مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام الجزء ٢

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام0%

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 571

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام

مؤلف: الشيخ عزيز الله العطاردي
تصنيف:

الصفحات: 571
المشاهدات: 61933
تحميل: 2118


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 571 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 61933 / تحميل: 2118
الحجم الحجم الحجم
مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام الجزء 2

مؤلف:
العربية

فإذا نزلوا تنحّى عنهم وتفرّق هو وأصحابه حولهم كهيئة الحرس لهم ، وينزل منهم بحيث إذا أراد إنسان منهم وضوءا أو قضاء حاجة لم يحتشم ، فلم يزل ينازلهم فى الطريق هكذا ، ويسألهم عن حوائجهم ، ويلطفهم حتى دخلوا المدينة ، وقال الحارث بن كعب : فقالت لى فاطمة بنت علىّ : قلت لأختى زينب(١) : يا أخيّة ، لقد أحسن هذا الرجل الشامىّ إلينا فى صحبتنا ، فهل لك أن تصله؟

فقالت : والله ما معنا شيء نصله به إلّا حلينا ، قالت لها : فنعطيه حلينا ، قالت : فأخذت سوارى ودملجى وأخذت أختى سوارها ودملجها ، فبعثنا بذلك إليه ، واعتذرنا إليه ، وقلنا له : هذا جزاؤك بصحبتك إيّانا بالحسن من الفعل ، قال : فقال : لو كان الذي صنعت إنما هو للدنيا كان فى حليّكن ما يرضينى ودونه ، ولكن والله ما فعلته إلا لله ، ولقرابتكم من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) .

٣٦ ـ عنه قال هشام : وأما عوانة بن الحكم الكلبىّ فإنه قال : لما قتل الحسين وجئ بالأثقال والأسارى ، حتى وردوا بهم الكوفة إلى عبيد الله ، فبينا القوم محتبسون إذا وقع حجر فى السجن ، معه كتاب مربوط ، وفى الكتاب خرج البريد بأمركم فى يوم كذا وكذا إلى يزيد بن معاوية ، وهو سائر كذا وكذا يوما ، وراجع فى كذا ، فإن سمعتم التكبير فأيقنوا بالقتل ، وإن لم تسمعوا تكبيرا فهو الأمان إن شاء الله ، قال : فلما كان قبل قدوم البريد بيومين أو ثلاثة إذا حجر قد ألقى فى السجن ، ومعه كتاب مربوط وموسى ، وفى الكتاب : أوصوا واعهدوا فإنما ينتظر البريد يوم كذا وكذا.

فجاء البريد ولم يسمع التكبير ، وجاء كتاب بأن سرّح الأسارى إلىّ فدعا عبيد الله بن زياد محفز بن ثعلبة وشمر بن ذى الجوشن فقال : انطلقوا إلى أمير المؤمنين يزيد بن معاوية ، قال : فخرجوا حتى قدموا على يزيد ، فقام محفّز بن ثعلبة فنادى بأعلى صوته : جئنا برأس أحمق الناس وألأمهم ، فقال يزيد : ما ولدت أمّ محفّر ألأم وأحمق ، ولكنه قاطع ظالم ، قال : فلما نظر يزيد إلى رأس الحسين ، قال :

__________________

(١) كذا فى الأصل.

(٢) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٦١.

٢٨١

يفلّقن هاما من رجال أعزّة

علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما

ثم قال : أتدرون من أين أتى هذا؟ قال : أبى علىّ خير من أبيه ، وأمىّ فاطمة خمير من أمه ، وجدّى رسول الله خير من جدّه ، وأنا خير منه وأحقّ بهذا الأمر منه ، فأما قوله : «أبوه خير من أبى» فقد حاجّ أبى أباه ، وعلم الناس أيّهما حكم له : وأما قوله : «أمّى خير من أمّه» ، فلعمرى فاطمة ابنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خير من أمى ، وأما قوله : «جدّى خير من جدّه» فلعمرى ما أحد يؤمن بالله واليوم الآخر يرى لرسول الله فينا عدلا وندّا ، ولكنّه إنما أتى من قبل فقهه ، ولم يقرأ :( قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) .

ثم أدخل نساء الحسين على يزيد ، فصاح نساء آل يزيد وبنات معاوية وأهله وولولن ، ثم إنهنّ أدخلن على يزيد ، فقالت فاطمة بنت الحسين ـ وكانت أكبر من سكينة أبنات رسول الله سبايا يا يزيد! فقال يزيد : يا ابنة أخى ، أنا لهذا كنت أكره ، قالت : والله ما ترك لنا خرص ، قال : يا ابنة أخى ما آت إليك أعظم مما أخذ منك ، ثم أخرجن فأدخلن دار يزيد بن معاوية ، فلم تبق امرأة من آل يزيد إلا أتتهنّ ، وأقمن المأتم.

أرسل يزيد إلى كلّ امرأة : ما ذا أخذ لك؟ وليس منهم امرأة تدعى شيئا بالغا ما بلغ إلا قد أضعفه لها ثم أدخل الأسارى إليه وفيهم علىّ بن الحسين ، فقال له يزيد : إيه يا علىّ! فقال علىّ :( ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ. لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ ) فقال يزيد :( وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ) ثم جهزه وأعطاه مالا ، وسرّحه إلى المدينة(١) .

٣٧ ـ عنه قال هشام ، عن أبى مخنف ، قال : حدّثنى أبو حمزة الثّمالىّ ، عن

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٦٣.

٢٨٢

عبد الله الثّمالىّ ، عن القاسم بن بخيت ، قال : لما أقبل وفد أهل الكوفة برأس الحسين دخلوا مسجد دمشق ، فقال لهم مروان بن الحكم : كيف صنعتم؟ قالوا : ورد علينا منهم ثمانية عشر رجلا ، فأتينا والله على آخرهم ، وهذه الرءوس والسّبايا ، فوثب مروان فانصرف ، وأتاهم أخوه يحيى بن الحكم ، فقال : ما صنعتم ، فأعادوا عليه الكلام ، فقال : حجبتم عن محمّد يوم القيامة ، لن أجامعكم على أمر أبدا ثم قام فانصرف ، ودخلوا على يزيد فوضعوا الرأس بين يديه ، وحدّثوه الحديث.

فقال : فسمعت دور الحديث هند بنت عبد الله بن عامر بن كريز ـ وكانت تحت يزيد بن معاوية ـ فتقنّعت يثوبها ، وخرجت فقالت : يا أمير المؤمنين ، أرأس الحسين بن فاطمة بنت رسول الله! قال : نعم فأعولى عليه ، وحدّى على ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وصريحة قريش ، عجّل عليه ابن زياد فقتله قتله الله! ثمّ أذن للناس فدخلوا والرأس بين يديه ، ومع يزيد قضيب فهو ينكت به فى ثغره ، ثم قال إنّ هذا وإيّانا كما قال الحصين بن الحمام المرّى :

يفلّقن هاما من رجال أحبّة

إلينا وهم كانوا أعقّ وأظلما

قال : فقال رجل من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقال له أبو برزة الأسلمي: أتنكت بقضيبك فى ثغر الحسين أما لقد أخذ قضيبك من ثغره مأخذا ، لربّما رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يرشفه ، أما إنك يا يزيد تجئ يوم القيامة وابن زياد شفيعك ، ويجئ هذا يوم القيامة ومحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله شفيعه ، ثم قام فولى(١) .

٣٨ ـ الهيتمى عن الليث يعنى ابن سعد قال أبى الحسين بن على أن يستأسر فقاتلوه فقتلوه ، وقتلوا ابنيه وأصحابه الذين قاتلوا معه بمكان يقال له الطّف وانطلق بعلى بن حسين وفاطمة بنت حسين وسكينة بنت حسين الى عبيد الله بن زياد وعلىّ يومئذ غلام قد بلغ فبعث بهم إلى يزيد بن معاوية فأمر بسكينة فجعلها خلف سريره لئلا ترى رأس أبيها وذوى قرابتها وعلى بن حسين فى غلّ فوضع

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٦٥.

٢٨٣

رأسه فضرب على ثنيتى الحسين فقال :

نفلق هاما من رجال أحبة

إلينا وهم كانوا أعق وأظلما

فقال على بن الحسين :( ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ ) فثقل على يزيد أن يتمثل ببيت شعر وتلا على ابن الحسين آية من كتاب الله عزوجل فقال يزيد «بل بما( كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ) فقال علىّ أما والله لو رآنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مغلولين لأحبّ أن يخلينا من الغلّ فقال : صدقت فخلوهم من الغلّ فقال ولو وقفنا بين يدى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد لا حب أن يقربنا قال صدقت فقربوهم فجعلت فاطمة وسكينة يتطاولان لتريا رأس أبيهما وجعل يزيد يتطاول فى مجلسه ليستر رأسه ثم أمر بهم فجهزوا وأصلح إليهم وأخرجوا الى المدينة(١) .

٣٩ ـ عنه عن محمّد بن الحسن المخزومى قال لما أدخل ثقل الحسين بن على ، على يزيد بن معاوية ووضع رأسه بين يديه بكى يزيد وقال :

نفلق هاما من رجال أحبة

إلينا وهم كانوا أعقّ وأظلما

أما والله لو كنت صاحبك ما قتلتك أبدا فقال على بن الحسين ليس هكذا قال يزيد كيف يا ابن أمّ قال( ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ ) وعنده عبد الرحمن بن أم الحكم فقال عبد الرحمن يعنى ابن أمّ الحكم :

لهام بجنب الطف أدنى قرابة

من ابن زياد العبد ذى النسب الوغل

سمية أمسى نسلها عدد الحصى

وبنت رسول الله ليس لها نسل

فرفع يزيد يده فضرب صدر عبد الرحمن وقال اسكت(٢) .

٤٠ ـ قال محمّد بن سعد : ثم أتى يزيد بن معاوية بثقل الحسينعليه‌السلام ومن بقى من أهله ونسائه ، فأدخلوا عليه قد قرنوا فى الحبال فوقفوا بين يديه ، فقال له على بن

__________________

(١) مجمع الزوائد : ٩ / ١٩٥.

(٢) مجمع الزوائد : ٩ / ١٩٨

٢٨٤

الحسين : أنشدك الله يا يزيد ما ظنّك برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لو رآنا مقرّنين فى الحبال ، أما كان يرقّ لنا؟ ، فأمر يزيد بالحبال فقطّعت ، وعرف الانكسار فيه! وقالت له سكينة بنت حسين : يا يزيد بنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سبايا!.

فقال : يا بنت أخى ، هو والله علىّ أشدّ منه عليك وقال : أقسمت بالله لو انّ بين ابن زياد وبين حسين قرابة ما أقدم عليه ، ولكن فرقت بينه وبينه سمية! وقال : قد كنت أرضى من طاعة أهل العراق بدون قتل الحسين ، فرحم الله أبا عبد الله عجّل عليه ابن زياد ، أما والله لو كنت صاحبه ثم لم أقدر على دفع القتل عنه الّا بنقص بعض عمرى لأحببت أن أدفعه عنه! ولوددت انّى أتيت به سلما ، ثم أقبل على علىّ بن حسين ، فقال : أبوك قطع رحمى ، ونازعنى سلطانى ، فجزاه الله جزاء القطيعة والأثم! فقام رجل من أهل الشام فقال : انّ سباءهم لنا حلال!

فقال على بن حسين : كذبت ولؤمت ، ما ذاك لك إلّا أن تخرج من ملّتنا وتأتى بغير ديننا ، فاطرق يزيد مليا ، ثم قال للشامى : اجلس ، ثم أمر بالنساء فأدخلن على نسائه ، وأمر نساء آل أبى سفيان فأقمن المأتم على الحسين ثلاثة أيام ، فما بقيت منهنّ امرأة إلّا تلقّتنا تبكى وتنتحب ، وتحن على حسين ثلاثا ، وبكت أمّ كلثوم بنت عبد الله بن عامر بن كريز على الحسين وهى يومئذ عند يزيد بن معاوية ، فقال يزيد : حقّ لها أن تعول على كبير قريش وسيدها.

قالت فاطمة بنت علىّ لامرأة يزيد : ما ترك لنا شيء ، فأبلغت يزيد ذلك ، فقال يزيد : ما آتى إليهم أعظم ، ثم ما ادّعوا شيئا ذهب لهم إلّا أضعفه ثم دعا بعلىّ بن حسين وحسن بن حسن ، وعمرو بن حسن ، فقال لعمرو ابن حسن ـ وهو يومئذ ابن إحدى عشرة سنة ـ أتصارع هذا؟ ـ يعنى خالد بن يزيد قال : لا ، ولكن أعطنى سكينا حتى أقاتله ، فضمّه إليه يزيد وقال :

شنشنة أعرفهما من أخزم

هل تلد الحية إلّا حيّة(١)

__________________

(١) ترجمة الامام الحسين من الطبقات.

٢٨٥

٥٤ ـ باب ورود اهل البيت المدينة

١ ـ قال الفتال : ثمّ ندب يزيد نعمان بن بشير ، وقال له تجهّز لتخرج بهؤلاء النسوة الى المدينة ولمّا أراد أن يجهّزهم دعا بعلىّ بن الحسينعليهما‌السلام فاستحلاه ثمّ قال لعن الله بن مرجانة أما والله لو انّى صاحب أبيك ما سألنى خصلة الّا أعطيته إيّاها ولدفعت الحتف عنه بكلّ ما استطعت ولكنّ الله قضى ما رأيت كاتبنى من المدينة وأنه إلىّ كلّ حاجة تكون لك وتقدّم بكسوته وكسوة أهل بيته وأنفذ معهم فى جملة النّعمان بن بشير رسولا يقدم إليه أن يسير بهم فى اللّيل ويكون أمامهم حيث لا يفوتون طرفة فاذا نزلوا تنحى عنهم وتفرّق هو وأصحابه حولهم كهيئة الحرس لهم ونزل معهم حيث أراد الانسان من جماعتهم وضوءا أو قضاء حاجة لم يحتشم.

صار معهم فى جملة النعمان ولم يزل ينازلهم فى الطّرق كما وصّاه يزيد ويرفق بهم حتّى دخلوا المدينة فلم يسمع واعية مثل واعية بنى هاشم فى دورهم على الحسين بن علىعليهما‌السلام ، وخرجت أم لقمان بنت عقيل بن أبى طالب حين سمعت بنعى الحسينعليه‌السلام حاسرة ومعها أخواتها أمّ هانى واسماء ورملة وزينب بنات عقيل بن أبى طالب تبكى قتلاها بالطّف وهى تقول :

ما ذا تقولون ان قال النبيّ لكم

ما ذا فعلتم وأنتم آخر الامم

بعترتى وبأهلى بعد مفتقدى

منهم اسارى ومنهم ضرّجوا بدم

ما كان هذا جزائى اذ نصحت لكم

أن تخلفونى بسوء فى ذوى رحم

سمع أهل المدينة فى جوف اللّيل مناديا ينادى ، يسمعون صوته ولا يرون شخصه :

أيّها القاتلون ظلما حسينا

ابشروا بالعذاب والتنكيل

٢٨٦

كلّ أهل السّماء يدعوا عليكم

من نبىّ وملك وقبيل

قد لعنتم على لسان ابن داود

وموسى وعيسى صاحب الإنجيل

٢ ـ قال المفيد : ثمّ ندب النعمان بن بشير وقال له تجهّز لتخرج بهؤلاء النّسوة الى المدينة ، ولمّا أراد أن يجهّزهم دعى علىّ بن الحسينعليهما‌السلام فاستخلى به ، ثمّ قال لعن الله ابن مرجانة أما والله لو انّى صاحب أبيك ما سألنى خصلة أبدا الّا أعطيته ايّاها ولدفعت الحتف عنه بكلّ ما استطعت ، ولكن الله قضى ما رأيت كاتبنى من المدينة ، وأنه الىّ كلّ حاجة تكون لك وتقدّم بكسوته وكسوة أهله وأنفذ معهم فى جملة النّعمان بن بشير رسولا تقدّم إليه ان يسير بهم فى اللّيل ، ويكونوا أمامه حيث لا يفوتون طرفه.

فاذا نزلوا انتحى عنهم وتفرّق هو وأصحابه حولهم كهيئة الحرس لهم وينزل منهم بحيث إن أراد انسان من جماعتهم وضوء وقضاء حاجة لم يحتشم فسار معهم فى جملة النّعمان ولم يزل ينازلهم فى الطّريق ويرفق بهم كما وصّاه يزيد ويرعاهم حتّى دخلوا المدينة(١) .

٣ ـ قال ابن طاوس قال الراوى : ولما رجع نساء الحسينعليه‌السلام وعياله من الشام وبلغوا العراق قالوا للدليل : مر بنا على طريق كربلا فوصلوا الى موضع المصرع ، فوجدوا جابر بن عبد الله الأنصاريرحمه‌الله وجماعة من بنى هاشم ورجالا من آل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد وردوا لزيارة قبر الحسينعليه‌السلام فوافوا فى وقت واحد وتلافوا بالبكاء والحزن واللّطم وأقاموا الماتم المقرحة للأكباد واجتمع إليهم نساء ذلك السواد فأقاموا على ذلك اياما(٢) .

قال الراوى ثم انفصلوا من كربلا طالبين المدينة قال بشير بن جذلم فلما قربنا منها نزل علىّ بن الحسينعليه‌السلام فحطّ رحله وضرب فسطاطه وأنزل نسائه وقال

__________________

(١) الارشاد : ٢٣١.

(٢) اللهوف : ٨٦

٢٨٧

يا بشير رحم الله أباك لقد كان شاعرا فهل تقدر على شيء منه فقال بلى يا ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله انى شاعر فقالعليه‌السلام ادخل المدينة وانع أبا عبد اللهعليه‌السلام قال بشير فركبت فرسى وركضت حتى دخلت المدينة فلما بلغت مسجد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله رفعت صوتى بالبكاء وانشأت أقول :

يا أهل يثرب لا مقام لكم بها

قتل الحسين فأدمعى مدرار

الجسم منه بكربلاء مضرّج

والرأس منه على القناة يدار

قال ثم قلت هذا على بن الحسينعليهما‌السلام معه عمّاته وأخواته فدخلوا بساحتكم ونزلوا بفنائكم وأنا رسوله إليكم أعرفكم مكانه قال فما بقيت فى المدينة مخدرة ولا محجبة إلا برزن من خدورهن مكشوفة شعورهنّ مخمشة وجوههنّ ضاربات خدودهنّ يدعون بالويل والثبور فلم أر باكيا اكثر من ذلك اليوم ولا يوما أمرّ على المسلمين منه وسمعت جارية تنوح على الحسينعليه‌السلام فتقول :

نعى سيدى ناع نعاه فأوجعا

وأمرضنى ناع نعاه فأفجعا

فعينى جودا بالدموع واسكبا

وجودا بدمع بعدد معكما معا

على من دهى عرش الجليل فزعزعا

فأصبح هذا المجد والدين اجدعا

على ابن نبى الله وابن وصيّه

وان كان عنا شاحط الدار أشعا

ثم قالت أيها الناعى جددت حزننا بابى عبد اللهعليه‌السلام وخدشت منا قروحا لما تندمل فمن أنت رحمك الله فقلت أنا بشير بن جذلم وجهنى مولاى على بن الحسينعليهما‌السلام وهو نازل فى موضع كذا وكذا مع عيال ابى عبد الله الحسينعليه‌السلام ونسائه قال فتركونى مكانى وبادرونى فضربت فرسى حتى رجعت إليهم فوجدت الناس قد اخذوا الطرق والمواضع فنزلت عن فرسى وتخطيت رقاب الناس حتى قربت من باب الفسطاط.

كان على بن الحسينعليه‌السلام داخلا فخرج ومعه خرقة يمسح بها دموعه وخلفه

٢٨٨

خادم معه كرسىّ فوضعه له وجلس عليه وهو لا يتمالك عن العبرة وارتفعت أصوات الناس بالبكاء وحنين النسوان والجوارى والناس يعزّونه من كل ناحية فضجّت تلك البقعة ضجة شديدة ، فأومأ بيده ان اسكتوا فسكنت فورتهم فقال :

الحمد لله رب العالمين مالك يوم الدين بارئ الخلائق أجمعين ، الذي بعد فارتفع فى السموات العلى ، وقرب فشهد النجوى ، نحمده على عظائم الامور وفجائع الدهور ، والم الفجائع ومضاضة اللواذع وجليل الرزء وعظيم المصائب الفاظعة الكاظة الفادحة الجائحه أيها القوم ان الله وله الحمد ابتلانا بمصائب جليلة وثلمة فى الاسلام عظيمة قتل أبو عبد الله الحسينعليه‌السلام وعترته وسبى نسائه وصبيته وداروا برأسه فى البلدان من فوق عامل السنان وهذه الرزية التي لا مثلها رزية.

أيها الناس فأىّ رجالات منكم يسرّون بعد قتله أم أىّ فؤاد لا يحزن من أجله أم أية عين منكم تحبس دمعها وتضن عن انهما لها فلقد يكت السبع الشداد لقتله وبكت البحار بأمواجها والسموات بأركانها والأرض بأرجائها والاشجار بأغصانها والحيتان ولجج البحار والملائكة المقربون وأهل السموات أجمعون يا أيها الناس أىّ قلب لا ينصرع لقتله أم أىّ فؤاد لا يحنّ إليه أم أىّ سمع يسمع هذه الثلمة التي ثلمت فى الاسلام ولا يصم.

أيها الناس أصبحنا مطرودين مشردين مذودين وشاسعين عن الأمصار كأنا أولاد ترك وكابل من غير جرم اجترمناه ولا مكروه ارتكبناه ، ولا ثلمة فى الاسلام ثلمناها ما سمعنا بهذا فى آبائنا الأولين ان هذا الا اختلاق ، والله لو أن النبيّ تقدم إليهم فى قتالنا كما تقدم إليهم فى الوصاية بنا لما زادوا على ما فعلوا بنا فانا لله وإنّا إليه راجعون من مصيبة ما أعظمها وأوجعها وأفجعها وأكظها وأفظعها وأمرها وأفدحها فعند الله نحتسب فيما أصابنا وابلغ بنا فانّه عزيز ذو انتقام.

قال الراوى فقام صوحان بن صعصعة بن صوحان وكان زمنا فاعتذر إليه

٢٨٩

صلوات الله عليه بما عنده من زمانة رجليه فأجابه بقبول معذرته وحسن الظن فيه وشكر له وترحم على أبيه.

٤ ـ قال على بن موسى بن جعفر بن محمّد بن طاوس : ثمّ إنّه صلوات الله عليه رحل الى المدينة بأهله وعياله ، ونظر الى منازل قومه ورجاله فوجد تلك المنازل تنوح بلسان أحوالها وتبوح باعلال الدموع وإرسالها لفقد حماتها ورجالها وتندب عليهم ندب الثواكل وتسأل عنهم أهل المناهل وتهيج أحزانه على مصارع قتلاه وتنادى لاجلهم وا ثكلاه ، وتقول يا قوم اعذرونى على النياحة والعويل وساعدونى على المصاب الجليل.

قال : القوم الذين أندب لفراقهم وأحنّ الى كرم أخلاقهم كانوا سمار ليلى ونهارى وأنوار ظلمى وأسحارى ، وأطناب شرفى وافتخارى ، وأسباب قوتى وانتصارى ، والخلف من شموسى وأقمارى كم ليلة شردوا باكرامهم وحشتى ، وشيّدوا بأنعامهم حرمتى وأسمعونى مناجات أسحارهم وأمتعونى بايداع أسرارهم ، وكم يوم عمروا إن نعى بمحافلهم وعطروا طبعى بفضائلهم واورقوا عودى بماء عهودهم وأذهبوا نحوسى بنماء سعودهم وكم غرسوا لى من المناقب وحرسوا محلّى من النوائب.

كم أصبحت بهم أتشرف على المنازل والقصور وأميس فى ثوب الجذل والسرور وكم أعاشوا فى شعابى من أموات الدهور وكم انتاشوا على أعتابى من رفات المحذور فاقصونى فيهم منهم الحمام ، وحسدنى عليهم حكم الأيام فأصبحوا غرباء بين الأعداء وغرضا لسهام الاعتداء ، وأصبحت المكارم تقطع بقطع أناملهم والمناقب تشكو لفقد شمائلهم والمحاسن تزول بزوال أعضائهم والاحكام تنوح لوحشة أرجائهم ، فيا لله من ورع أريق دمه فى تلك الحروب وكمال نكس علمه بتلك الخطوب.

٢٩٠

لئن عدمت مساعدة أهل العقول وخذلنى عند المصائب جهل العقول فإنّ لى مسعدا من السنن الدارسة والأعلام الطامسة فإنها تندب كندبى وتجد مثل وجدى وكربى ، فلو سمعتم كيف ينوح عليهم لسان حال الصلوات ويحنّ إليهم إنسان الخلوات وتشتاقهم طوية المكارم وترتاح إليهم أندية الأكارم وتبكيهم محاريب المساجد وتناديهم مآريب الفوائد لشجاكم سماع تلك الواعية النازلة وعرفتم تقصيركم فى هذه المصيبة الشاملة.

بل لو رأيتم وحدتى وانكسارى وخلو مجالسى وآثارى ، لرأيتم ما يوجع قلب الصبور ويهيج أحزان الصدور ، لقد شمت بى من كان يحسدنى من الديار وظفرت بى أكف الأخطار ، فيا شوقاه الى منزل سكنوه ومنهل أقاموا عنده واستوطنوه ليتنى كنت إنسانا أفديهم حزّ السيوف وادفع عنهم حرّ الحتوف وأشفى غيظى من أهل السنان وأردّ عنهم سهام العدوان ، وهلا اذا فاتنى شرف تلك المواساة الواجبة ، كنت محلا لضمّ جسومهم الشاحبة واهلا لحفظ شمائلهم من البلى ، ومصونا من لوعة هذا الهجر والقلى.

فآه ثم آه لو كنت مخطا لتلك الأجساد ومحطّا لنفوس أولئك الأجواد ، لبذلت فى حفظها غاية المجهود ، ووفيت لها بقديم العهود ، وقضيت لها بعض الحقوق الأوائل ووقيتها من وقع الجنادل ، وخدمتها خدمة العبد المطيع ، وبذلت لها جهد المستطيع فرشت لتلك الخدود والأوصال فراش الإكرام والاجلال ، وكنت أبلغ منيتى من اعتناقها وأنور ظلمتى باشراقها.

فيا شوقاه الى تلك الأمانى ، ويا قلقاه لغيبة أهلى وسكانى ، فكلّ حنين يقصر عن حنينى ، وكل دواء غيرهم لا يشفينى ، وها أنا قد لبست لفقدهم أثواب الأحزان ، وأنست بعدهم بجلبات الأشجان ، وآيست ان يلم فى التجلد والصبر وقلت يا سلوة الأيام موعدك الحشر ، ولقد أحسن ابن قتيبةرحمه‌الله تعالى وقد

٢٩١

بكى على المنازل المشار إليها فقال

مررت على ابيات آل محمد

فلم أرها أمثالها يوم حلّت

فلا يبعد الله الديار وأهلها

وإن أصبحت منهم بزعمى تخلّت

ألا إنّ قتلى الطفّ من آل هاشم

أذلت رقاب المسلمين فذلّت

وكانوا غياثا ثم أضحوا رزية

لقد عظمت تلك الرزايا وجلّت

ألم تر أنّ الشمس أضحت مريضة

لفقد حسين والبلاد اقشعرّت

فاسلك أيها السامع بهذا المصاب مسلك القدوة من حماة الكتاب(١) .

٥ ـ عنه روى عن مولانا زين العابدينعليه‌السلام وهو ذو الحلم الذي لا يبلغه الوصف انه كان كثير البكاء لتلك البلوى ، وعظيم البثّ والشكوى(٢) .

٦ ـ عنه روى عن الصادقعليه‌السلام أنه قال : إن زين العابدينعليه‌السلام بكى على أبيه أربعين سنة صائما نهاره وقائما ليله فاذا حضر الإفطار وجاء غلامه بطعامه وشرابه فيضعه بين يديه فيقول كل يا مولاى فيقول قتل ابن رسول الله صلى الله عليهما جائعا قتل ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عطشانا فلا يزال يكرّر ذلك ويبكى حتى يبتلّ طعامه من دموعه ثم يمزح شرابه بدموعه ، فلم يزل كذلك حتى لحق باللهعزوجل (٣) .

٧ ـ عنه حدث مولى له انه برز يوما إلى الصحراء قال فتبعته فوجدته قد سجد على حجارة خشنة فوقفت وأنا أسمع شهيقه وبكائه وأحصيت عليه ألف مرة يقول لا إله الا الله حقا حقا لا إله الا الله تعبدا ورقا لا إله الا الله ايمانا وتصديقا وصدقا ، ثمّ رفع رأسه من سجوده وأنّ لحيته ووجهه قد غمراه بالماء من دموع عينيه ، فقلت : يا سيدى أما آن لحزنك أن ينقضى ، ولبكائك أن يقلّ فقال لى ويحك إنّ

__________________

(١) اللهوف : ٨٩.

(٢) اللهوف : ٩٢.

(٣) اللهوف : ٩٣.

٢٩٢

يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم ، كان نبيا ابن نبىّ له اثنى عشر ابنا فغيب الله واحدا منهم ، فشاب رأسه من الحزن واحدودب ظهره من الغمّ ، وذهب بصره من البكاء ، وابنه حىّ فى دار الدنيا ، وأنا رأيت أبى وأخى وسبعة عشر من أهل بيتى صرعى مقتولين فكيف ينقضى حزنى ويقلّ بكائى ، وها أنا أتمثل وأشير إليهم صلوات الله عليهم فأقول :

من مخبر الملبسينا بانتزاحهم

ثوبا من الحزن لا يبلى ويبلينا

إنّ الزمان الذي قد كان يضحكنا

بقربهم صار بالتفريق يبكينا

حالت لفقدهم أيامنا فغدت

سودا وكانت بهم بيضا ليالينا(١) .

٨ ـ قال أبو الفرج : ثم أمر يزيد على بن الحسينعليهما‌السلام الشخوص إلى المدينة مع النسوة من أهله وسائر بنى عمه فانصرف بهم(٢) .

٩ ـ قال الدينورى : ثم أمر بتجهيزهم بأحسن جهاز ، وقال لعلىّ بن الحسين : انطلق مع نسائك حتى تبلّغهنّ وطنهنّ. ووجه معه رجلا فى ثلاثين فارسا ، يسير أمامهم ، وينزل حجرة عنهم ، حتى انتهى بهم إلى المدينة(٣) .

١٠ ـ قال محمّد بن سعد : ثم بعث يزيد إلى المدينة فقدم عليه بعدّة من ذوى السنّ من موالى بنى هاشم ثم من موالى بنى على ، وضمّ إليهم أيضا عدّة من موالى أبى سفيان ، ثم بعث بثقل الحسين ومن بقى من نسائه وأهله وولده معهم وجهزهم بكل شيء ولم يدع لهم حاجة بالمدينة إلّا أمر لهم بها ، وقال لعلىّ بن حسين : إن أحببت أن تقيم عندنا فنصل رحمك ونعرف لك حقك فعلت ، وان أحببت أن أردّك إلى بلادك وأصلك ، قال : بل تردّنى إلى بلادى ، فردّه إلى المدينة ووصله ، وأمر الرسل الذين وجّههم معهم أن ينزلوا بهم حيث شاءوا ومتى شاءوا ، وبعث بهم

__________________

(١) اللهوف : ٩٢.

(٢) مقاتل الطالبيين : ٨١.

(٣) الاخبار الطوال : ٢٦١.

٢٩٣

مع محرز بن حريث الكلبى ورجل من بهراء وكانا من أفاضل أهل الشام(١)

٥٥ ـ باب ما ظهر بعد شهادتهعليه‌السلام

١ ـ الطوسى باسناده أخبرنا ابن خنيس ، قال : أخبرنا الحسين بن الحسن ، قال : حدثنا محمّد بن دليل قال : حدّثنا علىّ بن سهل قال : حدثنا مؤمّل ، عن حمّاد بن سلمة ، عن عمار بن أبى عمار ، قال : أمطرت السماء يوم قتل الحسين دما عبيطا(٢) .

٢ ـ روى ابن شهرآشوب عن أبى نعيم فى دلايل النبوة والنسوى فى المعرفة ، قالت نضرة الأزديّة لما قتل الحسينعليه‌السلام أمطرت السّماء دما وحبابنا وجرارنا صارت مملوّة دما(٣) .

٣ ـ عنه قال قرطة بن عبيد الله مطرت السّماء يوما نصف النّهار على شملة بيضاء فنظرت فإذا هو دم وإذا هو اليوم الّذي قتل فيه الحسينعليه‌السلام (٤) .

٤ ـ عنه قال الصّادقعليه‌السلام بكت السّماء على الحسينعليه‌السلام أربعين يوما بالدّم(٥)

٥ ـ عنه باسناده عن زرارة بن أعين عن الصادقعليه‌السلام قال بكت السماء على يحيى بن زكريّا وعلى الحسين بن علىعليهم‌السلام أربعين صباحا ولم تبك الّا عليهما قلت فما بكاؤها قال فكانت الشمس تطلع حمراء وتغيب حمراء(٦) .

٦ ـ عنه عن اسامة بن شبيب باسناده عن أمّ سليم ، قالت لمّا قتل الحسين

__________________

(١) ترجمة الامام الحسين من الطبقات.

(٢) أمالي الطوسى : ١ / ٣٣٩.

(٣) المناقب : ٢ / ١٨٢.

(٤) المناقب : ٢ / ١٨٢.

(٥) المناقب : ٢ / ١٨٢.

(٦) المناقب : ٢ / ١٨٢.

٢٩٤

عليه‌السلام مطرت السّماء مطرا كالدّم احمرّت منه البيوت والحيطان وروى قريبا من ذلك فى الابانة(١) .

٧ ـ عنه عن تفسير القشيرى والفتّال قال السدّى : لمّا قتل الحسينعليه‌السلام بكت عليه السماء وعلامتها حمرة أطرافها(٢) .

٨ ـ عنه عن تاريخ النسوى روى حماد بن زيد عن هشام عن محمّد قال تعلم هذه الحمرة فى الافق ممّ هى؟ ثم قال من يوم قتل الحسينعليه‌السلام (٣) .

٩ ـ عنه ، عن الأسود بن قيس لمّا قتل الحسين ارتفعت حمرة من قبل المغرب فكادتا تلتقيان فى كبد السّماء ستّة أشهر(٤) .

١٠ ـ عنه ، عن تاريخ النّسوى قال أبو قبيل لمّا قتل الحسين بن علىّعليهما‌السلام كسفت الشمس كسفة بدت الكواكب نصف النّهار ، حتى ظننا أيها هى(٥) .

١١ ـ عنه فى حديث ميثم التمار وتمطر السّماء دما ورمادا(٦) .

١٢ ـ عنه ، عن تاريخ الطبرى انّ رجلا من كندة يقال له مالك بن اليسر أتى الحسينعليه‌السلام بعد ما ضعف من كثرة الجراحات فضربه على رأسه بالسّيف وعليه برنس من خزّ فقالعليه‌السلام لا أكلت بها ولا شربت وحشرك الله مع الظالمين فألقى ذلك البرنس من رأسه فأخذه الكندى فأتى به أهله فقالت امرته أسلب الحسين تدخله فى بيتى ، اخرج فو الله لا تدخل بيتى ابدا فلم يزل فقيرا حتّى هلك(٧) .

١٣ ـ عنه عن أحاديث ابن الحاشر قال كان عندنا رجل خرج على الحسينعليه‌السلام ثمّ جاء بجمل وزعفران فكلّما دقّوا الزّعفران صار نارا ، فلطخت امرأته على يديها فصارت برصا وقال ونحر البعير فكلّما جزّوا بالسّكّين صار نارا قال فقطعوه

__________________

(١) المناقب : ٢ / ١٨٢.

(٢) المناقب : ٢ / ١٨٣.

(٣) المناقب : ٢ / ١٨٣.

(٤) المناقب : ٢ / ١٨٣.

(٥) المناقب : ٢ / ١٨٣.

(٦) المناقب : ٢ / ١٨٣.

(٧) المناقب : ٢ / ١٨٣.

٢٩٥

فخرج منه النّار قال فطبخوه ففارت القدر نارا(١) .

١٤ ـ عنه روى أبو مخنف عن الجلودى انّه كان صرع الحسينعليه‌السلام فجعل فرسه يحامى عنه ويثب على الفارس فيخبطه عن سرجه ويدوسه حتّى قتل الفرس أربعين رجلا ثمّ تمرغ فى دم الحسين وقصد نحو الخيمة وله صهيل عال ويضرب بيديه الأرض(٢) .

١٥ ـ عنه عن القاسم بن الاصبغ ، قلت لرجل من بنى دارم ما غير صورتك قال قتلت رجلا من أصحاب الحسين وما نمت ليلة منذ قتلته إلّا أتانى فى منامى آت فينطلق بى الى جهنّم ، فيقذف بى فيهما حتّى أصبح قال فسمعت بذلك جارة له فقالت ما يدعنا ننام اللّيل من صباحه(٣) .

١٦ ـ عنه ، عن أمالى الطوسى ، قال السّدى لرجل أنت تبيع القطران قال والله ما رأيت القطران إلّا أنّى كنت أبيع المسمار فى عسكر عمر بن سعد فى كربلا فرأيت فى منامى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على بن أبى طالب يسقيان الشهداء فاستسقيت عليا فأبى فاتيت النّبي عليه الصلاة السّلام فاستسقيت فنظر الىّ وقال ألست ممن علينا فقلت يا رسول الله انّنى محترف وو الله ما حاربتهم ، فقال اسقى قطرانا فسقانى شربة قطران فلمّا انتبهت كنت أبول ثلثه أيّام القطران ، ثمّ انقطع وبقى رايحته(٤) .

١٧ ـ عنه أبو عبد الله الدامغانى فى شوف العروس انهم تذاكروا ليلة أمر الحسينعليه‌السلام ، وانّه من قتلته رماه الله ببليّة فى جسده فقال أنا رجل ممن قتله وما أصابنى سوء ثمّ انّه قام ليصلح الفتيلة بإصبعه ، فاخذت النار كفّه فخرج صارخا حتّى ألقى نفسه فى الفرات فو الله ما رأيناه يدخل رأسه الماء والنار على وجه الماء ، فاذا خرج رأسه سرت النّار إليه وكان ذلك دأبه حتّى هلك(٥)

__________________

(١) المناقب : ٢ / ١٨٣.

(٢) المناقب : ٢ / ١٨٥.

(٣) المناقب : ٢ / ١٨٦.

(٤) المناقب : ٢ / ١٨٦.

(٥) المناقب : ٢ / ١٨٦.

٢٩٦

١٨ ـ عنه ، عن النطنزى فى الخصائص لما جاءوا برأس الحسينعليه‌السلام ونزلوا منزلا يقال له قنّسرين اطّلع راهب من صومعته الى الرأس فراى نورا ساطعا يخرج من يصعد الى السماء فأتاهم بعشرة آلاف درهم وأخذ الرأس وأدخله صومعته فسمع صوتا ولم ير شخصا قال : طوبى لك وطوبى لمن عرف حرمته فرفع الرّاهب رأسه ، قال يا ربّ بحق عيسى تأمر هذا الرّاس ، بالتكلّم معى فتكلم الرّاس وقال يا راهب أىّ شيء تريد قال من أنت.

قال أنا ابن محمّد المصطفى وأنا ابن علىّ المرتضى ، وأنا ابن فاطمة الزّهراء وانا المقتول بكربلاء أنا المظلوم أنا العطشان ، فسكت فوضع الرّاهب وجهه على وجهه فقال لا أرفع وجهى عن وجهك ، حتّى تقول أنا شفيعك يوم القيمة ، فتكلّم الرّاس فقال ارجع الى دين جدّى محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال الرّاهب أشهد أن لا إله الّا الله وأشهد أن محمّدا رسول الله فقبل له الشفاعة فلمّا أصبحوا أخذوا منه الرّاس والدّراهم فلما بلغوا الوادى نظروا الدّراهم قد صارت حجارة(١) .

١٩ ـ عنه قال فى أثر عن ابن عباس أن أمّ كلثوم قالت لحاجب ابن زياد ويلك هذه الألف درهم خذها إليك واجعل رأس الحسين أمامنا واجعلنا على الجمال وراء النّاس ليشتغل الناس بنظرهم الى رأس الحسين عنّا فاخذ الالف وقدّم الرأس فلمّا كان الغدا خرج الدّراهم وقد جعلها الله حجارة سودا مكتوب على أحد جانبيها( وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ) وعلى الجانب الأخرى( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) (٢) .

٢٠ ـ عنه ، عن تاريخ البلاذرى والطبرىّ انّ الحضرمية امرة خولى بن يزيد الأصبحى قالت وضع خولى رأس الحسين تحت إجانة فى الدار فو الله ما زلت أنظر

__________________

(١) المناقب : ٢ / ١٨٧.

(٢) المناقب : ٢ / ١٨٧.

٢٩٧

الى نور يسطع مثل العود من السماء الى الإجانة ورأيت طيرا يرفرف حولها(١) .

٢١ ـ روى أبو مخنف عن الشعبىّ انّه صلب رأس الحسين بالصّيارف فى الكوفة فتنحنح الرّاس وقرأ سورة الكهف الى قوله( إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً ) فلم يزدهم الّا ضلالا(٢) .

٢٢ ـ عنه فى أثر أنّهم لما صلبوا رأسه على شجرة سمع منه( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) وسمع أيضا صوته بدمشق يقول لا قوّة إلّا بالله ، وسمع أيضا يقرأ( أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً ) فقال زيد بن أرقم أمرك أعجب يا ابن رسول الله(٣) .

٢٣ ـ عنه عن كتابى ابن بطة والترمذى وخصايص النطنزى واللفظ للأول عن عمارة بن عمير أنّه لمّا جئ برأس ابن زياد ورءوس اصحابه الى المسجد انتهيت إليهم ، والنّاس يقولون قد جاءت قد جاءت قال فجاءت حيّة تخلّل الرءوس حتّى دخلت فى منخره ثمّ خرجت من المنخر الآخر ثمّ قالوا قد جاءت ففعلت ذلك مرّتين أو ثلاثا(٤) .

٢٤ ـ عنه أبو مخنف فى رواية لما دخل بالرّاس على يزيد كان للرّأس طيب قد فاح على كلّ طيب ولمّا نحر الجمل الّذي حمل عليه رأس الحسين كان لحمه أمرّ من الصبر ولمّا قتل الحسين عليه السلم صار الورس دما وانكسفت الشمس الى ثلاثة أسبات وما فى الارض حجر الّا وتحته دم ، وناحت عليه الجنّ كلّ يوم فوق قبر النبيّ عليه الصّلاة والسّلم الى السنة كاملة(٥) .

٢٥ ـ عنه ، عن دلايل النبوة عن أبى بكر البيهقي بالاسناد الى أبى قبيل وأمالى أبى عبد الله النيسابوريّ أيضا أنه لمّا قتل الحسينعليه‌السلام واحتزّ رأسه قعدوا فى

__________________

(١) المناقب : ٢ / ١٨٧.

(٢) المناقب : ٢ / ١٨٨.

(٣) المناقب : ٢ / ١٨٨.

(٤) المناقب : ٢ / ١٨٨.

(٥) المناقب : ٢ / ١٨٨.

٢٩٨

أوّل مرحلة يشربون النبيذ ويتحيون بالرّاس فخرج عليهم قلم من حديد من حائط فكتب سطرا بالدّم.

أترجو أمّة قتلت حسينا

شفاعة جدّه يوم الحساب

قال فهربوا وتركوا الرّاس ثمّ رجعوا(١) .

٢٦ ـ عنه فى كتاب ابن بطّة إنّهم وجدوا ذلك مكتوبا فى كنيسة وقال أنس بن مالك احتفر رجل من أهل نجران حفرة فوجد فيها لوح من ذهب فيه مكتوب هذا البيت وبعده.

فقد قدموا عليه بحكم جور

فخالف حكمهم حكم الكتاب

سنلقى يا يزيد غدا عذابا

من الرّحمن يا لك من عذاب

فسألناهم منذ كم هذا فى كنيستكم فقالوا قبل ان يبعث نبيّكم بثلاثمائة عام(٢) .

٢٧ ـ عنه روى أنّه رأى سليمان بن عبد الملك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يتبشّ معه فسأل الحسن البصرى عن ذلك فقال لعلّك فعلت الى اهل بيته معروفا فقال رأيت رأس الحسينعليه‌السلام فى خزانة يزيد فلمّا عرض علىّ لففته فى خمسة دبابيح وصلّيت عليه ودفنته وبكيت كثيرا فقال له الحسن قد رضى عنك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بهذا الفعل(٣) .

٢٨ ـ ابن قولويه حدّثنى أبىرحمه‌الله وجماعة مشايخى ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد ، عن رجل عن يحيى بن بشير ، قال : سمعت أبا بصير يقول قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : بعث هشام بن عبد الملك الى أبى فأشخصه إلى الشام فلمّا دخل عليه قال له يا أبا جعفر أشخصناك لنسألك عن مسئلة لم يصلح أن يسألك عنها غيرى ولا أعلم فى الأرض خلفا ينبغى أن يعرف

__________________

(١) المناقب : ٢ / ١٨٨.

(٢) المناقب : ٢ / ١٨٨.

(٣) المناقب : ٢ / ١٨٩.

٢٩٩

أو عرف هذه المسألة ان كان الّا واحدا.

فقال أبى ليسألنّ أمير المؤمنين عمّا أحبّ ، فان علمت أجبت ذلك ، وإن لم أعلم قلت لا أدرى وكان الصّدق أولى بى قال هشام أخبرنى عن اللّيلة التي قتل على بن أبى طالبعليه‌السلام بما استدلّ به الغائب عن المصر الذي قتل فيه علىّ قتله ، وما العلامة فيه للنّاس فإن علمت ذلك ، وأجبت أخبرنى هل كان تلك العلامة لغير علىّ فى قتله ، فقال له أبى يا أمير المؤمنين إنّه لما كان تلك اللّيلة التي قتل فيها أمير المؤمنينعليه‌السلام لم يرفع عن وجه الارض حجر الّا وجد تحته دم عبيط حتى طلع الفجر ، وكذلك كانت اللّيلة التي قتل فيها هارون أخو موسىعليه‌السلام .

كذلك كانت اللّيلة التي قتل فيها يوشع بن نون ، وكذلك كانت اللّيلة التي رفع فيها عيسى بن مريم الى السّماء وكذلك كانت اللّيلة التي قتل فيها شمعون بن حمون الصّفا وكذلك كانت اللّيلة الّتي قتل فيها على بن أبى طالبعليه‌السلام وكذلك كانت اللّيلة التي قتل فيها الحسين بن علىّعليهما‌السلام قال فتربّد وجه هشام حتى انتقع لونه وهمّ ان يبطش بأبى.

فقال له أبى يا امير المؤمنين الواجب على العباد الطاعة لإمامهم والصّدق له بالنصيحة وانّ الّذي دعانى إلى أن أجيب امير المؤمنين فيما سألنى معرفتى ايّاه بما يجب له علىّ من الطّاعة فليحسن أمير المؤمنين علىّ الظنّ فقال له هشام انصرف الى أهلك إذا شنت قال فخرج فقال له هشام عند خروجه أعطنى عهد الله وميثاقه أن لا توقع هذا الحديث الى أحد حتى موت فأعطاه ابى من ذلك من أرضاه ذكر الحديث بطوله(١) .

٢٩ ـ عنه حدثني أبو الحسين أحمد بن عبد الله بن علىّ الناقد ، قال حدّثنى عبد الرّحمن البلخى ، قال لى أبو الحسين أخبرنى عمّى ، عن أبيه عن أبى نصر عن

__________________

(١) كامل الزيارات : ٧٥.

٣٠٠