقررضي‌الله‌عنه : كان أصحاب الكهف صياقلة، واسم الكهف حيوم، والقصة طويلة في كتب التفاسير والقصص، وقد وقفت على جمل من ذلك في كتب التفاسير والقصص مطوّلاً ومختصراً، فمن ذلك ما ساقه الامام أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن أحمد بن إبراهيم النيسابوري الثعلبي، في كتابه الكشف والبيان في تفسير القرآن »(١) .

وقال نور الدين الحلبي في ( السيرة ): « وفي العرائس: إن فرعون لمـّا أمر بذبح أبناء بني إسرائيل جعلت المرأة، أي بعض النساء كما لا يخفى، إذا ولدت الغلام انطلقت به سرّاً إلى واد أو غار فأخفته ».

وقال الحسين الديار بكري في مقدّمة تاريخه: « هذه مجموعة من سير سيد المرسلين انتخبتها من الكتب المعتمدة تحفةً للاخوان البررة وهي: التفسير الكبير، والكشاف، وحاشيته للجرجاني الشريف، والكشف، والوسيط، ومعالم التنزيل والعرائس للثعلبي، وسحّ السحابة، وأصول الصفار، والبحر العميق وسرّ الأدب، والانسان الكامل، وسمّيتها بالخميس في أحوال النفس النفيس ».

وقال محمّد بن معتمد خان البدخشي: « وأخرج العلّامة أبو إسحاق أحمد ابن محمّد بن إبراهيم الثعلبي المفسّر النيسابوري في تفسيره، عن جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنهما أنه قال: نحن حبل الله الذي قال الله تعالى:( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) (٢) .

وقال أحمد بن باكثير المكي: « وروى الثعلبي في تفسير قوله تعالى:( وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ ) عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: الأعراف موضع عال من الصراط، عليه العباس وحمزة وعلي بن أبي طالب وجعفر

____________________

(١). حياة الحيوان « الكلب ».

(٢). مفتاح النجا - مخطوط.

٣٣٣

ذو الجناحين، يعرفون محبّهم ببياض الوجه ومبغضهم بسواد الوجه »(١) .

(٢)

رواية سبط ابن الجوزي

وقال سبط ابن الجوزي: « اتفق علماء السير أن قصة الغدير بعد رجوع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع، في الثامن عشر من ذي الحجة، جمع الصحابة وكانوا مائة وعشرين ألفاً و قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. الحديث. نصّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ذلك بصريح العبارة دون التلويح والإِشارة. وذكر أبو إسحاق الثعلبي في تفسير بإسناده: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمـّا قال ذلك طار في الأقطار وشاع في البلاد والأمصار، وبلغ ذلك الحارث بن نعمان الفهري »(٢) .

ترجمة السبط والثناء عليه

١ - الذهبي: « وابن الجوزي العلّامة الواعظ المؤرّخ، شمس الدين أبو المظفر، يوسف بن قزعلي التركي ثم البغدادي العوني الهبيري، الحنفي، سبط الشيخ جمال الدين أبي الفرج ابن الجوزي، أسمعه جدّه منه ومن ابن كلبي وجماعة، وقدم دمشق سنة بضع وستمائة فوعظ بها، وحصل له القبول العظيم، للطف شمائله وعذوبة وعظه، وله تفسير في تسعة وعشرين مجلّدا، وشرح الجامع الكبير، وجمع مجلّداً في مناقب أبي حنيفة، ودرّس وأفتى، وكان في شبيبته حنبليّاً.

____________________

(١). وسيلة المآل - مخطوط.

(٢). تذكرة خواص الأمة: ٣٠.

٣٣٤

توفي في الحادي والعشرين من ذي الحجّة، وكان وافر الحرمة عند الملوك »(١) .

٢ - ابن الوردي: « وفيها توفي الشيخ شمس الدين يوسف، سبط جمال الدين ابن الجوزي: واعظ فاضل، له مرآة الزمان تاريخ جامع. قلت: وله تذكرة الخواص من الأمة في ذكر مناقب الأئمة. والله أعلم »(٢) .

(٣)

رواية الوصابي

ورواه إبراهيم بن عبد الله اليمني الوصابي عن « الامام الثعلبي في تفسيره » كذلك.

اعتماد العلماء على كتاب الاكتفاء

وكتاب ( الإِكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء ) لليمني الوصابي من الكتب المشهورة لدى القوم، فقد نقل عنه محمّد محبوب في مواضع من تفسيره ( تفسير شاهي ) منها قوله: « و في الاكتفاء عن علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه قال: وقع بيني وبين العباس مفاخرة، ففخر عليّ العباس بسقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام أنهما له، قال علي فقلت: ألآن أخبرك بمن هو خير من هذا كله!، الذي قرع خراطيمكم بالسيف وقادكم إلى الإِسلام. فعزّ ذلك على العباسرضي‌الله‌عنه ، فأنزل عزّ وجلّ:( أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ ) يعني علياًرضي‌الله‌عنه »(٣) .

____________________

(١). العبر في خبر من غبر حوادث ٦٥٦.

(٢). تتمة المختصر حوادث ٦٥٦.

(٣). تفسير شاهي. بتفسير الآية.

٣٣٥

ومنها: « في الإِكتفاء عن علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه قال: لمـّا أراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يغزو تبوك، دعا جعفر بن أبي طالب، فأمره أن يتخلّف على المدينة فقال: لا أتخلّف بعدك يا رسول الله. فعزم عليَّ لمـّا تخلّفت قبل أن أتكلّم فبكيت، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما يبكيك يا علي؟ قال: يا رسول الله يبكيني خصال غير واحد، تقول قريش غداً ما أسرع ما تخلّف عن ابن عمه وخذله، وتبكيني خصلة أخرى، كنت أريد أن أتعرّض للجهاد في سبيل الله »(١) .

ونقل شهاب الدين أحمد بن عبد القادر العجيلي عن ( أسنى المطالب في فضائل علي بن أبي طالب ) وهو الكتاب الرابع من ( الاكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء )(٢) .

(٤)

رواية الزرندي

وروى محمّد بن يوسف الزرندي حديث نزول الآية المباركة المذكورة في شأن الحارث بن النعمان الفهري، عن الثعلبي واصفاً إياه بـ « الامام » عن سفيان ابن عيينة كما تقدّم(٣) .

ترجمة الزرندي والاعتماد على كتبه

وقال ابن حجر العسقلاني بترجمة الزرندي: « محمّد بن يوسف بن الحسن

____________________

(١). المصدر.

(٢). ذخيرة المآل - مخطوط.

(٣). معارج الوصول - مخطوط - نظم درر السمطين ٩٣.

٣٣٦

ابن محمّد بن محمود بن الحسن، الزرندي المدني الحنفي، شمس الدين، أخو نور الدين علي. قرأت في مشيخة الجنيد البلياني تخريج الحافظ شمس الدين الجزري الدمشقي نزيل شيراز أنه كان عالماً، وأرّخ مولده سنة ٦٩٣ ووفاته بشيراز سنة بضع وخمسين وسبعمائة. وذكر أنه صنف درر السمطين في مناقب السبطين. وبغية المرتاح جمع فيها أربعين حديثاً بأسانيدها وشرحها »(١) .

وفي ( الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ): « حكى شيخ الاسلام العلّامة المحدّث بالحرم الشريف النبوي، جمال الدين محمّد بن يوسف الزرندي، في كتابه المسمى بدرر السمطين في فضل المصطفى والمرتضى والسبطين: أن الامام المعظم والحبر المكرم، أحد الأئمة المتّبعين المقتدى بهم في أمور الدين، محمّد بن إدريس الشافعي المطّلبي -رضي‌الله‌عنه وأرضاه وجعل الجنة منقلبه ومثواه - لما صرّح بمحبّة أهل البيت وأنه من شيعتهم، قيل فيه هذا وهو السيد الجليل، فقال مجيبا عن ذلك بأبيات:

إذا نحن فضّلنا علياً فإننا

روافض بالتفضيل عند ذوي الجهل

إلى آخر الأشعار »(٢) .

ووصفه شهاب الدين أحمد عند النقل عنه بـ: « الامام المحدّث بالحرم الشريف النبوي المحمدي»(٣) .

وقد ذكر الكاتب الجلبي كتابيه ( نظم درر السمطين ) و ( بغية المرتاح ) في ( كشف الظنون)(٤) .

____________________

(١). الدرر الكامنة ٤ / ٢٩٥.

(٢). الفصول المهمة: ٢١.

(٣). توضيح الدلائل - مخطوط.

(٤). كشف الظنون ١ / ٧٤٧ باسم: درر السمطين و ٢٥٠١.

٣٣٧

كما عدَّ الديار بكري كتابه ( الإِعلام ) ضمن مصادر كتابه ( الخميس ).

وقال السمهودي: « وقال الحافظ جمال الدين المذكور: وقال أبو الليث عبد السلام بن صالح الهروي: كنت مع علي بن موسى الرضا - وقد دخل نيسابور وهو على بغله شهباء - فغدا في طلبه العلماء من أهل البلد وقالوا: بحق آبائك الطاهرين حدّثنا بحديث سمعته من أبيك. فقال: حدثني أبي العبد الصالح موسى بن جعفر وقال: حدثني أبي جعفر الصادق ابن محمّد قال: حدثني أبي باقر علم الأنبياء محمّد بن علي قال: حدثني أبي سيّد العابدين علي بن الحسين قال: حدثني أبي سيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي قال: سمعت أبي سيد العرب علي بن أبي طالب يقول: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: الإِيمان معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان.

قال الامام أحمد بن حنبلرحمه‌الله : لو قرأت هذا الاسناد على مجنون لبرئ من حينه.

وروى بعضهم أن المستملي لهذا الحديث أبو زرعة الرازي ومحمّد بن أسلم الطوسي »(١) .

وهكذا نقل عنه في مواضع عديدة واصفاً إياه بـ « الحافظ ».

(٥)

رواية الدولت آبادي

وروى ملك العلماء شهاب الدين بن شمس الدين الدولت آبادي حديث نزول قوله تعالى:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) في واقعة حديث الغدير قوله: « وفي

____________________

(١). جواهر العقدين - مخطوط.

٣٣٨

الزاهدية عند قوله تعالى:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) :في تفسير الثعلبي نزولا: أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال يوماً . من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله. فسمع ذلك واحد من الكفرة من جملة الخوارج، فجاء إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا محمد هذا من عندك أو من عند الله؟ فقال: هذا من عند الله. فخرج الكافر من المسجد وقام على عتبة الباب وقال: إنْ كان ما يقوله حقاً فأنزل عليّ حجراً من السماء قال: فنزل حجر ورضخ رأسه. فنزلت السورة »(١) .

ترجمة الدولت آبادي

وشهاب الدين الدولت آبادي من أعلام علماء أهل السنة، فقد ذكره غلام علي آزاد قائلاً: « مولانا القاضي شهاب الدين بن شمس الدين ابن عمر الزاولي الدولت آبادي نوّر الله ضريحه. ولد بدولت آباد دهلي، وتلمّذ على القاضي عبد المقتدر الدهلوي، ومولانا خواجكي الدهلوي وهو من تلامذة مولانا معين الدين العمراني رحمهم ‌الله تعالى. وفاق أقرانه وسبق إخوانه. وكان القاضي عبد المقتدر يقول في حقه: يأتيني من الطلبة من جلده علم ولحمه علم وعظمه علم.

... وألّف كتباً سارت بها ركبان العرب والعجم، وأذكى سرجاً أهدى من النار الموقدة على العلم.

توفي لخمس بقين من رجب المرجب، سنة تسع وأربعين وثمانمائة، ودفن بجو نفور في الجانب الجنوبي من مسجد السلطان إبراهيم الشرقي »(٢) .

كما ترجم له الشيخ عبد الحق الدهلوي وأثنى عليه الثناء البالغ(٣) .

____________________

(١). هداية السعداء. الجلوة الثانية من الهداية الثامنة.

(٢). سبحة المرجان في آثار هندوستان: ٣٩.

(٣). أخبار الأخيار: ١٧٣.

٣٣٩

وذكر كاشف الظنون أحد كتب شهاب الدين الدولت آبادي وهو ( الارشاد في النحو ) ووصف مؤلفه بـ « الشيخ الفاضل » والكتاب بقوله: « وهو متن لطيف، تعمّق في تهذيبه كل التعمق، وتأنق في ترتيبه حق التأنق ».

وكذا مدح ولي الله الدهلوي مؤلفات الدولت آبادي في كتابه ( المقدمة السنية في الانتصار للفرقة السنية ).

وقد عدّ رشيد الدين الدهلوي ملك العلماء في عداد عظماء العلماء من أهل السنة، الذين ألّفوا كتباً ورسائل في مناقب الأئمة الطاهرين من أهل البيتعليهم‌السلام .

وهذا المقدار يكفي لبيان كون الدولت آبادي من علماء أهل السنة، المعتمدين الموثوقين لديهم.

(٦)

رواية السمهودي

وروى نور الدين لي بن عبد الله السمهودي الشافعي، حديث نزول الآية الشريفة في حق الحارث في الواقعة المذكورة، عن الثعلبي أيضاً، حيث قال:

« وروى الامام الثعلبي في تفسيره: إنّ سفيان بن عيينةرحمه‌الله سئل عن قول الله عز وجل:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) فيمن نزلت؟ فقال للسائل: سألتني عن مسألة ما سألني عنها أحد قبلك، حدثني أبي عن جعفر بن محمّد عن آبائه: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمـّا كان بغدير خم نادى الناس فاجتمعوا، فأخذ بيد عليرضي‌الله‌عنه وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فشاع ذلك وطار في البلاد، فبلغ ذلك الحارث ابن النعمان الفهري، فأتى رسول الله على ناقة، فنزل بالأبطح عن ناقته وأناخها وقال:

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

نصرنا ، والطلب بحقّنا ، فسألت الله أن يحسن لنا الصنع ، وأن يثيبكم على ذلك أعظم الاجر ، وقد شخصت إليكم من مكّة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذى الحجّة يوم التروية ، فاذا قدم عليكم رسولى فاكمشوا أمركم وجدّوا ، فانّى قادم عليكم فى أيّامى هذه إن شاء الله ؛ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وكان مسلم بن عقيل قد كان كتب الى الحسين ، قبل أن يقتل لسبع وعشرين ليلة أمّا بعد ، فانّ الرائد لا يكذب أهله ، إنّ جميع أهل الكوفة معك ، فأقبل حين تقرأ كتابى ، والسلام عليك ، قال : فأقبل الحسين بالصبيان والنسا ، معه لا يلوى على شيء ، وأقبل قيس بن مسهر الصيداوى ، الى الكوفة بكتاب الحسين ، حتّى اذا انتهى الى القادسية أخذه الحصين بن تميم ، فبعث به الى عبيد الله بن زياد.

فقال له عبيد الله : اصعد الى القصر ، فسبّ الكذّاب ابن الكذّاب ؛ فصعد ثمّ قال : أيّها الناس ، إنّ هذا الحسين بن على خير خلق الله ، ابن فاطمة بنت رسول الله ، وأنا رسوله إليكم ، وقد فارقته بالحاجز ، فأجيبوه ، ثمّ لعن عبيد الله بن زياد وأباه ، واستغفر لعلىّ بن أبى طالب ، قال : فأمر به عبيد الله ابن زياد أن يرمى به من فوق القصر ، فرمى به ، فتقطّع فمات(١) .

٤ ـ لقائهعليه‌السلام مع زهير بن القين

٢١ ـ قال المفيد : حدّث جماعة من فزارة وبجيلة قالوا كنّا مع زهير بن القين البجلى حين أقبلنا من مكّة فكنّا نساير الحسينعليه‌السلام ، فلم يكن شيء أبغض إلينا من أن ننازله فى منزل ، فاذا سار الحسينعليه‌السلام ونزل منزلا لم نجد بدّا من أن ننازله ، فنزل

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٩٤.

٤٤١

الحسينعليه‌السلام فى جانب ، فبينا نحن جلوس نتغدّ ، من طعام لنا إذ أقبل رسول الحسينعليه‌السلام حتّى سلّم ثمّ دخل.

فقال يا زهير بن القين إنّ أبا عبد الله الحسينعليه‌السلام بعثنى إليك لتأتيه ، فطرح كلّ انسان منّا ما فى يده ، حتّى كأن على رءوسنا الطّير ، فقالت له امرأته : سبحان الله أيبعث إليك ابن رسول الله ، ثمّ لا تأتيه لو أتيته فسمعت من كلامه ثمّ انصرفت فأتاه زهير بن القين ، فما لبث أن جاء مستبشرا قد أشرق وجهه فأمر بفسطاطه وثقله ورحله ومتاعه فقوّض وحمل الى الحسينعليه‌السلام ثمّ قال لامرأته : أنت طالق الحقى بأهلك ، فانّى لا أحبّ أن يصيبك بسببى إلّا خيرا.

ثمّ قال لاصحابه من أحبّ منكم أن يتّبعنى والّا فهو آخر العهد إنّى سأحدّثكم حديثا ، انّا غزونا البحر ففتح الله علينا وأصبنا غنائم ، فقال لنا سلمان الفارسى رحمة الله عليه : أفرحتم بما فتح الله عليكم ، وأصبتم من الغنائم قلنا نعم ، فقال اذا أدركتم ، سيّد شباب آل محمّد فكونوا أشدّ فرحا بقتالكم معهم ، ممّا أصبتم اليوم من الغنائم ، فأمّا أنا فأستودعكم الله ، قالوا ثمّ والله ما زال فى القوم مع الحسين حتّى قتل(١) .

٢٢ ـ قال ابن طاوس : ثمّ سارعليه‌السلام ، فحدث جماعة من بنى فزارة وبجيلة قالوا كنّا مع زهير بن القين لما أقبلنا من مكّة ، فكنّا نساير الحسينعليه‌السلام حتّى لحقناه ، فكان إذا أراد النزول ، اعتزلناه ، فنزلنا ناحية ، فلمّا كان فى بعض الايّام نزل فى مكان لم نجد بدّا من أن ننازله فيه ، فبينا نحن نتغدّى من طعام لنا ، اذا أقبل رسول الحسين حتّى سلّم ، ثمّ قال يا زهير بن القين انّ أبا عبد الله الحسينعليه‌السلام بعثنى إليك لتأتيه فطرح كلّ انسان منا ما فى يده ، حتّى كأنّما على رءوسنا الطير.

__________________

(١) الارشاد : ٢٠٣.

٤٤٢

فقالت له زوجته وهى دلهم بنت عمرو : سبحان الله أيبعث إليك ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثمّ لا تأتيه ، فلو أتيته فسمعت من كلامه ، فمضى إليه زهير بن القين ، فما لبث أن جاء مستبشرا قد أشرق وجهه فأمر بفسطاطه وثقله ومتاعه ، فحوّل الى الحسينعليه‌السلام ، وقال لامرأتة أنت طالق فانّى لا أحبّ أن يصيبك بسببى الاخير وقد عزمت على صحبة الحسينعليه‌السلام لأفديه بنفسى وأقيه بروحى.

ثمّ أعطاها ما لها وسلمها الى بعض بنى عمّها ليوصلها الى أهلها ، فقامت إليه ، وبكت وودّعته ، وقالت كان الله عونا ومعينا خار الله لك ، أسألك أن تذكرنى فى القيامة عند جدّ الحسينعليه‌السلام فقال لاصحابه : من أحبّ أن يصحبنى وإلّا فهو آخر العهد منّى به(١) .

٢٣ ـ قال الفتّال النيسابوريّ : حدّث جماعة من فزارة وبجيلة ، قالوا : كنّا مع زهير بن القين البجلى ، حين أقبلنا من مكّة وكنّا نساير الحسينعليه‌السلام ، فلم يكن شيء أبغض إلينا من أن ننازله ، فاذا نزل الحسينعليه‌السلام فى جانب ونزلنا فى جانب ، فبينا نحن جلوس نتغدى من طعام لنا ، اذا قبل رسول الحسين حتّى سلم ، ثمّ دخل فقال يا زهير بن القين البجلى ، إنّ أبا عبد الله بعثنى إليك لتأتينّه فطرح كلّ انسان منّا ما فى يده ، حتّى كأنّ على رءوسنا الطير.

فقالت له امرأته سبحان الله أيبعث إليك ابن رسول الله ، ثمّ لم تأته ، لو أتيته فسمعت من كلامه ، ثمّ انصرفت فأتاه زهير بن القين فما لبث أن جاء مستبشرا أشرق وجهه ، فأمر فسطاطه فقوّض ، وحمل الى الحسينعليه‌السلام ، ثمّ قال لامرأته أنت طالق الحقي بأهلك فانّى لا أحبّ أن يصيبك بسببى الّا خير.

ثمّ قال لاصحابه من أحبّ منكم أن يتّبعنى ، والّا فهو آخر العهد ، انّى

__________________

(١) اللهوف : ٣١.

٤٤٣

سأحدّثكم حديثا غزونا البحر(١) .

ففتح الله علينا وأصبنا غنائم ، فقال لنا سلمان الفارسى رضى الله عنه : أفرحتم بما فتح الله عليكم وأصبتم من الغنائم ، فقلنا نعم ، فقال : اذا أدركتم شباب آل محمّد فكونوا أشدّ فرحا بقتالكم ، معهم ، ممّا أصبتم اليوم من الغنائم ، فأمّا أنا فاستودعكم الله قالوا : ثمّ والله ما زال فى القوم مع الحسين حتّى قتل رحمة الله عليه(٢) .

٢٤ ـ قال الدينورى : ثمّ سار حتّى انتهى الى ذرود ، فنظر الى فسطاط مضروب فسأل عنه ، فقيل له : هو لزهير بن القين ، وكان حاجّا أقبل من مكّة يريد الكوفة ، فأرسل إليه الحسين ، أن ألقنى أكلّمك ، فأبى أن يلقاه ، وكانت مع زهير زوجته ، فقالت له : سبحان الله ، يبعث إليك ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلا تجيبه ، فقام يمشى الى الحسينعليه‌السلام .

فلم يلبث أن انصرف ، وقد أشرق وجهه ، فأمر بفسطاطه فقلع ، وضرب الى لزق فسطاط الحسين. ثمّ قال لامرأته : أنت طالق ، فتقدّمى مع أخيك حتّى تصلى الى منزلك ، فانّى قد وطّنت نفسى على الموت مع الحسينعليه‌السلام ، ثمّ قال لمن كان معه من أصحابه: من أحب : منكم الشهادة فليقم ، ومن كرهها فليتقدّم ، فلم يقم معه منهم أحد ، وخرجوا مع المرأة وأخيها حتّى لحقوا بالكوفة(٣) .

٢٥ ـ قال الطبرى : قال أبو مخنف : فحدّثنى السدى ، عن رجل من بنى فزارة ، قال : لما كان زمن الحجّاج بن يوسف كنا فى دار الحارث بن أبى ربيعة التي فى التمارين ، التي أقطعت بعد زهير بن القين ، من بنى عمرو بن يشكر من بجيلة ، وكان

__________________

(١) والظاهر انه بلنجر كما يأتى فى حديث أبى مخنف

(٢) روضة الواعظين : ١٥٣.

(٣) الاخبار الطوال : ٢٤٦.

٤٤٤

أهل الشام لا يدخلونها ، فكنا مختبئين فيها ، قال : فقلت للفزارى : حدّثنى عنكم حين أقبلتم مع الحسين بن على ، قال : كنّا مع زهير بن القين البجلى حين أقبلنا من مكّة نساير الحسين ، فلم يكن شيء أبغض إلينا من أن نسايره فى منزل.

فاذا سار الحسين تخلّف زهير بن القين ، واذا نزل الحسين تقدّم زهير ، حتّى نزلنا يومئذ ، فى منزل لم نجد بدّا من أن ننازله فيه فنزل الحسين فى جانب ، ونزلنا فى جانب ، فبينا نحن جلوس نتغدّى من طعام لنا ، إذ أقبل رسول الحسين حتّى سلم ، ثمّ دخل فقال : يا زهير بن القين ، إنّ أبا عبد الله الحسين بن على بعثنى إليك لتأتيه ، قال : فطرح كلّ إنسان ما فى يده حتّى كأننا على رءوسنا الطير(١) .

٢٦ ـ عنه قال أبو مخنف : فحدّثتنى دلهم بنت عمرو ، امرأة زهير بن القين ، قالت: فقلت له : أيبعث إليك ابن رسول الله ، ثمّ ، لا تأتيه! سبحان الله! لو أتيته فسمعت من كلامه! ثمّ انصرفت ؛ قالت : فأتاه زهير بن القين ، فما لبث أن جاء مستبشرا قد أسفر وجهه ؛ قالت : فأمر بفسطاطه وثقله ومتاعه ، فقدّم ، وحمل الى الحسين ، ثمّ قال لامرأته : أنت طالق ، الحقى بأهلك ، فانّى لا أحبّ أن يصيبك من سببى الّا خير.

ثمّ قال لاصحابه ، من أحبّ منكم أن يتّبعنى والّا فانّه آخر العهد ، إنّى سأحدّثكم حديثا ، غزونا بلنجر ، ففتح الله علينا ، وأصبنا غنائم ، فقال لنا سلمان الباهلى(٢) : أفرحتم بما فتح الله عليكم ، وأصبتم من الغنائم! فقلنا : نعم ، فقال لنا : اذا أدركتم شباب آل محمّد ، فكونوا أشدّ فرحا بقتالكم معهم منكم ، بما أصبتم من الغنائم ، فأمّا أنا فانّى أستودعكم الله ، قال : ثمّ والله ما زال فى أوّل القوم حتّى قتل(٣)

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٩٦.

(٢) هو سلمان الفارسى لا الباهلى وغزوة بلنجر معروف فى الفتوح وكتب السيرة

(٣) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٩٦.

٤٤٥

٥ ـ لقائهعليه‌السلام مع عبد الله بن سليمان

٢٧ ـ قال المفيد : روى عبد الله بن سليمان والمنذر ابن المشمعلّ الاسديان ، قالا لمّا قضينا حجّنا ، لم تكن لنا همّة الّا اللحاق بالحسينعليه‌السلام فى الطريق ، لننظر ما يكون من أمره ، فأقبلنا ترقل بنانا قتانا مسرعين ، حتّى لحقناه بزرود ، فلمّا دنونا منه إذا نحن برجل من أهل الكوفة قد عدل عن الطريق حتّى رأى الحسينعليه‌السلام ، فوقف الحسينعليه‌السلام ، كانّه يريده ، ثمّ تركه ومضى ومضينا نحوه.

فقال أحدنا لصاحبه : اذهب بنا الى هذا لنسأله ، فانّ عنده خبر الكوفة فمضينا حتّى انتهينا ، إليه ، فقلنا السلام عليكم ، فقال وعليكم السلام ، قلنا ممّن الرجل قال أسدىّ قلنا له ونحن أسديان ، فمن أنت ، قال أنا بكر بن فلان وانتسبنا له ، ثمّ قلنا له أخبرنا عن النّاس ورائك ، قال نعم لم أخرج من الكوفة ، حتّى قتل مسلم بن عقيل وهانى بن عروة ورأيتهما يجران بارجلهما فى السوق.

فاقبلنا حتّى لحقنا الحسينعليه‌السلام ، فسايرناه ، حتّى نزل الثعلبيّة ممسيا فجئناه حين نزل ، فسلّمنا عليه فردّ علينا السلام ، فقلنا له رحمك الله ان عندنا خبرا ان شئت حدّثناك علانية وإن شئت سرّا فنظر إلينا والى أصحابه ثمّ قال مادون هؤلاء سرّ ، فقلنا له أرأيت الراكب الّذي استقبلته عشىّ أمس قال : نعم وقد أردت مسألته فقلنا قد والله استبرأنا لك خبره ، وكفيناك مسألته وهو امرؤ منّا ذو رأى وصدق وعقل.

انّه حدّثنا انّه لم يخرج من الكوفة حتّى قتل مسلم وهانى ورآهما يجرّان فى السوق بأرجلهما ، فقال انّا لله وانّا إليه راجعون رحمة الله عليهما يردّد ذلك مرارا ،

٤٤٦

فقلنا لهننشدك الله فى نفسك وأهل بيتك الّا انصرفت من مكانك ، هذا فانّه ليس لك بالكوفة ناصر ، ولا شيعة ، بل نتخوّف أن يكونوا عليك ، فنظر الى بنى عقيل ، فقال ما ترون فقد قتل مسلم ، فقالوا والله لا نرجع حتّى نصيب ثارنا أو نذوق ما ذاق.

فأقبل علينا الحسينعليه‌السلام وقال لا خير فى العيش بعد هؤلاء ، فعلمنا انّه قد عزم رأيه على المسير ، فقلنا له خار الله لك ، فقال : رحمكما الله ، فقال له أصحابه إنّك والله ما أنت مسلم بن عقيل ولو قدمت الكوفة لكان الناس إليك أسرع ، فسكت ثمّ انتظر حتّى اذا كان السحر قال لفتيانه وغلمانه أكثروا من الماء فاسقوا وأكثروا ثمّ ارتحلوا(١) .

٢٨ ـ قال أبو الفرج : فلمّا صار فى بعض الطريق لقيه أعرابيان من بنى أسد ، فسألهما عن الخبر ، فقالا له : يا ابن رسول الله إن قلوب النّاس معك وسيوفهم عليك فارجع ، واخبراه بقتل ابن عقيل وأصحابه فاسترجع الحسينعليه‌السلام ، فقال له بنو عقيل: لا نرجع والله أبدا أو ندرك ثأرنا أو نقتل بأجمعنا ، فقال لمن كان لحق به من الاعراب : من كان منكم يريد الانصراف عنّا فهو فى حلّ من بيعتنا ، فانصرفوا عنه وبقى فى أهل بيته ونفر من أصحابه(٢)

٢٩ ـ قال الدينورى : قالوا : ولمّا رحل الحسين من زرود ، تلقّاه رجل من بنى أسد ، فسأله عن الخبر ، فقال : لم أخرج من الكوفة حتّى قتل مسلم بن عقيل ، وهانى ابن عروة ، ورأيت الصبيان يجرّون بأرجلهما ، فقال : انّا لله وانّا إليه راجعون ، عند الله نحتسب أنفسنا ، فقال له : أنشدك الله يا ابن رسول الله فى نفسك ، وأنفس أهل بيتك ، هؤلاء الذين نراهم معك ، انصرف الى موضعك ، ودع المسير الى الكوفة

__________________

(١) الارشاد : ٢٠٤.

(٢) مقاتل الطالبيين : ٧٣.

٤٤٧

فو الله ما لك بها ناصر.

فقال بنو عقيل ـ وكانوا معه ـ : مالنا فى العيش بعد أخينا مسلم حاجة ، ولسنا مراجعين حتّى نموت. فقال الحسين : «فما خير فى العيش بعد هؤلاء» وسار(١) .

٣٠ ـ قال الطبرى : قال أبو مخنف : حدّثنى أبو جناب الكلبى ، عن عدى بن حرملة الاسدى ، عن عبد الله بن سليم ، والمذرى بن المشمعل الاسديين ، قالا : لما قضينا حجّنا لم يكن لنا همّة الّا اللّحاق بالحسين فى الطريق ، لننظر ما يكون من أمره وشأنه ، فأقبلناه ترقل بنا ناقتانا مسرعين حتّى لحقناه بزرود ، فلمّا دنونا منه اذا نحن برجل من أهل الكوفة قد عدل عن الطريق حين رأى الحسين ، قالا : فوقف الحسين كأنّه يريده ، ثمّ تركه ، ومضى ومضينا نحوه.

فقال أحدنا لصاحبه ، اذهب بنا الى هذا ، فلنسأله ، فان كان عنده خبر الكوفة علّمناه ، فمضينا حتّى انتهينا إليه ، فقلنا : السلام عليك ، قال : وعليكم السلام ورحمة الله ، ثمّ قلنا : فمن الرجل؟ قال : أسدىّ : قلنا : فنحن أسديان ، فمن أنت؟ قال : أنا بكير بن المثعبة ، فانتسبنا له ، ثمّ قلنا : أخبرنا عن الناس وراءك ؛ قال : نعم ، لم أخرج من الكوفة حتّى قتل مسلم بن عقيل وهانى بن عروة ، فرأيتهما يجرّان بأرجلهما فى السوق.

قالا : فأقبلنا حتّى لحقنا بالحسين ، فسايرناه حتّى نزل الثعلبيّة ممسيا ، فجئناه حين نزل ، فسلّمناه عليه فردّ علينا ، فقلنا له : يرحمك الله ، إنّ عندنا خبرا فان شئت حدّثنا علانية ، وان شئت سرّا ، قال : فنظر الى أصحابه وقال : مادون هؤلاء سرّ ، فقلنا له : أرأيت الراكب الذي استقبلك عشاء أمس؟ قال : نعم ، وقد أردت مسألته ، فقلنا : قد استبرأنا لك خبره ، وكفيناك مسألته ، وهو امرؤ من أسد منّا ، ذو رأى و

__________________

(١) الاخبار الطوال : ٢٤٧.

٤٤٨

صدق ، وفضل وعقل.

إنّه حدّثنا أنّه لم يخرج من الكوفة حتى قتل مسلم بن عقيل وهانى بن عروة ، وحتّى رآهما يجرّان فى السوق بأرجلهما ، فقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون رحمة الله عليهما ، فردّد ذلك مرارا ، فقلنا : ننشدك الله فى نفسك ، وأهل بيتك الا انصرفت ، من مكانك هذا ، فإنّه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة ، بل نتخوّف أن تكون عليك! قال : فوثب عند ذلك بنو عقيل بن أبى طالب(١) .

٣١ ـ عنه : قال أبو مخنف : حدّثنى عمر بن خالد ، عن زيد بن علىّ بن حسين ، وعن داود بن علىّ بن عبد الله بن عباس ، إنّ بنى عقيل ، قالوا : لا والله لا نبرح حتّى تدرك ثارنا ، أو نذوق ما ذاق أخونا(٢) .

٦ ـ لقائه مع يحيى بن شداد

٣٢ ـ الحافظ ابن عساكر : أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد ، أنبأنا محمد بن هبة الله ، قالا : أنبأنا محمّد بن الحسين ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، أنبأنا يعقوب ، أنبأنا أبو بكر يعنى الحميرى ، أنبأنا سفيان ، أنبأنا شهاب بن حراش ، عن رجل من قومه ، قال : كنت فى الجيش الذي بعثهم عبيد الله بن زياد الى الحسين بن على ، وكانوا أربعة آلاف ، يريدون الديلم ، فصرفهم عبيد الله بن زياد إلى حسين بن على ، فلقيت حسينا فرأيته أسود الرأس واللحية.

فقلت له : السلام عليك يا أبا عبد الله ، فقال : وعليك السلام ـ وكانت فيه

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٩٧.

(٢) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٩٧.

٤٤٩

غنّة ـ فقال : لقد بانت منكم فينا سلة منذ الليلة ـ يعنى سرق. قال شهاب : فحدثت به زيد بن علىّ فأعجبه وكانت فيه غنّة. قال سفيان : وهى فى الحسينيّين.

٣٣ ـ عنه أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقى ، أنبأنا الحسن بن علىّ ، أنبأنا محمّد ابن العبّاس ، أنبأنا أحمد بن معروف ، أنبأنا الحسين بن الفهم ، أنبأنا محمّد بن سعد ، أنبأنا علىّ بن محمّد عن حباب بن موسى ، عن الكلبى ، عن يحيى بن شدّاد الأسدي قال مرّ بنا الحسين بالثعلبيّة ، فخرجت إليه مع أخى فاذا عليه جبّة صفراء لها جيب فى صدرها ، فقال له أخى : إنّى أخاف عليك من قلّة أنصارك فضرب بالسوط على عيبة قد حقبها خلفه ، وقال : هذه كتب وجوه أهل المصر(١) .

٧ ـ الحسينعليه‌السلام يخبر عن شهادته

٣٤ ـ الحافظ ابن عساكر : قال ابن سعد : أنبأنا موسى بن اسماعيل ، أنبأنا جعفر ابن سليمان ، عن يزيد الرشك ، قال : حدّثنى من شافه الحسين ، قال : رأيت ابنية مضروبة بفلاة من الارض فقلت : لمن هذه؟ قالوا : هذه لحسين ، قال : فأتيته فاذا شيخ يقرأ القرآن ، قال : والدموع تسيل على خدّيه ولحيته! قال : فقلت : بأبى أنت وأمى يا ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أنزلك هذه البلاد والفلاة الّتي ليس بها أحد؟ فقال : هذه كتب أهل الكوفة ، إلىّ ولا أراهم الّا قاتلى ، فاذا فعلوا ذلك لم يدعو الله حرمة الّا انتهكوها ، فيسلّط الله عليهم من يذلّهم ، حتّى يكونوا أذلّ من فرم الامة يعنى مقنعتها(٢)

__________________

(١) ترجمة الامام الحسين : ٢٠٩.

(٢) ترجمة الامام الحسين : ٢١١.

٤٥٠

٣٥ ـ عنه قال ابن سعد : أنبأنا علىّ بن محمّد ، عن الحسن بن دينار ، عن معاوية ابن قرّة قال : قال الحسين : والله ليعتدنّ علىّ كما اعتدت بنو اسرائيل فى السبت(١) .

٣٦ ـ عنه قال : وأنبأنا علىّ بن محمّد ، عن جعفر بن سليمان الضبعى ، قال : قال الحسينعليه‌السلام : والله لا يدعونى حتّى يستخرجوا هذه العلقة من جوفى! فاذا فعلوا ذلك سلّط الله عليهم من يذلّهم حتّى يكونوا أذلّ من فرم الامة(٢) .

٨ ـ اخبارهعليه‌السلام عن شهادة مسلم

٣٧ ـ قال المفيد : فسار حتّى انتهى الى زبالة ، فاتاه خبر عبد الله ابن يقطر ، فاخرج إلى الناس كتابا فقرأه عليهم.

بسم الله الرحمن الرحيم أمّا بعد ، فانّه قد أتانا خبر فظيع قتل مسلم بن عقيل ، وهانى بن عروة وعبد الله بن يقطر ، وقد خذلنا شيعتنا فمن أحبّ منكم الانصراف ، فلينصرف فى غير حرج ليس معه زمام.

فتفرّق الناس عنه وأخذوا يمينا وشمالا حتّى بقى فى أصحابه الّذين جاءوا معه من المدينة ، ونفر يسير ممّن انضمّوا إليه ، وإنمّا فعل ذلك ، لأنّهعليه‌السلام علم انّ الاعراب الذين اتّبعوه ، إنمّا اتّبعوه وهم يظنّون أنّه يأتى بلدا قد استقامت له طاعة أهله ، فكره أن يسيروا معه الّا وهم يعلمون على ما يقدمون ، فلمّا كان السحر أمر أصحابه فاستقوا ماء واكثروا(٣)

__________________

(١) ترجمة الامام الحسين : ٢١١.

(٢) ترجمة الامام الحسين : ٢١١.

(٣) الارشاد : ٢٠٥.

٤٥١

٣٨ ـ قال الطبرسى : لمّا بلغ الثعلبيّة ونزل ، أتاه خبر قتل مسلم بن عقيل ، وهانى بن عروة ، فقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون رحمة الله عليهما ، يردّد ذلك مرارا وقيل له : ننشدك الله يا ابن رسول الله انصرف من مكانك هذا ، فانّه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة ، بل نتخوّف أن يكونوا عليك ، فنظر الى بنى عقيل فقال : ما ترون؟ فقالوا : لا والله لا نرجع حتّى نصيب ثارنا أو نذوق ما ذاق ، فقال الحسين : لا خير فى العيش بعد هؤلاء.

ثمّ أخرج الى الناس كتابا فيه : أمّا بعد فقد أتانا خبر فظيع قتل مسلم بن عقيل ، وهانى بن عروة وعبد الله بن يقطر ، وقد خذلنا شيعتنا فمن أحبّ منكم الانصراف فلينصرف فى غير حرج ، فليس عليه زمام ، فتفرّق الناس عنه وأخذوا يمينا وشمالا ، حتّى بقى فى أصحابه الّذين جاءوا معه ونفر يسير ممّن انضمّوا إليه ، وإنّما فعل ذلك لانّه علم أنّ الأعراب الّذين اتّبعوه يظنّون ، أنّه يأتى بلدا قد استقام عليه ، فكره أن يسيروا معه إلّا وهم يعلمون على ما يقدمون(١) .

٣٩ ـ قال الفتال : وقع الخبر عند الحسين ، بقتل مسلم بن عقيل وهانى ، فقال : انّا لله وانّا إليه راجعون ، رحمة الله عليهما يردّد ذلك مرارا ، فقيل له ننشدك الله فى نفسك وأهل بيتك ؛ إلّا انصرفت من مكانك هذا ، فانّه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة ، بل نتخوّف ، أن يكونوا عليك فنظر الى بنى عقيل ، وقال : ما ترون فقد قتل مسلم بن عقيل ، قالوا والله لا نرجع حتّى نصيب ثارنا أو نذوق ما ذاق فاقبل الحسينعليه‌السلام وقال لا خير فى العيش بعد هؤلاء.

فاذا كان السّحر ، فقال لفتيانه وغلمانه أكثروا من الماء ، فاستقوا وأكثروا ، ثمّ ارتحلوا ، فساروا حتّى انتهى الى زبالة ، فاتاه خبر عبد الله بن يقطر ، فاخرج الى

__________________

(١) اعلام الورى : ٢٢٨.

٤٥٢

الناس كتابا فقرأه عليهم.

بسم الله الرحمن الرحيم أمّا بعد فقد أتانا خبر فظيع قتل مسلم بن عقيل وهانى بن عروة وعبد الله بن يقطر ، وخذلتنا شيعتنا فمن أحبّ منكم الانصراف فلينصرف من غير حرج ليس عليكم ، ذمام فتفرّق النّاس عنه وأخذوا يمينا وشمالا حتّى بقى أصحابه الّذين جاءوا معه من المدينة ونفر يسير ممّن انضمّوا إليه ، وإنمّا فعل ذلكعليه‌السلام ، لأنّه علم أنّ الاعراب الّذين اتّبعوه وهم يظنّون انّه يأتى بلدا قد استقامت له طاعة أهله ، فكره أن يسيروا معه الّا وهم يعلمون على ما يقدمون(١) .

٤٠ ـ قال ابن طاوس : ثمّ سار الحسينعليه‌السلام حتّى بلغ زبالة ، فأتاه فيها خبر مسلم بن عقيل ، فعرف بذلك جماعة ممّن تبعه فتفرّق عنه أهل الأطماع والارتياب ، وبقى معه أهله وخيار الأصحاب.

قال الراوى : وارتجّ الموضع بالبكاء والعويل ، لقتل مسلم بن عقيل ، وسالت الدموع كلّ مسيل ، ثمّ انّ الحسينعليه‌السلام سار قاصدا لما دعاه الله إليه فلقيه الفرزدق الشاعر فسلم عليه وقال :

يا ابن رسول الله كيف تركن إلى أهل الكوفة ، وهم الّذين قتلوا ابن عمّك مسلم بن عقيل ، وشيعته ، قال فاستعبر الحسينعليه‌السلام باكيا ثمّ قال رحم الله مسلما فلقد صار الى روح الله وريحانه وجنّته ورضوانه ، أمّا انّه قد قضى ما عليه وبقى ما علينا ثمّ أنشأ يقول :

فان تكن الدنيا تعدّ نفيسة

فانّ ثواب الله أعلى وأنبل

وإن تكن الأبدان للموت أنشئت

فقتل امرئ بالسيف فى الله أفضل

وان تكن الازراق قسما مقدّرا

فقلّة حرص المرء فى السعى أجمل

__________________

(١) روضة الواعظين : ١٥٣.

٤٥٣

وان تكن الاموال للترك جمعها

فما بال متروك به المرء يبخل(١) .

٤١ ـ قال الدينورى : قالوا : لما رحل الحسين من زرود ، تلقاه رجل من بنى أسد ، فسأله عن الخبر ، فقال : لم أخرج من الكوفة حى قتل مسلم بن عقيل ، وهانى ابن عروة ، ورأيت الصبيان يجرّون بأرجلهما ، فقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، عند الله نحتسب أنفسنا ، فقال له : أنشدك الله يا ابن رسول الله فى نفسك ، وأنفس أهل بيتك ، هؤلاء ، الذين نراهم معك ، انصرف الى موضعك ، ودع المسير الى الكوفة ، فو الله مالك بها ناصر ، فقال بنو عقيل ـ وكانوا معه ـ مالنا فى العيش بعد أخينا مسلم حاجة ، ولسنا براجعين حتّى نموت. فقال الحسين : فما خير فى العيش بعد هؤلاء وسار(٢) .

٤٢ ـ قال الطبرى : قال أبو مخنف : عن أبى جناب الكلبى ، عن عديّ بن حرملة ، عن عبد الله بن سليم والمذرى بن المشمعل الاسديين ، قالا فنظر إلينا الحسين فقال : لا خير فى العيش بعد هؤلاء ؛ فعلمنا أنّه قد عزم له رأيه على المسير ؛ قالا : فقلنا : خار الله لك! قالا : فقال : رحمكما الله! قالا : فقال له بعض أصحابه : إنّك والله ما أنت مثل مسلم بن عقيل ، ولو قدمت الكوفة لكان الناس إليك أسرع ، قال الاسديان : ثمّ انتظر حتّى اذا كان السحر قال لفتيانه وغلمانه ، أكثروا من الماء فاستقوا وأكثروا ، ارتحلوا وساروا حتّى انتهوا الى زبالة(٣)

__________________

(١) اللهوف : ٣٢.

(٢) الاخبار الطوال : ٢٤٧.

(٣) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٩٨.

٤٥٤

٩ ـ اخبارهعليه‌السلام عن شهادة عبد الله بن يقطر

٤٣ ـ قال الطبرى : قال أبو مخنف : حدّثنى أبو على الانصارى ، عن بكر بن مصعب المزنى ، قال : كان الحسين لا يمرّ بأهل ما ، الا اتّبعوه حتّى اذا انتهى الى زبالة سقط إليه مقتل أخيه من الرّضاعة عبد الله بن يقطر ، وكان سرّحه الى مسلم ابن عقيل من الطريق ، وهو لا يدرى أنّه قد أصيب ، فتلقّاه خيل الحصين بن تميم بالقادسيّة ، فسرّح به الى عبيد الله بن زياد ، فقال اصعد فوق القصر ، فالعن الكذّاب ابن الكذّاب ، ثمّ انزل حتّى أرى فيك رأيى!

قال : فصعد ، فلمّا أشرف على الناس ، قال : أيّها النّاس ، انّى رسول الحسين بن فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لتنصروه وتوازروه على ابن مرجانة ، ابن سميّة الدعى. فأمر به عبيد الله فألقى من فوق القصر الى الأرض ، فكسرت عظامة ، وبقى به رمق ، فأتاه رجل يقال له : عبد الملك بن عمير اللخمى فذبحه ، فلمّا عيب ذلك عليه قال : إنما اردت أن أريحه(١) .

٤٤ ـ عنه قال هشام : حدّثنا أبو بكر بن عياش ، عمّن أخبره قال : والله ما هو عبد الملك بن عمير الذي قام إليه فذبحه ، ولكنّه قام إليه رجل جعد طوال ، يشبه عبد الملك بن عمير ، قال : فأتى ذلك الخبر حسينا وهو بزبالة ، فاخرج للناس كتابا فقرأ عليهم:

بسم الله الرحمن الرحيم : أمّا بعد فانّه قد أتانا خبر فظيع ، قتل مسلم بن عقيل

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٩٨.

٤٥٥

وهانى بن عروة وعبد الله بن يقطر ، وقد خذلنا شيعتنا ، فمن أحبّ منكم الانصراف فلينصرف ، ليس عليه من ذمام.

قال : فتفرق الناس عنه تفرّقا ، فاخذوا يمينا وشمالا ، حتّى بقى فى أصحابه الّذين جاءوا معه من المدينة ، وإنمّا فعل ذلك لأنّه ظنّ إنمّا اتبعه الاعراب لأنّهم ظنّوا أنّه يأتى بلدا قد استقامت له طاعه أهله فكره أن يسيروا معه الّا وهم يعلمون على ما يقدمون ، وقد علم انّهم اذا بيّن لهم لم يصحبه إلّا من يريد مواساته والموت معه ، قال : فلمّا كان من السحر أمر فتياه فاسقوا الماء وأكثروا ، ثمّ صار حتّى مرّ ببطن العقبة فنزل بها(١) .

١٠ ـ لقائهعليه‌السلام مع عمرو بن لوذان

٤٥ ـ قال المفيد : ثمّ سار حتّى مرّ ببطن العقبة ، فنزل عليها ، فلقيه شيخ من بنى عكرمة يقال له عمرو بن لوذان ، فسئله أين تريد ، فقال له الحسينعليه‌السلام الكوفة فقال الشيخ : انشدك لما انصرفت ، فو الله ما تقدم الّا على الأسنة وحدّ السيوف ، وانّ هؤلاء الذين بعثوا إليك لو كانوا كفوك مئونة القتال ، ووطئوا لك الاشياء فقدمت عليهم كان ذلك رأيا.

فامّا على هذه الحال الّتي تذكر ، فانّى لا أرى لك أن تفعل ، فقال له يا عبد الله ليس يخفى علىّ الرّأى ، وإنّ الله تعالى لا يغلب على أمره ، ثمّ قالعليه‌السلام والله لا يدعونى حتّى يستخرجوا هذه العلقة من جوفى ، فاذا فعلوا سلّط الله عليهم من يذلّهم حتّى يكونوا أذلّ فرق الامم(٢)

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٩٨.

(٢) الارشاد : ٢٠٥ واعلام الورى : ٢٢٩.

٤٥٦

٤٦ ـ قال الطبرى : قال أبو مخنف : فحدّثنى لوذان أحد بنى عكرمة ، أنّ أحد عمومته سأل الحسينعليه‌السلام أين تريد؟ فحدّثه ، فقال له : إنّى أنشدك الله لمّا انصرفت فو الله لا تقدّم الا على الاسنّة وحدّ السيوف ، فانّ هؤلاء الذين بعثوا إليك لو كانوا كفوك مئونة القتال ، ووطّئوا لك الأشياء ، فقدمت عليهم ، كان ذلك رأيا ، فأمّا على هذه الحال التي تذكرها فانّى لا أرى لك أن تفعل. قال : فقال له : يا عبد الله ، إنّه ليس يخفى علىّ الرأى ما رأيت ، ولكنّ الله لا يغلب على أمره ؛ ثمّ ارتحل منها(١)

١١ ـ لقائهعليه‌السلام مع رسول ابن الاشعث

٤٧ ـ قال الدينورى : فلمّا وافى زبالة وافاه بها رسول محمّد بن الاشعث ، وعمر بن سعد بما كان سأله مسلم أن يكتب به إليه من أمره ، وخذلان أهل الكوفة إيّاه ، بعد أن بايعوه ، وقد كان مسلم سأل محمّد بن الاشعث ذلك ، فلمّا قرأ الكتاب استيقن بصحة الخبر ، وأفظعه قتل مسلم بن عقيل ، وهانى ابن عروة.

ثمّ أخبره الرسول بقتل قيس بن مسهر رسوله الّذي وجّهه من بطن الرمّة ، وقد كان صحبه قوم من منازل الطريق ، فلمّا سمعوا خبر مسلم ، وقد كانوا ظنّوا أنّه يقدم على أنصار ، وعضد تفرّقوا عنه ، ولم يبق معه الّا خاصّته(٢)

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٩٩.

(٢) الاخبار الطوال ٢٤٧.

٤٥٧

١٢ ـ لقائهعليه‌السلام مع رجل من

بنى عكرمة

٤٨ ـ قال الدينورى : فسار حتّى انتهى الى بطن العقيق ، فلقيه رجل من بنى عكرمة ، فسلّم عليه ، وأخبره بتوطيد ابن زياد الخيل ما بين القادسية الى العذيب رصدا له ، ثمّ قال له : انصرف بنفسى أنت ، فو الله ما تسير الّا إلى الأسنّة والسيوف ، ولا تتكلنّ على الذين كتبوا لك ، فانّ أولئك أول الناس مبادرة الى حربك ، فقال له الحسين : قد ناصحت وبالغت ، فجزيت خيرا ، ثمّ سلّم عليه ، ومضى حتّى نزل بشراة وبات بها ، ثمّ ارتحل وسار(١) .

١٣ ـ كلامهعليه‌السلام مع بحير الاسدى

٤٩ ـ الحافظ ابن عساكر : أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندى ، أنبأنا أبو بكر بن الطبرى ، أنبأنا أبو الحسين ابن الفضل ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، أنبأنا يعقوب ، أنبأنا أبو بكر الحميدى ، حدّثنى سفيان ، حدّثنى رجل من بنى أسد ، يقال له : بحير ـ بعد الخمسين والمائة ـ وكان من أهل الثعلبيّة ولم يكن فى الطريق رجل أكبر منه ، فقلت له : مثل من كنت حين مرّ بكم حسين بن على؟ قال : غلام أيفعت قال : فقام إليه أخ لى كان أكبر منى يقال له زهير.

__________________

(١) الاخبار الطوال ٢٤٨

٤٥٨

قال : أى ابن بنت رسول الله : انّى أراك فى قلّة من الناس ، فأشار الحسينعليه‌السلام بسوط فى يده هكذا فضرب حقيبة ، وراءه فقال ها إن هذه مملوءة كتبا. فكأنّه شد من منة أخى(١) ، قال سفيان : فقلت له : ابن كم أنت؟ قال : ابن ستّ عشرة ومائة ، قال سفيان ، وكنا استودعناه طعاما لنا ومتاعا ، فلمّا رجعنا طلبناه منه ، فقال : ان كان طعاما فلعلّ الحىّ قد أكلوه. فقلنا انّا لله ذهب طعامنا! فاذا هو يمزح معى فاخرج إلينا طعامنا ومتاعنا(٢) .

٥٠ ـ عنه أخبرنا عاليا أبو يعقوب الهمدانيّ ، أنبأنا أبو الحسين ابن المهتدى بالله وأخبرناه أبو غالب ابن البناء ، أنبأنا أبو الغنائم ابن المأمون ، قالا : أنبأنا أبو القاسم ابن حبابة ، أنبأنا أبو القاسم البغوى ، أنبأنا يحيى بن الربيع ، أنبأنا سفيان قال : حدّثنى أعرابى ، يقال له بحير من أهل الثعلبية قال : قلت له : ابن كم أنت؟ قال : ابن ستّ عشرة ومائة سنة. قلت له : ابن كم كنت حين مرّ.

قال أبو غالب : حين قتل الحسين بن على؟ قال : غلام قد أيفعت ، قال وكان فى قلّة من النّاس ، وكان أخى أسنّ منّى فقال له أخى : يا ابن بنت رسول الله أراك فى قلّة من الناس ، فقال بالسوط وأشار به الى حقيبة الرحل : هذه خلفى مملوءة كتبا(٣)

١٤ ـ صوت الهاتف وعلى بن الحسين الاكبر

٥١ ـ قال ابن شهرآشوب : فلمّا نزل الحسينعليه‌السلام بالخزيميّة ، قالت زينب يا

__________________

(١) كذا فى الاصل.

(٢) ترجمة الامام الحسين : ٢٠٩.

(٣) ترجمة الامام الحسين : ٢٠٩.

٤٥٩

أخى سمعت فى ليلتى هاتفا يهتف :

ألا يا عين فاحتفلى بجهدي

ومن يبكى على الشهداء بعدى

إلى قوم تسوقهم المنايا

بمقدار إلى انجاز وعد

فلمّا وصل إلى الثعلبيّة جعل يقول : باتوا نياما والمنايا تسرى فقال علىّ بن الحسين الاكبر : ألسنا على الحقّ قال بلى قال : إذا والله ما نبالى(١) .

٥٢ ـ قال ابن طاوس : قال الراوى : ثمّ سار حتّى نزل الثعلبية وقت الظهيرة ، فوضع رأسه فرقد ، ثمّ استيقظ فقال : قد رأيت هاتفا يقول : أنتم تسرعون ، والمنايا تسرع بكم ، إلى الجنّة ، فقال له : ابنه علىّ يا أبه فلسنا على الحقّ ، فقال بلى يا بنىّ ، والله الّذي إليه مرجع العباد فقال يا أبه إذن لا نبالى بالموت ، فقال الحسينعليه‌السلام جزاك الله يا بنىّ خير ما جزا ولدا عن والده(٢) .

٥٣ ـ قال أبو الفرج : قال أبو مخنف : فحدّثنى عبد الرحمن بن جندب ، عن عتبة بن سمعان الكلبى ، قال : لمّا ارتحلنا من قصر ابن مقاتل ، وسرنا ساعة خفق رأس الحسين خفقه ، ثمّ انتبه فأقبل يقول : «إنّا لله وإنّا إليه راجعون» و «الحمد لله ربّ العالمين» مرّتين ، فأقبل إليه علىّ بن الحسين وهو على فرس فقال له : يا أبت جعلت فداك ممّ استرجعت؟ وعلام حمدت الله؟

قال الحسين : يا بنىّ إنّه عرض لى فارس على فرس ، فقال : القوم يسيرون والمنايا تسرى إليهم ، فعلمت أنها أنفسنا نعيت إلينا ، فقال : يا أبتاه لا أراك الله سوء أبدا ألسنا على الحقّ؟ قال : بلى والّذي يرجع إليه العباد ، فقال : يا أبت فاذا لا نبالى قال : جزاك الله خير ما جزى ولد عن والده(٣)

__________________

(١) المناقب : ٢ / ٢١٣.

(٢) اللهوف : ٣٠.

(٣) مقاتل الطالبيين : ٧٤.

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531